العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري كتاب "أثر تعليل النص على دلالته" لأول مرة على الشبكة Pdf

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
لتنزيل الكتاب: أثر تعليل النص على دلالته.Pdf

مقدِّمة الإصدار الإلكتروني


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه وآله ومن والاه، وبعد:
فهذا الكتاب، في أصله، رسالة علمية استكملتُ بها متطلبات درجة الماجستير في الفقه وأصوله من الجامعة الأردنية في العام (1996م - 1417ه‍)، أي قبل حوالي عشرين سنة من الآن. وقد سبق طبع هذا الكتاب طبعة وحيدة في العام 1999م – 1420هـ، طبعته دار المعالي، في العاصمة الأردنية عمّان. ونظرًا لتعثُّر دار النشر، وإغلاقها فيما بعد، فقد أخلَّت بالتزاماتها تجاه المؤلّف حتى أني لم أرَ أيَّ نسخة للمطبوع من الكتاب إلا قبل أشهر قليلة فقط عن طريق أحد الأصدقاء في جامعة قطر، كان قد اقتنى منه نسخة في أثناء دراسته في المملكة السعودية، فاستعرتها منه آملا إعادة نشر الكتاب نشرًا إلكترونيًّا موافقًا للمطبوع منه؛ ليعمّ الانتفاع به، ولألبّي طَلب كثيرٍ من أهل العلم وطلبته الذين ما فتئوا يسألونني نُسَخًا من الكتاب.
الكتاب ذو موضوع هام؛ لأنه يرسم معالم أصولية للعلاقة الجدلية بين العلة والنص، وهي علاقة شديدة الحساسية والتعقيد، وهو من أوائل الدراسات العلمية التي تناولت هذا الموضوع الدقيق. وما تلاه من دراسات للباحثين، بعد ذلك، أفاد منه بطريق مباشرة أو غير مباشرة، مع العزو والإحالة أحيانا، ودونهما في أكثر الأحيان.
ورغم أن عشرين سنة مُدّةٌ كفيلة بوجود كثير من التطورات العلمية التي تستدعي إعادة النظر في مادة الكتاب وتطويرها وتحسينها، ولا سيّما مع بحوثي المعمّقة في جناحي الاجتهاد: النصّ والعلة ـ كالقرائن والنص، وتحقيق معنى العلة، وأهل الألفاظ وأهل المعاني، وإشكالية القطع عند الأصوليين، وفوائد تعليل الأحكام، وغيرها من البحوث ـ إلا أني اخترت ألا أفعل ذلك؛ وذلك لأنّ الكتاب أصبح شيئًا من «التاريخ» الذي ينبغي أن يُحافظ عليه، ولذلك أخرجتُه في هذه النسخة الإلكترونية موافقًا للمطبوع منه في أرقام صفحاته ومادته العلمية، اللَّهم إلا بعض التحسينات الشكلية، والتصحيحات الطفيفة، ولا سيّما للأخطاء الطباعية واللغوية.
واللَّه أسأل أن ينفع به، ويقبله مني، فهو أكرم مسؤول، وأعظم مجيب، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

د. أيمن صالح
الدوحة
ربيع الثاني 1337هـ/
يناير-كانون الثاني 2016م

المقدِّمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وآله، ومن والاه، وبعد:
فإنّ التشريع السماوي، بما دلّ عليه من أحكام، لم يكن - بفضل اللَّه ورحمته - إلا هادفًا إلى إصلاح أمور الخلق في داريهم الأولى والآخرة، مصداقًا لقوله تعالى: ï´؟لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِï´¾ [الحديد: 25]، ولقوله تعالى: ï´؟وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَï´¾ [الإسراء: 82] - لاتّباعهم إياه - ï´؟وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًاï´¾ [الإسراء: 82] - لإعراضهم عنه -، ولقوله تعالى: ï´؟إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَï´¾ [النحل: 90].
قال العز بن عبد السلام، رحمه اللَّه: «اعلم أنّ اللَّه سبحانه وتعالى لم يشرع حكمًا من أحكامه إلا لمصلحة عاجلة أو آجلة، أو عاجلة وآجلة، تفضُّلًا منه على عباده، إذ لا حقَّ لأحد منهم عليه، ولو شرع الأحكام كلّها خليّةً عن المصالح لكان قسطًا وعدلًا كما كان شرعها للمصالح إحسانًا منه وفضلًا.
وقد وصف نفسه بأنه لطيفٌ بعباده، وأنه بالناس رؤوفٌ رحيم، وتمنَّنَ عليهم باللطف والحكمة، كما تمنَّن عليهم بالرأفة والرحمة، وأخبر أنه يريد بهم اليسر، ولا يريد بهم العسر، وأنّه بهم بَرُّ رحيم توّابٌ حكيم. وليس من آثار اللطف والرحمة واليسر والحكمة أن يكلِّف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة ولا آجلة»[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]).

وانطلاقًا من هذا الأصل، وتأسيسًا عليه، لم ينظر سلف هذه الأمة وفقهاؤها إلى النصوص الشرعية، بما تنطوي عليه من أحكام، نظرة جمود على مقتضياتها اللغوية الظاهرة مجرّدة عما يكمن فيها، أو يقف وراءها، من معان مخبوءة، ومقاصدَ مُستبْطَنة. وإنما نظروا إليها - ما وسعهم الجهد - نظر المتدبِّر المستشرف إلى ما هو فوق أرضِ حرفيّةِ تلك النصوص، من أُفق المعاني المكتظّ بالدوافع والبواعث والعلل والحِكَم والمصالح المستهدَفة من تشريع الأحكام التي اشتملت عليها تلك النصوص. حتى وإن أدى بهم هذا النظر - أحيانًا كثيرة - إلى الخروج عن حرفية النص وظاهره بتخصيص عامّه، أو تقييد مُطلقه، أو إبطال مفهومه المخالف، أو صرفه من الحقيقة إلى المجاز. كلُّ ذلك سعيًا وراء البحث الدقيق عن مراد الشارع ومقصوده - على التمام - من النصوص المقرِّرة للأحكام.
و «أثر تعليل النص على دلالته» باعتباره عنوان وموضوع هذه الرسالة يخوض هذا المخاض؛ إذ إنه ليس إلا محاولة من الباحث:
أولًا: للبرهنة على شرعية دور العلة – وهي ما لأجله شُرع الحكم - في توجيه النص الشرعي وتأويله وتبيين المراد منه.
وثانيًا: لوضع ميزان دقيق يمكن من خلاله التوفيق أو الترجيح بين ما تقتضيه علّة النصّ من جهة، وبين ما يقتضيه ظاهر النصّ نفسِه من جهة أخرى، للخروج بعد ذلك بحكم شرعي صحيح.
وثالثًا: لبيان حقيقة مسألة «أثر تعليل النص على دلالته» وواقعها عند الأصوليين، قديما وحديثا، وعرض أقوالهم فيها، وأدلتهم على هذه الأقوال ومناقشة ذلك كله.

وبكلمة، فإن هذه الرسالة تبحث في نقاط التقاطع، ونقاط التوافق، في النص الشرعي الواحد، بين ما يمكن تسميتهما بـِ: «نظرية المصلحة» و«نظرية النص»، وأثر ذلك على الحكم الشرعي المستفاد من هذا النص.


([1]) العز بن عبد السلام، شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال، تحقيق إياد خالد الطباع، ط1، دار الطباع، دمشق، 1410هـ، ص401.
 
التعديل الأخير:
أعلى