العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قصص الملائكة

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلمَ تسليما كثيرا.


do.php
غلاف قصص الملائكة.jpeg


أما بعد
فقد كان من خبر هذا الكتاب أنني حين شرعت في الطلب قديما كنت أقرأ مع بعض الإخوان كتاب الإيمان لمحمد نعيم ياسين فلما وصلنا إلى مبحث الإيمان بالملائكة ذكر أنه يجب الإيمان بالملائكة الذين وردت أسماؤهم في الكتاب أو السنة بالتفصيل.
فكان قوله: "يجب ... بالتفصيل" شديد الوقع على نفسي وسألت كيف السبيل إلى ذلك؟ أعني إلى معرفة كل الملائكة الذين ذكروا في الكتاب والسنة بالتفصيل،
فكانت كل الأجوبة لا تشفي غليلي.
فسألت هل يوجد كتاب جامع في هذا الأمر؟ أعني كتاب أُفْرِدَ للحديث عن الملائكة تفصيلا،
فكان الجواب: لا يوجد،
وكم تمنيت أن لو وُجِدَ مثل هذا الكتاب لِيَتِمَّ إيماننا بهذا الركن من أركان الإيمان وهو الإيمان بالملائكة على وجهه.
ثم مضى نحو عقد من الزمان وإذا بأخي محمد يرغب إليَّ أن أضع كتابا عن الملائكة فأثار ما كان في نفسي قديما،
وقلت في نفسي: إنها أمنية قديمة ولكني لست أهلا لها،
ثم بعد أيام أعاد طلبه هذا،
وظل مدة من الزمان يسألني ذلك
وقال: إن التأليف الآن قد كثر جدا فإن لم تبدأ في صنع هذا الكتاب صنعه غيرُك،
فكنت أتمنى أن يصنعه غيري: لصعوبته، وعدم وجود تأليف سابق فيما كنت أظن، وقلة المراجع بين يدي، إلا إنني كنت أتمنى أن أصنعه أنا ولكنها كانت أمنية بعيدة إذ كنت أعلم أنني لست لها أهلا.
فلما زاد إلحاح أخي محمد على هذا الأمر وانشرح صدري له عزمت على البدء في جمع مادته ولكن لم يكن عندنا من الكتب ما يُمَكِّنُنا من ذلك،
فعزمتُ في صيف عام 1997م على البدء بما تيسر لدي فشرعت في قراءة صحيح البخاري وكان عندي الطبعة اليونينية غير كاملة، وبعض أجزاء من صحيح مسلم طبعة دار التحرير وعلى هامشها تعليقات مأخوذة من شرح الإمام النووي فبدأت باستخراج ما فيهما من الأحاديث عن الملائكة وفي أثناء ذلك إذا بأخي محمد يشتري سنن الدارمي فأخذته فقرأته كله واستخرجت ما فيه وهو قليل جدا، ثم جاءني بسنن الدارقطني فقرأتها كلها واستخرجت ما فيها،
ومشيت هكذا لا يقع تحت يدي كتاب إلا قرأته كله لاسيما إذا كان من كتب السنة
فقرأت صحيح سنن النسائي للإمام الألباني كله وبعض ضعيف النسائي
وسنن ابن ماجه تحقيق عبد الباقي قرأتها كلها أو بعضها لا أذكر الآن،
وأكثر سنن أبي داود
وبعض سنن الترمذي، والشمائل له
والزهد لابن المبارك
والزهد لأحمد
وتلبيس إبليس لابن الجوزي
والنهاية في الفتن والملاحم لابن كثير
والصحيح من التذكرة للقرطبي
وتنبيه الغافلين للسمرقندي
وكل ما وقع تحت يدي في هذا الوقت قرأته كله أو جله حتى اجتمعت لدي مادةٌ كثيرة عن الملائكة،
وفي أثناء ذلك جمعت كل أو أكثر الآيات التي تتحدث عن الملائكة
ثم وقفت وقفة هامة لتنظيم هذه المادة وترتيبها
فلما قمت بذلك وجدت أن ما اجتمع لدي عن ميكائيل يمكن تنظيمه بحيث يكون موضوعا كاملا فكتبت قصة ميكائيل كلها كما ستراها هنا إن شاء الله تعالى،
ثم سِرْتُ في باقي القصص على نهجها مِنْ ذكر الاسم والعمل المكلف به وأعوانه ...الخ
وقد استغرقتْ كتابةُ مسودةِ الكتاب نحو سنتين ونصف،
كنت في أكثرها بعيدا عن كتبي إذ كنت ما زلت طالبا في الجامعة وأسكن في المدينة الجامعية وأعود للبيت كل خميس وجمعة ففيهما كنت أنتهز الفرصة للكتابة
ولما انتهيت من مسودته في شتاء سنة 2000م لم أكن خَرَّجْتُ أحاديثه بل نقلت أحكام العلماء التي قابلتني فقط كأحكام ابن كثير وابن الجوزي وغيرهما، وذلك لعدم وجود الكتب بين يدي،
فلما يَسَّر الله تعالى لي الحصول على بعض كتب التراجم كالتقريب والتهذيب لابن حجر والجرح والتعديل وسؤالات الحاكم وغيرها شرعت في تخريج كل أحاديثه مرة أخرى معتمدا على ما وقفت عليه من أسانيد إذ لم تكن الشاملة قد ظهرت بل لم يكن عندي حاسوبا
وكان هذا من أفضل ما استفدته إذ لم أكن أعتمد على سرعة استخراج طرق الحديث بضغطة زر
بل كان بمراجعة كثيرة مني والبحث بنفسي عن مواطن الحديث وفي الأماكن التي يمكن أن يوجد فيها كأن يكون مثلا في كتاب الرقائق أو التفسير ونحو ذلك
فربما قرأت الباب كله إن لم أكن قرأته قبل ذلك وربما أعدت قراءته أكثر من مرة،
وكنت أنظر في تخريجات المحققين ولا أعتمد عليها إذ كانوا –أحيانا- يخطئون في الإحالة فكنت أرجع إلى كل الأماكن التي يحيلون عليها للاطمئنان بنفسي على صحة هذه الإحالات،
وكان أمرًا شاقًّا جدا، ولكن ما أكثر ما أفدت من ذلك ولله الحمد.
ثم لما انتهيت من ذلك أخذني أحد الأصدقاء –جزاه الله خيرا- إلى فضيلة الشيخ مصطفى العدوي لينظر في الكتاب وكان ذلك في عام 2004م ولكن لم يتيسر ذلك ولكن قابلت بعض تلامذة الشيخ فراجع معي كثيرا من أحاديثه وناقشني مناقشات جادة نافعة جزاه الله خيرا ونصحني نصائح أفدت منها كثيرا ومنها أن أحذف الضعيف فحذفت أكثره فكان نحو ثلث الكتاب حتى هممت بأن أصنع ضعيف قصص الملائكة.
ثم عرضه أخي محمد على بعض دور النشر فأراد أحدهم شراءَه بثمن بخس دراهم معدودة تقل عن ثمن مسند الإمام أحمد طبعة شاكر! وعجبا والله لهؤلاء الناشرين!
ولكني ولله الحمد لم أكن فيه من الزاهدين
فأخذته واحتفظت به سنوات كثيرة ثم عرضته مرة أخرى بعد نحو عشر سنوات على بعض دور النشر في السعودية فوافقت إحدى الدور على نشره وطلبوا مني أن أعمل له (فَسْح إعلام = تصريح نشر) فكلفني ما كلفني حتى إذا انتهيت منه، إذا بهم يقولون: إن الدار لن تستطيع نشره الآن!!
وهكذا ظل حبيس المكتب حتى وجدت هذه الدار التي تولت طباعته...
فأرسلت لصاحبها الكتاب فأخذه،
وثمنَ طباعته فأكله،
فلا تسل عما وراء ذلك،
وإنما أقول ذلك مصرحا به تبرئة للذمة لئلا ينخدع بهذه الدار أحد، لا رغبة في غيبة أحد،
ويكفي أن تعلم أن صاحب هذه الدار بعد أن أخذ الكتاب وثمنه ماطلني كثيرا في مجرد الرد على الجوال؛ إذ لم يكن هناك وسيلة للاتصال بيننا إلا الجوال، وأنا في بلد وهو في بلدة أخرى، لكنه لما علم أني أعمل طبيبا في السعودية كانت هاتان الخصلتان (طبيب + في السعودية) كافيتين عنده لأن يأخذ الكتاب لنفسه! إذ هو خالٍ عنهما؛ فليس طبيبا كما أنه لا يعمل في السعودية. وبناء على ذلك فهو أولى بهذا الكتاب مني،
فكان أن قام بإغلاق هاتفه عني إذ كان يعلم أني لا أستطيع الوصول إليه إلا من خلاله،
ثم لم يكتف بذلك بل قام بعمل (حظر) لرقمي فلا يصل إليه،

ثم في مثل هذه الأيام من العام الماضي وصلت إليه في الإجازة وذهبت إليه حيث هو ووقعت معه عقدا (على ورق فقط طبعا)
فلما عرف أنني سافرت (رجعت ريمة لعادتها القديمة)،
وتبرئة للذمة أيضا أقول إنني تحصلت منه على نحو خمسين نسخة من الكتاب وكان الاتفاق أن يرسلها لي في السعودية وقد أعطيته ثمنها بل أكثر من ثمنها زيادة على ثمن الكتاب، ولكن ...
ولأن جميع الحقوق محفوظة للمؤلف! كما كتب هو على غلاف الكتاب الداخلي،
وأيضا فقد مضى على طبع الكتاب نحو سنتين إلا قليلا، فقد استخرت الله تعالى في كتابته في المنتديات رغبة فيما عنده من ثواب وطمعا أن يغفر لي ما خالط عملي هذا من قلة الإخلاص أو عدمه، وما شَابَهُ من سوء القصد والعمل،
وأسأله سبحانه أن يغفر لي وللمسلمين ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما هو –سبحانه- أعلم به منا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وألا يتوفنا جميعا إلا وهو راض عنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه
هذا وأُذَكِّرُ إخواني بأن هذا أول عمل حديثي لي وبعض الأحكام الموجودة فيه لا أرضاها الآن ولكن ليس لدي الوقت الكافي لمراجعتها فأنا أكتب الكتاب كما طُبِعَ وكما كتبته قديما فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[2] ملَك المطر:

وهو الذى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين رضي الله عنه.
فعن أنس بن مالك أن ملَك المطر استأذن ربَّه أن يأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له.
فقال لأم سلمة: "املكى علينا الباب لا يدخل علينا أحد"
قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى منكبه وعلى عاتقه.
قال: فقال الملَك للنبي صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟
قال: "نعم"
قال: أما إنَّ أمتَك ستقتله وإن شئتَ أريتك المكان الذى يقتل فيه.
فضرب بيده فجاء بطينة حمراء فأخذتها أم سلمة فصرتها فى خمارها.
قال ثابت: بلغنا أنها كربلاء.[1]

___________________________
[1] صحيح لغيره: رواه أحمد (13539) والطبرانى فى الكبير (2813) وابن حبان (6742 / إحسان) والبزار (6900) وأبو يعلى الموصلى (3402) كلهم من طريق عمارة بن غزية عن ثابت عن أنس به، وعمارة صدوق كثير الخطأ وله شواهد صحيحة ذكرها العلامة الألبانى فى الصحيحة (464-466/ رقمي 821، 822) وانظر أيضا التعليقات الحسان على ابن حبان (6707/ الألبانى)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[3] أتباع الرعد وملك المطر:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِى سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ.
فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِى حَرَّةٍ[1]
فَإِذَا شَرْجَةٌ[2] مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ
فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِى حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ[3]
فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: فُلاَنٌ، لِلاِسْمِ الَّذِى سَمِعَ فِى السَّحَابَةِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِى عَنِ اسْمِى؟
فَقَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ صَوْتًا فِى السَّحَابِ الَّذِى هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاِسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟
قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّى أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِى ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ."
[4]

___________________________________
[1] الحرة: الأرض التى بها حجارة سوداء

[2] الشرجة: مسيل الماء إلى الأرض السهلة

[3] المسحاة: هى المجرفة من الحديد

[4] صحيح: رواه مسلم ( 2984)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]
[ذكر فضائل ميكائيل عليه السلام]
1- أنه أحد رؤساء الملائكة الكبار جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام.

2- أنه الملك الموكل بالقَطْر والنبات والرياح وبها حياة البلاد والعباد.

3- أنه ممن استثناهم الله تعالى عند نفخة الصعق على أحد الأقوال.

4- أن أفضل الملائكة أو من أفضلهم من شهد بدرا وقد شهدها ميكائيل - عليه السلام - وكان على رأس مجموعة من الملائكة.

فعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: "مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ."[1]

5- قال الإمام البخارى: قال ابن أبى مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل.[2]

قال الحافظ: أى لا يجزم أحد منهم بعدم عروض النفاق لهم كما يجزم بذلك فى إيمان جبريل.[3]



[فصل]​
[ذكر موته عليه السلام]​
روي في حديث الصور الطويل: "... فيقول الله: ليمت جبريل وميكائيل. فينطق الله العرش فيقول: يارب يموت جبريل وميكائيل. فيقول: اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي. فيموتان... الحديث[4]

_________________________________
[1] صحيح: رواه البخارى (3992، 3994)

[2] هكذا ذكره البخارى معلقا بصيغة الجزم انظر البخارى مع فتح البارى (1 /150) ورواه محمد بن نصر فى تعظيم قدر الصلاة (688) وانظر أيضا رقمى (702، 703) وقول المرجئة: إيماننا على مثل إيمان جبريل وميكائيل وإسرافيل.

[3] فتح البارى: 1 / 152

[4] ضعيف: وقد تقدم
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[باب]
[ذكر قصة إسرافيل عليه السلام]
معنى الاسم: تقدم الكلام على معنى إسرافيل عند أول ترجمة ميكائيل عليهما السلام.

[فصل]
[أوصافه عليه السلام]

1- أنه قوي شديد القوى بلغ من قوته أنه بنفخة واحدة منه يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم بنفخة منه يبعثون، فاعرف منه هذه القوة، وانظر أيضا وصف الصور الذى ينفخ فيه.

2- أنه شديد الحرص على تنفيذ ما أمره الله – تعالى – به، وقد بلغ من شدة حرصه على ذلك أنه لم يطرف منذ وكله الله – عز وجل – بالصور، ناظرا تجاه العرش؛ مخافة أن يؤمر بالنفخ في الصور قبل أن يرتد إليه طرفه.

3- عيناه كأنهما كوكبان دريان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنْ طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان".[1]

4- وصف هيئته الآن: وهي أنه – عليه السلام – قد التقم الصور بفيه وحَنَى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر.

فعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كَيْفَ أَنْعَمُ ! وَقَدِ الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ، وَأَصْغَى سَمْعَهُ؛ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْمَرَ أَنْ يَنْفُخَ فَيَنْفُخَ.» قَالَ الْمُسْلِمُونَ فَكَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّهِ رَبِّنَا.» وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ «عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا».[2]

_____________________________
[1] صحيح لغيره: رواه الحاكم (8676) وصححه وزاد الذهبى: على شرط مسلم. وليس كما قال الذهبى. وأبو الشيخ فى العظمة (393) وحسنه الحافظ فى الفتح 11 / 368 ط. السلفية وانظر أيضا الصحيحة (1078).

[2] صحيح لغيره: رواه الترمذى (2431، 3243) وقال: حديث حسن، وأحمد (11039، 11696) والحاكم (8678) وابن المبارك فى الزهد (1597) وأبو الشيخ فى العظمة (398، 399) وعزاه المنذرى فى الترغيب والترهيب (5196) لابن حبان والطبرانى فى الصغير وانظر الصحيحة (1079)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]


[ وصف الصور ]​
الصُّور: بضم الصاد المهملة هو القرن الذي يُنْفَخُ فيه
وقد ورد هذا في الحديث الصحيح
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما الصور؟ قال: "قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ."[1]


وروي أنه عظيم جدا وأن فيه دوائر عِظَمُ الدائرة الواحدة فيه عرض السماوات والأرض
وروي أيضا أن به ثقب بعدد كل روح خلقها الله – عز وجل – أو يخلقها إلى نهاية الدنيا
وروي أن الله خلق الصور من لؤلؤةٍ بيضاء في صفاء الزجاجة
ولا يثبت من هذا شئ، والله أعلم.
[تتمة]:​
قال البخارى: باب: نفخ في الصور. قال مجاهد: الصور كهيئة البُوق.
قال الحافظ: وقال صاحب الصحاح: البوق الذي يزمر به معروف... قال: والصور إنما هو قرن كما جاء فى الأحاديث المرفوعة، وقد وقع فى قصة بدء الأذان بلفظ البوق والقرن في الآلة التي يستعملها اليهود للأذان، ويقال: إن الصور اسم للقرن بلغة أهل اليمن، وشاهده قول الشاعر:
نحن نفخناهم غداة النقعين *** نطحا شديدا لا كنطح الصورين[2]


[تنبيه]:​
قال القرطبى: وليس الصور جمع صورة كما زعم بعضهم أي نفخ فى صِوَرِ الموتى بدليل الأحاديث المذكورة، والتنزيل يدل على ذلك، قال الله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} [الزمر: 68] ولم يقل فيها فعلم أنه ليس جمع صورة.


قال الكلبي: لا أدري ما الصور؟ ويقال: هو جمع صورة، مثل بُسْرَة وبُسْر، أي ينفخ في صِوَرِ الموتى الأرواح.

وقرأ الحسن: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصِّوَر عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشِّهَادَةِ} [الأنعام: 73]


قلت (الكلام للإمام القرطبى): وإلى هذا التأويل فى أن الصُّور بمعنى الصِّوَر ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى وهو مردود بما ذكرنا.[3]


قال الحافظ: فعلى هذا، فالنفخ يقع في الصُّور أولا؛ ليصل النفخُ بالروح إلى الصِّوَر: وهي الأجساد، فإضافة النفخ إلى الصُّور: الذي هو القرن حقيقة، وإلى الصِّوَر: التي هي الأجساد مجاز.[4]

___________________________________
[1] صحيح: رواه أبو داود (4742) والترمذى (2430، 3244) وقال: حديث حسن، وأحمد (6517، 6819) والنسائي في التفسير (332، 401، 476) والدارمي (2798) والحاكم (3631، 3870، 8680) وصححه ووافقه الذهبي، وابن المبارك فى الزهد (1599)
[2] فتح البارى: ( 11/ 268 / سلفية )
[3] الصحيح من التذكرة: 123 ط. الإيمان
[4] فتح البارى: ( 11 / 367 / سلفية )
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]​
[ذكر أعمال إسرافيل عليه السلام]​
1- النزول بأمر الله – عز وجل – فمن ذلك:


أ‌- ما سبق أنه نزل مع جبريل وميكائيل لإهلاك قوم لوط وبشارة إبراهيم عليه السلام.


ب‌- روى أنه نزل بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين ثم عزل عنه وأقرن به جبريل، ولم ينزل عليه قرآن على لسان إسرافيل بل لم ينزل القرآن إلا على لسان جبريل.


فعن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة وكان معه إسرافيل ثلاث سنين
ثم عُزِل عنه إسرافيل وأُقْرِنَ به جبريل عشر سنين بمكة وعشر سنين مهاجره بالمدينة
فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة.[1]


قال ابن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: ليس يعرف أهل العلم ببلدنا أن إسرافيل قُرِن بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن علماءهم وأهل السير منهم يقولون لم يقرن به غير جبريل من حين أنزل عليه الوحي إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم.[2]

_________________________________
[1] ضعيف مرسل: رواه ابن سعد فى الطبقات: 91- 92 رجاله كلهم ثقات إلا أن عامرا هذا سهو ابن شراحيل الشعبى الحميرى الكوفى وهو ثقة فقيه فاضل إلا أنه تابعى وكان يرسل عن عمر وطلحة وابن مسعود. وعزاه ابن كثير فى البداية ( 3 / 4-5 ) للإمام أحمد ولم أقف عليه فى المسند ثم رأيت الحافظ قال فى الفتح (1/36/ ط. مكتبة الإيمان ): وقع في تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبي أن مدة فترة الوحي كانت ثلاث سنين وبه جزم ابن إسحاق... ثم راجعت المنقول عن الشعبي من تاريخ الإمام أحمد ولفظه من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي: أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين فكان يعلمه الكلمة والشيء ولم ينزل عليه القرآن على لسانه فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة. وأخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر مختصرا عن داود بلفظ بعث لأربعين ووكل به اسرافيل ثلاث سنين ثم وكل به جبريل... وقد حكى ابن التين هذه القصة لكن وقع عنده ميكائيل بدل إسرافيل وأنكر الواقدي هذه الرواية المرسلة وقال لم يقرن به من الملائكة إلا جبريل انتهى. ولا يخفى ما فيه فإن المثبت مقدم على النافي إلا إن صحب النافي دليل نفيه فيقدم والله أعلم.
[2] الطبقات الكبرى لابن سعد: 91 - 92
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

2- ولاية اللوح المحفوظ:

واللوح المحفوظ هو الذى كتب الله فيه مقادير الخلائق.
ومعنى محفوظ أي محفوظ من الزيادة والنقص والتبديل والتحريف.
وهو المذكور فى قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21-22].

وأما سبب ولايته اللوح المحفوظ ؛ فلأنه أول من سجد لآدم من الملائكة.
قال الحافظ: وقد روى النقاش أنه أول من سجد من الملائكة فجوزى بولاية اللوح المحفوظ.[1]
وقال أنس بن مالك وغير واحد من السلف: اللوح المحفوظ فى جبهة إسرافيل.[2]
وقال عمر بن عبد العزيز: لما أمرت الملائكة بالسجود كان أول من سجد منهم إسرافيل فآتاه الله أن كتب القرآن فى جبهته. رواه ابن عساكر.[3]
قلت: ولكنى لم أقف على خبر مرفوع ثابت فى هذا فالله أعلم.

3- حمل العرش:

يُذْكَرُ هذا فى بعض كتب العقيدة ولم أقف على خبرٍ مرفوع ثابت فى هذا
ولكن روى فى معناه حديث ضعيف: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال: "ما جمعكم."
قالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته.
فقال: "ألا أخبركم ببعض عظمته؟"
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: "إن ملَكا من حملة العرش يقال له إسرافيل. زاوية من زوايا العرش على كاهله، قد مرقتا[4] قدماه في الأرض السفلى، ومَرَقَ رأسُه من السماء السابعة العليا في مثله من خليقة ربكم تبارك وتعالى".[5]

قلت: على فرض ثبوت هذا الحديث فليس فيه أن إسرافيل المذكور هو نفسه الذى ينفخ فى الصور بل قد يكون هو وقد يكون غيره فلا وجه للجزم بأحدهما من غير مُرَجِّح فليتأمل.

4- النفخ فى الصور وهى أهم أعماله وأشهرها:

قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [سورة النمل: 87] وقال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [سورة الزمر:68]

وأما السنة فلم يرد فيها أو على الأقل لم أقف على خبر مرفوع ثابت يذكر أن إسرافيل هو الذى ينفخ فى الصور إلا ما روى فى حديث الصور الطويل وقد تقدم أنه ضعيف
ولكن قال الحافظ: اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل – عليه السلام – ونقل الحليمى فيه الإجماع ووقع التصريح به فى حديث وهب بن منبه وفى حديث أبى سعيد عند البيهقى وفى حديث أبى هريرة عند ابن مردويه وكذا فى حديث الصور الطويل[6]

وقال القرطبى: قال علماؤنا: والأمم مجمعون على أن الذى ينفخ فى الصور إسرافيل عليه السلام.[7]
قلت هذا هو المعروف المشهور وانظر ما سيأتى عند ذكر أعوانه.

___________________________
[1] فتح البارى: ( 6 /234 / سلفية ) وانظر أيضا تفسير القرآن العظيم (8/212) والبداية والنهاية (1/48) وقال: حكاه السهيلى فى كتابه التعريف والإعلام بما أبهم فى القرآن من الأعلام.
[2] البداية والنهاية: 1 / 21
[3] البداية والنهاية: 1 /86
[4] هكذا فى المطبوع
وقال محققا العظمة: وردت هكذا فى جميع النسخ والصواب (مرقت) وهو الأنسب لغويا ا.هـ
قلت: هكذا قالا! وليس فى الرواية خطأ حتى يُصَوَّب بل تُخَرَّج على لغة أكلوه البراغيث ومنها حديث: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل..." الحديث، وقوله تعالى: {وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} [ سورة الأنبياء: 3]
[5] ضعيف: رواه أبو الشيخ فى العظمة (479) وأبو نعيم فى الحلية (6/65-66)
[6] فتح البارى: ( 11 / 368 / سلفية )
[7] الصحيح من التذكرة: 123
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[ وقت النفخ فى الصور ]
ورد أن وقت النفخة يكون يوم جمعة.

فعن أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَىَّ.»
قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ يَقُولُونَ: بَلِيتَ.
فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ.»[1]

____________________________
[1] صحيح: رواه أبو داود (1047) والنسائى (1373) وابن ماجه (1085) وأحمد (16162) والحاكم (1029) وقال: صحيح على شرط البخارى ووافقه الذهبى فى التلخيص. وابن حبان (550 / موارد ) وابن شيبة (5551، 8781)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]
[ذكر أعوان إسرافيل عليه السلام]

أولا: ملائكة اللوح المحفوظ:

قد علمت مما سبق أن من أعمال إسرافيل عليه السلام ولايةَ اللوح المحفوظ؛ فمن أعوانه ملائكة اللوح المحفوظ ونعنى بهم الملائكة الذين ينسخون من اللوح المحفوظ ما شاء الله – تعالى – من قضائه على عباده ووحيه إلى أنبيائه بالأقلام التى هو تعالى يعلم كيفيتها.
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفِعَ ليلة المعراج لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام:
فعن ابن شهاب قال: أخبرنى ابن حزم: أن ابن عباس وأبا حَبَّةَ الأنصارى كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم عرج بى حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام."[1]

قوله: "لمستوى" بفتح الواو قال الخطابى: المراد به المصعد، وقيل: المكان المستوِي.

قوله: "صريف الأقلام": أي تصويتها حال الكتابة.
قال الخطابى: هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ أو ما شاء الله تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده من أمره وتدبيره.

قال القاضى: فى هذا حجة لمذهب أهل السنة:
فى الإيمان بصحة كتابة الوحي والمقادير فى كتب الله تعالى من اللوح المحفوظ وما شاء
بالأقلام التى هو تعالى يعلم كيفيتها
على ما جاءت به الآيات من كتاب الله تعالى والأحاديث الصحيحة
وأن ما جاء من ذلك على ظاهره
لكن كيفية ذلك وصورته وجنسه مما لا يعلمه إلا الله تعالى أو من أطلعه على شئ من ذلك من ملائكته ورسله؟
وما يتأول هذا ويحيله عن ظاهره إلا ضعيف النظر والإيمان:
- إذ جاءت به الشريعة المطهرة
- ودلائل العقول لا تحيله
- والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد حكمة من الله تعالى وإظهارا لما يشاء من غيبه لمن يشاء من ملائكته وسائر خلقه وإلا فهو غنى عن الكتب والاستذكار سبحانه وتعالى ا.هـ[2]

وقال شارح الطحاوية: وأصحاب هذا القلم (يعنى قلم الوحي وهو الذى يكتب به وحى الله إلى أنبيائه ورسله كما تقدم) هم الحكام على العالم،
والأقلام كلها خدم لأقلامهم
وقد رُفِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام فهذه الأقلام هى التى تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التى يدبرها أمر العالم العلوى والسفلى.[3]

______________________________
[1] صحيح: رواه البخارى (394، 3342) ومسلم (163)

[2] ( 1/ 2/ 179/ نووى ) وانظر أيضا فتح البارى 1 / 617

[3] شرح العقيدة الطحاوية: 265 - 266
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

ثانيا: ملائكة الصور:


قد علمت أن الإجماع حاصل على أن الذي ينفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام، لكن روى في السنة ما ظاهره يخالف ذلك، فمن ذلك:
عَنْ أَبِى مُرَيَّةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: « النَّفَّاخَانَ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ وَرِجْلاَهُ بِالْمَغْرِبِ ». أَوْ قَالَ: « رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَغْرِبِ وَرِجْلاَهُ بِالْمَشْرِقِ يَنْتَظِرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ يَنْفُخَانِ فِى الصُّورِ فَيَنْفُخَانِ ».1


وعن أَبِى سعيدٍ قال: قال: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ صَاحِبَي الصُّورِ بِأَيْدِيهِمَا - أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا - قَرْنَانِ يُلاَحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ ».2


وعند الحاكم من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ صَبَاحٍ إلا وملكان يناديان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان..." الحديث3


وفى الزهد لهناد بن السرى بسند صحيح موقوف على عبد الرحمن بن أبى عمرة قال: ما من صباح إلا وملكان يقولان: يا طالب الخير أقبل ويا طالب الشر أقصر... وملكان موكلان بالصور.4


قلت: فالذي يظهر من مجموع الأحاديث السابقة – والله أعلم – أن موضع الشاهد ثابت وهو أن اثنين ينفخان في الصور، أو محتمل الثبوت على الأقل.
وعلى هذا فينبغي التوفيق = بين ما ثبت أن النافخ في الصور إسرافيل - عليه السلام - وقد علمت أنه يحتمل أن يكون من حملة العرش = وبين ما روى هنا من أن النفاخين في السماء الثانية، فذَكَرَ أنهما اثنان وأنهما في السماء الثانية، فأقول:


قال الحافظ ابن كثير: ولعل هذين الملكين أحدهما هو إسرافيل وهو الذي ينفخ في الصور... والآخر هو الذي ينقر في الناقور، وقد يكون الصور والناقور اسم جنس يعم أفرادا كثيرين، والألف واللام فيهما للعهد، ويكون لكل واحد منهما أتباع يفعلون بفعله والله أعلم.5


وقال الحافظ:... وعلى هذا فقوله في حديث عائشة: أنه إذا رأى إسرافيل ضم جناحيه نفخ".6 أنه ينفخ النفخة الأولى وهى نفخة الصعق ثم ينفخ إسرافيل النفخة الثانية وهى نفخة البعث.7


أقول: وعلى هذا فإسرافيل - عليه السلام - هو الذي يتلقى الأمر بالنفخ؛ لأنه كما سبق لم يطرف منذ وكل بالصور، ينظر تجاه العرش؛ مخافة أن يؤمر بالنفخ قبل أن يرتد إليه طرفه، فإذا تلقى الأمر بالنفخ ضم جناحيه، فكانت هذه علامة للملك الآخر أن ينفخ؛ فينفخ.


وأما قوله في الحديث الآخر: "النفاخان فى السماء الثانية…" فقد تقدم كلام الحافظ ابن كثير عليه آنفا.
غير أنه يحتمل شيئا آخر وهو أن هذين النفاخين من أتباع إسرافيل، لا أن أحدهما هو إسرافيل والآخر هو الذي ينقر فى الناقور.
ويقوي هذا الرأي ما تقدم أن من أعمال إسرافيل عليه السلام ولاية اللوح المحفوظ وهو فوق سبع سماوات يقينا.
وأيضا، ما تقدم من أنه من حملة العرش، والعرش فوق السماوات السبع يقينا.
إذا علمت ذلك علمت أن إسرافيل - عليه السلام - ليس في السماء الثانية يقينا، وأن هذين النفاخين اللذين في السماء الثانية إنما هما تابعان من أتباعه وبعض أعوانه.


وأما أنهما يلاحظان النظر متى يؤمران فينفخان، فإنهما ينتظران الأمر من إسرافيل عليه السلام.


وأما أنه اختصهما بالذكر فى الأحاديث، فيدل على أنهما من أعظم أتباع إسرافيل - عليه السلام- وقد يكون لكل منهما أعوان آخرون يفعلون كفعلهما فليتأمل، والله أعلم.

____________________________
1 حسن لغيره بما بعده دون زيادة وصف رأس الملك ورجليه: رواه أحمد (6818) وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (5200) وجود إسناده فقال: رواه أحمد بإسناد جيد على الشك في إرساله أو اتصاله.
وتعقبه الشيخ الألباني، رحمه الله، في الضعيفة (6896) بأن المتن منكر في وصف الملك رأسا ورجلا وأما السند ففيه أبو مرية وهو مجهول ثم الشك، ثم قال: كيف تجتمع الجودة مع الشك المذكور.
قلت: ولكن موضع الشاهد وهو أن اثنين ينفخان في الصور يشهد له ما بعده.


2 حسن لغيره: رواه ابن ماجه (4273) قال فى الزوائد: إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة وعطية العوفى.


3 ضعيف جدا: رواه الحاكم (8679) وقال تفرد به خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم وقال الذهبى: خارجة ضعيف.


4 فتح البارى: 11 / 369 / سلفية، وصححه. والصحيح من التذكرة: 123


5 الفتن والملاحم لابن كثير: 1 / 116 ط. دار الرشيد.


6 يشير إلى حديث عبد الله بن الحارث قال: كنت عند عائشة وعندها كعب الأحبار فذكر إسرافيل فقالت: يا كعب أخبرني عن إسرافيل.
فقال كعب: عندكم العلم.
قالت: أجل، قالت: فأخبرني.
قال: له أربعة أجنحة جناحان في الهواء وجناح قد تسربل به وجناح على كاهله والقلم على أذنه فإذا نزل الوحي كتب القلم ثم درست الملائكة ، وملك الصور جاثٍ على إحدى ركبتيه وقد نصب الأخرى فالتقم الصور يحنى ظهره وقد أُمِرَ إذا رأى إسرافيل قد ضم جناحه أن ينفخ فى الصور.
فقالت عائشة: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
وهذا الحديث ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (5197) وقال: رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وقال الحافظ في الفتح: ( 11 / 396 / سلفية. ): ورجاله ثقات إلا على بن زيد بن جدعان ففيه ضعف فإن ثبت حمل على أنهما جميعا ينفخان ا.هـ
ورواه أبو الشيخ في العظمة بنحوه (288).


7 فتح الباري: ( 11 / 369 / سلفية )
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فائدة]
كون إسرافيل - عليه السلام - لم يطرف منذ وكل بالصور لا يعارض نزولَه مع جبريل وميكائيل لتعذيب قوم لوط وبشارة إبراهيم الخليل عليه السلام؛ إذ أنه - عليه السلام - يكون على الهيئة المذكورة ما لم يؤمر بغير ذلك، فكأن نزوله معهما استثناء من هذه الحالة.


وأيضا، فكونه لم يطرف مذ وكل بالصور ليس أمرا من الله - عز وجل - بل هو شدة حرص منه على تنفيذ أوامر الله عز وجل، وأما نزوله مع جبريل وميكائيل فبأمر من الله - عز وجل - فلا يضيع ما أمر به لما خاف أن يضيع مما لم يؤمر به بعد. فتأمل، والله أعلم.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]


[ذكر نفخات الصور والخلاف فى عددها]
اختلف العلماء فى عدد نفخات الصور على ثلاثة مذاهب:


الأول: يقع النفخ فى الصور أربع مرات. وهو منقول عن ابن حزم.1


الثانى: يقع النفخ فى الصور ثلاث مرات. وهو اختيار كثير من العلماء واختاره ابن العربى وابن كثير وابن تيمية وغيرهم
ومستندهم فى ذلك حديث الصور الطويل، وفيه: « إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر » ،
قال: قلت: يا رسول الله ، ما الصور؟ قال: « القرن »،
قال: قلت: كيف هو؟
قال: « عظيم، والذي بعثني بالحق، إن عظم دائرة فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين..."2 وقد تقدم أنه ضعيف.


وما رواه الطبرى: "ثم ينفخ فى الصور ثلاث نفخات: نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام لرب العالمين".3 وهذا ضعيف أيضا.


ونفخة الفزع هى المذكورة فى قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [سورة النمل: 87]


ونفختى الصعق والبعث مذكورتان فى قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [سورةالزمر:68]


الثالث: يقع النفخ فى الصور مرتين:
الأولى نفخة الصعق ويكون معها فزع،
والثانية نفخة البعث
وإليه ذهب الإمام القرطبى والحافظ فى الفتح وهو الرأى الراجح والله أعلم.​


قال القرطبى: ونفخة الفزع هى نفخة الصعق؛ لأن الأمرين لا زمان بينهما أى: فزعوا فزعا ماتوا منه.
والسُّنة الثابتة على ما تقدم من حديث أبى هريرة وعبد الله بن عمر4 وغيرهما يدل على أنهما نفختان لا ثلاث، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ} [الزمر: 68] فاستثنى هنا كما استثنى فى نفخة الفزع فدل على أنهما واحدة.5

________________________________________
1 فتح البارى: ( 11 / 369 / سلفية )


2 ضعيف: ذكره ابن كثير فى الفتن والملاحم: (1 / 117- 122 / ط. دار الرشيد) وعزاه لأبى يعلى الموصلى فى مسنده وابن ابن جرير فى تفسيره والطبراني فى المطولات والبيهقى فى البعث والنشور والحافظ أبى موسى المدينى فى المطولات.
قال: ومداره على إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة وهو ضعيف وإسماعيل بن رافع ليس فى الوضاعين وكأنه جمع هذا الحديث من طرق متعددة وأماكن متفرقة فجمعه وساقه سياقة واحدة ا.هـ بتصرف.
قلت: ورواه أيضا أبو الشيخ فى العظمة (388) ومحمد بن نصر فى تعظيم قدر الصلاة (273)


3 هكذا رواه الطبرى مختصرا كما فى الفتح ( 11 / 369 / سلفية ) وإسناده منقطع لا يصح كما فى التذكرة.


4 سنذكرهما فيما يأتى إن شاء الله تعالى


5 الصحيح من التذكرة: 123- 124
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

ذكر نفخة الصعق وأول من يسمعها وحال الناس عندها:​
أول شئ يطرق أهل الدنيا بعد وقوع أشراط الساعة نفخة الفزع التي منها يصعقون
فإذا نفخ فى الصور والناس فى أسواقهم يَخِصِّمُون أي: يختصمون فى البيع والشراء لم يبق أحد من أهل الأرض إلا رفع رأسه مميلا أحد جانبي عنقه، رافعا الآخر كهيئة المتسمع المندهش الذي فجأه أمر غريب وصوت عجيب؛ فيريد أن ينصت لهذا الصوت الذي لا يدرى مصدره.
كل أهل الأرض يكونون على هذه الهيئة متسمعين لهذا الصوت الهائل العظيم الذي قد هال الناس وأزعجهم عما كانوا فيه من أمر الدنيا وشغلهم بها.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

ذكر أول من يسمع النفخة:
أول من يسمعها رجلٌ يَلُوطُ حوض إبله أى: يُطَيِّنُهُ ويُصْلِحُهُ،
فإذا سمعها صَعِقَ وصَعِقَ الناس.
فعن يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفى قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ؟ تَقُولُ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا .
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُحَدِّثَ أَحَدًا شَيْئًا أَبَدًا
إِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا: يُحَرَّقُ الْبَيْتُ وَيَكُونُ وَيَكُونُ .
ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ.
ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ.
ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ[1] لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ."

قَالَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ:
"فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا
فَيَتَمَثَّلُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟
فَيَقُولُونَ فَمَا تَأْمُرُنَا؟
فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ
وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ.
ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا[2] وَرَفَعَ لِيتًا."

قَالَ: "وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ[3] حَوْضَ إِبِلِهِ
قَالَ فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ
ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوْ الظِّلُّ[4] - نُعْمَانُ الشَّاكُّ - فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ
ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ
{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]
قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ.
فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟
فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ.

قَالَ: فَذَاكَ يَوْمَ {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17]
وَذَلِكَ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:42] 5

_______________________
[1] قوله: "كَبِد جَبَل": أى داخله وأوسطه. وكبد كل شئ وسطه.
[2] قوله: "أصغى لِيتا": اللِّيت – بكسر اللام وآخره مثناة فوقية – وهى صفحة العنق أى جانبه.
وأصغى: أى أمال.
[3] قوله: "يلوط حوض إبله": أى يطينه ويصلحه
[4] قوله: "كأنه الطَّل أو الظِّل": قال العلماء: الأصح الطَّل بالمهملة.
[5] صحيح: رواه مسلم (2940)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

حال الناس عند النفخ في الصور:
قال تعالى: {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعنى النفخة الأولى التي يكون بها هلاكهم
{تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}
[يــس:49] أي يختصمون في أسواقهم وحوائجهم.


وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187]


وقال تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أي: أن يوصوا
{وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ}
[يــس:50] أي من أسواقهم وحيث كانوا.


وعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ: {لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [سورة الأنعام: 158]
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا"
.[1]
_
_____________________
[1] صحيح: رواه البخارى (6506، 7121) ومسلم (2954)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[لطيفة]
مكان الملَك ساعة النفخ
يقوم ملَكُ الصور بين السماء والأرض ساعة النفخ.
قال الحافظ: وأخرج البيهقى بسند قوى عن ابن مسعود موقوفا: "ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه. والصور قَرْنٌ. فلا يبقى لله خلق فى السماء والأرض إلا مات إلا من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شاء الله..."[1]


[فائدة] فى معنى الناقور
قال تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ} [المدثر:8] قال الإمام البخارى: وقال ابن عباس: الناقور الراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الثانية.[2]
وقال الإمام القرطبى: وسماه – أى الصورَ – اللهُ تعالى أيضا بالناقور فى قوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ} [المدثر: 8] قال المفسرون: الصورُ ينقر فيه مع النفخ الأول لموت الخلق[3] لتكون الصيحة أشد وأعظم.[4]

___________________________________
[1] فتح البارى: ( 11 / 369 / سلفية )
[2] فتح البارى: ( 11 / 367 / سلفية )
[3] الصحيح من التذكرة: 120
[4] السابق: 122
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

خاتمة
في ذكر المستثنى من نفخة الصعق:
وحاصل ما جاء في ذلك أحد عشر قولا:
الأول: أنهم الموتى كلهم؛ لكونهم لا إحساس لهم فلا يصعقون.
وإليه ذهب القرطبي في "المفهم شرح مسلم" ومستنده أنه لم يرد في تعيينهم خبر صحيح، وتعقبه صاحبه القرطبي في "التذكرة"[1] فقال: قد صح فيه حديث أبى هريرة، وفى الزهد لهناد بن السرى عن سعيد بن جبير موقوفا: هم الشهداء. وسنده إلى سعيد صحيح.


الثاني: أنهم الشهداء كما في أثر سعيد بن جبير السابق.


الثالث: الأنبياء. وإليه ذهب البيهقي في تأويل الحديث في تجويزه أن موسى ممن استثنى الله. قال: ووجهه عندي أنهم أحياء عند ربهم كالشهداء فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا ثم لا يكون ذلك موتا في جميع معانيه إلا في ذهاب الاستشعار... ثم ذكر أثر سعيد بن جبير السابق في الشهداء وحديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية: مَنِ الذين لم يشأ الله أن يصعقوا؟ قال: هم شهداء الله عز وجل.[2] ورجحه الطبري.


الرابع: قال يحيى بن سلام في تفسيره: بلغني أن آخر من يبقى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ثم يموت الثلاثة ثم يقول الله لملك الموت: مُتْ. فيموت.


الخامس: حملة العرش لأنهم فوق السماوات.


السادس: الأربعة المذكورون وحملة العرش.


السابع: موسى وحده. أخرجه الطبري بسند ضعيف عن أنس عن قتادة وذكره الثعلبي عن جابر.


الثامن: الولدان المخلدون الذين في الجنة والحور العين لأن الجنات فوق السماوات ودون العرش.


التاسع: خزان الجنة والنار وما فيها من حيات وعقارب. حكاهما الثعلبي عن الضحاك ومزاحم.


العاشر: الملائكة كلهم. جزم به أبو محمد بن حزم في "الملل والنحل".


الحادي عشر: روى الطبري بسند صحيح عن قتادة قال: قال الحسن: يستثنى الله وما يدع أحدا إلا أذاقه الموت.[3]


قلت: وذهب ابن تيمية إلى أن الاستثناء متناول لمن في الجنة من الحور العين، قال: فإن الجنة ليس فيها موت، ومتناول لغيرهم ولا يمكن الجزم بكل من استثناه الله فإن الله أطلق في كتابه.[4]

____________________________
[1] القرطبى صاحب "التذكرة" تلميذ القرطبى صاحب "المفهم شرح مسلم".
[2] قال الحافظ: ( 11 / 454 / ط. مكتبة الإيمان ) صححه الحاكم ورواته ثقات.
[3] انظر فتح البارى ( 11 / 370-371 / سلفية ) والصحيح من التذكرة: 112- 113 والروح لابن القيم: 44 والفتن والملاحم لابن كثير: 1/126
[4] دقائق التفسير لابن تيمية: 4 / 281
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

تتمة
في بيان الصعق الذي يكون في عرصات القيامة
هناك صعق يكون في عرصات القيامة وهو صعق آخر غير الصعق المذكور في القرآن والذي يكون بسبب النفخ في الصور


فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ
قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ
فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ
فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ
فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ
فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ"[1]


قال الإمام ابن القيم: فهذا صعق في موقف القيامة إذا جاء الله لفصل القضاء وأشرقت الأرض بنوره فحينئذ تصعق الخلائق كلهم قال تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور:45]
ولو كان هذا الصعق موتا لكانت موتة أخرى
وقد تنبه لهذا جماعة من الفضلاء
فقال أبو عبد الله القرطبي: ظاهر هذا الحديث أن هذه صعقة غَشْيٍ تكون يوم القيامة لا صعقة الموت الحادثة عند نفخ الصور[2]


وقال الحافظ ابن كثير: هذا الصعق الذي يحصل للناس يوم القيامة سببه تجلى الرب تعالى لعباده لفصل القضاء فيصعق الناس من العظمة والجلال كما صعق موسى يوم الطور حين سأل الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا
فموسى – عليه السلام – يوم القيامة إذا صعق الناس إما أن يكون جوزي بتلك الصعقة الأولى فما صعق عند هذا التجلي
وإما أن يكون صعق أخف من غيره فأفاق قبل الناس كلهم والله أعلم.[3]

.
_______________________________
[1] صحيح: رواه البخارى (2411، 3408، 3414، 3476، 4813، 5062، 6517، 6518، 7428، 7472) ومسلم (2373)
[2] الروح لابن القيم: 45 والصحيح من التذكرة: 113
[3] الفتن والملاحم لابن كثير: 1/ 184
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

ذكر المدة بين النفختين:
عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ
قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟
قَالَ: أَبَيْتُ.
قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟
قَالَ: أَبَيْتُ.
قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟
قَالَ: أَبَيْتُ.
«ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ

قَالَ: «وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»[1]

وقول أبى هريرة: «أبيت» معناه: أبيت أن أجزم أن المراد أربعون يوما أو سنةً أو شهرا بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة.
وقد جاءت مفسَّرة من رواية غير مسلم: أربعون سنة.[2]

وقال القرطبي: وقول أبى هريرة: «أبيت» فيه تأويلان:
الأول: امتنعت من بيان ذلك وتفسيره. وعلى هذا كان عنده علم من ذلك أي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أبيت أن أسأل عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا لم يكن عنده علم من ذلك.

والأول أظهر، وإنما لم يبينه لأنه لم ترهق لذلك حاجة لأنه ليس من البينات والهدى الذي أمر بتبليغه،
وفى البخاري عنه أنه قال: حفظت وعاءين من علم فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع منى هذا البلعوم.
قال أبو عبد الله: البلعوم: مجرى الطعام،
وقد جاء أن بين النفختين أربعين عاما. والله أعلم.[3]
قلت: الذي استظهره الإمام القرطبي ليس بظاهر بل التأويل الثاني هو الأظهر فليتأمل والله أعلم.

وقال الحافظ: قوله: «أبيت» بموحدة أي امتنعت عن القول بتعيين ذلك لأنه ليس عندي في ذلك توقيف،
ولابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش في هذا الحديث فقال: أَعْيَيْتُ. من الإعياء وهو التعب، كأنه أشار إلى كثرة من يسأله عن تبيين ذلك فلا يجيبه.

وزعم بعض الشراح أنه وقع عند مسلم أربعين سنة، ولا وجود لذلك.
نعم أخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن الصلت عن الأعمش في هذا الإسناد: «أربعون سنة» وهو شاذ.
ومن وجه ضعيف عن ابن عباس قال: ما بين النفخة والنفخة أربعون سنة. ذكره في آخر سورة "ص".

وكأن أبا هريرة لم يسمعها إلا مجملة فلهذا قال لمن عينها له: «أبيت».

وقد أخرج ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن أبى هريرة قال: بين النفختين أربعون.
قالوا: أربعون ماذا؟
قال: هكذا سمعت.
وقال ابن التين: ويحتمل أيضا أن يكون علم ذلك لكن سكت ليخبرهم في وقت أو اشتغل عن الإعلام حينئذ.
ووقع في جامع ابن وهب: أربعين جمعة. وسنده منقطع.[4]
_
_________________________
[1] صحيح: رواه البخارى (4814، 4935) ومسلم (2955)
[2] مسلم بشرح النووى: ( 9 / 18 / 73 / نووى)
[3] الصحيح من التذكرة: 111
[4] فتح البارى: 8 / 690
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

ذكر نفخة البعث
قال تعالى: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} [النبأ: 18]
وقال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يــس: 51 - 53]


وعن عبد الله بن مسعود قال: ترسل ريح فيها صِرٌّ باردة زمهرير فلا يبقى على الأرض مؤمن إلا لفته تلك الريح
ثم تقوم الساعة على الناس
ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه فلا يبقى خلق فى السماء والأرض إلا مات
ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون
ثم يرسل الله ماء من تحت العرش فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى
ثم قرأ ابن مسعود: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9]
ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه ويقومون قياما لرب العالمين.[1]

_____________________________
[1] الفتن والملاحم لابن كثير: 1 / 131 رواه سفيان الثورى بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود موقوفا.
 
أعلى