العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

صور بيع الدين بالدين ,وبيع الزرع أو الثمر قبل بدو صلاحه لمالك الزرع أو الأصل

إنضم
21 سبتمبر 2012
المشاركات
28
الكنية
أبو محمد
التخصص
حديث وعلومه
المدينة
الحديدة
المذهب الفقهي
شافعي
Basmala.png

الإخوة الأعزاء في الملتقى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أشكركم على هذا الملتقى , ونفع الله بعلمكم المسلمين والمسلمات ,وبعد : عندي سؤالين أحدهما : يذكر العلماء صور عديدة لبيع الدين بالدين , أرجو ذكرها مع أدلتها.
والآخر : يقول الفقهاء لايصح بيع الزرع أو الثمار قبل بدو صلاحه إلا لمالك الزرع أو لمالك الأصل , فأرجو توضيح ذلك مفصلاً , ولكم مني خالص الشكر
 

عالية الهمه

:: متابع ::
إنضم
26 أبريل 2012
المشاركات
36
التخصص
دراسات اسلاميه
المدينة
مكه
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: صور بيع الدين بالدين ,وبيع الزرع أو الثمر قبل بدو صلاحه لمالك الزرع أو الأصل

هذه صور بيع الدين بالدين ...

بيع الدين لمن هو عليه بثمن مؤجل :
وفيه مطلبان :
المطلب الأول:معناه والأمثلة عليه
المطلب الثاني:حكم بيع الدين لمن هو عليه بثمن مؤجل
المطلب الأول:معناه والأمثلة عليه
المراد ببيع الدين لمن هو عليه بثمن مؤجل أن يبيع ما في الذمة حالا من عروض أو أثمان بثمن إلى أجل ممن هو عليه[1].
أو هو:" بيع دين سابق التقرر في الذمة للمدين بما يصير دينا مؤجلا من غير جنسه فيكون مشتري الدين نفسَ المدين وبائعُه هو الدائنَ " [2].
وقد سمى العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- هذه الصورة من بيع الدين بالدين بـ(بيع الدين الساقط بالواجب) حيث قال في معرض بيانه لأقسام بيع الدين بالدين : " والساقط بالواجب كما لو باعه ديناً له في ذمته بدين آخر من غير جنسه فسقط الدين المبيع ووجب عوضه، وهي بيع الدين ممن هو في ذمته"[3].
وقد سماها علماء المالكية بـ(فسخ الدين في الدين) قال النفراوي –رحمه الله-:"ولا يجوز فسخ دين في دين مثل أن يكون لك شيء من المال في ذمة المدين فتفسخه في شيء مخالف في ذمته ـ ولو في عدده وصفته ـ ولا تتعجله "[4].
وقال الخرشي في معنى فسخ الدين في الدين:"فسخ الدين في الدين هو أن يفسخ ما في ذمة مدينه في أكثر من جنسه إلى أجل، أو يفسخ ما في ذمته من غير جنسه إلى أجل كعشرة في خمسة عشر مؤخرة أو في عرض مؤخر، أما لو أخر العشرة أو حط منها درهما وأخره بالتسعة فليس من ذلك، بل هو سلف، أو مع حطيطة ولا يدخله، قوله (فسخ)؛ لأن تأخير ما في الذمة أو بعضه ليس فسخاً إنما حقيقة الفسخ الانتقال عما في الذمة إلى غيره "[5].
وبناء على هذا فلبيع الدين لمن هو عليه أو لفسخ الدين في الدين حسب مصطلح المالكية صورتان :
الأولى:بيع الدين لمن هو عليه في أكثر من جنسه إلى أجل.
وهي بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة للمدين إلى أجل آخر بزيادة عليه[6].
الثانية:بيع الدين لمن هو عليه بغير جنسه إلى أجل.
وهي بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة للمدين بما يصير ديناً مؤجلاً من غير جنسه فيكون مشتري الدين هو نفس المدين وبائعه هو الدائن[7].
ومن أمثلة الصورة الأولى:ما ذكر ابن الأثير في النهاية:" أن يشتري الرجل شيئاً بثمن مؤجل فإذا حل الأجل ولم يجد ما يقضي به فيقول : بعه مني إلى أجل بزيادة شيء فيبعه منه ولا يجري بينهما تقابض"[8].
ومن أمثلة الصورة الثانية:كأن يكون لشخص على آخر دين قدره مائة ريال مثلاً فيتفقان على أن يأخذ الدائن في نظيرها من المدين مائة صاع من البر بعد سنة[9].
المطلب الثاني:حكم بيع الدين لمن هو عليه بثمن مؤجل:
أما الصورة الأولى فلا خلاف بين العلماء –رحمهم الله تعالى- في تحريمها.
فالعلماء في المذاهب الأربعة يرون تحريم بيع الدين بالدين، ومنها هذه الصورة ولم يفرقوا في الحكم بين الصورتين المذكورتين وقالوا بتحريمهما[10].
وأما الظاهرية فيرون تحريم بيع الدين مطلقاً ، سواء بيعه بالدين أو بغير الدين[11].
ويرى المالكية أن هذه الصورة من بيع الدين بالدين أشد الثلاثة في الحرمة حيث قال أحد علمائهم:"فسخ الدين في الدين أشد الثلاثة في الحرمة ... وإنما كان أشد في الحرمة لأنه من ربا الجاهلية، والربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع "[12].
واستدل العلماء على تحريم ذلك بأدلة النهي عن بيع الدين بالدين.
كما أنهم قالوا بأن هذا البيع يتضمن ربا النسيئة الجلي الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، فكان يقول الدائن لمدينه: أتقضي أم تربي؟ فإن لم يقض أخر عنه الدين في مقابل زيادة في المال، وكلما أخره زاده في المال وقد حرمه الإسلام تحريماً قاطعاً[13].
وأما الصورة الثانية فقد حصل خلاف بين العلماء –رحمهم الله تعالى- في حكمها على قولين :
القول الأول:ذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة والظاهرية إلى تحريم بيع الدين بالدين للمدين إذا باعه بدين من جنسه[14].
القول الثاني:ذهب الإمامان ابن تيمية وابن القيم وبعض المعاصرين إلى جواز بيع الدين للمدين بثمن مؤجل إذا كان من غير جنسه[15].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في حكم هذه الصورة:"فهذه الصورة، وهي بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو في الذمة ليس في تحريمه نص ولا إجماع ولا قياس"[16].
وذكر العلامة ابن القيم:"أن بيع الدين ليس فيه نص عام ولا إجماع، وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، وهو المؤخر الذي لم يقبض، كما لو أسلم في شيء في الذمة وكلاهما مؤخر فهذا لا يجوز بالاتفاق وهو بيع الكالئ بالكالئ".ثم قال بعد أن ذكر صور بيع الدين بالدين،ومنها هذه الصورة:"وقد حكي الإجماع على امتناع هذا ولا إجماع فيه، قاله:شيخنا واختار جوازه وهو الصواب إذ لا محذور فيه"[17].
الأدلة:
استدل الجمهور على قولهم بالتحريم بما يلي :
الدليل الأول:حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ[18].
وجه الاستدلال:أن بيع الكالئ بالكالئ هو بيع الدين بالدين ومن صور بيع الدين بالدين بيعه لمن هو عليه بثمن مؤجل .
ونوقش الاستدلال بالحديث بأنه ضعيف كما سبق بيانه.
الدليل الثاني:الإجماع، فقد أجمع العلماء على تحريم بيع الدين بالدين، وقد نقل ذلك غير واحد من العلماء كما سبق، والإجماع الذي نقله العلماء عام يشمل جميع صور بيع الدين بالدين فيتناول هذه الصورة كذلك .
ونوقش هذا الاستدلال بأن الإجماع المذكور ليس في بيع الدين بالدين، وإنما هو في بيع الكالئ بالكالئ، وهو يتناول صورة واحدة من صور بيع الدين بالدين وهو بيع الدين بالدين ابتداء، أما باقي الصور فلا يتناولها فيبقى على أصل الإباحة[19] قال ابن القيم :" أن بيع الدين بالدين ليس فيه نص عام ولا إجماع وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ"[20].
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي :
الدليل الأول:أنه ليس هناك دليل على تحريم هذه الصورة من بيع الدين بالدين من نص أو إجماع أو قياس، فيبقى الأمر على الجواز وهو المعروف بالإباحة الأصلية[21].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فهذه الصورة وهي بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو في الذمة ليس في تحريمه نص أو إجماع أو قياس" [SUP]([/SUP][SUP][22])[/SUP].
وقال ابن القيم:"وقد حكى الإجماع على هذا ولا إجماع فيه، قاله شيخنا، واختار جوازه، وهو الصواب إذ لا محذور فيه، وليس بيع كالئ بكالئ فيتناوله النهي بلفظه ولا في معناه فيتناوله بعموم المعنى"[23].
الدليل الثاني:أن لعقد مثل هذا البيع غرضاً صحيحاً ومنفعة مطلوبة لكلا الطرفين فيه، فتبرأ ذمة المدين من الدين الأول وتشغل بدين آخر وبراءة الذمة مطلوبة للشارع وليس في هذا التصرف محظور فلم ينه عنه بلفظه ولا بمعناه[24].
الدليل الثالث:استدل ابن القيم –رحمه الله تعالى- بقوله: " قواعد الشرع تقتضي جوازه، فإن الحوالة اقتضت نقل الدين وتحويله من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، فقد عاوض المحيل المحتال من دينه بدين آخر في ذمة ثالث فإذا عاوضه من دينه على دين آخر في ذمته كان أولى بالجواز"[25].
وهذا دليل من القياس : قياس جواز بيع الدين بالدين لمن هو عليه على جواز الحوالة بجامع نقل الدين في الكل.
و لعل الراجح - والله تعالى أعلم- هو القول بجواز هذه الصورة من بيع الدين بالدين لعدم وجود دليل يدل على تحريمها كما قرر الإمامان ابن القيم وابن تيمية –رحمهما الله تعالى-.
المبحث الثامن:بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل
وفيه مطلبان:
المطلب الأول:معناه والأمثلة عليه
المطلب الثاني:حكم بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل
المطلب الأول:معناه والأمثلة عليه
المراد ببيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل هو بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة لغير من هو عليه بثمن مؤجل سواء كان الدينان على شخص أو على شخصين[26].
وله صورتان :
الأولى:أن يبيع الرجل ديناً له على رجل بدين على رجل آخر[27].
أو هي:بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة لغير المدين بثمن مؤجل موصوف في الذمة[28].
الثانية:بيع دين مؤخر سابق التقرر في الذمة بدين مماثل لشخص آخر على نفس المدين[29].
ولا بد في بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل من تقدم عمارة ذمة أو ذمتين على البيع[30].
أما الصورة الأولى فيتصور وقوعها في أربعة أشخاص ، ومثال ذلك :
أن يكون لشخص على آخر دين ولثالث على رابع دين فباع كل من صاحبي الدينين ما يملكه من الدين بالدين الذي هو للآخر[31].
والصورة الثانية يتصور وقوعها في ثلاثة أشخاص ، ومثال ذلك :
كأن يكون لزيد وعمرو دينان على شخص فباع زيد عمراً دينه بدينه [32] .
وكأن يكون له دين على إنسان ولآخر مثله على ذلك الإنسان ، فباع أحدهما ما له عليه بما لصاحبه[33].
المطلب الثاني:حكم بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل
لأهل العلم في هذا القسم من بيع الدين بالدين قولان:
القول الأول:ذهب العلماء في المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري إلى تحريم هذا النوع من بيع الدين بالدين، حيث إنهم يرون تحريم بيع الدين بالدين مطلقاً ومنه بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل[34].
القول الثاني:ذهب بعض المعاصرين إلى جواز بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل ، وقد نسب هذا القول للإمامين ابن تيمية وابن القيم[35] رحمهما الله تعالى .
ووصف الشيخ عمر المترك-رحمه الله تعالى- هذه النسبة إلى شيخ الإسلام وابن القيم بأنها غير ظاهرة، حيث قال : "وأما نسبة القول بأن ابن تيمية وابن القيم أجازا هذه المعاملة فغير ظاهر، بل مقتضى عبارتهم وتعليلهم يدل على أنهم يرون عدم الجواز، وأنهم يرون جواز بيع الدين بالدين إذا كان يتساقطان كما في صورة المقاصة أو كان أحدهما يسقط"[36].
ولم أقف على قول لشيخ الإسلام يصرح فيه بجواز ذلك ، ولكنه يرى أن الحديث الذي نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ضعيف ، وأن الإجماع الذي به استدل الجمهور على تحريم بيع الدين بالدين ، إنما هو واقع على صورة واحدة من صور بيع الدين بالدين وهي بيع الدين بالدين ابتداء كالسلف المؤجل من الطرفين، وعلل تحريم ذلك بقوله:" فإن ذلك منع لئلا تبقى ذمة كل منهما مشغولة بغير فائدة حصلت لا له ولا للآخر، والمقصود من العقود القبض فهو لم يحصل به مقصود أصلاً"[37].
ومقتضى تعليله هذا أنه لا يرى جواز بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل حيث إن هذا البيع كذلك لا يحصل به القبض وهو المقصود من العقود، وكذلك بقيت ذمتا المتعاقدين مشغولتين،أما الإمام ابن القيم فيرى أن بيع الدين بالدين " ليس فيه نص عام ولا إجماع وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ وهو المؤخر الذي لم يقبض كما لو أسلم شيئاً في شيء في الذمة وكلاهما مؤخر"[38] وهو ما يسمى بابتداء الدين بالدين وقد سبق بيان ذلك. وهذا يقتضي أنه يرى أن النهي في الحديث وكذلك الإجماع لا يتناولان بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل حيث إنه يرى أن النهي خاص ببيع الدين بالدين ابتداء، ثم ذكر أقسام بيع الدين بالدين التي قسمها إلى أربعة أقسام، وعند بيان القسم الرابع منها مثل له بقوله :"وأما بيع الواجب بالساقط فكما لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط له عنده دين غيره، وقد حُكي الإجماع على امتناع هذا ولا إجماع فيه"[39].
ثم ذكر التعليل الذي ذكره شيخ الإسلام على تحريم بيع الدين بالدين ابتداء[40].
وهذا يقتضي أنه لا يرى جواز ذلك ، حيث إن بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل لا تحصل منه أية فائدة للمتعاقدين، ولا تبرأ ذمة أي منهما وكلاهما اشتغلت ذمته بغير فائدة.
وخلاصة القول في ذلك أن تعليل الإمام ابن القيم يقتضي منع بيع الدين لغير من هو عليه بالدين، وتمثيله يقتضي جوازه[41].
الأدلة :
استدل الجمهور على القول بعدم الجواز بالسنة والإجماع.
أما دليلهم من السنة فهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ وقد سبق.
وأما الإجماع أيضاً فقد سبق ذكره، وهو أنه قد نقل الإجماع على تحريم بيع الدين بالدين غير واحد من العلماء ، وهو إجماع يشمل تحريم جميع صور بيع الدين بالدين، ومنه هذا التقسيم فيتناوله الإجماع.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بالجواز بأنه لا دليل على المنع، وذلك لأن المالكية قد خالفوا الإجماع لأنهم يقولون بجواز تأخير رأس مال السلم إلى ثلاثة أيام والتأجيل باليوم واليومين كالتأجيل بأكثر من ذلك[42].
ونوقش هذا الاستدلال: بأن تلقي الأمة للحديث يجعله يقوم به الاحتجاج، وأن الإجماع قد انعقد على المنع وهو إجماع عام، ومن الذين نقلوا الإجماع علماء المالكية، وقول المالكية بجواز التأجيل إلى ثلاثة أيام لا يدل على أنهم لا يرون انعقاد الإجماع على المنع، وإنما قالوا ذلك لأن التأجيل إلى ثلاثة أيام كلا تأجيل ، لا لأنهم يرون عدم انعقاد الإجماع ابتداء، فهناك فرق بين نفي انعقاد الإجماع وبين القول بعدم تناوله لبعض الحالات.
و لعل الراجح –والله تعالى أعلم- هو قول جمهور العلماء ، وذلك لما يلي :
1-لقوة أدلة الجمهور حيث استدلوا بالسنة والإجماع، والإجماع يشمل هذه الصورة.
2-لورود المناقشة على استدلال القول المخالف.
3-و لأن العلة التي حرم من أجلها ابتداء الدين بالدين – وهي عدم حصول القبض الذي هو مقصود عقد البيع، و بقاء ذمة المتعاقدين مشغولتين- موجودة في هذه الصورة.
الخاتمة:
وألخص أهم نتائج البحث فيما يلي :
1- أن الدين في الفقه الإسلامي يطلق على معنيين ، العام والخاص، فبالمعنى العام يراد به كل حق واجب في الذمة سواء كان لله تعالى كصوم أو حج لم يؤد وكالكفارات ونحوها، أو كان حقاً لعباد الله تعالى كالحقوق المالية ونحوها، ويراد به بالمعنى الخاص الحقوق المالية في الذمم، أو الأموال المؤجلة في الذمم.
2- يراد ببيع الدين بالدين مبادلة الأموال المؤجلة في الذمم بالأموال المؤجلة في الذمم .
3- لبيع الدين بالدين عدة أقسام وصور ويلخص ذلك في ثلاثة أقسام : بيع الدين بالدين ابتداء ، بيع الدين لمن هو عليه بثمن مؤجل ، وبيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل.
4- لقد ورد النهي في السنة عن بيع الكالئ بالكالئ ، وفسره بعض العلماء ببيع الدين بالدين ، إلا أن الحديث الذي دل على ذلك في سنده ضعف ، ولكن يجبر هذا الضعف تلقي الأمة له بالقبول وانعقاد الإجماع على الأخذ بمدلوله.
5- أنه قد حصل خلاف بين العلماء في حكم بعض الصور من بيع الدين بالدين حيث إن بعضهم يرون أن الإجماع المنعقد على تحريم بيع الدين بالدين خاص ببعض صوره دون غيرها من الصور ، ولذلك حصل الخلاف بينهم في حكم بعض الصور .
6- أنه حصل بين العلماء –رحمهم الله تعالى- خلاف في بعض الصور والمسائل التي يمكن أن تكون من صور بيع الدين بالدين، إلا أن هذا الخلاف يرجع إلى أن من العلماء من يرى أن تلك الصور ليست من بيع الدين بالدين، ومنهم من يرى أنها منه، ولكن هذا لا يعني الخلاف في أصل التحريم، بل هو خلاف في تحقيق المناط.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
الملحقات
نظرا لكثرة التعامل ببيع الدين بالدين في الأسواق والبنوك والبورصات فقد درس عدد من المجامع الفقهية موضوع بيع الدين بالدين وبعض ما يندرج تحته من صور المعاصرة من المعاملات، وأصدر بعض القرارات بخصوص ذلك، ولعل من المفيد عرض بعض تلك القرارات هنا:
قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم (101) (4/11) بشأن بيع الدين وسندات القرض وبدائلها الشرعية في مجال القطاع العام والخاص
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في مملكة البحرين، من 25-30 رجب 1419هـ، الموافق 14- 19 تشرين الأول (نوفمبر) 1998م.
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع "بيع الدين وسندات القرض وبدائلها الشرعية في مجال القطاع العام والخاص"، وفي ضوء المناقشات التي وجهت الأنظار إلى أن هذا الموضوع من المواضيع المهمة المطروحة في ساحة المعاملات المالية المعاصرة.
قرر ما يلي:
أولا:أنه لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين بنقد معجل من جنسه أو من غير جنسه لإفضائه إلى الربا، كما لا يجوز بيعه بنقد مؤجل من جنسه أو غير جنسه لأنه من بيع الكالىء بالكالىء المنهي عنه شرعاً. ولا فرق في ذلك بين كون الدين ناشئاً عن قرض أو بيع آجل.
ثانيا:التأكيد على قرار المجمع رقم 60(11/6) بشأن السندات في دورة مؤتمره السادس بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 17 - 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس)1990م. وعلى الفقرة (ثالثا) من قرار المجمع رقم 64/2/7 بشأن حسم (خصم) الأوراق التجارية، في دورة مؤتمره السابع بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 مايو 1992م.
ثالثا:استعرض المجمع صوراً أخرى لبيع الدين ورأى تأجيل البت فيها لمزيد من البحث، والطلب من الأمانة العامة تشكيل لجنة لدراسة هذه الصور واقتراح البدائل المشروعة لبيع الدين ليعرض الموضوع ثانية على المجمع في دورة لاحقة. والله أعلم
قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم (158)(7/17) بشأن بيع الدين
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السابعة عشرة بعمان (المملكة الأردنية الهاشمية) من 28 جمادى الأولى إلى 2 جمادى الآخرة 1427هـ، الموافق 24 - 28 حزيران (يونيو) 2006م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بيع الدين، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، واطلاعه على قرار المجمع رقم: 101(4/11) بشأن موضوع: بيع الدين وسندات المقارضة، والذي نص على أنه " لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين بنقد معجل من جنسه أو من غير جنسه... الخ".
وبعد الاطلاع أيضاً على قرار المجمع رقم: 139(5/15) بشأن موضوع بطاقات الائتمان، والذي ذكر " أن على المؤسسات المالية الإسلامية تجنب شبهات الربا أو الذرائع التي تؤدي إليه كفسخ الدين بالدين".
قرر ما يلي:
أولاً:يعدّ من فسخ الدين بالدين الممنوع شرعاً كل ما يُفضي إلى زيادة الدين على المدين مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه، ومن ذلك فسخ الدين بالدين عن طريق معاملة بين الدائن والمدين تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى كلها أو بعضها، سواء أكان المدين موسراً أم معسراً، وذلك كشراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه.
ثانياً: من صور بيع الدين الجائزة:
1 بيع الدائن دينه لغير الدين في إحدى الصور التالية:
أ- بيع الدين الذي في الذمة بعملة أخرى حالة، تختلف عن عملة الدين، بسعر يومها.
ب- بيع الدين بسلعة معينة.
ج- بيع الدين بمنفعة عين معينة.
2 بيع الدين ضمن خلطة أغلبها أعيان ومنافع هي المقصودة من البيع.
كما يوصي بإعداد دراسات معمقة لاستكمال بقية المسائل المتعلقة بهذا الموضوع وتطبيقاته المعاصرة. والله أعلم
قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
بشأن ( فسخ الدين في الدين )
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12/4/2006م قد نظر في موضوع : (فسخ الدين في الدين).
وبعد الاطلاع على قرار المجمع بشأن موضوع بيع الدين في دورته السادسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه 5-10/1/2002م والذي جاء فيه ما نصه : " ثانيا:من صور بيع الدين غير الجائزة :
أ‌. بيع الدين للمدين بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين ؛ لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعاً، وهو ما يطلق عليه ( جدولة الدين )."
وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة، والمناقشات المستفيضة والتأمل والنظر في الصور التي ذكرت في البحوث والمناقشات في موضوع : ( فسخ الدين في الدين ) أو ما يسميه بعض أهل العلم (قلب الدين) قرر المجمع ما يأتي :
يعد من فسخ الدين في الدين الممنوع شرعاً كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه ويدخل في ذلك الصور الآتية :
1-فسخ الدين في الدين عن طريق معاملة بين الدائن والمدين تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى كلها أو بعضها، ومن أمثلتها: شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه.
فلا يجوز ذلك ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم ؛ وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أم معسراً وسواء أكان الدين الأول حالاً أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة، وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول أم كان اتفاقاً بعد ذلك، وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن أم بطلب من المدين. ويدخل في المنع ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن إذا كان بترتيب من الدائن نفسه أو ضمان منه للمدين من أجل وفاء مديونيته.
2- بيع المدين للدائن سلعة موصوفة في الذمة من غير جنس الدين إلى أجل مقابل الدين الذي عليه، فإن كانت السلعة من جنس الدين فالمنع من باب أولى.
3- بيع الدائن دينه الحال أو المؤجل بمنافع عين موصوفة في الذمة.
أما إن كانت بمنافع عين معينة فيجوز.
4- بيع الدائن دين السلم عند حلول الأجل أو قبله للمدين بدين مؤجل سواءٌ أكان نقداً أم عرْضاً، فإن قبض البدل في مجلس العقد جاز. ويدخل في المنع جعل دين السلم رأس مال سلم جديد.
5- أن يبيع الدائن في عقد السلم سلعة للمدين – المسلم إليه – مثل سلعته المسلم فيها مرابحة إلى أجل بثمن أكثر من ثمن السلعة المسلم فيها، مع شرط أن يعطيه السلعة التي باعها له سداداً لدين السلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية ص 293.

[2] دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 253.

[3] إعلام الموقعين 2 / 10.

[4] الفواكه الدواني 2 / 110 .

[5] الخرشي على خليل 5 / 76 .

[6] دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 255 .

[7] دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 255 .

[8] النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 4 / 194 .

[9] الربا والمعاملات والمصرفية في نظر الشريعة الإسلامية للمترك ص 293 .

[10] ينظر : الهداية لمرغيناني 3 / 74 ، وبدائع الصنائع للكاساني 7 / 3230 ،و الفواكه الدواني للنفراوي 2/ 110 ، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 242 ، والكافي لابن عبد البر 2 / 738 ،و الأم للشافعي 3 / 33 ،و المجموع للنووي 9 / 400 ، والمغني لابن قدامة 6 / 106 ، والإنصاف للمرداوي 4 / 44 ، والمحلى لابن حزم 9 / 610.

[11] المحلى لابن حزم 9 / 610.

[12] الفواكه الدواني 2 / 110 ، وينظر : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 2 / 47.

[13] ينظر : دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 256 .

[14] ينظر : الهداية لمرغيناني 3 / 74 ، وبدائع الصنائع للكاساني 7 / 3230 ، وتبيين الحقائق 4 / 140 ، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 242 ، والكافي لابن عبد البر 2 / 738 ، والفواكه الدواني للنفراوي 2 / 110 ، والأم للشافعي 3 / 33 ، وحاشية القليوبي وعميرة 2 / 215 ، والمغني لابن قدامة 6 / 106 ،و الإنصاف للمرداوي 4 / 44 ، المحلى لابن حزم 6 / 610.

[15] ينظر : نظرية العقد لابن تيمية ص 235 ، وإعلام الموقعين لابن القيم 2 / 9-10 ، ومجلة الأزهر 28 /166، والربا والمعاملات المصرفية للمترك ص 294 .

[16] نظرية العقد لابن تيمية ص 235 .

[17] إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 9-10 .

[18] سبق تخريجه .

[19] ينظر : إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 9-10 ، ونظرية العقد لابن تيمية ص 235 .

[20] إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 9 .

[21] ينظر : نظرية العقد لابن تيمية ص 235 ، إعلام الموقعين 2 / 10 ، الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية للمترك ص 295 .

[22] نظرية العقد لابن تيمية ص 235 .

[23] إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 10 .

[24] ينظر : إعلام الموقعين 2 / 10 .

[25] ينظر : إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 10 .

[26] ينظر : دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 256-258 .

[27] ينظر : الموطأ للإمام مالك 2 / 660 .

[28] ينظر : دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 256 .

[29] ينظر : دراسات في أصول المداينات لنزيه حماد ص 258 .

[30] ينظر : الفواكه الدواني للنفراوي 2 / 109 .

[31] ينظر : الفواكه الدواني للنفراوي 2 / 109.

[32] ينظر : نهاية المحتاج للرملي 4 / 92 .

[33] ينظر : المجموع شرح النووي 9 / 275 .

[34] ينظر : الهداية لمرغيناني 3 / 74 ، وبدائع الصنائع للكاساني 7 / 3151 ، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 129 ، والفواكه للدواني للنفراوي 2 / 110 ، والمجموع للنووي 9 / 400 ، ونهاية المحتاج للرملي 4 / 92 ، والمغني لابن قدامة 6 / 106 ، والإنصاف للمرداوي 4 / 44 .

[35] ينظر : مجلة الأزهر 28 / 168 ، بحث لعيسوي أحمد عيسوي ، والربا والمعاملات المصرفية للمترك ص 302.

[36] الربا والمعاملات المصرفية للمترك ص 304 .

[37] نظرية العقد لابن تيمية ص 235 .

[38] إعلام الموقعين 2 / 9-10 .

[39] إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 10 .

[40] ينظر ص من البحث

[41] ينظر : إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 9-10 .

[42] ينظر : مجلة الأزهر مجلد 28 / 168 بحث لعيسوي أحمد عيسوي.
 
إنضم
31 أكتوبر 2009
المشاركات
475
التخصص
الثقافه الاسلاميه
المدينة
القرين
المذهب الفقهي
الحنبلي
أعلى