العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
فتوى
عن تحريم المصارف الإسلامية السائدة في العصر الراهن(مع الأدلة الشرعية)

إعداد:
محمد عثمان زاهد

نقله إلي العربية:
عبد الله الإبتواهي

إشراف:
سماحة الأستاذ المفتي أحمد ممتاز حفظه الله
رئيس دار الإفتاء بـ«جامعة الخلفاء الراشدين»

الناشر:
جامعة الخلفاء الراشدين
حي مدني، شارع هاكس ب?، ماري بور ، كراتشي، باكستان
البريد الالكتروني societyrectifier@gmail.com
الهاتف:+923332226051






* تهدف هذه الفتوى إلى ثلاث قضايا مهمة بشكل رئيسي:
- عقد الشركة في هذه البنوك خلاف الشريعة الإسلامية.
- التجارة فيها خلاف الشريعة الإسلامية.
- طريق السحب من الودائع المصرفية (أي: إنهاء عقد الشركة) خلاف الشريعة الإسلامية.
* رفض العديدُ من أهل الفتوى و كبار العلماء في باكستان هذه المصارف، وأفتوا بحرمتها وأنها لاتتفق مع أصول الشريعة الإسلامية.
* يرجى مِنْ علمائنا العرب الذين يعتقدون صحةَ هذه البنوك: أن يُمْعنوا النظرَ في هذه الفتوى المستندة إلى الدلائل الشرعية، فإذا كانت هذه الحُجَجُ صحيحة مُقْنعة فلا بدَّ من الرجوع عن وجهات نظرهم وَفْقًا لمتطلباتِ العدل، وإن كان فيها أيُّ ضعفٍ من حيث الدليل أو الاستدلال، فيرجى إعلامنا عبرَ عنوان البريد الإلكتروني الذي في الصفحة الرئيسية.
* نرجو من العلماء في العالم الإسلامي أنْ يساعدونا في هذا الجهد لوَضْعِِ حدٍ أمامَ خطر الربا، وبالتالي نلتمس من الموافقين عليها أن يرسلوا الدَعْمَ والموافقةَ على هذه الفتوى عبْرَ البريد الإلكتروني، ونرجو ممَّن سواهم ماذكرنا أعلاه.






بسم الله الرحمن الرحيم
ما رأي العلماء الأفاضل وأهل الفتوى حول البنوك التي تسمى «المصارف الإسلامية» و حول «النافذات الإسلامية» [كمازعموا[ في البنوك الربوية؟
1. فهل يجوز إيداع الأموال فيها وأخذ الأرباح عليها؟
2. وهل يجوز شراء بضاعة عن طريق «مرابحة المصرفية الإسلامية»؟ أو استيجار شيء عن طريق «إجارة المصرفية الإسلامية»؟
السائل: محمد مجاهد، كراتشي

بسم الله الرحمن الرحيم
الإجابة باسم ملهم الصواب

بما أن المصارفَ الإسلاميةَ [كمازعموا[ السائدةَ في عصرنا الراهنِ تشتملُ على كثيرٍ مِن القضايا التي تختلفُ عن الشريعةِ الإسلاميةِ تمامًا، فلايجوزُ إيداعُ المالِ فيها، وأخذُ الزيادةِ عليه باسمِ «الربح» أو «النفع» حرام محض.
وكذا حكمُ «مرابحة المصرفية الإسلامية» و«إجارة المصرفية الإسلامية»؛ لأنهما تشتملان على كثيرٍ من الأمورِ المضادةِ للإسلام مِن الشروط الفاسدة وغيرها. وبالتالي لا يجوزُ شراءُ بضاعةٍ عن طريقِ «مرابحة المصرفية الإسلامية» و استيجارُ السيارةِ وغيرها عن طريقِ «إجارة المصرفية الإسلامية»، وهذا الشراء والاستيجار في حكم الربا.
أما القضايا المضادة للشريعة الإسلامية، فنذكر بعضها فيمايلي:

الشركة في البنك:

اعلم أن جواز الشركة يتوقف على أمرين:
1. أن يكون العقد موافقًا لأصول الشريعة الإسلامية.
2. أن تكون التجارة صحيحةً وفقَ أصول الشريعة الإسلامية.
الأمر الأول: «أن يكون العقد موافقا لأصول الشريعة الإسلامية»:
أما العقد في المصارف الإسلامية، فلا يوافق أصول الشرع لأسباب خمسة؛ وبالتالي لاتجوز الشركة في هذه المصارف، والعقد فاسد.

الأسباب الخمسة لفساد عقد الشركة في «البنوك الإسلامية»:
السبب الأول:
مذهب الحنفية:

اشترط الحنفية لجواز شركة الأموال أن يكون رأس المال من جميع الشركاء في صورة النقود دون العروض، مع أن الأمر خلاف ذلك في البنوك الإسلامية، فيكون رأس المال للشركاء القدامى (هم أصحاب الحسابات القديمة الذين أودعوا الأموال في البنوك قبلُ) في صورة العروض (في صورة الأثاث و الممتلكات الثابتة)، و رأس المال للشركاء الجُدَد في حالة النقود، فإذن تشتمل هذه الشركة على النقد من البعض (هم أصحاب الحسابات الجديدة) وعلى العروض من البعض(هم أصحاب الحسابات القديمة)،فبناءً على هذا لاتجوز الشركة البنوكية عند السادة الحنفية. وإليك بعض النصوص للفقهاء الحنفيةs:
قال ملك العلماء الكاساني r:
«فلاتصح الشركة في العروض....أن معنى الوكالة من لوازم الشركة، والوكالة التي يتضمنها الشركة لا تصح في العروض ....إلخ»[SUP]([1])[/SUP].
قال الإمام السرخسي r:
فأما الشركة بالعروض من الدوابّ والثياب والعبيد : لا تصح عندنا، وعلى قول ابن أبي ليلى ومالك رحمهما الله هي صحيحة ؛ للتعامل وحاجة الناس إلى ذلك ، ولاعتبار شركة العقد بشركة الملك.
وفي الكتاب علل للفساد ، فقال : «لأن رأس المال مجهول»، يريد به أن العروض ليست من ذوات الأمثال .وعند القسمة لا بد من تحصيل رأس مال كل واحد منهما؛ ليظهر الربح .فإذا كان رأس مالهما من العروض ، فتحصيله عند القسمة يكون باعتبار القيمة، وطريق معرفة القيمة الحزر والظن، ولا يثبت التيقن به.
ثم الشركة مختصة برأس مال يكون أول التصرف به بعد العقد شراء لا بيعا، وفي العروض أول التصرف يكون بيعا، وكل واحد منهما يصير موكلا لصاحبه ببيع متاعه على أن يكون له بعض ربحه، وذلك لا يجوز. وقد بينا أن صحة الشركة باعتبار الوكالة. ففي كل موضع لا تجوز الوكالة بتلك الصفة، فكذلك الشركة .
ومعنى هذا: أن الوكيل بالبيع يكون أمينا، فإذا شرط له جزء من الربح كان هذا ربح ما لم يضمن، والوكيل بالشراء يكون ضامنا للثمن في ذمته، فإذا شرط له نصف الربح كان ذلك ربح ما قد ضمن، ولأن في الشركة بالعروض ربما يظهر الربح في ملك أحدهما من غير تصرف بتغير السعر، فلو جاز استحق الآخر حصته من ذلك الربح من غير ضمان له فيه، وربما يخسر أحدهما بتراجع سعر عروضه ويربح الآخر؛ فلهذه المعاني بطلت الشركة بالعروض ....
وكذلك لا يصح أن يكون رأس مال أحدهما دراهم ورأس مال الآخر عروضا في مفاوضة ولا عنان ؛ لجهالة رأس المال في نصيب صاحب العروض على ما بينا [SUP]([2])[/SUP].

مذهب المالكية:

جازت الشركة في العروض عند المالكية، سواء كانت العروض مثلية (أي:يوجد مثله في الأسواق) أو قيمية (أي:لايوجد مثله في الأسواق)؛ وسواء كانت العروض من جانب واحد أو من جانبين.
مثلًا: أراد رجلان الشركة، فأعطى أحدهما مليون روبية مثلًا، وأتى الآخر بأثاث الدكان.
وليلاحظ ههنا أن الإمام مالكًا r اشترط لصحة الشركة بالعروض شرطًا، وهو أنْ تقوّم العروضُ بالقيمة السوقية وقتَ العقد. أي: نلاحظ ما هو سعر العروض في الأسواق وقتَ العقد، فذلك السعرُ هو رأسُ المال في عقدِ الشركة حتى لا يقع النزاع في توزيع الأرباح أو الخسائر.
مثلًا: إذا كان رأس المال من جانبٍٍ مليون روبية، و من جانبٍ آخرَ أثاثُ الدكان، فكيف نعرف للثاني قدرَ رأس المال؟ وقد أتى بالأثاث، فكيف نعطيه الربح؟ وكم نعطي؟ولذا اشترط الإمام مالكr تقويم العروض وقت العقد.
ففي مثالنا هذا، لو كان سعرُ العروض في الأسواق وقتَ العقد: ثلاثَ ملايين روبية مثلًا، فسيتِمُّ توزيعُ الأرباح والخسائر حسبَ ذلك(أي: ثلث ملايين روبية).
مذهب الإمام أحمدr:
مذهب الإمام أحمدr مثل مذهب الحنفية في ظاهر المذهب، وفي رواية: تجوز شركة العروض عنده، ولكنه يشترط مثل شرط المالكية من تقويم العروض.
قال العلامة ابن قدامة الحنبليr:
«فأما العروض، فلا تجوز الشركة فيها، في ظاهر المذهب....نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وحرب. وحكاه عنه ابن المنذر. وعن أحمد رواية أخرى، أن الشركة والمضاربة تجوز بالعروض، وتجعل قيمتها وقت العقد رأس المال.... وهو قول مالك»[SUP]([3])[/SUP].

مذهب الشافعية:

جازت الشركة في العروض عند الشافعية إذا كانت العروض مثلية، (أي: يوجد مثله في الأسواق) ولوكانت قيمية(أي: لايوجد مثله في الأسواق) فلاتجوز الشركة فيها[SUP]([4])[/SUP].


([1]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: ظ¦/ظ¥ظ دار الكتب العلمية

([2]) المبسوط للسرخسي: ظ،ظ،/ظ،ظ§ظ¤، ط: رشيدية

([3]) المغني: ظ§/ظ،ظ¢ظ¤، ط:هجر ، القاهرة

([4]) انظر:شركت ومضاربت عصرِ حاضر مغŒ?،ص:غ²غ´غ¸،غ²غ´غ¹ ط: مكتب? معارف القرآن، كراتشي
 

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

أما المجيزون للبنوك الإسلامية، فيأخذون بمذهب المالكية على نفس التفصيل الذي ذكرناه آنفا، حيث يقول عمران أشرف العثماني، نجل الشيخ تقي العثماني حفظهما الله تعالى:
هل يجب أن يكون رأس المال نقدا؟
ما ينبغي أن يكون رأس المال في عقد الشركة؟هل من اللازم أن يوفِّر كل واحد من الشركاء الجزء النقدي؟ أو من الممكن أن يقدم أحدٌ العروض؟ تختلف وجهاتُ نظر الفقهاء في هذه المسألة.
مذهب الحنفية: عند أبي حنيفةrلايجوز إنشاء «شركة العقد» إذا كان رأس المال من العروض، سواء كان مثليا أو قيميا.
مذهب المالكية:عند المالكية يجوز توفير رأس المال في صورة العروض مطلقًا، سواء كانت العروض من المثليات أو من القيميات، ومن الممكن أن يوَفّر كلا الشريكين رأسَ المال في صورة العروض، أو أن يأتي أحدهما في صورة العروض، والآخر يقدّم ا لنقود.
يقول المالكية: إذا وَفَّر شريكٌ رأسَ المال في صورة العروض فسيتم تحديد نصيبه على أساس السعر السوقي للبضاعة[SUP]([1])[/SUP].
ويقول بعد ذلك:
يجوز لرجل أن يشترك في صناعة متحركة(industry).
مثلًا: لزيد مصنع الملابس، و اشترك بكر معه بعد توفير مائة ألف روبية، و صارا شريكين في هذا المصنع، ففي هذه الحالة كان رأس المال من زيد في صورة العروض، و من بكر في صورة النقود، وبالتالي سيتم تحديد رأس مال زيدٍ بعدَ تقويم المصنع، وتنعقد الشركة على أساس ذلك[أي: السعر السوقي للمصنع[؛ لأنه ليس من اللازم أن يكون رأس مال الشركة نقدًا كماذكرناه قبلُ[SUP]([2])[/SUP].

رأي أكابرنا ـX ـ في هذه المسألة:
قد صرَّح أكابرنا ـXـ بشرط تقويم العروض عند العقد، حيث قال حكيم الأمة أشرف علي التهانويr إجابةً لسؤالٍ حول شراء أسهم «الشَرِكة» والمشاركة فيها:
الإجابة والله الموفِّق للحق والصواب:
ييدو أن هذا العقدَ شركةُ عنان؛ لأن المؤسسين يعُدُّون أنفسهم شركاء وقت مشاركة الشركاء الآخرين، ويقوِّمون المباني المملوكة التي تتعلق بالشركة، وجميع الأثاث وأموال التجارة.
مثلا: لو صرفوا عشرة آلاف روبية لإنشاء الشركة في المباني والأثاث ونحوذلك، فيظهرون أنفسهم شركاء في مائة سهم، ولكن الشركة منهم ليست شركة بالنفقة بل شركة بالعروض، وتجوز هذه الصورة عند بعض الأئمة:
«فيجوز الشركة والمضاربة بالعروض بجعل قيمتها وقت العقد رأس المال عند أحمد في رواية، وهو قول مالك وابن أبي ليلى». كما ذكره الموفق في «المغني» (ظ¥/ظ،ظ¢ظ¥) .
فغŒفتغŒ في هذه المسألة بجواز الشركة المذكورة؛ لعموم البلوى متمسكا بقول الأئمة الآخرين[SUP]([3])[/SUP].

فالحاصل أن أوسع المذاهب ـ من حيث كون رأس المال نقدا أو عروضاـ هو مذهب المالكية، ولكن لاتجوز الشركة البنوكية عندهم أيضا؛ لأنهم يشترطون لصحة الشركة بالعروض تقويم العروض وقت العقد وجعل قيمتها رأس المال، في حين لاتُقوَّم العروض في الشركة البنوكية.
وجه الحرمة في السبب الأول:
إذا لم تقوّم العروض فلم يعرف رأس المال الحقيقي للشركاء القدامى، وبسبب ذلك لو كان رأس المال الحقيقي يزيد في حالة تقويم العروض، فهذه الزيادة والربح ـ بما يتناسب لها ـ حق لهم(أي: للشركاء القدامى)، ويعطي البنك حقهم لغيرهم ظلمًا بدون الحق، ولو كان رأس المال الحقيقي يتراجع بعد التقويم، فهذا إعطاء حق الشركاء الجُدَد للقدامى، وذلك أكل بالباطل، و هو حرام.

إجابات عن بعض الشبهات حوله:
الشبهة الأولى:

إنّ هذا القول: «العروض لايتمّ تقويمها في المصارف الإسلامية» مبنيٌّ على الجهل بالنظام الحاسوبي الجديد؛ لأن الحاسوب يخبر بجميع هذه الحسابات في لحظات سريعة.

الإجابة الأولى:
أي زرٍّ من أزْرار الحاسوب يخبر بعد ضغطه عن سعر جمغŒع ممتلكات البنك من عشرات السيارات المستأجرة وسيارات العمال والأثاث والأراضي وغير ذلك؟ وهل يمكن ذلك؟! مع أن سعر هذه الممتلكات يختلف عن وقتٍ لآخر، فهل من الممكن أن نعرف السعر الحالي لهذه الأشياء بدون رؤية الخبراء بعد ضغط زرٍّ حاسوبيٍّ فحسْب؟! فهل يخبر أحد عن ذلك الزر الحاسوبي؟!

الإجابة الثانية:
من المعلوم أن العمل يتبعه أثره ونتيجته، فلو كان تقويم العروض في البنوك الإسلامية أمرا واقعيًّا لظهر أثره ونتيجته، بينما لم يره أحدٌ بعدُ.
ويظهر أثره في أحد الأمور الثلاثة:
1. أن تكون القيمة السوقية للعروض (البضاعة) موافقة لرأس المال وقتَ العقد.
2. أن تكون أزيد من رأس المال.
3. أن تكون أقل منه.
أما الاحتمال الأول وإن كان ممكنا في ذاته، فإنه من المستحيل عادةً، ؛ لأن التجارة لو كانت في تطور وتقدم، فتظهر نتيجة الاحتمال الثاني، ويزيد سعر العروض على رأس المال، وإن كانت في انخفاض وتراجع، فغŒظهر الاحتمال الثالث وينقص سعر العروض عن رأس المال.
هل رأى أحدٌ هذا الأثرَ الأغلبي؟ فهل أخبر بنكٌ للشريك القديم: قد تمَّ زيادةُ رأسِ مالِك وقتَ تقويمِ العروض التي في حصتك، إذا فتح الحسابَ الشركاءُ الجُدَدُ، و الآن رأس مالك الحاليّ كذا و كذا، و تُعْطى الربح بما يتناسب رأس المال الجديد؟! فهل أخبر أحد البنوك لشركائهم ولو مرة واحدة؟!

الشبهة الثانية:
المال الذي يعطى للشركاء كل شهر باسم «الربح»هو الربح الحقيقي، أي: مازاد من رأس المال يعطى جميعه كل شهر؛ ولذا يكون رأس المال على حاله دائمًا.

الإجابة الأولى:
إن هذا الكلام مبني على الجهل بالواقع؛ لأن المجيزين يعتقدون بأنفسهم توزيعَ الربح كل شهر صعبًا، و أن الحساب الواقعغŒ كل شهر للتجارة المنتشرة متعذر، بل من المستحيل، ولذلك يقولون: هذا توزيع النفع على التخمين والحزر، و الحسابات الحقغŒقية ستكون بعدُ (وعلى الرغم أنه ما رأى هذه الحسابات أحدٌ في العالم حتى اليوم ).

الإجابة الثانية:
على سبيل الفرض والتسليم لو قلنا: إنها حسابات حقيقية و أرباح حقيقية، فأصل الاعتراض باق على حاله؛ لأنه إذا أودع أحدٌ المال في البنك في التاريخ (ظ،ظ¥) مثلًا، ففي ذلك الوقت تكون أرباح أنصباء الشركاء القدامى للأيام السابقة ـ خمسة عشر ـ مع أنصبائهم، ففي ذلك الوقت من اللازم أن يتمَّ تقويم أنصبائهم، و زيادة رأس مالهم، مع أن البنك لا يهتم بذلك، ومن ادَّعى الاهتمام فعليه البيان.


([1]) شركت ومضاربت عصرِ حاضر مغŒ?،ص:غ²غ´غ¸ ، ط: مكتب? معارف القرآن، كراچغŒ

([2]) شركت ومضاربت عصرِ حاضر مغŒ?،ص:غ²غµغµ ط: مكتب? معارف القرآن، كراچغŒ

([3]) إمداد الفتاوى: ظ£/ظ¤ظ©ظ¤
 

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

السبب الثاني لفساد عقد الشركة :
يُشترط لجواز الشركة عند الأئمة الأربعة (مع اختلاف يسير): أن يكون رأس المال لجميع الشركاء حاضرًا وموجودًا، ولايكون رأس مال أحدهم دينًا أو غائبًا، وإلا فلم تصح الشركة مع العلم بأن بعض رأس المال للشركاء القدامى في البنوك الإسلامية يكون دينا؛ لأن معظم البيوعات فيها مرابحات مؤجلة.

مذهب الحنفية:
قال ملك العلماء الكاسانيr:
ومنها : أن يكون رأس مال الشركة عينا حاضرا لا دينا ، ولا مالا غائبا، فإن كان لا تجوز، عنانا كانت أو مفاوضة ؛ لأن المقصود من الشركة الربح وذلك بواسطة التصرف ، ولا يمكن في الدين ولا المال الغائب ، فلا يحصل المقصود.
وإنما يشترط الحضور عند الشراء لا عند العقد ؛ لأن عقد الشركة يتم بالشراء ، فيعتبر الحضور عنده حتى لو دفع إلى رجل ألف درهم ، فقال له : أخرج مثلها ، واشتر بهما وبع، فما ربحت يكون بيننا ، فأقام المأمور البينة ، أنه فعل ذلك جاز. وإن لم يكن المال حاضرا من الجانبين عند العقد لما كان حاضرا عند الشراء[SUP]([1])[/SUP].

مذهب المالكية:
يشترط عند المالكية أن يكون رأس المال موجودا عند العقد، فلو لم يكن المال موجودا عند العقد من الجانبين، (أي: كان حاضرا من جانب وغائبا من جانب آخر)، فلابد من وجود الشرطين لجواز الشركة عندهم:
1. أن لايعمل كلا الشريكين حتى يحضر المال الغائب.
2. أن لايكون المال الغائب بعيدا.
ثم فسَّر بعض المالكية بأن معناه (أي: أن لايكون المال الغائب بعيدا): «يمكن إحضاره في اليومين»، ويقول البعض: «لايستغرق في إحضاره أكثر من عشرة أيام».

مذهب الحنابلة والشافعية:
لابد لصحة الشركة عند الحنابلة والشافعية: أن يكون المال موجودًا متعينًا وقتَ العقد، فلو لم يكن المالُ موجودا أو كان دينا في ذمة أحد، فلاتجوز الشركة أصلًا؛ لأن الشرط الأساسي عندهم في الشركة:أن يكونَ المال مخلوطًا ، و من البديهي أن المال إذا لم يكن موجودا فكيف يتِمُّ خلطه[SUP]([2])[/SUP].

فخلاصة الأمر:أن أسهل المذاهب في هذه المسألة مذهب الحنفية، مع العلم بأن الشركة البنوكية لاتجوز على أساس هذا المذهب؛ لأن رأس مال الشركاء القدامى يشتمل على أربعة أنواع:
1. النقود.
2. الممتلكات الثابتة.
3. البضاعات التجارية( التي تمَّ شراؤها، ولكن لم تبع بعدُ).
4. الديون(أي:التي وجبت في ذمة المشترين على الأقساط بسبب شراء البضاعة نسيئة في المرابحة البنوكية)
فعلم أنه يشتمل على الديون، فإذن لاتجوز الشركة مع الشركاء القدامى عند الأئمة الأربعة إجماعا.

السبب الثالث لفساد عقد الشركة:
يعمل البنك بـ «الاستدانة»(«الاستدانة»: الشراء بالتأجيل أكثر من رأس المال)، وهو غير جائز من وجهين:
1. لا بد لصحة «الاستدانة» من إذن صريح من رب المال، مع أن البنك لايستأذن من أرباب الأموال، وإلّا فعليه البيان.
2. بما أنه يصير «شركة الوجوه» بعد الإذن، فلابد من أن تنفرد أموال «الاستدانة» وحساباتها، في حينٍ أن البنك لايعلم هذه المسألة، و لايعمل بها وإلّا فعليه البيان.
قال الإمام السرخسيr:
وما استدان سواء كان بقدر مال المضاربة أو أقل أو أكثر فهو بينهما نصفان، فربحه ووضيعته بينهما نصفان، حتى لو هلكت المشتراة بالدين كان ضمان ثمنها عليهما نصفين.
ولو كان أمره أن يستدين على نفسه كان ما اشتراه المضارب بالدين له خاصة دون رب المال؛ لأنه في الاستدانة على نفسه يستغني عن أمر رب المال، فكان وجود أمره فيه وعدمه سواء....
ولا تكون هذه الشركة بطريق المضاربة؛ لأن المضاربة لا تصح إلا برأس مال عين، فكانت هذه الشركة في معنى شركة الوجوه، فيكون المشترى مشتركا بينهما نصفين، فلا يصح منهما شرط التفاوت في الربح مع مساواتهما في الملك في المشترى[SUP]([3])[/SUP].

الفرق بين «الاستدانة» و«النسيئة»:

اعلم أن «النسيئة» هي: الشراء بالتأجيل إلى حد رأس المال.
مثلا: إذا كان رأس المال عشرة ملايين روبية، واشترى المضارب بضاعةً بعشرة ملايين روبية: نصفه نقدًا ونصفه مؤجلًا، فهذه هي «النسيئة» وهي جائزة في التجارة في الشريعة الإسلامية.
وأمّا «الاستدانة» فهي الشراء بالتأجيل أكثر من رأس المال.
مثلًا: إذا كان رأس المال مليار روبية، واشترى المضاربُ بالتأجيل بضاعةً بثلاثة مليارات روبية، فالشراء بالتأجيل أكثر من رأس المال هو «الاستدانة»، وقد مرّ حكمه.
وليست «الاستدانة» بـ«النسيئة» كما اشتبه الأمر على بعض العلماء في هذه المسألة، و كتب جواز «الاستدانة» بدون إذن رب المال لعرف التجار مستدلًّا بالنصوص التي تدل على جواز النسيئة، مع أن «الاستدانة» غير «النسيئة».


([1]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:ظ¥/ظ§ظ©، (الطبعة الثانية،ظ،ظ¤غ°ظ¦هـ)، دار الكتب العلمية

([2]) انظر: شركت ومضاربت عصرِ حاضر مغŒ?،ص:غ±غ¹غ¹،غ²غ°غ°،غ²غ°غ±، ط: مكتب? معارف القرآن، كراچغŒ

([3]) المبسوط للسرخسي،باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة:ظ¢ظ¢/ظ،ظ¦ظ£، ط:رشيدية
 

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

السبب الرابع لفساد العقد:
يقوم البنك بالتجارة المشتركة من أموال حسابات التوفير و الحسابات الجارية، مع أن الحسابات الجارية قرض. وضمان القرض واجب على المضارب، ولوأذن له رب المال بالاستقراض إذنا صريحا؛ وبالتالي فالربح والخسارة يعودان إلى المضارب (البنك) دون رب المال، و من اللازم أن تكون البضاعة المشتراة من القرض وحساباتها منفردة، مع أن البنك لايهتم بذلك وإلا فعليه البيان.
قال الإمام السرخسيr:
والأصح أن يقول: الأمر بالاستقراض باطل.ألا ترى أنه لو أمر رجلا أن يستقرض له ألفا من فلان، فاستقرضها كما أمره كان الألف للمستقرض دون الآمر.... وما كان الأمر بالاستقراض إلا نظير الأمر بالتكدي وهو باطل وما يحصل للمتكدي يكون له دون الآمر[SUP]([1])[/SUP].
السبب الخامس لفساد العقد:
الشرط الذي يقطع الشركة في الربح في شركة العنان(الأموال): لايجوز و يُفسد العقد، بينما يوجد هذا الشرط في الشركة البنوكية؛ لأن معظم المؤظفين شركاء، و يمنح لهم الرواتب قبل توزيع الأرباح.
قال الإمام ابن الهمامr:
«قوله: (ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحد دراهم مسماة من الربح ) قال ابن المنذر : لا خلاف في هذا لأحد من أهل العلم[SUP]([2])[/SUP]».
قال العلامة ظفر أحمد العثمانيr مؤلف «إعلاء السنن»:
لايصح كون الشريك أجيرا، بل صورة الجواز: أن يزاد حصته في الربح إذا كان الشريك مديرا.
مثلًا: إذا كان الربح «آنين» في روبية لشريك غير مدير، فيمنح «أربعة أوان» في روبية إذا كان الشريك مديرا، ولكن لايجوز أن يعيّن له الراتب الشهري[SUP]([3])[/SUP].
الأمر الثاني لجواز الشركة:أن تكون التجارة صحيحة وفقَ أصول الشريعة الإسلامية:
هل التجارة صحيحة وفق أصول الشريعة الإسلامية أم لا؟ فلا بد له من ملاحظة أربعة أمور:
1. أن تكون التجارة جائزة.
2. أن تكون التجارة موافقة لرأس المال.
3. أن تكون القضايا اليومية جائزة.
4. أن يكون توزيع الأرباح و الخسائر وفقَ المناهج الشرعية.
ولا يراعى الأمور الثلاثة الأخيرة منها في المصارف الإسلامية(كما زعموا)، و التفصيل فيمايلي:
(١) التجارة موافقة لرأس المال أم لا؟
لابد لملاحظته من معرفة مجموعِ رأس المال، في حين أن مجموعَ رأس المال لايعرفه أحد في البنك، بل من المستحيل أن يعرفه أحد، و يخبر: ماهو قدر رأس المال الذي تمّت التجارة عليه في هذا الشهر أو في هذه السنة؟ لأن رأس المال يختلف في هذه البنوك كل يوم، بل في كل ساعة ودقيقة.
ومن اللازم شرعًا أنْ يعلم وقتَ توزيع الأرباح و الخسائر قدرُ رأس المال الذي جرى عليه التجارة من بداية العقد إلى وقت التوزيع، كأنه من اللازم أن يكون رأس المال واحدًا طيلة مدة التجارة وأن يكون معلوما وقتَ التوزيع.
قال الإمام السرخسيr:
«وكذلك لا يصح أن يكون رأس مال أحدهما دراهم، و رأس مال الآخر عروضا في مفاوضة ولا عنان؛ لجهالة رأس المال في نصيب صاحب العروض على ما بينا[SUP]([4])[/SUP].
نعم، اشترط الإمام الشافعي r العلمَ بمقدار رأس المال وقت العقد، وأما عند الحنفية، فالعلم به ليس بلازم وقت العقد، بل لو علم وقت الشراء فيصح العقد.
قال ملك العلماء الكاسانيr:
وأما العلم بمقدار رأس المال وقت العقد، فليس بشرط لجواز الشركة بالأموال عندنا ، وعند الشافعي رحمه الله شرط.
وجه قوله: أن جهالة قدر رأس المال تؤدي إلى جهالة الربح ، والعلم بمقدار الربح شرط جواز هذا العقد ، فكان العلم بمقدار رأس المال شرطا.
ولنا: أن الجهالة لا تمنع جواز العقد لعينها، بل لإفضائها إلى المنازعة، وجهالة رأس المال وقت العقد لا تفضي إلى المنازعة؛ لأنه يعلم مقداره ظاهرا وغالبا؛ لأن الدراهم والدنانير توزنان وقت الشراء، فيعلم مقدارها،فلا يؤدي إلى جهالة مقدار الربح وقت القسمة[SUP]([5])[/SUP].
(٢) فساد القضايا اليومية:
القضايا اليومية في هذه البنوك تخالف الشريعة الإسلامية تمامًا؛ لأن الإجارات والمرابحات اليومية في هذه البنوك فاسدة؛ لأسبابٍ سنأتي على ذكرها، والعقود الفاسدة في حكم الربا، والربح الحاصل منها حرام و واجب التصدق، في حين أن البنك لا يتصدق هذه الأرباح المحرَّمة، بل يوزّعها بين أرباب الأموال(أصحاب الحسابات)، فإذن يشترك الجميع في أكل الحرام.
أسباب مفسدة للقضايا اليومية في هذه البنوك:
‌أ. تمَّ تطبيقُ شروطٍ تخالفُ مقتضى العقد. مثلًا:
1. الشراء على شرط المسؤولية المحدودة.
2. الإجبار على الوفاء بوعد الإجارة والبيع قبل العقد، وإلزام الغرامة في حالة الرفض.
3. شرط التزام التصدق في حالة تأخير القسط.
‌ب. الحصول على الأرباح استيجارًا وشراءً من مبلغ التأمين(Security deposit) مع أنه قرض، و حصول المنفعة من القرض حرام وصريح الربا؛ لقوله ﷺ :« كل قرض جر منفعة فهو ربا»[SUP]([6])[/SUP].
‌ج. إلزام مسؤولية تكلفة إصلاح الشيء المستأجَر(مثلًا: السيارة) على المستأجِر.


([1]) المبسوط للسرخسي، باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة:٢٢/١٦٤، ١٦٥، ط:رشيدية

([2]) فتح القدير:٦/١٧۰، دار الكتب العلمية، بيروت

([3]) إمداد الأحكام:٣/٣٢٤

([4]) المبسوط للسرخسي: ١١/١٧٤، رشيدية

([5]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:٥/٨٤، (الطبعة الثانية،١٤۰٦هـ)، دار الكتب العلمية

([6]) أخرجه ابن أبي شيبة في :١٣ـ كتاب البيوع والأقضية. ٧٩ـ من كره كل قرض جر منفعة، حديث (٢١۰٧٨):١۰/٦٤٧ـ ٦٤٨، ط:المجلس العلمي. قال: حدثنا حفص، عن أشعث، عن الحكم، عن إبراهيم قال مثله. انتهى، ثم ذكر نحوه عن عطاء، وعن الحسن ومحمد ويؤيده ماجاء عن ابن مسعودt ـ كما هو في « المصنَّف» في الباب نفسه وفيما تقدم ـ قال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، قال: حدثنا ابن عون، عن ابن سيرين، قال: أقرض رجلٌ رجلًا خمس مئة درهم، واشترط عليه ظهرَ فرسه، فقال ابن مسعودt: «ماأصاب من ظهر فرسه فهو ربا».
 

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

(٣) طريق توزيع الأرباح والخسائر لايوافق الشريعة:
وتفصيله: أنهم ذكروا لتوزيع الأرباح طريقين:
أحدهما: في «المصرفية اللَّاربوية» للشيخ تقي العثماني حفظه الله.
ثانيهما: في «المصرفية اللَّاربوية» لأصحاب دار الإفتاء بجامعة الرشيد.
وكلاهما يخالفان الأصول الثلاثة المستخرجة من أقوال رسول اللهﷺ: الأصل الأول:«الخراج بالضمان»[SUP]([1]) [/SUP]............................................................
والأصل الثاني: «الغنم بالغرم»[SUP]([2])[/SUP]و الأصل الثالث: «لايحل ربح مالم يضمن»[SUP]([3])[/SUP] وكذا يخالفان النصوص الفقهية الآتية:

قال الإمام السرخسيr:
لأنه لو صح ذلك استحق أحدهما جزءا من ربح ما ضمنه صاحبه وذلك لا يجوز.... لأن أحدهما يشترط لنفسه ربح ما قد ضمنه صاحبه وذلك باطل[SUP]([4])[/SUP].
الطريق الأول لتوزيع الأرباح:مثلًا: أعطى كل من «زيد» و«عمرو» عشرين مليونا واشتركا في التجارة لمدة ستة أشهر. ثم اشترك «بكر» معهما بعد ستة أشهر في ثُلُث التجارة، وأعطى عشرين مليونا، وتمَّ الاتفاقُ على أن السُدُس (٦/١) من الأرباح السنوية لـ «بكر» في نهاية السنة.
و بما أن هذا المنهج يتضمن «ربح ما لم يضمن» فإنه لايجوز. لاحِظْ، أنه لو كان الربحُ في الأشهر الستة الابتدائية اثني عشر مليونا مثلًا، وقد كان رأس المال أربعين مليونا. و بعد مشاركة «بكر» في الأشهر الستة الأخيرة كان الربح ستة ملايين، وقد كان رأس المال في هذه الآونة ستين مليونا.
ففي هذه الحالة اشترك «بكر» في الأشهرالستة الأخيرة، فيجب أن يمنح الثُلُث (٣/١) من أرباح الأشهر الستة الأخيرة أي: مليونان.
ولم يشترك «بكر» في الأشهرالستة الابتدائية، و لم يتحمل الضمان فيها، وبالتالي يجب أن يوزع ربح هذه الآونة بين زيد و عمرو دون «بكر»، في حين أنّ الربح يمنح لـ «بكر» في هذا المنهج المقترح؛ لأن مجموع اثني عشر مليونا ]ربح النصف الأول[ وستة ملايين ]ربح النصف الأخير[ هو ثمانية عشر مليونا، و سدسه (٦/١) ثلاث ملايين، فحصل لـ «بكر» ربح النصف الأول ـ وهو مليون ـ مع أنه لم يتحمل الضمان في هذه الآونة، وهذا ربح مالم يضمن و هو حرام؛ لأجل هذه الأحاديث والنصوص الفقهية.
وكذلك اتجر البنك في الأشهر الستة الأخيرة بمنافع الشهور السابقة ـ وهي اثناعشر مليونا ـ وبالتالي يجب أن يوزع هذا الربح بين زيد وعمرو، في حين يشترك «بكر» معهما في طريق توزيع الأرباح المقترح، وليس هناك أي دليل شرعي على جوازه.


الطريق الثاني لتوزيع الأرباح:
ذكره أصحاب دار الإفتاء بجامعة الرشيد. وفيه أنه قد حصل في الأيام ـ التي انتقص رأس المال فيها حقيقة وزاد متوسطًا ـ لرب المال(صاحب الحساب) ربحُ مالم يضمن(أي: النفع بدون الضمان)، وهو حرام، وظلم على الآخرين.
وفي الأيام التي زاد رأس المال فيها حقيقة، و انتقص متوسطا، فقد حصل للآخرين «ربح مالم يضمن» وهو ظلم عليه.
أما صورة النقصان فعلى عكس ذلك. أي: لو كانت التجارة في خسارة ففي الأيام التي زاد فيها رأس المال متوسطا، وانتقص حقيقة، ففي هذه الأيام ينبغي أن تكون خسارته قليلة، مع أنه يتحمل النقصان أكثر من ذلك، وهذا ظلم عليه، وفي الأيام التي زاد فيها رأس المال حقيقة وانتقص متوسطا، فخسارته أكثر، مع أنه يتحمل قليلا، فهو ظلم على الآخرين.
ملاحظة:
انظر: الطريق الأول في «غیر سودی بینكاری» أي: «المصرفية اللَّاربوية» للشيخ تقي العثماني،(ص:١١٧) والطريق الثاني في«غیر سودی بینكاری» أي: «المصرفية اللَّاربوية» لأصحاب دار الإفتاء، جامعة الرشيد، (ص:١٣۰ـ١٣٤).
طريقُ أخذِ بعضِ الشركاء جميعَ أمواله أو بعضها بعد بداية الشركة والمضاربة:
يقول المجيزون: إذا أخذ صاحبُ الحساب مالَه من البنك فإنه يبيع نصيبه ويشتريه البنك للشركاء الآخرين وفقَ القيمة السوقية، ويردُّ إليه رأسَ المال الأصلي والربحَ حسب معدل الربح المحدَّد.
قال الشيخ تقي العثماني حفظه الله:
الذي أراد أن يأخذ المال من هذا الحوض المشترك، فهو يبيع نصيبه جزءًا أو كلًّا للشركاء الآخرين في الحقيقة، ويلاحظُ وقتَ تقويمه حالةُ التجارة في ذلك الوقت ......
بقي أمرٌ، أنه على أي قيمة يشتري الشركاء ذلك النصيب؟
فالطريق الأمثل: أنه لو تباع هذه الممتلكات في السوق، فقيمة النصيب الذي يحصل للشريك الخارج من رأس المال ومن الربح ـ إن كان ـ ؛ هي قيمة نصيبه، و يمنح الربح بالنسبة التي تقررت وقت الشركة[SUP]([5])[/SUP].
وفي «المصرفيَّة اللَّاربوية» لأصحاب دار الإفتاء بجامعة الرشيد:
«إذا اشترى البنك من الشريك نصيبه، فـ
1. يشتري بالقيمة السوقية.
2. و يعطي معها الربح الحاصل إلى تلك الآونة» [SUP]([6])[/SUP].
ملاحظة:
إن قولهم يختلف عن الواقع تمامًا؛ لأن الآخذين من الحسابات المصرفية ـ سواء يأخذ جميع المال أو بعضه ـ على قسمين:
1. الذي يأخذ بعد نهاية المدة.
2. الذي يأخذ قبل نهاية المدة.
فالذي يأخذ ماله قبل نهاية المدة، فيردُّ إليه البنكُ الباقیَ بعدَ الخصم من رأس المال الأصلي بالنسبة إلى «الوزن» لمدة قليلة، فعلم أنه لا يعتبر القيمة السوقية، و لايردُّ رأس المال مع الربح، بل يأخذ منه في بعض الأحوال الربحَ المدفوعَ!! ومعرفةُ تفاصيلِه تتوقفُ على معرفة «الوزن».
الوزن(Weightage) :
الذي أودع الأموال في البنك لمدةٍ طويلةٍ یحدِّد البنك لماله «وزنًا» أكثرَ بالنسبة إلى الآخرين، وبعبارة آخرى يمنح له «الربح» أكثر.
وأما الذي أوْدَع لمدةٍ قصيرةٍ يكون لماله «وزن» أقل بالنسبة إلى الآخرين، وبعبارة أخرى يكون نفعه أقل.
مثلًا:أوْدع كلٌّ من زيد وبكر عشرة ملايين روبية، ولكن أوْدع زيد لمدة خمس سنوات، وبكر لمدة عشر سنوات، فیحدِّد البنك لزيد معدل الربح أقل؛ لأجل المدة القصيرة، حتى يكون ربحه «ألف روبية في مليون» مثلًا، ويحدِّد لبكر معدل الربح أكثر؛ لأنه أوْدع ماله لمدة طويلة، حتى يكون ربحه «خمس مائة وألف روبية في مليون» مثلًا.
فنتیجةً لاختلاف معدل الربح یتلقى «بكر» أكثرَ من «زيد» كل شهر خمسة آلاف(٥۰۰۰)، و كل سنة ستين ألفا(٦۰۰۰)، و بعد خمس سنوات ثلث مائة ألف(٣۰۰۰۰۰).
فبعد خمس سنوات انتهت مدةُ شركة زيد، و بقي من مدة شركةِ بكرٍ خمسُ سنوات، ولكن سنح لبكر حاجة في ماله، فطلب من البنك استخراج ماله، فيقول البنك:«لايمكن لك أن تأخذ مالك، والطريق الوحيد لك: أن تبيعني نصيبَك حيث أشتري منك نصيبك على السعر الأقل الذي به يتِمُّ رجوعُ الربح المدفوع الزائد».
فيشتري البنك نصيبه بسبعة ملايين حتى يرجع ثلاث ملايين ـ وهو الربح المدفوع الزائد بالنسبة إلى زيد ـ.
بينما هناك ثلاثة مشترين آخرين مثلًا، يريدون شرائه: أحدهم بعشرة ملايين، والثاني بأحد عشر مليونا، والثالث باثني عشر مليونا، وفيه نفع لهؤلاء؛ لأنهم لو فتحوا الحساب و أودعوا في البنك هذا المبلغ من المال مباشرةً لمدة خمس سنوات مثلًا، فلا يتلقون الربح الزائد الذي سيمنح لبكر؛ لأن معدل الربح لهم في هذه الحالة «ألف روبية في مليون»، في حينٍ كان معدل الربح لبكر «ألف و خمس مائة في مليون»، وعلى هذا يحصل للمشتري الأولِ: ثلاثُ ملايين، وللثاني مليونان، وللثالث مليونٌ في مدة خمس سنوات.
فيجبر البنك علىه [أي: بكر[ أن يبيع نصيبه بسبعة ملايين، ويمنع الآخرين عن شراء نصيبه؛ لأن البنك يريد أن يأخذ ستة ملايين: ثلاثة ملايين سابقة، ثلاثة ملايين مقبلة ظلمًا!!
فعلم من هذا كلِّه أن البنك عند شراء نصيبه ـ القسم الثاني من رب المال ـ لايمنح له القيمة السوقية ولا الربح، بل يردّ إليه أقل من القيمة السوقية بقدر أن يأخذ بعض الربح المدفوع في السنوات السابقة.


([1]) أخرجه الترمذي في: ١٢ـ كتاب البيوع، ٥٣ـ باب ماجاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد فيه عيبا، حديث(١٢٨٥) : ٣/٥٨١، بتحقيق أحمد محمد شاكر، ط:دار الكتب العليمة.
وأبوداود في: ٢٢ـ كتاب البيوع، باب فيمن اشترى عبدا، فاستعمله ثم وجد فيه عيبا، حديث(٣٥۰٨) :٣/٢٨٤، بتحقيق محيي الدين عبد الحميد.
= والنسائي في : ٢٢ـ كتاب البيوع، ١٥ـ الخراج بالضمان،حديث(٤٤٩۰):/٢٥٤ـ٢٥٥، بتحقيق عبد الفتاح أبوغدة.
وابن ماجه في :١٢ـ كتاب التجارات، ٤٣ـ باب الخراج بالضمان،حديث (٢٢٤٢) :٢/٧٥٤، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر،
وأحمد في المسند: (في مسند أم المؤمنين عائشةi): ٦/٤٩، دار الفكر العربي.
كلهم من حديث عائشةi واللفظ للترمذي: عن عروة عن عائشة، أن رسول الله ﷺ قضى أن الخراج بالضمان. وقال أبوعيسى: هذا حديث حسن صحيح . وقد روي من غير هذا الوجه والعمل على هذا عند أهل العلم . انتهى.

([2]) أخرجه الإمام الشافعي في الأم، كتاب الرهن الصغير:٣/١٩۰، دار المعرفة عن سعيد بن المسيب أن رسول اللهﷺ قال : «لايغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه» والبغوي في المشكاة:٢٥۰ وابن أبي شيبة في المصنف،١٣ـ كتاب البيوع والأقضية، ٤١٤ـ في الرجل يرهن الرهن فيهلك:١١/٥٥٥، ٥٥٦، رقم(٢٣٥۰) بتحقيق محمد عوامة.

([3]) أخرجه الترمذي في:١٢ـ كتاب البيوع، ١٩ـ باب ماجاء في كراهية بيع ماليس عندك، حديث(١٢٣٤)،٣/٥٣٥ـ٥٣٦، بتحقيق أحمد محمد شاكر.
والنسائي في:٤٤ـ كتاب البيوع، ٦۰ـ باب بيع ماليس عند البائع، حديث(٤٦١١) :٧/٢٨٨، بتحقيق عبد الفتاح أبوغده.
والطبراني في : محمد بن سيرين عن حكيم، حديث(٣١٤٦)، بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية.
وفيه: عن حكيم بن حزام، قال:«نهاني رسولﷺ عن أربع خصال في البيع : عن سلف وبيع، وشرطين في بيع، وبيع ماليس عندك، وربح مالم تضمن»، ورمز السيوطي إلى حسنه في «الجامع الصغير» :حرف النون، باب المناهي: ٦/٤٣۰، حديث(٩٤٨۰) (بشرح المناوي)، دار الكتب العلمية.
والآخرون كلهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عنه جده عبد الله بن عمروk أن رسول الله ﷺ قال : «لايحل سلف وبيع، ولاشرطان في بيع، ولا ربح مالم يضمن ، ولابيع ماليس عندك» وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

([4]) المبسوط للسرخسي:٢٢/١٦٣

([5]) «غیر سودی بینكاری»(باللغة الأردية) أي:المصرفية اللاربوية للشيخ تقي العثماني:٣٢٧

([6]) ص: ١٢٧
 

ولي خان المظفر

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2016
المشاركات
7
التخصص
الفقه
المدينة
كراتشي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: فتوى عن تحريم المصارف الإسلامية مع الأدلة الشرعية

الأعجوبة:
كان بكر يتلقى في كل شهر من الربح خمسة عشر ألفا حتى الشهر السابق، وفي هذا الشهر إذا أراد بيع حصته تراجع نصيبه بثلاثة ملايين فجأة( مع أنه لولم يبع في هذا الشهر، فيكسب المزيد من الأرباح في السنوات الخمس المقبلة، و يتلقى كل شهر خمسة عشر ألفا )، هذا من النوادر والأعاجيب!!هل يقبل عاقل أنه حقيقة؟!
فالعجب كل العجب من أن نصيب صديقه ـ وهو زيد ـ يباع في نفس التاريخ بعشرة ملايين؛ لأنه يردّ إليه عشرة ملايين، في وقتٍ يباع نصيب بكر بسبعة ملايين ـ وشتَّانَ ما بينهما ـ مع أن تجارتهما مشتركة، ولا فرق في حقيقة الأسهم من حيث السوق.
فحاصل الأمر:أن البنك لايقوّم القيمة السوقية لنصيب أحد، وليس هناك أي بيع؛ وبالتالي يقول بعض مديري البنك: لانعرف البيع، إنما نعرف «الوزن» فحسب، ولذا نلاحظ «الوزن» للآخذ قبل نهاية مدته، ماهو «الوزن الأصلي»؟ وماهو «الوزن» للوقت الذي يأخذ فيه؟فنلاحظ الفرق بين «الوزنين»، ثم نقول للآخذ قبل نهاية مدته: إن «الوزن» للوقت الذي تأخذ فيه «ألف في مليون» مثلًا، و«الوزن» للوقت المقترح هو «ألف وخمس مائة في مليون» مثلًا، فكأنك أخذت كل شهر «المزيد» أي: خمس مائة في مليون، ولأجل ذلك يتم إرجاعك الباقي بعد خصم المزيد.
هذا هو الواقع والحقيقة، لكن فوَّض أصحاب البنوك إلى العلماء ارتداء الزيِّ الإسلاميِّ لهذه الجادّة الخاطئة، ولذا أوّل بعض العلماء أنه بيع، بينما لايوجد فيه حقيقة البيع ولاشروطه، ولايقصده أصحاب البنوك.
تأويل بعض العلماء ونقده:
لوسلم أنه بيع فإنه لايجوز أيضا؛ لأنه يحتوي على القضايا التالية المضادة للشريعة الإسلامية:
1. يحب معرفة نسبة نصيبه من مجموع التجارة، وهذا يتوقف على معرفة حجم «التجارة»، وأما حجم التجارة فلايعلمه أحد؛ لأن حجمه يتغيرمن وقت لآخر بسبب تغير رأس المال.
2. لرب المال ـ الذي يريد أخذ ماله ـ ثلاثة خيارات في الشريعة الإسلامية:
‌أ. أن يبيع نصيبه للبنك.
‌ب. أن يبيعه للشريك القديم.
‌ج. أن يبيعه للشريك الأجنبي.
كما ذكر في صور إنهاء عقد المضاربة في «مضاربة نامه» المصدَّقة من دار العلوم كراتشي:
«يبيع الفريق الأول بالتراضي ممتلكاته المتناسبة لأي فريق ثالث، وفي هذه الحالة يصير ذلك الشخص [الفريق الثالث[ رب المال مكانَ الفريق الأول، ويكون على نفس الشروط والتفاصيل التي تم الاتفاق عليها مع الفريق الأول»[SUP]([1])[/SUP].
هذا، والبنك يحرِّمه عن خياره الشرعي، ويجبره على بيعه من نفسه فحسب.
3. من المعلوم أنَّ التراضي شرط في البيع، والتراضي على الشي بعد علم ذلك الشيء[SUP]([2])[/SUP]، فإذن التراضي موقوف على علم البيع، مع أن الأغلبية لاتعرف أنه بيع، بل مديرو هذا القسم في البنك لايعلمونه أيضا!!
قال العلامة الزيلعيr:
(هو مبادلة المال بالمال بالتراضي) وهذا في الشرع، وفي اللغة: هو مطلق المبادلة من غير تقييد بالتراضي، وكونه مقيدا به ثبت شرعا؛ لقوله تعالى: )إلا أن تكون تجارة عن تراض( [SUP]([3])[/SUP].
4. ومن المهم في التراضي: أن يعلم كل من البائع و المشتري الثمن، أي: يعلمان القيمة السوقية في تلك الآونة لذلك النصيب، في حين أن كلا منهما لايعلمانها؛ لأن معرفة القيمة السوقية تتوقف على الدورات حول العديد من الأسواق التي لايتحملها البنك، وليس هنالك زر حاسوبي تمَّ اختراعُه بعدُ، الذي تَظْهَرُ بعد ضغطه في الشاشة : القيمةُ السوقيةُ الحالية للممتلكات المتنوعة وفقا لظروف مختلفة!!

قال العلامة ابن عابدين الشامي r :
«قوله:( إن قبل القبض لم يصح )......قلت: ومثله قوله في الذخيرة: اشترى شيئا ثم أشرك آخر فيه، فهذا بيع النصف بنصف الثمن الذي اشتراه به ا هـ.
ومقتضاه أنه يثبت فيه بقية أحكام البيع من ثبوت خيار العيب والرؤية ونحوه، وأنه لا بد من علم المشتري بالثمن في المجلس»[SUP]([4])[/SUP].
5. إن جزءًا من نصيبه دين على ذمة الآخرين لأجل المرابحات المؤجلة. وبيعُ الدين مِنْ«مَنْ عليه الدين» يجوز، ولكن لايجوز مِنْ «غَيرِ مَنْ عليه الدين»، في حين أن البنك «غير مَنْ عليه الدين»، وبالتالي لايجوز بيع هذا النصيب منه.
قال المفتي رشيد أحمد اللُّدهيانويrإجابةً لسؤال:
«إن هذا العقد لايجوز بسببين: أحدهما: أنه بيع الدين من غير من عليه الدين، وهو لايجوز»[SUP]([5])[/SUP].
6. إن جزءًا من نصيبه في صورة الأوراق النقدية، وبيعه «بيع الفلس بالفلس»[SUP]([6])[/SUP]، وقد تم الاتفاق على حرمة بيع «النسيئة»؛ لأن الأوراق الدولية جنس واحد إجماعا، و «اتحاد الجنس» سبب يحرّم «النسيئة» وحده.
قال المرغينانيr:
«وبخلاف ما إذا كان أحدهما بغير عينه؛ لأن الجنس بانفراده يحرم النساء»[SUP]([7])[/SUP].
وصورة «النسيئة»: أن صاحب الحساب يبيع ويشتري عن طريق البنك، فليلاحظ ههنا أنه متى تم وقوع العقد بينه وبين البنك؟ وقت كتابة الصك، أو إعطاء الصك لأحد، أو إيداع المعطى له الصك في حسابه، أو وقت إطلاع بنك لبنك آخر، أو إرسال المال إلىه، فخلاصة القول: أنه «نسيئة» في هذه الأحوال كلها.
فبناء لهذه الأسباب المفسدة وغيرها من القضايا المفسدة المضادة للشريعة الإسلامية رفض العديدُ من أهل الفتوى و كبار العلماء في باكستان هذه المصارف الإسلامية(كمازعموا)، وأفتوا بحرمتها وأنها لاتتفق مع أصول الشريعة الإسلامية.
وفي شعبان 1429هـ المصادف بـ أغسطس 2008م يوم الخميس انعقد المؤتمر لأهل الفتوى وكبار العلماء في «الجامعة الفاروقية» كراتشي، بباكستان، برياسة رأس المحدثين في شبه القارة الهندية، و رئيس وفاق المدارس العربية، بباكستان، سماحة الشيخ سليم الله خان ـ حفظه الله ورعاه ـ .
وتمَّ اتفاقُ أصحاب الفتوى و المشاركين في المؤتمر على:
«أن المصرفية الإسلامية(كمازعموا) السائدة غيرُ إسلامية وغيرُ شرعية قطعًا، و أن حكمها مثل حكم المصارف الربوية... وكما يجب على المسلمين تجنب المحرمات الأخرى يجب عليهم التبعد عنها».

أسماء بعض المشاركين في المؤتمر:

1. الأستاد حميد الله جان حفظه الله تعالى
رئيس دار الإفتاء، الجامعة الأشرفية، لاهور
2. الأستاذ زرولي خان حفظه الله تعالى
شيخ الجامعة العربية أحسن العلوم، كراتشي
3. عبد المجيد الدينبوري الشهيد رحمه الله
المفتي في جامعة العلوم الإسلامية،بنوري تاؤن، كراتشي
4. حامد حسن حفظه الله تعالى
رئيس دار الإفتاء في دار العلوم كبير والا
5. حبيب الله الشيخ رحمه الله
المفتي في الجامعة الإسلامية
6. عبد الله حفظه الله تعالى
رئيس دار الإفتاء في الجامعة خير المدارس، ملتان
7. گل حسن حفظه الله تعالى
8. روزي خان حفظه الله تعالى
رئيس دار الإفتاء ، الربانية ، كوئيته، بلوشستان
9. إنعام الحق حفظه الله تعالى
المفتي في جامعة العلوم الإسلامية، بنوري تاؤن، كراتشي
10. سميع الله حفظه الله تعالى
المفتي في الجامعة الفاروقية، كراتشي
11. عبد الغفار حفظه الله تعالى
رئيس دار الإفتاء الجامعة الأشرفية، سكهر


فبناءً لهذه الأسباب المفسدة ولأجل فتاوى كبار العلماء لايجوز لهذه البنوك إصدار الفتاوى بدون الأدلة الشرعية وإضلال المسلمين بأكل المال الحرام، والذي يساعدهم في نشرها يشترك في الإثم.وصلى الله تعالى على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وكتبه
محمد عثمان زاهد
دار الإفتاء جامعة الخلفاء الراشدين



([1]) رقم الفتوى:ظ،ظ£ظ¢ظ§/ظ¥ظ¤،دار الإفتاء، جامعة دار العلوم، كراتشي، باكستان

([2]) لأنه مهما لايعرف الشيء، فكيف يرضى بذلك.

([3]) تبيين الحقائق:ظ¤/ظ¢، ط: دار الكتب العلمية، بيروت

([4]) رد المحتار:ظ¦/ظ¥غ°ظ¢، ط: دار المعرفة

([5]) أحسن الفتاوى: ظ§/ظ،ظ§ظ¦، ط: أيج، أيم، سعيد، كراتشي

([6]) هذا عند من يقول: «إن الأوراق النقدية بديل الفلوس»، وأما عند من يقول:«إن الأوراق النقدية بديل الذهب والفضة»، فالنسيئة حرام عنده أيضا.

([7]) الهداية مع فتح القدير، كتاب البيوع:ظ§/ظ¢ظ¢، ط: دار الكتب العلمية
 
أعلى