مصطفى بن الحو حداني
:: متخصص ::
- إنضم
- 2 يونيو 2009
- المشاركات
- 77
- الجنس
- ذكر
- التخصص
- أصول الفقه - أعلام الغرب الإسلامي
- الدولة
- المملكة المغربية
- المدينة
- مراكش
- المذهب الفقهي
- مالكي
فتوى ابن حزم في حكم سفر المرأة بدون محرم:
ذهب ابن حزم رحمه الله إلى أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، إلا أن يكون سفرا أمرت به كالحج أو ندبت إليه كالنظر في مالها أو التزمته كالغريب.
وسبب الخلاف في المسالة هو ما يعترض لأهل العلم من تأليف النصوص التي ظاهرها التعارض. حيث يكون أحد النصين فيه أمر بعمل ما، والنص الآخر فيه نهي عن عمل ما، ويكون بعض ما ذكر في أحد النصين عاما لبعض ما ذكر في النص الآخر، ويكون الحكم الثاني الذي في النص الثاني عاما أيضا لبعض ما ذكر في هذا النص الآخر، يقول ابن حزم بعد هذا التعريف: «وهذا من أدق ما يمكن أن يعترض أهل العلم من تأليف النصوص وأغمضه وأصعبه»[1].
ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[2]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لا يحل لامرأة تومن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم منها﴾[3]، ففي الآية أمر عام بالحج لعموم الناس، وإيجاب بعمل خاص إلى مكان خاص وهو السفر إلى المسجد الحرام، وفي الحديث نهي عام عن السفر جملة مع تخصيص بعض الناس وهم النساء. فاختلف الناس في كيفية استعمال هذين النصين، فقال أكثر الفقهاء: معنى الآية واجب على كل الناس حج البيت حاشا النساء اللواتي لا أزواج لهن ولا محرم، فليس عليهن حج، فاستثنوا النساء من الناس، فيكون الحديث هو المخصص للآية.
لكن هذا التخصيص يرده ابن حزم لأنه من غير دليل ولا برهان، يقول: «فليس أحدهما أولى من الثاني، فلابد من طلب الدليل على صحة أحد الاستثناءين»[4]، ومال بعد ذلك إلى قول من قال: معنى ذلك «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، إلا أن يكون سفرا أمرت به كالحج أو ندبت إليه كالنظر في مالها أو التزمته كالغريب».
وإنما مال رحمه الله إلى استثناء الأسفار الواجبة والمندوب إليها من سائر الأسفار لما جاءت به نصوص أخرى ومعاني تعضد هذا الاستثناء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لا تمنعوا إماء الله مساجد الله﴾[5]، يقول رحمه الله: «فجاء النص كما ترى في النساء بأنه لا يحل منعهن عن المساجد، ومكة من المساجد فكان هذا النص أقل معان من حديث النهي عن سفر النساء جملة فوجب أن يكون مستثنى منه ضرورة»[6].
[1] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/206.
[2] - "آل عمران"، الأية: 97.
[3] - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: "الجمعة"، باب: "في كم يقصر الصلاة"، حديث رقم: 1088. ومسلم في صحيحه، كتاب: "الحج"، باب: "سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره"، حديث رقم: 1339.
[4] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/207.
[5] - أخرجه البخاري في صحيحه كتاب "الجمعة"، باب: "هل على من لم يشهد الجمعة من غسل من النساء"، حديث رقم: 900. / ومسلم في صحيحه كتاب: "الصلاة"، باب: "خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة" (أنها لا تخرج مطيبة)، حديث رقم: 442.
[6] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/208.
ذهب ابن حزم رحمه الله إلى أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، إلا أن يكون سفرا أمرت به كالحج أو ندبت إليه كالنظر في مالها أو التزمته كالغريب.
وسبب الخلاف في المسالة هو ما يعترض لأهل العلم من تأليف النصوص التي ظاهرها التعارض. حيث يكون أحد النصين فيه أمر بعمل ما، والنص الآخر فيه نهي عن عمل ما، ويكون بعض ما ذكر في أحد النصين عاما لبعض ما ذكر في النص الآخر، ويكون الحكم الثاني الذي في النص الثاني عاما أيضا لبعض ما ذكر في هذا النص الآخر، يقول ابن حزم بعد هذا التعريف: «وهذا من أدق ما يمكن أن يعترض أهل العلم من تأليف النصوص وأغمضه وأصعبه»[1].
ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[2]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لا يحل لامرأة تومن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم منها﴾[3]، ففي الآية أمر عام بالحج لعموم الناس، وإيجاب بعمل خاص إلى مكان خاص وهو السفر إلى المسجد الحرام، وفي الحديث نهي عام عن السفر جملة مع تخصيص بعض الناس وهم النساء. فاختلف الناس في كيفية استعمال هذين النصين، فقال أكثر الفقهاء: معنى الآية واجب على كل الناس حج البيت حاشا النساء اللواتي لا أزواج لهن ولا محرم، فليس عليهن حج، فاستثنوا النساء من الناس، فيكون الحديث هو المخصص للآية.
لكن هذا التخصيص يرده ابن حزم لأنه من غير دليل ولا برهان، يقول: «فليس أحدهما أولى من الثاني، فلابد من طلب الدليل على صحة أحد الاستثناءين»[4]، ومال بعد ذلك إلى قول من قال: معنى ذلك «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، إلا أن يكون سفرا أمرت به كالحج أو ندبت إليه كالنظر في مالها أو التزمته كالغريب».
وإنما مال رحمه الله إلى استثناء الأسفار الواجبة والمندوب إليها من سائر الأسفار لما جاءت به نصوص أخرى ومعاني تعضد هذا الاستثناء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لا تمنعوا إماء الله مساجد الله﴾[5]، يقول رحمه الله: «فجاء النص كما ترى في النساء بأنه لا يحل منعهن عن المساجد، ومكة من المساجد فكان هذا النص أقل معان من حديث النهي عن سفر النساء جملة فوجب أن يكون مستثنى منه ضرورة»[6].
[1] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/206.
[2] - "آل عمران"، الأية: 97.
[3] - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: "الجمعة"، باب: "في كم يقصر الصلاة"، حديث رقم: 1088. ومسلم في صحيحه، كتاب: "الحج"، باب: "سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره"، حديث رقم: 1339.
[4] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/207.
[5] - أخرجه البخاري في صحيحه كتاب "الجمعة"، باب: "هل على من لم يشهد الجمعة من غسل من النساء"، حديث رقم: 900. / ومسلم في صحيحه كتاب: "الصلاة"، باب: "خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة" (أنها لا تخرج مطيبة)، حديث رقم: 442.
[6] - "الإحكام"، ابن حزم: 2/208.