العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ما حكم أخذ راتب ونسبة

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
السادة الأفاضل أسأل عن حكم من يعمل عند شخص واتفق الطرفان على أن يأخذ العامل راتبا ثابتاً كل شهر وآخرَ متغيراً كل شهر أيضاً وهو عبارة عن نسبة متفق عليها مثلا 5% أو 10% من مجموع الدخل الذى أدخله العامل فمثلا اتفق الطرفان على أن يأخذ العامل عشرين جنيها كراتب ثابت كل شهر و 10 % نسبة على الدخل فكان دخله فى الشهر الأول 100 جنيه فيحصل العامل فى هذه الصورة على عشرين جنيها كراتب ثابت و عشرة جنيهات نسبة وكان الدخل مثلا فى الشهر الثانى 200 جنيه فحصل على 20 جنيها راتبا ثابتا و 20 جنيها متغيرا وهكذا.
هل من حق العامل الحصول على راتبين ثابتٍ [كعامل ] ومتغير - نسبة - وهو ليس شريك فى العمل ؟
لقد التبست علىَّ هذه المسألة فأرجو من إخوانى ممن كان عنده علم أن يفيدنا مأجوراً إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

هذه المعاملة أكثر أهل العلم على المنع منها، وجوازها رواية عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة (المغني 5/7) : " وإن جعل له مع ذلك (أي مع النسبة) دراهم معلومة : لم يجز . نص عليه . وعنه الجواز . والصحيح الأول . وقال أبو بكر : هذا قول قديم وما روي غير هذا فعليه المعتمد .
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع .
وسئل عن الرجل يعطي الثوب بالثلث ودرهم ودرهمين ؟ قال : أكرهه ؛ لأن هذا شيء لا يعرف . والثلث إذا لم يكن معه شيء نراه جائزا ؛ لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر . قيل لأبي عبد الله : فإن كان النساج لا يرضى حتى يزاد على الثلث درهما ؟ قال : فليجعل له ثلثا وعُشري ثلث ونصف عشر وما أشبه .
وروى الأثرم عن ابن سيرين والنخعي والزهري وأيوب ويعلى بن حكيم أنهم أجازوا ذلك "
وهذه الرواية عن الإمام أحمد هي التي عليها عمل الناس الآن في أغلب الشركات، لا سيما أن فيها مصلحة من جهة تحفيز العامل على العمل، وعدم إهماله، وفي تصوري أن القول بجواز ذلك متوجه، لا سيما مع الأصل المعتبر من أن الأصل في المعاملات الحل، ثم إن فيها مصلحة للطرفين للعامل وصاحب العمل، والجهالة فيه مغتفرة إذ في الغالب أن النسبة التي توضع زيادة على الراتب يراعى فيها أن لا تكون مجحفة بصاحب العمل، ولا بالعامل، والله أعلم.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

جزاك الله خيراً أخى أمين الدعيس
ولكن يشكل على هذا ما نراه واقعا فعلا من جهة العامل ومن جهة صاحب العمل:
1- فأما العامل فإنه يحاول زيادة نسبته بكل وسيلة لا فرق عنده أمن حلال زاد دخله أم من حرام فإذا بينت له أنه إنما يرتكب محرماً أو ليس كل ما يفعله حلال سمعت من كل واحد منهم حجة أو حججاً عجيبة وليس كل العذر مقبول عند الله - عز وجل - كما قال السادة العلماء واستدلوا على ذلك بقوله تعالى :" الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى~أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الْأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا ..." الآية
2- وأما من جهة صاحب العمل فإنه إذا رأى أن دخل العامل قليل طلب منه أن يفعل بعض الأشياء الغير ضرورية لزيادة دخله وله حججه أيضا
والسؤال الآن : أليست القاعدة هى أن " الوسائل لها حكم المقاصد " فما أدى إلى حرام فهو حرام وما أدى إلى مكروه فهو مكروه... وهكذا وقد كان من البيِّن عندى أن كثيراً ممن يتعامل بالنسبة يُدْخِل فيها ما لاشك فيه أنه حرام وما لا شك فيه أنه حلال وما فيه شبهة لاشك فى هذا أيضا فهل يقال على هذا إن أخذ النسبة حرام سداً للذريعة مع العلم - أيضا - أن قليلا ممن يحصلون على نسبة مقابل عملهم لا يدخلون محرما لكن ربما وقعوا فيما فيه شبهة وأقل منهم من لا يقع فى محرم أو ما فيه شبهة وهذا إنما أذكره من واقع ما حولى فقط لا على سبيل التعميم والاستقراء
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

ثم وقفت الآن على هذه الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId〈=A&Id=63672
والسؤال هو إذا لم يكن العامل شريكا فى رأس المال هل يحق له الجمع بين أجر ثابت ( راتب ) وآخر متغير ( نسبة ) هذا هو ما أسأل عنه
وبارك الله فيكم
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

ثم وقفت الآن على هذه الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId〈=A&Id=63672
والسؤال هو إذا لم يكن العامل شريكا فى رأس المال هل يحق له الجمع بين أجر ثابت ( راتب ) وآخر متغير ( نسبة ) هذا هو ما أسأل عنه
وبارك الله فيكم
هذه المعاملة مبنية على نوعين من العقود:
[align=justify]
الأول: عقد إجارة المنفعة، وهو عقد على منفعة معلومة وعوض معلوم.
الثاني: عقد الجُعالة: وهو من عقود التمليك بغير عوض، بموجبه تنتقل ملكية العين لآخر إذا وفّى الشرط، مثل أن يرد ضالة أو ينجز عملاً ما، كأن يجعل صاحب العمل شيئاً للعامل إذا مثلاً أنتج أكثر من 10 قطع في اليوم، وقد تظهر الجُعالة بصور عديدة فقد تكون جهازاً أو تذكرة سفر أو مالاً نقدياً ثابتاً أو على شكل نسبة، هذه النسبة قد تختلف من نوع عمل لآخر بل إنها حتى قد تختلف من فرد لآخر في نفس مكان العمل. وكون أن الجُعالة قد تأتي بصورة نسبة لا يجعل من عقد الجُعالة لأن يصبح عقد شركة، فعقد الشركة له بنيته الخاصة، وهو عقد يتحد فيه المشاركون ليصبحوا معاً أحد طرفي العقد لتداول مشترك لعقود عوضية لاحقة، ومن خواصه أنه ليس لأحد أطراف هذا العقد أن يقيل الآخر، واستقالة أحد منهم تؤدي إلى انفراط العقد وعلى باقي أطرافه بناءه من جديد.
والجعالة هي وسيلة للتحفيز وهي لا تفضي بالضرورة إلى معصية، فالقعود وقلة العمل قد يحفزان أيضاً على فعل المعصية، والمسلم الأصل فيه أن يكون تقياً في كل حركاته وسكناته، إلا أن يرى أحد في نفسه أن هذا الأمر سيؤدي به إلى المعصية فالأولى عندئذ الإبتعاد.
[/align]
فالراتب الشهري الثابت هو من عقد إجارة المنفعة والزيادة جُعالة

فهذه المعاملة كما أرى جائزة والله تعالى أعلم
وأتمنى لك التوفيق
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

الشيخ محمد فهيم الكيال جزاك الله خيراً ونفع بك
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

هذه المعاملة مبنية على نوعين من العقود:
[align=justify]
الأول: عقد إجارة المنفعة، وهو عقد على منفعة معلومة وعوض معلوم.
الثاني: عقد الجُعالة: وهو من عقود التمليك بغير عوض، بموجبه تنتقل ملكية العين لآخر إذا وفّى الشرط، مثل أن يرد ضالة أو ينجز عملاً ما، كأن يجعل صاحب العمل شيئاً للعامل إذا مثلاً أنتج أكثر من 10 قطع في اليوم، وقد تظهر الجُعالة بصور عديدة فقد تكون جهازاً أو تذكرة سفر أو مالاً نقدياً ثابتاً أو على شكل نسبة، هذه النسبة قد تختلف من نوع عمل لآخر بل إنها حتى قد تختلف من فرد لآخر في نفس مكان العمل. وكون أن الجُعالة قد تأتي بصورة نسبة لا يجعل من عقد الجُعالة لأن يصبح عقد شركة، فعقد الشركة له بنيته الخاصة، وهو عقد يتحد فيه المشاركون ليصبحوا معاً أحد طرفي العقد لتداول مشترك لعقود عوضية لاحقة، ومن خواصه أنه ليس لأحد أطراف هذا العقد أن يقيل الآخر، واستقالة أحد منهم تؤدي إلى انفراط العقد وعلى باقي أطرافه بناءه من جديد.
والجعالة هي وسيلة للتحفيز وهي لا تفضي بالضرورة إلى معصية، فالقعود وقلة العمل قد يحفزان أيضاً على فعل المعصية، والمسلم الأصل فيه أن يكون تقياً في كل حركاته وسكناته، إلا أن يرى أحد في نفسه أن هذا الأمر سيؤدي به إلى المعصية فالأولى عندئذ الإبتعاد.
[/align]
فالراتب الشهري الثابت هو من عقد إجارة المنفعة والزيادة جُعالة

فهذه المعاملة كما أرى جائزة والله تعالى أعلم
وأتمنى لك التوفيق
هذا جميل لكن ألا ترى التفريق بين أن يكون العقد منذ البداية على الراتب والنسبة وبين أن يكون العقد على الراتب أولا ثم يطرأ عليه عقد النسبة فيما بعد؟
ألا يدخل هذا العقد المزدوج في النهي عن بيعتين في بيعة؟
ألا ينبغي اشتراط كون الراتب في حدود أجرة المثل وإلا كانت النسبة عَمَليَّا جزءا من الراتب وهي مجهولة فتفسد الإجارة؟
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

جزيتم خيراً أخي الدكتور أيمن علي صالح وأخي الدكتور إبراهيم المحمدي الشناوي على ردكم الجميل على المشاركة وأسأل الله أن ينفعنا بكم وبعلمكم
وعن تساؤلك أخي الدكتور أيمن
فإنه لا يُصار إلى أجرة المثل إلا عند عدم تسمية مقدار الأجرة في العقد، أما وقد سمي صغيراً كان أو كبيراً ورضي بذلك الأجير فإن صورة المسألة لا تتأثر ولا يلجأ إلى المثل عند النزاع، وتقدير الأجرة بنسبة من الربح يرفع الجهالة عن مقدار أجرته نهاية الشهر مثلاً والعقد بذلك سالم ولا نزاع فيه. ومع ذلك فإن صورة هذه المعاملة لا يتأتى إنجازها بعقد واحد وهو عقد الإجارة على المنفعة رغم كون العوض معلوم والمنفعة معلومة، ذلك لأن صاحب العمل لا يُعوض الأجير على ما يبذله من جهد خلال سعيه في إبرام صفقات لم تتم، وإنما للأجير فقط نسبة مما يحرزه من بيع، وهكذا هي صورة الجعالة، مما يجعل هذه المعاملة أقرب للإنجاز بعقدين، عقد إجارة منفعة على الراتب الثابت وعقد جعالة على الزيادة المعلومة، ولعل من المفيد علمه بأن السبب الذي جعل صاحب العمل يفضل تقسيم المعاملة إلى قسمين على أن يبقيها قسماً واحداً يرجع إلى أمرين:

الأول: أنه بذلك يمنع الأجير من مطالبته بزيادة في الأجر، إذ ربط الأجر بمدى اجتهاد الأجير، فجعل بذلك مشكلة تدني الأجر متعلق بنشاط الأجير وليس بمقدار ما يفرضه له صاحب العمل.
الثاني: أنه بذلك يقلل من كلفة الضمان، فمن تغيب فترة عن العمل لعذر، مرض أو إصابة عمل، فإن صاحب العمل يضمن له راتبه الثابت فقط ( دون الزيادة المعلومة ) عن فترة تغيبه.
واجتماع عقدين في معاملة لا يتصادم مع النهي عن بيعتين في بيعة أو عقدين في عقد، طالما أن كل عقد من العقدين سالم من العيوب ومستقل بذاته من حين إنشاءه إلى حين إنجازه، فللمتعاقدين أن يشترطا لأنفسهما ما بدا لهما ضمن إطار بناء نفس العقد، كأن يشترط بضاعة بمواصفات محددة في غلاف محدد تصل إلى مكان محدد في زمن محدد، ولكن ليس لأحدهما أن يشترط شرطاً خارج إطار مبنى العقد، كأن يعلق إنجازه بإنجاز عقد آخر، فيقول بعتك هذه بسعر كذا على أن تبيعني تلك بسعر كذا، أو بعتك داري على أن تسكني دارك مدة سنة، إذ العبرة بالتملك الحيازة وحرية التصرف بالملك، وهذا امتنع لارتباط الشرط بعقد آخر، أو يقول لا أملك قضاء ما أقرضتني ولكن اشتر بضاعة من عندي وأحط عنك مقدار الدين، كذلك من صور البيعتين في بيعة أن يدخل على العقد طرف ثالث أو أن يبنى العقد من ثلاثة أطراف، كما هو الحال في معاملات بطاقات التخفيضية العامة حيث يكون الطرف الأول فيها جهة الإصدار والثاني جهة التخفيض ( التاجر ) والثالث المستهلك ( المشتري )، فالمستهلك يدفع رسوم إلى جهة الإصدار مقابل نسبة حسم من سعر ما يشتريه من جهة التخفيض، هذا النوع من العقود حافل بالنزاعات، فعند تنازع طرفين يتعطل تنفيذ العقد مع الطرف الثالث، كذلك إذا توقف عمل طرف فإن بقية الأطراف تتضرر وتحرم من استيفاء حقها.
ومما يظهر لي أنه بالإمكان إنجاز هذه المعاملة بعقدين من غير أن يتعلق أحدهما بالآخر، عقد إجارة المنفعة متمثلاً بالراتب الثابت مع عقد الجعالة متمثلاً بالزيادة المعلومة، كأن يعمل بأجر ثابت وله الخيار إن شاء أن يزيد دخله من الربح بالجعالة، أما إن شُرطت شروط تربط بين العقدين فتزال الشروط إن أمكن ذلك لتحفظ استقلالية كل عقد، وإلا فلا بد من بناءه من جديد، وتحقيق هذا الأمر متعلق في كثير من الأحيان بطبيعة نوع العمل وشفافية صاحب العمل.

أسأل الله أن يكون في الإجابة إفادة
والله تعالى أعلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

جزاكم الله خيرا أخي الكريم محمد فهيم
المشكلة أخي الفاضل أن العقدين في واقع الأمر يعتمد أحدهما على الآخر. ألا ترى أن العامل لن يرضى براتب ضئيل (عقد الإجارة) لولا النسبة (عقد الجعالة). فكأن إبرام عقد الإجارة صار مشروطا ضمنا بوجود عقد الجعالة، ولذلك قلنا بأن الأجرة يجب أن تكون في حدود المثل، فبهذا يتحقق فعليا استقلال عقد الإجارة عن عقد الجعالة. ويكون الأجير راضيا بعقد الإجارة حتى مع عدم وجود عقد الجعالة.
ورغم هذا التخريج تظل بارزة مشكلة جهالة العوض في عقد الجعالة، فإن قيل النسبة ترفع الجهالة فالجواب أنها لا ترفعها ولذلك فجماهير الفقهاء ما خلا بعض الحنابلة على عدم جواز الإجارة بالنسبة.
ثم ما تفضلت به من أن مقصد أرباب العمل من اللجوء إلى هذه الصورة من التعاقد التخلص من ضمان العامل في حال تغيبه لعذر فيه تحيُّلٌ واضح، وهو مرفوض شرعا
لماذا لا يكون العقد الثاني مضاربة (بالعروض) لا جعالة، فيحصل احتراز عن جهالة العوض الحاصلة في عقد الجعالة المذكور؟
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

ما أراه يصح من العقود في هذه المعاملة، مع افتراض أن الأجرة الشهرية المتعارف عليها لهذا النوع من العمل هي 1000 جنيهاً، هي كالتالي:
1) لك راتب شهري ثابت 1000 ج ومقدار ثابت من كل صفقة تبرمها—تصح.
2) لك راتب شهري ثابت 500 ج ومقدار ثابت من كل صفقة تبرمها-تصح.
3) لك راتب شهري ثابت 500 ج و5% من كل صفقة تبرمها-تصح،
كلمة "نسبة" عندما تذكر لا يعني ذلك تلقائياً أن هناك جهالة، وإنما تتعلق الجهالة بالشيء الذي تنسب إله، فإن نسبت لشيء محدد فلا جهالة، وإن نسبت لشيء غير محدد فحينها تقع الجهالة ويلزم رفعها، فالقول مثلاً 10% من دخل المبيعات ليس بها جهالة، والقول 10% من الربح قد يكون فيه جهالة لأن نوع الربح لم يعين، فهناك الربح الأول وهو ما يكون بعد إخراج ثمن البضاعة، وهناك الربح الثاني وهو ما يكون بعد إخراج التكاليف من أجرة عمال وغيرها، وهناك الربح الثالث وهو ما يكون بعد إخراج الضرائب وهكذا، ولذلك نجد أن أكثر المتعارف عليه هو النسبة إلى الدخل لخلوها من الجهالة،.ومثل ذلك قوله من رد ضالتي فله ثلثها، فالضالةيمكنتقديرقيمتها،وبذلكيمكنتقديرالجعل؛ ومثل ذلك أيضاً قوله تعالى ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ الأنعام(141)، فالحق في الثمار، التي تسقى بماء السماء، معلوم وهو 10% ولكن لا تعرف مقدارها إلا يوم حصادها، وعليه فإن علم المتعاقد بنسبة ما هو مقدار هذه النسبة يوم تلقيه أجرته فلا جهالة في العقد.
4) لك راتب شهري ( لم يسمه ) ومقدار أو نسبة ثابتة من كل صفقة تبرمها- تصح بعد تقدير الأجر الثابت بأجرة المثل.
5) لك راتب شهري ثابت 1000 ج. فقط--يصح
6) لك راتب شهري ثابت 500 ج. فقط—يصح، وتسقط دعواه بطلب بأجر المثل، لأن النص أقوى من العرف، والنص هو قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِالمائدة (1)، أي أنجزوا بالتمام ما اتفق عليه، فإن أبرم العقد وفيه خلل كأن لم يسمى الأجر فعندها يكون الوفاء بالقضاء.
7) لك مقدار ثابت أو نسبة ثابتة من كل صفقة تبرمها ( من غير أجرة شهرية ثابتة )-يصح.
8) قبلت 300 ج كراتب شهري ثابت على أن تجعل لي 10% من دخل كل صفقة أبرمها-يصح
ومفهوم ذلك أنه لا يقبل بأجرة شهرية مقدارها 300 ج إلا إذا جعل له نسبة على كل صفقة يبرمها وهو شرط جائز لأنه لا يمنع من إنشاء وإنجاز كل عقد على حدة، فقد يعرض عليه راتب شهري 300 ج من غير جعالة أو يعرض عليه جعالة من غير راتب شهري ثابت وقبوله للعرض أو رفضه له لا يعني أن صيغة العقد غير شرعية، ومثال ذلك قوله قبلت شراء دكانك على أن تبيعني أيضاً السيارة، أي أن نفس الطرف أراد عقد صفقتين مع الطرف الآخر ولكن بعقدين مستقلين عن بعضهما البعض، وهذا جائز.

وتخريج المعاملة على أنها مضاربة أمر صعب ولا أظنه واقعي، فالمضاربة، وتسمى أيضاً قِراضاً، هي عقد شركة يدمج فيه المال بالمنفعة، حيث يدفع رجل ماله لآخر ليتجر له فيه، والربح يوزع بينهما حسب ما يتفقان عليه، والخسارة على صاحب المال، فرب العمل فيه لم يعد رب عمل وإنما هو والمضارب شركاء في عقد شركة، وليس لأحد أن يقيل الآخر، وينجز هذا العقد بتسليم المال إلى المضارب، ولا يجوز للمضارب أن يقتطع أجرة لنفسه من مال المضاربة، وإن أخذ رب العمل بهذا العقد كبديل عن الجعالة، فالنتيجة هي أن المال يدفع للمضارب وقد يتحقق الربح وقد لا يتحقق، بينما في الجعالة لا يدفع إلا إذا تحقق الربح، ثم إنه إن قرر فعل ذلك مع أحد عماله فلا يتصور فعل هذا مع عشرة منهم،

والله تعالى أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
78
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
---
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

السلام عليكم ورحمة الله

وجدت أن هناك مسألة شبيهة بهذه والفتاوى فيها تختلف, فيحسن التأمل فيها وفي وجه الفرق فيها عن هذه, وهي مسألة إعطاء راتب للشريك مع نسبة من الربح, وبعضهم يشترط أن يكون الراتب بعقد منفصل

https://islamqa.info/ar/145181

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=63672
 

علي عبدالله علي

:: متابع ::
إنضم
14 أغسطس 2013
المشاركات
13
الجنس
ذكر
الكنية
ابو عبدالله
التخصص
علوم شرعية
الدولة
اليمن
المدينة
.
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

فالراتب الشهري الثابت هو من عقد إجارة المنفعة والزيادة جُعالة
إذا قلنا بالجمع بين الجعالة والإجارة هنا، فما هو نوع العمل من حيث اللزوم و عدمه ؟، أم أنهما عملان مختلفان أرجو التوضيح .
 

علي عبدالله علي

:: متابع ::
إنضم
14 أغسطس 2013
المشاركات
13
الجنس
ذكر
الكنية
ابو عبدالله
التخصص
علوم شرعية
الدولة
اليمن
المدينة
.
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

فالقول مثلاً 10% من دخل المبيعات ليس بها جهالة، والقول 10% من الربح قد يكون فيه جهالة لأن نوع الربح لم يعين
ما الفرق بين دخل المبيع وربحه ؟
وهل المقصود بدخل المبيع في كلام د.ابراهيم الربح ؟
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

بارك الله فيك أخي علي عبدالله علي ونفعنا بسؤالك،


( فالقول مثلاً 10% من دخل المبيعات ليس بها جهالة، والقول 10% من الربح قد يكون فيه جهالة لأن نوع الربح لم يعين )
ما الفرق بين دخل المبيع وربحه ؟
وهل المقصود بدخل المبيع في كلام د.ابراهيم الربح ؟

المقصود من المبيع هو العين التي تباع، فإن باع مثلًا سلعة بسعر 100 درهم فله منها 10%، وبالتالي فإن مقدار البدل من النقد يكون معلومًا ولا يكون في العقد جهالة، أما قوله 10% من الربح فمقدار البدل من النقد غير معلوم لعدم تعيين نوع الربح، إذ هناك ربح أولي وربح ثاني وربح صافي، فيلزم لرفع الجهالة تعيين نوع الربح في العقد ليُعلم مقدار البدل من النقد.

( فالراتب الشهري الثابت هو من عقد إجارة المنفعة والزيادة جُعالة )
إذا قلنا بالجمع بين الجعالة والإجارة هنا، فما هو نوع العمل من حيث اللزوم و عدمه ؟، أم أنهما عملان مختلفان أرجو التوضيح

عقد الجُعالة يأتي بحسب البدل على نوعين من العقود:
الأول: عقد تمليك بغير عوض، إذا كان البدل مالًا غير متقوم أو فيما تعارف عليه الناس التهادي به من مال متقوم دون المال النقد، وقد يطلق عليه مسمى الجائزة، ففي المال غير المتقوم، كأن يقول من يسبق فله وسام، أو من يغلب فله الكأس، أو من يجتاز الامتحان فله شهادة تقدير، وفي المال المتقوم كأن يقول من يصيب الهدف فله كرة، أو من يجيب على السؤال فله طقم صحون، وعقود التمليك بغير عوض هي عقود غير لازمة. يلاحظ أن هذا النوع من عقد الجعالة هو في أصله عقد هدية، فقوله مثلًا من يسبق فله وسام مطابق للقول جعلت لمن يسبق وسام، وقوله من يصيب الهدف فله كرة هو مطابق للقول جعلت لمن يصيب الهدف كرة، ولهذا تأخذ الجعالة أحكام الهدية، وما لا يشترط في الهدية لا يشترط في هذا النوع من الجعالة، فلا يشترط منفعة الجاعل ولا تعيين المجعول له أو إن كان فردًا أو أفرادًا، ولا تعيين الجعل، وتثبت ملكية العين للمهدي له بعد قبضها، وفي جعالة الجائزة تثبت بعد الوفاء بالشرط.

الثاني: عقد تمليك بعوض، إذا كان البدل المال النقد، وهو عقد على إجارة منفعة العين، وهو عقد لازم، يكون فيه المال النقد بدل منفعة العين، وقد يطلق عليه مسمى العطية، كقوله مثلًا من يرد لي دابتي فله عطية 100 درهم، أو كقوله من يبيع لي هذه الكتب فله 10% من دخل بيعها، أو كقوله من لا يتغيب عن العمل فله علاوة، أو كقوله من ينجح بالامتحان السنوي يحط عنه 20% من رسوم التعليم، وتثبت جعالة العطية بعد الوفاء بشرط العقد. ولا غرر أن تشابهت الأسماء، فما يصح في جعالة الجائزة لا يصح في جعالة العطية، فالعطية عقد لازم في إجارة منفعة بعوض المال النقد، ولا يقاس على عقد الجائزة ولا يأخذ أحكامه، بل يلزم فيه ما يلزم في عقد إجارة منفعة العين من تعيين المجعول له أو إن كان فردًا أو أفرادًا، ويلزم فيه كذلك تعيين الجعل، ولا يصح فيه البدل إلا إذا كان مال نقد.


والسؤال الذي عليه مدار البحث في المسألة المذكورة هو هل يصح شرعًا اجتماع عقد الجعالة بنوعيه مع عقد الإجارة، أو بشكل عام ما هو الضابط الذي يُعرف به إن كانت المسألة مبنية من عقدين مستقلين أم هي مبنية من عقدين في عقد.
من الأحاديث الواردة في هذا الباب الحديث الذي ورد بعدة طرق منها ما رواه الترمذي في سننه ( نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بيعتينِ في بَيعةٍ )، وما رواه أحمد في مسنده ( نَهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن بَيعتينِ في بيعةٍ وعن بيعٍ وسلفٍ وعن ربحِ ما لم يَضمن وعن بيعِ ما ليسَ عندَكَ )، ولما ورد في مسند أحمد ( نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْ صفقتين في صفقةٍ واحدةٍ )، وكذلك الحديث الذي رواه أبو داود في صحيحه ( من باعَ بيعتينِ في بيعةٍ فلَهُ أوْكسُهما، أوِ الرِّبا )،
من هذه الأحاديث يمكن فهم الدلالات الآتية:
1) أن من لفظة " بيعة " ولفظة " صفقة " الواردة في الأحاديث يستدل منها أن نوع العقود المقصودة هي العقود اللازمة.
2) العقود اللازمة أحيطت بكثير من المنهيات مثل النهي عن الغرر والجهالة والغبن والتناجش وبيع ما لا يملك والعيينة وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى الوقوع في الربا، وقد ورد في الأحاديث بعضًا من هذه المنهيات مرفقة بالنهي عن البيعتين في بيعة فكان ذلك دلالة على أن معنى " بيعتين " هو عقدين لازمين، والمراد هو النهي عن اجتماع عقدين لازمين في عقد واحد.
3) طلب الشارع تكثير العقود المتداولة وإتاحة الفرصة لتنوع أطرافها، وعدم حصر تداول العقود بين نفس الطرفين، ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة الحشر، آية 7، ï´؟ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ï´¾، فالآية الكريمة تنهى أن يقتصر تداول العقود الاقتصادية في فئة معينة من الناس مثل فئة الأغنياء، ومفهومها هو طلب توزيع تداول العقود الاقتصادية ليشمل ما أمكن جميع فئات الناس، ولما كان المال النقد هو المعيار الذي تثمن به الأعيان وهو الوسيط الأساسي في إتمام عمليات التداول، صار لتحقيق طلب شمول جميع فئات الناس في عملية تداول العقود وصول المال النقد إلى أيديهم أولًا، وهذا لا يتحقق إلا عبر العقود اللازمة، لذلك كان لزامًا تنوع أطراف العقود اللازمة وأن يكون البدل فيها هو المال النقد فقط أمرًا لا بد منه لتحقيق هذا الطلب. وعليه ففي كل عقد لازم وجب المال النقد بدل، فإن خالطه بدل آخر صار عقدين في عقد ولم يصح.

والعقود اللازمة في نظام تداول العقود الاقتصادية عقدان:
الأول: عقد تملك العين بعوض،
الثاني عقد إجارة منفعة العين بعوض،
وفي هذين العقدين يجب فقط المال النقد بدل، وإلا لم يصح العقد،
فبيع السيارة مقابل سيارة أخرى معاملة لا تصح ولا تصبح عقدًا، ولكن تباع الأولى ويقبض البدل وهو المال النقد ثم يشترى به سيارة أخرى من نفس التاجر إن شاء أو من عند غيره وهو الأولى، فالبيع والشراء من نفس التاجر يقلل من تنوع أطراف العقد ويحد من عملية تداول المال النقد بين فئات الناس، بل إن كثيرًا من الناس يستبدل سيارته القديمة بجديدة من نفس الوكالة، وهذه معاملة منهي عنها كونها تصبح بيع عيينة.

ولو باع السيارة مقابل أن يكون نصف ثمنها مال نقد والنصف الآخر قمح مثلًا لا يصح لاختلاط البدل، ولو قال الحداد للنجار أصنع لك محراثًا مقابل أن تصنع لي بابًا فلا يصح، لأن إجارة منفعة عين الإنسان عقد لازم، البدل فيه هو فقط المال النقد، ويصح إذا قبض الحداد أجرة عمله، ثم إن شاء بعد ذلك أنشأ مع النجار عقدًا آخر، ولو قال تعمل عندي براتب شهري ثابت وفوقه نسبة من مبيعاتك، والبدل في الصفقتين واحدًا وهو المال النقد صح العقد، أما إن اختلف البدل أن قال له ومقابل نسبة مبيعاتك لك سيارة أو تذكرة سفر فلا يصح، لدخول المعاملة في وصف عقدين في عقد، ولو قال للنادل تعمل في المطعم مقابل راتب شهري ضئيل وبقشيش الزبائن لك، صح العقد، لأن العقد بين النادل وصاحب المطعم وقع على منفعة النادل بدل المال النقد وهو الراتب الشهري، أما الذي بين النادل والزبائن فعقد آخر، ينجز مع كل زبون عقد، صاحب المطعم ليس طرفًا فيه وإنما هو خلّى بينه وبين الزبائن.
ويصح اجتماع أكثر من عقد لازم في صفقة واحدة ما دام المال النقد هو البدل الوحيد فيها، فلو قال له أسوّي لك الأرض وأوصل أنابيب الماء وخطوط الكهرباء، فتسوية الأرض عقد، وإيصال أنابيب الماء عقد، ومد خطوط الكهرباء عقد، وكان بدل هذه المنافع جميعها هو المال النقد فقط صح العقد ، والأولى تفصيل الثمن مقابل كل منفعة، حتى يُعرف تقدير الضرر إذا ما حصل عطب في أداء منفعة من هذه المنافع. وهذا مثل شراء عدد من السلع المسعرة من الدكان، فكل سلعة مباعة عبارة عن عقد قائم بذاته، ولو اشترى 10 سلع فإن مجموع العقود المنجزة هي عشرة عقود وإذا كان البدل الوحيد فيها هو المال النقد صحت العقود جميعها، وإذا تبيّن فساد إحدى السلع رُد إليه ثمن هذه السلعة الفاسدة وتبقى سائر العقود صحيحة.
وعليه فلا يصح في العقود اللازمة إلا المال النقد بدل، ولا تدخل العقود ولو تعددت في وصف بيعتين في بيعة ما دام البدل فيها جميعها واحد وهو المال النقد، واختلاط البدل يوقع في وصف البيعتين في بيعة، وهي معا ملة لا يُعرف فيها الإيجاب من القبول ولا من المجيب ومن القابل، وتبعث على الغرر والجهالة وعلى بخس الناس أشياءهم، وكانت نتيجة فعلها أن حلّت في العقود الفوضى، وتعسر أمر فصل النزاع، وهو أمر كرهه الشارع ودأب في أحكامه على تحييده.

والله تعالى أعلم
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: ما حكم أخذ راتب ونسبة

ممما سبق يتضح أن اجتماع عقد إجارة المنفعة وعقد الجعالة اللازم يصح ما دام البدل فيهما هو فقط المال النقد، ويضاف إلى معنى البيعتين في بيعة تلك العقود التي يتم فيها مزج أبدال أعيان مختلفة ليصبح بدلًا واحدًا، أو مزج أبدال منافع مختلفة ليصبح بدلًا واحدًا، كأن قال له هذا الصنف من القماش " أ " ثمن المتر الواحد منه 100 درهم، وصنف " ب " من القماش ثمن المتر الواحد منه 50 درهمًا، وإذا أخذت الصنفين أحسبهما لك معًا ب 120 درهمًا، أي أن المتر الواحد من صنف " أ " يصبح سعره بعد التخفيض80 درهمُا وصنف "ب" 40 درهم، وقبل الزبون، كانت صورة هذه المعاملة هي صفقتين في صفقة، كون البائع مزج البدلين وجعلهما بدلًا واحدًا مقابل السلعتين.
ومثل ذلك لو قال البنّاء أبني لك البيت ب 1000 درهم وأدهنه ب 500 درهم، وأقوم بالعملين معًا لك ب 1200 درهم، أي بعد التخفيض تكون أجرة البناء 800 درهم وأجرة عمل الدهان 400 درهم، وقبل الزبون، كانت صورة المسألة أنها صفقتين في صفقة كونه مزج البدلين ليصبح بدلًا واحدًا، وحكم هذه المعاملة هو ما جاء في الحديث الذي رواه أبو داوود في صحيحه ( من باعَ بيعتينِ في بيعةٍ فلَهُ أوْكسُهما، أوِ الرِّبا )، فبموجب الحديث يُفصل عند النزاع عن طريق التفريق بين البدلين ليكون مقابل كل سلعة أو كل منفعة أقل الثمنين المسميين، أي يكون بدل صنف " أ " 80 درهمًا وليس 100 درهم، وصنف " ب " 40 درهمًا وليس 50 درهم، وعليه فلو رد المشتري بعد تمام الصفقة صنف " ب " من القماش لما تبيّن له فساده مثلًا، فعلى البائع أن يرد له 40 درهم وليس 20 درهم بحجة أنه اشترى فقط قماش صنف " أ "، إذ يكون له أوكس الثمنين وهو 80 درهم وليس 100 درهم، أما إن أخذ 100 فإنه يكون بذلك قد أربى.
ومثل ذلك معاملة مزج بدل المنفعتين، فلو أستوقف الزبون البنّاء بعد انتهاءه من بناء البيت، فليس للبنّاء أن يطالب الزبون بتكملة الألف درهم كون الزبون لم يتركه ليتم عمل الدهان، وبحسب مفهوم الحديث فإن للبنّاء أقل البدلين أي الثمنين وهو 800 درهم وليس 1000 درهم، وإن كان الزبون قد أعطاه 1200 درهم فعلى البنّاء أن يرد له 400 درهم وإلا أكل الربا.
مما تقدم فإن البيعتين في بيعة أو الصفقتين في صفقة، تظهر في العقود اللازمة المتداولة في النظام الاقتصادي في الحالات التالية:

  • إذا خالط البدل المال النقد بدلًا آخر،
  • مزج أثمان ( مال نقد ) أعيان مختلفة في ثمن واحد،
  • مزج أثمان ( مال نقد ) منافع أعيان في ثمن واحد،
وفي الحديث إنذار من الشرع لمن يُرغّب في تسويق بضاعته بطريقة الدمج بين الأبدال بإنذاره أن ليس له حال النزاع إلا أقل البدلين، وقد كان الأحسن له إن أراد التخفيض أن يخفض من ثمن كل سلعة على حدة كي لا يقع فيما أنذره الشرع من قبل وحذره.

والله تعالى أعلم
 
أعلى