العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قراءة...منهج الاجتهاد عند عمر بن الخطاب لـ سالمة اكحيل

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قراءة...منهج الاجتهاد عند عمر بن الخطاب
لـ
سالمة محمد اكحيل
بسم الله الرحمن الرحيم
"فتعالى الله الملك الحق
ولا تعجل بالقران من قبل أن يقضي إليك وحيه
وقل رب زدني علما"


((قراءةٌ في كتاب))

خُطُوَةٌ تتدرج في ربوعها الأسمرية، تتطلع إلى الفحوى والتطبيق بعد خروجي للتو من جلسة أُنْسٍ دافئة معه خير جليس .

الطبعة الثالثة 2003 ف من دار السلام للنشر بالقاهرة صدر كتاب –منهج عمر بن الخطاب في التشريع- بتوقيع: محمد بلتاجي حسن بلتاجي.

ألقيتُ عليه نظرةً هذا الكتاب فلم يكن الاكتفاء منها النظرة الأولى، إذ أن الصفحات التي قرأت كشفتْ لي عن قَيِّمٍ جَيِّدٍ متميز في مجال فقه التشريع الإسلامي، ومنهجية علمية تحليلية دقيقة فريدة من نوعها، لاشك أن الحديث عنه الكتاب ليس كمثل قراءته شخصياً.

يقدم الكتاب دراسة متوازنة بين أساسيات فقه التشريع والتطور التاريخي لهذا الفقه في العصور المختلفة التي مر بها المسلمون شِدَّةً ورخاء.

تتفق معي أيها القارئ أن التجديد الصحيح المثمر ينطلق من الفروع الفقهية في التراث الإسلامي ويتقدم إلى اجتهاد مستقل مبتكر في الوقائع المتجددة، وذلك بما يحقق:
- الفهم الصحيح للنص الشرعي.
- الإدراك السليم لمقاصد التشريع.
- شمولية جوانب مواضيع الاجتهاد.
-
• المقصد والغاية:

يعمد الكاتب إلى إبراز أهمية العقلية الفذة التي اتصف بها عمر في الفقه والتشريع والتنظيم والنظر البعيد إلى المستقبل، ثم يتطرق إلى استقرار الفقه الإسلامي في أغنى عصوره القرن الثاني الهجري، ويرى أن دراسة منهج عمر متبوعاً بدراسة منهج التشريع في الثاني هو نقطة لها دورها في وضع أساسيات أهم المناهج التشريعية للفقه الإسلامي بعامة، وهذه الأساسيات بدورها تضع نقاط البداية لاستخلاص المنهج التشريعي المعاصر والذي ازدادت الحاجة إليه وألحتْ أمام متغيرات الأمور وجديدها.

إذاً... فالكتاب يلفت الأنظار إلى وضع منهج تشريعي لليوم، معتمداً على الخطط التشريعية التي تلقاها المسلمون في عصورهم المتتابعة بالقبول والإكبار.


• المنهجية والعرض:

جعل الكاتب مادة الكتابة ثلاثة أبواب، في الأول منها حدد زمن الدراسة من وقت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وفاة عمر، وبهذا تتبع الأحداث والوقائع التاريخية التشريعية التي جرتْ خلال هذه الفترة والتي أدلى فيها عمر بآرائه، مركزاً الضوء في الباب الثاني على الوقائع التي ورد فيها نص خاص من القرآن الكريم والسنة النبوية، وفي ثالث الأبواب يتناول من الوقائع مالم يرد فيه نص خاص فهو اجتهادات وآراء وتأويل.

المؤلف يستقي الوقائع التي ساقها من أمهات الكتب منقباً في بكونها ما أمكن له التنقيب.
يورد الواقعة متناولاً إياها بالشرح والتفصيل في سردٍ شيق يربطها فيه بغيرها من الوقائع ذات العلاقة، والتي تندرج معها تحت نفس الحكم الفقهي أو الاجتهاد.


ثم يتناول بالدراسة والتحليل الخطة العقلية التي كان عمر يأخذ فيها بالنص والمبادئ التشريعية ويطبقها من خلال وجهة نظر محكمة.

بهذا التحليل تتوضح ملامح منهج عمر التشريعي، الذي ما هو إلا انعكاس لفهم عمر للنصوص التشريعية، وتكييفها عند التطبيق مع الوقائع التي استجدتْ في عصره، وذلك بروحٍ مُلْهَمَة، فكان هذا التطبيق ناجحاً متميزاً.
يدعم هذا النجاح والتميز الأحداث التاريخية التي شهدتْ له بالعقلية الفذة في عصره وأيضاً فيما بعده، وهي شهادة تأتي تالياً بعد شهادة القرآن الكريم ورسول الأمة الأمين صلى الله عليه وسلم وكفى بها شهادة.
إن سر نظرة عمر في منهجه التشريعي هو التوافق النادر بين التشريع والمصلحة العامة للجماعة، وهذا هو مقصد الشريعة الأول.


* مزايا الكتاب:
1- التزم المؤلف الموضوعية والحياد عند تناوله لرأي عمر تحليلاً ودراسة، فلم يتحيّز لهذا أو يتشيع، بل حرص على توضيح أن التشريع الإسلامي ملائم لكل زمان وكان، مواكب لطبيعة الخلق ومستجدات حياتهم.

2- انتهج طريقة علمية تاريخية صحيحة في عرض الوقائع والأحداث التشريعية وكذا الربط بينها.

3- يسلط الكتاب الضوء على الجوانب التي يحاول أعداء الإسلام أن يفرضوا فيها، فيما يتصل بالحدود والعقوبات وتشريع الرق ونظرة الإسلام إلى المرأة المسلمة.
4- أشاد بنظرية الأمة في الإسلام والتي أزالتْ الظلم والتعدي عن حق الفرد وعنها حقوق الجماعة على السواء، وصولاً إلى أحد مقررات التشريع الإسلامي وهو العدالة المطلقة.

5- وازن المؤلف بين دراسة الوقائع التشريعية التي ورد فيها نص خاص والتي لم يرد، من حيث اختلاف طريقة عمر في تطبيق النص في الأولى وتطبيقه لمقاصد التشريع في الأخرى.

6- يتجه الكاتب في عرضه وتحليله إلى الإجابة عن السؤال:
-هل خالف عمر نَصّاً أو تخطَّاهُ...؟.
ليفسح الإجابة في ذهن القارئ واضحة جليّة بالقطع أن لا.


وبعد،،،
يشدني شعورٌ ما أن أعود إلى قراءة الكتاب مرةً أخرى، لأرى مساحةً أوسع وأكثر امتداداً منها المرة الأولى، فكما يقولون: النظرة الأولى عابرة، والثانية لا تشفي الغلة.
نَسَقُ العبارة، وجمال الفكرة، وجوْدة العرض، جعل لسطور الكتاب فائدةً جمَّة، لكل قارئ أو باحث يرتقي مدارج الدراسة، فحيث ترى المعلومة تجد نفسك متابعاً للتحليل الذي اتبعه المؤلف في تناوله لها وخلُص منه إلى وضع الاجتهاد في إطار منسوج بدقة للصورة الذهنية التي صاغها في كلمة: عقلية عمر.
في الكتاب حيّزٌ من الدعوة الخفية التي تجعل منْ يود الإضافة يضيف إلى ما وصله من أفكار.
كما أن فيه دعوة قوية لنظرة فقهية شاملة حيوية معاصرة صحيحة.
هذا الكتاب إضافة إلى المكتبة الإسلامية، فريدٌ في موضوعه غنيٌ بأفكاره.
أودُّ أنها قد راقتْ لك ذائقة اختياري لهذا الكتاب

مع كل الاحترام والود
سالمة محمد اكحيل – زليتن - ليبيا
المصدر
 
أعلى