العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

طلاق الغضبان بين ابن القيم والمعاصرين

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
منشور بمجلة دراسات إسلامية وعربية، سلسلة أبحاث جامعية يشرف على إصدارها الدكتور حامد طاهر بالتعاون مع مركز اللغات الأجنبية والترجمة بجامعة القاهرة، العدد 37، 2012، ص43-60.

(ملخص)
طلاق الغضبان
بين ابن القيم والمعاصرين


تحاول هذه الدراسة أن تجيب على عدد من الأسئلة هي:

  • من هو ابن القيم؟
  • ولماذا اهتم بدراسة مسألة طلاق الغضبان؟
  • وما منهجه في هذه الدراسة، والنتائج التي خرج بها؟
  • وما القيمة العلمية لها، وتأثيرها في اللاحقين؟
وفي سبيل ذلك، عرض الباحث عرضًا سريعًا لحياة ابن القيم، ومنهجه الفقهي، ثم عرض لمسألة طلاق الغضبان في المذاهب الفقهية، والأقوال فيها، وأدلة كل قول منها، واختيار ابن تيمية؛ باعتباره أستاذ ابن القيم، ثم عرض البحث لما اختاره ابن القيم في هذه المسألة، وأدلته على ما اختار، وتأثير ذلك في القوانين واللاحقين، ثم يقدم الباحث ترجيحه وأدلته.
وقد اختار ابن القيم أن طلاق الغضبان لا يقع، ووافقه الباحث في ذلك، وعليه جرى اختيار كثير من الفقهاء اللاحقين والتقنين في كثير من الأقطار الإسلامية؛ وذلك محافظة على الأسرة، وجعل الطلاق في أضيق نطاق.

طلاق الغضبان
بين ابن القيم والمعاصرين


تجيب هذه الدراسة على عدد من الأسئلة هي:

  • من هو ابن القيم؟
  • ولماذا اهتم بدراسة مسألة طلاق الغضبان؟
  • وما منهجه في هذه الدراسة، والنتائج التي خرج بها؟
  • وما القيمة العلمية لها، وتأثيرها في اللاحقين؟

تعريف بابن القيم:
الإمام ابن قيم الجوزية، هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي (691-751هـ، الموافق 1291-1350م)، فقيه حنبلي، ألَّف في الفقه مؤلفات عدة مطبوعة كثيرًا، ومتداولة في عصرنا، ويزداد الاهتمام بها من قِبَل القراء والباحثين والمتفقهين، وخصوصًا كتبه: "زاد المعاد في هدي خير العباد"، و"أعلام الموقعين عن رب العالمين"، و"إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان".
ويعد ابن القيم فقيهًا ألمعيًا مجددًا، ومبرزًا في الاجتهاد، ومتقدمًا في الأصول، وجامعًا لعلمي الرواية والدراية، والتفسير واللغة... فهو علم من أعلام الحفاظ وفقهاء الشريعة المجددين الذين تركوا أثرهم في اللاحقين. ويعد عمله الفقهي نبراسًا يهتدي به المتفقهون والدارسون في عصرنا وما قبله.

أسباب دراسة ابن القيم مسألة طلاق الغضبان:
وقد كانت حياة ابن القيم- كحياة شيخه ابن تيمية- سلسلة متصلة حلقاتها من المعارك في ميدان الفكر0 والعصر كان زاخرًا بدروب الجهاد العلمي التي لم يتخلف في أحدها الإمام ابن القيم، بل استفاد علم أستاذه، وتميَّز عليه بعواطف متفجرة، وموهبة أدبية، وسهولة في التعبير، واستقرار نفسي ساعده على أن يجول جولات محتدمة في مواجهة اليهود، والنصارى، والملاحدة، والفلاسفة، والفرق الضالة، وأهل الأهواء والبدع، والفقهاء الجامدين، وأتباع المذاهب المتعصبين بلا حجة لما هم عليه0
وقد حاج ابن القيم كل فرقة من هذه الفرق، وأبطل دعاواها بمنهج علمي يلتزم الموضوعية في الجدال، ويستند إلى النصوص بتفسيراتها السلفية، بعيدًا عن الرد الجافي، أو التأويل الذي يصرفها عن حقيقتها، أو التحريف عن العرف اللغوي والدلائل البرهانية0 وهو يعرض آراء خصومه كاملة، ثم يكرُّ عليها مفندًا رأيًا رأيًا، حتى يتركها رُكامًا بما أوتي من قوة عارضة، وصفاءِ ذهن0
وتعالج هذه الدراسة قضية أساسية هي الطلاق في حال الغضب، وهو الإغلاق، وأن هذا الطلاق لا يقع، بل يكون كاليمين اللغو. ويثبت ابن القيم أن القول بذلك هو مقتضى الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين وأئمة الفقهاء، ومقتضى القياس الصحيح والاعتبار وأصول الشريعة.
ومن المعلوم- عند الدارسين- أن ابن القيم قد درس مسائل أخرى في الطلاق، وكان له فيها اجتهاده المتميز، كالطلاق المحرَّم، والطلاق الثلاث، وإبانة الرجل المرأة بطلقة، وطلاق الصبي، وطلاق السكران، وطلاق الهازل، وطلاق المُكْره، وطلاق المخطئ والجاهل، وطلاق الناسي والذاهل، والطلاق المعلق بشرط مُضمر، وسبق اللسان بالطلاق....إلخ.
وكثير من هذه الأنواع اجتمع فقهاء المذاهب الأربعة- في عصر ابن القيم- على إيقاعه، كطلاق الحائض، وطلاق الثلاث، وطلاق السكران، وطلاق الحالف، والطلاق في العدة، وطلاق الغضبان. حتى ظنه كثير من هؤلاء إجماعًا، وقاوموا كل اجتهاد بغير ذلك، مما أوقع الناس في الحرج؛ وأدى بهم إلى مصائب التحليل بعد خروج الزوجة من عصمة زوجها بالثلاث.
فلما أفتى ابن القيم- وقبله أستاذه ابن تيمية، بأن مثل هذا الزواج لا يقع- استعان فقهاء المذاهب المقلدة بالسلطان، وزيَّنوا له البطش بهذين الشيخين، وكانت محنة الحبس لهما، ومنعهما عن التدريس والإفتاء!
ومن هنا نفهم لماذا افتتح ابن القيم رسالته التي سماها: "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" بالكلام عن رحمة الله العامة بعباده، ورحمته الخاصة بالمؤمنين، ويسر دينه، وسماحة شريعته، وإغنائها عن المكر والاحتيال، ووضعها للآصار والأغلال، وتفريجها لكرب المكروبين، وإغاثتها للملهوفين، وخصوصًا في أمر الطلاق الذي تنهدم به الأسر في لحظة، ويفقد الحبيب حبيبه، ويتصدع بنيان المجتمع.
ومن ذلك يقول ابن القيم في مقدمته:
"فما فرَّق (الشارع) بين زوجين إلا عن وَطَر واختيار، ولا شتَّتَ شمل محبيْن إلا عن إرادة منهما وإيثار. ولم يُخرب ديار المحبين بغلط اللسان، ولم يفرق بينهم بما جرى عليه من غير قصد الإنسان. بل رفع المؤاخذة بالكلام الذي لم يقصده، بل جرى على لسانه بحكم الخطأ والنسيان، أو الإكراه والسبق على طريق الاتفاق"[1].

منهج ابن القيم في دراسة طلاق الغضبان:
يتبع ابن القيم المدرسة السلفية التي أرسى دعائمها أستاذه أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت 728هـ)، والتي تنحو في الفقه إلى الدراسة المقارنة لمذاهب الفقهاء في ضوء الأدلة الشرعية، والترجيح بينها، والاختيار منها.
وقد سار الإمام ابن القيم على ذلك فيما قدَّم من دراسات فقهية، فهو يقارن بين المذاهب، ويعرض الخلاف بين الفقهاء، ثم يرجِّح رأيًا، أو يختار مذهبًا لأسباب يراها. ومن هنا كان يخرج على مذهبه الحنبلي أحيانًا، ويخالف أستاذه ابن تيمية نفسه في أحيان أخرى، وقد يخرج على المذاهب الأربعة، أو عن بعضها لأدلة بدتْ له، ولاجتهادات في إدراك علل الأحكام الشرعية، وفي تطبيقاتها على الواقع.
ونرى ابن القيم يعرض للوقائع كثيرًا بجانب ما يأتي به من نصوص شرعية من الكتاب والسنة، وبذلك يحقق الربط بين الواقع والنص. ويمكن للدراسة المنهجية المدققة أن تتبع ذلك، وأن تكشف كيفية معالجة ابن القيم للواقع وقضاياه من خلال النصوص، وكيفية استنباطه من النصوص ما يصلح به مشكلات الحياة التي تحيط به ومختلف شئون الأسرة.
ومن هنا كُتب لفقه ابن القيم الحياة في عصرنا، ويشهد لهذا أن قوانين الأحوال الشخصية في كثير من الأقطار الإسلامية أخذت ببعض اختياراته الفقهية، ومن ذلك مسألة طلاق الغضبان.

تصوير المسألة:
إن الغضب مرض من الأمراض، وداء من الأدواء، إذ إنه في أمراض القلوب، نظير الحُمَّى والوسواس والصرع في أمراض الأبدان. فالغضبان المغلوب في غضبه، كالمريض، والمحموم، والمصروع المغلوب في مرضه. وهذا قياس صحيح.
وقد ميَّز ابن القيم في الغضب بين ثلاثة أقسام:

  1. ما يزيل العقل كالسكر، فلا يشعر صاحبه بما قال. وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
  2. ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده. وهذا يقع طلاقه.
  3. أن يستحكم ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، بل يمنعه من التثبت والتروي، ويُخرجه عن حال اعتداله، ويصير كالمجنون، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال. فهذا محل اجتهاد[2].

الأقوال في المسألة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: طلاق الغضبان يقع.
وهذا مذهب الجمهور، من الأئمة الأربعة، أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل. وغيرهم.
وحجة هذا القول:
1-عن خويلة بنت ثعلبة، امرأة أوس بن الصامت: أنها راجعت زوجها، فغضب فظاهر منها. وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضَجِرَ. وأنها جاءت إلى النبي e، فجعلت تشكو إليه ما تلقى من سوء خلقه. فأنزل الله آية الظهار، وأمره رسول اللهe بكفارة الظهار في قصة طويلة[3].

ومن وجه آخر، عن أبي العالية: أن خويلة غضب زوجها فظاهر منها، فأتت النبي e، فأخبرته بذلك، وقالت: إنه لم يُرد الطلاق، فقال النبي e: "ما أراك إلا حرمتِ عليه". وذكر القصة بطولها. وفي آخرها، قال: "فحوَّل الله الطلاق، فجعله ظهارًا"[4].
فهذا الرجل ظاهرَ في حال غضبه، وكان النبي e يرى حينئذِ أن الظهار طلاق، وقد قال: إنها حرمتْ عليه بذلك، يعني: لزمه الطلاق. فلَمَّا جعله الله ظهارًا مكفرًا، ألزمه بالكفارة، ولم يُلغه.
2-عن ابن عباس أن رجلاً قال له: إني طلقت امرأتي ثلاثًا وأنا غضبان، فقال: "إنَّ ابن عباس لا يستطيع أن يُحل لك ما حرَّم الله عليك. عصيتَ ربك، وحرمت عليك امرأتك"[5].

وما رُوى عن ابن عباس مما يُخالف ذلك، لا يصح إسناده.
3-عن عائشة قالت: اللغو في الأيمان ما كان في المراء، والهزل، والمزاحة، والحديث الذي لا يُعقد عليه القلب، وأيمان الكفارة على كل يمين حلفت عليها على جد من الأمر في غضب أو غيره: لتفعلن أو لتتركن[6].

وهذا يدل على أن الحديث المروي عنها مرفوعًا: "لا طلاق، ولا عتاق في إغلاق". إما أنه غير صحيح، أو أن تفسيره بالغضب غير صحيح.
4-جعل كثير من العلماء الكنايات مع الغضب كالصريح في أنه يقع بها الطلاق ظاهرًا. ومنهم من جعل الغضب مع الكنايات كالنية[7]. فأوقع بذلك الطلاق في الباطن أيضًا. فكيف يجعل الغضب مانعًا من وقوع الطلاق الصريح[8]؟!

القول الثاني: إن طلاق الغضبان لا يقع، وإن لم يزل الغضب عقله بالكلية.
وهذا قول للشافعي، ورواية عن أحمد، فإنهما فسَّرا الإغلاق بالغضب في قول النبي e: "لا طلاق، ولا عتاق في إغلاق"[9].
واختار ابن تيمية هذا القول، ونصره نصرًا كبيرًا، وعزَّزه بالأدلة[10].

اختيار ابن القيم وأدلته:

وقد اختار ابن القيم هذا القول الثاني أيضًا- كشيخه ابن تيمية، فقال في المخارج من الأيمان بالطلاق:
"المخرج الثاني: أن يُطلِّق أو يحلف في حال غضب شديد، قد حال بينه وبين كمال قصده وتصوره؛ فهذا لا يقع طلاقه، ولا عتقه، ولا وقفه، ولو بدرت منه كلمة الكفر في هذا الحال لم يكفر. وهذا نوع من الغلق والإغلاق الذي منعَ رسولُ الله e وقوع الطلاق والعتاق فيه"[11].
وذكر ابن القيم أدلة كثيرة لنصرة هذا القول، ووضع فيها الرسالة التي أسماها: "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان"، بيَّن فيها أن عدم وقوع طلاق الغضبان هو مقتضى الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين، وأئمة الفقهاء، ومقتضى القياس الصحيح والاعتبار، وأصول الشريعة.
ومن هذه الأدلة:

  1. قال الله تعالى: ﴿ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة: 225]. وروى ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس قال: "لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان"[12]. كما روى أن طاوس قال: "كل يمين حلف عليها رجل وهو غضبان فلا كفارة فيها، لقوله سبحانه:] لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ [".
  2. قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [يونس: 11].
وفي تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد: هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليهم: "اللهم لا تبارك فيه والعنه". فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكم.... فاقتضت رحمة الله العزيز العليم ألا يؤاخذكم بذلك، ولا يستجيب هذا الدعاء؛ لأنه عن غير قصد منه، بل الحامل له عليه الغضب الذي هو من الشيطان.
3-قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأعراف: 150].

ووجه الاستدلال بالآية: أن موسى صلوات الله عليه، لم يكن ليُلقي ألواحًا كتبها الله تعالى وفيها كلامه- من على رأسه إلى الأرض فيكسرها- اختيارًا منه لذلك، ولا كان فيه مصلحة لبني إسرائيل، وجرَّ أخاه هارون بلحيته ورأسه، وإنما حمله على ذلك الغضب. فعذره الله سبحانه به، ولم يعتب عليه بما فعل؛ إذ كان مصدره الغضب الخارج عن قدرة العبد واختياره.
4-عن عائشة أن النبي e قال: "لا طلاق، ولا عتاق في إغلاق"[13].

والصواب في الإغلاق أنه الذي يُغلق على صاحبه باب تصوره، أو قصده. كالجنون، والسُكْر، والإكراه، والغضب، كأنه لم ينفتح قلبه لقصده، ولا وطرَ له فيه. ولا شك أن انغلاق باب القصد والعلم عن الغضبان كانغلاقه عن السكران والمجنون، فإن الغضب غول العقل، يغتاله كما يغتاله الخمر، بل أشد، وهو شعبة من الجنون.
ولا يشك فقيه النفس في أن هذا لا يقع طلاقه؛ ولهذا قال حبْر الأمة- الذي دعا له رسول الله e بالفقه في الدين: "إنما الطلاق عن وَطَر"[14]. أي عن غرض من المطلق.
5-أن قاعدة الشريعة أن العوارض النفسية لها تأثير في القول إهدارًا واعتبارًا، وإعمالا وإلغاءً. وهذا كعارض النسيان، والخطأ، والإكراه، والسكر، والجنون، والخوف، والغفلة والذهول؛ ولهذا يُحتمل من الواحد من هؤلاء من القول ما لا يُحتمل من غيره، ويعذر بما لا يعذر به غيره لعدم تجرد القصد والإرادة، ووجود الحامل على القول؛ ولهذا كان الصحابة يسأل أحدهم الناذر: أفي رضًا قلتَ ذلك، أم في غضب؟ فإن كان في غضب أمره بكفارة يمين؛ لأنهم استدلوا بالغضب على أن مقصوده الحض والمنع كالحالف، لا التقرب.

6-أن وقوع الطلاق حكم شرعي فيستدعي دليلا شرعيًا، والدليل إما من كتاب أو سنة، أو إجماع، أو قياس يستوي فيه حكم الأصل والفرع. ولا دليل على وقوع طلاق الغضبان.

7-أن سبق اللسان إلى الطلاق من غير قصد له- مانعٌ من ووقوعه عند الجمهور، والغضبان إذا علم من نفسه أن لسانه سبقه بالطلاق من غير قصد، جاز له الإقامة على نكاحه، ويُديَّن في الفتوى. وأما قبوله في الحكم فيخرج على الخلاف. والظاهر أنه إن قامت قرينة ظاهرة على صحة قوله قُبِل في الحكم. والغضب الشديد من أقوى القرائن.

وحينئذٍ فالجمهور لا يوقعون عليه الطلاق، كما صرَّح به أصحاب أحمد، والشافعي[15]، ومالك. ولاسيما فإن كثيرًا ممن يُطلِّق في شدة الغضب يحلف بالله جهد يمينه: أنه لم يقصد الطلاق، وأنه سبق لسانه[16].

تأثير ابن القيم في اللاحقين والقوانين:
وقد وافق ابن القيم في هذا الاختيار- من المتأخرين- كل من: د.عبد الكريم زيدان[17]. والشيخ جاد الحق علي جاد الحق[18]. ود.محمد الحفناوي[19]. والشيخ سيد سابق[20]. ود.محمد بكر إسماعيل[21]. ود.محمود الطنطاوي[22].
وخالف ابنُ المطهر في هذه المسألة، موافقًا لمذهبه الزيدي[23].
ووافق ابن القيم أيضًا القانون الكويتي، ناقلا كلام ابن القيم في مذكرته الإيضاحية[24]. ومشروع القانون المصري السوري الموحد[25]. وقانون الإمارات[26]. ومشروع القانون العربي الموحد[27]، والقانون الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي[28].

الترجيح:
الراجح في هذه المسألة هو ما اختاره ابن القيم، من أن طلاق الغضبان لا يقع؛ وذلك لقوة أدلته؛ وموافقتها لمقصد تشريع الطلاق في الإسلام، ولمقصد الشريعة في التيسير والحفاظ على الحياة الزوجية، وعدم وجود دليل قوي للمعارض؛ لذا جرى عليه العمل في أكثر قوانين الدول الإسلامية. وكان له تأثيره الكبير في مجتمعاتنا.
وتشريع الطلاق له شروط في وقته، وقدره، وموقعه. هي:

  1. أن يتلفظ بالطلاق.
  2. أن يقصد اللفظ ويريده.
  3. أن يكون عارفًا بمعناه.
  4. أن ينوي الطلاق.
  5. أن يكون الطلاق مشروعًا مأذونًا فيه، فلا يقع الطلاق المحرَّم، كطلاق الثلاث، وطلاق المعتدة.
وطلاق الغضبان هو سبق لسان غير مقصود، وغير منوي، وغير مشروع. ومن الفقهاء من جعل كناية الطلاق لا تصير صريحة بقرينة الغضب واللجاج[29].
ومما يرجح عدم وقوع طلاق الغضبان قول الجمهور: إنه إذا جرى الطلاق على لسان الرجل، فادعى أنه لم يُردْه، وإنما قاله خطأ، فإنه يُصدَّق ديانة، ولا يُقبل قوله: إنه لم يُرد الطلاق قضاءً، إلا أن يأتي بقرينة تدل على نيته[30].
ومن هنا نرى أن ابن القيم كان أصيلا فيما قدمه من عمل فقهي. وكان صاحب منهج متميز في ذلك، ونجح في تقديم معالجة فقهية علمية لهذه المسألة من مسائل الخلاف وقضايا مجتمعه، ومشكلات عصره التي تناولها؛ وخصوصًا أن هناك تشابهًا كبيرًا بين واقعنا وواقع مجتمعه ومشكلاته، وأنه كان مجتهدًا مطلقًا حقًا كما قال ابن العماد في "شذرات الذهب"[SUP][SUP][31][/SUP][/SUP]. وأكيد أننا نجد في عمله الفقهي ما يمكننا أن نفيد منه في تجديد الفقه الإسلامي، والتقريب بين المذاهب الفقهية في عصرنا، وصياغة قوانين الأحوال الشخصية في بلادنا، حيث شهد واقعنا ترددًا في التقنين ما بين توسعة وتضييق، خاصة في مسائل الخلع والطلاق، ومع كثرة التعديلات التي لا تغني عن قانون مفصل في الأحوال الشخصية[SUP][SUP][32][/SUP][/SUP].
وآخرًا، فإنني أرجو أن يسهم هذا البحث في إضاءة الطريق نحو تجديد الفقه وإحياء الاجتهاد، ولابن القيم فضل كبير في هذا الميدان، حيث كان حركة دائبة، ونشاطًا لا يني للإصلاح والتجديد، والعودة بالدين وحياة المسلمين إلى صفاء ما كان عليه السلف الصالح؛ لذا اصطدم بالجامدين والمقلدين، والمبتدعة والمنحرفين، والغلاة، والمشعوذين. وفي فقه الأسرة خصوصًا كانت له نظرات تجديدية لا تزال أصداؤها تتجاوب في حياتنا الاجتماعية، وفي قوانين الأحوال الشخصية في بلادنا. وخصوصًا في مسائل الطلاق. فقد خالف فقهاء عصره من منطلق الإصلاح والنظر الحر، ومراعاة المقاصد الشرعية، وتحقيق المصلحة الاجتماعية، والتيسير على الناس، فذهب إلى أن كثيرًا مما تعده المذاهب طلاقًا، لا يقع، كطلاق الحائض، وطلاق الحالف، والطلاق المتعدد، والطلاق المعلق، والطلاق يتبع الطلاق في العدة، وطلاق الغضبان والسكران، وتحريم الزوجة.

المراجع

أولا: كتب ابن القيم:

  1. إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، تحقيق وتصحيح: محمد حامد الفقي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1358هـ/1939م.
  2. إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان، تحقيق وتعليق: محمد جمال الدين القاسمي، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1976م.
  3. أعلام الموقعين عن رب العالمين، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق، 421هـ/2000م.
  4. تهذيب سنن أبي داود، للحافظ شمس الدين محمد بن قيم الجوزية (751هـ)، ومختصر سنن أبي داود: الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (656هـ)، ومعه معالم السنن للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي (288هـ)، ضبطه وصححه ووضع حواشيه: كامل مصطفى الهنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1421هـ/2001م.
  5. روضة المحبين ونزهة المشتاقين، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق، 1421هـ/2000م.
  6. زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرناؤوط، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1419هـ/1998م.
  7. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، خرج نصوصه وعلق عليه: مصطفى أبو النصر الشلبي، ط2، مكتبة السوادي، جدة، 1415هـ/1995م.
  8. كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تحقيق وتعليق: د.علي بن محمد الدخيل الله، ط3، دار العاصمة، الرياض، 1418هـ/1998م.

ثانيًا- كتب الفقه المذهبي:
أ) الفقه الحنفي:

  1. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني (587هـ)، دار المعرفة، بيروت،1420هـ/2000م.
  2. المبسوط: أبو بكر محمد بن أحمد السرخسي (490هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1421هـ/2001م.
ب) الفقه المالكي:

  1. الإتحاف بتخريج أحاديث الإشراف على مسائل الخلاف، للإمام القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي (422هـ)، خرجها ودرسها الدكتور: بدوي عبد الصمد الطاهر صالح، ط2، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث- دبي، 1422هـ/2001م.
  2. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي البركات الدردير (1201هـ): محمد عرفة الدسوقي (1230هـ)، دار الفكر، بيروت، 1419هـ/1998م.
ج) الفقه الشافعي:

  1. مغني المحتاج في معرفة معاني ألفاظ المنهاج: شمس الدين محمد بن الخطيب الشربيني، على متن منهاج الطالبين، للإمام يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي، اعتنى به: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة، بيروت، 1418هـ/1997م.
  2. الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي: أبو حامد الغزالي، دار الفكر، بيروت، 1414هـ/1994م.
د) الفقه الحنبلي:

  1. الإقناع لطالب الانتفاع: شرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي، (895- 968هـ)، تحقيق: مركز البحوث والدراسات بدار هجر، ط2، الرياض، دار عالم الكتب، 1419هـ/1998م، (طبعة خاصة بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية).
  2. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: علاء الدين علي بن سليمان المرداوي الحنبلي (885هـ)، تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418هـ/1997م.
  3. المغني على مختصر الخرقي: أبو محمد عبد الله بن محمد ابن قدامة المقدسي، دار الحديث، القاهرة، د.ت.

ثالثًا- الحديث الشريف وشروحه ومصطلحه:

  1. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الثانية، المكتب الإسلامي، بيروت، 1405هـ/1985م.
  2. الاستذكار: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1421هـ/2000م.
  3. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، و‏محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلامية، المغرب، 1387هـ.
  4. جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم: زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين، الشهير بابن رجب (795هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط7، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1421هـ/2000م.
  5. سنن أبي داود: أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ)، تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
  6. سنن البيهقي الكبرى: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ/1994م.
  7. سنن الترمذي، وهو الجامع الصحيح: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (279هـ)، حققه وصححه: عبد الوهاب عبد اللطيف، وعبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، 1384هـ/1964م.
  8. سنن الدارقطني: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي (385هـ)، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، دار المعرفة، بيروت، 1386هـ/1966م.
  9. سنن ابن ماجة، الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (275هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، 1373هـ/1954م.
  10. صحيح ابن حبان، بترتيب ابن بلبان: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي (354هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الطبعة الثانية، مؤسسة الرسالة – بيروت، 1414هـ/ 1993م.
  11. صحيح مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ط4، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1412هـ/1991م.
  12. فتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري: أحمد بن حجر العسقلاني، بعناية محب الدين الخطيب، محمد فؤاد عبد الباقي، قصي محب الدين الخطيب، دار الريان للتراث، القاهرة، 1407هـ/1986م.
  13. المستدرك على الصحيحين: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (405هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ/1990م.
  14. مسند الإمام أحمد: أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني (241هـ)، مؤسسة قرطبة، القاهرة.

رابعًا- الفقه العام:


  • كتب قديمة:

  1. المسائل الفقهية من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع العلامة: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن قيم الجوزية (767هـ)، شرح وتحقيق: أحمد الموافي، دار الصفا، القاهرة، 1413هـ/1992م.
  2. مجموعة الفتاوى لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني (728هـ)، اعتنى بها وخرج أحاديثها: عامر الجزار، وأنور الباز، ط2، دار الوفاء، المنصورة، 1421هـ/2001م.

  • كتب حديثة:
    1. أحكام الأحوال الشخصية من فقه الشريعة الإسلامية، ج2: محمد بن يحيى المطهر، ط2، دار الفكر، صنعاء، 1410هـ/1989م.
    2. الطلاق: د.محمد إبراهيم الحفناوي، الموسوعة الفقهية الميسرة، مكتبة الإيمان، المنصورة، 1422هـ/2001م.
    3. الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، مج9: أعلام المفتين المصريين، ط2، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وزارة الأوقاف، القاهرة، 1418هـ/1997م.
    4. فقه السنة: السيد سابق، طبعة مصححة منقحة ومخرجة الأحاديث تحت إشراف: محمد السيد سابق، ط2، دار الفتح للإعلام العربي، 1419هـ/1999م.
    5. الفقه الواضح: د.محمد بكر إسماعيل، ط2، دار المنار، القاهرة، 1418هـ/1997م.
    6. المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية: د.عبد الكريم زيدان، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1420هـ/2000م.

  1. نظام الطلاق في الإسلام: أحمد شاكر، مكتبة السنة، القاهرة، 1407هـ/1987م.

خامسًا- كتب القانون وشروحه:

  1. الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، دراسة مقارنة، بين مشروع القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومشروع القانون العربي الموحد لمجلس وزراء العدل العرب: د.محمود محمد الطنطاوي، كلية شرطة دبي، 1408هـ/1988م.
  2. الأحوال الشخصية للمسلمين متضمنًا القانون رقم (1) لسنة 2000م، الطبعة الأولى المعدلة، إعداد: سميرة محمود شوقي، حلمي عبد العظيم حسن (الشئون القانونية)، المطابع الأميرية، القاهرة، 2000م.
  3. قانون الأحوال الشخصية، قانون اتحادي رقم (28) لسنة 2005م في شأن الأحوال الشخصية. والمذكرة الإيضاحية، جمعية الحقوقيين، دولة الإمارات، 2006م.
  4. قانون الأحوال الشخصية، إدارة الفتوى والتشريع، الكويت، الطبعة الخامسة، 1999م.
  5. مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للإقليمين المصري والسوري في عهد الوحدة بينهما (تم وضعه على يد لجنة خاصة مع مذكرته الإيضاحية ما بين 1959- 1961م)، دار القلم، دمشق، 1416هـ/1996م.
  6. وثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قطاع الشئون القانونية، الأمانة العامة، 1418هـ/1997م.
  7. وثيقة الكويت للقانون العربي الموحد للأحوال الشخصية: مجلس وزراء العدل العرب، جامعة الدول العربية، 1408هـ/1988م.

سادسًا كتب التاريخ:

  1. شذرات الذهب في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي (1089هـ)، دار المسيرة، بيروت، 1399هـ/1979م.


[1] إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان. وهي المسماة الإغاثة الصغرى، ص3.

[2] إعلام الموقعين: ابن القيم 3/52. زاد المعاد: ابن القيم 5/196. الإغاثة الصغرى، ص14، 28-29.

[3] أخرجه أحمد في مسنده، من حديث خولة بنت ثعلبة (27360). وهو حديث صحيح، مُخَرَّج في صحيح ابن حبان، كتاب الطلاق، باب الظهار (4279)، كما قال شعيب الأرناؤوط في تخريج جامع العلوم والحكم 1/375.

[4] لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ. غير إني وجدت ابن رجب عزاه إلى ابن أبي حاتم (جامع العلوم والحكم 1/375).

[5] أخرجه الدارقطني، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء (38).

[6] أورده ابن عبد البر في الاستذكار، من رواية ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وهذا من أصح الأسانيد. وصححه الألباني في الإرواء (2567)، من حديث عائشة مرفوعًا: "اللغو في اليمين- كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله". رواه أبو داود. ورواه البخاري وغيره موقوفا.

[7] انظر في ذلك: الإنصاف: المرداوي 8/464، 480. الإقناع لطالب الانتفاع: موسى بن أحمد الحجاوي 3/459.

[8] بدائع الصنائع 3/226. مغني المحتاج 4/437. حاشية الدسوقي 2/577. جامع العلوم والحكم: ابن رجب الحنبلي، 1/375-378. وقال: "ما يقع من الغضبان من طلاق، وعتاق، أو يمين، فإنه يؤاخذ بذلك كله بغير خلاف" (1/375).

[9] انظر: إعلام الموقعين 4/50. والإغاثة الصغرى، ص5. وذكر ابن القيم أنه قول القاضي إسماعيل ابن إسحق، أحد أئمة المالكية (إعلام الموقعين 3/52. الإغاثة الصغرى، ص7).

[10] ذكر برهان الدين ابن القيم هذه المسألة ضمن ما نُسب لابن القيم مخالفته للإجماع (انظر: المسائل الفقهية من اختيارات ابن تيمية، ص18). وقد احتج ابن تيمية بنذر اللجاج والغضب على عدم وقوع طلاق الغضبان في المذاهب، فإن الرجل إذا قال: إن فعلت كذا، فعلي أن أعتق عبدي، أو أطلق امرأتي، ونحو ذلك. فهنا يجزئه كفارة يمين في مذهب أحمد، والشافعي. وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وهي رواية محمد، ويقال إن أبا حنيفة رجع إليها، وقول طائفة من أصحاب مالك، وهو المأثور عن عامة الصحابة والتابعين. هذا إن كان المنذور قربة، كالعتق ونحوه. فإن لم يكن قربة كالطلاق، فلا شيء فيه عند أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية. لكن المشهور عنه أنه عليه كفارة يمين" (مجموعة الفتاوى 33/113، وانظر: ص34 أيضًا).

[11] إعلام الموقعين 4/50.

[12] أخرجه البيهقي في السنن، كتاب الأيمان، باب لغو اليمين (19724). وصححه ابن عبد البر (التمهيد 21/249).

[13] أحمد في مسنده (26403). وأبو داود في الطلاق (2193). وابن ماجة في طلاق المكــره والنـاسـي (2046). والحاكم في الطلاق (2802). وضعفه الأرناؤوط في تحقيق جامع العلوم والحكم 1/376.

[14] البخاري في باب الطلاق في الإغلاق والإكراه والسكران والمجنون. ويفهم من هذه الترجمة أن الإغلاق عند البخاري هو الغضب. وكذلك فسره أبو داود في سننه، باب في الطلاق على الغلط (2193).

[15] يفرق الجمهور بين اليمين بالله، واليمين بالطلاق. فيشترطون في انعقاد اليمين بالله، كون الحالف قاصدًا معناه. فمن سبق لسانه إلى اليمين بالله بلا قصد لمعناها لم تنعقد يمينه؛ لقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}[المائدة: 89]. أي قصدتم بدليل الآية الأخرى: { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}[البقرة:225]. ولغو اليمين- كما قالت عائشة: "قول الرجل: لا والله، وبلى والله" (أخرجه البخاري)- كأن قال ذلك في حال غضب، أو لجاج، أو صلة كلام. ولو ادعى سبق لسانه في الحلف بطلاق لم يقبل ظاهرًا؛ لتعلق حق الغير به (انظر: مغني المحتاج 4/320).

[16] إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان، ص6 وما بعدها. إعلام الموقعين 4/50. زاد المعاد 3/495-496. شفاء العليل 1/348. تهذيب السنن 2/215. الصواعق المرسلة، مج2، ص563-565. روضة المحبين، ص139. وجميعها لابن القيم.

[17] المفصل: د.عبد الكريم زيدان 7/384-385.

[18] الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، مج9، ص3150-3151.

[19] الطلاق: د.محمد الحفناوي، ص43.

[20] فقه السنة: سيد سابق 3/12-13.

[21] الفقه الواضح: د.محمد بكر إسماعيل 2/105-106.

[22] الأحوال الشخصية: د.محمود الطنطاوي، ص303.

[23] أحكام الأحوال الشخصية: ابن المطهر 2/46.

[24] المادة (102) من القانون الكويتي، والمذكرة الإيضاحية، ص212-213. وذكرتْ أن العمل جار بذلك في المملكة المغربية، ومصر، والسودان، والأردن، والعراق، وسوريا.

[25] المادة (78) من مشروع القانون المصري السوري الموحد، ومذكرته الإيضاحية، ص152-153. ونقلت كلام ابن القيم بطوله.

[26] المادة (101) من قانون الإمارات، ومذكرته الإيضاحية، ص220.

[27] المادة (86/ب) من مشروع القانون العربي الموحد.

[28] المادة (83). من القانون الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي.

[29] هذا هو مذهب الشافعية. انظر: الوجيز في فقه الشافعي، ص287.

[30] وهذا قول الجمهور، الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد. وقول ابن حزم.

[31] شذرات الذهب في أخبار من ذهب 6/168.

[32] يقول الشيخ أحمد شاكر- رحمه الله: "وقد يظن أنه لا حاجة بنا إلى الكلام في هذا الموضوع بعد صدور القانون (رقم 25 لسنة 1929) الذي ينص على أن الطلاق المقترن بعدد لفظًا أو إشارة يقع طلقة واحدة. ولكنا نرى في ذلك رأيًا آخر، وأن هذا القانون لم يعالج كل ما يجب علاجه من تهور الناس في إيقاع الطلاق بالحق وبالباطل، ولم يرجع بهم إلى ما يوافق الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، في التفرقة بين الطلاق الصحيح الذي يقع ويترتب عليه أثره، وبين الطلاق الباطل الذي لا يقع ولا يعبأ به الشارع ويعتبره من لغو الكلام. وإن أفاد فائدة كبيرة في إزالة كابوس اللفظ (بالطلاق الثلاث)" (نظام الطلاق في الإسلام، ص41).
 

المرفقات

  • Scan3.JPG
    Scan3.JPG
    1 MB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:
أعلى