العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عصبية ابن خلدون تطوير لشوكة الجويني

إنضم
16 أغسطس 2013
المشاركات
22
الجنس
ذكر
الكنية
أبو الرؤى
التخصص
دراسات إسلامية وتاريخ حديث
الدولة
لبنان
المدينة
بيروت
المذهب الفقهي
شافعي في العبادات وحنفي في المعاملات
فيما يلي البحث المنشور في مجلة اضافات للعلوم الاجتماعية حيث استنتج ان ابن خلدون لجأ إلى الجويني وكتابه غياث الامم دون ان يعلن ذلك لتطوير مفهوم العصبية وتسويغه وتسويقه لإضفاء الشرعية على علم العمران.
 

المرفقات

  • كيف ابتدع ابن خلدون علم العمران؟.pdf
    1.7 MB · المشاهدات: 4
إنضم
16 أغسطس 2013
المشاركات
22
الجنس
ذكر
الكنية
أبو الرؤى
التخصص
دراسات إسلامية وتاريخ حديث
الدولة
لبنان
المدينة
بيروت
المذهب الفقهي
شافعي في العبادات وحنفي في المعاملات
رد: عصبية ابن خلدون تطوير لشوكة الجويني

ملخص البحث:
ظ،- ابن خلدون فقيه مالكي وقاض لكنه أيضا سياسي وانتقل الى اكثر من بلاط لدول الاندلس والغرب الاسلامي ثم سافر الى القاهرة وحاضر هناك في مقدمته وتسلم منصب القضاء وعُزل منه وعاد اليه اكثر من مرة.
ظ¢- من مطالعةالمقدمة يبدو ان ابن خلدون كان يسعى لوضع قواعد معيارية لعلم التاريخ سعيا للتمييز بين صحيح الاخبار المروية او سقيمها. لكنه ينتقل فجأة الى تأسيس علم العمران وموضوعه الاجتماع البشري، وهو علم جديد لم يسبقه إليه أحد على هذه الشاكلة.
ظ£- ادعى ابن خلدون انه اكتشف علم العمران اثناء البحث في قواعد التاريخ وانه تحصل عليه عن طريق الالهام، علما انه لا يفصح تماما عن مصادره التي استقى منها.
ظ¤- يتبين من فحص سياق المقدمة أنه يستند الى فقه الاحكام السلطانية فيسقط شرط النسب القرشي كشرط من شروط الإمامة باعتبار ان هذا الشرط مقصده تكوين عصبية السلطة. وحين لم يعد لقريش عصبية لم يعد لشرط النسب فائدة، فبات الركون لازما الى العصبية مباشرة كشرط من شروط الامام او الحاكم.
ظ¥- ويتبين كذلك ان منحى ابن خلدون الى ترسيخ مفهوم العصبية انما ينبني على مفهوم الشوكة الذي
ارساه الجويني وجعله الشرط اللازم لصحة انعقاد الامامة، اذ من دون شوكة لا يتمكن الحاكم من اداء وظائفه وهي المقصود من الإمامة أصلا.
ظ¦- وبالمقارنة بين غياث الامم للجويني وما ورد من آراء سياسية في مقدمة ابن خلدون، يبدو جليا ان ابن خلدون افاد من الغياثي وسار على منواله لإضفاء الأبعاد المعروفة على مفهوم العصبية الذي هو الوجه العملي والاجتماعي لمفهوم الشوكة الذي هو من إطار واقعي ايضا لكن ببعد فقهي.
 
إنضم
16 أغسطس 2013
المشاركات
22
الجنس
ذكر
الكنية
أبو الرؤى
التخصص
دراسات إسلامية وتاريخ حديث
الدولة
لبنان
المدينة
بيروت
المذهب الفقهي
شافعي في العبادات وحنفي في المعاملات
رد: عصبية ابن خلدون تطوير لشوكة الجويني

مقدمة:
اعتبر ابن خلدون (-808هـ/1405م) نفسه مبتدعاً لعلم جديد هو علم العمران، حتى إنه بدا واعياً تماماً لانتقاله – ولو من دون قصد مسبق منه كما يقول - إلى مجال علم آخر غير التاريخ[1]، أثناء محاولة وضع قواعد معيارية لأخبار الماضي تمييزاً بين صحيحها وسقيمها[SUP][SUP][2][/SUP][/SUP]. ويرتبط العلم الجديد بالتاريخ على نحوٍ وثيق، وكان يُفترض به من حيث الغاية المصرّح بها في المقدمة، أن يؤسس ما يمكن أن يكون قواعد لكتابة التاريخ أو تفسير وقائعه، فيما يتداخل نسبياً مع علمي السياسة والفقه السلطاني وكأنه يستمدّ منهما، ثم يعود إليهما، وهذان العلمان الأخيران على صلة ما بعلم التاريخ أيضاً، من حيث استحضار وقائعه واستنتاج العِبر منها أو الحكم عليها، تعميماً وتقعيداً.
وعليه، فلا يتوقف الإنجاز الخلدوني عند محاولة التجاوز المنهجي لعلم التأريخ التقليدي في زمانه، والمعروف بسرد الروايات، دون تحقيقها غالباً، بل بادر ابن خلدون إلى تسمية علم جديد، وتعريفه، وتحديد موضوعه ومسائله[3]. ولو لم يفعل ذلك فلربما لم يختلف اثنان في تصنيفه داخل حقل التاريخ عامة. فبمجرّد الإعلان عن علم العمران، انتقل النظر إلى مستوى مختلف نوعياً، وهنا تحديداً تردّدت الآراء كثيراً في وضع هذا العلم بإزاء منظومة العلوم الإنسانية، لا سيما علاقته بعلم الاجتماع الحديث، تأسيساً ريادياً وتمهيداً منهجياً[4]، أم مجرد إنجاز معرفي معزول مكاناً وزماناً ومنقطع عن مسار تطوّر ذاك العلم[5]؟ لقد استقرأ ابن خلدون ما كُتب من قبله في الشأن نفسه، واستفرغ جهده تفتيشاً عن دراسات سابقة محتملة تنتمي إليه بشكل أو بآخر، فرأى أن بعض من سبقوه حوّموا حول الفكرة، لكنهم لم ينجحوا في اكتشافها ولا في تنظيمها معرفياً، بل ربما لم يكن هذا ببالهم إطلاقاً[6]. وعليه، كان حريصاً على تأكيد أُبوّته للعلم الجديد، متجاوزاً قضية ضبط علم التاريخ إلى ترسيخ قواعد علم العمران وتسويغه معرفياً.
لكن هل يمكن الركون إلى مسار اكتشاف علم العمران كما أفصح عنه ابن خلدون بوصفه الرواية الرسمية؟ وهل كان هذا العلم وليد إلهام باطني وانكشاف ذاتي كما يدّعي عقب خلوة أشهر في قلعة بني سلامة النائية، بعيداً عن الأمصار، وخزائن الكتب[SUP][SUP][7][/SUP][/SUP] أم هو استلهام من الفقه السياسي الأشعري المنطلق من قراءة وقائع التاريخ الإسلامي قبل تنزيل الأحكام عليها؟ وبالمقابل، هل كانت تجربته العملية في أروقة السلاطين ودسائس القصور وتقلّبات الأزمنة حافزاً للنظر السياسي، فألبس فكرته الجديدة لبوس التاريخ ونقده والاهتمام بتطوير قواعده، فيما كان هدفه الحقيقي ابتداع علم جديد يُحسب له، من خلال تعديل بعض قواعد الفقه السلطاني؟ وما علاقة قواعد السياسة، وأحكام الفقه السلطاني في تمحيص أخبار التاريخ، بل ما علاقتهما بعلم العمران، الذي يدرس أحوال الاجتماع الإنساني، إن لم يكن المقصود تأصيل مفهوم العصبية وربطه بالسياسة الشرعية وفقهها؟ وهل ثمة علاقة تبادلية أو تطوّرية بين مفهوم الشوكة[8] عند الجويني (-478هـ/1058م)، ومفهوم العصبية[9] عند ابن خلدون، وقد قرنهما معاً غالباً لدى إيراد مواصفات الإمام أو السلطان في المقدمة؟ ولماذا أغفل ابن خلدون ذكر كتاب الجويني غياث الأمم في التياث الظُّلم من بين المصادر الرئيسية التي أفاد منها، واكتفى بذكر الماوردي وكتابه الأحكام السلطانية رغم أن الجويني أقرب فكرياً إليه من الماوردي؟
تلك أسئلة منهجية مشروعة باعتبار أن سياق المقدمة لا يشير إلى تسلسل منطقي واضح في الانتقال من حقل بحثي إلى آخر، وثمة طفرة مفاجئة في الرحلة الشاقة والمتعرّجة من الممهدات إلى الاستنتاجات، إذ إنه بعدما قرّر أولاً أن تمييز الأخبار يكون بالاحتكام إلى قواعد السياسة، وطبائع الموجودات، واختلاف الأمم والبقاع والأعصار في السِّير والأخلاق والعوائد والنِّحل والمذاهب وسائر الأحوال[10]، أورد فصولاً في علم الكلام والفقه السلطاني، أي في معنى الخلافة ومذاهب الفرق الإسلامية فيها، وانقلاب الخلافة إلى ملك، وشروط البيعة والخطط الدينية للخلافة[11].
ولذا، تقوم فرضية البحث على أن ابن خلدون قد استلهم من فقه الأحكام السلطانية عامة، ومن كتاب غياث الأمم لأبي المعالي الجويني خاصة، ليس فقط من أجل استنباط مفهوم العصبية القريب معنى وحكماً من مفهوم الشوكة. بل إنه استعمل الفقه السلطاني ومفهوم الشوكة تحديداً، من أجل تسويغ مفهوم العصبية المذموم إسلامياً، عبر إبدال مفهوم الشوكة بمفهوم العصبية، ثم إدماج الأخير في المنظومة الفقهية، وإسقاط شرط النسب القرشي ابتداء ومآلاً، كيما يصحّح قيام الإمامة أو السلطنة بناء على العصبية القبلية وما في معناها، انتقالاً منه إلى شرعنة علم العمران نفسه، المتمحور حول مفهوم العصبية.
لكن قبل الشروع في البحث، لا بدّ من الإشارة إلى أن الدراسات الخلدونية التي يصعب إحصاؤها من كثرتها وتنوّع مظانّها، والتي تناولت جوانب عدة من المقدمة لا سيما مفهوم العصبية وما تعنيه، قد أغفلت هذا الجانب وهو علاقة علم العمران بالفقه السلطاني، نظراً لاختلاف المجال والمنهج والغاية بين هذين العلمين، ولأن الدراسين لابن خلدون لم يطّلعوا على الأرجح على كتاب الجويني غياث الأمم، ولا طالعوا مفهوم الشوكة ودوره المركزي في نظرية الحكم بحسب المذهب السنّي الأشعري الذي ينتمي إليه صاحب المقدمة. والباحثون القلائل الذين لحظوا إمكانية التأثر بالفقه السلطاني عامة وبالجويني خاصة[12]، لم تكن استنتاجاتهم وافية بالمطلب الذي يطمح إليه هذا البحث الساعي إلى مزيد الفهم لمقاصد المقدمة وسبر محتواها المعرفي والتاريخي.
أما المنهج المتبع فهو استقراء السيرة الذاتية لابن خلدون كما خطّها هو، لاستنباط الدوافع النفسية التي تقف وراء سعيه لابتداع جديد في منظومة علوم عصره بما يضاهي به ويتفوق على معاصريه، بالتساوق مع رصد الأحداث الكبرى التي عاشها وكان لها تأثير عميق في نظرته السياسية والفقهية. ومن ثَمّ التنقيب عن مؤثرات محتملة في مقدمته، من أدبيات الفقه السلطاني، وتحديداً مما كتبه الجويني، لما تُظهره حركية ابن خلدون في المقدمة من سعي لتعديل صفات الإمام وشرعية السلطة، وما تشير إليه المقارنة بين مفهومي الشوكة والعصبية من تقارب شديد، لا يمكن تسويغه إلا باعتبار أنه إفادة مباشرة من فكر الجويني.
وينقسم هذا البحث إلى ثلاث أقسام، فيتناول الأول الدوافع الشخصية لابن خلدون في إعلان ابتداعه علماً جديداً. ويتطرّق الثاني إلى السيرورات التي اعتمدها لتبرير هذا العلم. فيما يركّز القسم الثالث على المصدر الأساسي الذي استلهم منه ابن خلدون واستعان به لإضفاء الشرعية على مفهوم العصبية خاصة وعلى علم العمران عامة.


[1]- انظر: عبد القادر جغلول، الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي عند ابن خلدون، بيروت، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، ط4، 1987، 108.

[2]- في البدء تناول ابن خلدون علم التاريخ والتدوين فيه، وقال إنه أراد التصنيف فيه على نحوٍ مبتكر، ثم انتقل إلى مغالط المؤرخين، وبعدها حدّد ما يحتاجه المؤرخ، وهو العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات واختلاف الأمم والبقاع والأعصار في السِّير والأخلاق والعوائد والنِّحل والمذاهب وسائر الأحوال. ثم أعلن أنه توصل إلى علم مستحدث هو علم العمران، وأنه أُلهم إليه إلهاماً، انظر: المقدمة، تحقيق إبراهيم شبوح وإحسان عباس، تونس، الدار العربية للكتاب، 2006، ج1، 11، 60.

[3]- قال ابن خلدون: "وكأن هذا علم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو مسائل وهي بيان ما يلحقه من الأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم، وضعياً كان أو عقلياً". انظر: المقدمة، ج1، 60.

[4]- تتفرع المسألة الخلافية بين الباحثين في الغرب والشرق إلى ثلاثة شُعب رئيسية: فهل كان ابن خلدون رائداً في ابتداع علم الاجتماع بصيغته البدائية وبتمييز معرفي كافٍ عن العلوم الإنسانية القريبة منه لا سيما التاريخ؟ وهل تأثر مؤسسو علم الاجتماع الغربي بكتابات ابن خلدون، أي أوغيست كونت Auguste Comte (1798–1857)، وإميل دوركايمEmile Durkheim ، (1858-1917)، مع ترجمة المقدمة أو شذرات منها إلى اللغات الأوروبية ابتداء من القرن السابع عشر (1636)؟ وهل ينحصر علم الاجتماع بما استند إلى الفلسفة الوضعية المتحررة من المسبقات الدينية والميتافيزيقية أم بالإمكان قيام علم اجتماع بنموذج معرفي مختلف؟ أولاً، إن ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي/الثامن الهجري، قد نجح في تشخيص هذا العلم الجديد، وتمييزه معرفياً ولو بصعوبة عن علم التاريخ، معترفاً بأن جهده يحتاج إلى تطوير ومتابعة. وكما أن مونتيسكيو Montesquieu (1689-1755) حاول في كتابه روح القوانين استنباط نظام منسجم من وقائع التاريخ المتناثرة بما يكشف القوانين العميقة التي تسيّره، فكذلك فعل ابن خلدون في مقدمته، فلم لا يكون ممهّداً لعلم الاجتماع كما مونتيسكيو؟ وثانياً، إن المقارنات بين ابن خلدون وروّاد علم الاجتماع الحديث تُظهر تشابهات في الأفكار وطرائق النظر، لكن لا يوجد ما يفيد الجزم بحصول تأثير مباشر. وثالثاً، إن ابن خلدون وإن كان منطلقاً من أسس دينية، لكنه في علم العمران اعتبر الدين عنصراً مضافاً إلى عصبية الدم وما في معناها، وكان أقرب إلى الواقعية المادية ممن سبقه، وهذا مما يُحسب له منهجياً في مرحلة مبكرة. وفضلاً عن ذلك، فإن إخراج علم الاجتماع الخلدوني من دائرة علم الاجتماع الحداثي والعلماني، لا يمنع من تطوير أدوات علمية متناسبة مع المجال الإسلامي حيث الدين فيه عنصر واقعي متجسّد في أفعال ومؤسسات مجتمعية، انظر:
Raymond Aron, Les étapes de la pensée sociologique, Paris, Gallimard, 1967, 27-29, Syed Farid Alatas, Applying Ibn Khaldun, The recovery of a lost tradition in sociology, New York, Routledge, 2014, 44-49, Mehmet Soyer & PaulL Gilbert, Debating the origins of sociology: Ibn Khaldun as a founding father of sociology. International Journal of Sociological esearch, Vol. 5, Nos. 1-2, (January-December, 2012) 13-30, Lütfi Sunar & Faruk Yaslؤ±çimen, The possibility of new perspectives for Social Sciences: An analyses based on the Ibn Khaldun Theory of ‘Umran’, Asian Journal of Social Science, Vol 36, No 314, 2008, 408-433.

[5]- لاحظ علي الوردي أن مقدمة ابن خلدون لم تلقَ الاهتمام اللازم فبقيت دون أي شرح أو تعليق عليها طوال القرون التالية بخلاف ما كان عليه الحال مع التصنيفات المهمة، معتبراً أن عالم الإسلام دخل بعده في الظلمات، وأن أفكاره لم تجد بيئة صالحة كي تنمو، وذلك حتى أواخر القرن التاسع عشر عندما بدأ الغربيون يهتمون بها، فاقتدى الباحثون العرب بهم. انظر: علي الوردي، منطق ابن خلدون في ضوء حضارته وشخصيته، لندن، دار كوفان للنشر، ط2، 1994، 229-230.

[6]- يتساءل ابن خلدون هل غفل الأولون عن هذا العلم؟ أم كتبوا فيه ولم يصل إليه؟ وهنا يحاول العثور على مبرّرات، فلعله من العلوم التي اندرست، أو التي محاها عمر (-23ه/644م) من علوم الفرس عند الفتح، ورغم حرص المأمون على ترجمة علوم اليونان لكن لم يصل شيء منها مما يدل على وجود على العلم، أو لعل الأوّلين لم يعتنوا به لقلة الاهتمام بثمرته وهو تصحيح الأخبار فأهملوه. ويستنتج ابن خلدون أن مسائل من هذا العلم تظهر عَرَضاً لدى الفلاسفة والأصوليين (علماء أصول الفقه) والمقاصديين (علم مقاصد الشريعة)، وكذلك في الحِكَم المنثورة، في كتاب أرسطو المنحول (السياسة)، ومسائل في رسائل ابن المقفع، وفي كتاب الطرطوشي سراج الملوك. انظر: المقدمة، ج1، 61-65.

[7]- تقع قلعة بني سلامة في الأطلس التلّي بمنطقة "تاغَزُوت"، على ارتفاع 1260 متراً عن سطح البحر وعلى بُعد حوالى 400 كيلومتر جنوب غربي الجزائر العاصمة الحالية، وهي مكان حصين يشرف على سهول "وادي التَّحت" الشاسعة والخصبة. وفي هذه القلعة ثلاث مغارات، تُعرف منذ القرن الرابع عشر الميلادي بمغارات ابن خلدون، أو خلوة ابن خلدون، انظر: القافلة، خلوة ابن خلدون مغارات بني سلامة حيث وُلدت "المقدمة"، العدد 2، المجلد 67، الظهران (السعودية)، مارس/أبريل، 2018، 52-55.

[8] - الشوكة شدة البأس والحدّ في السلاح، وقد شاك الرجل يشاك شوكاً أي ظهرت شوكته وحدّته، فهو شائك السلاح. وشوكة القتال شدة بأسه، وشوكة بني فلان أي حدّهم، ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، د.ت، ج10، 454.

[9]- عَصَبة الرجل بنوه وقرابته لأبيه، وأولياؤه الذكور من ورثته، وسُمّوا عصبة لأنهم عصبوا بنسبه أي استكفوا به. والعصبية أن يدعو الرجال إلى نصرة عَصَبته والتألب معهم، على من يناويهم، ظالمين كانوا أو ظالمين. وقد تعصّبوا عليهم إذا تجمّعوا. ابن منظور الإفريقي (-630ه/1232م)، لسان العرب، ج1، 605-606.

[10]- ابن خلدون، المقدمة، ج1، 44.

[11]- المصدر نفسه، ما بين صفحتي 332 و394. أما ما تناوله بعد ذلك من ألقاب الخلافة ورسومها ومراتب الملك والسلطان، فيمتد إلى الصفحة 465.

[12]- يذكر المستشرق البريطاني هاملتون جب Hamilton Gibb (1895-1971) أنه لم يطلع على كتاب الجويني غياث الإمام كما جاء عنوانه في كتاب تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان Carl Brockelmann (1868-1956)، (ترجمة محمد عوني عبد الرؤوف وعمر صابر عبد الجليل وسعيد حسن بحيري، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القسم الرابع، 1993، 43)، وإلا لتمكن من رصد تطور النظرية السنية في الخلافة، بعد الماوردي. انظر مقاله:
"Some Considerations on the Sunni Theory of the Caliphate", Archives d'Histoire du Droit oriental, tome III, (Wetteren-Paris, 1939), 401-410.
ورأى محمد عابد الجابري أن نظرية ابن خلدون في العصبية هي استمرار وتطوير لما انتهى إليه الفكر السياسي السني في موضوع الخلافة، وأن الغزالي أزاح الستار عن الأساس الحقيقي الذي تعتمد عليه الخلافة وكل أنواع الحكم وهو الشوكة. انظر كتابه: فكر ابن خلدون العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط6، 1994، 135، 137.
أما منى أحمد أبو زيد، فتلاحظ أن ابن خلدون يُبدل شرط النسب القرشي في الإمام بتوافر العصبية وينسب إلى الباقلاني إسقاط شرط النسب فيما كان عليه أن ينسبه إلى الجويني، انظر: الفكر الكلامي عند ابن خلدون، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1997، 180-183.
 
أعلى