العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

جرني الحديث بالأمس مع أحد الزملاء إلى موضوع الاستحسان، فذكر أن الاستحسان يُحتاج إليه للتخفيف من المشكلات الناتجة عن طرد القياس والتوسع فيه. فقلت: ولماذا نسيء استخدام القياس حتى نحتاج إلى أن نستحسن؟ فإذا استخدمنا القياس بالطريق الصحيح لن تكون هناك مشكلة، ولن نحتاج إلى حلّها بالاستحسان! إن التخليط الذي وقع في القياس هو الذي صنع المشكلة، وهو الذي أوجد تربة خصبة لابن حزم ليسوِّد مئات الصفحات في كشف سُقم تلك الأقيسة والسخرية منها أحيانا. وليت مشكلة سُوء استخدام القياس حُلَّت بحل شاف! إن محاولة حلها بالاستحسان هو إحالة على شيء مجهول الماهية نتجت عنه مشكلات لا تقل عن تلك التي نتجت عن سوء استخدام القياس.

هذا الأمر أعاد إلى ذهني صورة لا تكاد تغيب عنه، وهي ما رأيته مرات عندما ينسد طريق ما لسبب ما، ويسبب ذلك إعاقة مؤقتة لحركة المرور. وبدلا من الانتظار لوقت ما حتى تُحلّ المشكلة وتعود حركة المرور إلى انسيابها، تبدأ السيارات تتوافد من كل مكان في جميع الاتجاهات الممنوعة، وتزدحم السيارات وتنسدّ جميع المنافذ، وتتعقد المشكلة. وقد تنحلّ المشكلة الأم بعد مدة من الزمن، ولكن تبقى الحركة معطلة؛ لأن القوم قد عرقلوا الحركة في جميع الاتجاهات، وانسد الطريق من الجهتين. ومن أطرف ما رأيته في بلد من البلدان، وهو محلّ الاستشهاد هنا، أن السائقين ينزلون من سياراتهم ببرودة أعصاب، بعد أن يكونوا قد سدُّو الطريق، ويبدأوا في المشاورات حول كيفية حلّ المشكلة، وتبدأ المحاولات، وبعد وقت طويل وجهود كبيرة ترتسم على الوجوه علامات الاستبشار والرضا بتمكنهم أخيرا من حلّ المشكلة، وينصرفون فرحين بقدرتهم على حلّ المشكلة، وينسون أنهم هم الذين صنعوا المشكلة من الأساس، ولولا صنيعهم لما كانت هناك مشكلة تحتاج إلى تضييع الوقت والجهد لحلِّها.

إنها العقلية التي تصنع مشكلةً، هي في غنى عنها أصلا، ثم تبدأ بعد ذلك في تضييع الجهود والأوقات لحل تلك المشكلة، وربما ولَّدت المعالجة الخاطئة لتلك المشكلة مشكلات أخرى، ثم يبدأ البحث عن حلول لتلك المشكلات التي تولّدت عن تلك المعالجة الخاطئة، وهكذا تستمر المتوالية!

ولأن الخلل الذي يكون في طريقة التفكير يمتد من الحياة الاجتماعية إلى الحياة العلمية، فصاحب التفكير واحد هنا وهناك، والثقافة مشتركة، فإننا نجد في العلوم الشرعية شيئا من عقليّة صناعة المشكلة ثم البحث عن حلّ لها.

ومن أمثلة ذلك أن المتأخرين من الأصوليين أدخلوا فيه علم المنطق، ومن قبلُ أدخل فيه علماء الكلام المسائل الكلامية واصطلاحاتها، وهي كلها أمور لا حاجة لعلم أصول الفقه بها. وبعد أن صنعوا المشكلة بأنفسهم اشترطوا على دارس هذا العلم أن يبدأ بتحصيل علم الآلة، وهو المنطق. وأصبح علم أصول الفقه في مؤلفات المتأخرين، التي صارت هي السائدة، غولا يخاف طلاب العلم الاقتراب منه.

وصار الطلاب المساكين يقضون شهورا وربما سنوات في تعلم منطق صوري تجاوزه الدهر (علمه لا يزيد ذكاء وجهله لا يورث غباء) من أجل فهم مسائل أصولية هي في أصلها يسيرة الفهم، ولا يحتاج فهمها إلى علم المنطق، وإنما جاء عُسرها من عبارات الذين صنعوا المشكلة.

ولما رأوا أن هذا لا يكفي في حل المشكلة، أضافوا حلا آخر، وهو وضع كتب تتدرج بطالب علم الأصول بين مبتدئ ومتوسط ومتقدم. ونتج عن هذا "الحل المعيب" مشكلات أخرى، منها تضييع أوقات الطلاب؛ فبدلا من أن يدرس الطالب هذا العلم مرة واحدة أو مرتين، صارت دراسته تحتاج مراحل متعددة، ومرات كثيرة. وأسوأ من ذلك أن الكثير مما يتعلمه الدارس من تلك الكتب هو مسائل منطقية وكلامية ضعيفة الصلة بحقيقة علم أصول الفقه، والكثير منها نشأ نتيجة المجادلات بين مختلف الفرق والمذاهب.

وكان الأجدر أن لا تُصنع المشكلة من أصلها، فيُمسك أصحاب الكلام كلامهم لتخصصهم، ويُمسك أصحاب المنطق منطقهم لتخصصهم، ولا يحشروا بضاعتهم في علم أصول الفقه.

وحتى بعد وجود المشكلة، كان الأولى أن تُحل من أصلها، فتصّنف كتب جديدة في أصول الفقه خالية من تلك العلائق الدخيلة، وبذلك يتم تجنُّب الحلول التي تصنع المشكلات الجديدة.

وكم أشفق على طلاب العلم وهم يتساءلون عبر مختلف المواقع عن الطريقة المثلى التي يسلكونها لتحصيل هذا العلم، وكيف يتدرجون في تحصيله؟ وما الكتاب الذي يبدأون به، ثم الكتاب الآخر الذي ينتقلون إليه؟

ومن أمثلة ذلك مبالغة أنصار المنطق الصوري من الفقهاء والأصوليين في البحث عن التعريف "الجامع المانع" الذي يسلم من الاعتراضات، فنتج عن ذلك الإلغاز في التعريف، واحتاج الأمر إلى تسويد صفحات كثيرة من أجل شرح التعريف وإخراج المحترزات، وصارت التعريفات التي يقصد بها إعطاء فكرة عامة عن المعرَّف بعبارة موجزة، لا تعطي تلك الفكرة إلا بعد قراءة صفحات الشرح والاحتراز.
وانظر مثلا تعريف الشرط عند بعض أصحاب "التعريف الجامع المانع"، حيث عرفوه أنه: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. وهو كلام مجرد يدور بين الوجود والعدم، ولا يعطي فكرة عن حقيقة الشرط.
وانظر إلى تعريف الشاطبي المتحرر من هاجس "الجمع والمنع": ما كان وصفا مُكمِّلاً لمشروطه فيما اقتضاه ذلك المشروط، أو فيما اقتضاه الحكم فيه.

ومن أمثلة ذلك بعض المباحث في علم الأصول التي تؤدي إلى تشويش الأذهان وإثارة الخلافات التي لا أصل لها. ومنها مبحث الاستحسان الذي قل ما تجد طالبا من طلاب العلم درسه وخرج منه بصورة واضحة. ولا لوم عليهم في ذلك، فهو لم يكن واضحا حتى عند أصحابه الذين نظّروا له ورفعوا لواءه، فاحتاروا في تعريفه وضبط مفهومه، وتاهوا بين نصب الاحترازات ورد الاعتراضات الكثيرة. واستقرّ المتأخرون منهم على جمع مباحث من الأصول تتعلق بالاستثناء والترخص ووضعوها تحت عبايته، فصار كأنه موضوع له حقيقة، ولكنها في الواقع حقيقة مستعارة لا أصيلة. (انظر هذا البحث: http://www.feqhweb.com/vb/t13716)
وكم احتار عند الوصول إلى هذا الموضوع كيف أدرِّسه؟ وكيف أوضح للطلاب شيئا هو في أصله غير واضح؟ وهل أكتفي بأن أكرر لهم ما هو موجود في الكتب؟ مع إدراكي لما في ذلك من غموض واضطراب، فأنقل إليهم صندوقا أسود لينقلوه إلى الأجيال القادمة بتلك الصورة؟ أم أقول لهم إنه مصطلح ليس له حقيقة مستقلة ولا واضحة؟ وأنه نشأ نتيجة التمسك بعبارات بعض الأئمة ومحاولة التنظير لذلك التمسّك، وأن حذفه من مباحث أصول الفقه لن ينقص منها شيئا، بل سيزيد في وضوحها وانضباطها.

ومن أمثلة ذلك عدم الدقة في صياغة بعض القواعد الفقهية، مثل قاعدة "لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان". فهي قاعدة لم تتم صياغتها بشكل دقيق، وأدت تلك المشكلة في الصياغة إلى غموض معناها واحتاج الأمر إلى شروح لبيان المراد بالأحكام التي تتغير بتغير الأزمان، وأساء البعض فهمها فأراد أن يستدل بها على تغيير الأحكام الشرعية. ولو أن القاعدة أُعيدت صياغتها بالصورة الآتية: "لا ينكر تغير الأحكام القائمة على الأعراف بتغير تلك الأعراف"، أو بأي صيغة بهذا المعنى، لكان يكفي في حل المشكلة إضافة بضع كلمات إلى القاعدة لا تحتاج كثيرا من الحبر ولا تزيد عسرا في الحفظ، ولكنها تغني عن الكثير من الشروح، وتزيل الكثير من الالتباس، وتمنع استغلال القاعدة من قبل الجاهلين أو المغرضين.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

وكم احتار عند الوصول إلى هذا الموضوع كيف أدرِّسه؟ وكيف أوضح للطلاب شيئا هو في أصله غير واضح؟ وهل أكتفي بأن أكرر لهم ما هو موجود في الكتب؟
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
موضوع مهم
ويعجبنا أنك تهتم بالطلاب ومعاناتهم
فالطالب في العادة آخر من يلتفت إليه
------------------------
أما الدعوات إلى تجديد هذا العلم فقد زادت والأصوات المطالبة بذلك تعالت
إلا أن التنفيذ يسير ببطء شديد
------------------
مثل قاعدة "لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان".
هناك من أعاد صياغة هذه القاعدة إلى:
لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

بارك الله فيكم شيخنا الكريم الدكتور نعمان فقد أخرجتم ما يدور في خلدي
علاج عقبات طلب علم الأصول كثيرة وتحتاج إلى جهود المخلصين الذين يملكون الآلة العلمية لتحرير وتصفية ما يشوب هذا العلم ويكدر صفوه .
ما ذكرتموه في قضية القياس والاستحسان ينسحب على كثير من القضايا لا سيما الأدلة المختلف فيها والعقلية منها المتداخلة فالاستحسان والمصلحة والقياس من جهة والعرف وكونه كاشفاً محققاً للمناط لا دليلاً مستقلاً وكذا سد الذرائع واستناده إلى الأدلة المعتبرة والاستقراء وبناؤه على جزئيات الأدلة .
فضلاً عن المسائل الكلامية والمنطقية .
والمبالغة في الحدود التي أصبحت غاية بعد أن كانت وسيلة للتقريب والتوضيح فسودت مئات الصفحات من أجل التعريفات والاعتراضات عليها .
والمسائل الفرضية .
والأقوال التي لا قائل بها وأقوال الواقفية .
وأقوال الطوائف المبتدعة بل والأديان الأخرى كقول اليهود وغيرهم وربما تذكر بعض الطوائف التي لا تكاد توجد ربما كان يتبعها ثلاثة ( وماتوا وانقرضوا ).
وتناحر الطوائف الكلامية وردوهم على بعض في مسائلهم الكلامية كالمعتزلة مع الأشاعرة في ساحة علم الأصول .
والخلافات اللفظية والمسائل التي لا ثمرة منها إلى غير ذلك مما لا يفيد طالب علم الأصول والذي نتج عنه ما يلي :
1 - تكثير العلم وتشقيقه بما ليس منه من علوم أخرى .
وقد ذكرني هذا بأول خطوة لي في التدريس حيث قمت بتدريس أحد المتون لطلاب العلم من أصحابي حينما كنت في السنة الثانية في الجامعة فبدأت الدرس بشرح كلام الماتن في البسملة (
بسم الله الرحمن الرحيم ) فبقيت في ذلك ثلاثة دروس أو أكثر حشوت الدرس بكل ما يخطر على البال حول التسمية من مسائل لغوية وعقدية وأصولية وفقهية ووو حتى ضاع الطلاب وصاروا في حيص بيص ونسوا المتن والغاية منه ونادوا : يا أستاذنا يا أبا حازم يا بدر أين المتن ؟ لقد طار المتن وضاع ولذلك طفش الجميع وانقطع الدرس .
وهذا حال الأصول دخل فيه علماء الكلام والمنطق فزجوا فيه ما شاءوا من تشقيقات كلامية ومنطقية ولغوية لا يحتاجها الأصولي .
2 - صعوبة الفن حتى أصبح طلاب علم الأصول يشتكون عدم فهمه علماً أن الصعوبة فيه تكمن جلها فيما ليس منه مما هو دخيل عليه .
3 - أن هذا المفهوم عند أصحابه جعلهم يخرجون كثيراً من الأئمة الأعلام والفقهاء الكبار من دائرة الأصوليين أو المتخصصين فيه فلا تجد في تراجم الأصوليين أصحاب الكتب الستة ولا أئمة التفسير والحديث كابن جرير الطبري وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والطحاوي وابن المنذر وأمثالهم فلا يلتفت النظر عند الكلام على المحققين المتخصصين في الأصول إلا إلى من ألف منهم على تلك الطريقة حتى إن البعض ليستنكر حينما تدرج ضمن علماء الأصول هؤلاء المفسرين والمحدثين والفقهاء الكبار الذين ليس لهم مؤلفات على تلك المدرسة .
4 - ضعف العناية بالاستنباطات من النصوص الشرعية الكتاب والسنة على طريقة المفسرين والمحدثين والفقهاء بل إن البضاعة في كتب المتكلمين مزجاة في علم الحديث حتى لا يكاد كثير منهم يفرق بين ما في الصحيحين وما هو موضوع وكثير منهم يأخذ تلك الأحاديث تقليدا ومتابعة ويكفي الناظر في ذلك أن ينظر في كتب تخريج أحاديث الأصول ليتبين له مدى الخلل في هذا العلم وانبنى على هذا مفسدة أخرى وهي :
5 - التطفل على بعض القواعد المعتمدة في بعض العلوم بالتغيير والتصرف فيها وترجيح خلاف المعتمد عند أصحاب الفن كما في كثير من قواعد المحدثين التي هي من شأن أهل الحديث أهل الخبرة فيه فحين خاض فيها أهل الكلام ببعض الأصول والقواعد التي أحدثوها عاد ذلك بالفساد على تلك القواعد .

وأريد أن أبين أن الكلام هنا حسب السياق في الموضوع وهو التنبيه على ما وقع من خلل في دراسة هذا العلم والتأليف فيه لا ذمه ولا التقليل من شأنه .
 
التعديل الأخير:

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

علماً أن الصعوبة فيه تكمن جلها فيما ليس منه مما هو دخيل عليه .
هذا ما أشار إليه الشاطبي في مقولته المعروفة : (( كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية ، أو لا تكون عونا في ذلك ، فوضعها في أصول الفقه عارية .. ))

نعم إن تلك العرايا أتعبت طلاب الأصول كثيرا
علما أن طالب العلم سابقا لم يكن كما هو اليوم ؛ لأنهم في السابق كانوا يصبرون على قراءة المطولات وتفحصها فلا يبقى شيء من تلك العرايا إلا قرأوه ولكن بعد قراءة الأساسيات مرات ومرات ويقرأوا الحواشي ولكن بعد تكرير المتون مرارا
 

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

أما الدعوات إلى تجديد هذا العلم فقد زادت والأصوات المطالبة بذلك تعالت إلا أن التنفيذ يسير ببطء شديد
نعم، الأمر كذلك؛ لأن العملية ليست سهلة، بل تحتاج إلى وقت وجهد إذا أريد لها أن تكون متقنة. وذلك أفضل من إنتاج شيء على استعجال يكون قليل الجدوى.

وهناك أمران ينبغي العمل من أجلهما: أحدهما: إنتاج مادة أصولية محررة، وهو ما يسميه البعض بتجديد أصول الفقه.
والأمر الثاني: وهو نشر الوعي المنهجي بين طلاب العلوم الشرعية في كيفية دراسة مباحث الأصول الموجودة في كتب الثراث، وكيفية الكتابة فيها وتدريسها. وهو المنهج الذي يقوم على التمحيص والتحرير والتحليل. وهذه قضية لا تقل أهمية عن الأولى؛ لأنه لابد من نشأة وعي جديد يعتمد منهجية سليمة حتى تنجح العملية. وإذا أنتج أحد إنتاجا قيما في أصول الفقه دون تغيير الثقافة المنهجية السائدة بين طلاب وأساتذة العلوم الشرعية، فلن تنجح العملية.
ولا ننسى أن الشاطبي أنتج كتابه العظيم ليكون مصيره الإهمال لقرون طويلة، وسبب ذلك الثقافة المنهجية الضحلة التي كانت سائدة في تلك القرون. وأنا أذكر أن أستاذي في أصول الفقه ومشرفي في الماجستير قال لي إن الشاطبي ليس أصوليا، أي أن كتابته غير معتمدة في أصول الفقه.
هناك من أعاد صياغة هذه القاعدة إلى: لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان
محاولة مشكورة، ولكن الأحكام الاجتهادية قد تختلف من مجتهد إلى آخر في الوقت الواحد، فهي لا تحتاج إلى تغير الأزمان
 
التعديل الأخير:

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

بارك الله فيكم شيخنا الكريم الدكتور نعمان فقد أخرجتم ما يدور في خلدي .
.

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذا البيان القيم

[COLOR=#000000 قال:
أن هذا المفهوم عند أصحابه جعلهم يخرجون كثيراً من الأئمة الأعلام والفقهاء الكبار من دائرة الأصوليين أو المتخصصين فيه فلا تجد في تراجم الأصوليين أصحاب الكتب الستة ولا أئمة التفسير والحديث كابن جرير الطبري وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والطحاوي وابن المنذر وأمثالهم فلا يلتفت النظر عند الكلام على المحققين المتخصصين في الأصول إلا إلى من ألف منهم على تلك الطريقة حتى إن البعض ليستنكر حينما تدرج ضمن علماء الأصول هؤلاء المفسرين والمحدثين والفقهاء الكبار الذين ليس لهم مؤلفات على تلك المدرسة .[/COLOR]

أغرب من هذا أني أذكر أن أستاذي في أصول الفقه ومشرفي في الماجستير قال لي عندما أدرجت كلام الشاطبي: هذا ليس أصوليا!
 
التعديل الأخير:

خديجة نور الدين

:: متابع ::
إنضم
16 نوفمبر 2012
المشاركات
62
الكنية
متابعة
التخصص
شريعة
المدينة
طنجة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

وما رأي المشاركين بعلم أصول الفقه عند ابن رشد في كتابه "الضروري" ؟
لقد جعل له حدودا ضيقة لم يسبقه إليها ولا تابعه عليها أحد
ويهمني رأي أصحاب الأصول فيه
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

وما رأي المشاركين بعلم أصول الفقه عند ابن رشد في كتابه "الضروري" ؟
لقد جعل له حدودا ضيقة لم يسبقه إليها ولا تابعه عليها أحد
ويهمني رأي أصحاب الأصول فيه
بارك الله فيكم
ابن رشد في كتابه الضروري يميل إلى أن الجزء الألصق بصناعة أصول الفقه هو طرق الاستنباط والاستدلال وأهمها دلالات الألفاظ الأوامر والنواهي والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ...ويدرج في ذلك القياس لنظر خاص ذكره في كتابه كما سيأتي .

وهو قد قسم كتابه أربعة أقسام :
القسم الأول في الأحكام ( التكليفية والوضعية ) .

القسم الثاني في الأدلة واكتفى منها بأربعة ( الكتاب والسنة والإجماع والاستصحاب ) على أنه قال تسمية الاستصحاب أصلا تجوز لأنه نافٍ لا مثبت .
وأما بقية الأدلة فلم يعتمدها في هذا الجزء وذكر أن الاستحسان والمصالح ضرب من القياس.
وأما قول الصحابي وشرع من قبلنا فلم ير الاحتجاج بهما .
وأما القياس فذكره ضمن دلالات الألفاظ وأدرج فيه أربع مراتب :
أولها : مفهوم الموافقة حيث اعتبره دلالة قياسية .
والثانية : إلحاق المسكوت الذي هو بمعنى المنطوق به ( القياس في معنى الأصل )
وهو يرى المرتبتين ظاهرتين من الألفاظ .
والثالثة : القياس بجامع المصلحة ( القياس المخيل والمناسب ) ويميل إلى ضعفه .
والرابعة : قياس الشبه ويرى تفاوته في القوة والضعف .
وهو في الجملة لا يميل إلى القول بالقياس إلا ما كان من قبيل دلالة اللفظ .
فهنا يلحظ أنه ضيق الأدلة المحتج بها وهو ميل إلى قول أهل الظاهر .

القسم الثالث : جعله في طرق الاستنباط وأدرج فيه دلالات الألفاظ وأدرج فيها القياس كما سبق والإقرار وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم .

والقسم الرابع : جعله في المجتهد وشروطه وأدرج فيه التقليد والترجيح بين الأدلة ( وقد اختصره كثيرا ) .

وإجمالاً نحن نلحظ في كتاب ( الضروري ) الأمور التالية :
1 - محاولة ابن رشد تهذيب وتنقية الموضوعات الأساسية للأصول وهي ( الأحكام والأدلة وطرق الاستنباط والمستنبط ) فضلا عن إعراضه عن علم المنطق والكلام .
وفي الجملة هو مختصر أشبه بالمتن اقتصر فيه على الضروري من مباحث الأصول ولذلك سماه ( الضروري ) .

2 - ذكر في المقدمة أن العلوم ثلاثة :
الأول : علم غايته الاعتقاد .
الثاني : علم غايته العمل وهو جزئيات كالعلم بأحكام الصلاة والزكاة ونحوهما وكليات كالعلم بالأدلة التي يستدل بها والأحكام الحاصلة منها من حيث الإطلاق .
والثالث : علم يعطي القوانين والأحوال التي بها يهتدي الذهن للصواب .
وأصول الفقه عنده يدخل في الثاني والثالث فالثاني يدخل فيه ( الأدلة والأحكام ) والثالث يدخل فيه طرق الاستنباط التي هي عنده ألصق بصناعة أصول الفقه .

3 - تأكيده على ربط أصول الفقه بالاستنباط الفقهي وذلك لاستبعاد ما لا يصح اعتبارها أصولاً ولتحقيق الهدف من وضع القواعد الأصولية وهو الاستنباط .

4- أن ابن رشد وإن كان له آراؤه التي ذكرها في هذا المختصر إلا أنه في الجملة رأى عدم مخالفة الأصوليين في الطريقة العامة التي ساروا عليها في التقسيم إلى أربعة أقسام والسير في الجملة وفق اصطلاحاتهم .
 
التعديل الأخير:

خديجة نور الدين

:: متابع ::
إنضم
16 نوفمبر 2012
المشاركات
62
الكنية
متابعة
التخصص
شريعة
المدينة
طنجة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

وفيكم بارك الله
لقد قصدت بسؤالي أن أعرف رأي الأصوليين بتصور ابن رشد لعلم الأصول في سياق الدعوة إلى تجديد هذا العلم وتهذيبه كما ذكر المشاركون
أما الدعوات إلى تجديد هذا العلم فقد زادت والأصوات المطالبة بذلك تعالت
لأن ابن رشد فيما يبدو كان قد حاول مثل هذه المحاولة في عصره ،
ملاحظة :
وأصول الفقه عنده يدخل في الثاني والثالث فالثاني يدخل فيه ( الأدلة والأحكام ) والثالث يدخل فيه طرق الاستنباط التي هي عنده ألصق بصناعة أصول الفقه .
بل في الثالث فقط ؛ وهو المعرفة التي تعطي القوانين والأحوال التي يتسدد الذهن بها نحو الصواب في الصنفين الآخَرَيْن من العلوم، وقال عنها أيضا بأن نسبتها إلى الذهن كنسبة البركار والمسطرة إلى الحس في ما لا يؤمن أن يُغْلَطَ فيه ،
فصنيع ابن رشد -وإن كان لم يمنع من موافقة سائر العلماء كما تفضلتم- إلا أن الجديد عنده هو أنه صرَّح بأن مباحث الأدلة الإجمالية ومباحث الأحكام ومباحث الاجتهاد لا تدخل في حقيقة هذا العلم ، بل كل منها يمثل صنفا علميا متكاملا .
أما أصول الفقه لديه حقيقة فلا تتعدى"الأشياء التي يقع بها الفهم عن النبي (صلى الله عليه وسلم)" (أي الوحي// وهو القرآن والسنة) ؛ وهي طرق الاستنباط ، أي : طرق دلالة كلام الوحي (العربي) على الأحكام الشرعية ، ولذلك بحث في القسم الثالث : الدلالات المختلفة من نص وظاهر ومؤول ومجمل وعام وخاص صيغة ومفهوما فيما يخص الخطاب (وهو الأغلب) ، أو من خلال القرائن (أي أفعال النبي (صلى الله عليه وسلم) وتقريراته)
ورد في إحدى الدراسات :
w منهج ابن رشد في عرض مسائل الأصول في "الضروري"
اتبع ابن رشد في ذلك منهجا محددا على قدر عال من التماسك لم يُسبق إليه، ومن خلاله عالج جميع مسائل "الأصول"؛ فقسمه أولا إلى ما يدل على الأحكام لفظا، وقرينة؛ فالأول هو الأقوال (قرآنا وسنة)، والثاني هو الأفعال والتقريرات، إذ إنها دلالات غير لفظية.
ثم الألفاظ هنا (أي في الوحي) هي كلام مفيد لا لغو فيه، والكلام المفيد أقسام؛ فمنه الخبر والأمر والطلبة والنداء والتضرع.
فأما الأخبار فلها مستويان من الدلالة؛ الأول هو صيغ ألفاظها، والثاني مفهومها ومعقولها مما يُنظر فيه إلى القرائن لا إلى الصيغة.
وكل من المستويين ينقسم إلى نص ومجمل وظاهر ومؤول، فالنص من جهة الصيغة ما دل على معنى واحد أبدا، كالإنسان، ومن جهة المفهوم ما كانت القرينة الدالة على معناه قاطعة، مثل "واسأل القرية"؛ "حرمت عليكم أمهاتكم". والمجمل من جهة الصيغة ما دل على أكثر من معنى على السواء، كالعين، فإن كان أحد معانيه أظهر ولا دليل على صرفه كان ظاهرا (أي من جهة الصيغة)، وهو قسمان؛ أحدهما أن يكون وُضع أولا لمعنى، ثم استعير لغيره لتشابه بينهما (كتسمية الفراش عشا) أو لتعلقه به بوجه من أوجه التعلق (كتسمية النبت ندى لأنه عنه يكون). والقسم الثاني من الظاهر إبدال الكلي مكان الجزئي والعكس[SUP]([1])[/SUP]. فهذان ظاهران في معناهما الأول، فإن صرفه دليل عنه سمي المؤول من جهة الصيغة. وهذا الظهور إنما يعتبر بحسب كثرة الاستعمال في اللغة وقلته[SUP]([2])[/SUP]، أي أن مرده السمع.
ومثل هذا التقسيم يقال في دلالة الألفاظ بمفهومها؛ فما كانت قرينته غير مترجحة سمي مجملا من جهة المفهوم، وما كانت ظنية أكثرية سمي ظاهرا، فإن دل دليل على صرف هذا المعنى الظاهر سمي مؤولا[SUP]([3])[/SUP].
وباقي أقسام الكلام المفيد هي الأمر والطلبة والنداء والتضرع، لكنها (خلا النداء) "ليس لواحد منها في اللسان العربي صيغ خاصة، وإنما تتميز بقرائن الأحوال؛ فإن كان من رئيس إلى مرؤوس كان أمرا، وإن كان من مرؤوس إلى رئيس كان تضرعا، وإن كان من مساو إلى مساو كان طلبة. ولكل واحد من هذه الثلاثة مقابل؛ فمقابل الأمر: النهي، وليس لمقابل الطلب والتضرع اسم"[SUP]([4])[/SUP]، ولأن الاقتضاء الشرعي أوامر منها الواجب والمندوب فقد عقد لها فصلا هي ومقابلها من النهي وبحث مسائلهما فيه، ولم يجزم بأنها أيضا تنقسم إلى نص ومجمل وظاهر ومؤول، إلا أنه ضمَّن كلامه ما يدل على خضوعها لهذا التقسيم، كقوله: "والواجب والندب معنيان اثنان؛ فإما أن يكون اللفظ مشتركا بينهما أو أظهر في أحدهما، وإما إن لم يصح فيها وضع شرعي فصيغ الأوامر مجملة بين الندب والإيجاب حتى يدل الدليل على أحدهما"[SUP]([5])[/SUP].
وبعد هذا التقسيم أدمج مباحث كيفية الاستنباط كلها ضمن هذا الجزء كالآتي:
^ قرر بأن البيان هو ما به تثبت الأحكام ويقع في الأفهام من صيغة اللفظ أو مفهومه، أي ما يطلعنا على كون ظاهر هذا اللفظ هو المراد مثلا أو غير ذلك، وإذا كان كذلك؛ فهل يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة؟ وعن وقت الحاجة؟ فهنا كان مكان بحث ذلك[SUP]([6])[/SUP].
^ ورأينا كيف خص الأوامر والنواهي بفصل لبحثها[SUP]([7])[/SUP].
^ وكما هو واضح فإن مباحث الدلالات الأربعة قد شغلت هذا الجزء كله وتناثرت فيه؛ تعريفا وتأصيلا ونظرا في أيها يعتبر دليلا وأيها لا؛ كما بحث ابن رشد هاهنا مراتب الظاهر ومتى يحتاج إلى دليل قوي لتأويله ومتى يؤول بأيسر دليل، وهو ما يمكن تسميته بمباحث التأويلات[SUP]([8])[/SUP].
^ أما العموم والخصوص فهما ما عبر عنهما بالكلي والجزئي، أي القسم الثاني من اللفظ الظاهر، فاللفظ العام ظاهر في عمومه، وتخصيصه تأويل له عن طريق الإبدال، لدليل صارف، واللفظ الخاص ظاهر في خصوصه، وتعميمه تأويل له أيضا لدليل صارف. ومن هنا عَرَضَ كلَّ مباحث العموم والخصوص بما فيها الاستثناء وغير ذلك[SUP]([9])[/SUP].
^ أما القياس فقد قدمه على أنه هو نفسه اللفظ الخاص الذي يُبدل كليا عاما؛ إلا أنه بحثه في فصل خاص به حيث حلل مفهومه أولا قبل التوصل إلى طبيعته[SUP]([10])[/SUP]، على نحو ما سيأتي بإذن الله في الباب الثاني من هذا البحث.
^ كما بحث دليل الخطاب في مباحث دلالات الألفاظ بمفهومها[SUP]([11])[/SUP].
² وأخيرا تعرض لمبحثي الأفعال والتقريرات باعتبارها قرائن دالة على الأحكام.


([1]) الضروري ص 107. وقد قال بأن صنيعه هذا اصطلاح منه فقط، لأن كل مبدل مستعار، وكل مستعار مبدل. نفسه.

([2]) نفسه ص 108.

([3]) نفسه ص 118.

([4]) الضروري ص 120.

([5]) نفسه ص 122.

([6]) نفسه ص ص 103-107.

([7]) نفسه ص ص 120-124.

([8]) نفسه ص 108-109.

([9]) نفسه ص ص 109-118.

([10]) الضروري ص ص 124-132.

([11]) نفسه ص ص 118-120.
وعليه فعلم الأصول عند الجمهور وعند ابن رشد بينهما فرق ظاهر ؛ ورد في الدراسة نفسها :
w وبناء على هذا فعلم "أصول الفقه" عند الجمهور هو علم آلي بالمعنى الأعم، وهو ما يُقصد به كون الآلية صفة عارضة له من جهة استخدامها في غيره (أي الفقه) بحيث لو صرف عنه هذا الاستخدام صار علما مقصودا لذاته[SUP]([1])[/SUP]، لأن من لم يتعلمه ليكون فقيها فإنه يستفيد منه علوم القرآن وعلوم الحديث ... إلى غير ذلك مما يعد علوما نافعة مقصودة لذواتها، ولذلك أورد البهاري في مسلم الثبوت أن نسبته إلى الفقه ليس كنسبة الميزان إلى الفلسفة[SUP]([2])[/SUP].
بينما قد رأينا[SUP]([3])[/SUP] أن علم "أصول الفقه" عند ابن رشد علم آلي بالمعنى الأخص، ما يعني عدم انفكاك الوصف الآلي عنه، إذ لا ينفع إلا من تعلمه للاستنباط خاصة.
وكمثال على هذا الكلام فإن علم أصول الفقه عند الجمهور كجامعة للعلوم الرياضية، التي تعطي الطلبة أدوات الهندسة، كما تقدم لهم كل العلوم التي تنفعهم حتى يتخرجوا علماء في الرياضيات. بينما هذا العلم عند ابن رشد ما هو إلا تلك الآلات الهندسية التي يحصل عليها الطلبة، بحيث يكون أحدهم قادرا على التسطير وعلى القياس، لكن لا يكون عالم رياضيات.


(2) انظر: تجديد المنهج لعبد الرحمن ص 84.

(3) انظر: مسلم الثبوت ومعه فواتح الرحموت 1 /11- 12.

(4) ص 28.





هذا التصرف من ابن رشد ، هل ينفع في مسيرة تجديد علم الأصول بشيء ؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

بارك الله فيكم
قال ابن رشد : (
المعارف والعلوم ثلاثة أصناف :
- إما
معرفة غايتها الاعتقاد الحاصل عنها في النفس فقط كالعلم بحدث العالم والقول بالجزء الذي لا يتجزأ وأشباه ذلك .
- وإما
معرفة غايتها العمل وهذه منها كلية وبعيدة في كونها مفيدة للعمل فالجزئية كالعلم بأحكام الصلاة والزكاة وما أشبههما من جزئيات الفرائض والسنن والكلية كالعلم بالأصول التي تبنى عليها هذه الفروع من الكتاب والسنة والإجماع والعلم بالأحكام الخاصة عن هذه الأصول على الإطلاق وأقسامها , وما يلحقها من حيث هي أحكام .
- وإما
معرفة تعطي القوانين والأحوال التي بها يتسدد الذهن نحو الصواب في هاتين المعرفتين , كالعلم بالدلائل وأقسامها , وبأي أحوال تكون دلائل وبأيها لا ، وفي أي المواضع تستعمل النقلة من الشاهد إلى الغائب وفي أيها لا، وهذه فلنسمها سبارا وقانونا، فإن نسبتها إلى الذهن كنسبة البركار والمسطرة إلى الحس في مالا يؤمن أن يغلط فيه ...)
الآن ذكر أن الثاني يدخل فيه الأدلة والأحكام والثالث يدخل فيه طرق الاستدلال والاستنباط من دلالات الألفاظ وغيرها ثم قال في تقسيم الكتاب :
( فأما أجزاء هذه الصناعة بحسب ما قسمت إليه في هذا الكتاب فأربعة أجزاء :
فالجزء الأول يتضمن النظر في الأحكام.
والثاني في أصول الأحكام .
والثالث في الأدلة المستعملة في استنباط حكم حكم عن أصل أصل وكيف استعمالها.
والرابع يتضمن النظر في شروط المجتهد وهو الفقيه.
وأنت تعلم مما تقدم من قولنا في غرض هذه الصناعة ، وفي أي جنس من أجناس العلوم هي داخلة, أن
النظر الخاص بها إنما هو في الجزء الثالث من هذا الكتاب, لأن الأجزاء الأخرى من جنس المعرفة التي غايتها العمل ...)
ويقصد بالأجزاء الأخرى الأدلة والأحكام وقوله من جنس المعرفة التي غايتها العمل اي النوع الثاني من المعارف والعلوم .
وقوله (
النظر الخاص ) أي من حيث كون الألصق بهذا العلم هو الجزء الثالث وهو طرق الاستنباط والاستدلال ...
وعليه فأصول الفقه منه ما يدخل في النوع الثاني من المعارف والعلوم والذي يراد منه العمل كالأدلة والأحكام ومنه ما يدخل في النوع الثالث من المعارف والعلوم وهو طرق الاستنباط ....
 
التعديل الأخير:

خديجة نور الدين

:: متابع ::
إنضم
16 نوفمبر 2012
المشاركات
62
الكنية
متابعة
التخصص
شريعة
المدينة
طنجة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

سامحكم الله ، وجزاكم خيرا على كل حال فقد جعلتموني أعود إلى هذا الكتاب بعد طول فراق ؛ :)
============
((- إما معرفة غايتها الاعتقاد الحاصل عنها في النفس فقط كالعلم بحدث العالم والقول بالجزء الذي لا يتجزأ وأشباه ذلك .
- وإما معرفة غايتها العمل
1. فالجزئية كالعلم بأحكام الصلاة والزكاة وما أشبههما من جزئيات الفرائض والسنن
2. والكلية كالعلم بالأصول التي تبنى عليها هذه الفروع (من الكتاب والسنة والإجماع)[1] والعلم بالأحكام الخاصة عن هذه الأصول على الإطلاق وأقسامها , وما يلحقها من حيث هي أحكام .
- وإما معرفة تعطي القوانين والأحوال التي بها يتسدد الذهن نحو الصواب في هاتين المعرفتين , كالعلم بالدلائل وأقسامها , وبأي أحوال تكون دلائل وبأيها لا ، وفي أي المواضع تستعمل النقلة من الشاهد إلى الغائب وفي أيها لا، وهذه فلنسمها سبارا وقانونا، فإن نسبتها إلى الذهن كنسبة البركار والمسطرة إلى الحس في مالا يؤمن أن يغلط فيه ))
===============
ثم قال : (( فأما أجزاء هذه الصناعة بحسب ما قسمت إليه في هذا الكتاب[2] فأربعة أجزاء ... وأنت تعلم مما تقدم من قولنا في غرض هذه الصناعة وفي أي جنس من أجناس العلوم هي داخلة أن النظر الخاص بها إنما هو في الجزء الثالث من هذا الكتاب[3] ؛ لأن الأجزاء الأخرى من جنس المعرفة التي غايتها العمل ، ولذلك لقبوا هذه الصناعة باسم بعض ما جعلوه جزءا لها ، فدعوها بأصول الفقه ، والنظر الصناعي يقتضي أن يفرد القول في هذا الجزء الثالث ؛ إذ هو مباين بالجنس لتلك الأجزاء الأخرى .


[1] فالكتاب والسنة والإجماع هي التي قصدها من قوله "الأصول التي تبنى عليها" تلك الفروع . وهو يسميها في كتابه بـ"أصول الأدلة" و"أصول الأحكام" ، وقال في بداية الحديث عنه في الجزء الثاني : "وهو يتضمن النظر في الأصول التي تستند إليها هذه الأحكام وعنها تستنبط ، وهي أربعة ... فأما قول الصحابة وشريعة من قبلنا فمختلف فيه" . إذن فأصول الفقه عند ابن رشد يدخل فيها قواعد الاستنباط ولا يدخل فيها مباحث الأدلة الإجمالية ، وهذا مثل ما قال الفراء في العدة ص 67 : "فسميت الأصول بهذا الاسم لأن بها يُتوصل إلى العلم بغيرها، فتكون أصلا له، فلا يجوز أن يقال ان الكلام في أصول الفقه هو الكلام في أدلة الفقه، لأن من ذكر الدلالة على إثبات صيغة العموم لا يقال انه ذكر دليلا في الفقه؛ وإنما أدلة الفقه عبارة عن استعمال ألفاظ العموم وطرق الاجتهاد، والكلام في أصول الفقه ما يدل على إثبات مقتضي هذه الأشياء وموجبها وصحتها وفسادها" .

[2] أي كتاب المستصفى للغزالي الذي يقول بأنه يختصره ، وليس الضروري له ، بدليل ما يأتي .

[3] وهو : "في الأدلة المستعملة في استنباط حكم حكم عن أصل أصل ، وكيف استعمالها" . إلا أنه كما قلتم لم يمانع من اتباع طريقة الأصوليين في مباحثة كل تلك المسائل لأنه ربط عمله –منهجيا- بالمستصفى .
 

الحسن محمد خير

:: متابع ::
إنضم
24 ديسمبر 2013
المشاركات
36
التخصص
هندسة تصنيع
المدينة
عطبرة
المذهب الفقهي
الوحي
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

راجع (مزالق الأصوليين وبيان القدر المحتاج إليه من علم الأصول) للصنعاني
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: عقبات في طريق تعلم أصول الفقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله كل خير ونفعكم جميعا بما رزقكم من علم وتقبله منكم بقبول حسن، وإني لأغبطكم جميعا
متعكم الله تعالى وإيانا بالإخلاص والعافية ورضاه، اللهم آمين
 
أعلى