العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فلسفة المقاومة الفلسطينية، والفهم الإستراتيجي لقضية غزة..

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
فلسفة المقاومة الفلسطينية، والفهم الاستراتيجي لقضية غزة ..
كتبه رأفت محمد رائف المصري
أستاذ التفسير وعلوم القرآن
7/1/2009م، اليوم الثاني عشر من أيام العدوان على غزة حفظها الله .

انطلقت كثير من الألسنة إلى اتهام حماس بالمسؤولية عن ما حصل في الأيام الأخيرة من المحرقة الحارقة، والمجزرة الدامية التي اقترفتها أيدي اليهود المجرمين بحق الشعب الفلسطيني في غزة العزة .
وليست هذه الاتهامات بجديدة على التيار المتخاذل الذي يمثل النظام العربي الرسمي، ويمثله النظام العربي الرسمي .
ولكن الذي دفع إلى كتابة هذه الكلمات رواج بعض هذه الإرجافات على الكثير من أبناء الأمة من المخلصين المشفقين الذين شاهدوا سفك الدماء البريئة على أيدي القتلة، وتابعوا التدمير الوحشي الأعمى لكل ما في غزة .
لهؤلاء المخلصين المشفقين أكتب، وإياهم أخاطب؛ موضحا فلسفة المقاومة، ومبينا الفهم الاستراتيجي لموقفها، فأقول مستعينا بالله :

التجربة الماثلة ..

خاض الذين رفضوا المقاومة ممثلين بالسلطة الوطنية الفلسطينية غمار المفاوضات، وأبحروا طويلا في عمليات السلام مع الكيان الغاصب، وجعلوا من هذه الطريقِ الطريقَ الأوحد في تحقيق المكاسب، وإقامة الدولة .
أبحر هؤلاء في هذه الطريق طويلا، فمنذ بداية التسعينيات من القرن المنصرم، وحتى هذه اللحظة؛ وهم على ما بدؤوه، لم يلووا عن ذلك عنقا، ولم يصرفوا عنه وجها .. مؤتمرات متتابعة، واجتماعات متواصلة، ومفاوضات لم تنقطع حتى في أحلك أيام هذا الشعب المسكين .

حصيلة التجربة الفاشلة ..
بعد هذه السنوات الطويلة في خوض هذه التجربة، نستطيع أن نجمل نتائجها بما يأتي :
- استمرار الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، واستمرار التضييق، في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية على حدّ سواء .
- بناء الجدار العازل الذي قطع الضفة الغربية أشلاء، والتهم من أرضها أجزاء واسعة، ومزق شمل أهلها.
- لم تنقص الحواجز التي أرهقت شعبنا في الضفة الغربية، بل لعلها ازدادت، استخفافا بهذا الشعب الأعزل، وسخرية بمن يجلسون معهم في الصباح والمساء على موائد المفاوضات لتحقيق "المكاسب الوهمية" .
- استمرار الاستيطان في أراضي الضفة الغربية وغيرها، وفي القدس خصوصا، واستشراؤه في مساحات واسعة إضافية .

وفوق كل ذلك :
- لم تعلَن الدولة الفلسطينية التي طالما وُعدت بها السلطة الفلسطينية، بل في زيارة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية "بوش" للكيان الغاصب ألمح بما هو أقرب إلى التصريح بأن ما يُنتظر من إعلان الدولة الفلسطينية هو الحلم الذي يحتاج إلى مائة وعشرين عاما لتحقيقه !!!
- انتزع اليهود الاعتراف بحقهم في تملك هذه الأرض بعد اغتصابهم لها، وإقامتهم دولتهم النجسة على ترابها الطاهر، وترتب على هذا الاعتراف بدولة إسرائيل تجريم كل ما يسمى بالمقاومة ضد هذا الكيان الغاصب .
- إخراج "إسرائيل" من عزلتها الإقليمية، بتوقيع اتفاقيات سلمية مع الدول المجاورة، تذرعا بأن الفلسطينيين هم أوّل المقدمين على التوقيع والسلام، وتبع ذلك التمثيل الدبلوماسي، وفتح السفارات، وسائر أنواع التطبيع .
- كُفي اليهود العبء الأكبر في قمع المقاومة والصوت الحر في فلسطين، وتولّى أولياء اليهود من جلّادي السلطة وزبانيتها ذلك، واتُّهم رموز الفساد في الأجهزة الأمنية بتصفية العديد من قادة العمل العسكري المسلح .
- لم تحصل السلطة الفلسطينية على أدنى درجات السيادة والاحترام حتى في مناطق نفوذها، ولم يملك حتى رئيس السلطة السفر أو التجوّل إلا بإذن رسمي من "إسرائيل"، والكل يذكر ما انتهى إليه أمر الرئيس الفلسطيني الراحل أبي عمار .


فهل يمكن بعد ذلك التردد في الحكم على نتيجة هذه التجربة بالفشل الذريع بعد كل تلك السنوات المظلمة التي جُرّبت فيها ؟؟
اللهم؛ إلا ما استفاده رموز الفساد في السلطة والأجهزة الأمنية من المكاسب الشخصية، وتملك الأبراج في المدن العالمية، والأرصدة البنكية الخيالية، واحتكار لأنواع التجارات في الضفة وغزة، وركوب لأنواع السيارات الفخمة، وسكنى القصور الفارهة، وقد كانوا قبل ذلك تحت التراب !!

ولعل هذا الملحظ هو الذي يفسّر التشبث الشديد بالخيار السلمي، باعتباره "مصدر دخل شخصي" بالنسبة إلى هذه الثلّة، التي فاحت رائحة فسادها .

البدائل المتاحة ..

لا يجد هؤلاء الذين فشلت محاولاتهم العبثية في عمليات السلام بديلا عنها؛ رغم كل البينات التي قامت أوضح من الشمس في رابعة النهار .
إلا أن حركات المقاومة والجهاد قدمت البدائل المثمرة على صعيد الواقع المعاصر، لا على الصعيد الفلسطيني فحسب .
- استقلال الدول العربية أصالة من الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي وغيرها، فحصلت الجزائر على استقلالها بعد مليون شهيد، وهل حصّلت دولة من هذه الدول استقلالا حقيقيا إلا بعد الكثير من التضحيات على سبيل الجهاد والمقاومة، بل لم تُحصّل أمة من أمم الأرض تحرير أرضها إلا بهذه الطريق المباركة لا بغيرها، ولا يزال الواقع يُثبت نجاعة هذه السبيل .
- الانتصار الأفغاني على الاتحاد السوفييتي على أيدي الزمرة المجاهدة، وعلى رأسهم فضيلة العالم الدكتور الشهيد عبد الله عزّام رحمه الله تعالى، وهل أرغم أنف هذه الدولة العظمى وكان الطعنة الحاسمة في خاصرتها إلا جهاد هؤلاء ؟؟
- تحرير الجنوب اللبناني عام 2000م، على أيدي المقاومة اللبنانية التي اضطرت اليهود إلى جرّ أذيال الهزيمة، وحقّقت ما لم تحققه المفاوضات والوساطات وقرارات الأمم المتحدة الهزيلة .
- تحرير غزة على أيدي المجاهدين تلامذة الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى، وطردهم بفعل بنادق المقاومة، بعد عجز عمليات السلام عن تحقيق أيٍّ من المكاسب على أرض الواقع .
- انتصار قوى المقاومة في حرب تمّوز 2006م على الجيش الإسرائيلي الجبان، وتمريغ أنفه بالتراب، وتحطيم مقولة :"الجيش الذي لا يُقهر" .


وبعد هذه النماذج المضيئة من تجارب المقاومة لا سبيل إلى إنكار فعاليتها في الواقع العالمي عموما، وفي الواقع الفلسطيني خصوصا .


عمق القضية وأصالتها ..

ولمّا كانت القضية الفلسطينية قضية احتلال أرض، واغتصاب مقدسات، وتشريد شعب، لم يكن لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن تقف عند وصولها إلى السلطة وإلى الحكومة، ولو كان قادة هذه الحركة المباركة طلاب دنيا، وسعاة وراء المناصب الزائفة، والكراسي الزائلة؛ لتراجعوا عن خط المقاومة والجهاد كما فعل غيرهم، إذاً لفتحت عليهم الدنيا أبوابها، ولرضيت عنهم الولايات المتحدة – فك الله وحدتها – ولتبعتها في ذلك الكيانات السياسية الفاسدة..

لكنها لمّا ثبتت على المبدأ، وقصدت الله تعالى والجهاد في سبيله، ولم ترض دون تحرير فلسطين كاملة بديلا، ودون استعادة الأقصى المبارك وإعادة اللاجئين المُخرجين من ديارهم وأموالهم وأراضيهم هدفا نبيلا؛ لمّا لم ترض إلا بذلك اجتمعت عليهم دول الكفر والطغيان، واجتمعت عليهم أنظمة الخيانة والعمالة، فحوصرت غزّة، واعتقل عدد كبير من كوادر حماس في الضفة الغربية في سجون عباس وزبانيته، وعملوا جاهدين على تشويه صورة الحركة في غزة بعدما اضطرت حماس إلى القيام بما قامت به من تطهير غزة من رموز الفساد والعمالة في الأجهزة الأمنية .

وأُريد – عالميا – "تأديب" الشعب الفلسطيني وعقوبته عقوبة جماعية جزاء على اختياره حماس في الانتخابات الفلسطينية .
وأصرّت حماس على الطريق التي انتخبها الشعب الفلسطيني لأجله، وهو طريق المقاومة والجهاد والدفاع عن هذا الشعب وعن حقوقه التي أضاعها الساسة تحت عنوان السلام .

وكانت هذه الحركة المباركة شوكة في حلق المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة العربية، وكانت انتصارا لإرادة الشعوب المسلمة، وتمثيلا حقيقيا لرغبات هذه الشعوب وطموحاتها، التي عجز النظام العربي الرسمي عن الارتقاء إليه في يوم من الأيام .



التّهدئة الأخيرة ..

رأت حركة حماس وسائر الفصائل الفلسطينية إبرام تهدئة مع الكيان الصهيوني، بوساطة مصرية، تنصّ هذه التهدئة على فتح المعابر بعد طول إغلاقها، وإيقاف الاعتداءات والاغتيالات، مقابل إيقاف إطلاق الصواريخ وشروط إضافية أخرى معلومة، فما كان من هذه الفصائل إلا الالتزام ببنود هذه التهدئة، مقابل ماذا ؟؟

مقابل الاعتداءات المستمرة، واستمرار إغلاق المعابر، وعدم فتحها رغم شدة التضييق، ونقص المواد الغذائية والأدوية، وقطع إمداد القطاع بالمحروقات، وعدم كفاية الكهرباء، على الرغم من نصّ التهدئة على فتح المعبر بعد أربعة أسابيع من بدء التهدئة، فانتهت الستة أشهر ولم تفتح هذه المعابر!!

هذا بالإضافة إلى سياسة الاغتيالات والقتل، بحيث خرقت إسرائيل عسكريا أكثر من خمسين خرقا، ترتب عليه أكثر من مائة شهيد بالإضافة إلى الجرحى خلال فترة التهدئة فقط، وكثرة الاعتقالات لقادة الفصائل المقاومة، والحكم على رئيس مجلس النواب الدكتور عبد العزيز الدويك بالسجن ثلاث سنوات، وعدد آخر من نواب الحركة ووزرائها، وكوادرها وأنصارها .
وليس هذا بغريب على اليهود نُقّاض العهود، وقد قال الله تعالى : (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم)، هذا وصف الله تعالى لهم، فما بال قومنا يعوّلون على غيره ؟؟

ويتهم طائفة منهم فصائل المقاومة وحركة حماس – إحسانا للظن بأولئك المجرمين القتلة – وإساءة للظن بإخوانهم من أهل الصلاح والصدق، والله تعالى يقول : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، وهو سبحانه يقول : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) .

فمن هم المقصودون بذلك ؟ وأي الفريقين أحق بالوصف إن كنتم تعقلون ؟؟


والعجب كل العجب ممن يسارعون إلى تبني الموقف الإسرائيلي والأمريكي غير ملتفتين إلى الحقائق الميدانية من الاعتداء والخروقات المتكررة من اليهود، تلك التي عرفتها الشعوب الإسلامية، وفهمها الشارع العربي والإسلامي، بل والعالمي .
وما أدري ما الذي تكشف لأردوغان – مثلا – ولم يتكشف لزعماء الأنظمة العربية، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية ؟ لا أدري ما الذي جعل الحقيقة ماثلة في تحمّل اليهود المسؤولية عن خرق التهدئة وإسالة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة أمام المفكرين والعلماء والسياسيين غير التابعين للنظام الرسمي ؟؟ وما الذي جعلها غير ذلك في عيون هذا النظام الرسمي وأتباعه والمنتفعين منه ؟؟



المقاومة والجهاد هي خيار الشعب الفلسطيني ..

هذا، ولا بدّ من بيان أن الشعب الفلسطيني في غزة هو الذي اختار طريق المقاومة، ففي استفتاء قامت به إحدى المؤسسات البحثية في غزة على تجديد التهدئة مع العدو الصهيوني وفق الشروط المعلومة رفض أكثر من 94% من المشاركين في الاستفتاء تجديد التهدئة مع الكيان الغاصب .

ولقد علم أهل غزة وأهل فلسطين طبيعة عدوّهم، وأنه ليس بالإمكان تحقيق أي مكاسب منه إلا بالقوّة والإرغام، وتجاربهم التي خبروها بأنفسهم منادية بذلك، مصرحة به .
وأهل غزة هم أعلم بواقعهم، وأعلم بعدوهم، وأعلم بما يُحتاج إليه من الحلول، ولا شكّ أن الضريبة باهظة، إلا أنها ثمن العزّة والكرامة، وثمن النصر والحرية .



المطلوب منّا ..

المطلوب الشرعي من المسلمين ليس أقل من تجييش الجيوش، وتحريكها لنصرة الأهل والأحبة، وإمدادهم بالسلاح اللازم لردّ العدوان، وهذا من المعلوم من الفقه بالضرورة .

وقطع العلاقات الدبلوماسية، لعزل هذا الكيان السرطاني في جسد الأمة، بما يشمل إغلاق السفارات، وطرد السفراء، ووقف كل أنواع المفاوضات .

هذا بالإضافة إلى فتح المعابر، وإدخال الغذاء والدواء حسب الحاجة القائمة .

ثم الاحتجاج على ما يجري من المذابح الهمجية بكل أنواع الاحتجاجات، وإنكارها بكل الصور المتاحة، والضغط على الأنظمة بشتى أنواع الضغط لاتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك :
- إصدار العلماء والمفكرين للبيانات الحاثّة على نصرة الأهل في غزة .
- المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية للتصريح بإنكار العدوان، والتنديد بسياسات الاحتلال .
- التوعية والتعبئة بخطورة هذا العدوّ، وفضح أهدافه التوسّعية التي تمتدّ بعد غزة لإغراق القضية الفلسطينية وإذابتها أولا، ثم بالانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة إسرائيل الكبرى؛ المنبثقة من العقيدة الصهيونية : "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل" .
- إعداد العدة المادية والمعنوية للقيام بالواجب الشرعي المتأكد من تحرير الأرض المباركة، وقبلة المسلمين الأولى؛ المسجد الأقصى المبارك .
- كتابة المقالات، وإلقاء الخطب، وإقامة الفعاليات المتنوعة التي تصبّ في الهدف المنشود، فإن المعركة مع اليهود لن تنتهي باليوم واليومين، وإنما هي معركة طويلة، لا بد أن يُحشد لها، وتستفز الأمة طاقاتها لأجلها، فإنها معركة الإسلام .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
سلمت يمينك، كتبت فأجدت...
أحب أن أنبه إلى نقطة حساسة جدا، وهو أنه إلى الآن لا يزال بعض الناس يحسب صافي حساب العملية العسكرية بعدد القتلى
ثم يرتب على هذا نتيجة مباشرة وهو عدم التوازن وانكسار المقاومة بفعل آلة الحرب العسكرية الإسرائلية.
وهذا كما أنه غلط في الحسابات العسكرية فإنه غلط أيضاً باعتبار النظر إلى التغيير الجذري في الصراع مع اليهود.
أما كونه غلطا في الحسابات العسكرية فقد أفاض في ذلك الخبراء العسكريون وذكروا أن قتل المدنيين - كما هو في الاصطلاح المعاصر - لا يفيد في الحساب التراكمي لناتج الحرب.
إنما يحسب بحسب تحقيق الأهداف المغياة من الحرب.
فبقاء الضعيف هو بحد ذاته انتصار
وعجز القوي بكامل التكنلوجيا الحديثة التي يملكها عن كف الضعيف وإسكاته هو هزيمة بكل ما تعنية هذه الكلمة من معنى.

أمر آخر، وهو قتل الأطفاء والنساء والمسنين في بيوتهم وتدميرها على رؤوسهم
هو العجز ذاته
لأن الكل يعلم أن هذه الدولة العبرية لو استطاعت أن تنال من رجال الحرب المجاهدين لما قصدت هؤلاء أصالة، وإن كانت لا تمانع من هدم بيوتهم على رؤوسهم.
وإنما هي تضرب هنا وهناك لعلها تصيب في المائة ولو واحداً من هؤلاء الأشاوس.
وحتى تتأكد احسب من أصيبوا من رجال المقاومة مع من أصيب من غيرهم تعرف ذلك بالفرق الكبير، بل لا مجال للمقارنة، فنصف القتلى نساء وأطفال والنصف الأخر مسنين ومن عامة الناس فكم يا ترى تبقى من رجال الحرب الذين أصابتهم آلة الفتك الإسرائيلية؛ إنهم أقل القليل بالنسبة لمن قتل، لاسيما إذا أخذت بالاعتبار أنهم هم المقصودون بالأصالة.

أمر أخير وهو ما أشرت إليه بتغير توازن القوى في الحرب مع إسرائيل
وهو أنه ولأول مرة منذ عشرات السنين بل منذ احتلال فلسطين أن تتكتل عصبة من المجاهدين في بلدة في فلسطين، وتعجز قوى الحرب الإسرائيلية أن تقتحمها بعد أن كانت تحت يدها في عقود متتالية وقريبة
وإنما غاية قوتها أن تعقد الاجتماعات على التفكير في الدخول البري
ثم تؤجل الفكرة يوما بعد يوم حتى كان ذلك محل استغراب من الخبراء العسكريين
والآن وبعد أن رضيت بها مكرهة لأنها لا يمكن لها أن تحقق أي أهداف على الأرض أو أي أهداف سياسية إلا بالدخول البري
ثم إنك تجدها بعد ذلك نجدها تقف مكتوفة الأيدي على أطراف المدينة وإذا ما دخلت أصابت من حولها بجنون وأصيبت هي بالموت أو ما يشبهه من الشلل ونحوه.[وهو في نظري أحسن من الموت لأنه عذاب مستديم، والغالب من الجرحى هم كذلك]
ويعاد المشهد نفسه في التفكير في الدخول في عمق المدينة.
وإلى الآن لا تزال الفكرة مؤجلة
ألم تتغير موازين القوى
ألم يتحول هؤلاء المجاهدون بعد أن كانوا هدفاً مباشراً للآلة العسكرية إلى رجلٍ يقف الند بالند أمام خصمه
أما الصواريخ فهي قصة أخرى فإن الدولة العبرية بكامل عتادها، ومن ورائها الغرب بكامل تطوره العلمي عاجزٌ عن رصد هذه الصورايخ قصيرة المدى
بينما هو قادر ببطارياته الحديثة على رصد أي صاروخ متطور إلا هذه الصواريخ، فإنها أسرع من الصوت (وما يعلم جنود ربك إلا هو )
فهي على بساطتها أخرجت المغتصب اليهودي من غزة بعد أن استوطنها عقودا عديدة، فقد أقضت مضجعه , وآلات بأحلامه إلى كوابس مزعجة.
وهي أيضا على بداءتها تهدد الجنوب الإسرائيلي بكامله فهي تهدد استقراره وتفزع أمنه، وهي أيضاً على رمية حجر من عاصمة اليهود "تل أبيب"
فبئر السبع ظلت آمنة عقودا طويلة من أي مضايقات حربية إلا اليوم فقد غدت على مرمى من الصواريخ الفلسطينية
وإذا كان أمن إسرائيل مهددا
وإذا كان استقرار إسرائيل مضطربا
فإنه حينئذ تفسر هذه الحرب
ويفسر أيضاً سبب هذا البطش الشديد
الذي لا يعبر في حقيقته إلا عن عجز مشين وقصر يد مهين، واستنفاد قوى طالما بطشت وفتكت
ولكن للأسف استطاعت إسرائيل بهذا البطش الأرعن أن ترسل رسالة فهما بعض من تقاصر فهمه فلم يحذق عجزها.
وقد تولى لتصحيح بعض هذه المفاهيم فضيلة الشيخ رأفت المصري، بهذه الموضوع الذي هو ابن ساعته، فشكر الله له، وكثر من أمثاله.

اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين
اللهم أنزل بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزام اهزم اليهود ومن ناصرهم وانصرنا عليهم.
اللهم ثبوت قلوب المؤمين وأنزل السكينة في قلوبهم
اللهم ثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم لك الحمد أن جمعت قلوب المؤمنين على قلب رجل و احد
اللهم لك الحمد أن فضحت النفاق، فكشفت سوءته.
اللهم لك الحمد أن قذفت في قلوب الأعداد الرعب.
اللهم فادحر الأعداء واقتلهم، والعنهم لعنا كبيرا.
اللهم الطاائرات فأسقطها، والسفن فأغرقها، والدبابات فاخسف بها.
اللهم ريحا من عندك كريح عاد، أو صعقة كصعقة ثمود.
-----------
معلومة:
الآلاف فروا من عسقلان ومن جنوب إسرائيل
ودب الهلع في شمال إسرائيل جراء سقوط بعض الصواريخ
أكثر من ستمائة مريض في المستشفيات اليهودية في حالات نفسية صعبة جراء الصواريخ المخيفة.
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيراً؛ وبارك الله فيك ...
سبحان الله!.
قد كنت أود الطلب إليكم أو إلى أبي عبدالله الرفاعي ملتمساً الكتابة حيال هذه النازلة.
وإذ بيراعكم يتحفنا بهذا المقال؛ وهو حقيق بأن يرسل إلى كل الأعضاء؛ لمناسبة الحال.
والله المستعان.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رؤية تحليلية واضحة دليل متابعة ...
وهل كانت فلسطين لتعود على طاولة المفاوضات أم على أسنة الرماح ؟؟
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل ...
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
جزاكم الله خيرا يا شيخ رأفت ونفع بكم
أجدت وافدت
 

شهاب الدين الإدريسي

:: عضو مؤسس ::
إنضم
20 سبتمبر 2008
المشاركات
376
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خيرا، كل هذا لا يختلف عليه اثنان أيها الفاضل المفضال، ولكن هنا أشياء ينبغي ان تُعرف في هذه النازلة ..
وهي في ظل وجود حكومات علمانية جاثمة على رؤوس الأمة، فلن نجيش شيئا ولن يصل الدعم إلى إخواننا في فلسطين...
يجب أولا على العلماء وطلبة العلم والأساتذة (وأتحدث عن من هم في العلم الشرعي) أن يبدؤوا بتحسيس الأمة بضرورة توحيد الحاكمية، فلا نرى الآن إلا المفكرين الإسلاميين وبعض العلماء هم من يحاولون سد الثغر ويواجهون الحكومات العلمانية التي تختلف في درجات التواطؤ العلني أو السري مع العدو في حين ان هناك من يشتغل بالجرح والتعديل أو يصنف لفحم رأي فقهي مخالف له وينسى الأولويات... الحكومات يا أحبة هم رأس البلية، ويجب أن نضع استراتيجيات للتخلص من أذناب الاستعمار أولا وإلا فالعزلة ستبقى مضروبة على أهل فلسطين في ظل منع الإمدادات العسكرية والمالية.

يجب التحرك على هذا الأساس، وإلا فسنبقى نتوهم العجز ونكتفي بالمظاهرات، يجب لملمة الجهود وظهور نخبة تصلح للقيادة تضع استراتيجيات و توحد الأمة وتنظم جهودها... ظهور نخبة من العلماء والمصلحين والسياسين والمفكرين لا تخاف في الله لومة لائم، ولا تقول بمنطق "دارهم ما دمت في دارهم" فنحن في دارنا وليس في دارهم.

وإلا فنحن مسؤولون يوم القيامة وواقفون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فطوبى لمن كانت أعماله تشرفه أمام ربه ، و بيس مصير المتهاون المتكاسل الجبان.
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزى الله الإخوة الكرام خير الجزاء ..
أستفيد إن شاء الله في تغذية الموضوع مما تفضلتم به، وأسأل الله أن يبارك فيكم، وأن ييسر لنا أن نجاهد في سبيله، وأن يرزقنا الشهادة - منتهى المطلوب، وغاية المرغوب - إنه الكريم الرحيم .
 

احمد محمد توفيق

:: متابع ::
إنضم
31 ديسمبر 2007
المشاركات
41
التخصص
إدارة اعمال
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعى
بارك الله فيك ونفع بك شيخنا الكريم
 
أعلى