العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟
واود لو يفيدني احد بدراسة حول هذا الكتاب .. ماهي الكتب التي اعتمد عليها في المذاهب ؟ وماهي طريقته في اختيار الراجح في المذاهب ؟

للعلم : هذا الكتاب كما اخبرني احد الأخوة ( من أهل مصر ) يعتمد عليه في القضاء في كثير من المحاكم الشرعيه .
 
إنضم
30 أبريل 2008
المشاركات
246
التخصص
الدراسات الإسلامية
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
اتبع الدليل
لعبد الرحمن الجُزيري ، الكتاب غير كامل ، قد ينقل بعض المذاهب من كُتب غير مشهُورة في هذهِ المذاهب ، ويعتمد روايات غير معمُول بها في هذه المذاهب .

الشيخ عبد الكريم الخضير.

***

قال عنه الشيخ زياد العضيلة في موضوع سابق :

كتاب الجزيري . لايصلح أخي الكريم فقد تعبت في تتبع اوهامه حتى ربعه الاول ! فرابت عن العشرات ، حتى عرفت ان تتبعها مضيعة للوقت ، ولذا فأنا أقولها لك : لايصلح كتاب الجزيري لنسبة الاقوال الى المذاهب ( من جهة التحرير )

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=33210
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيك أخي العوضي وجزاك الله خيرا

كلام موثق من شيخين فاضلين، مطلعين، بذلا قطعة من أعمارهم في قراءة الكتاب فمنحونا خلاصة ما انتهوا إليه.

وبالمناسبة هذه الحلقة من العلم وهو الفقه المقارن لا تزال بحاجة إلى الكثير من الدراسات.

وكل الدراسات الحالية لم تستطع أن تغطي هذه الفراغات.

ولعل أبرز الأعمال المعاصرة هو الموسوعة الكويتية وهي وإن قطعت أشواطاً كبيرة في تحقيق أقوال المذاهب الأربعة في كثير من المسائل، إلا أنه يعوزها عمليات فرز صعبة المسلك دقيقة المأخذ في بيان أوجه الاختلاف بين المذاهب وأوجه الاتفاق، وكان غالب جهدها مقتصراً على تقرير كل مذهب على حدة، وهذا لوحده عمل عظيم إلا أنه بحاجة إلى من يكمل الطريق.
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
لكن الا يمكن اضافه اقوال المذهب الظاهري ( ابن حزم والشوكاني ) الى المذاهب الأربعه ؟
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لكن الا يمكن اضافه اقوال المذهب الظاهري ( ابن حزم والشوكاني ) الى المذاهب الأربعه ؟
بحسب الرسوم الدقيقة التي حددها ابن حزم لمعالم المدرسة الظاهرية فإن الشوكاني بحسب هذه الرسوم ليس ظاهرياً؛ بل إن ابن حزم رحمه الله تبرأ من جماعة من أصحابه من أهل الظاهر لا لشيء إلا لإثباتهم العلل المنصوصة كالنهرواني والقاساني
وعلى كلٍ حال فلا شك أن الشوكاني رحمه الله له نزعة ظاهرية ظاهرة، وهو يمثل أحد الامتدادات الحزمية لدى المتأخرين.
أما بالنسبة لإضافة ابن حزم والشوكاني إلى المذاهب الأربعة فإنه لا يمكن ؛ لأنك إذا أضفتهم إليهم صاروا ستة ...
وواضح أنك تريد اعتبارهم في الخلاف مع الأئمة الأربعة.
أما ابن حزم الذي يعد ممثلا رسمياً للمدرسة الظاهرية فقد جرى اعتبار خلافه في كثير من المسائل شفع ذلك سعةُ اطلاعه وقوة منطقه، واستقلال مدرسته بأصولها وفروعها.
أما الشوكاني رحمه الله فهو كغير من أهل العلم بل هو من أعيان المتأخرين الذي استطاع أن يقحم نفسه في دائرة الرجال الذين يحكى عنهم الخلاف والترجيح...
لكن لا يصلح بحال أن يكون مدرسة تقابل المدراس الأربعة.
وفرقٌ بين اعتبار الرجل كعالمٍ يحكى قوله، وبين اعتباره كمدرسة تستقل بأصولها وفروعها.
--------
ولعلك تريد لو أنهم سجلوا أقوال المدرسة الظاهرية في تقرير الخلاف المحكي في الموسوعة الكويتية.
ونقول:
ليتهم فعلوا ذلك.
 
التعديل الأخير:
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بل إن ابن حزم رحمه الله تبرأ من جماعة من أصحابه من أهل الظاهر لا لشيء إلا لإثباتهم العلل المنصوصة كالنهرواني والقاساني

لكنهما من أهل الظاهر وليس كل من خالف طرد من مذهبه...بارك الله فيكم يا شيخنا الفاضل فؤاد كلام محقق...
وأحسن الله إلى العوضي والسرخسي على الجواب الرائع ...

وسأستبدل الكتاب بآخر ينفع...
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
"الفقه المقارن"
موضوع يصلح أن يكون رسالة جامعية إذا أخذه الباحث بحقه
 

محمد ال عمر التمر

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
130
التخصص
غير متخصص
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟

حول الكتاب مقالة مسهبة لخصتها سابقا وهذه هي: للدكتور محمد بلتاجي مقالة قيمة حول كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري نشرها في مجلة الدارة عام 1977 م تعرض فيها لقصة تأليف الكتاب وعرض منهجه وتقييم الكتاب إجمالا وقد لخصت المقالة فيما يلي: قصة تأليف كتاب الفقه على المذاهب الأربعة : المشهور بين جمهور المسلمين أن الشيخ عبد الرحمن الجزيري هو مؤلف هذا الكتاب وقد نشأ هذا من أن طبعات الكتاب الشائعة مصدرة بعبارة تأليف عبد الرحمن الجزيري دون ذكر أي اشتراك في التأليف معه والحقيقة في شيء من التفصيل. فقد نشأت فكرة هذا الكتاب أصلا في وزارة الأوقاف المصرية سنة 1922 م حينما اتجهت النية فيها إلى تعمير المساجد بالدروس الدينية ووضع مؤلفات تلائم هذه الدروس وتعين أئمة المساجد على شرح أحكام الفروع الفقهية لجمهور المسلمين وعامتهم، فاتجهت النية إلى إخراج كتاب جامع لأحكام العبادات على المذاهب الأربعة المتبوعة في مصر. ووضعت خطة مبدئية لأتباع هذا الكتاب بكتابين في العقائد والأخلاق الدينية. وكان البدء في هذا العمل الجليل سنة 1922 م فقد ألفت لجنة علمية من علماء المذاهب الأربعة في الجامع الأزهر برئاسة شيخ الأزهر المراغي رحمه الله واختارت اللجنة بعض علماء المذاهب من أعضائها ومن غيرهم ووُضِع نموذج ليكون الكتاب على نسقه وعُرض على اللجنة ووافقت عليه في فبراير 1923 م ثم سارت اللجنة في عملها حتى أتمّت كتاب العبادات. وأعضاء هذه اللجنة العاملة: الشيخ محمد السمالوطي والشيخ محمد عبد الفتاح العناني من علماء المالكية الشيخ عبد الرحمن الجزيري والشيخ محمود الببلاوي من علماء الحنفية الشيخ محمد سبيع والشيخ أبو طالب حسنين من علماء الحنابلة الشيخ محمد الباهي من علماء الشافعية. ولما تم جمع هذه الأحكام عهدت الوزارة بهذه المجموعة إلى أحد أعضاء اللجنة الشيخ عبدالرحمن الجزيري (المفتش الأول بالمساجد) ليرتب وضعها حتى يكون الكتاب على نسق واحد ويصوغ العبارات حتى لا يستغلق على الناس فهم حكم من الأحكام وقد بما عُهد إليه مستعينا ببعض اعضاء اللجنة على التفصيل المبيّن في قرارهم وقد ورد في قرار اللجنة أن الشيخ عبد الرحمن الجزيري اشترك في تحضير بعض مباحث مذهب مالك، كما اشترك في تحضير احكام مذهب أبي حنيفة أما تحرير أحكام الكتاب وصوغ عباراته فقد قام الشيخ الجزيري بتحرير جميع الأحكام وصوغ العبارات في صيغ متناسبة من أول الكتاب إلى آخره وبلى في ذلك بلاء حسنا وتكلف مجهودا كبيرا وحده إلا في بعض مباحث الكتاب فقد شاركه في تحريرها وصياغتها بعض أعضاء اللجنة. والنسق الذي رُتب عليه الكتاب أنه جمع من كل باب أحكامه على المذاهب الأربعة ودوّن الحكم الذي اتفق عليه إمامان أو أكثر في أعلى الصفحة والحكم المخالف في أدناها وفُصِل بينهما بخط أفقي بحيث لو جُرّدت الأحكام المدونة في أعلى الصفحة يلخّص للقارئ أحكام العبادات التي اتفق عليها إمامان أو أكثر من الأئمة الأربعة. وإذا كان في المسالة تفصيل أو مذاهب أربعة مختلفة ذُكر في أعلى الصفحة أن فيها تفصيلا أو فيها اختلاف في المذاهب ودُوّن ذلك في أدناها. وفي كثير من المواضيع يبين مع الحكم دليله من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس لتتبين وجهات نظر الأئمة وما في اختلافهم من اليسر والرحمة. وخرجت الطبعة الأولى سنة 1928 هـ مصدّرة بعبارة وزارة الأوقاف ــ قسم المساجد مع بيان أن حقوق الطبع محفوظة للوزارة. ثم وزّع على أئمة المساجد فسدّ نقصا ظاهرا في تعليم الناس أحكام العبادات، لكن بعض العلماء أبدوا ملاحظات معتبرة على بعض ما تضمّنه لهذا قبل أن تشرع الوزارة في إعادة طبعه ألّفت لجنة من الشيخ عبد الرحمن الجزيري المفتش الأول بقسم المساجد ومن علماء الحنفية والشيخ محمد سبيع الذهبي شيخ علماء الحنابلة بالجامع الأزهر والشيخ عبد الجليل عيسى من علماء المالكية والشيخ محمد الباهي والشيخ محمد إبراهيم شوري من علماء الشافعية. وعهدت إليها بدراسة الكتاب مع ما أُبدِيَ من ملاحظات وناطت بالشيخ الجزيري تحرير عبارات الكتاب على الوجه الذي يتفق مع ما رأته اللجنة من التنقيح وأن يُشرف على طبعه وتحريره من الخطأ فقامت اللجنة بما عُهد إليها حتى أتمته. ثم رُؤي أن يُلحق بالكتاب بعض أبواب الفقه التي لا غنى للجمهور عن تعلّمها وهي أبواب الأضحية والذبائح وما يحل و ما لا يحل من الطعام والشراب واللباس. فقام بوضع هذه الأبواب على المذاهب الأربعة الشيخ الجزيري وعرض ما كتبه على باقي أعضاء اللجنة، وبعد أن اتفقوا على صحة ما في هذه الأبواب طُبعت وجُعلت ملحقا بالكتاب. ثم طبع الكتاب ثلاث مرات أعوام 1931، 1936، 1939 وطبعة خامسة عام 1950 م كلها طبعتها وزارة الأوقاف وفي نفس عام 1939 أخرج الشيخ الجزيري طبعته الأولى من كتاب بنفس العنوان الفقه على المذاهب الأربعة يتضمن بوجه عام مباحث العبادات التي وردت في طبعات وزارة الأوقاف مع اختلاف سيأتي ذكره وقد كتب عليه الجزء الأول قسم العبادات تأليف عبد الرحمن الجزيري حقوق الطبع محفوظة للمؤلف الطبعة الأولى ولم يذكر فيه إي اشتراك في التأليف.. وقدم الجزيري طبعته بقوله: ( أما بعد فقد جاءتني رسائل كثيرة من نواح متعددة تشير بإعادة النظر في الجزء الأول من كتاب الفقه لأنه يشتمل على أغلاط فقهية وإيجاز في مواطن كثيرة، مع ما له من المزايا الأخرى التي لا توجد في كتب الفقه الأخرى. فتصفحته بإمعان فوجدت هذه الملاحظات لها محل من الاعتبار. ويرجع سبب ذلك إلى أن أصل وضع الكتاب كان الغرض منه تسهيل مواضيع الفقه الإسلامي على أئمة المساجد العلماء، وهؤلاء عليهم أن يوضحوا ما يقف في سبيلهم من مجمل أو مبهم، فترتب على ذلك تسامح في صياغة نصوص أعلى الصحيفة، فنشأ عنه هذا الخطأ ولما كنت شاعرا به أمكنني إزالته وتوضيح كل مبهم منه. وعلى هذا رأيت إعادة النظر في الكتاب من أوله إلى آخره ومراجعة كتب الفقه الأخرى فرأيت من الضروري إدخال الإصلاح) ثم أخرج الجزء الثاني متضمنا بعض أواب المعاملات بعد أن جمع مباحث كتاب الحظر والإباحة الذي تناول فيه ما يحل أو يحرم أكله أو لبسه أو استعماله إلى جانب مباحث اليمين والنذر وأحكام البيع والربا والسلم والرهن والقرض والحجز. وفي مقدمة الجزء الثاني أنه عمد إلى صوغ قسم المعاملات وقسم الأحوال الشخصية كي ينشط الناس إلى معرفة أحكام دينهم الحنيف في بيعهم وشرائهم وأقضيتهم وما يتعلق بذلك واستبان لهم سماحة الإسلام ع دقته في التشريع وإحاطته بكل صيغر وكبير مما يجري في المعاملات بين جميع طوائف البشر مما يتضاءل بإزائه تشريع المشرعين وتقنين المقنين. وهكذا اتسع الغرض من تأليف الكتاب وزاد خصوبة وثراء حيث تجاوز مجرد تعليم أحكام العبادات في المساجد إلى استهداف جمع أبواب المعاملات في صورة تبرهن على صلاحية أحكام الإسلام وامتيازه المطلق على كافة محاولات ونظم التقنين في كل زمان ومكان،ولم تكن فكرة مواجهة الغزو الثقافي ببعيدة عن الغرض من كتابة الجزيري في أبواب المعاملات والأحوال الشخصية كما يبدو من كلامه السابق. ثم أخرج الجزء الثالث من كتابه وفيه باقي أبواب المعاملات ثم الجزء الرابع وقد تضمن مباحث النكاح والطلاق. وقال في مقدمة الجزء الرابع: (وقد كنت أظن أنه يمكنني أن أبلغ النهاية من جميع أبواب الفقه في أربعة أجزاء ولكني رأيت أن هذا يستلزم أمرين الإيجاز في كثير من المواطن، وحذف بعض مباحث الفقه. وهذا يتنافى مع غرضي من الإيضاح والبيان من جهة ويجعل الكتاب ناقصا في مجموعة من جهة أخرى فلم أجد بدا من أن أترك المسألة على طبيعتها فاضطررت إلى وضع جزء خامس يشتمل على ما بقي من مباحث الفقه، وقد بقي من مباحثه الهامة: الحدود والوقف، والقضاء والجهاد إلى غير ذلك..) ومن مراجعة تواريخ الطبعات التي ظهرت من الأجزاء الأربعة في حياة الجزيري يبدو بوضوح أنه بمجرد انتهائه من الاشتراك في تحضير مادة طبعة المساجد من الجزء الأول وقيامه بتحرير أحكامها وصوغ عباراتها على النحو السابق اتجهت نيته إلى الإنفراد بجمع وصياغة بقية أبواب الفقه على نفس النمط العام مع شيء من التحسين. وتوفي الجزيري قبل أن يخرج الجزء الخامس كما وعد وكان قد تعاقد مع المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة على إخراج جميع أجزاء الكتاب بما فيها الجزء الخامس الذي لم يتم فسعت المكتبة لدى الورثة فحصلت على أصول كتاب الحدود، ولم يتم بقية أبواب الفقه كما ذكر سابقا ثم عهدت المكتبة إلى الشيخ علي حسن العريض من علماء الأزهر الشريف فتولى تنسيق مباحث الكتاب وفقا لمنهج المؤلف في الأجزاء الأربعة السابقة. وتبين بعد الفحص إن الجزيري انفرد بأجزائه الأربعة الأولى أما طبعة قسم المساجد من الجزء الأول فكان للجزيري فيها أكبر مجهود ومعضم تحرير أحكامها وأما الجزء الخامس (الحدود) فقد انفرد بجمع وتحرير أصل مادته لكن الشيخ العريض تولى تنسيق مباحث الكتاب وأشرف على تصحيحه. وهذه ترجمة مختصرة للشيخ الجزيري رحمه الله: هو عبدالرحمن بن محمد عوض الجزيري ولد بجزيرة شندويل بمركز سوهاج بمصر عام 1882 م وتعلم في الأزهر وتفقه فيه على مذهب إبي حنيفة من عام 1313 هـ إلى عام 1326 هـ ثم درّس فيه وعُيّن مفتشا لقسم المساجد بوزارة الأوقاف سنة 1330 هـ فكبيرا للمفتشين فأستاذا في كلية أصول الدين ثم كان من أعضاء هيئة كبار العلماء. وتوفي بحلوان سنة 1941 م وله من المؤلفات بجانب الفقه على المذاهب الأربعة. كتاب توحيد العقائد وكتاب الأخلاق الدينية والحكم الشرعية وكتاب أدلة اليقين (في الرد على بعض المبشرين) وديوان خطب وكلها مطبوع.
 

محمد ال عمر التمر

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
130
التخصص
غير متخصص
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟

منهج التأليف فيه: أما طبعة قسم المساجد من الجزء الأول (العبادات) فقد جمعت في كل باب أحكامه على المذاهب الأربعة، ودون الحكم الذي اتفق عليه إمامان أو أكثر في أعلى الصفحة والحكم المخالف أدناها وفُصل بينهما بخط أفقي بحيث لو جردت الأحكام المدونة في أعلى الصفحة تلخص للقارئ أحكام العبادات التي اتفق عليها إمامان أو أكثر من الأئمة الأربعة. وإذا كان في المسألة تفصيل أو مذاهب أربعة مختلفة ذُكر في أعلى الصفحة أن فيها تفصيلا أو فيها اختلاف المذاهب، ودوّن ذلك في أدناها. وفي كثير من المسائل ذُكر مع الحكم دليله من الكتاب والسنة أو الإجماع أو القياس لتتبين وجهات نظر الأئمة وما في اختلافهم من اليسر والرحمة. ما الإصلاح الذي أضافه الجزيري إلى طبعته الخاصة من هذا الجزء؟ لقد انحصر الإصلاح في الأمور التالية: أولا: جعل لكل مسألة عناوين خاصة بها كي يسهل على القارئ مراجعة المسألة التي يريدها بالنظر إلى فهرست الكتاب، بخلاف الطبعة السابقة فإن المسائل فيها كانت مخلوطة فلا يسهل على الناس الوقوف على أغراضهم منها. ثانيا: نص الجزيري في أعلى الصفحة على المذهبين المتفقين بصورة محررة دقيقة مطردة في جميع مباحث الكتاب، أما الطبعة السابقة فكان النص على المذاهب المتفقة فيها يأتي كثيرا بصورة أقل دقة وإحكاما. ثالثا: فصّل القول في بعض الإجمال الذي ورد في تقرير بعض أحكام المذاهب وبالغ في الإيضاح في بعض الأبواب بخاصة مباحث الحج والصوم ليسهل على جمهور المسلمين فهمها بدون عناء كبير. رابعا: ذكر كثيرا من حكمة التشريع في مواضع متعددة، ويقول الجزيري وكنت أود أن أكتب حكمة التشريع لكل مباحث الكتاب لكني خشيت تضخمه وذهاب الغرض المقصود منه. خامسا : اعتنى بإيراد أدلة الأئمة الأربعة من كتب السنة الصحيحة ووجهها في كثير من المواضع بصورة أكمل من طبعة قسم المساجد. وعلى سبيل المثال، ففي كتاب الطهارة بدأ الجزيري طبعته الخاصة بذكر معناها في اللغة بتوسع واستشهاد ثم في اصطلاح الفقهاء ثم أورد في سياق ذلك كلاما عن حكمة الطهارة وأجاب عن شيء من الإعتراض في هذا السبيل، وتوسع في إيراد تفصيلات المذاهب. بينما بدأت طبعة قسم المساجد بحديث وجيز عن أقسام الطهارة في سبعة سطور ثم بدأت تتكلم مباشرة عن أقسام المياة في حين كتب الجزيري في طبعته الخاصة خمس صفحات كبيرة في تعريف الطهارة وأقسامها. وفي كتاب الصلاة كتب الجزيري في طبعته الخاصة عن حكمة مشروعيتها وتعريفها وأنواعها وشروطها ودليل فرضيتها ثم مواقيت الصلاة المفروضة بينما كتبت طبعة قسم المساجد فيما يقابل ذلك منها عن أواع الصلاة وشروطها ثم عن أوقات الصلاة المفروضة. وعلى الجملة فإن طبعة الجزيري الخاصة أكمل وأيسر في الانتفاع من الطبعة السابقة التي شارك فيها ولقد كان الإصلاح الذي أضافه ذا قيمة لكن هل كان من حقه أدبيا وخلقيا أن يأتي إلى كتاب اشترك فيه معه غيره فيضيف إليه تعديلات وإصلاحات مهما تكن قيمتها في ذاتها ثم يطبعها طبعة مستقلة يضع عليها اسمه منفردا مع أن في ضمنها جهودا مهما تكن قيمتها في ذاتها سبق أن قام بها غيره؟ أم منهج الجزيري في تأليف قيم العبادات ثم بقية الأجزاء التي انفرد بكتابتها فيتلخص في ما يلي: أ ـ كان الجزيري يبدأ في المبحث بتعريفه وإيراد الأدلة الشرعية العامة عليه وكثيرا ما كان يذكر حكمة مشروعيته لكنه لم يلتزم دائما بذكر حكمة التشريع في كل مبحث وقد علل هذا بقوله كنت عزمت على أن أذكر حكمة التشريع بإزاء أحكامها كما أذكر أدلة الأئمة، وكني أعرضت عن ذلك.. لأني رأيت في ذكر حكمة التشريع تطويلا قد يعوق الحصول على الأحكام، فوضعت حكمة التشريع في الجزء الثاني من كتاب الأخلاق. لكن الجزيري مع هذا ذكر كثيرا من حكم التشريع وقدم فيها بعض المباحث النافعة وقد عرض في ثنايا كلامه عن حكم التشريع لبعض شبهات وتلبيسات المستشرقين وتابعيهم وضحايا الغزو الفكري من أبناء المسلمين، وقدم فيها وجهات نظر طيبة، ومن ثم نجده ينشط لتقرير القول بشيء من التفصيل في الحكم الشرعية التي تتصل بأحكام مستهدفة من الطاغين والمبشرين وأشياعهم، وهذا ملاحظ بوضوح في صفحات كتابه بأجزائه كلها. ب ـ أما موفقه من ايراد الأحكام الشرعية بجانبها فالغالب أنه يكتفي في كل مبحث بإيراد الأدلة الأساسية العامة فيه وذلك في صلب كلامه الذي يبدأ به المبحث أما أدلة المذاهب التفصيلية ـ عند تعدد الرأي ـ فالغالب أنه لم يكن يهتم بذكرها بل كان يأتي بأقوال المذاهب مجردة عنها, فحينما يعرض مثلا لمبحث الصيد يذكر أن دليله من القرآن الكريم قوله تعالى { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علّمتم من الجوارح مكلبين..} ومن السنة ما رواه الشيخان " ... وما صدت بكلبك المعلّم فذكرت اسم الله عليه فكل" والإجماع أيضا على ذلك. وحينما يورد اختلافات المذاهب في الفرعيات والأحكام الجزئية فإنما يوردها غالبا مجردة عن أدلتها التفصيلية لكنه في بعض المباحث ذات الأهمية الخاصة عند جمهور المسلمين .. وقد رويت فيها أدلة متعارضة ـــ كان يذكر آراء الفقهاء مقترنة بأدلتها فهو مثلا يروي أن الأئمة الثلاثة أجمعوا على أن مس الذكر ينقض الوضوء مستدلين بحديث بسره " من مس ذكره فليتوضأ" وخالفهم الحنفية فقالوا : لا ينقض مستدلين بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن رجل يمس ذكره في الصلاة فقال " هل هو إلا بضعة منك ؟ " وقد قال الترمذي عنه أنه أفضل شيء يروى في هذا الباب. وقد ذكر الجزيري أنه كان قد عزم على ذكر ادلة الأئمة بإزاء أقوالهم لكنه أعرض عن ذلك لأنه رأى في مناقشة الأدلة.. الذي سيجرّه إليها ذكرها _ دقة لا تتناسب مع ما أراده من تسهيل للعبارات والأحكام. ثم يقول أن الأدلة قد أفردها كثير من كبار علماء المسلمين بالذكر وكتبوا فيها أسفار مطولة ولكن مما لا شك فيه أن الحاجة ماسة إلى وضع كتاب فيها يبيّن فيه اختلاف وجهة نظر كل واحد منهم (الأئمة) بعبارة سهلة وترتيب يقّرب إدراك معانيها ـ فلهذا قد عزمت على وضع كتاب في ذلك مستعينا بالله وحده" ويبدو ـ من مراجعة قائمة مؤلفاته السابقة ـ أنه توفي قبل أن يقوم بذلك. ج ـ أما موقفه في تقريره لأقوال الأئمة ـ من ظاهرة الرأي في المسألة الواحدة ( وهي ظاهر معروفة في مذاهب الفقه الإسلامي في مجموعها) ـ فقد ذكر فيها الجزيري تنبيها أورده في مطالع الأجزاء الثاني، الثالث، الرابع، والخامس ونصه " المذكور في هذا الكتاب هو الراجح المعتمد عند الأئمة أما غير الراجح فإن الغالب عدم الإشارة إليه، وقد يُذكر أحيانا إذا كان في ذكره فائدة. وقد بذل الجزيري جهدا كبيرا في تجري الراجح في كل مذهب وتقريره وسار على ذلك في كل أحكام كتابه حتى في طبعته الخاصة من العبادات، ومن أمثلة ذكره القول المشهور الراجح ثم القول غير المشهور الراجح (حينما تكون لذكر هذا الأخير فائدة ما) ما أورده في نقض الوضوء بسلس البول عند المالكية بشروط خاصة ثم قوله "... وعندهم قول آخر غير مشهور، ولكن فيه تخفيف للمرضى، وهو أن السلس لا ينقض الوضوء ون لم تتحقق هذه الشروط .." ومن أمثلته أيضا ما رواه في حكم احدى الجرائم المتصلة بأحكام الزنا حيث روى تعدد الأقوال في كل من مذهب الشافعية ومذهب الحنابلة وعلل التعدد بإرجاعه إلى حكمة من حكم التشريع فقال : " لعل هذه الأحكام تختلف باختلاف أحوال الناس في الدين والورع كمالا ونقصا، شبابا وكهولة، فيخفف على الأرذال والشبان ويشدد العقاب على أشراف الناس وكبارهم" ومن الواضح أنه حين يتطرق إلى رواية القول غير المشهور في المذهب فإنما ذلك حين تكون لروايته فائدة. دـ أما موفقه من ترتيب أقوال الأئمة الأربعة .. فإن الذي يتبين له في وضوح أنه لم يلتزم ترتيبا معينا في ذكر هذه الأقوال، فهو مرة يأتي بأقوال: الحنفية ثم الشافعية ثم الحنابلة ثم المالكية وأخرى يعكس الترتيب وهكذا دون ترتيب معين مطرد يلتزمه دائما ولعل هذا كان قصدا له أدبا مع الأئمة ودفعا لشبهة التعصب لواحد منهم ـ وهو ما لا يليق بالعلماء الفاقهين لأسباب تعدد الرأي في الفروع الفقهية ـ أو لعله كان يذكرها بحسب رأيه الخاص في الراجح منها ثم الأقل رجحانا ثم المرجوح في كل مسألة، أو لعله كان يذكرها بحسب انتهائه من ترتيب إعداده لكل مذهب منها في كل مسألة دون أن يقصد البدء بواحد معين منها لأن المذاهب استوت نظريا عنده في عمله هذا فكلما انتهى من تجميع جزئيات كل مذهب في مسألة أورده. كلنه في كافة الحالات يورد المذهبين المتفقين في الرأي على المختلفين، وهكذا كان يقدم المذاهب الثلاثة المتفقة على ما اختلف معها. أما حينما تكون الأربعة مختلفة في التفصيلات الجزئية فقد كان يذكرها متتالية دون منهج معين مطرد في ترتيبها كما سبق. هـ ـ أما موقفه من ذكر مراجع أقوال المذاهب في كتبها المشهورة فإنه لم يعن بذلك بل كان يذكر الأقوال دون أن يذكر معها مراجعها من كتب المذاهب المعتمدة ومن ثم كان يقوم باستخلاص تفصيلات أقوال مذهب ما في مسألة معينة من كتب المذهب المعتمدة، ثم يكتفي بذكر هذا المستلخص دون ذكر مراجعه. و_ وفي بعض صفحات كتابه كان يعرض أحيانا لبعض المباحث الأصولية المتصلة بما يرويه من أحكام فقهية مثل كلامه عن الفرض والواجب ومعنى السنة والمندوب والمستحب وهي من مباحث الحكم عند الأصوليين كما هو معروف. وأحيانا كان يصدر بعض مباحثه بتقرير بعض قواعد الشريعة عامة مثل رفع الحرج وإزالة الضرر ونحوهما.
 

محمد ال عمر التمر

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
130
التخصص
غير متخصص
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟

تقويم عام للكتاب : اول ما نسجله في تقويم الكتاب أنه كتاب لم يوضع إلا بقصد تيسير الأحكام الفقهية لجمهور المسلمين من غير المتخصصين ومن ثم خلا عن الأدلة التفصيلية وتوجيه الاستدلال بها والموازنة بينها، كما خلا عن مراجع الدراسة فيه ومن ثم فهو يكاد يكون معدوم النفع بالنسبة للمتخصصين ومن يبحثون عن أدلة الأحكام وتأصيل الاختلاف فيها، ولعلنا نظلمه أذا قارنا بينه وبين الكتب التي عنيت بإيراد الأدلة والترجيح والموازنة وتأصيل الاختلاف مثل المحلي و بداية المجتهد والمغني وغيرها فهو لم يوضع بهذا القصد ولم يزعم صاحبه فيه شيئا من ذلك، ومن هنا ينبغي أن يدور نقدنا له في إطار الدائرة الضيقة والقليلة الجدوى في دراسات التخصص التي ألف من أجلها وهي جمع تفصيلات المذاهب الأربعة للعوام ومن هم في حكمهم إزاء العلم الشرعي مهما بلغت ثقافاتهم الأخرى. وأيضا فلقد ارتبط تأليف هذا الكتاب بمن ألف لهم فيما يتصل باقتصاره على أقوال المذاهب الأربعة السنية المتبوعة في مصر وفي غيرها من بلدان العالم الإسلامي، أما لو كان قد انطلق من منطلق تأصيل الخلاف الفقهي في اطلاقه لما التزم بذكر هذه المذاهب وحدها، فإن في خلاف غيرها ما هو معتبر عند الباحثين والدارسين. وبعد أن حددنا إطار التأليف الضيق في هذا الكتاب والتزمنا بأن يدور تقويمنا داخله نوجز هذا التقويم في الأمور التالية: أ‌- من الأمور الجيدة في الكتاب بحق تقريره بعض حكم التشريع بصورة صدر عن العليم الحكيم الذي يعلم من خلق وما يُصلحهم وفي إطار العرض العقلي، وذلك في مسائل الشريعة وقضاياها التي تعرضت لغزو فكري في العبادات والأحوال الشخصية والمعاملات والحدود، فقد كان الجزيري ينبري بحق لبيان أن التشريع الإسلامي في هذه الأمور إنما صدر عن العليم الحكيم الذي يعلم من خلق وما يصلحهم على خلاف يرجف به الكائدون من زيف ومغالطات وتلبيس وتجهيل. ولقد كان الجزيري في ذلك ابن عصره الذي لا ينعزل عن متطلبات زمانه ودواعيه، إنما يتصدى كما ينبغي للعلماء الفاقهين لمسؤلياتهم كيد المبشرين والمستشرقين وأشياعهم ناقضا تلبيسهم وزيفهم. ويتصل بذلك ما عقده من مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي يبين فيها مدى ما في هذا القانون من ضعف وتهافت ومخالفة للفطرة السليمة، في مواجهة أحكام الشريعة المحكمة التي لا يصلح أمر الناس بحق إلا عليها. ب ـ ومن الأمور الجيدة أيضا في كتابه تعرضه لبيان حكم الشريعة في الأمور العصرية المستحدثة التي عمت بها البلوى في العصور الإسلامية الأخيرة، ولم تكن موجودة من قبل على الأقل بأسمائها المعاصرة، وذلك مثل تعرضه لبيان حكم البيرة والمخدرات. وأيضا فقد عرض لزكاة الأوراق المالية وحكم التصوير الشمسي وغيرهما. ج ـ ومن الأمور الجيدة أيضا تقريره بعض القواعد الشرعية العامة وبعض المباحث الأصولية المتصلة بما يرويه من أحكام فقهية، وذلك شأنه أن يزيد في ثقافة جمهور المسلمين الدينية فيما تنبني عليه الأحكام من قواعد وأصول، كي يتعقلوا شريعتهم بقدر الاستطاعة، وقد يدفع هذا بعضهم إلى الاستزادة من هذه المعارف الدينية باللجوء إلى بعض الكتب الميسرة فيها والاستفسار من ذوي العلم حولها، وذلك كله أ/ر نافع ولا شك لجمهور المسلمين في دينهم ودنياهم. د ـ أيضا فإن الجزيري بذل في مجموع كتابه جهدا كبيرا متتابعا في استخلاص الراجح من الأقوال في كل مذهب من المذاهب الأربعة فيما عرض له من مسائل وقضايا، وكان موفقا في صياغة حصيلة ذلك. وهذا في الأغلب الأعم من صفحات كتابه. هـ ـ لكننا نأخذ عليه اخلاء كتابه بصورة مطلقة من المراجع القريبة المنال وجودا وفهما لمن يقصدها من جمهرة المثقفين المسلمين غير المتخصصين في علوم الشريعة. كما نأخذ عليه اخلاءه من بعض أدلة المذاهب التي لا يستعصي إدراكها على هذه الجمهرة المثقفة. صحيح أنه اعتذر عن ذلك بأن في مناقشة الأدلة دقة لا تتناسب مع ما أراده من تيسير للجمهور، لكنه يرد عليه أن أدلة المذاهب في الخلافيات منها ما هو دقيق يتعذر فهمه على غير المتخصصين وهذا ما نعذره في عدم ذكره ومنها ما هو قريب المنال ميسر في الفهم لجمهور المثقفين وهذا ما كنا نود أن يتوسع في إيراده شيئا ما، ليجتذب هذا الجمهور إلى الاستزادة من نوع من المعارف الدينية الميسرة يدخل تحت مستوى ادراكهم، ولينقذهم من ظلمة التلقين المطلق الذي لا نور معه من أي دليل. وصحيح أن العامي لا يمكنه النظر في الدليل، لكن ذلك لا يمنع من أن كل معرفة مقترنة بدليلها أفضل ولو نسبيا من تلقين يخلو من كل معرفة عامة أو خاصة بما قاد إليها من دليل ولا شك أن العلم العام بالدليل الذي لا يقترن بنظر خاص أفضل في مجموعه من انعدام العلم بالدليل بالكلية. وهذا وإن كان سيزيد من حجم الكتاب شيئا ما لكنها فيما نرى كانت ستصبح زيادة مقترنة بنفع يبررها. وإذا كان الجزيري قد عرض في بعض صفات كتابه كما سبق لبعض القواعد الشرعية العامة وبعض المباحث الأصولية فإننا نقول إن من بين الأدلة التفصيلية للمذاهب ما هو أيسر في الفهم من بعض هذه المباحث التي عرض لها. و ـ كما أنه قصر أحيانا فيما كان ينبغي عليه فيما نرى من وجوب التعقيب على أقوال المذاهب الأربعة في بعض مسائل أحكام الأسرة بما أخذ به القانون المصري من اختيارات الفقهاء وأقوالهم في غير المذاهب الأربعة. فلقد أخذ المرسوم بقانون قم 25 لسة 1929 م بأقوال بعض الفقهاء من غير المذاهب الأربعة بناء على قوة الدليل وتحقيق المصالح من حيث ظهورهما للّجنة التي قامت به وكان ضمن ما أخذ به أيض النص أنه لا تسمع عند الأنكار دعوى النسب لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلّقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة. وجاء في تفسير اختيار ذلك أنه لما كان رأي الفقهاء في ثبوت النسب مبنيا على رأيهم في أقصى مدة الحمل ولم يبن أغلبهم رأيه ذلك إلا على أخبار بعض النساء بأن الحمل مكث كذا سنين، والبعض الآخر عن أبي حنيفة بنى رأيه في ذلك على أثر ورد عن السيدة عائشة يتضمن أن أقصى مدة الحمل سنتان. وليس في أقصى مدة الحمل كتاب ولا سنة، فلم ير أولياء الأمور مانعا من أخذ رأي الأطباء في المدة التي يمكثها الحمل فأفاد الطبيب الشرعي بأنه يرى أنه عند التشريع يعتبر أقصى مده الحمل 365 يوما حتى يشمل جميع الأحوال النادرة (يعنى التي يزيد الحمل فيها عن تسعة أشهر وهي المدة المعتادة) والذي نأخذه على الجزيري في كتابه أنه عندما عرض لأقوال المذاهب الأربعة في أقصى مدة الحمل لم يشر إلى هذا المرسوم وما ورد فيه عند ذلك ولم يعلق عليه أو ينبه إليه مع أن صدور كتابه في وقت لاحق لصدور المرسوم الذي أصبح عليه العمل في مصر من وقت صدوره، فإن كان الجزيري يقر العمل به فقد كان واجبا عليه أن ينبه إليه قرّاءه بصورة واضحة مبينا سبب مخالفته لما حكاه من أقوال المذاهب الأربعة. وإن كان الجزيري لم يقر العمل بهذا المرسوم ورأى أن الإلتزام بأقوال المذاهب الأربعة أصح فقد كان يجب عليه أن يقرر هذا مبينا الاعتبارات التي تدعوه إليه. فالذي نأخذه على الجزيري في ذلك أنه لم يواكب في ذلك بعض تطورات عصره بالرأي الفقهي الأصيل كما فعل في أمور أخرى استُحدِثت في عصره وقدم فيها الرأي الفقهي المستقل، وإن خالف ما كان عليه العمل وقتها بمصر. أما التزامه بحرفيه حكاية أقوال المذاهب الأربعة دون اعتبار منه لما أخذ به المرسوم ودون توضيح فقهي لجمهور المسلمين في القضية ـ فهذا ما نأخذه عليه ونرى أنه كان من واجبه ألا يغفل التعليق عليه وفاءا بواجب العلماء في شرح هذه القضية الفقهية (التي تمس حياة الناس مسا مباشرا) لجمهور المسلمين وعامتهم. هذا مع أننا نجده يشير في ثنايا كتابه وفي أمور الحمل والنسب أيضا إلى الإفادة من العلوم التجريبية فيما يتصل بتحليل الدم واللجوء إلى الطبيبات المتعلمات في بعض قضايا الاستيثاق من الحمل. ز – في بعض الفروع الفقهية لم يكن منصفا لصاحب هذا المذهب فقد كان يغفل من أقواله ما كان ينبغي عليه أن يذكره التزاما بقاعدته التي سبق تقريرها في منهجه من أنه يروي المرجوح من الأقوال إن كان في ذكرها فائدة. وكمثال على ما نقصده فإنه ذكر أنه إن حال غيم دون رؤية هلال رمضان فلنكمل شعبان ثلاثين يوما ويقول " وبهذا أخذ ثلاثة من الأئمة (يقصد أبا حنيفة ومالكا والشافعي) وخالف الحنابلة حال الغيم" ثم يروي مذهب الحنابلة على النحو التالي : " إذا غم الهلال في غروب اليوم التاسع والعشرين من شعبان فلا يجب إكمال شعبان ثلاثين يوما، ويجب عليه تثبيت النية وصوم اليوم التالي لتلك الليلة سواء كان في الواقع من شعبان أو رمضان وينويه عن رمضان" فإذا ما أتينا إلى كتب مذهب الحنابلة الموسّعة وجدنا أن الرواية عن الإمام أحمد اختلفت في هذه المسألة فروي عنه ما ذكره الجزيري من وجوب الصوم إن حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر، وروي عنه إن الناس تبع للإمام فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا، وعن أحمد رواية ثالثة: أنه لا يجب صومه ولا يجزئه عن رمضان إن صامه" وهو قول أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم " (نقلا عن المغني ) ومن ثم نرى أنه كان من الانصاف في حق الإمام أحمد أن يروي قوله الموافق لقول الإئمة الثلاثة ونرى أنه كان في هذا فائدة عظيمة تبرر روايته على حسب قاعدة الجزيري السابقة، فالرواية الموافقة لقول أكثر أهل العلم جديرة ولا شك بروايتها لأن رأي الفقيه في الإتفاق يستحق أن يروى كما روي رأيه في الخلاف، وبخاصة في هذه القضية ذات القيمة العلمية المتكررة في حياة المسلمين. فكان ينبغي على الجزيري أن يبين أن لأحمد قولا يوافق قول الثلاثة. وهذا مع تسليمنا بأن الرواية الموافقة مرجوحة وغير مشهورة وربما كان في ذلك شيء من مقال واحتمال نظر، صحيح أن هذا ما رواه الخرقي أبو القاسم عمر بن حسين ( ت 334 هـ) عن احمد، وهو أيضا اختيار أكثر شيوخ الحنابلة كما يروي ابن قدامة لكن لعلنا لو استطعنا الوصول إلى تواريخ قوله بكل رواية فربما انتهينا إلى أن الرواية الموافقة لقول الإئمة الثلاثة لم تكن أضعف ما روي عن أحمد في القضية. ومهما يكن من أمر فقد كان على الجزيري أن يشير إليها. أما ما أخذه الشيخ علي حسن العريض (الذي راجع الجزء الخامس) على الجزيري من إدخاله كتاب القصاص والديات بين أبواب الحدود على خلاف ما فعله الفقهاء الذين سبقوه في التأليف من خلاف ذلك، فلعله يرجع إلى أن الجزيري قبيل وفاته كان يأمل في أن يكتب كافة أبواب الفقه التي كانت بقيت له بعد أخراجه الجزء الرابع كما ورد في مقدمة هذا الجزء، لكنه توفي ولم يكن قد انتهى إلا من كتاب الحدود ومباحث القصاص والديات حيث وجدت مباحثها في كراسات في بيته بعد وفاته كما سبق فلعله لو عاش لالتزم بترتيب الفقهاء قبله، أو لعله كان يصدر عن وجهة نظر أخرى في التأليف الفقهي وترتيبه لم يتح له أن يعبّر عنها. ومهما يكن من أمر فإن قضية ترتيب الأبواب شكل لا يمس جوهر الموضوعات المؤلفة ولا منهج التأليف الموضوعي فيها. أما ما لم يتح له أن يكتب فيه لوفاته مثل الوقف والقضاء والجهاد وغيرها فهو معذور في ذلك بلا شك.
 

محمد ال عمر التمر

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
130
التخصص
غير متخصص
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: كتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزيري .. هل يعتمد عليه في اقوال المذاهب ؟

ومن أراد المزيد فليرجع إلى العدد المذكور من مجلة الدارة
 
أعلى