العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فقه المبادلات المالية

فقه المبادلات المالية

  • بارك الله فيك

    الأصوات: 1 100.0%
  • تأمل أكثر

    الأصوات: 0 0.0%
  • اجتهاد خاطئ

    الأصوات: 0 0.0%
  • لا أدري

    الأصوات: 0 0.0%

  • مجموع المصوتين
    1

إياد أبو ربيع

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1
اختلف الفقهاء في تحديد علة الأموال التي وردت في حديث: "الذهب بالذهب..."
واستنتج منه كذلك ربا الفضل (ربا السُّنة).واشترطوا عند مبادلة الأصناف المتشابهة التسوية في الوزن، والتسليم. وعند مبادلة الاصناف المختلفة التسليم.
وفي محاولة لفهم هذا الحديث وفقه المبادلات بشكل عام، فقد كتبت ما يلي:
اعتبار المثلية في المبادلات الربوية.
إن الأساس الذي جاء به الشرع هو العدل، وربا الفضل ذريعة إلى الظلم، فقد حرّمه رسول صلى الله عليه وسلم، ووضع ضابط المثلية في المبادلات الربوية، حرصًا منه على تحقيق العدل. فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" .
وجه الدلالة: أولاً: معلوم أن الأصناف الستة التي أشار إليها الحديث كانت هي الأبرز وأهم السلع التي تستخدم كنقود (الذهب والفضة)، أو تقوم مقام النقود (بقية الأصناف) في عهده صلى الله عليه وسلم ، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع هذه محمول على تحقيق العدل ومنع الظلم.
ثانيًا: مثلاً بمثل: المِثل: الشبه والنظير ؛ أي دون اختلاف في النوع. والمماثلة تدرك بالوزن في كل شيء . أتساءل: ما الفائدة من عملية مبادلة بين نوعين غير مختلفين متساويين في الوزن؟؟
تتم عمليات المبادلة نتيجة الحاجة المرجوة منها، فمبادلة المتشابهات ليس فيها حاجة، ولا فائدة منها.
إن اشتراط المثلية إذا لم يكن في النوع ولا الوزن؛ إذ لا فائدة منها، يحتّم أن تكون المثلية في القيمة. واشتراط المثلية في القيمة في الأجناس الواحدة والأجناس المغايرة أقرب للعدالة.
مما سبق تبيّن أن المثلية المشروطة في الحديث ليست المقصود بها المثلية في النوع، إذ لا فائدة من مبادلة نوعين متماثلين في نفس الزمن، لذا فيصبح معنى (مثلاً بمثل): المثلية في القيمة، وليست المثلية في النوع.
ثالثًا: سواءً بسواء: دون اختلاف في القدر (الوزن أو الكيل) .
وما قلناه في مثلاً بمثل، يُقال هنا: المراد بسواء بسواء: أي التسوية في القيمة، لا الوزن أو الكيل.
رابعًا: الصنف: يطلق على الطائفة من الشيء والنوع والضرب منه، ويطلق على تمييز الأشياء بعضها عن بعض . ويطلق على اللون .
إن عدم التفريق بين معنى الصنف والجنس، هو الذي أوقع في الإشكال، إذ الجنس: "هو ما له اسم خاص يشمل أنواعًا، أو هو ما يشمل أشياء مختلفة بأنواعها" . وهو: "كل شيئين فأكثر أصلهما واحد فهما جنس واحد وإن اختلفت مقاصدها" .
والقارئ المتابع لكتب الفقه يلحظ أن كثيرًا من الفقهاء اعتبروا الجنس والصنف واللون بمعنى واحد، وأما الأنواع فهي من مشتملات الجنس . والحقيقة أن الجنس أعم من الصنف، والصنف أعم من النوع. التمر: جنس، البرني : صنف، برني سعودي: نوع.
وبناء على ما سبق يمكن القول إن المقصود من اختلاف الأصناف يعني اختلاف الأنواع التي تدخل في جنس واحد، ومن باب أولى في أجناس متعددة، فتمر برني، مع تمر جنيب ، صنفان من جنس واحد، وتمر برني، مع عدس سوري، صنفان من جنسين أخريين.
الفرع الثاني: اعتبار الجودة والرداءة في المبادلات الربوية.
يرى جمهور الفقهاء أن الجودة في مبادلة ومقابلة ربوي بربوي من جنسه ساقطة، ويستدلون بذلك بقاعدة (جيدها ورديئها سواء) ، وأهم ما استدلوا به:
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من أين هذا؟". قال بلال: كان عندنا تمر ردي فبعت منه صاعين بصاع لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به" .
- عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل تمر خيبر هكذا". قال: "لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" . و زاد في رواية أخرى: "وقال: "في الميزان مثل ذلك" . قال ابن حجر: " قوله: "في الميزان مثل ذلك"؛ أي والموزون مثل ذلك لا يباع رطل برطلين" .
ولدى دراسة الحديث تبيّن لي أن فيه ما يأتي:
1- قضية التسعير:
يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك الفعل، واعتبره عين الربا، لما فيه من ظلم فاحش، حيث ربما غبنه في السعر، حيث لا تسعير آنذاك. فالمنع متوقف على التسعير العادل، لرفع الظلم على التاجر والمستهلك، أما في أيامنا هذه حيث التسعير، فيرتفع المنع، وإن كان هنالك غرر يسير، فهو مرفوع.
يقول الأستاذ العلامة الدريني: "إن الأمر ببيع الصنف الرديء بالنقود ثم السماح بشراء الصنف الجيد بالنقود، معناه أن سعر السوق هو المعيار، وذلك في ظل تفاعل قوى العرض والطلب بحرية في الأسواق وقيام ولي الأمر بالإشراف المباشر من أجل ضمان عدم وجود احتكار أو تواطؤ. ويجب أن تستوي من حيث الجودة؛ لأن للجودة حظًا في الثمن كالمقدار، نوّه بذلك المالكية . وينبغي أن تسعّر على أساس التفاوت في معيار الجودة، والصنعة، والمهارة، والكفاءة العلمية؛ لأن التفاوت في الكفاءات، يستلزم –عدلاً- التفاضل في العطاء" .
إن منع المبادلة مع الزيادة فيه حماية للمستهلكين من الاستغلال، فقد يكون بعض المستهلكين يجهلون القيم الحقيقة للسلع، من هنا فقد "فجاء تحريم الشارع الحكيم للتفاضل في الصنف الواحد بمثابة إصلاح للنظام الاقتصادي الموجود آنذاك .
2- قضية التأويل:
هنالك احتمال قوي جدًا، بأن النهي إنما كان بسبب أن التمر مقامه مقام الذهب، فعندما استبدل بلال رضي الله عنه الصاع بالصاعين، فكأنما استبدل دينارًا بدينارين، فنُهي عن ذلك.
وليكن معلومًا لدينا أن الذهب والفضة خلقا لوظيفة أساسية محددة، كما الأقوات خلقت لوظيفة محددة أيضًا، وكذلك سائر الموارد التي سخرها الله تعالى للإنسان، وإن استخدام أي مورد في غير وظيفته الأساسية يعتبر تعديّا لأنه يؤدي إلى آثار سيئة على الإنسان.
من جهة أخرى، وكما قال ابن القيم: "وسر المسألة أنهم منعوا من التجارة في الأثمان بجنسها لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأثمان، ومنعوا من التجارة في الأقوات بجنسها؛ لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأقوات" .
فالأثمان مقصودها أن تكون وسيطًا للمبادلة ومعيارًا للقيم، فإذا أصبحت محلاً للمتاجرة بها فقط، فإن ذلك يؤدي إلى فساد أمر الناس، فإذا كان لا بد من مبادلتها بعضها ببعض فلا يجوز الزيادة، ولا بد أن تكون المبادلة بالمثل وفي الحال، حتى تبدو المبادلة وكأنه لا فائدة فيها. وفي الحقيقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستطيع أن ينهى عن مبادلة هذه الأصناف بمثلها مطلقًا، ولكنه أراد أن يبيّن الربا الخفي ومواطنه، حتى يحذر منه الناس ولا يقربوه.
يقول ابن القيم: "فمنعهم من ربا الفضل لما يخاف عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا درهًا بدرهمين –ولا يفعل هذا إلا للتفاوت بين الدرهمين، إما في الجودة، وإما في السكة، وإما في الثقل والخفة وغير ذلك، تدرجوا بالربح المعجل فيهما إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا النسيئة وهي ذريعة قريبة جدًا" .
مما سبق تبيّن أن النهي عن مبادلة الجيد بالرديء، محمول على إقامة العدل، ومنع الظلم أو ما يؤدي إليه، إذ من وسائل تحقيق ذلك، الاحتكام إلى السوق، وتحقيق المقصود من أحكام الشرع، فالوسيط لا يُقلب إلى محل، ومقصود الأثمان لا يُقلب إلى مقصود أقوات.
الراجح: أن الجودة والرداءة معتبران عند عمليات المبادلة، قال تعالى: "ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب" . حيث ينهى الله عز وجل أن يؤخذ الجيد و يعطى الرديء مكانه . ونهي النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان من أجل تحذير الناس، ولتحقيق العدل بينهم. والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
للمدارسة
 
أعلى