العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء

جزاك الله خيرا أستاذ محمد
بحث جيد ليتكم تنقلونه كاملا إلى ملتقانا حتى تتم قراءته والتعليق عليه من قبل الإخوة
ولدي سؤال عن المكان الأنسب لمثل هذا الموضوع
هل هو الملتقى الفقهي العام ؟ أم ملتقى فقه الأصول؟ أم لا هذا ولا ذاك؟
 

علي محمد زينو

:: متابع ::
إنضم
9 نوفمبر 2009
المشاركات
56
التخصص
الحديث الشريف وعلومه
المدينة
دمشق
المذهب الفقهي
شافعي
رد: طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء

استجابة ً لرغبة الأخت الكريمة أضع نصّ البحث
طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء


مقدمة البحث
الحمد لله على ما تفضّلَ وأنعَم، وصلى الله على سيدنا محمد بن عبد الله النبيّ الأكرَم، وعلى آلِه أولي القدْر المعظَّم، وأصحابه وتابعيهم بإحسانٍ وسلَّم، وبعد. أسأل الله تعالى بِمَنّه وكرمه في الإخلاصَ والتوفيقَ في النية، والسداد والرشاد في القول والعمل، والعونَ على التمام، والجُودَ بحسن الختام. آمين. ولقد جاء هذا البحثُ وفقَ الخطة التالية:
مقدمة البحث:
التمهيد:

المبحث الأول: العدالة لغةً واصطلاحاً ويتضمَّن:
المطلب الأول: العدالة لغةً.
المطلب الثاني: العدالة في اصطلاح الفقهاء.
المطلب الثالث: العدالة في اصطلاح المحدثين.

المبحث الثاني: طرق التعديل. ويتضمَّن:
المطلب الأول: طرق التعديل عند الفقهاء.
المطلب الثاني: طرق التعديل عند المحدثين.

الخاتمة.
المسارد.

التمهيد

الفقهاء والمحدثون فريقان من علماء هذه الأمة؛ تضلّع كل منهما بمهمة المرابطة على ثغرٍ من ثغور الإسلام، حفظه وحرسه وحماه أن يُؤتى المسلمون من قِبَله. والعلاقة بين هذين الفريقين وعِلمَيهِما علاقة تكاملية؛ عبّر عنها قول أكثرَ من واحدٍ من أعاظم الفقهاء بحقِّ أهل الحديث: أنتم الصيادلة ونحن الأطباء[1].
إن المحدثين
"هم من يشتغل في تتبُّع الأسانيد ومقارنتها، وتفحُّص أحوال الرجال، والبحث في ثبوت الأقوال إلى قائليها؛ فهم درعٌ حصين لهذه الأمة، قيّضهم المولى جل وعلا. وهم ينخلون الأحاديث والروايات نخلاً، ويغربلونها غربلة، وهذا العمل يستدعي من القائم به صفاتٍ نفسيةً وملَكاتٍ وجدّاً واجتهاداً وحفظاً وممارسةَ صناعة حتى يصبح مُحدّثاً متتبعاً للروايات والأسانيد. فهم - أي: المحدثون - بمنزلة الصيادلة الذين يبحثون في تركيب الأدوية، وصلاحيتها وفسادها، وأعراضها الإيجابية أو السلبية؛ فلذا نجد أنّ أهل الضلال يبغضون المحدثين بغضاً شديداً؛ لأنهم يكشفون أكاذيبَهم ويفضحون افتراءاتِهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى السلف الأول وغيرهم، لاسيما وقد خصَّ الله تعالى هذه الأمةَ بالإسناد وجعله من الدين المقرِّب إلى ربِّ العالمين.
وأما الفقهاء، فهم قومٌ نوّر الله تعالى بصائرَهم، وتعمقوا في دراسة مقاصد الشريعة وأصول الفقه والتشريع، والبناء الذي يقوم عليه النص، وطرقِ الاستدلال والنظر؛ فهم قيّضهم الله تعالى لحفظ النص من تأويل الجاهلين وتحريف الغالين. . . . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدولة، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين" أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" وفي "شرف أصحاب الحديث"، وهو حسن[2].
فقوله عليه السلام "ينفون عنه تحريف الغالين وتأويل الجاهلين" إشارة إلى الفقهاء، وقوله: "ينفون عنه انتحال المبطلين" إشارة إلى المحدثين.
فالعلاقة بين الفقيه والمحدث تكاملية، وإن كان الفقيه يتربع على عرش الفتوى والنظر في مصالح العباد؛ لأن علم الفقيه مقاصدي، وعلم المحدث وسائلي. . . . ونلخص لطالب العلم الفروق بين الفقيه والمحدث في النقاط التالية حتى يكون على بينة:
1- الفقيه ينظر إلى المتون أكثر من نظره إلى الأسانيد، والمحدث ينظر إلى الأسانيد أكثر من نظره إلى المتون.
2- الفقيه مشغول بحفظ القواعد والأصول والتخريج عليها، والمحدث مشغول بحفظ أسماء الرجال ووفياتهم ما يتعلق بهم وبالتالي الحكم على السند.
3- الفقيه ينظر إلى الترجيح عن طريق النظر في خلاف الفقهاء من أهل المذاهب، والمحدث ينظر إلى الترجيح في مسائل الفقه عن طريق النظر في الروايات؛ بصرف النظر عن آراء الرجال.
4- الفقيه يصحح الحديث ويقويه بمعضدات خارجية كالفتوى المؤيدة للمتن أو بمعضد أصولي أو منطقي أو مقاصدي. . . وكان الترمذي رحمه الله يقوي الحديث على طريقة الفقهاء.
5- الفقيه يفتي بالنظر إلى ملائمة النص للواقعة، والمحدث إن أفتى فإنه يفتي بصرف النظر عن ملائمة النص للواقعة، ومن هنا تبرز المشكلة الكبيرة عند المحدثين في التباين الشديد بين الحديث وبين المصداق، فيحملون الحديث على غير مصداقه.
وأما المقولة التي تقول: "كل محدث فقيه وليس كل فقيه محدث" فقد تبين لي خطؤها، وأن العلاقة بينهما من حيث المؤدى والنتيجة هي التباين، ومن حيث الحاجة هي التكامل، ومن حيث الوجود؛ فإنه يوجد محدث فقيه وفقيه محدث؛ فقد كان الشافعي إمام فقهاء المحدثين، وأحمد بن حنبل من أئمة محدثي الفقهاء، ولكننا لسنا بحاجة إلى قول ذلك؛ فننظر أيهما أغلب: هل الصنعة الحديثية أغلب عليه من الصنعة الفقهية؟ فإن كانت الصنعة الحديثية عليه أغلب فهو محدث، وإلا فهو فقيه؛ فالنووي رحمه الله فقيه لأن الصنعة الفقهية عليه أغلب وابن الصلاح محدث لأن الصنعة الحديثية عليه أغلب وكذا الحافظ ابن حجر رحمه الله الجميع.
6- الفقيه ينظر إلى بواطن النص وأسراره ويستخرج منه عللاً ونظريات وقواعد، والمحدث أقرب ما يكون إلى أهل الظاهر، وترى ذلك واضحا جليا في فكر الإمام الصنعاني رحمه الله.
7- الفقيه يعنى بتدريس متون الفقه، والمحدث لا يأبه للمتون الفقهية كثيراً. والذي نعتقده أن الفتوى وقيادة الأمة لا يمكن إسنادها إلى المحدثين، وإنما إلى الفقهاء المتضلعين في علمي الأصول والقواعد؛ لأنهم أدرى بتنزيل النصوص والأقوال على الوقائع المختلفة والمتعددة بل والمتشابكة" ا. هـ[3]‍.

المبحث الأول

العدالة لغةً واصطلاحاً

المطلب الأول: العدالة لغةً:
معاني "العدالة" في اللغة تدور في أفلاك معاني التوسُّط والاعتدال والاستقامة.
قال صاحبُ "لسان العرب": العَدْل: ما قام في النفوس أنه مُستقيمٌ، وهو ضِدُّ الجَوْر. عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعدِلُ عَدْلاً، وهو عادِلٌ، من قوم عُدُولٍ وعَدْلٍ - الأخيرةُ اسمٌ للجمع كـ "تَجْرِ" و"شَرْبٍ" -وعَدَل عليه في القضيَّة فهو عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته.
وفي أسماء الله سبحانه: "العَدْل": هو الذي لا يَميلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدرٌ سُمِّي به فوُضِعَ مَوضِعَ "العادلِ" وهو أبلغ منه؛ لأَنه جُعِلَ المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً. والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ، وهو حَكَمٌ عادِلٌ ذو مَعْدَلة في حكمه، والعَدْلُ من الناس: المَرْضيُّ قولُه وحُكْمُه، وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ: جائز الشهادة، ورَجُلٌ عَدْلٌ رِضاً ومَقنَعٌ في الشهادة. . . . والعَدالة والعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ - كلُّه -: العَدْل، وتعديل الشهود: أن تقول: إنهم عُدُولٌ، وعَدَّلَ الحُكْمَ: أقامه، وعَدَّلَ الرجلَ: زَكَّاه، والعَدَلةُ والعُدَلةُ: المُزَكُّون. . . يُقال: رجل عُدَلة، وقوم عُدَلة أيضاً، وهم الذين يُزَكُّون الشهودَ، وهم عُدُولٌ، وقد عَدُلَ الرجلُ - بالضّمّ - عَدالةً. . . . وفلان يَعدِل فلاناً؛ أي: يُساويه ويقال: ما يَعْدِلك عندنا شيءٌ؛ أي: ما يقَع عندنا شيءٌ مَوقِعَك، وعَدَّلَ المَوازينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها، وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه عَدْلاً وعادَله: وازَنَه، وعادَلْتُ بين الشيئين وعَدَلْت فلاناً بفلان: إذا سَوَّيْت بينهما، وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: العَدْلُ: تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً. والعَدْلُ والعِدْلُ والعَديلُ سَواءٌ؛ أي: النَّظير والمَثيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس بالنَّظير عَينه، وفي التنزيل: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95][4].

المطلب الثاني: العدالة في اصطلاح الفقهاء:
إن الناظر في كتب الفقه يجدَ العدالة مَطلوبةً في مباحثَ عديدةٍ منه؛ يُمكن ردُّها إلى ثلاثةٍ رئيسة:

1- الولايات: كإمام الأمة (الحاكم)، والأئمة دونه (الولاة)، وإمام الجماعة، وعامل الزكاة، ووليّ النكاح، والقاضي، والمفتي.
2- والوصايات: كناظر الوقف، وولي اليتيم والمحجور عليه.
3- والشهادات في أبواب الطهارات، وقبلة الصلوات، وإثبات الشهور (رمضان وغيره)، وإثبات الحقوق والعقود، وإقامة الحدود.
هذا وإنّ الباحث يجد أنّ للعدالة لدى الفقهاء والمحدثين تعريفاتٍ متعددةً، ولكنها متقاربةٌ ! بل لعلها تكون متطابقة. صرح بذلك عددٌ من أهل العلم كالحافظ السيوطي الذي قال في "تدريب الراوي": على ما حُرّرَ في الشهادات من كتب الفقه، وتُخالفها في عدم اشتراط الحرية والذكورة[5].
ونصَّ الحافظ ابن دقيق العيد على أنها العدالة "المشترطة في قبول الشهادة على ما قُرِّر في الفقه"[6].
في حين إن العدالة مطلوبةٌ لدى المحدثين لإثبات صدق نقلة الروايات والأخبار. ويحسُن إيرادُ ما يُبيّن الفرق بين ما يتطلب العدالةَ عند المحدثين، وما يتطلبها عند الفقهاء.
يقول ابن عابدين:
الخبر ثلاثة: خبرٌ في الديانة تُشتَرَط له العدالة دون العدد، وخبر في الشهادة فالعدالة والعدد، وخبر في المعاملة فلا يُشتَرَط واحدٌ لئلا يضيق الأمر[7].
وقد قال القرافي في الفرق الأول من كتابه الفخم "الفروق":
الفرق الأول بين الشهادة والرواية: ابتدأت بهذا الفرق بين هاتين القاعدتين؛ لأني أقمت أطلبه نحو ثمان سنين فلم أظفر به، وأسأل الفضلاء عن الفرق بينهما وتحقيق ماهية كل واحدة منهما؛ فإن كل واحدة منهما خبرٌ؛ فيقولون: الفرق بينهما: أن الشهادة يُشترط فيها العدد والذكورية والحرية؛ بخلاف الرواية؛ فإنها تصحُّ من الواحد والمرأة والعبد.
فأقول لهم: اشتراط ذلك فيها فرعُ تصورها وتمييزِها عن الرواية، فلو عُرفت بأحكامها وآثارها التي لا تًعرَفُ إلا بعد معرفتها لزم الدورُ! وإذا وقعت لنا حادثةٌ غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة حتى يُشترط فيها ذلك؟ فلعلها من باب الرواية التي لا يُشترط فيها ذلك! فالضرورة داعية لتمييزهما، وكذلك إذا رأينا الخلافَ في إثبات شهر رمضان: هل يُكتفى فيه بشاهدٍ، أم لا بد من شاهدين؟
ويقول الفقهاء في تصانيفهم: منشأ الخلاف في ذلك: هل هو من باب الرواية أو من باب الشهادة. إلى أن قال: ولم أزل كذلك كثير القلق والتشوف إلى معرفته ذلك حتى طالعتُ "شرح البرهان" للمازري - رضي الله عنه -، فوجدته ذكَرَ هذه القاعدة وحقّقها، وميّز بين الأمرين من حيث هما، واتجه تخريج تلك الفروع اتجاهاً حسناً.
ثم نقل عن المازري:
الشهادة والرواية خبران غير أن المخبر عنه إن كان أمراً عاماً لا يختص بمعين؛ فهو الرواية كقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الأعمال بالنيات"، و "الشفعة فيما لا يقسم" لا يختص بشخص معين، بل ذلك على جميع الخلق في جميع الأعصار والأمصار؛ بخلاف قول العدل عند الحاكم: "لهذا عند هذا دينار" إلزام لمعيَّن لا يتعداه إلى غيره فهذا هو الشهادة المحضة، والأول هو الرواية المحضة، ثم تجتمع الشوائب بعد ذلك. ووجه المناسبة بين الشهادة واشتراط العدد حينئذ وبقية الشروط: أن إلزام المعين تتوقع فيه عداوة باطنية لم يطَّلِع عليها الحاكم، فتبعث العدوَّ على إلزام عدوّه ما لم يكن لازماً له. فاحتاط الشارع لذلك واشترط معه آخَرَ؛ إبعاداً لهذا الاحتمال، فإذا اتفقا في المقال قرب الصدق جداً؛ بخلاف الواحد. ويناسب أيضاً اشتراط الذكورية من وجهين. ثم تكلم عن نقصان شهادات النساء، واشتراط الحرية، وأطنَبَ في الموضوع في كلام نفيس جداً[8].
وسأُلقي الضوءَ على طائفةٍ من تعريفات العدالة منتقاةٍ من عددٍ من الكتب الفقهية على المذاهب الأربعة، وأُتبِعُها - في المطلب الثالث - بزمرةٍ من التعريفات المختارة من بعض كتب مصطلح الحديث. ففي "حاشية ابن عابدين" خاتمة المحققين الحنفيين: العدالة: ملَكةٌ تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، والشرط أدناها، وهو ترك الكبائرِ والإصرارِ على الصغائر، وما يُخلُّ بالمروءة، ويلزم أن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً[9].
ونُقلت فيها أقوال:
فعن أبي يوسف: أن لا يأتي بكبيرة، ولا يصر على صغيرة، ويكون ستره أكثر من هتكه، وصوابه أكثر من خطئه، ومروءته ظاهرة، ويستعمل الصدق، ويجتنب الكذب ديانةً ومروءة. وقيل: من اجتنب الكبائر وفعل مئة حسنة وتسعاً وتسعين صغيرة فهو عدل، وإن فعل حسنة وصغيرتين ليس بعدل. وقيل: هي الاستقامة وهي بالإسلام واعتدال العقل ويعارضه هوى يضله ويصده وليس لكمالها حد يدرك مداه ويكتفي لقبولها بأدناه كي لا تضيع الحقوق وهو رجحان جهة الدين والعقل على الهوى والشهوة[10].
وفي "الذخيرة" للقرافي المالكي:
العدالة: وهي أن يكون الشاهد يجتنب الكبائر ويتوقى الصغائر... وفي الجواهر: الذي تقبل شهادته المجتنب للكبائر المتقي للصغائر ذو مروة وتمييز، مستيقظ، متوسط الحال بين البغض والمحبة، والاعتدالُ في الأحوال الدينية هو العدالة؛ بأن يكون ظاهر الأمانة، بعيداً من الريب، مأموناً في الرضا والغضب.
قال[11]: قال بعض علمائنا: وليست العدالة أن يمحض الطاعة حتى لا تشوبها معصية لتعذُّره! لكن من كانت الطاعةُ أكثرَ حاله، وهو مجتنب الكبائر، يحافظ على ترك الصغائر، يستعمل المروّة التي تليق بمثله في دينه ودنياه، فكل من صدر منه تعدٍّ أدّى لسقوط الدين والمروّة فهو قادحٌ في شهادته[12].
وذُكرت العدالة في "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني المالكي على أنها: صفة مظنة تمنع موصوفها البدعةَ وما يشينه عرفاً ومعصية غير قليل الصغائر، فالصغائر الخسيسة مندرجةٌ فيما يشين، ونادرٌ الكذب في غير عظيم مفسدة عفو مندرج في قليل الصغائر. وأطول منه قول ابن الحاجب في الفقه: العدالة: المحافظة الدينية على اجتناب الكذب والكبائر، وتوقّي الصغائر، وأداء الأمانة، وحسن المعاملة، ليس معها بدعة أو أكثرها[13].
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين":
شرط العدالة: اجتناب الكبائر، والإصرار على صغيرة. فقال الخطيب الشربيني موضِّحاً: فبارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة من نوع أو أنواع تنتفي العدالة، لا أن تغلب طاعاتُه معاصيَه؛ كما قاله الجمهور، فلا تنتفي عدالته وإن اقتضت عبارة المصنف الانتفاءَ مطلقاً[14].
وقد زاد أبو شجاع شروط العدالة في "متنه" فقال:
وللعدالة خمس شرائط: أن يكون مجتنباً للكبائر، غير مصرٍّ على القليل من الصغائر، سليم السريرة، مأموناً عند الغضب، محافظاً على مروءة مثله.
قال الخطيب الشربيني: سليم السريرة: أي: العقيدة؛ بأن لا يكون مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق ببدعته، فلا تقبل شهادة مبتدع يكفر، أو يفسق ببدعته؛ فالأول: كمُنكري البعث، والثاني كسابِّ الصحابة - رضي الله عنهم -. وقال: الرابع: أن يكون العدل (مأموناً) مما توقع فيه النفس الأمارة صاحبها (عند الغضب) من ارتكاب قول الزور، والإصرار على الغيبة والكذب لقيام غضبه؛ فلا عدالة لمن يحمله غضبه على الوقوع في ذلك. (و) الخامس: أن يكون (محافظاً على مروءة مثله) بأن يتخلق الشخصُ بخلق أمثاله من أبناء عصره ممن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه؛ لأن الأمور العرفية قلما تنضبط بل تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والبلدان، وهذا بخلاف العدالة؛ فإنها تختلف باختلاف الأشخاص؛ فإن الفسق يستوي فيه الشريف والوضيع بخلاف المروءة فإنها تختلف[15].
وذكر الحجّاوي الحنبلي أنّ العدالة هي: استواء أحواله في دينه واعتدال أقواله وأفعاله، ويُعتَبَرُ لها شيئان: الصلاح في الدين: وهو أداء الفرائض بسُننها الراتبة، فلا تقبل إن داوَمَ على تركِها لفسقه، واجتناب المحرم فلا يرتكب كبيرة، ولا يدمن على صغيرة. الشيء الثاني: استعمال المروءة: وهو ما يجمله ويزينه، وترك ما يدنسه ويشينه عادةً[16].
ونحو ذلك ذكره ابن النجار الفُتوحي في "منتهى الإرادات"، والبهوتي في "شرحه" له المسمى "دقائق أولي النهى"[17].
وأختم بتعريف متأخر جامعٍ قاله الفيوميُّ في "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير[18]": العدالةُ: صفة توجب مراعاتُها الاحترازَ عما يخلّ بالمروءة عادةً ظاهراً، فالمرة الواحدة من صغائر الهفوات وتحريف الكلام لا تُخل بالمروءة ظاهراً؛ لاحتمال الغلط والنسيان والتأويل، بخلاف ما إذا عُرف منه ذلك وتكرّر، فيكون الظاهر الإخلال! ويُعتَبَرُ عرفُ كلّ شخص وما يعتاده من لبسه، وتعاطيه للبيع والشراء، وحمل الأمتعةوغير ذلك؛ فإذا فعل ما لا يليق به لغير ضرورة قُدِح، وإلا فلا[19].

المطلب الثالث:
العدالة في اصطلاح المحدثين:


سلف وأن ذكرتُ في بدايات المطلب السابق أنّ ثَمّةَ تشابُهاً بين العدالة لدى الفقهاء ولدى المحدثين، وسقت طائفةٍ منتقاةٍ من عددٍ من الكتب الفقهية على المذاهب الأربعة.
وها أُتبِعُ ما تقدّمَ بزمرةٍ من التعريفات المختارة من بعض كتب مصطلح الحديث.
من أوائل من نصّ مِن أهل الحديث على شروط الراوي مقبول الرواية الإمامُ الشافعي؛ حيث قال في "الرسالة": ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أموراً: منها أن يكون من حدّث به ثقةً في دينه، معروفاً بالصدق في حديثه. . . [20].
وبهذا الإجمال يرى الحافظ ابن حبان أنّ العدالة في المرء: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله[21].
وقريبٌ منه قول إبراهيم النخعي: العَدلُ: الذي لم تَظهر منه رِيبةٌ[22].
ونقل الخطيب البغداديُّ عن القاضي أبي بكر محمد بن الطيب[23] نقلاً مطوّلاً قال فيه: والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر هي: العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجري مجراه مما اتُّفق على أنه مبطل للعدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهي عنها. والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة: إنها اتباع أوامر الله تعالى، والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة[24].
ثم قال الخطيب: الطريق إلى معرفة العدل المعلوم عدالته مع إسلامه وحصول أمانته ونزاهته واستقامة طرائقه، لا سبيل إليها إلا باختيار الأحوال، وتتبع الأفعال التي يحصل معها العلم من ناحية غلبة الظن بالعدالة[25].
وذكر الحافظ ابن حجر أنّ العدالة "ملكة تحمل المرء على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: اجتناب الأعمال السيئة: من شرك أو فسق أو بدعة"[26].
وعرّفها ابن الأثير الجزري بأنها "عبارة عن استقامة السيرة والدين، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً حتى تحصل الثقة للنفوس بصدقه، و لا تشترط العصمة من جميع المعاصي، ولا يكفي اجتناب الكبائر، بل من الصغائر ما ترد به الشهادة والرواية. قال: وبالجملة: فكل ما يدل على ميل دينه إلى حدٍّ يستجيز على الله الكذب بالأغراض الدنيوية، كيف وقد شرط في العدالة التوقي عن بعض المباحات الفادحة في المروءة، نحو الأكل والشرب في السوق، والبول في الشوارع، ونحو ذلك[27].
وبتعبير معاصر؛ فإنّ "عدالة الرواة: محافظة دينية تحمل المرء المسلم البالغ العاقل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً؛ حتى يصل ثقة النفس بصدقه، وتتحققُ هذه المحافظةُ بالاجتناب عن الكبائر، وعن الإصرار على الصغائر، وعن المباحات المخلة بالمروءة؛ كالأكل في الطريق، والبول في الشارع، وصحبة الأرذال، والإفراط في المزاح والضحك، وغيرها من الأمور التي المرجعُ في إخلالها بالمروءة عرفُهُ ومجتمعُه"[28].
وقُسمت العدالة إلى باطنة وظاهرة؛ فالعدالة "الباطنة هي التي لا تُعرف إلا من خلال طول المعاشرة والمخالطة، وليس المقصود بالباطنة ما في قلبه؛ لأنه ليس من قدرة البشرِ العلمُ بها. أما العدالة الظاهرة فهي ما تعرف بظاهر الأمر. ويمكن التفريق بين العدالة الباطنة والعدالة الظاهرة بأن نقول: إن العدالة الباطنة هي العلم بعدم المُفسّق، والعدالة الظاهرة: هي عدم العلم بالمُفسّق[29].

المـبحث الثانـي


طرق التعديل

المطلب الأول: طرق التعديل عند الفقهاء:

التعديل لغة: هو التقويم، وقد سلف قول ابن منظور: وتعديل الشهود: أن تقول: إنهم عُدُولٌ، وعَدَّلَ الحُكْمَ: أقامه، وعَدَّلَ الرجلَ: زَكَّاه،. . . . وعَدَّلَ المَوازينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها،. . . وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه[30].
وأما التعديل عند الفقهاء فهو: النسبة إلى العدالة والوصف بها، وهو ضد التفسيق[31].
ورأى البعض أنّ التعديل هو: تنفيذ الشهادة[32].
ولعل هذا التعريف مردُّه إلى الشهادة في محاكم القضاء هي أخطر المناحي التي يُحتاج فيها إلى العدالة؛ ففيها إثبات حقوق، وإقامة حدود، وتبرئة متهمين أو إدانتهم، وإعلان أحكامٍ خطيرة تتعلق بأفرادٍ، بل تتعدى إلى الأمة بأسرها أحياناً!
وهنا يكمن تعليل أنّ الكلام عن العدالة يكون - على الأغلب - في أبعاض أبواب الشهادات والقضاء في كتب الفقهاء على اختلاف مذاهبهم. فهل يُكتفى بظاهر العدالة، أم يتعين تقّصي العدالة في شخص الشاهد بالسؤال، أو الاستفاضة أو الشهرة.
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
الأول:
الاقتصار على ظاهر العدالة، ولا يتعين على القاضي التقصي عنها إلا في الحدود والقصاص، وكذا فيما لو طعن الخصم في الشاهد. وهو قول الإمام أبو حنيفة[33]، ورواية عن الإمام أحمد - واختيار الخِرَقي عند القاضي وجماعة - في كلِّ مسلم لم تظهر منه ريبة[34].
القول الثاني: إنه يتعين على القاضي أن يسأل عن الشهود، ويتحرى عنهم. وهو قول الصاحبين؛ وعليه الفتوى في المذهب الحنفي[35]، وهو قول المالكية[36]، والشافعية[37]، والحنابلة في ظاهر المذهب[38].
والتعديل - أو التزكية - نوعان: سر وعلانية:

أما تزكية السر، فأن يختار للمسألة عن الشهود من هو أوثق الناس، وأورعهم ديانة، وأعظمهم دراية، وأكثرهم خبرة، وأعلمهم بالتمييز فطنة، فيوليه البحث عن أحوال الشهود. وأما تزكية العلانية، فأن يحضر القاضي المزكي بعدما زكى؛ ليزكِّيَ الشهود أمامه[39].
ويجتزئ القاضي في تزكية السر بواحد؛ لأنها ليست شهادة بل إخبار، وهو مذهب الحنفية[40]، وقولٌ لمالك[41]، وقولٌ عند الحنابلة[42].
والقول الآخر لمالك[43]، وهو مذهب الشافعية[44]، والحنابلة[45]: إنه لا بد من اثنين.
أما بالنسبة لتزكية العلن، فالمذاهب الثلاثة[46]، ومشهور المذهب عند المالكية[47]: أنه لا يُقبَلُ فيها إلا اثنان؛ لأنها شهادة. وروي عن مالك: أنه لا يزكيه إلا أربعة، وعن ابن الماجشون: أنّ أقلّ ما يزكي الرجل أربعة شهود[48].

المطلب الثاني:
طرق التعديل عند المحدثين.


التعديل عند المحدثين: هو وصف الراوي في عدالته وضبطه بما يقتضي قَبول روايته[49].
أو هو: "نسبة الرجل إلى العدالة، التي هي الرضا والقناعة بالشخص على أنه صالح للشهادة، وتزكيته"[50].
ويثبت التعديل لدى المحدثين بواحد من ثلاثة طرق:
الأول: الشهرة والاستفاضة
[51]:
قال الخطيب البغدادي في "الكفاية":
باب في أنّ المحدث المشهور بالعدالة والثقة والأمانة لا يحتاج إلى تزكية المعدل: مثال ذلك أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج، وأبا عمرو الأوزاعي، والليث بن سعد، وحماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، ويحيى ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، وأحمد بن حنبل، وعلى بن المديني، ويحيى بن معين، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر، واستقامة الأمر، والاشتهار بالصدق والبصيرة والفهم، لا يسأل عن عدالتهم، وإنما يُسأل عن عدالة من كان في عداد المجهولين، أو أشكل أمره على الطالبين[52].
ذلك أنّ النفسَ تطمئن إلى عدالة أمثال أولئك الأئمة الأعلام باشتهار ذلك عنهم اطمئناناً أقوى من شهادة الواحد والاثنين بعدالتهم. سئل الإمام أحمد بن حنبل عن إسحاق بن راهويه، فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين[53].
وسُئل يحيى بن معين عن الكتابة عن أبي عبيد القاسم بن سلام فقال: مثلي يُسأل عن أبي عبيد ! أبو عبيد يُسأل عن الناس[54].
الثاني: تعديلُ اثنين من علماء الحديث والرجال[55]:
وهو أن ينصَّ اثنان من أهل العلم بالجرح والتعديل على عدالته؛ قياساً على الشهادة؛ حيث يشترط في تزكية الشاهد اثنان، وهو قول جمهور العلماء.
الثالث: تعديلُ واحدٍ من علماء الحديث والرجال[56]:
وهو أن ينصَّ واحدٌ من علماء الجرح والتعديل على عدالة الراوي. ورجّح ذلك الخطيب البغدادي وابن الصلاح وغيرهما، واستدلوا بأنه لم يُشتَرَط العدد في قَبول الخبر. واستدلوا بأن الحديث الغريب قد يكون صحيحاً، وهو ما يتفرّد بروايته راوٍ واحدٌ[57].
واستدلوا كذلك بحالات قَبول الصحابة - رضي الله عنهم - فمن بعدَهم من أهل العلم مروّياتِ راوٍ واحدٍ.
وقد ذُكرت لبعض أهل العلم طرقٌ أخرى ردّها جمهورُهم؛ من ذلك:
أ- تعديل كل حامل للعلم حتى يتبين جرحه[58]: وهو مذهبُ الحافظ ابن حبان المعروف من كتابه "الثقات"؛ حيث قال: العدلُ: من لم يُعرَف منه الجرحُ ضد التعديل فمن لم يُعلَم بجرحٍ فهو عدلٌ[59].
ورأى ذلك الحافظ ابن عبد البر فقال "التمهيد":
وكلُّ حاملِ علمٍ معروفِ العناية به فهو عدلٌ محمول في أمره أبداً على العدالة حتى تتبين جُرحَتُهُ في حاله، أو في كثرة غلطه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدولة"[60].
ووافقهم على ذلك من المتأخرين ابن المواق[61].
ب- التعديل على الإبهام[62]: وهو أن يذكر الراوي الثقة أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإن روى عن راوٍ تكون روايته عنه توثيقاً له، أو أن يقول الراوي الثقة: "حدثني الثقةُ"، أو يقول: "حدثني من لا أتّهم" دون أن يُسمِّيَهُ، ويكون قوله توثيقاً له.
وممن نُقل عنه أنه" لا يروي إلا عن ثقة - إلا على النادر - الإمام أحمد، وبقيّ بن مُخلّد، وحريز بن عثمان، وسليمان بن حرب، وشعبة والشعبي وعبد الرحمن بن مهدي ومالك ويحيى بن سعيد القطان، وذلك في شعبة على المشهور؛ فإنه كان يتعنت في الرجال ولا يروى إلا عن ثبت، وإلا فقد قال عاصم بن علي: سمعت شعبة يقول: لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم عن ثلاثة - وفي نسخة: ثلاثين - وذلك اعتراف منه بأنه يروي عن الثقة وغيره فينظر، وعلى كل حال فهو لا يروي عن متروك ولا عن من أُجمع على ضعفه[63].
قال الخطيب: إذا قال العالِم: "كلُّ من رويتُ عنه فهو ثقة وإن لم أسَمّه"، ثم روى عمن لم يسمّ؛ فإنه يكون مزكياً له، غير أنا لا نعمل على تزكيتة؛ لجواز أن نعرفه إذا ذكره بخلاف العدالة [64].
وحكى ابن الصباغ عن أبي حنيفة أنه يُقبل[65]، والقول المختار: إنه لا يقبل؛ لجواز أن يُعرَفَ بجرحٍ لو بيَّـنَه[66]، بل إضرابه عن تسميته ريبةٌ تُوقعُ تردُّداً في قلب السامع[67].
قال الخطيب: إذا قال العالم: "كل من أروي لكم عنه وأسَمّيه فهو عدلٌ رضا مقبولُ الحديث" كان هذا القول تعديلاً لكل من روى عنه وسَمّاه[68].
ورأى الخطيب البغداديّ أن "عمل العالم بخبر من روى عنه لأجله فإن ذلك تعديل له يُعتَمَدُ عليه؛ لأنه لم يعمل بخبره إلا وهو رضا عنده عدلٌ، فقام عملُه بخبره مقامَ قوله: هو عدل مقبولُ الخبر. ولو عمل العالم بخبر من ليس هو عنده عدلاً لم يكن عدلاً يجوز الأخذُ بقوله، والرجوعُ إلى تعديله؛ لأنه إذا احتملت أمانته أن يعمل بخبرِ من ليس بعدلٍ عنده احتملت أمانتُه أن يُزكّيَ ويعدِّلَ من ليس بعدلٍ"[69].
في حين رأى ابن الصلاح أن "عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكماً منه بصحة ذلك الحديث، وكذا مخالفته للحديث ليست قدحاً منه في صحته ولا في روايته"[70].
واحتج السخاوي لرأي ابن الصلاح بأنه" ربما كان المفتي ممن يرى العمل بالحديث الضعيف ويُقدّمه على القياس، فهو يعمل به مع علمِهِ أن راويَ الحديث ضعيف؛ إذ هو عنده خير من النزول إلى القياس أو غيره من أدلة الشرع، أو أن العالم يعمل بذلك الحديث احتياطاً إذا كان ما يرويه عن طريق ذلك زيادة على ما هو ثابت فيعمل به زيادةً في الاحتياط"[71].

خـاتـمة


بذلتُ جهداً كبيراً في محاولة التمييز بين العدالة وطرق التعديل لدى الفقهاء، وبين العدالة وطرق التعديل لدى المحدثين. والذي جعل الأمر شاقاً هو التداخُل الكبير في موضوع العدالة بين الفقهاء وكتبهم، والمحدثين وأسفارهم؛ الأمر الذي جعل كثيراً من الباحثين المعاصرين الذين اطّلعت على كتاباتهم يخلطون - معذورين - بين مباحث العدالة لدى الفقهاء، ومباحثها لدى المحدثين.
وكانت النتيجة التي وصلت إليها التقاربُ الشديد في مفهوم العدالة بين الفقهاء والمحدثين؛ على الرغم من الاختلاف بين ما يتطلب العدالة عند المحدثين وهو الرواية، وما يتطلب العدالة عند الفقهاء وهو الشهادة رغم أنهما خبران في الأصل؛ ذلك أن الرواية أمرٌ عامٌّ لا يختص بمعين؛ بخلاف الشهادة التي يُخشى أنّ إلزام المعين بها قد تُتوقع قبله - أو بعده - عداوة ما؛ فاحتاط الشرع للشهادة وأوجب لها العدد. ثم اختلف الفقهاء في الاقتصار على ظاهر العدالة، وتعيُّن السؤال عن الشهود، والتحري عنهم، وما يتفرع عن ذلك من تعديلهم في السر والعلانية، وما يلزم لذلك. وعُني المحدثون بوسائل إثبات وصف الراوي بما يقتضي قَبول روايته، أو ردّها. ويثبت التعديل لدى المحدثين بالشهرة والاستفاضة، أو تعديلِ اثنين قياساً على الشهادة، أو تعديل واحدٍ من العارفين بالرجال. وردُّوا أقوال من قال بتعديل كل حامل للعلم حتى يتبين جرحه، أو قال بالتعديل على الإبهام.
والحمد لله رب العالمين
والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مسرد المصادر والمراجع:
"الاقتراح في بيان الاصطلاح وما أضيف إلى ذلك من الأحاديث المعدودة من الصحاح" للحافظ ابن دقيق العيد (702ه‍) ويليه "نظم الاقتراح" للحافظ ولي الدين العراقي (806 ه‍). شركة دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت. ط1: 1427ه‍/2006م.
"الإقناع لطالب الانتفاع" لشرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي (968 ه‍) تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر. أعيد طبع هذا الكتاب على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بمناسبة الاحتفاء بمرور عشرين عاماً على توليه - حفظه الله - مقاليد الحكم. رقم تسلسل الإصدار: 118. ط3: 1423ه‍/2002م طبعة خاصة بدارة الملك عبد العزيز.
"الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل" علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي (المتوفى 885ه‍) دار الكتب العلمية بيروت. ط1: 1418ه‍/1997م.
"البجيرمي على الخطيب" وهو حاشية الشيخ سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي المتوفى (1221 ه‍) المسماة "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" المعروف بـ "الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع" للخطيب الشربيني (977 ه‍) دار الكتب العلمية - بيروت. ط1: 1417ه‍/1996م.
"بغية الرائد في تحقيق "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للهيثمي (807 ه‍)
تحقيق: عبد الله محمد الدرويش. دار الفكر ـ بيروت ط1: 1414 ه‍/1994م.
"تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (571ه‍)
دراسة وتحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي. دار الفكر - بيروت: 1415ه‍/1995م.
"التخريج ودراسة الأسانيد" للدكتور حاتم بن عارف الشريف.
ملف (word). مصدر الكتاب: ملتقى أهل الحديث (www. ahlalhdeeth. com).
"تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" للإمام السيوطي (911ه‍)
اعتنى به: حسن شلبي و ماهر ثملاوي. مؤسسة الرسالة ناشرون - دمشق بيروت. ط1: 1427ه‍/2006م.
"جامع الأصول في أحاديث الرسول" للإمام مجد الدين أبي السعادات ابن الأثير الجزري (606 ه‍)
حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: عبد القادر الأرناؤوط.
نشر وتوزيع: مكتبة الحلواني، مطبعة الملاح، مكتبة دار البيان.

حقوق الطبع محفوظة للمحقق والناشر: 1389 ه‍/1969م.
"الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي" لأبي الحسن الماوردي (450 ه‍)
وهو شرح "مختصر المزني"
تحقيق وتعليق: الشيخ علي محمد معوض، و الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
قدم له وقرظه: أ. د. محمد بكر إسماعيل، و أ. د. عبد الفتاح أبو سنة.
دار الكتب العلمية - بيروت. ط1: 1414 ه‍/ 1994م.
"الذخيرة" لشهاب الدين القرافي
تحقيق: الأستاذ محمد بو خبزة. دار الغرب الإسلامي - بيروت. ط1: 1994م.
"رد المحتار على الدر المختار" لخاتمة المحققين محمد أمين الشهير بابن عابدين (1252 ه‍)

مع "حاشية قرة عيون الأخيار تكملة رد المختار على الدر المختار" لابن المؤلف محمد علاء الدين بن محمد أمين عابدين (1306 ه‍)
دراسة وتحقيق: الشيخ أحمد عادل عبد الموجود و الشيخ علي محمد معوض. قدم له وقرظه: أ. د. محمد بكر إسماعيل.
دار عالم الكتب - الرياض. طبعة خاصة طبعت بموافقة دار الكتب العلمية - بيروت: 1423 ه‍/2003م.
"السنن الكبرى" للحافظ البيهقي (458 ه‍)
تحقيق: محمد عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية - بيروت. ط3: 1424 ه‍/ 2003م.
"سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي (748ه‍)
مؤسسة الرسالة - بيروت. ط1:1405 ه‍/1984م.
"شرح مشكل الآثار" للإمام المحدث الفقيه أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (321 ه‍)
حققه وضبط نصه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرناؤوط
مؤسسة الرسالة - بيروت ط1: 1415ه‍/ 1994م.
"شرح منتهى الإرادات" (دقائق أولي النهى لشرح المنتهى) للشيخ منصور بن إدريس البهوتي (1051 ه‍)
تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. مؤسسة الرسالة ناشرون - بيروت. ط1: 1421ه‍/2000م.

"شرف أصحاب الحديث" للخطيب البغدادي (463ه‍)

بتحقيق الدكتور: محمد سعيد خطيب أوغلي. نشريات كلية الإلهيات - جامعة أنقرة.
"صحيح ابن حبان" للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي (354 ه‍)
تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط2: 1414 ه‍/ 1993م.
"علوم الحديث" (مقدمة ابن الصلاح) للحافظ أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن (643ه‍)
اعتنى به وعلق عليه: إسماعيل زرمان. مؤسسة الرسالة ناشرون - بيروت. ط1: 1425ه‍/2004م.
"فتح الباري بشرح صحيح البخاري" لابن حجر العسقلاني (852 ه‍)
طبعة مصححة على عدة نسخ، وعن النسخة التي حقق أصولها وأجازها الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز.
دار الفكر - بيروت: 1414ه‍/1993ه‍.
"فتح المغيث شرح ألفية الحديث" للحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي (902ه‍)
دراسة وتحقيق: د. عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن الخضير و د. محمد بن عبد الله بن فهيد آل فهيد.
دار المنهاج للنشر والتوزيع - الرياض. ط1: 1426ه‍.
"فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب" للحافظ شيريويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي
ومعه "تسديد" القوس للحافظ ابن حجر العسقلاني و "مسند الفردوس" لأبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي
قدم له وحققه وخرج أحاديثه: فؤاد أحمد الزمرلي و محمد المعتصم بالله البغدادي.
دار الكتاب العربي ـ بيروت. ط1: 1407 ه‍/1987م.
"الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (463ه‍)
حققه: عادل بن يوسف العزاوي. دار ابن الجوزي - الدمام. ط1: جمادى الأولى 1417 ه‍/1996م.
"الكافي في فقه أهل المدينة المالكي" لابن عبد البر (463ه‍)
دار الكتب العلمية - بيروت. ط2: 1413ه‍/1992م.
"الكامل في ضعفاء الرجال" للحافظ ابن عدي (365 ه‍)
تحقيق وتعليق: الشيخ علي محمد معوض، و الشيخ عادل أحمد عبد الموجود.
شارك في تحقيقه: أ. د. عبد الفتاح أبو سنة. دار الكتب العلمية - بيروت.
"كتاب الأم" للإمام الشافعيّ (204 ه‍)
تحقيق وتخريج: د. رفعت فوزي عبد المطلب. دار الوفاء - المنصورة مصر. ط1: 1422/2001.
"كتاب الثقات" للإمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم البستي (354 ه‍)
طبع بإعانة وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية. تحت مراقبة الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير دائرة المعارف العثمانية.
الطبعة الأولى: بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند 1939 ه‍/ 1973م.
"كتاب الجرح والتعديل" تأليف الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي (المتوفى 327 ه‍)
الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند سنة 1271 ه‍/1952م.
صححه: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني. طبعة مصورة. دار إحياء التراث العربي بيروت.
"كتاب الضعفاء" للعقيلي (323 ه‍)
تحقيق: حمدي بن عبد المجيد بن إسماعيل. دار الصميعي - الرياض. ط1: 1420ه‍/2000م.
"كتاب الفروق" (أنوار البروق في أنواء الفروق) لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (684 ه‍).
دراسة وتحقيق: مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية: أ. د. محمد أحمد سراج، أ. د. علي جمعة محمد.
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة - القاهرة. ط1: 1421 ه‍/2001م.
"كتاب المجروحين من المحدثين" لابن حبان (354ه‍).
تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. دار الصميعي للنشر والتوزيع - الرياض. ط1: 1420 ه‍/2000م.
"كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لحاجي خليفة (1067 ه‍)
ويليه "هدية العارفين" و"إيضاح المكنون"
مع مقدمة للعلامة الحجة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي
طبعة مصورة: دار إحياء التراث العربي - بيروت. 1413 ه‍/1992م.
"الكفاية في معرفة أصول الرواية" للخطيب البغدادي (463ه‍)
تحقيق وتعليق: أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي. دار الهدى - ميت غمر. ط1: 1423ه‍/2003م.
"لسان العرب" لابن منظور (711 ه‍)
تولى تحقيق لسان العرب نخبة من العاملين بدار المعارف هم الأساتذة:
عبد الله علي الكبير و محمد احمد حسب الله و هاشم محمد الشاذلي. دار المعارف - مصر. (د. تخ).
"مسند الشاميين" للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (360 ه‍)
حققه وخرج أحاديثه: حمدي بن عبد المجيد السلفي. مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ط1: 1409 ه‍/1989م.
"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" لأحمد بن محمد بن علي الفيومي ( 770 ه‍)
مكتبة لبنان - بيروت. 1987م.
"المصنف" للحافظ عبد الرزاق الصنعاني (211 ه‍)
عني بتحقيق نصوصه وتخريج أحاديثه والتعليق عليه: الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي.
توزيع المكتب الإسلامي - بيروت. ط2: 1403 ه‍/1983م.
"معجم المصطلحات الحديثية"
تأليف: أ. د. محمد أبو الليث الخيرآبادي أستاذ الحديث في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.
مؤسسة الرسالة ناشرون - دمشق، بيروت. ط1: 1426 ه‍/2005م.
"مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" للخطيب الشربيني (ت 977 ه‍)
إشراف: صدقي محمد جميل العطار، دار الفكر بيروت، ط: 1415 ه‍/ 1995م.
"المقنع في علوم الحديث" للحافظ سراج الدين ابن الملقن (804 ه‍)
تحقيق ودراسة: عبد الله يوسف الجديع. دار فواز للنشر - الإحساء. ط1: 1413 ه‍/1993م.
"منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها من خلال الجامع الصحيح"
إعداد: أبو بكر كافي.
إشراف: د. حمزة عبد الله المليباري. دار ابن حزم - بيروت. ط1:1421/2000م.
"مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل" لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الحطاب الرُّعيني (954 ه‍)
ضبطه وخرج آياته وأحاديثه: الشيخ زكريا عميرات. دار الكتب العلمية - بيروت. ط1: 1416ه‍/ 1995م
"موسوعة شروح الموطأ":
"التمهيد" و"الاستذكار" لأبي يوسف ابن عبد البر (463 ه‍) و "القبس" لأبي بكر ابن العربي (543 ه‍)
تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي.
بالتعاون مع مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية. ط1: القاهرة: 1426 ه‍/2005م.
الدكتور عبد السند حسن يمامة.
"الموسوعة الفقهية"
إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت. ج 11، ج13: ط2: 1408 ه‍/ 1988م.
"نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر" للحافظ ابن حجر العسقلاني (852ه‍)
تحقيق وتعليق: د. عبد الله بن ضيف الرحيلي. ط1: 1422 ه‍/2001م.
مواقع على شبكة الانترنت:
"منتديات المشتاقون للجنة" (http://www. asm334. com/vb/index. php)

تم بحمد الله



[1] ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/23 قال: قال الربيع: سمعت الشافعيَّ قال لبعض أصحاب الحديث: أنتم الصيادلة، ونحن الأطباء.
[2] بعد البحث ومراجعة مسرد الأحاديث النبوية في كتاب "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي تبين أنه لم يُخرج هذا الحديث! وقد أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" برقم (55) وبرقم (56)، والبيهقيُّ في "السنن الكبرى" برقم (20911)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/38، وابن عدي في "الكامل" 1/211 و 2/273 مُرسَلاً من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن العذريِّ. وأخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" برقم (53)، وابنُ عساكرَ في "تاريخ مدينة دمشق" 7/39من حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ - رضي الله عنه -. وأخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث برقم (54)، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -؛ مقتصراً على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يرث هذا العلم من كل خلف عدولة". وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" 54/225 من حديث أنس - رضي الله عنه -. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/248 و3/457-458، وذكره الديلمي في "مسند الفردوس" برقم (9012) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/247 من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" برقم (3884) من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/26، وابن عدي في "الكامل" 1/249 من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/26 من حديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة معاً. وقد ذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" برقم (601) أنه قد رواه البزار من حديث ابن عمرو وأبي هريرة معاً، وذكرَ أنّفي إسناد هذه الروايةِ عمرَو بنَ خالد القرشيَّ كذبه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، ونسبه إلى الوضع. وأخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" برقم (52)، والطبراني في "مسند الشاميين" برقم (599)، وابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" 43/236، وابن عدي في "الكامل" 1/248من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه وذكر الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" ص 29 عقب ما رواه برقم (56) أنّ يحيى بن معين سأل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث قال: كأنه كلام موضوع ! قال: لا هو صحيحٌ. فقلت: ممن سمعته أنت ؟ قال: من غير واحد. ا.ه‍. وهو حديث صحيح بمجموع طرقه وأسانيده إن شاء الله، والله أعلم.
[3] يُنظر: الشيخ وليد محمد المصباحي. "منتديات المشتاقون للجنة": المشتاقون للجنة الإسلامية: جنة الفتاوى الإسلامية: ما الفرق بين مذهب المحدثين ومذهب الفقهاء؟ "منتديات المشتاقون للجنة" (http://www.asm334.com/vb/showthread.php?t=2744).
[4] يُنظر: "لسان العرب" (عدل) 4/2838-2839.
[5] "تدريب الراوي" ص 212.
[6] "الاقتراح في بيان الاصطلاح" للحافظ ابن دقيق العيد ص 7.
[7]"حاشية ابن عابدين" 10/252-253.
[8] يُنظر: "أنوار البروق في أنواع الفروق" 1/74-91.
[9]"رد المحتار على الدر المختار" (حاشية ابن عابدين) 3/352.
[10]ُ نظر: "حاشية قرة عيون الأخيار تكملة رد المحتار على الدر المختار" الملحق بـ (حاشية ابن عابدين) 11/150.
[11]أي: في "الجواهر"، وهو كتاب "الجواهر الثمينة على مذهب عالم المدينة" في فروع الفقه المالكي لأبي محمد عبدالله بن محمد بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي المالكي المتوفى سنة (610 ه‍)، وضعه على ترتيب "الوجيز" للغزالي، والمالكية عاكفة عليه لكثرة فوائده. يُنظر: "كشف الظنون" لحاجي خليفة 1/612.
[12]"الذخيرة" 10/201.
[13]"مواهب الجليل لشرح مختصر خليل" للحطاب الرعيني 8/162.
[14]"مغني المحتاج في حل ألفاظ المنهاج" للخطيب الشربيني 4/540-541.
[15]يُنظر: "الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع" للخطيب الشربيني، وعليه "حاشية البجيرمي" 5/377-383.
[16]"الإقناع لطالب الانتفاع" للحجاوي 4/504-506.
[17]"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي 6/661
[18]"الشرح الكبير" للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (623ه‍) على كتاب "الوجيز في فروع الفقه" على المذهب الشافعي لحجة الإسلام الغزالي (505 ه‍).
[19]"المصباح المنير" (عدل) ص151.
[20]"كتاب الأم": الجزء الأول "الرسالة": ص 170.
[21]"كتاب المجروحين" 2/455، وكذلك قال في "صحيحه" 1/151.
[22]أخرجه عبد الرزاق "المصنف": كتاب الشهادات: 8/319: برقم (15361). وأخرجه الخطيب البغدادي في "الكفاية" 1/268-269.
[23]هو القاضي أبي بكر محمد بن الطيب ابن الباقلاني المتوفى (403 ه‍).ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 17/190-193.
[24]"الكفاية" للخطيب البغدادي 1/272. ولكلام الباقلاني تتمة نفيسة قال فيها: "وقد عُلم مع ذلك أنه لا يكاد يسلَمُ المكلَّف من البشر من كلِّ ذنبٍ، ومن ترْكِ بعضِ ما أمر به حتى يخرج لله من كل ما وجب له عليه، وأن ذلك يتعذر! فيجب لذلك أن يقال: إن العدل هو من عُرف بأداء فرائضه، ولزوم ما أُمر به، وتوقي ما نُهي عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحرّي الحق والواجب في أفعاله ومعاملته، والتوقي في لفظه ما [كذا] يثلم الدين والمروءة. فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه، ومعروف بالصدق في حديثه، وليس يكفيه في ذلك اجتنابُ كبائر الذنوب التي يُسمّى فاعلُها فاسقاً حتى يكون مع ذلك متوقّياً لِما يقول كثير من الناس: إنه لا يعلم أنه كبير، بل يجوز أن يكون صغيراً نحو الكذب الذي لا يُقطع على أنه كبير، ونحو التطفيف بحبة، وسرقة باذنجانة، وغشّ المسلمين بما لا يُقطَعُ عندهم على أنه كبير من الذنوب لأجل أنّ القاذورات ـ وإن لم يقطع على أنها كبائرُ يستحق بها العقاب ـ فقد اتُّفق على أن فاعلَها غيرُ مقبول الخبر والشهادة؛ إما لأنها متهِمة لصاحبها ومُسقِطة له، ومانعة من ثقته وأمانته، أو لغير ذلك؛ فإن العادة موضوعة على أنّ من احتملت أمانتُهُ سرقةَ بصلةٍ، وتطفيفَ حبةٍ احتملت الكذبَ وأخذ الرّشا على الشهادة ووضع الكذب في الحديث والاكتساب به. فيجب أن تكون هذه الذنوب في إسقاطها للخبر والشهادة بمثابة ما اتُّفق على أنه فسق يستحقّ به العقاب، وجميع ما أضربنا عن ذكره ـ مما لا يقطع قوم على أنه كبير وقد اتُّفق على وجوب رد خبر فاعله وشهادته ـ فهذه سبيله في أنه يجب كون الشاهد والمخبر سليماً منه". "الكفاية" للخطيب البغدادي 1/272-273.
[25]"الكفاية" للخطيب البغدادي 1/274.
[26]"نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" ص 69. والتعريف بحروفه في "فتح المغيث" للسخاوي 2/158 .
[27]"جامع الأصول في أحاديث الرسول" 1/74.
[28]"معجم المصطلحات الحديثية" ص 59.
[29]"التخريج ودراسة الأسانيد" للدكتور حاتم بن عارف الشريف. ملف (word).
[30]يُنظر: "لسان العرب" (عدل) 4/2839.
[31]يُنظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" 13/100.
[32]نقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 5/575 عن ابن المنيّر.
[33]يُنظر: "تكملة حاشية ابن عابدين" 11/233.
[34]يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل" للمرداوي 12/37.
[35]يُنظر: "تكملة حاشية ابن عابدين" 11/233.
[36]يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة المالكي" لابن عبد البر ص 465- 466.
[37]يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي 17/156.
[38]يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل" للمرداوي 12/37.
[39]يُنظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" 11/241.
[40]يُنظر: "تكملة حاشية ابن عابدين" 11/117.
[41]يُنظر: "الذخيرة" 10/207.
[42]يُنظر: "الإنصاف" 11/275-276.
[43]يُنظر: "الذخيرة" 10/207.
[44]يُنظر: "الحاوي" 16/187.
[45]يُنظر: "الإنصاف" 11/275-276.
[46]يُنظر: "تكملة حاشية ابن عابدين" 11/118، "الحاوي" 16/187، "الإنصاف" 11/270-274.
[47]يُنظر: "الذخيرة" 10/207.
[48]يُنظر: "الذخيرة" 10/207.
[49]"معجم المصطلحات الحديثية" ص 27، وعزاه بقوله: "د. عبد العزيز العبد اللطيف: "ضوابط للجرح والتعديل" ص 11".
[50]"منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها من خلال الجامع الصحيح" للشيخ أبو بكر كافي ص 73.
[51]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 68، "فتح المغيث" 2/166-167، "المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/245، "تدريب الراوي" ص 213.
[52]"الكفاية" 1/286.
[53]أخرجه الخطيب في "الكفاية" 1/286، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/210.
[54]أخرجه الخطيب في "الكفاية" 1/287، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 49/68.
[55]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 68 و69، "فتح المغيث" 2/162-163، "المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/245، "تدريب الراوي" ص 213 و 218.
[56]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 69، "فتح المغيث" 2/162-164، "تدريب الراوي" ص 218.
[57]يُنظر: "معجم المصطلحات الحديثية" ص 63.
[58]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 68-69، "فتح المغيث" 2/168-169، "المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/245-247، "تدريب الراوي" ص 214.
[59]"كتاب الثقات" 1/13.
[60]"التمهيد" (موسوعة شروح الموطأ) 1/321، وقد سلف الحديث بتمامه ص 6 من هذا البحث، وثمة تخريجه.
[61]"فتح المغيث" 2/174، "تدريب الراوي" ص 214. وابن المواق هو: عبد الله بن مواق المغربي المتوفى سنة (897 سبع وتسعين وثمان مئة)، صنف "بغية النقاد في أصول الحديث". قاله إسماعيل باشا البغدادي في "هدية العارفين" 1/470.
[62]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 70-71، "فتح المغيث" 2/191-200، "المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/254-255، "تدريب الراوي" ص 219-223.
[63]"فتح المغيث" 2/200-202.
[64]"الكفاية" 1/298.
[65]"المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/254.
[66]يُنظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 70-71، "فتح المغيث" 2/192، "المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/254، "تدريب الراوي" ص 220.
[67]"فتح المغيث" 2/192، "تدريب الراوي" ص 219.
[68]"الكفاية" 1/298.
[69]"الكفاية" 1/299.
[70]"مقدمة ابن الصلاح" ص 71.
[71]"فتح المغيث" 2/198.
 
إنضم
18 مارس 2012
المشاركات
1
التخصص
فقه مقارن
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء

السلام عليكم
إذا ثبت أن العدالة عند الفقهاء والمحدثين واحدة أو متقاربة ما الفائدة من إثبات الاختلاف بينهم في طرق ثبوت العدالة

والذي يظهر لي والله أعلم أن الصواب مع من ذكر كل تلك الطرق بسياق واحد كما فعل جل الأصوليون وأصحاب المصطلح.
ولا أظن أن القاضي مثلا يستغني عن أكثر هذه الطرق للحكم بعدالة من يشهد عنده أو عدالة من يعدلون الشهود عنده وإلا لتعذرت الشهادة لا سيما في مثل هذا الزمن.
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء

استجابة ً لرغبة الأخت الكريمة أضع نصّ البحث

شكر الله لكم
وبارك فيكم
وهذه طريقة الملتقى؛ وبما أنكم عضوٌ فاعل فيه فما يمنعكم من إنزال الموضوع بتمامه؟
ولا يحال إلا لأمرٍ إضافي يفيد، كتعليقاتٍ ومداخلات هناك بعد إثبات الموضوع بكامله.
 

علي محمد زينو

:: متابع ::
إنضم
9 نوفمبر 2009
المشاركات
56
التخصص
الحديث الشريف وعلومه
المدينة
دمشق
المذهب الفقهي
شافعي
رد: طرق التعديل بين المحدثين والفقهاء


شكر الله لكم
وبارك فيكم
وهذه طريقة الملتقى؛ وبما أنكم عضوٌ فاعل فيه فما يمنعكم من إنزال الموضوع بتمامه؟
ولا يحال إلا لأمرٍ إضافي يفيد، كتعليقاتٍ ومداخلات هناك بعد إثبات الموضوع بكامله.
[/size][/size]

لا يمنعني أيها الفاضل إلا قلة خبرتي
فمع أني متشرّفٌ بالانضمام إلى هذا الملتقى الميمون إلا أنني قليل المشاركة فيه لأسباب يطول بسطُها...
أسالكم الدعاء لي ولأهل الشام بالفرج واللطف
 
أعلى