العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قصص الملائكة

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلمَ تسليما كثيرا.


do.php
غلاف قصص الملائكة.jpeg


أما بعد
فقد كان من خبر هذا الكتاب أنني حين شرعت في الطلب قديما كنت أقرأ مع بعض الإخوان كتاب الإيمان لمحمد نعيم ياسين فلما وصلنا إلى مبحث الإيمان بالملائكة ذكر أنه يجب الإيمان بالملائكة الذين وردت أسماؤهم في الكتاب أو السنة بالتفصيل.
فكان قوله: "يجب ... بالتفصيل" شديد الوقع على نفسي وسألت كيف السبيل إلى ذلك؟ أعني إلى معرفة كل الملائكة الذين ذكروا في الكتاب والسنة بالتفصيل،
فكانت كل الأجوبة لا تشفي غليلي.
فسألت هل يوجد كتاب جامع في هذا الأمر؟ أعني كتاب أُفْرِدَ للحديث عن الملائكة تفصيلا،
فكان الجواب: لا يوجد،
وكم تمنيت أن لو وُجِدَ مثل هذا الكتاب لِيَتِمَّ إيماننا بهذا الركن من أركان الإيمان وهو الإيمان بالملائكة على وجهه.
ثم مضى نحو عقد من الزمان وإذا بأخي محمد يرغب إليَّ أن أضع كتابا عن الملائكة فأثار ما كان في نفسي قديما،
وقلت في نفسي: إنها أمنية قديمة ولكني لست أهلا لها،
ثم بعد أيام أعاد طلبه هذا،
وظل مدة من الزمان يسألني ذلك
وقال: إن التأليف الآن قد كثر جدا فإن لم تبدأ في صنع هذا الكتاب صنعه غيرُك،
فكنت أتمنى أن يصنعه غيري: لصعوبته، وعدم وجود تأليف سابق فيما كنت أظن، وقلة المراجع بين يدي، إلا إنني كنت أتمنى أن أصنعه أنا ولكنها كانت أمنية بعيدة إذ كنت أعلم أنني لست لها أهلا.
فلما زاد إلحاح أخي محمد على هذا الأمر وانشرح صدري له عزمت على البدء في جمع مادته ولكن لم يكن عندنا من الكتب ما يُمَكِّنُنا من ذلك،
فعزمتُ في صيف عام 1997م على البدء بما تيسر لدي فشرعت في قراءة صحيح البخاري وكان عندي الطبعة اليونينية غير كاملة، وبعض أجزاء من صحيح مسلم طبعة دار التحرير وعلى هامشها تعليقات مأخوذة من شرح الإمام النووي فبدأت باستخراج ما فيهما من الأحاديث عن الملائكة وفي أثناء ذلك إذا بأخي محمد يشتري سنن الدارمي فأخذته فقرأته كله واستخرجت ما فيه وهو قليل جدا، ثم جاءني بسنن الدارقطني فقرأتها كلها واستخرجت ما فيها،
ومشيت هكذا لا يقع تحت يدي كتاب إلا قرأته كله لاسيما إذا كان من كتب السنة
فقرأت صحيح سنن النسائي للإمام الألباني كله وبعض ضعيف النسائي
وسنن ابن ماجه تحقيق عبد الباقي قرأتها كلها أو بعضها لا أذكر الآن،
وأكثر سنن أبي داود
وبعض سنن الترمذي، والشمائل له
والزهد لابن المبارك
والزهد لأحمد
وتلبيس إبليس لابن الجوزي
والنهاية في الفتن والملاحم لابن كثير
والصحيح من التذكرة للقرطبي
وتنبيه الغافلين للسمرقندي
وكل ما وقع تحت يدي في هذا الوقت قرأته كله أو جله حتى اجتمعت لدي مادةٌ كثيرة عن الملائكة،
وفي أثناء ذلك جمعت كل أو أكثر الآيات التي تتحدث عن الملائكة
ثم وقفت وقفة هامة لتنظيم هذه المادة وترتيبها
فلما قمت بذلك وجدت أن ما اجتمع لدي عن ميكائيل يمكن تنظيمه بحيث يكون موضوعا كاملا فكتبت قصة ميكائيل كلها كما ستراها هنا إن شاء الله تعالى،
ثم سِرْتُ في باقي القصص على نهجها مِنْ ذكر الاسم والعمل المكلف به وأعوانه ...الخ
وقد استغرقتْ كتابةُ مسودةِ الكتاب نحو سنتين ونصف،
كنت في أكثرها بعيدا عن كتبي إذ كنت ما زلت طالبا في الجامعة وأسكن في المدينة الجامعية وأعود للبيت كل خميس وجمعة ففيهما كنت أنتهز الفرصة للكتابة
ولما انتهيت من مسودته في شتاء سنة 2000م لم أكن خَرَّجْتُ أحاديثه بل نقلت أحكام العلماء التي قابلتني فقط كأحكام ابن كثير وابن الجوزي وغيرهما، وذلك لعدم وجود الكتب بين يدي،
فلما يَسَّر الله تعالى لي الحصول على بعض كتب التراجم كالتقريب والتهذيب لابن حجر والجرح والتعديل وسؤالات الحاكم وغيرها شرعت في تخريج كل أحاديثه مرة أخرى معتمدا على ما وقفت عليه من أسانيد إذ لم تكن الشاملة قد ظهرت بل لم يكن عندي حاسوبا
وكان هذا من أفضل ما استفدته إذ لم أكن أعتمد على سرعة استخراج طرق الحديث بضغطة زر
بل كان بمراجعة كثيرة مني والبحث بنفسي عن مواطن الحديث وفي الأماكن التي يمكن أن يوجد فيها كأن يكون مثلا في كتاب الرقائق أو التفسير ونحو ذلك
فربما قرأت الباب كله إن لم أكن قرأته قبل ذلك وربما أعدت قراءته أكثر من مرة،
وكنت أنظر في تخريجات المحققين ولا أعتمد عليها إذ كانوا –أحيانا- يخطئون في الإحالة فكنت أرجع إلى كل الأماكن التي يحيلون عليها للاطمئنان بنفسي على صحة هذه الإحالات،
وكان أمرًا شاقًّا جدا، ولكن ما أكثر ما أفدت من ذلك ولله الحمد.
ثم لما انتهيت من ذلك أخذني أحد الأصدقاء –جزاه الله خيرا- إلى فضيلة الشيخ مصطفى العدوي لينظر في الكتاب وكان ذلك في عام 2004م ولكن لم يتيسر ذلك ولكن قابلت بعض تلامذة الشيخ فراجع معي كثيرا من أحاديثه وناقشني مناقشات جادة نافعة جزاه الله خيرا ونصحني نصائح أفدت منها كثيرا ومنها أن أحذف الضعيف فحذفت أكثره فكان نحو ثلث الكتاب حتى هممت بأن أصنع ضعيف قصص الملائكة.
ثم عرضه أخي محمد على بعض دور النشر فأراد أحدهم شراءَه بثمن بخس دراهم معدودة تقل عن ثمن مسند الإمام أحمد طبعة شاكر! وعجبا والله لهؤلاء الناشرين!
ولكني ولله الحمد لم أكن فيه من الزاهدين
فأخذته واحتفظت به سنوات كثيرة ثم عرضته مرة أخرى بعد نحو عشر سنوات على بعض دور النشر في السعودية فوافقت إحدى الدور على نشره وطلبوا مني أن أعمل له (فَسْح إعلام = تصريح نشر) فكلفني ما كلفني حتى إذا انتهيت منه، إذا بهم يقولون: إن الدار لن تستطيع نشره الآن!!
وهكذا ظل حبيس المكتب حتى وجدت هذه الدار التي تولت طباعته...
فأرسلت لصاحبها الكتاب فأخذه،
وثمنَ طباعته فأكله،
فلا تسل عما وراء ذلك،
وإنما أقول ذلك مصرحا به تبرئة للذمة لئلا ينخدع بهذه الدار أحد، لا رغبة في غيبة أحد،
ويكفي أن تعلم أن صاحب هذه الدار بعد أن أخذ الكتاب وثمنه ماطلني كثيرا في مجرد الرد على الجوال؛ إذ لم يكن هناك وسيلة للاتصال بيننا إلا الجوال، وأنا في بلد وهو في بلدة أخرى، لكنه لما علم أني أعمل طبيبا في السعودية كانت هاتان الخصلتان (طبيب + في السعودية) كافيتين عنده لأن يأخذ الكتاب لنفسه! إذ هو خالٍ عنهما؛ فليس طبيبا كما أنه لا يعمل في السعودية. وبناء على ذلك فهو أولى بهذا الكتاب مني،
فكان أن قام بإغلاق هاتفه عني إذ كان يعلم أني لا أستطيع الوصول إليه إلا من خلاله،
ثم لم يكتف بذلك بل قام بعمل (حظر) لرقمي فلا يصل إليه،

ثم في مثل هذه الأيام من العام الماضي وصلت إليه في الإجازة وذهبت إليه حيث هو ووقعت معه عقدا (على ورق فقط طبعا)
فلما عرف أنني سافرت (رجعت ريمة لعادتها القديمة)،
وتبرئة للذمة أيضا أقول إنني تحصلت منه على نحو خمسين نسخة من الكتاب وكان الاتفاق أن يرسلها لي في السعودية وقد أعطيته ثمنها بل أكثر من ثمنها زيادة على ثمن الكتاب، ولكن ...
ولأن جميع الحقوق محفوظة للمؤلف! كما كتب هو على غلاف الكتاب الداخلي،
وأيضا فقد مضى على طبع الكتاب نحو سنتين إلا قليلا، فقد استخرت الله تعالى في كتابته في المنتديات رغبة فيما عنده من ثواب وطمعا أن يغفر لي ما خالط عملي هذا من قلة الإخلاص أو عدمه، وما شَابَهُ من سوء القصد والعمل،
وأسأله سبحانه أن يغفر لي وللمسلمين ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما هو –سبحانه- أعلم به منا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وألا يتوفنا جميعا إلا وهو راض عنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه
هذا وأُذَكِّرُ إخواني بأن هذا أول عمل حديثي لي وبعض الأحكام الموجودة فيه لا أرضاها الآن ولكن ليس لدي الوقت الكافي لمراجعتها فأنا أكتب الكتاب كما طُبِعَ وكما كتبته قديما فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]
[ذكر فضائل إسرافيل عليه السلام]
1- أنه أحد رؤساء الملائكة الكبار: جبريل وميكائيل وإسرافيل؛
ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "... اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ."[1]


2- أنه أول من سجد من الملائكة لآدم عندما أمروا بالسجود فجوزي بولاية اللوح المحفوظ كما تقدم.


3- أنه ممن استثناهم الله عند النفخ في الصور كما تقدم.


4- أنه يبعث هو وجبريل وميكائيل قبل جميع الخلائق، كما روى ذلك.


5- أنه أحد حملة العرش كما تقدم بيان ذلك والكلام عليه.


6- أن أفضل الملائكة من شهد بدرا وقد شهدها إسرافيل - عليه السلام -
وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ملك عظيم.


فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: "مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ، أَوْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ."[2]

______________________________
[1] صحيح: رواه مسلم (770)
[2] صحيح: رواه أحمد (1256) والحاكم (4430) وصححه ووافقه الذهبى. وابن أبى شيبة (32490، 37656) والبزار (729) والضياء فى المختارة (633، 634، 635، 636).
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[باب]
[ذكر قصة ملك الموت]
اسمه:
اشتهر على ألسنة الناس أن اسمه عزرائيل
ثم قالوا: إن معنى عزرائيل: عبد الجبار
لكن لم يرد تسميته فى حديث مرفوع ثابت بهذا الاسم.
قال الإمام السيوطى: لم يرد تسميته فى حديث مرفوع وورد عن وهب بن منبه أن اسمه عزرائيل.[1]
وقال الشيخ الألبانى: قلت: هذا هو اسمه فى الكتاب والسنة: "ملك الموت"
وأما تسميته بـ"عزرائيل" فمما لا أصل له خلافا لما هو مشهور عند الناس ولعله من الإسرائيليات.[2]
وقال الحافظ ابن كثير: وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه فى القرآن ولا فى الأحاديث الصحاح وقد جاء تسميته فى بعض الآثار بعزرائيل والله أعلم.[3]

________________________________
[1] زهر الربى على المجتبى: 2 / 573
[2] أحكام الجنائز للشيخ الألبانى: 156 حاشية رقم (2)
[3] البداية والنهاية: 1 / 48
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]
[ذكر عمله عليه السلام]
هو الملك الموكل بقبض أرواح جميع الخلائق من الإنس والجن والطير والبهائم وغير ذلك من أصناف الحيوان وقبض أرواح الملائكة وروح نفسه على أحد القولين.
______________________________
[فصل]
[ذكر هيئة ملك الموت عليه السلام عند قبض الأرواح]
تختلف هيئته – عليه السلام – باختلاف حال العبد المقبوض:
فأما العبد المؤمن فإنه يأتيه فى صورة حسنة، وهيئة غير منكرة،
ومعه من أعوانه ملائكة الرحمة
فيجلس عند رأسه ويسلم عليه ويقول: اخرجى أيتها النفس الطيبة كانت فى الجسد الطيب اخرجى حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان .

وأما العبد الكافر فإنه يأتيه فى صورة مَهُولة مخُوفة وهيئة مستنكرة
ومعه من أعوانه ملائكة العذاب
فيجلس عند رأسه ويقول: اخرجى أيتها النفس الخبيثة كانت فى الجسد الخبيث اخرجى ذميمة وأبشرى بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج. فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج.
وقد وردت الآثار بهذا كله؛ فمن ذلك:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: « الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلاَئِكَةُ
فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا: اخْرُجِى أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِى الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِى حَمِيدَةً وَأَبْشِرِى بِرَوْحٍ[1] وَرَيْحَانٍ[2] وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ
فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ
ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُفْتَحُ لَهَا
فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟
فَيَقُولُونَ: فُلاَنٌ.
فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِى الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ادْخُلِى حَمِيدَةً وَأَبْشِرِى بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ.
فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِى فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.


وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ: اخْرُجِى أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِى الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِى ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِى بِحَمِيمٍ[3] وَغَسَّاقٍ[4] وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ[5]
فَلاَ يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ
ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَلاَ يُفْتَحُ لَهَا
فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟
فَيُقَالُ: فُلاَنٌ.
فَيُقَالُ: لاَ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِى الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ارْجِعِى ذَمِيمَةً فَإِنَّهَا لاَ تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
فَيُرْسَلُ بِهَا مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ.»
[6]



[1] رَوْح: أى رحمة
[2] رَيْحان: أى طِيب
[3] الحميم: الماء الحار
[4] غساق: البارد المنتن
[5] وآخر من شكله أزواج: أى وبأصناف كائنة من جنس المذكور من الحميم والغساق.
[6] صحيح: رواه ابن ماجه (4262) وأحمد (8754) والنسائى فى الكبرى (11925) والبيهقى فى إثبات عذاب القبر: ( 35)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: قصص الملائكة

[فصل]
إن قيل: كيف يقبض ملك الموت أرواح من يموت بالمشرق والمغرب فى وقت واحد؟
فالجواب:
اعلم – رحمنى الله وإياك – أن هذا أمر عجيب لا ينقضى منه العجب إذا تركنا للعقل تفسير كيفيته.
أمَّا إذا نسبنا القدرة لله - عز وجل - فى هذا وفى غيره مما لاتدركه عقولنا زال كل عجب وانتهى كل دهش.
فاعلم أن الله – عز وجل – قد يسر كل شئ لما خلق له وجعل ملَكَ الموت هو الرسول الملائكى المسئول عن قبض الأرواح وجعل له القدرة أن لو يشاء لقبض أرواح الإنس والجن والطير والبهائم حتى البعوض والبراغيث وغيرها، وأيضا، أرواح الملائكة فى السماوات العُلَىا مع عظم الفرق بين السماء والأرض وبين كل سماء والتى تليها.
جعل الله له القدرة أن لو يشاء لقبض جميع هذه الأواح فى آن واحد وفى طرفة عين ولمحة طرف
وذلك على الله يسير {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر:44]


ثم اعلم – علمك الله الخير ودلك عليه وجعلك من أهله – أن هذا هو الذى سوف يحدث عند نفخة الصعق
فكل ذى روحٍ موجود وقتها سوف يَصْعَقُ فيموت من الإنس والجن وإبليس اللعين والطير والحيوان والملائكة وكل ذى روح كلهم يموتون فى آن واحد عند سماع النفخة والذى يقبض أرواحهم جميعا فى وقت واحد هو ملك الموت عليه السلام.
فافهم ذلك وانسب القدرة لله – عز وجل – يَزُل عنك وجه العجب والله أعلم.


ولا زال الناس يعجبون من هذا، وقد عجب منه بعض السلف كما عجبنا وقد روى فى ذلك بعض الآثار منها:
عن زميل بن سماك الحنفى أنه سمع أباه يحدث ولقى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فى المدينة بعدما كُفَّ بصرُه قال: قلت: هِى[1] يابن عباس ما تقول فى أمر غمنى واهتممت به؟
قال: قلت: نفسان اتفق موتُهما فى طرفةٍ، واحدٌ فى المشرق وواحد فى المغرب كيف قدر عليهما ملك الموت؟
قال: والذى نفسى بيده ما قدرةُ ملكِ الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والنور والبحور إلا كقدرة الرجل على مائدته يتناول من أيها شاء.[2]


وعن مجاهد قال: جُعِلَتِ الأرضُ لملك الموت – عليه السلام – برُّها وبحرها وجبلها وسهلها كالطست يأخذ منها حيث شاء.[3]


وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -: ملك الموت أعطاه الله قدرة على قبض الأرواح في مشارق الأرض ومغاربها يقبضها ولو ماتوا في لحظة واحدة
ولا تستغرب لأن الملائكة لا يقاسون بالبشر لأن الله أعطاهم قدرة عظيمة أشد من الجن.
الجن أقوى من البشر،
والملائكة أقوى من الجن
انظر قصة سليمان حيث قال: {يَآ أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} عفريت قوي شديد {أَنَآ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل:40]
أين مكان العرش؟
جـ: في اليمن
وسليمان في الشام
مسيرة شهر بينهما وكان سليمان عادة يقوم من مقامه في ساعة معينة فـ {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}
الثاني أسرع من الأول أي مدة بصرك ما ترده إلا وقد جاءك
{فَلَمَّا رَآهُ} حالًّا رآه {مُسْتَقِرًّا عِندَهُ}
قال العلماء: إن هذا الذي عنده من الكتاب دعا الله باسمه الأعظم فحملت الملائكة العرش من اليمن إلى الشام في هذه اللحظة.
إذا فالملائكة أقوى من الجن
فلا تستغرب أن يموت الناس في مشارق الأرض ومغاربها وأن يقبض أرواحهم ملك واحد كما قال الله {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11]
إذا قال الله لهذا الملك: اقبض روح كل من مات. هل يمكن أن يقول لا؟
لا يمكن؛ لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم.
ولهذا لما قال الله للقلم: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
القلم جماد، فهل كتب، أم لا؟
جـ: كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
فالله - عز وجل - إذا أمر لا يمكن أن يعصى، إلا المردة من الجن، أو من بني آدم،
أما الملائكة فلا يعصون الله.[4]

_______________________________
[1] قوله: "هِى": بكسر الهاء وربما زادوا هاء السكت فقالوا هيه، وهو اسم فعل أمر بمعنى زدنى من الحديث.
[2] رواه أبو الشيخ فى العظمة (434) وزميل بن سماك هذا لم يذكر فيه جرح ولا تعديل.
[3] حسن لغيره: رواه أبو الشيخ فى العظمة (436) عن سفيان عن رجل عن مجاهد، وابن جرير فى التفسير (18 / 604 / تركى) عن عيسى وورقاء جميعا عن ابن أبى نجيح عن مجاهد، وابن أبى زمنين فى رياض الجنة (77) عن عاصم عن الحكم أن مجاهدا
[4] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين: 1 / 442 - 443
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
لطيفة:
روى سليمان بن معمر الكلابى قال: حضرتُ مالك بن أنس وأتاه رجل فسأله: يا أبا عبد الله! البراغيثُ أَمَلَكُ الموتِ يقبض أرواحها؟
فأطرق مالك طويلا
ثم قال: أَلَهَا نَفْسٌ؟
قال: نعم.
قال: ملكُ الموت يقبض أرواحَها {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]
ذكره الخطيب أبو بكر .
[1]
___________________________________

[1] التذكرة: 60، 64
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
[بيان أن الله تعالى هو المتوفى على الحقيقة]

قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]
وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11]
وقال تعالى: {حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]

فقد نسب التوفى تارة إلى الله - عز وجل –
وتارة إلى ملك الموت
وتارة إلى أعوانه من الملائكة.
_______________________________
أما نسبة التوفى إلى الله تعالى؛ فلأنه الفاعل الحقيقى لذلك؛ ولأنه هو الذي قضى بالموت وقدره، فهو بقضائه وقدره وأمره، فأضيف إليه التوفي لأجل ذلك.
قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحـج: 66]
وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2] وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 104]
_______________________________
وأما نسبة التوفى إلى ملك الموت فلمباشرته نزع الروح وقبضها
[1]
______________________________
وأما نسبة التوفى إلى الملائكة الذين هم أعوان ملك الموت: ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب؛ فلأنهم يأخذونها من ملك الموت ويتولونها بعده؛
فصحت إضافة التوفي إلى كل بحسبه.

وقيل: إن نسبة التوفى إلى أعوانه من الملائكة؛ لأنهم يعالجون نزع الروح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الروح الحلقوم أخذها منهم ملك الموت فأكمل قبضها. وهذا لا دليل عليه.
وقيل: إن الأعوان هم الذين يتولون قبض الروح، ثم يأخذها منهم ملك الموت بعد القبض. وهذا عكس ما ثبت فى السنة. والله أعلم.

__________________________________

[1] وانظر ما سيأتى عند ذكر ملك الأرحام
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
بيان معنى تردد الله فى قبض روح عبده المؤمن
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ."[1]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
rhm.png
تعالى:
هذا حديث شريف رواه البخارى من حديث أبى هريرة
anho.png
وهو أشرف حديث روى فى صفة الأولياء.
وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله عالم بالعواقب. وربما قال بعضهم: إن الله يعامله معاملة المتردد.
والتحقيق: أن كلام رسول الله حق وليس أحد أعلم بالله من رسوله ولا أنصح لأمته منه ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوأهم أدبا بل يجب تأديبه وتعزيره ويجب أن يصان كلام رسول الله ﷺ عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة.
والمتردد منا وإن كان تردده فى الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإن الواحد منا قد يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما فى الفعلين من المصالح والمفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهله به كالشئ الواحد الذى يُحَبُّ من وجه ويكره من وجه كما قيل:

الشيب كره وأكره أن أفارقه
point.png
فاعجب لشئ على البغضاء محبوب
وهذا مثل إرادة المريض للدواء الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التى تكرهها النفس هو من هذا الباب.
وفى الصحيح: "حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ"
[2]
وقال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: 216]
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور فى الحديث فإنه قال: "وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" فإن العبد الذى هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب إليه أولا بالفرائض وهو يحبها ثم اجتهد فى النوافل التى يحبها ويحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد بقصد اتفاق الإرادة وبحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكره محبوبه
والرب يكره أن يسئ عبدَه ومحبوبَه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه.
والله
sbhanh.png
قد قضى بالموت فكل ما قضى به فهو يريده ولابد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده وهى المساءة التى تحصل له بالموت، فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه
وهذا حقيقة التردد وهو أن يكون الشئ الواحد مرادا من وجه وإن كان لابد من ترجيح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة الرب لمساءة عبده وليس بإرادته لموت المؤمن الذى يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذى يبغضه ويريده.[3]

[1] صحيح: رواه البخارى (6502)
[2] صحيح: رواه البخارى (6487) ومسلم (2823)
[3] رسالة فى معنى تردد الله فى قبض روح عبده المؤمن. مطبوعة مع الفتوى الحموية الكبرى. مطبعة المدنى.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
[ذكر أعوان ملك الموت]

أعوان ملك الموت صنفان: ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. وكل صنف منهما قد وكل بنوع من الأرواح:
فأما ملائكة الرحمة فموكلون بقبض روح العبد المؤمن
وأما ملائكة العذاب فموكلون بقبض روح العبد الكافر أو الفاجر،
وكلا الصنفين قد ذكر فى الكتاب والسنة:
فعن ملائكة الرحمة: قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]
وعن ملائكة العذاب قال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل: 28]
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:50]
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93]

وأما فى السنة:
فعن البراء بن عازب قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الانصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (مستقبل القبلة)، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الارض، (فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الارض، وجعل يرفع بصره ويخفضه، ثلاثا)،
فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين، أو ثلاثا،
(ثم قال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ") (ثلاثا)،
ثم قال: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْه مَلَآئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ
[1] مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُواْ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ،
ثُمَّ يَجِيئُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام
[2] حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ (وفي رواية: الْمُطْمَئِنَّةِ)، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ.
قال: "فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، (وفي رواية: حَتَّى إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَابٍ إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللهَ أَنَّ يُعْرَجَ بِرُوحِهِ مِنْ قِبَلِهِمْ)
فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الْحَنُوطِ، (فذلك قوله تعالى:
{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]
ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الارض،

قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني بها - على ملإٍ من الملائكة إلا قالوا: ماهذا الرُّوحُ الطيِّبُ؟
فيقولون: فلان ابن فلان - بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فَيُشَيِّعُهُ من كل سماء مقربوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة،
فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 19 – 20] فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال): أعيدوه إلى الارض، فإني (وعدتهم أني) منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى،
قال: فـ (يرد إلى الارض، و) تعاد روحه في جسده،
(قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه) (مدبرين).
فيأتيه ملكان
(شديدا الانتهار) فـ (ينتهرانه، و) يجلسانه فيقولان له: من ربك؟
فيقول: ربي الله
فيقولان له: ما دينك
؟
فيقول: ديني الاسلام
فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم
؟
فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيقولان له: وما عملك؟
فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت،
(فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله عزوجل: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [إبراهيم: 37]
فيقول: ربي الله، وديني الاسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم
فينادي مناد في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة،

قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره،
قال: ويأتيه (وفي رواية: يمثل له) رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، (أبشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم)، هذا يومك الذي كنت توعد،
فيقول له:
(وأنت فبشرك الله بخير) من أنت؟ فوجهك الوجه يجيئ بالخير،
فيقول: أنا عملك الصالح
(فوالله ما علمتك إلا كنت سريعا في إطاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا
ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت، الله، أبدلك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهلى ومالى
، (فيقال له: اسكن).
"قال: " وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة (غلاظ شداد)، سود الوجوه، معهم المسوح
[3] (من النار فيجلسون منه مَدَّ البصر،
ثم يجيئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب،

قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود (الكثير الشعب) من الصوف المبلول، (فتقطع معها العروق والعصب)، (فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم
فيأخذها،
فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملإٍ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث
؟
فيقولون: فلان ابن فلان - بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا
فيستفتح له،
فلا يفتح له،
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَآءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ
[4]} [الأعراف: 40]
فيقول الله عزوجل: اكتبوا كتابه في سِجِّينٍ، في الأرض السفلى،

(ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الارض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى
فتطرح روحه
(من السماء) طرحا (حتى تقع في جسده)
ثم قرأ
: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] فتعاد روحه في جسده،
(قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه).
ويأتيه ملكان
(شديدا الانتهار، فينتهرانه، و) يجلسانه، فيقولان له: من ربك؟
(فيقول: هاه هاه
[5] لا أدري،
فيقولان له: ما دينك
؟
فيقول: هاه هاه لا أدري
)
فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم
؟) فلا يهتدي لاسمه،
فيقال: محمد
! فيقول) هاه هاه لا أدري (سمعت الناس يقولون ذاك!
قال: فيقال: لا دريت (ولا تلوت
فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه،
ويأتيه
(وفي رواية: ويمثل له) رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد،
فيقول
(وأنت فبشرك الله بالشر) من أنت؟ فوجهك الوجه يجيئ بالشر؟
فيقول
: أنا عملك الخبيث؟ (فو الله ما علمت إلا كنت بطيئا عن طاعة الله، سريعا إلى معصية الله)، (فجزاك الله شرا،
ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان ترابا، فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شئ إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، يمهد من فرش النار
). فيقول: رب لا تقم الساعة".
[6]

____________________________

[1] بفتح المهملة: ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة.

[2] قلت: هذا هو اسمه فى الكتاب والسنة ( ملك الموت )، وأما تسميته ( بعزرائيل ) فمما لا أصل له خلافا لما هو المشهور عند الناس، ولعله من الإسرائيليات !

[3] جمع المسح، بكسر الميم، وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن.

[4] أى ثقب الإبرة، والجمل: هو الحيوان المعروف، وهو ما أتى عليه تسع سنوات.

[5] هاه هاه: كلمة تقال فى الضحك وفى الإيعاد وقد تقال للتوجع وهو أليق بمعنى الحديث.

[6] صحيح: أخرجه أبو داود (2 / 281) والحاكم (1 / 37 – 40) والطيالسى رقم (753) وأحمد (4 / 287، 288، 295، 296) والسياق له، والآجرى فى الشريعة (367 – 370).
وروى النسائى (1 /282) وابن ماجه (1 /469 – 470) القسم الأول منه إلى قوله: "كأن على رؤوسنا الطير"وهو رواية لأبى داود (2 / 70) بأخصر منه وكذا أحمد (4 / 297).
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبى وهو كما قالا. وصححه ابن القيم فى"إعلام الموقعين"(1 / 214) وتهذيب السنن (4 / 337) ونقل فيه تصحيحه عن أبى نعيم وغيره. ا.هـ
هكذا ذكر الشيخ الألبانى - تعالى - هذا الحديث برواياته المختلفة وخرجه كما سبق فى كتاب"أحكام الجنائز"(156 – 159) ط. المكتب الإسلامى
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
لطيفة:
اختلاف ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فى الرجل الذى قتل مائة:
قد علمت مما سبق أن ملائكة الرحمة تنزل عند قبض روح العبد المؤمن
وأن ملائكة العذاب تنزل عند قبض روح العبد الكافر أو الفاجر.
وفى الحديث الآتى حالة نادرة اختلف فيها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولم يتبين لهم وجه الصواب حتى جاءهم ملك فى صورة آدمى جعلوه حكما بينهم،
وهذا يدل على جواز أن يكون الآدمى حكما بين الملائكة.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
anho.png
عَنْ النَّبِيِّ
slah.png
قَالَ:
"كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ
فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟
قَالَ: لَا
فَقَتَلَهُ
فَجَعَلَ يَسْأَلُ
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا
فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ
فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا
فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي
وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا
فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ
."
[1]
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
__

[1] صحيح: رواه البخارى (3470) ومسلم ( 2766)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
ملائكة الرحمة تُذَكِّر العبد بأعماله:

عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
slah.png
: "تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
فَقَالُوا أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا؟
قَالَ: لَا
قَالُوا: تَذَكَّرْ.
قَالَ كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنْ الْمُوسِرِ.
قَالَ: قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَجَوَّزُوا عَنْهُ
."
[1]

الملائكة تعذب الميت ببكاء أهله عليه:

عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
anho.png
ـمَا قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ؛ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَا جَبَلَاهْ، وَا كَذَا، وَا كَذَا. تُعَدِّدُ عَلَيْهِ،
فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ.
[2]

وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النبي
slah.png
قَالَ: « الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ عَلَيْهِ إِذَا قَالَتِ النَّائِحَةُ وَاعَضُدَاهُ وَانَاصِرَاهُ وَاكَاسِبَاهُ جُبِذَ
[3] الْمَيِّتُ وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ عَضُدُهَا؟ أَنْتَ نَاصِرُهَا؟ أَنْتَ كَاسِبُهَا؟"
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ! يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {
qos1.png
وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
qos2.png
}.

فَقَالَ وَيْحَكَ أُحَدِّثُكَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
slah.png
وَتَقُولُ هَذَا فَأَيُّنَا كَذَبَ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى أَبِى مُوسَى وَلاَ كَذَبَ أَبُو مُوسَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
slah.png
[4]

line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
line.png
__

[1] صحيح: رواه البخارى (2077، 2391، 3451) ومسلم وهو لفظه (1560)

[2] صحيح: رواه البخارى ( 4267، 4268)

[3] جبذ: أى جذب

[4] حسن: رواه ابن ماجه (1594) وأحمد (19737)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
ذكر الحالات التى لايقبض ملك ُ الموت فيها الأرواح
الحالة الأولى: قبض روح نفسه على أحد القولين.

الحالة الثانية: عند النوم، وهى الوفاة الصغرى.
قال
GifModified_08.gif
:
arrow_02.gif
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
arrow_01.gif
[الأنعام: 60]
وقال
GifModified_08.gif
:
arrow_02.gif
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
arrow_01.gif
[الزمر: 42]
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ
[1] بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: "أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ."
قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ.
فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ
فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ: "يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ؟"
قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ
قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ" فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى.
[2]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ[3] فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ."[4]
وقال بعض السلف: يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا فيتعارف ما شاء الله – تعالى – أن تتعارف فيمسك التى قضى عليها الموت أى التى قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى أى إلى بقية أجلها.[5]

الحالة الثالثة: قرب قيام الساعة يرسل الله ريحا باردة من قِبَل الشام فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة
فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد فى قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل فى كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه"
قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم [6].
قلت: لم يذكر فى الحديث أن ملك الموت هو الذى يقبض أرواح المؤمنين بل نسب قبض الأرواح إلى هذه الريح الباردة، ولكن هذا ليس بلازم بل الظاهر أن ملك الموت هو الذى يقوم بقبض الأرواح فى هذه الريح الباردة وأن نسبة القبض إليها على سبيل المجاز، فتأمل والله أعلم.

الحالة الرابعة: الصعق الذى يكون فى عرصات القيامة، إذا كان هذا الصعق موتا وهو مرجوح كما تقدم.

الحالة الخامسة: من دخل النار من الموحدين: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ
[7] فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ."
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ.
[8]
قال الإمام النووى: إن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله تعالى إماتة بعد أن يعذبوا المدة التى أرادها الله تعالى وهذه الإماتة إماتة حقيقية يذهب معها الإحساس ويكون عذابُهم على قدر ذنوبهم
ثم يميتهم
ثم يكونون محبوسين فى النار من غير إحساسٍ المدةَ التى قدرها الله تعالى
ثم يخرجون من النار موتى قد صاروا فحما فيُحْمَلون ضبائرَ كما تُحْمَلُ الأمتعةُ ويُلْقَوْنَ على أنهار الجنة فيُصَبُّ عليهم ماءُ الحياة وينبتون نبات الحبة فى حميل السيل فى سرعة نباتها وضعفها فتخرج لضعفها صفراءَ ملتوية ثم تشتد قوتهم بعد ذلك ويصيرون إلى منازلهم وتكمل أحوالهم
فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث ومعناه
وحكى القاضى عياض –
GifModified_12.gif
– فيه وجهين:
أحدهما: أنها إماتة حقيقية.
والثانى: ليس بموت حقيقى ولكن تغيب عنهم إحساسهم بالآلام
قال: ويمكن أن تكون آلامهم أخف.
فهذا كلام القاضى
والمختار ما قدمناه، والله أعلم.
[9]
وقال القرطبى: هذه الموتة للعصاة موتة حقيقية لأنه أكدها بالمصدر وذلك تكريما لهم حتى لا يحسوا ألم العذاب بعد الاحتراق...[10]
قلت: والمتبادر أن الله –
GifModified_06.gif
– هو الذى يتوفاهم وليس ملك الموت، ولكن لا على سبيل الجزم فليتأمل، والله أعلم.

الحالة السادسة: شهيد البحر. روى هذا فى حديث ضعيف عند ابن ماجه وفيه: "... وإن الله –
GifModified_06.gif
– وَكَّلَ ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم
... الحديث
[11]

GifModified_01.gif
_________________________________
[1] عَرَّس بالمكان: أقام فيه

[2] صحيح: رواه البخارى (595، 7471)

[3] داخلة الإزار: هى طرفه الذى يلى الجسد ومعناه: أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه لئلا يكون فيه حية أو عقرب أو غيرهما من المؤذيات ولينفض ويده مستورة بطرف إزاره لئلا يحصل فى يده مكروه إن كان هناك.انظر (11 /153 / فتح البارى) و( 9 / 17 / 33 / نووى )

[4] صحيح: رواه البخارى ( 6320، 7393) ومسلم ( 2714)

[5] العظمة لأبى الشيخ ( 444 ) وتفسير القرآن العظيم: 7 / 65

[6] صحيح: وقد تقدم، رواه مسلم (2940)

[7] ضبائر ضبائر: جمع ضبارة بفتح الضاد وكسرها أى جماعات فى تفرقة

[8] صحيح: رواه مسلم ( 185)

[9] مسلم بشرح النووى ( 2 / 3 / 30 – 31 )

[10] الصحيح من التذكرة: 244

[11] ضعيف جدا: رواه ابن ماجه ( 277)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
[ملك الموت مع الأنبياء عليهم السلام]
وفيه فصول:

[فصل منه: ملك الموت مع آدم عليهما السلام]
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
GifModified_07.gif
: « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَىْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ

فَقَالَ: أَىْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتُكَ.
فَرَأَى رَجُلا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَىْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ.
فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ؟
قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ: أَىْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِى أَرْبَعِينَ سَنَةً.
فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ: أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِى أَرْبَعُونَ سَنَةً؟!
قَالَ: أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟

قَالَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَنَسِىَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ ».[1]

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدَّيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
GifModified_07.gif
: "إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام أَوْ أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَمُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ ذَرَارِيَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَجَعَلَ يَعْرِضُ ذُرِّيَّتَهُ عَلَيْهِ فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ

فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ.
قَالَ: أَيْ رَبِّ كَمْ عُمْرُهُ؟
قَالَ: سِتُّونَ عَامًا.
قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ.
قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ.
وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا
فَكَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ
فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ وَأَتَتْهُ الْمَلَائِكَةُ لِتَقْبِضَهُ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ عَامًا
فَقِيلَ: إِنَّكَ قَدْ وَهَبْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ
قَالَ: مَا فَعَلْتُ.

وَأَبْرَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ."[2]

ويستفاد من هذه الأحاديث أن آدم - عليه السلام - كان يعلم عمره يقينا وكم مضى منه وأنه كان يعد لنفسه كما فى لفظ عند ابن حبان من حديث أبى هريرة
GifModified_05.gif


____________________________
[1] صحيح لغيره: رواه الترمذى (3076) وقال: حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن أبى هريرة عن النبى ﷺ والحاكم (3257، 4132) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبى فى التلخيص، وابن سعد فى الطبقات: 1 / 9 والبزار فى مسنده (8892)

[2] صحيح لغيره ( وإسناده ضغيف ): رواه أحمد (2270-3519) وابن سعد فى الطبقات: 1 / 9 وأبو يعلى فى مسنده (2710) والطيالسى (2815) وابن أبى شيبة (36955) والطبرانى فى الكبير ( 1292 والبيهقى فى الكبرى (20518، 20519)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل منه:
ملك الموت مع موسى عليهما السلام]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ
فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ
قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ[1] ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ
قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ؟[2]
قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ
قَالَ: فَالْآنَ
فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ[3]
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ."[4]
وفى لفظ عند مسلم من طريق آخر عن أبى هريرة: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ
قَالَ: فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا
قَالَ: فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي
قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ: آلْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً
قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟
قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ
قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ، رَبِّ أَمِتْنِي مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ
."
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ".


وفى لفظ عند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ يُونُسُ: رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا
قَالَ: فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ
فَأَتَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَعَنُفْتُ بِهِ"
وَقَالَ يُونُسُ: "لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ"
فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ أَوْ مَسْكِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَةٌ
فَأَتَاهُ
فَقَالَ لَهُ: مَا بَعْدَ هَذَا؟
قَالَ: الْمَوْتُ.
قَالَ: فَالْآنَ.
قَالَ: فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَهُ."
قَالَ يُونُسُ: "
فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ وَكَانَ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً
."[5]

______________________________________
[1] متن ثور: أى ظهره

[2] ثم مه: أى ثم ماذا

[3] رمية بحجر: أى دنوا لو رمى رامٍ بحجر من ذلك الموضع الذى هو قبره لوصل إلى بيت المقدس

[4] صحيح: رواه البخارى (1339، 3407) ومسلم (2372)

[5] صحيح : رواه أحمد ( 10904، 10905)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
فائدة:​
فى بيان الحكمة من طلب موسى أن يدنيه الله من الأرض المقدسة رمية بحجر ولِمَ لم يطلب دخولها:

حكى ابن بطال: أن الحكمة فى أنه لم يطلب دخولها لِيُعَمَّىَ موضع قبره لئلا يعبده الجهال من أهل ملته.

قال الحافظ: ويحتمل أن يكون سر ذلك أن الله لما منع بنى إسرائيل من دخول بيت المقدس
وتركهم فى التيه أربعين سنة إلى أن أفناهم الموت
فلم يدخل الأرض المقدسة مع يوشع إلا أولادهم،
ولم يدخلها معه أحد ممن امتنع أولا أن يدخلها
ومات هارون ثم موسى – عليهما السلام – قبل فتح الأرض المقدسة على الصحيح
فكأن موسى لما لم يتهيأ له دخولها لغلبة الجبارين عليها ولا يمكن نبشه بعد ذلك لينتقل إليها طلب القرب منها لأن ما قارب الشئ يعطى حكمه.[1]

___________________________________________

[1] فتح البارى: 3 / 248 - 249
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
استشكال وجوابه:

إن قيل:
كيف جاز لموسى – عليه السلام – أن يقدم على ضرب ملك الموت حتى فقأ عينه؟

فالجواب: قال الإمام البيهقى: قال أبو سليمان الخطابي: هذا حديث يطعن فيه الملحدون وأهل البدع، ويغمزون به في رواته ونقلته، ويقولون: كيف يجوز أن يفعل نبي الله موسى هذا الصنيع بملك من ملائكة الله، جاءه بأمر من أمره، فيستعصي عليه ولا يأتمر له؟
وكيف تصل يده إلى الملك، ويخلص إليه صكه ولطمه؟
وكيف ينهنه الملك المأمور بقبض روحه، فلا يمضي أمر الله فيه؟
هذه أمور خارجة عن المعقول، سالكة طريق الاستحالة من كل وجه.

ثم أجاب بقوله: والجواب أن من اعتبر هذه الأمور بما جرى به عرف البشر، واستمرت عليه عادات طباعهم، فإنه يسرع إلى استنكارها والارتياب بها؛ لخروجها عن سوم طباع البشر، وعن سنن عاداتهم،
إلا أنه أمر مصدره عن قدرة الله عز وجل، الذي لا يعجزه شيء، ولا يتعذر عليه أمر،
وإنما هو محاولة بين ملك كريم وبين كليم،
وكل واحد منهما مخصوص بصفة خرج بها عن حكم عوام البشر، ومجاري عاداتهم في المعنى الذي خص به من آثره الله باختصاصه إياه،
فالمطالبة بالتسوية بينهما وبينهم فيما تنازعاه من هذا الشأن حتى يكون ذلك على أحكام طباع الآدميين وقياس أحوالهم غير واجبة في حق النظر،
ثم إنه لما دنا حين وفاته، وهو بشر يكره الموت طبعا، ويجد ألمه حسا، لطف له بأن لم يفاجئه به بغتة، ولم يأمر الملك الموكل به أن يأخذه قهرا وقسرا، لكن أرسله إليه منذرا بالموت، وأمره بالتعرض له على سبيل الامتحان في صورة بشر،
فلما رآه موسى استنكر شأنه، واستوعر مكانه، فاحتجر منه دفعا عن نفسه بما كان من صكه إياه،
فأتى ذلك على عينه التي ركبت في الصورة البشرية التي جاءه فيها، دون الصورة الملكية التي هو مجبول الخلقة عليها،
ومثل هذه الأمور مما يعلل به طباع البشر، وتطيب به نفوسهم في المكروه الذي هو واقع بهم، فإنه لا شيء أشفى للنفس من الانتقام ممن يكيدها ويريدها بسوء .

ثم قال: وقد جرت سنة الدين بحفظ النفس، ودفع الضرر والضيم عنها، ومن شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ما سنه فيمن اطلع على محرم قوم من عقوبته في عينه، فقال: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقأوا عينه"
ولما نظر نبي الله موسى - عليه السلام - إلى صورةٍ بشريةٍ هجمت عليه من غير إذن تريد نفسه، وتقصد هلاكه، وهو لا يثبته معرفة، ولا يستيقن أنه ملك الموت، ورسول رب العالمين، فيما يراوده منه، عمد إلى دفعه عن نفسه بيده وبطشه، فكان في ذلك ذهاب عينه
وقد امتحن غير واحد من الأنبياء صلوات الله عليهم بدخول الملائكة عليهم في صورة البشر،
كدخول الملكين على داود - عليه السلام - في صورة الخصمين، لما أراد الله عز وجل من تقريعه إياه بذنبه، وتنبيهه على ما لم يرضه من فعله،
وكدخولهم على إبراهيم عليه السلام حين أرادوا إهلاك قوم لوط عليه السلام، فقال: {قوم منكرون}، وقال: {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم، وأوجس منهم خيفة
وكان نبينا - صلوات الله عليه - أول ما بدئ بالوحي يأتيه الملك فيلتبس عليه أمرُه،
ولما جاءه جبريل - عليه السلام - في صورة رجل فسأله عن الإيمان لم يتبينه، فلما انصرف عنه تبين أمره، فقال: "هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر دينكم"
وكذلك كان أمر موسى عليه السلام فيما جرى من مناوشته ملك الموت وهو يراه بشرا ،
فلما عاد الملك إلى ربه عز وجل مستثبتا أمره فيما جرى عليه، رد الله - عز وجل - عليه عينه وأعاده رسولا إليه بالقول المذكور في الخبر الذي رويناه، ليعلم نبي الله - صلوات الله عليه - إذا رأى صحة عينه المفقوءة، وعود بصره الذاهب، أنه رسول الله بعثه لقبض روحه،
فاستسلم حينئذ لأمره وطاب نفسا بقضائه،
وكل ذلك رفق من الله عز وجل به، ولطف به في تسهيل ما لم يكن بد من لقائه، والانقياد لمورد قضائه.[1]

==============================

وقد أجاب ابن حبان نحو هذه الإجابة فذكر ما حاصله: أن ملك الموت لما قال له هذا لم يعرفه لمجيئه على غير صورة يعرفها موسى – عليه السلام – كما جاء جبريل فى صورة أعرابى وكما وردت الملائكة على إبراهيم ولوط فى صور شبان حسان فلم يعرفهم إبراهيم ولا لوط أولا.

وكذلك موسى لعله لم يعرفه؛ لذلك لطمه ففقأ عينه لأنه دخل داره بغير إذن وهذا موافق لشريعتنا فى جواز فقأ عين من نظر إليك بغير إذن.[2]
=============================

وأجاب الإمام القرطبى عن هذا الاستشكال بستة أجوبة:

الأولى: أنها كانت عينا متخيلة لا حقيقة لها.
وهذا القول باطل؛ لأنه يؤدى إلى أن ما يراه الأنبياء من صور الملائكة لا حقيقة لها وهذا مذهب السالمية.
أقول: نسبه الحافظ ابن حجر إلى ابن قتيبة ثم قال: ومعنى رد الله عينه أى أعاره إلى خلقته الحقيقية.

الثانى: أنها كانت عينا معنوية ففقأها بالحجة.
وهذا مجاز لا حقيقة له.

أقول: قال ابن حجر: وزعم بعضهم أن معنى قوله: "فقأ عينه" أى أبطل حجته
وهو مردود بقوله فى نفس الحديث: "فَرَدَّ اللهُ عَيْنَهُ"، وبقوله: "لطمه وصكه" وغير ذلك من قرائن السياق.


الثالث: أنه لم يعرفه وظنه رجلا دخل منزله بغير إذنه يريد نفسه فدافع عنها فلطمه ففقأ عينه. وتجب المدافعة فى مثل هذا بكل ممكن.
وهذا وجه حسن لأنه حقيقة فى العين والصك. قاله الإمام أبو بكر ابن خزيمة.

أقول: وهو نفس جواب ابن حبان والبيهقى وابن كثير كما سبق.


الرابع: أن موسى – عليه السلام – كان سريع الغضب وسرعة غضبه كانت سببا لصكه ملك الموت.
قاله ابن العربى فى الأحكام.
وهذا فاسد؛ لأن الأنبياء معصومون أن يقع منهم ابتداءا مثل هذا فى الرضا والغضب.

الخامس: ما قاله ابن مهدى – رحمه الله –: أن عينه المستعارة ذهبت لأجل أنه جعل له أن يتصور بما شاء فكأن موسى - عليه السلام - لطمه وهو متصور بصورة غيره بدلالة أنه رأى بعد ذلك معه عينه.

السادس: وهو أصحها إن شاء الله وذلك أن موسى – عليه السلام – كان عنده ما أخبر نبينا – عليه السلام – من أنه – تعالى – لا يقبض روحه حتى يخيره خرجه البخارى وغيره
فلما جاء ملك الموت على غير الوجه الذى أعلم بادر بشهامته وقوة نفسه إلى أدبه فلطمه ففقئت عينه امتحانا لملك الموت إذ لم يصرح له بالتخيير
ومما يدل على صحة هذا أنه لما رجع إليه ملك الموت فخيره بين الحياة والموت اختار الموت واستسلم.
والله بغيبه أعلم وأحكم.
وذكره ابن العربى فى قبسه بمعناه.
والحمد لله.[3]

--------------------------------------------------------
[1] الأسماء والصفات للبيهقى: 482 - 484

[2] انظر صحيح ابن حبان: (14 / 114 – 116 / بلبان ) واختصر جوابه الحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية: 1 / 286 – 287 وقصص الأنبياء: 318

[3] التذكرة: 84 ، وفتح البارى: 6 / 530 - 531
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
استشكال ثان وجوابه:
قال ابن حبان: هذه اللفظة: "أَجِبْ رَبَّكَ" قد توهم مَنْ لم يتبحر فى العلم أن التأويل الذى قلناه للخبر مدخول وذلك فى قول ملك الموت لموسى: "أَجِبْ رَبَّكَ" بيان أنه عرفه.

الجواب: أجاب ابن حبان عن هذا فقال: وليس كذلك؛ لأن موسى – عليه السلام – لما شال يده ولطمه قال له: أجب ربك،
تَوَهَّمَ موسى أنه يتعوذ بهذه اللفظة دون أن يكون رسول الله إليه
فكان قوله: "أجب ربك" الكشف عن قصد البداية فى نفس الابتلاء والاختبار الذى أريد منه.

قلت: اعترض على هذا الجواب الحافظُ ابنُ كثير فقال: وهذا التأويل لا يتمشى مع ما ورد به اللفظ من عقيب قوله: "أجب ربك." بلطمه،
ولو استمر على التأويل الأول لتمشى له،
وكأنه لم يعرفه فى تلك الصورة، ولم يحمل قوله هذا على أنه مطابق؛ إذ لم يتحقق فى تلك الساعة الراهنة أنه ملك كريم؛ لأنه كان يرجو أمورا كثيرة كان يحب وقوعها فى حياته: من خروجهم من التيه، ودخولهم الأرض المقدسة.
وكان قد سبق فى قدر الله: أنه – عليه السلام – يموت فى التيه بعد هارون أخيه.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
استشكال ثان وجوابه:
قال ابن حبان: هذه اللفظة: "أَجِبْ رَبَّكَ" قد تُوهِمُ مَنْ لم يتبحر فى العلم أن التأويل الذى قلناه للخبر مدخول وذلك فى قول ملك الموت لموسى: "أَجِبْ رَبَّكَ" بيان أنه عرفه.

الجواب: أجاب ابن حبان عن هذا فقال: وليس كذلك؛ لأن موسى – عليه السلام – لما شال يده ولطمه قال له: أجب ربك، تَوَهَّمَ موسى أنه يتعوذ بهذه اللفظة دون أن يكون رسول الله إليه فكان قوله: "أجب ربك" الكشف عن قصد البداية فى نفس الابتلاء والاختبار الذى أريد منه.

قلت: اعتَرَضَ على هذا الجواب الحافظُ ابنُ كثير فقال: وهذا التأويل لا يتمشى مع ما ورد به اللفظ من عقيب قوله: "أجب ربك." بلطمه، ولو استمر على التأويل الأول لتمشى له،
وكأنه لم يعرفه فى تلك الصورة،
ولم يحمل قولَه هذا على أنه مطابق؛ إذ لم يتحقق فى تلك الساعة الراهنة أنه ملك كريم؛ لأنه كان يرجو أمورا كثيرة كان يحب وقوعها فى حياته: من خروجهم من التيه، ودخولهم الأرض المقدسة. وكان قد سبق فى قدر الله: أنه – عليه السلام – يموت فى التيه بعد هارون أخيه.
===========================
استشكال ثالث وجوابه:
وموضع الاستشكال هو قول الملَك فى الحديث: "أرسلتنى إلى عبد لك لا يريد الموت"
والسؤال هو: هل كان موسى - عليه السلام - يكره الموت؟
وإذا كان كذلك فكيف يتفق هذا مع ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه من كره لقاء الله كره الله لقاءه؟
فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ".

والجواب: أن كراهية الموت أمر فطرى جِبِلِّىٌّ فُطر الناس عليه، كما قال أبو الطيب المتنبى:
إِلْفُ هذا الهواء أوقع فى الأنــ *** ـفس أن الحِمَامَ مُرُّ المذاق
يريد أن التعود على هذا الهواء الذى نتنفسه أوقع فى الأنفس أن الحِمَام أى الموت مر المذاق وشئ مكروه.
وقال قتادة: لم يتمن الموت نبى ولا غيره إلا يوسف – عليه السلام – حين تكاملت عليه النعم وجمع له الشمل اشتاق إلى لقاء الله – عز وجل – فقال: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]
وعن ابن عباس قال: ما تمنى الموت نبى قبل يوسف.

وقد سبق أن آدم – عليه السلام – لما حضرته الوفاة جحد أنه أعطى ابنه داود بعض عمره وهذا يدل على أنه لا يحب الموت ولم يكن هذا قادحا فيه.
وأما ما ورد فى هذا الحديث من أنه من كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقد أشكل على بعض الصحابة والتابعين ولكن بينه النبي صلى الله عليه وسلم أوضح بيان وأتمه.

فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ."
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ.
فَقَالَ: "لَيْسَ كَذَلِكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ."

وقد أشكل معنى هذا الحديث على بعض التابعين أيضا.
فعَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ »
قَالَ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا.
فَقَالَتْ: إِنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ » وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ.
فَقَالَتْ: قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ بِالَّذِى تَذْهَبُ إِلَيْهِ وَلَكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.

فالكراهة المعتبرة - كما قال الإمام النووى – هى التى تكون عند النزع فى حالة لا تقبل فيها التوبة ولا غيرها فحينئذ يبشر كل إنسان بما هو صائر إليه وما أعده الله له وما يكشف له عند ذلك فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعد لهم ويحب الله لقاءهم، وأما أهل الشقاوة فإنهم يكرهون لقاء الله لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه ويكره الله لقاءهم. ا.هـ

وقال القسطلانى: وفى حديث حميد عن أنس المروى عند أحمد والنسائى والبزار: "ولكن المؤمن إذا حُضِرَ جاءه البشير من الله وليس شئ أحب إليه من أن يكون قد لقى الله فأحب الله لقاءه."
وفى رواية عبد الرحمن بن أبى ليلى: حدثنى فلان ابن فلان أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى حديثه: "ولكن إذا حضر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله، والله للقائه أحب." رواه أحمد بسند جيد قوى وإبهام الصحابى لا يضر.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
استشكال رابع وجوابه:
هل يجوز تَعَرُّضُ الملائكة للعاهات التى تعرض للبشر مثل العور والعرج ونحو ذلك؟

الجواب: لا شك أن عالم الملائكة من الغيبيات التى تُتَلَقَّى عن طريق السمع، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فقأ عين ملك الموت فلا مانع من حدوث مثل هذه العاهات للملائكة الكرام.
وربما يكون هذا أمرا خاصا بملك الموت – عليه السلام – ابتلاءا واختبارا من الله تعالى.
قال الإمام النووى: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى فى هذه اللطمة امتحانا للملطوم.
هذا على أن هذه العاهةَ حدثت للصورة البشرية التى تَشَكَّل بها ملك الموت، فكما تَعْرِضُ العاهاتُ للبشر فكذلك يجوز أن تَعْرِضَ للملائكة إذا تشكلوا بها.
أما الصورة الملائكية التى خلقوا عليها فلا يَعْرِضُ لها مثل هذه العاهات لأنه لم يَرِدْ أوْ لا نعلم أنه ورد بذلك نص، وإن كان يجوز عقلا لأنهم خلق من المخلوقات.
والله أعلم.


فوائد:
الأولى: لقاءُ الله – عز وجل – ليس هو الموت ففى بعض طرق الحديث عن عائشة رضي الله عنهـا: "والموت دون لقاء الله"
قال ابن الأثير: المراد بلقاء الله هنا المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله وليس الغرض به الموت لأن كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله لأنه إنما يصل إليه بالموت.

وقال الطيبى: إن قول عائشة: إنا لنكره الموت يوهم أن المراد بلقاء الله فى الحديث: الموت وليس كذلك لأن لقاء الله غير الموت بدليل قوله فى الرواية الأخرى: "والموت دون لقاء الله" لكن لما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله عبر عنه بلقاء الله.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ليس وجهه عندى كراهة الموت وشدته لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد، ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة.
قال: ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال: {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} [يونس: 7]

الثانية: أن المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلا على أنه بُشِّرَ بالخير وكذا بالعكس.

الثالثة: أن محبة لقاء الله – عز وجل – لا تدخل فى النهى عن تمنى الموت لأنها ممكنة مع عدم تمنى الموت كأن تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره وأن النهى عن تمنى الموت محمول على حالة الحياة المستمرة وأما عند الاحتضار والمعاينة فلا تدخل تحت النهى بل هى مستحبة.

الرابعة: أن فى كراهية الموت فى حال الصحة تفصيلا: فمن كرهه إيثارا للحياة على ما بعد الموت من نعيم الآخرة كان مذموما ومن كرهه خشية أن يفضى إلى المؤاخذة كأن يكون مقصرا فى العمل لم يستعد له بالأهبة بأن يتخلص من التبعات ويقوم بأمر الله كما يحب فهو معذور.
لكن ينبغى لمن وجد ذلك أن يبادر إلى أخذ الأهبة حتى إذا حضره الموت لا يكرهه بل يحبه لما يرجو بعده من لقاء الله تعالى.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى

[فصل]

[ذكر فضائل ملك الموت عليه السلام]

1- أنه أحد رؤساء الملائكة الأربعة الكبار الذين هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام.

2- أنه ممن استثناهم الله –
GifModified_06.gif
– عند النفخ فى الصور على أحد الأقوال كما تقدم.

3- أنه آخر من يموت من الخلائق حتى يقبض أرواح جميع الخلائق ثم يبقى هو ورب العزة جل وعلا.
فانظر إلى هذه الفضيلة وكيف أنه المخلوق الوحيد الذى يبقى مع الجبار
GifModified_06.gif
ثم يموت بعد ذلك.

4- أنه الملَك الوحيد الذى يراه جميع الخلائق.

5- أنه الملك الموكل بإنهاء الحياة:
فأما المؤمن فيستريح من الدنيا وعنائها
وأما الكافر فيُسْتراح منه ومن كفره.
فعن أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
GifModified_07.gif
مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَراحٌ مِنْهُ."
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ؟ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟
قَالَ: "الْعَبْدُ الْمُؤمِنُ يَسْتَريحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَريحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ."

6- ومن فضائله – عليه السلام – أنه يظهر للمؤمن فى صورة حسنة ويسلم عليه ويبشره برحمة الله ورضوانه فيحب لقاء الله ويحب الله لقاءه.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,452
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
[فصل]
[ذكر موت ملك الموت عليه السلام]
روى فى حديث الصور الطويل: "... ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبُّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَنَتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لَمَّا رَأَيْتُ، فَمُتْ، فَيَمُوتُ.."

وروى ابن أبى الدنيا من طريق إسماعيل بن رافع عن محمد بن كعب القرظى من قوله فيما بلغه،
وعنه عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ - تَعَالَى – يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: أَنَتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لَمَّا رَأَيْتُ، فَمُتْ ثُمَّ لاَ تَحْيَا."

وقال محمد بن كعب فيما بلغه: "مُتْ مَوْتا ثُمَّ لاَ تَحْيَا بَعْدَهُ أَبَدا؛ فَيَصْرُخُ عِنْدَ ذَلِكَ صَرْخَةً لَوْ سَمِعَهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمَاتُواْ فَزَعا."

وقوله: "ثم لا تحيا بعده أبدا." قال الحافظ أبو موسى المدينى: لم يُتابَع إسماعيل بن رافع على هذه اللفظة ولم يقلها أكثر الرواة.
قال الحافظ ابن كثير: وقد قال بعضهم فى معنى هذا: مت موتا ثم لا تحيا بعده أبدا يعنى لا يكون بعد هذا مَلَكُ موت أبدا؛ لأنه لا موت بعدُ،
ثم ذكر الحديث الصحيح عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ،
فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرونَ،
فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ، وَكلُّهُمْ قَدْ رَأَوْهُ
ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ
فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآه،
فَيُذْبَحُ
ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ، فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّار خُلُودٌ، فَلاَ مَوْتَ ثُمَّ قَرَأَ:

{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [مريم:39]

ثم قال ابن كثير: فملك الموت فانٍ حتى لا يكون بعد ذلك موت أبدا. والله أعلم.
وبتقدير صحة هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر ذلك أنه لا يحيا بعد ذلك أبدا، وهذا بعيد بتقدير صحة الحديث.

أقول وبالله التوفيق:
إذا مات ملك الموت – عليه السلام – لأنه لا يكون هناك موت بعد ذلك فليمت جبريل - عليه السلام - لأنه ليس هناك وحى
وليمت ميكائيل - عليه السلام - لأنه ليس ثمت حاجةٌ إلى ملك للمطر والرياح والأرزاق،
وليمت إسرافيل - عليه السلام- لأنه لا نفخ فى الصور بعد ذلك
وليمت منكر ونكير - عليهما السلام - لأنه لا فتنة للقبر بعد ذلك
وليمت الكتبة والحفظة فلا حاجة لهما
وليمت جميع الملائكة غير خزنة الجنة وخزنة النار
وهذا لم يقل به أحد أبدا ولا يُتَصور أن يصدر عن عاقل. فتأمل، والله أعلم.

هذا، وقد اختلف العلماء فيمن يقبض روح ملك الموت على قولين:
الأول: أنه هو الذى يقبض روح نفسه.
الثانى: أن الله عز وجل هو الذى يقبض روحه.
ولم أقف على نقل فى ذلك، فالله أعلم.
 
أعلى