العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قراءة انتقائية في كتاب [الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها]

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قراءة انتقائية

في كتاب:
"الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها"

للأستاذ:
أحمد كافي




عقد الأستاذ أحمد كافي في كتابه "الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها": طائفة من المباحث المتميزة والمفيده، وقد تضمنت نقولات نفيسة، وقواعد جليلة، وجمع في هذا الكتاب ما افترق في غيره.

وسنحاول في هذه القراءة أن نستعرض ما ييسر الله منها، مستفيدين ومتعلمين، ومسجلين في نفس الوقت ما يعرض من الملاحظات والاستشكالات، والله الموفق والملهم والمعين والمسدد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الأستاذ أحمد كافي:
أثر تسمية الحاجة بالضرورة من الناحية اللغوية على الفقه
إن اهتمام هذا المبحث بتمييز الحاجة من الناحية اللغوية عن أي مصطلح آخر قد يلتبس بها، قد وجد في طريقه مصطلح الضرورة هو الأكثر شيوعا من جهة، والأكثر التباسا عند الحديث عن أي منهما أيهما المقصود بالذات مما نجم عنه تأثير واضح على المستوى الفقهي لمن أمعن النظر في إطلاقات الفقهاء سواء في الاستدلال أو الفتوى أو غيرهما.
هذا التساهل على المستوى اللغوي عند علماء اللغة الذي تحدثنا عنه في المطالب السابقة قد وجد عند الفقهاء ما يشبهه.
وقد زعم الدكتور "الحصري" في "القواعد الكلية" أن استعمال مصطلح الضرورة في موطن الحاجة يغلب عند المالكية أكثر من غيرهم حيث يقول:
"هذا ونرى أن بعض الفقهاء يستخدمون كلمة الضورة في موطن الحاجة، ويغلب ذلك عند فقهاء المالكية".
والراجح عندي:
أن استخدام الأولى في موطن الثانية هو الغالب عند الفقهاء دون تمييز، يؤكد ذلك الدكتور صالح الحميد في "رفع الحرج" بقوله:
"على أنه يجري التساهل في عبارات الفقهاء فيطلقون الضرورة على ما يشمل الحاجة، كما هو واضح لمن يكثر المطالعة في كتبهم رحمهم الله، وخاصة عند ذكر اللفظين مقترنين."
هذا التساهل إذن راجع إلى الخيوط الدقيقة بينهما، وعدم وجود بون كبير يميزهما.
وقد أكد الدكتور محمد الشريف الرحموني هذا الملحظ حيث قال:
"ومن يكثر مطالعة الكتب الفقهية يلاحظ أن العلماء قد تساهلوا في إطلاق كلمة الضرورة على ما يشمل الحاجة، وهذا يدل على أن المسافة بينهما ليست بعيدة".
ولا نحتاج للاستدلال على هذه القضية فإنها عند الأحناف مثلا أكبر من أن يستدل عليها.
ففي علم الأصول يعرف عندهم الاستحسان الذي سنده الضرورة، عند النظر في المقصود عندهم يتبين أن المقصود بها الحاجة......
وكم هي الأمثلة كثيرة لهذا النوع من الاستحسان يمثلون بها ويذكرون أن مستند الجواز هو الضرورة.....
إلا أن الذي نؤكده هو ذلك القدر المشترك بين الجميع، وهو التساهل في استعمال مصطلح الضرورة للحاجة عند الجميع نظرا لتقارب معناهما من حيث اللغة، بل امتزاجها امتزاجا يحتاج إلى جهد لفصل أحدهما عن الآخر، ثم لا يضر بعد ذلك.
نسبة الاستعمال وكميته عند هذا المذهب أو ذاك إذا ثبت التساهل في الإطلاق عند الجميع، وهو الأمر الذي يوافقنا عليه الحصري نفسه، ويخالفنا في أي المذاهب غالب عليه التساهل."([1])

([1]) الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها لـ أحمد كافي.ص26
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تعريف الحاجة:

هذه المشاركة يختلف سياقها عن المشاركة السابقة، وذلك لأن ما سأذكره هنا هو مستمد في نقولاته من مبحث الحاجة الشرعية حدودها وضوابطها" لـ أحمد كافي
إلا نقلا واحدا للجويني في البرهان استفدته من إحالته فرجعت إليه ونقلته هنا بنصه، واقتصرت على النقولات النفيسة التي ذكرها الباحث، وأعرضت عن مناقشته لهذه التعاريف لأن هذه النقولات كافية في نظري لتحصيل معنى الحاجة، والتمحل في مناقشتها – إن سلمت هذه المناقشات من مناقشات – مع تحصيلها للمعنى المقصود ووفائها بتمييز المعرِّف عن غيرها : خروج عن الغرض من الحدود والرسوم.
بل إن الباحث نفسه لما جاء إلى تعريف الحاجة قال:
"التعريف المختار: الحاجة هي ما يحتاجه الأفراد أو تحتاجه الأمة للتوسعة ورفع الضيق، إما على جهة التأقيت أو التأبيد، فإذا لم تراع دخل على المكلفين – على الجملة – الحرج والمشقة، وقد تبلغ مبلغ الفساد المتوقع في الضرورة."
فنجده :
يعرف الحاجة بالحاجة فهو يقول: تعريف الحاجة هي ما يحتاجه الأفراد أو تحتاجه الأمة..."
وتعريف الشيء بنفسه ممنوع، وليس المقصود مناقشة التعريف وإنما القصد بيان خطأ الاستدراك على حدود أهل العلم في تعريف "الحاجة" أعني تعريف الجويني والعز بن عبد السلام مضافاً إليه وجهٌ من الخطأ في التعريف المستدرك عليهم.
وإن كان الباحث الأستاذ أحمد كافي قد وفق – بفضل الله وتوفيقه - في تعقبه على السبكي والذي تناقل أهل العلم تعريفه وشاع فيهم، كما وفق في ثنائه على التعريف الذي ذكره الشاطبي في المقاصد وزاد بأنه قد بنى حده المختار عليه.
وقد تأملتُ هذه الحدود التي أفادها الباحث ناقلاً عن أهل العلم فوجدتها غاية في الجودة على تنوُّع مسالك أهل العلم في ترتيب هذا الحد، فالحاجة معنى يصعب تحديده بحد بات، فإن الألفاظ تعز والألسن لا تطيق، ولعل القاعدة التي ذكرها الجويني والتي سأستفتح بها هذه النقولات تشكل أرضية صلبة في ضبط الحدود والتعاريف والرسوم التي تأتي على المعاني العائمة:
يقول إمام الحرمين في الغياثي:
"ومما يضطر محاول البيان إليه أنه قد يتمكن من التنصيص على ما يبغيه بعبارة رشيقة تشعر بالحقيقة والحد الذي يميز المحدود عما عداه، وربما لا يصادف عبارة ناصة، فتقتضي الحالة أن يقتطع عما يريد تمييزه ما ليس منه نفيا أو إثباتا، فلا يزال يلقط أطراف الكلام ويطويها حتى يفضي بالتفصيل إلى الغرض المقصود."([1])
قال أبو فراس:
نستفيد من هذا الكلام النفيس من إمام الحرمين ثلاثة معاني:
1- أنه يمكن إطلاق ما يفيد المقصود ويعرف به بالعبارات الرشيقة التي تشعر بالحقيقة.
2- لكن من العسير أن يصادف عبارة تنص على مراده وتنطبق على مقصوده من غير اشتراك أو تداخل أو قصور.
3- أن على المعرِّف والراسم أن يستمرَّ في محاولة لقط أطراف الكلام حتى يصل بما حصَّله من التفاصيل إلى الغرض المقصود.
ثم طبَّق إمام الحرمين هذه القاعدة النظرية على تعريف الحاجة فقال:
"فالحاجة لفظة مبهمة لا يضبط فيها قول....وليس من الممكن أن نأتي بعبارة عن الحاجة نضبطها ضبط التخصيص والتمييز، حتى تتميز تميز المسميات والمتقلبات، بذكر أسمائها وألقابها، ولكن أقصى الإمكان في ذلك من البيان تقريب وحسن ترتيب ينبه على الغرض".([2])
وفي البرهان قسم أبو المعالي الحاجة إلى قسمين اثنين ذكرهما على التوالي في الضرب الثاني والثالث، حيث قال رحمه الله:
"والضرب الثاني: ما يتعلق بالحاجة العامة ولا ينتهي إلى حد الضرورة.
وهذا مثل: تصحيح الإجارة فإنها مبنية على مسيس الحاجة إلى المساكن مع القصور عن تملكها وضنة ملاكها بها على سبيل العارية فهذه حاجة ظاهرة غير بالغة مبلغ الضرورة المفروضة في البيع وغيره.
ولكن حاجة الجنس قد تبلغ مبلغ ضرورة الشخص الواحد.
من حيث:
إن الكافة لو منعوا عما تظهر الحاجة فيه للجنس لنال آحاد الجنس ضرار لا محالة تبلغ مبلغ الضرورة في حق الواحد.
وقد يزيد أثر ذلك في الضرر الراجع إلى الجنس ما ينال الآحاد بالنسبة إلى الجنس وهذا يتعلق بأحكام الإيالة والذي ذكرناه مقدار غرضنا الآن."
قال أبو فراس:
"ذهب الندوي في كتابه القواعد الفقهية:
إلى أن الإمام الجويني رحمه الله هو أول قائل بهذه الصيغة.

ثم عمَّ ذكرها عند المدونين للقواعد من الشافعية وغيرهم ...وقد ذكرها الجويني بلفظ: "الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر"

وذكرها تلميذه الغزالي بلفظ:
"الحاجة العامة في حق كافة الخلق تنزل منزلة الضرورة في حق الشخص الواحد...
وعبر عنها العز بقوله:
"المصلحة العامة كالضرورة الخاصة."([3])
قلت:
فتأمل – رحمني الله وإياك - كيف تتابعوا على جلالة قدرهم وإشراف علمهم وهم مَنْ هم لاسيما ماكان في باب المقاصد: على متابعة الجويني رحمه الله في تعريفه، وهذا يزيدنا إيمانا بأهمية الرجوع إلى أقدم الأصول في كل عام وفي كل باب.
قال أبو فراس:
بعد أن انتهى الجويني من ذكر الحاجة العامة انتقل في الضرب الثالث إلى الكلام عن الحاجة الخاصة فقال:
"والضرب الثالث:ما لا يتعلق بضرورة حاقة ولا حاجة عامة ولكنه يلوح فيه غرض في جلب مكرمة أو في نفي نقيض لها:
ويجوز أن يلتحق بهذا الجنس طهارة الحدث وإزالة الخبث.
وإن أحببنا عبرنا عن هذا الضرب وقلنا:
ما لاح ووضح الندب إليه تصريحا
كالتنظيف
فإذا ربط الرابط أصلا كليا به تلويحا كان ذلك في الدرجة الأخيرة والمرتبة الثانية البعيدة في المقايس وجرى وضع التلويح فيه مع الامتناع عن التصريح وضع حمل المكلفين على مضمونه مع الاعتضاد بالدواعي الجبلية كما سبق تقرير هذا في المسالك السابقة والصور الممثلة."([4])
قال أبو فراس:
لم تتبين لي أحرف أبي المعالي على الوجه الذي يريده، فقد غارت رشاقةُ كلامه الأول في عُقَدِ كلامه الثاني فباتت عزيزة عن الحل.
إلا أن مقصوده واضح جداً، فبعد أن بين أن الحاجة العامة حكمها حكم الضرورة الخاصة انتقل في هذا الضرب إلى بيان الحاجة الخاصة وأن هذا النوع يربط بأصل كلي بعيد عن المقاييس، ويعتبر ويراعى في هذا النوع الدواعي الجبلية.
ويبدو لي كذلك:
أن للجويني محلا آخر هو أوسع من هذا المحل أشار فيه إلى رأيه بإسهاب، فإن المسألة متعلقة بالمصلحة وفي مراعاتها في الحاجة كلام وتردد سواء كان في كلامه أو في كلام تلميذه الغزالي، ولعلها تمر علينا في تضاعيف هذا الكتاب.
ويكفي في الدلالة على معنى الحاجة الإشارة إلى مناراتها وبيان معالمها وتوضيح الداعي إليها، وما يفيده تحصيلها وما يلحق من تفويتها.

([1]) الغياثي.

([2]) الغياثي

([3]) انظر الحاجة الشرعية حدودها وقواعدها ص 175

([4])البرهان في أصول الفقه - (ج 2 / ص 603)
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ـــــــــــــ

تعريف العز بن عبد السلام للحاجة:
الحاجة:ما توسط بين الضرورات والتكميلات"
قال أبو فراس:
وهذا التعريف من العز رحمه الله يدل على إدراكه وعورة حَدِّ هذا المعنى المغروز في النفس فمن ذا الذي يستطيع أن يحد دواعي الناس إلى قضاء مآربهم، وما قد يعرض لها من التنكيد على تحصيلها.
فترك العز بن عبد السلام هذا المحل الوعر برمته، وذهب إلى محل سهل خصب ومن ثَّم ضبطها بمنارتين متميزتين جدا، وهي الضرورات والتكميلات
ثم قال:
إن الحاجة بينهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفرق ابن تيمية بين الحاجة والضرورة بقوله:
"والفرق بين الضروريات والحاجيات في كثير من الشرعيات معلوم"
قال أبو فراس:
نجد أن ابن تيمية رحمه الله أحال تعريف الحاجة إلى العلم به، فهو معنى معروف لا داعي للتكلف في تصويره والذي قد يقع فيه قصور أو تجاوز.
ـــــــــــــــــــــــــــ
عرف الشاطبي الحاجة بقوله:
"الحاجيات ومعناها: أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة لفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين – على الجملة – الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد المتوقع في المصالح العامة."([1])
يقول أحمد كافي: وهذا أجود تعريف للحاجة وقفت عليه أثناء رحلة ضبط المصطلح.
ثم يقول أحمد كافي بعد أن درس هذا التعريف:
وبناء عليه نقول في تعريف الحاجة جاعلين تعريف الشاطبي أساس تعريفنا:
التعريف المختار: الحاجة هي ما يحتاجه الأفراد أو تحتاجه الأمة للتوسعة ورفع الضيق، إما على جهة التأقيت أو التأبيد، فإذا لم تراع دخل على المكلفين – على الجملة – الحرج والمشقة، وقد تبلغ مبلغ الفساد المتوقع في الضرورة."([2])
قال أبو فراس:
وسبق الإشارة إلى ما في هذا الحد من خلل، وأن الأولى الركون إلى ما ذكره أهل العلم الكبار في حدها ورسمها، والله أعلم.

([1]) الموافقات

([2]) الحاجة الشرعية ص 33
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرق بين الحاجة والضرورة



ذكر الأستاذ أحمد كافي عدة فروق بين الحاجة والضرورة:
الفرق الأول: المشقة في الحاجة أقل منها في الضرورة:
ونقل عن العز:
"المضطر هو الذي يخشى هلاكه، والمحتاج الذي لا يخشى هلاكه"
ونقل عنه كذلك:
"فإن المراتب في ذلك كله مختلفة ولا ضابط لمتوسطاتها إلا بالتقريب"
قال أبو فراس:
وهذا يدل على ما سبق من وعروة حد وضبط هذه المعاني العائمة.
الفرق الثاني:
استفادة الضرورة من الحرام لذاته واستفادة الحاجة من الحرام لغيره.
ومقصوده القاعدة المعروفة:
ما حرم لذاته يباح للضرورة وما حرم لغيره يباح للحاجة.
والأولى بالباحث أن يذكر في الفرق هذه القاعدة بنصها فهي معروفة أولاً ثم هي أوضح وأنصع بيانا مما ذكره.
وذكر أحمد كافي لفتة رائعة في شرح هذه القاعدة، فقال:
وههنا تنبيه:
ألمح إليه الشيخ رشيد رضا وهو أن المحرم لغيره مباح في أصله لكن الحرمة طرأت عليه سدا لذريعة مفضية إلى مفسدة فإن كان منع هذا المباح هو الذي سيفضي إلى المفسدة ويفوت مصالح على الفرد أو الخلق فالأصول الشرعية بعدم الالتفات إلى السد، وإنما المتعين هو الفتح، وهذا نظر مصلحي في الأنواع ومآلاتها من حيث كمية المصلحة والمفسدة عند تناظرهما، وهو قول الإمام القرافي في الفروق: "اعلم أن الذريعة كما يحب سدها يجب فتحها وتكره وتندب وتباح"([1])
الفرق الثالث:
باعث الضروة الإلجاء، وباعث الحاجة التيسير:
وذكر الباحث:
أن الشاطبي لحظ هذا المعنى فنص في الموافقات:
"على أن الضروريات هي ما لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة"
وأن المرعي في الحاجة:
هو الافتقار إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب.
ثم قال:
وقد سبق الشاطبي إلى هذا المعنى من قبلُ الباقلاني حيث ذكر:
أن "المضطر إلى الشيء فهو المكره المحمول على الشيء الذي يوجد به شاء أم أبى، والقادر على الفعل يؤثره ويهواه ولا يستنزل عنه برغبة ولا رهبة، فلم يجز أن يكون مضطرا مع كونه مؤثرا مختارا."
وعبر ابن تيمية عن هذا الفرق بأمثلة في المجموع بقوله:
"وكل ما جوز للحاجة لا للضرورة كتحلي النساء بالذهب والحرير فإنما أبيح لكمال الانتفاع لا لأجل الضرورة التي تبيح الميتة ونحوها، وإنما الحاجة في هذا إلى تكميل الانتفاع، فإن المنفعة الناقصة يحصل معها عوز يدعوها إلى كمالها، فهذه هي الحاجة في مثل هذا...."
الفرق الرابع:
أحكام الضرورة مؤقتة، وأحكام الحاجة مستمرة.
وذكر الباحث أن حكم الحاجة:
مستمر غير متوقف على وجود المشقة أو عدمها.
يقول الشيخ مصطفى الزرقاء:
"إن الحكم الاستثنائي الذي يتوقف على الضرورة هو إباحة مؤقتة لمحظور ممنوع بنص الشريعة، تنتهي هذه الإباحة بزوال الاضطرار، وتتقيد بالشخص المضطر.
أما الأحكام التي تثبت بناء على الحاجة فهي لا تصادم نصا ولكنها تخالف القواعد والقياس وهي تثبت بصورة دائمة يستفيد منها المحتاج وغيره".
ثم طرح الباحث سؤالا وهو:
كيف يكون حكم الحاجة الاستمرار مع خفة مشقته بالمقارنة مع الضرورة التي بقيت مؤقتة في إباحتها والمشقة فيها أكبر؟
قال أبو فراس:
يعني أن الضرورة مشقتها كبيرة جدا فكان المفترض في النظر الظاهر أن يرافقها الحكم الأسهل وهو هنا استمرار الترخص منها، والحاجة ضررها أيسر فكان المفترض أن يكون حكمها دون حكم الضرورة فالمشقة بها يسيرة، ولكن الذي حدث هنا العكس: فجعلوا أحكام الضرورة مؤقتة بينما جعلوا أحكام الحاجة مستمرة، والمفترض في النظر العقلي الأول العكس.
فذكر أربعة أجوبة نكتفي بجوابين والباقي مشار إليه في ما ذكرنا قبل عنه:
الأول: أن المشقة في الحاجة تعرف الاستمرار فتحوج الناس إلى الإباحة الدائمة، أما المشقة في الضرورة فهي عابرة في الغالب الأعم.
الثاني: أن توقيت حكم الضرورة لم يكن للمشقة فحسب ...وإنما كان أيضا لمخالفة نص من النصوص القطعية، أما المشقة في الحاجة فهي لا تخالف نصا من النصوص في الغالب وإنما خالفت القواعد والمعهود الشرعي، فكان الجواز لعموم الاحتياج، ومعالجة غلو القياس بنظر يراعي مقاصد الشريعة العامة.

([1]) الفروق 2/33، وانظر: الحاجة ص 42ٍ
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثم ذكر الباحث أحمد كافي:
أن الأستاذ "جمال الفرا" فرق بين الحاجة والضرورة:
بأن الضرورة: تتنوع فيها الأحكام الشرعية.
وأما الحاجة: فهي تقتصر على الإباحة فالضرورة قد تأخذ حكم الوجوب أو التحريم أو الإباحة عكس الحاجة فإنها لا تأخذ إلا حكم الإباحة.
وبنى هذا التفريق على أمرين:
1- أن تحول الحاجة إلى أن يترتب عليها الإثم يصيرها ضرورة.
2- أن اختيار المكلف الاستفادة من الحاجة أو عدم الاستفادة منها يجعلها حاجة وحكمها الإباحة ولا تأخذ حكم التحريم أو الوجوب لأنها تنقلب حينئذ إلى ضرورة.
فاستدرك عليه أحمد كافي:
بأن هذا الفرق غير دقيق لأن الحاجة تأخذ حكم الوجوب أو التحريم.
ومثَّل على هذا:
بتضمين الصناع، وأنهم لو لم يضمنوا لوقع الخلق في حرج ولكان بابا ينفذ منه إلى نهب أموال الناس بالدعاوى.
ومثل كذلك:
بتحريم عمر بن الخطاب الزواج بالكتابيات ومنع عثمان القصر في السفر.
ثم بين أحمد كافي:
أنه لا تداخل في المقاصد والأحكام وأنهما جهتان منفكتان وأنه ينظر إليهما على انفراد عند البحث فبعد النظر إلى المقاصد ينظر في الحكم التكليفي الذي يلائم كل مقصود بعينه
ثم نقل عن الشاطبي:
أن ستر العورة من التحسينات.
فتساءل أحمد كافي بناء على هذاوقال:
هل "يقال عند الحديث عن الحكم التكليفي: "إن عدم سترها ليس حراما بحجة أنها من التحسينات، وستنقلب حينئذ على ضرورة إن قلنا بالحرمة.
قال أبو فراس:
يريد الأستاذ أحمد حفظه الله ورعاه أن يبين حسب ما نقله عن الشاطبي أنه لا تداخل بين المقاصد والأحكام وأنههما جهتان منفكتان ليرد على "الفرا" الذي حصر الحاجة على حكم "الإباحة" بينما الضرورة ترد عليها الأحكام....
فاستشهد بالشاطبي وذكر أنه اعتبر ستر العورة من الأمور التحسينية.
وهو بهذا يثبت عن شيخ المقاصد أنه لا تلازم بين المقاصد والأحكام فستر العورة أمر واجب وهو مع ذلك أمر تحسيني، وعلى من لازم بين الأحكام والمقاصد أن يقول: إن ستر العورة أمر ضروري وليس تحسينيا لأنه واجب، فهل يتلزمون بهذا اللازم؟!
قال أبو فراس:
أولاً: يبدو لي أن ثمة علاقة قوية بين المقاصد والأحكام، وأنهما يتدرجان قوة وضعفا في مستويات قريبة، إلا أنه لا تلازم مطرد بينهما.
ثانياً: إذا صح ما أورده الأستاذ أحمد كافي وأنه لا تلازم بين الأحكام والمقاصد فإنه يبدو بناء على هذا خطأ الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله في طريقة ترتيبه للحكم على المقصد وذلك في المبحث الذي جعله من مرتكزات المدرسة الوسطية وهو "البحث عن مقصد النص قبل إصدار الحكم"([1])
واعتبر بذلك:
أن المقصد الشرعي له دخل في توجيه الحكم بالوجوب أو الاستحباب في المأمورات، وفي التحريم أو الكراهة في المنهيات
ثم ذكر الشيخ القرضاوي:
أنه لا يتصور أن يكون الشيء من الضروريات التي لا تقوم الحياة إلابها ثم يكون حكمه هو مجرد الاستحباب ناهيك عن الإباحة.
ولا يتصور أن يكون الشيء مما يناقض هذه الضروريات بل مما يأتي عليها بالنقص والبطلان ثم يكون حكمه الكراهة ناهيك بأن يكون مباحاً.
ولا يتصور أن يكون الشيء من التحسينات أو الكماليات –كما نقول في عصرنا- ثم يكون حكمه الإيحاب والفرضية الملزمة.
ثم مثل:
بقضية "اللحية" وأن فيها أحاديث تأمر بالإعفاء فهل يؤخذ منها حكم الفرضية أو الندب؟
فبين أن علية الحكم دائرة على مخالفة الكفار في الشكل والمظهر
ثم تساءل:
هل هذه المخالفة في الشكل والصورة: تدخل في ضروريات الدين أو في حاجياته أو في تحسيناته؟
فقال:
الواقع أنها أوفق ما تكون بالتحسينات والكماليات فهي مقصد تكميلي لا مقصد تأسيسي يناسبه الندب والاستحباب لا الفرض والإيجاب.
ـــــــــــــــــــــــــ
قال أبو فراس:
بغض النظر عن حكم "حلق اللحية" فإن من الغلط الدخول في تفاصيل المثال، ونحن نتنازع في القاعدة!
وبغض النظر عن توسع الشيخ حفظه الله في طريقة تحصيله لحكم المثال الذي فرضه.
وبعد التسليم بأن ثمة علاقة قوية بين المقاصد والأحكام، وأن المقصد له أثر مباشر على الحكم التأسيسي وعلى الفتوى النازلة.
وبعد التسليم بأن عدم النظر إلى المقصد يؤدي إلى قصور في تحصيل الحكم الصحيح.
وبعد التسليم بخطأ إحداث التفاوت البعيد بين المقاصد والأحكام.
إلا أني لا أصوِّب طريقة الشيخ حفظه الله في ترتيب درجة حكم الأمر أو النهي بناء على النظر في مقصده هل هو من الضروري أو الحاجي أو التحسيني؟
ومن ثَم الحكم على الضروري بأنه واجب إن كان أمرا، وبالتحريم إن كان نهيا.
والحكم على التحسيني بأنه مستحب إن كان أمرا وبالكراهة إن كان نهيا.
والسبب في خطأ هذه الطريقة أمور منها:
1- أنها منتقضة بما قاله الشاطبي من مثال ستر العورة فهو أمر تحسيني وهو مع ذلك يحمل حكم الوجوب، وهذا من باب المثال الحاضر، وإلا فمن تتبع أحكام الشريعة فإنه سيجد جملة وافرة من الأحكام المتحتمة وهي لا تحمل بالنظر المقاصدي إلا الوجه التحسيني.
2- أن أهل العلم بحسب اطلاعي القاصر لم يعتبروا هذه الطريقة التفصيلية في معرفة درجات حكم الأوامر والنواهي، وهذه كتب الفقهاء وشروح الأحاديث تناولوا فيها العديد من النصوص الحاملة للأوامر والنواهي، ولهم مسالك متعددة في التعامل مع الأوامر والنواهي سواء كان ذلك بإرجاعها إلى الخلاف الأصولي في حكم الأوامر والنواهي من حيث الأصل، أو باعتبار اختلاف المحال، والأغلب على النظر إلى القرائن والدلائل المفصلة في النصوص.
3- أن ترتيب الحكم بمجرد النظر إلى هذه المقاصد الثلاثة كما أنه أمر محدث بسبب نظري واطلاعي القاصر إلا أنه مع ذلك فإن يحمل بين طياته تهوين وتبسيط للطريقة العلمية في التعامل مع النصوص، فإن هذه الطريقة تتقاصر كثيرا عن المنهج الأصولي الرصين، وعن المنهج التفصيلي لفقهاء النصوص.
وتكتفي في معرفة درجة الحكم على النظر إلى هذه المقاصد الثلاث، وكما يحمل هذا الطرح إطاحة بالخلاف الفقهي المتراكم في دلالة النصوص الحاملة للِأوامر أو النواهي حيث تجاوزتها كلها إلى الاكتفاء بالإنزال المقاصدي.
4- الشيخ يوسف القرضاوي من خلال تتبعي لكلامه في تحصيل الأحكام الشرعية أجده كثير الاحتفاء بالنظر المقاصدي وهذا جيد، وهو معنى يفوت كثير من المتفقهة، غير أن القوانين الأصولية تشهد غيابا ملفتا في كتبه.
5- أعيد وأكرر أن الكلام في النقاش مع الشيخ هو من جهة ترتيب أحكام الأوامر والنواهي بناء على عرضها على هذه المستويات الثلاثة للمقاصد، لا من جهة إقصاء النظر المقاصدي في النظر إلى الأحكام.

([1]) دراسة في فقه مقاصد الشريعة للشيخ يوسف القرضاوي ص155
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثم ذكر الباحث أحمد كافي:
أن الأستاذ "جمال الفرا" فرق بين الحاجة والضرورة:
بأن الضرورة: تتنوع فيها الأحكام الشرعية.
وأما الحاجة: فهي تقتصر على الإباحة فالضرورة قد تأخذ حكم الوجوب أو التحريم أو الإباحة عكس الحاجة فإنها لا تأخذ إلا حكم الإباحة.
وبنى هذا التفريق على أمرين:
1- أن تحول الحاجة إلى أن يترتب عليها الإثم يصيرها ضرورة.
2- أن اختيار المكلف الاستفادة من الحاجة أو عدم الاستفادة منها يجعلها حاجة وحكمها الإباحة ولا تأخذ حكم التحريم أو الوجوب لأنها تنقلب حينئذ إلى ضرورة.
فاستدرك عليه أحمد كافي:
بأن هذا الفرق غير دقيق لأن الحاجة تأخذ حكم الوجوب أو التحريم.
ومثَّل على هذا:
بتضمين الصناع، وأنهم لو لم يضمنوا لوقع الخلق في حرج ولكان بابا ينفذ منه إلى نهب أموال الناس بالدعاوى.
ومثل كذلك:
بتحريم عمر بن الخطاب الزواج بالكتابيات ومنع عثمان القصر في السفر.
ثم بين أحمد كافي:
أنه لا تداخل في المقاصد والأحكام وأنهما جهتان منفكتان وأنه ينظر إليهما على انفراد عند البحث فبعد النظر إلى المقاصد ينظر في الحكم التكليفي الذي يلائم كل مقصود بعينه
ثم نقل عن الشاطبي:
أن ستر العورة من التحسينات.
فتساءل أحمد كافي بناء على هذاوقال:
هل "يقال عند الحديث عن الحكم التكليفي: "إن عدم سترها ليس حراما بحجة أنها من التحسينات، وستنقلب حينئذ على ضرورة إن قلنا بالحرمة.
قال أبو فراس:
يريد الأستاذ أحمد حفظه الله ورعاه أن يبين حسب ما نقله عن الشاطبي أنه لا تداخل بين المقاصد والأحكام وأنههما جهتان منفكتان ليرد على "الفرا" الذي حصر الحاجة على حكم "الإباحة" بينما الضرورة ترد عليها الأحكام....
فاستشهد بالشاطبي وذكر أنه اعتبر ستر العورة من الأمور التحسينية.
وهو بهذا يثبت عن شيخ المقاصد أنه لا تلازم بين المقاصد والأحكام فستر العورة أمر واجب وهو مع ذلك أمر تحسيني، وعلى من لازم بين الأحكام والمقاصد أن يقول: إن ستر العورة أمر ضروري وليس تحسينيا لأنه واجب، فهل يتلزمون بهذا اللازم؟!
قال أبو فراس:
أولاً: يبدو لي أن ثمة علاقة قوية بين المقاصد والأحكام، وأنهما يتدرجان قوة وضعفا في مستويات قريبة، إلا أنه لا تلازم مطرد بينهما.
قال أبو فراس:
يبدو لي وجاهة الفرق الذي ذكره جمال الفرا في "أثر الاضطرار" ويحمل على الغالب كما ذكر أحمد كافي نفسه مدافعا عن فروقه بأنها أغلبية ولا يقدح فيها انخرامها بالاستثناء.
كما يبدو لي وجاهة الاعتراضات التي قدمها أحمد كافي في تعدي "الحاجي" إلى غير الإباحة، وبأنه لا تلازم مطرد بين المقصد والحكم.
ولذا فأقول مستعينا بالله : إن الأدق في الفرق أن يقال:
الاضطرار يرفع التحريم أو يسقط الوجوب وتتنوع فيه بقية الأحكام، بينما الحاجة فالغالب فيها عدم اللزوم وإنما تكون للإباحة وقد يقع فيها الكراهة والندب.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ـــــــــــــــ

أقسام الحاجة الشرعية وأنواعها:


تقسيم الحاجة باعتبار فروع الفقه:
1- الحاجة في العبادات: كالرخص..
2- الحاجة في العادات: كإباحة الصيد
3- الحاجة في المعاملات: السلم والمساقاة..
4- الحاجة في الجنايات: تضمين الصناع القسامة..
وأهميته كما أكد على ذلك الشاطبي أن كل تكمله فلها من حيث هي تكملة شرط وهو ألا يعود اعتبارها على الأصل بالنقض والإبطال.
تقسيم الحاجة باعتبار العموم أو عدمه:
1- حاجة عامة.
2- حاجة خاصة.
تقسيم الحاجة باعتبار المقاصد:
1- حاجة أصلية: كالبيع والنكاح...
2- حاجة تبعية: وجوب الكفارة ...
تقسيم الحاجة باعتبار قوتها في ذاتها:
1- حاجة عادية.
2- حاجة ضرورية.
3- حاجة تحسينية
تقسيم الحاجة باعتبار الديمومة:
1- حاجة دائمة.
2- حاجة مؤقتة
تقسيم الحاجة بحسب مصالح الدارين:
1- حاجة دنيوية.
2- حاجة أخروية
ثم ذكر الباحث ثمرة معرفة هذه الأقسام:
- معرفة قوة الحاجة وسريانها في جميع فروع الفقه.
- أنها أقسام وليست على وزن واحد.
أسماء الحاجة الشرعية:
1- الحاجة.
2- المناسب الحاجي.
3- المناسب المصلحي.
وذكر الباحث أن استعمال المصلحة بمعنى الحاجة يكاد يكون هو الغالب.
ووجه بعض علماء الأصول:
التسمية بكون درء المفاسد هو المعروف بالضروريات، وجلب المصالح هو المسمى بالحاجيات.([1])
4- استحسان الضرورة
هذا مصطلح الأصوليين الأحناف.
يقول مصطفى الزرقاء في رسالته "الاستصلاح":
"يجب التنبه في هذا المقام إلى أمر مهم هو أن الضرورة في قولهم: "استحسان الضرورة" ليس المراد بها الضرورة الملجئة.....وإنما المراد هنا بالضرورة في استحسان الضرورة الحاجة إلى الأيسر وإلى ما هو أقرب إلى دفع الحرج...."
ثم قال الباحث أحمد كافي:
وعموما فإن الاستحسان عند الأحناف هو العمل بالحاجة، القائمة بدفع غلو القياس وشططه عند اتباعه، وفي هذا يقول ابن رشد:
"الاستحسان هو طرح القياس الذي يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه إلى حكم آخر في موضع يقتضي أن يستثني من ذلك القياس."
ونقل عن السرخسي في المبسوط بعد أن نقل تعريفات الاستحسان:
"وحاصل هذه العبارات أنه: ترك العسر لليسر، وهو أصل في الدين..."

5- الضرورة.
نقل عن ابن العربي في أحكام القرآن:
"وأشرنا إلى أنه قد يكون عند علمائنا المضطر، وقد يكون المضطر المحتاج ، ولكن الملجأ مضطر حقيقة، والمحتاج مضطر مجازا"

([1]) مذكرة الشنقيطي ص 169
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
طرح الأستاذ أحمد كافي سؤلا وهو:
هل يقتصر في الحرام إذا عم الأرض على قدر الضرورة أو على قدر الحاجة؟
وأجاب بأن الفقهاء وعلماء الأصول على فريقين:
1- يتم الاقتصار على قدر الضرورة.
2- يتم الاقتصار على قدر الحاجة.
وذكر:
أنه لم يجد مَنْ ذكر الاقتصار على قدر الضرورة تنصيصا، ثم اعتذر عن ذكر هذا الفريق مع أنه لم يقف على مَنْ نص عليه بسبب أن شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته الحلال والحرام أنكر وجود هذه القضية، وأن المتحدث عنها كاحتمال غالط مخطئ في قوله باتفاق أئمة الإسلام.
ثم قال أحمد كافي:
والسبب في رفضه وجود المسألة كاحتمال الرد على مذهب الإباحية نزوعاً إليه، أو ورعاً بالمغالاة عند بعض أهل السلوك أو قصداً فاسداً عند أهل البدع، أو رأياً غالطاً عند بعض الفقهاء، لذلك يرد عليهم بقوله: "فإن مثل هذه المقالة كان يقولها:
بعض أهل البدع، وبعض أهل الفقه الفاسد، وبعض أهل النسك، فأنكر الأئمة ذلك."
ثم قال أحمد كافي:
أما الفريق الثاني فقد حمل لواءه إمام الحرمين عبد الملك الجويني وهو الذي حمل عبء الاستدلال في كتابه غياث الأمم، ونسق القول فيه تنسيقا جيدا، وذكر القواعد والضوابط ليأتي آخرون من بعده يختصرون كلامه أو يوضحون أو يزيدون في الاستدلال.
ويجد هذا الرأي سنداً له ما ورد في الموطأ: حدثني يحيى عن مالك: أن أحسن ما سمع في الرجل يضطر إلى الميتة: أنه يأكل منها حتى يشبع، ويتزود منها. فإن وجد عنها غنى طرحها"
والذي أراه في المسألة ترجيحا هو التوسع إلى الحاجة لعدة اعتبارات أذكر منها:
1- أن أصل المسألة عند ابن تيمية غير المسألة التي نتكلم فيها، فهو يرد على الذي يزعمون أن الوصول إلى الحلال في هذا الزمان متعذر بقصد منهم فاسد أو نية سيئة.
وإمام الحرمين يبين الموقف إذا وقعت الحادثة وليس مقصوده أن يشيع في الناس أن الأموال كلها حلال، يقول الدكتور جميل مبارك:
"إن مراد ابن تيمية غير مراد الجويني ومَنْ نحا نحوه، فإن ابن تيمية يرد على الذين يدعون أن أكل الأموال التي في أيدي الناس حرام، ولا يخلص لأحد منهم حلال، وهؤلاء لا يتحدثون عن المقدار الذي يتناوله الإنسان في هذه الحالة التي يزعمون استمرارها، يل يبيحون للإنسان أن يأخذ أي مال بل إذا سرق لا يقطع.
أما الجويني فليس مراده أن يشيع في الناس أن الأموال كلها حرام؛ بل مراده أنه إذا حدثت تلك الحادثة فإن للناس أن يتوسعوا في معيشتهم إلى حد الحاجة، مع توفر ضوابط الضرورة في تلك الحالة إذا وقعت."([1])
قال أبو فراس:
تعقيب:
قصر مقصود ابن تيمية على: الرد على من يشيع تعذر الحلال بقصد فاسد أو تنسك فاسد أو النزوع إلى الرد على الإباحية
فيه قصور واضح بسبب أن ابن تيمية رحمه الله إنما ذكر هذه الأمور في معرض ذكره لسبب هذه المقالة، مع أن مقالته شملت فصولا وقواعد تبين - إضافة إلى ما سبق - الأمور التالية:
1- غلط طريقة فرض هذه المسألة.
2- أن غالب أموال الناس هي الحل لا الحرام، واحتج لها بوجوه من السمع والعقل.
3- أن القول بأن غالب أموال الناس هي الحرام في هذا العصر هي شبهة فاسدة.
4- الآثار السيئة لهذا القول إلى درجة الانحلال عن دين الإسلام
5- أبطل ابن تيمية هذا القول من أصله بجملة من الإلزامات المباشرة.
6- بين ابن تيمية رحمه الله الأسباب العلمية لخطأ هذه المقالة.
وقد أفردنا بفضل الله وتوفيقه موضوعا كاملا لقراءة فتوى ابن تيمية رحمه الله بتمامها، انظره على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=775
نرجع إلى استكمال الوجوه الترجيحية للأستاذ أحمد كافي:
2- أنه إذا كان زمن إمام الحرمين وهو من علماء القرن الخامس الهجري قد عرف بوادر ظهورها حينما قال: "لو فسدت المكاسب كلها، وطبق الأرض الحرام في المطاعب والملابس وما تحويه الأيدي وليس حكم زماننا ببعيد من هذا"
يقول أحمد كافي:
فزماننا قد ظهرت فيه أمور منها، من لم يصب منها أصيب بردادها.
ولست أتحدث هنا عن بلاد الغرب حيث طغيان الحرام والحرص عليه وتدعيمه من طرف الحكومات حتى أفتى بعض أهل العلم بجواز اقتراف بعض المحرمات في المعاملات تصحيحا لتصرفات المسلمين هناك، واستنادا إلى مذهب أبي حنيفة في الموضوع.
وإنما الحديث عن البلاد الإسلامية التي ارتهنت للمؤسسات المالية العالمية؛ وقروض الدول ومنحها، فعرفت تبعية لم تعهد من قبل، ولم تعد قادرة على توفير متطلبات الحلال لأبنائها مع غياب الإرادة – كما ظاهر الحال في المنظور القريب على الأقل – لتوفير المناخ الحلال لرعاياها مما يمكننا أن نقول: إن الحرام عرف توسعا وزادت مساحته بالمقارنة مع الأزمنة السالفة.
ولا ينبغي أن يفهم من هذا الكلام إباحة الحرام من غير ضابط، فهذا ليس شأن العلماء المحققين، الذين يجوز عندهم الاستفادة من الحرام بشروط عند مسيس الحاجة وقعدوا للإباحة بقواعد عديدة، وسأبين هذه الشروط في الصفات الآتية.
3- أن الإمام القرطبي قد ذهب إلى أن ما يحتاج إليه إما أن تكون الحاجة إليه دائمة مستمرة أو لا تكون.
فنقل الإجماع على الأول في جواز التوسع إلى الحاجة، وذكر الخلاف في الثاني على قولين: تقدير الأمر بقدر، وعدم تقديره بقدر، يقول في الجامع: "وأما المخمصة فلا يخلو أن تكون دائمة أو لا، فإن كانت دائمة فلا خلاف في جواز الشبع من الميتة...وإن كان الثاني وهو النادر في وقت من الأوقات فاختلف العلماء فيه على قولين أحدهما: أنه يأكل حتى يشبع ويتضلع ويتزود إذا خشي الضرورة فيما بين يديه من مفازة وقفر...
وقالت طائفة: يأكل لسد الرمق".
4- ومما يشهد للتبسط في الحرام عند عمومه أن الأمة إذا لم تأخذ كفايتها منه فستصاب بالوهن والضعف، فيغري أعداءها فيها فيكون ورعها سببا في ذهاب بيضتها،
يقول إمام الحرمين:
"قد يظن ظان أن حكم الأنام إذا عمهم الحرام حكم المضطر في تعاطي الميتة، وليس الأمر كذلك، فإن الناس لو ارتقبوا فيما يطعمون أن ينتهوا إلى حال الضرورة، وفي الانتهاء إليها سقوط القوى وانتكاث المرر وانتقاض البنية، سيما إذا تكرر اعتياد المصير إلى هذه الغاية...وقصاراه هلاك الناس أجمعين، ومنهم ذو النجدة والبأس، وحفظة الثغور من جنود المسلمين، وإذا وهوا ووهنوا وضعفوا واستكانوا استجرأ الكفار وتخللوا ديار الإسلام انقطع السلك وتبتر النظام."
5- مع أن الضرورة مرتبة والحاجة مرتبة ثانية ولكنهما يشتركان في كون الحياة لا تتم إلا بدفع الضرورات والحاجات على الجملة مما يجعل استيفاءها من باب الضرورة وإن كانت هي حاجة في الأصل ولكنها آلت بسبب عمومها إلى الضرورة.
6- وبناء عليه صار القائلون بتجاوز قدر الضرورة إلى الحاجة عندما يعم الحرام الأرض إلى تأصيل ما ذهبوا إليه بقواعد منها:
الحاجة تبيح المحظور، والحرام يباح للحاجة، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، والحاجة تقدر بقدرها....
أما الأحناف فعموم البلوى يجوز عندهم التبسط في الأمور وعدم الاقتصار على مقدار ما تندفع به الضرورة دفعا للمشقة والحرج.
7- ومع الحديث عن أخذ الكفاية الحاجية عند عموم الحرام فالقضية لا تعني الولوغ في الحرام باسم الحاجة وعمومها، وإنما يكون ذلك عند القائلين به بثلاثة شروط هي:
الشرط الأول: أن تكون الحاجة حقيقية لا متوهمة.
الشرط الثاني: أن يحصل العجز عن التخلص من وطأة الحاجة بالطرق المشروعة.
الشرط الثالث: أن تقدر الحاجة بقدرها.
بالنسبة للشرط الأول: يقول رائد هذا الفريق الإمام الجويني : "فإذا تقرر قطعا أن المرعي الحاجة، فالحاجة لفظة مبهمة لا يضبط فيها قول والمقدر الذي بان أن الضرورة وخوف الروح ليس مشروطا فيما نحن فيه."
ويزيد التوضيح بالقول:
"لسنا نعني بالحاجة تشوف الناس إلى الطعام، وتشوقها إليه، فرب مشته لشيء لا يضره الانكفاف عنه، فلا معتبر بالتشهي والتشوف فالمرعي إذا دفع الضرر واستمرار الناس على ما يقيم قواهم"
ثم يخلص إلى القول:
"ويتحصل من مجموع ما نفينا وأثبتنا أن الناس يأخذون ما لو تركوه لتضرروا في الحال أو في المآل، والضرار الذي ذكرناه في أدراج الكلام عنينا به ما يتوقع منه فساد البنية أو ضعف يصد عن التصرف والتقلب في أمور المعاش."
والشرط الثاني المتعلق بالعجز عن إيجاد الطرق المشروعة المغنية عن التبسط في الحرام فيقول في الغياثي:
"وهذا الفصل مفروض فيه إذا عم التحريم، ولم يجد أهل الأصقاع والبقاع متحولا عن ديارهم إلى مواضع مباحة، ولم يستمكنوا من إحياء موات، وإنشاء مساكن سوى ما هم ساكنوها....وإن تعذر ذلك عليهم وهم جم غفير وعدد كبير ولو اقتصروا على سد الرمق، وانتظروا أوقات الضرورات، لانقطعوا عن مطالبهم،فليأخذوا أقدار حاجاتهم."
ثم نقل أحمد كافي عن الجويني في الشرط الثالث:
"ثم يتعين الاكتفاء بمقدار الحاجة ويحرم ما يتعلق بالترفه والتنعم"
ولكن "إذا عم الحرام الأرض بحيث لا يوجد فيها حلال جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجة، ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات...ولا يتبسط في هذه الأموال كما يتبسط في المال الحلال بل يقتصر على ما تمس إليه الحاجة دون أكل الطيبات وشرب المستلذات ولبس الناعمات التي هي بمنازل التتمات."([2])

([1]) نظرية الضرورة جميل مبارك ص358

([2]) الغياثي 223
 
أعلى