العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ماذا يقصد علماء الأصول بمصطلح "الحق"؟

إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
ماذا يقصد علماء الأصول بمصطلح "الحق"؟

الجواب على هذا وجدته بشيء من التفصيل في الموسوعة الكويتية.

قال أصحاب الموسوعة تحت عنوان" الحقّ عند علماء الأصول ":
3 - المراد بالحقّ عند علماء أصول الفقه :
اتّجه علماء الأصول الّذين ذكروا الحقّ اتّجاهين :
الاتّجاه الأوّل :
أنّ الحقّ هو الحكم ، وهو خطاب اللّه تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين بالاقتضاء أو التّخيير أو الوضع .
قال فخر الإسلام البزدويّ : أمّا الأحكام فأنواع : الأوّل : حقوق اللّه عزّ وجلّ خالصة . والثّاني : حقوق العباد خالصة . والثّالث : ما اجتمع فيه الحقّان ، وحقّ اللّه تعالى غالب . والرّابع : ما اجتمعا معًا وحقّ العبد فيه غالب . ثمّ قال علاء الدّين البخاريّ في شرحه : قال أبو القاسم - رحمه الله - في أصول الفقه : الحقّ : الموجود من كلّ وجه الّذي لا ريب في وجوده ، ومنه : « السّحر حقّ ، والعين حقّ » ، أي موجود بأثره ، وهذا الدّين حقّ ، أي موجود صورةً ومعنًى ، ولفلان حقّ في ذمّة فلان ، أي شيء موجود من كلّ وجه .
وقال أيضاً : حقّ اللّه تعالى : ما يتعلّق به النّفع العامّ للعالم ، فلا يختصّ به أحد . وينسب إلى اللّه تعالى تعظيماً ، أو لئلاّ يختصّ به أحد من الجبابرة ، مثل : حرمة البيت الّذي يتعلّق به مصلحة العالم ، باتّخاذه قبلةً لصلواتهم ، ومثابةً لهم . وكحرمة الزّنى لما يتعلّق بها من عموم النّفع في سلامة الأنساب ، وصيانة الفراش ، وإنّما الحقّ ينسب إليه تعالى تعظيمًا ، لأنّه يتعالى عن أن ينتفع بشيء ، فلا يجوز أن يكون شيء حقًّا له بهذا الوجه . ولا يجوز أن يكون حقًّا له بجهة التّخليق ، لأنّ الكلّ سواء في ذلك . بل الإضافة إليه لتشريف ما عظم خطره ، وقوي نفعه ، وشاع فضله ، بأن ينتفع به النّاس كافّةً .
وحقّ العبد : ما يتعلّق به مصلحة خاصّة له ، مثل : حرمة ماله ، فإنّها حقّ العبد ، ليتعلّق صيانة ماله بها . فلهذا يباح مال الغير بإباحة المالك ، ولا يباح الزّنى بإباحة المرأة ، ولا بإباحة أهلها .
وقال صاحب تيسير التّحرير : ويرد عليه الصّلاة والصّوم والحجّ ، والحقّ أن يقال : يعني بحقّ اللّه ما يكون المستحقّ هو اللّه ، وبحقّ العبد ما يكون المستحقّ هو العبد .
وقال الكنديّ : الحقّ : الموجود ، والمراد به هنا : حكم يثبت .
وقال القرافيّ : حقّ اللّه : أمره ونهيه . وحقّ العبد : مصالحه . والتّكاليف على ثلاثة أقسام: الأوّل : حقّ اللّه تعالى فقط ، كالإيمان وتحريم الكفر .
والثّاني : حقّ العباد فقط ، كالدّيون والأثمان . والثّالث : قسم اختلف فيه ، هل يغلب فيه حقّ اللّه ، أو يغلب فيه حقّ العبد ، كحدّ القذف ، ونعني بحقّ العبد المحض : أنّه لو أسقطه لسقط ، وإلاّ فما من حقّ للعبد إلاّ وفيه حقّ للّه تعالى ، وهو أمره بإيصال ذلك الحقّ إلى مستحقّه . ثمّ قال : ما تقدّم من أنّ حقّ اللّه تعالى أمره ونهيه ، مشكل بما في الحديث الصّحيح عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « فإنّ حقّ اللّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً » فيقتضي أنّ حقّ اللّه تعالى على العباد نفس الفعل ، لا الأمر به ، وهو خلاف ما نقلته قبل هذا . والظّاهر أنّ الحديث مؤوّل ، وأنّه من باب إطلاق الأمر على متعلّقه الّذي هو الفعل ، فظاهره معارض لما حرّره العلماء من حقّ اللّه تعالى ، ولا يفهم من قولنا : الصّلاة حقّ اللّه تعالى إلاّ أمره بها ، إذ لو فرضنا أنّه غير مأمور بها لم يصدق أنّها حقّ اللّه تعالى ، فنجزم بأنّ الحقّ هو نفس الأمر ، لا الفعل ، وما وقع من ذلك مؤوّل .

الاتّجاه الثّاني :
4 - الحقّ هو الفعل : ذكر سعد التّفتازانيّ أنّ الحقّ هو الفعل فقال : المحكوم به - وهو ما يسمّيه بعضهم المحكوم فيه - هو الفعل الّذي تعلّق به خطاب الشّارع . فلا بدّ من تحقّقه حسًّا ، أي من وجوده في الواقع ، بحيث يدرك بالحسّ أو بالعقل ، إذ الخطاب لا يتعلّق بما لا يكون له وجود أصلاً . وأكّد صاحب تهذيب الفروق أنّ الحقّ هو الفعل ، فقال : حقّ اللّه تعالى : هو متعلّق أمره ونهيه ، الّذي هو عين عبادته ، لا نفس أمره ونهيه المتعلّق بها ، لأمرين : الأوّل : قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ، وقول الرّسول صلى الله عليه وسلم : « حقّ اللّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً » .
الثّاني : أنّ الحقّ معناه : اللّازم له على عباده ، واللّازم على العباد لا بدّ أن يكون مكتسباً لهم ، وكيف يصحّ أن يتعلّق الكسب بأمره ونهيه ، وهو كلامه ، وكلامه صفته القديمة . وحقّ العبد ثلاثة أقسام : الأوّل : حقّه على اللّه ، وهو ملزوم عبادته إيّاه بوعده ، وهو أن يدخله الجنّة ، ويخلّصه من النّار .
والثّاني : حقّه في الجملة ، وهو الأمر الّذي تستقيم به أولاه وأخراه من مصالحه .
والثّالث : حقّه على غيره من العباد ، وهو ما له عليهم من الذّمم والمظالم .
وفي هذا تأييد لابن الشّاطّ من المالكيّة حيث قال : الحقّ والصّواب ما اقتضاه ظاهر الحديث ، من أنّ الحقّ هو عين العبادة . لا الأمر المتعلّق بها .
5- وقسّم ابن رجب حقوق العباد إلى خمسة أقسام :
أ - حقّ الملك .
ب - حقّ التّملّك كحقّ الوالد في مال ولده وحقّ الشّفيع في الشّفعة .
ج - حقّ الانتفاع كوضع الجار خشبةً على جدار جاره إذا لم يضرّه .
د - حقّ الاختصاص وهو عبارة عمّا يختصّ مستحقّه بالانتفاع به ولا يملك أحد مزاحمته فيه ، وهو غير قابل للشّمول والمعاوضات مثل مرافق الأسواق ، والجلوس في المساجد .
هـ - حقّ التّعلّق لاستيفاء الحقّ مثل تعلّق حقّ المرتهن بالرّهن .
 
أعلى