العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ضوابط توظيف تقنية المعلومات التطبيقية في خدمة الفقه

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ضوابط


توظيف تقنية المعلومات التطبيقية


في خدمة الفقه


الدكتور/ هشام بن عبدالملك آل الشيخ


المقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلَه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون(1).
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا(2).
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(3).
أما بعد:
فمن نعم الله على الناس جميعاً أن يسَّر لهم سبيل العلم الشرعي، فأضحت العلوم الشرعية في متناول الجميع، إذ مكَّنت التقنيات الحديثة -بفضل الله تعالى- الاستفادة من موروث العلماء وسهلت الطريق له، فأُنتِجت البرامج الحاسوبية، وأُودِعت الكثير من الكتب الشرعية في أقراص حاسوبية، مما كان له الأثر البالغ في نشر العلم الشرعي بصورة سريعة.

ولما كان علم الفقه من العلوم التي حظيت بالحظ الوافر من الخدمة الحاسوبية، كان لابد من بيان الضوابط في توظيف تلك التقنيات المعلوماتية في خدمة الفقه، والتي تتعلق بالبرامج الحاسوبية الفقهية، وهذه البرامج الحاسوبية الفقهية تنقسم إلى قسمين:



القسم الأول: البرامج العِلمية




القسم الثاني: البرامج التطبيقية العَملية.


فاستنباط الضوابط الشرعية لاستخدام هذه البرامج من الأهمية بمكان، خاصةً مع انتشارها وتنوعها وتنافس الشركات المنتجة لها، وهذا ما دعاني للبحث في هذا الموضوع، وستكون دراستي في البحث منصبَّةً على القسم الثاني وهو (ضوابط توظيف تقنية المعلومات التطبيقية في خدمة الفقه).


ثم إنني لا أزعم فيما أحرر وأقرر أن ما وصلت إليه في بحثي هو حكم الله الحق قطعاً وجزماً، إنما شأني كشأن غيري ممن استفرغ وسعه، وبذل غاية جهده في البحث الصادق المخلص عمَّا قد يكون هو الحق، فإن أصبت فذلك فضل من الله وحده وتوفيقٌ أحمده عليه أصدق الحمد، وأشكره أجزل الشكر، وإن أخطأت كان عذري أنني قصدت إلى الحق ابتغاء وجه الله تعالى، وإسهاماً في التمكين لشريعته، ولم آلُ في ذلك جهداً، ثم أسأل من يطالعه أن يبادر في تنبيهي عن الخطأ، فالكل معرضٌ للخطأ، وجلَّ من لا يخطئ، و إنما الأعمال بالنيات، وعلى الله قصد السبيل.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


تمهيد


وقد اشتمل البحث على ثلاث مطالب:


المطلب الأول: التعريف بمصطلحات البحث




حتى يتضح المعنى المراد من البحث كان لزاماً التعريف ببعض المصطلحات الواردة في عنوان البحث، وبعد ذلك أذكر المراد من البحث بصورة إجمالية.


التقنية لغةً: التقنية مأخوذة من إتقان الشيء، أي: إحكامه، ومنه قوله تعالى: صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون(1) أي الذي أحكمه(2)، يقال: رجل تقن: أي حاذق بالأشياء(3).


وأتقن الشيء أو الأمر: أحكمه، وإتقانه إحكامه، والإتقان: الإحكام للأشياء، ورجل تِقنٌ وتَقِن : مُتقِنٌ للأشياء حاذق.


والتِّقن - بالكسر - الطبيعة، والرجل الحاذق، وتِقْن: اسم رجل جيد الرمي، يضرب به المثل، ولم يكن يسقط له سهم، ثم قيل لكل حاذق بالأشياء: تِقْنٌ، ومنه يقال: أتْقنَ فلان عمله، إذا أحكمه(4).


وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي : (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)(5)، أي يحكمه، ويحسنه.


و(التِّقْنِية) هي ترجمة كلمة (TECHNICAL) في اللغة الإنجليزية وتعني: معرفة كيفية عمل شيء ما.


وتعني أيضاً: الأشياء الملموسة المستخدمة للتطبيق مثل: الأدوات، والمعدات، والآلات، وغيرها مما هو مستحدث جديد على العالم.


فيكون التعريف اللغوي للتقنية هو إتقان الشيء وإجادته.


التقنية اصطلاحاً: ويعرف معجم مصطلحات المكتبات والمعلومات أن التكنولوجيا (التقنية) هي: (مصطلح عام يشير إلى استخدام التقنية الاستخدام الأمثل في مختلف مجالات العلم والمعرفة من خلال معرفتها، وتطبيقها، وتطويعها لخدمة الإنسان ورفاهيته)(1).


وتعرفها منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك): (التقنية: مصطلح شامل يعني استخدام كل ما يتوصل إليه التقدم العلمي في مختلف المجالات وعلى كافة الجوانب التي ترتبط بتنظيم وإدارة وتشغيل العملية الإنتاجية، أو الخدمية ككل متكامل في أي من القطاعات الاقتصادية أو الخدمية في مجتمع ما)(2).


والتقنية: مصطلح يشير إلى كل الطرق التي يستخدمها الناس في اختراعاتهم، واكتشافاتهم، لتلبية حاجاتهم، وإشباع رغباتهم، فمن تعريفاتها: التعليم عن طريق الحواس وتطبيق المعرفة بأسلوب منظَّم، يجمع العناصر التالية: الإنسان، والآلة، والأفكار، والأداء، وأساليب العمل بحيث تعمل جميعها في إطار واحد(1).


وتشمل التقنية استخدام الأدوات، والآلات، والمواد، والأساليب، ومصادر الطاقة؛ لكي تجعل العمل ميسوراً، وأكثر إنتاجيَّة.


وتستخدم كلمة التقنية -أحياناً- لوصف استخدام معين، كالتقنية الطبية، والتقنية الصناعية، والتقنية العسكرية، والتقنية المعلوماتية، وتهدف كل واحدة من التقنيات المتخصصة إلى أهداف محددة وتطبيقات بعينها، كما أن لها أدوات ووسائل لتحقيق هذه الأهداف(2).


تقنية المعلومات




ويقصد بها إحكام المعلومات من جهة سرعة الحفظ، وجودة التخزين، وسرعة الوصول إلى المعلومات، وسهولة التعامل معها، وسهولة تبادل المعلومات بين المتعاملين بها(3).


فهذه التقنيات المعلوماتية قدمت خدمةً للفقه الإسلامي، وذلك بإدخال وإحكام الكثير من المعلومات الفقهية المأخوذة من مؤلفات الفقهاء -رحمهم الله- وحفظها في الحاسوب، حتى يتسنى للباحثين سرعة الوصول للمعلومة الفقهية وتحليلها، وفهرستها، مما يسهل التعامل معها ومقارنتها بغيرها من المعلومات الفقهية الأخرى، ويسهل أيضاً تبادل هذه المعلومات الفقهية بنسخها وإرسالها عبر الإنترنت.


وسهلت أيضاً هذه التقنيات المعلوماتية عملية التطبيق العملي لبعض المسائل الفقهية، وهو موضوع هذا البحث.


وهذه الخدمات الجليلة المقدَّمة من التقنيات المعلوماتية الحاسوبية سواءً كانت في الجانب العلمي، أو الجانب التطبيقي العملي، لا بد أن تضبط بالضوابط الشرعية المعتبرة، حتى يكون العمل التطبيقي صحيحاً لا تشوبه شائبة، وهذا ما سأحاول من خلال البحث التوصل إليه.


المطلب الثاني: البرامج الفقهية الحاسوبية العِلمية




هي البرامج التي تحوي كتباً فقهيةً علميةً بنصوصها كاملة، أو معلومات حول أحكام وقضايا شرعية وفقهية على شكل نصوص وبيانات مقروءة، إضافة إلى مجموعة خدمات بحثية في تلك المعلومات والبيانات المخزنة في البرنامج، كالفهرسة بجميع أنواعها، ومحركات البحث الإلكتروني بجميع أنواعها، والتصفح المجرد للمحتوى، وخاصية النسخ والحفظ والتعليق الهامشي، إلى غير تلك الخدمات البحثية.


ولقد سعت الكثير من الشركات للتنافس في هذا المجال، مما أدى إلى ظهور الكثير من البرامج الفقهية العلمية، فقد أدخلت الكثير من الكتب الفقهية المعتمدة عند المذاهب المعتبرة في الحاسب وعلى صيغة كتاب إلكتروني.


وهذه الشركات تسعى من خلال تقديم هذه البرامج إلى الربح(1)، والقليل من يقدم هذه الخدمة مجاناً على الشبكة العنكبوتية الإنترنت(2).


وهذه البرامج الكثيرة ليست هي موضع الدراسة لدي في هذا البحث.


المطلب الثالث: البرامج الفقهية الحاسوبية التطبيقية العَملية:


هي البرامج التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تعليم وتطبيق الأحكام الشرعية الفقهية، كالأذان، والصلاة، وتقسيم المواريث ونحو ذلك، فهي تتضمن معلومات وبيانات نصية عن الأحكام الفقهية، بالإضافة إلى تطبيق تلك الأحكام، وكيفية أدائها، وتعليمها للمستخدم، مع إضافة الصوت والصورة في الغالب، وهذه البرامج هي التي سأتناولها بالدراسة في هذا البحث، وأتبع الحديث عن كل برنامج تطبيقي فقهي عملي بذكر الضوابط الشرعية لاستخدامه.


إذ من الضروري معرفة الضوابط الشرعية قبل التطبيق العملي لتلك البرامج، وهذه البرامج موضوع الدراسة هي: برنامج المؤذن، برنامج المحراب الإلكتروني، برنامج تعليم الصلاة، برنامج الزكاة، برنامج المواريث.


الخاتمة




الحمد لله وحده الذي يسر كتابة هذا البحث اليسير في هذه المسألة المهمة المعاصرة، وهي ضوابط توظيف تقنية المعلومات في خدمة الفقه (ضوابط في التطبيقات)، وإني ألخص أهم نتائج البحث فيما يلي:


1- أن التقنيات المعلوماتية قدمت خدمة للفقه الإسلامي وذلك بإدخال الكثير من المعلومات الفقهية في الحاسب.


2- يجوز الاعتماد على برنامج المؤذن الإلكتروني في معرفة أوقات الصلوات وتحديد القبلة، وفقاً للضوابط التالية:


- أن يكون البرنامج صادراً من جهةٍ معروفة موثوقة.


- أن يكون البرنامج مثبتاً في جهاز الحاسوب بشكل صحيح، مع مراعاة صحة التاريخ في الجهاز.


- مطابقة التقويم في البرنامج مع التقويم المتداول بين الناس، ومطابقة القبلة في البرنامج للواقع.


3- عدم جواز جعل برنامج المؤذن الإلكتروني بديلاً عن المؤذن في المسجد.


4- عدم جواز جعل برنامج تعليم الصلاة إماماً في الصلاة مطلقاً.


5- جواز استخدام برنامج المحراب الإلكتروني خارج الصلاة، بعد التأكد من صحة النص القرآني المدخل في البرنامج.


6- التعليلات التي لأجلها منع برنامج المحراب الإلكتروني في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لا يكاد ينطبق منها شيء على البرنامج المذكور.


7- جواز استخدام برنامج المحراب الإلكتروني في صلاة النفل دون الفرض احتياطاً للعبادة.


8- ليس هناك ما يمنع شرعاً من الاختراع أو التنافس في التقنية الحديثة خاصةً التي تخدم المسلمين وتؤدي إلى زيادةٍ في الإقبال على العبادة.


9- جواز استخدام برنامج الزكاة وبرنامج المواريث، بعد التأكد من صحة المدخلات ومعرفة طريقة الحساب في البرنامج.


وختاماً أسأل الله جل جلاله أن يجعل في هذا البحث الفائدة والنفع، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع للفائدة.
 
أعلى