العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فوائد مهمة حول أصح مصادر السنة ( صحيح ) الإمام البخاري -رحمه الله

إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
هذه فوائد مهمة من سلسلة (مصادر السنة ومناهج مصنفيها) لفضيلة لشيخ المحدث الدكتور حاتم الشريف-حفظه الله

(1) من هو البخاري؟.
هو : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بَرْدِزْبَة الجعفي مولاهم البخاري .
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ؛ أسماء عربية ، هؤلاء الأجداد كلهم مسلمون ، بردزبة : هو الذي كان على المجوسية ومات على المجوسية ؛ لأن الديانة التي كانت شائعة في بخارى قبل دخول الإسلام إليها كانت هي المجوسية .
والمغيرة جَدُّ أو أبي جَدِّ الإمام البخاري ، أسلم على يَدِ رجل يقال له اليمان الجعفي ، ولذلك يقال للإمام البخاري : الجعفي مولاه.

(2) الولاء يكون لأحد ثلاثة أسباب .
يُنسب الإنسان إلى القبيلة ولاءً لأحد ثلاثة الأسباب :
1- إما بالعتق : أن يكون عبدًا رقيقًا فيُعتقه سيدُه فيُنسب إلى سيده ولاءً .
2- أو بالحِلف : أن تكون قبيلة حالفت قبيلة فيُنسب إلى القبيلة التي حالفها .
3- أو بالإسلام : وهذه فيها خلاف عند أهل العلم ، لكن قالوا تُلحق بعتق الرقبة ؛ لأن الذي أسلم على يديه رجل كأنه أعتقه من النار ، ولذلك استحَق أن يكون سيدً ا له .

(3) متى ولد البخاري؟
وُلِدَ الإمام البخاري عليه رحمة الله في بخارى ، وهي من بلاد ما وراء النهر - كما هو معروف – في دولة جاكستان الحالية ، في سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة ، أي : في أوائل القرن الثاني الهجري.

(4) من كرامة والدة البخاري أنها دعت له فشفي من العمى.
ووُلد أعمى أو أُصيب بالعمى بعد ولادته بشيء يسير ؛ على خلاف ، فرأتْ أمه رؤية صالحة أن إبراهيم  خليل الرحمن عَلَّمَها دعاءً ، وأن بهذا الدعاء سيُشفى ويبرأ إذا دَعَتْ به ، فاستيقظت ودعت به فشُفِيَ ولدها الإمام البخاري ، وهذه كانت الحقيقة - كما يقال إرهاص - للإمام البخاري ولمكانته التي سيحتلها بين علماء المسلمين وأئمة المسلمين .
كرامة أعطيتها أمُّ هذا العالِم ليتحقق قضاء الله وقدره في هذا الإمام بأن ينال المكانة السامية بين علماء المسلمين التي نالها أو التي عُرف بها .

(5) والد الإمام البخاري له اهتمام بالرواية

نشأ نشأة صالحة ، أبوه من العلماء من طلبة الحديث ، وقد ترجم لوالد الإمام البخاري إسماعيل الإمامُ البخاري بنفسه في كتابه " التاريخ الكبير " ترجمة تدل على أنه له عناية بالرواية ، فاعتنى بولده هذا ، ووَجَّهَهُ إلى السُّنة وإلى تَعُلُّمِها من فترة مبكرة .

(6) قصة للبخاري مع شيخه الداخلي تدل هلى نبوغه المبكر وعبقريته منذ صغره.

كان هذا الشيخ يُحدِّث فروى حديثًا : عن إبراهيم عن أبي سُبَيْعٍ ..
فقال : له البخاري وهو عمره أحد عشرة سنة : هذا خطأ !! والشيخ كبير في السن ، حوله الطلاب ، وهذا غلام عمره أحد عشرة سنة ، يعني مثل بعض الأبناء الجالسين معنا الآن . أحد عشرة سنة!! والشيخ يُحَدِّث وأمامه الطلاب ، وهذا يقف أمام الناس ويقول : أخطأت .
فقال له الداخلي وزَبَرَهُ ونهره ، وبعض الجلوس كيف تقول تُخَطِّئ الشيخ ؟!
فقال : ما حَدَّث به الشيخ خطأ .
فالشيخ كأنه تردد فدخل إلى بيته لينظر في كتابه الذي نسخه بخط يده ، فخرج وهو يضحك فقال : أصاب الغلام . كيف الصواب يا غلام ؟ يعني : أقر بأنه خطأ لكن يريد هل يَعرف الصواب .
فقال له البخاري : الصواب إبراهيم عن الزبير بن علي ، ما هو : إبراهيم عن أبي سبيع ، وإنما : إبراهيم عن الزبير بن علي .
قال : ما أدراك ؛ كيف عرفتَ أن هذا هو الصواب ؟
قال : لأن إبراهيم لا يروي عن أبي سبيع ، وإنما يروي عن الزبير بن علي .
فيصل به الجزم بالصواب ومعرفة الصواب إلى درجة الجرأة بالرد على شيخ كبير في السن يُحدث الطلبة.
مثل هذه القصة تكفي لبيان مقدار العبقرية التي أُوتِيهَا الإمام البخاري في تلك الفترة المبكرة من عمره .

(7) خروجه مع والدته للحج .

ثم بعد ذلك خرج للحج ووالدته - ووالده توفي وهو صغير - وأخوه ، ومر ببعض المدن الإسلامية من طريقه إلى بخارى في خراسان في العراق ، وسمع بها من عدد كبير من الشيوخ ، ثم لَمَّا أرادت أمه أن ترجع مع أخيه إلى بخارى استأذنها الإمام البخاري في المُكث في مكة لطلب العلم ، فأذنت له بذلك ، فرجعوا إلى بلدهم ومَكَثَ هو في رحلته في طلب .

(8) تلقى العلم على عدد كبير من العلماء يزيدون على ألف شيخ

تَلَقَّى العلم على عدد كبير جدًّا من الشيوخ يزيدون على ألف شيخ ، وإن كان لم يُخْرِج في " الصحيح " قطعًا إلا على العدد يسير منهم ممن رضي عدالتهم وضبطهم ، فكما يذكر الإمام البخاري أنه سمع من أكثر من ألف شيخ كلهم يقولون بـ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، يعني هؤلاء الأكثر من ألف شيخ كلهم من أهل السنة ، ليس فيهم أحد من أهل البدع ، فلو أضفت إليهم مَن لَقِيَهُمْ من أهل البدع لتضاعف هذا العدد .

يتبع إن شاء الله
 
التعديل الأخير:
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
(9) من أبرز شيوخ الإمام البخاري :

شيخه علي بن المديني ؛ علي بن عبد الله جعفر بن نجيح المديني ، الإمام الشهير إمام العلل الذي كان يقول عنه الإمام النسائي : كأنما خُلق علي بن المديني بعلم العلل – أو بالعلل .
هذا الإمام الكبير وهو رأس علم العلل في بداية القرن الثالث الهجري تَتَلمذ عليه الإمام البخاري واستفاد من رواياته ومن فهمه وغوصه في علم العلل استفادة عظيمة ، وكان يقول الإمام البخاري كلمته الشهيرة : ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني .
يقول : ما هانت عليَّ نفسي ولا صَغُرت عليَّ نفسي عند أحد من العلماء إلا عند علي بن المديني ، أَعْرِفُ مقدار جهلي أمام علمه ، هذا مع أنه لقي الإمام أحمد ولقي يحيى بن معين ، من هم أكبر من الإمام البخاري ، وهم من شيوخه ، يقول هذه العبارة في علي بن المديني لتعرف مكانة هذا الإمام في علم الحديث ، وفي علم العلل ، إلا أن علي بن المديني لما بلغته هذه العبارة ، لما بلغته كلمة الإمام البخاري وأنه كان يقول : ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني ، قال : دعوه فإنه لم يَرَ مثل نفسه .
يعني يقول: هذه الكلمة - ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني - يقولها البخاري تواضعًا ، وإلا فهو أعلم مني ، بل هو أعلم من جميع شيوخه . أي كل الذين رآهم من العلماء دونه في العلم ، وهو أعلم من جميع من لقيهم .
ذكرنا من شيوخه : الإمام أحمد ، وابن مَعِين ، والحُمَيْدِي ، وإسحاق بي رَاهَوَيْهِ ، ومحمد بن يحيى الذُّهْلِي ، وجماعة من أهل العلم هؤلاء من أعيانهم .

(10) إمامته في كثير من أبواب الخير.

إمامًا في أبواب كثيرة من أبواب الخير ، وكان من العُبَّاد ، لا يكاد يترك يومًا إلا ويتهجد لله عز وجل فيه ، بل كان له في رمضان ختمتان : قراءة لنفسه يختم فيها كل ثلاثة أيام ، يعني يقرأ كل يوم عشرة أجزاء ؛ هذه لنفسه ، وإذا أَمَّ بالناس يختم كل عشرة أيام ؛ يعني يقرأ كل يوم عشرة أجزاء وأضف إليها تقريبًا ثلاثة أجزاء ، فتقريبًا ثلاثة عشر جزءًا كل يوم ؛ ثلاثة إذا أَمَّ بالناس وعشرة لنفسه .
وكان مضرَب المثل في الكرم والسَمَاحة والجود ، هو الذي كان يقول : ما ماكس رجلٌ ولا ساوم في بيته ، يعني إذا جاء يشتري يقول : هذه السلعة بكذا ، مباشرة يدفع المبلغ دون أن يساوم ، ويرى أن هذا مما يَحُطُّ بالمروءة وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساوم ، في أمور الدنيا يتساهل .
في الجهاد كان فارسًا ، وهذا لعله لا يُعرف ، يقول عنه تلميذه ووَرَّاقه محمد بن أبي حاتم : ما أخطأ سهم محمد بن إسماعيل قط ، ولا سابقه أحدٌ إلا وسبقه أبو عبد الله ؛ على الخيل يعني ، فكان فارسًا شجاعًا يُرابط على الحدود .
(11) لم يغتب أحدا منذ أن عرف أن الغيبة حرام

له أيضًا موقف مهم جدًّا في قضية الغِيبة ، ما أعرف أني اغتبت رجلًا منذ عرفت أَنَّ الغيبة حرام ، يعني من يوم أن بلغ ، من يوم أن أصبح مكلفًا ما اغتاب أحدًا ، وله تفسير في هذا الجانب عجيب : في يوم من الأيام كان أحد شيوخه يُحدث ، والإنسان في بعض الأحيان قد يقول معلومة جيدة أو كذا فيفرح المتكلِّم أنه أفاد السامعين بهذه الفائدة ، فابتسم هذا الشيخ وهو يُحدث فرحًا وإعجابًا بالفائدة التي أفاد بها الطلاب ، يقول البخاري : فابتسمت لابتسامة الشيخ ، يعني : عرفتُ أنه فرح على الفائدة التي أفادنا إياها ، فخشي أن تكون هذه الابتسامة غيبة ، فبعد أَنْ انتهى الدرس ذهب للشيخ يَتَحَلَّلُهُ ويطلب من الشيخ أن يعفو عنه ، يقول : وقع مني كذا ؛ ابتسمتَ ، فابتسمتُ لابتسامتكَ ووقع في قلبي كذا وكذا . فقال : اذهب رحمك الله فأنت في حِلٍّ . ما في أعظم من هذا الورع ، يعني إلى هذا الحد ، مجرد ابتسامة خشي أن تُحسب عليه غيبة عند الله عز وجل ، فرأى أن يعتذر وأن يتحلل قبل أن يُقتص منه يوم القيامة .
(12) ابتلاءات حصلت للإمام البخاري.

حصلت له ابتلاءات في حياته ، وهذه سُنة الله عز وجل في أهل الصلاح ، وأهل العلم ، لا بد أن يقع لهم ابتلاء ؛ إما أن يُبْتَلَوْا بالنِّعم ويمتحنهم الله عز وجل ليرى هل يشكروها حق شكرها ويقوموا بها ؟ أو يُبتلوا بالبلايا والضُّر ليرى الله عز وجل صبرهم واحتمالهم واحتسابهم ، وليُكَفِّر عنهم سيئاتهم وليرفع درجاتهم عنده سبحانه وتعالى .
ابتُلِيَ الإمام البخاري بأكثر من فتنة وأكثر من ابتلاء ، وصبر واحتسب وضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب ، وأشد هذه الابتلاءات اتهامه بالبدعة وهو الذي كان إمامًا من أئمة السنة ينصر السنة ويدافع عنها ، ولا شك أن هذا الاتهام كان باطلًا ، وقد عَرَف ذلك كثير من معاصريه ممن كان يتهمه ، وأعلنوا توبتهم واعتذارهم في حياته وبعد وفاته أعلنوا توبتهم لله عز وجل مما قالوه في حقه .
تُوفِيَّ هذا الإمام في سَنة سِتَّة وخمسين ومائتين من الهجرة .
(13) مؤلفات تركها البخاري في السنة وعلومها:

من أشهرها كتابه " الصحيح "، وكتاب " التاريخ الكبير " ، و" التاريخ الأوسط " ، و" التاريخ الصغير " ؛ وكلها في تراجم الرواة ، ليست في علم التاريخ المعروف ، إنما هي في تراجم الرواة ، وكتاب " الضعفاء الكبير " ، وكتاب " الضعفاء الصغير " ، وكتاب " القراءة خلف الإمام " ، وكتاب " الأدب المفرد " ، و" جزء رفع اليدين في الصلاة " ، وغيرها من المؤلفات الكثيرة العديدة والتي فُقِدَ شيء كثير منها وبقي منها أهمُّها ، وأهم كتابين له في الحقيقة هما : " الصحيح " ، و" التاريخ الكبير " ، هذه أهم كتب الإمام البخاري وكلاهما موجود مطبوع بحمد الله تعالى .

يتبع إن شاء الله
 
التعديل الأخير:

حامد الحاتمي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
7 سبتمبر 2008
المشاركات
100
التخصص
طالب
المدينة
مدريد
المذهب الفقهي
مقارن
الله يباركـ فيكـ .. نحن بانتظاركـ
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
جزاكم الله خيرا على هذا الجهد المبارك
 
أعلى