العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ما حكم الدعاء ب: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فإنه يلاحظ دعاء بعض الأئمة بها في قنوت رمضان:
وتأمل هذا الحديث قبل أن تجيب:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني } الآية [ إبراهيم / 36 ] وقال عيسى عليه السلام { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } [ المائدة / 118 ] فرفع يديه وقال - اللهم أمتي أمتي - وبكى فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم - فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك . رواه مسلم ( 202 ) .
كما تأمل سبب الدعاء من عيسى ابن مريم
وتأمل كذلك تذييل الدعاء ب: إنك أنت العزيز الحكيم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الطبري في تفسيره: (ج 11 / ص 240):
القول في تأويل قوله : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنْ تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، بإماتتك إياهم عليها ="فإنهم عبادك"، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرًّا ولا أمرًا تنالهم به ="وإن تغفر لهم"، بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم ="فإنك أنت العزيز"، في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدر أحدٌ يدفعه عنه ="الحكيم"، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب، كالذي:-
13037 - حثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم" ، فتخرجهم من النصرانية، وتهديهم إلى الإسلام ="فإنك أنت العزيز الحكيم" . وهذا قول عيسى في الدنيا.
13038 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" ، قال: والله ما كانوا طعَّانين ولا لعَّانين.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وقال البغوي في تفسيره: (ج 3 / ص 122)
قوله تعالى: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
فإن قيل: كيف طلب المغفرة لهم وهم كفار؟
وكيف قال: وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم، وهذا لا يليق بسؤال المغفرة؟
قيل: أما الأول فمعناه إن تعذبهم بإقامتهم على كفرهم وإن تغفر لهم بعد الإيمان وهذا يستقيم على قول السدي: إن هذا السؤال قبل يوم القيامة لأن الإيمان لا ينفع في القيامة.
وقيل: هذا في فريقين منهم، معناه: إن تعذب من كفر منهم وإن تغفر لمن آمن منهم.
وقيل: ليس هذا على وجه طلب المغفرة ولو كان كذلك لقال: فإنك أنت الغفور الرحيم، ولكنه على تسليم الأمر وتفويضه إلى مراده.
وأما السؤال الثاني: فكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ، وكذلك هو في مصحفه، وأما على القراءة المعروفة قيل فيه تقديم وتأخير تقديره: إن تغفر لهم فإنهم عبادك وإن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم.
وقيل: معناه إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز في الملك الحكيم في القضاء لا ينقص من عزك شيء، ولا يخرج من حكمك شيء، ويدخل في حكمته ومغفرته وسعة رحمته ومغفرته الكفار، لكنه أخبر أنه لا يغفر وهو لا يخلف خبره.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة تحتاج بحث
ولعل تخريج حكم الدعاء بهذه الآية ينبني على مقدمات:
مقام عيسى بن مريم حين دعا بهذا الدعاء، هل هو في سماء الدنيا حينما رفع، او أنه يوم القيامة، وهذا مهم من جهة أنه إذا كان حين رفع إلى السماء الدنيا فإنه يندفع الإشكال الوارد كيف يدعو لهم وهم كفار، فإنه حينئذ يكون على وجه التوبة لهم قبل أن يموتوا.
سبب قوله: " إنك أنت العزيز الحكيم" وإعراضه عن "الغفور الرحيم" وهو الدعاء المناسب للمغفرة، فقيل: لأن المقام مقام تبري منهم، لاسيما وأن سؤال الله له عن أمرهم بعبادته وأمه مشعر بأن من قومه من قال بذلك فكان إيذانا بعذابهم.
وأخيرا: فإن تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية هل كان على وجه التلاوة فقط مع التفكر في دعاء عيسى بن مريم على قومه.
أم كان على وجه الدعاء؟
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ويبدو أن تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للآية لم يكن على وجه الدعاء
تأمل في رواية مسلم:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني } الآية [ إبراهيم / 36 ] وقال عيسى عليه السلام { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } [ المائدة / 118 ]
فرفع يديه وقال - اللهم أمتي أمتي - وبكى ....
فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا الآيتين ثم بعد ذلك ذلك رفع يديه ودعا كما هو منطوق النص.
إذا كنتيجة أولية:
أن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للآية لم يكن على جهة الدعاء.
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتابع عيسى بن مريم في دعائه بل دعا لأمته فأرسل الله إليه جبريل يخبره أنه سيرضيه في أمته ولا يسؤوه.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال ابن كثير في تفسيره (ج 3 / ص 232)
ومعنى قوله: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } الآية: التبري منهم ورد المشيئة فيهم إلى الله، وتعليق ذلك على الشرط لا يقتضي وقوعه، كما في نظائر ذلك من الآيات.
وقال أيضا:
وقوله: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله، عز وجل، فإنه الفعال لما يشاء، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ويتضمن التبري من النصارى الذين كذبوا على الله، وعلى رسوله، وجعلوا لله ندًا وصاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وهذه الآية لها شأن (1) عظيم ونبأ عجيب، وقد ورد في الحديث: أن رسول الله (2) صلى الله عليه وسلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وقال الرازي في تفسيره:
فيه مسائل :
المسألة الأولى : معنى الآية ظاهر ، وفيه سؤال : وهو أنه كيف جاز لعيسى عليه السلام أن يقول { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } والله لا يغفر الشرك .
والجواب عنه من وجوه : الأول : أنه تعالى لما قال لعيسى عليه السلام : { أأنت قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذونى وَأُمّىَ إلهين مِن دُونِ الله } [ المائدة : 116 ] علم أن قوماً من النصارى حكوا هذا الكلام عنه ، والحاكي لهذا الكفر عنه لا يكون كافراً بل يكون مذنباً حيث كذب في هذه الحكاية وغفران الذنب جائز ، فلهذا المعنى : طلب المغفرة من الله تعالى ، والثاني : أنه يجوز على مذهبنا من الله تعالى أن يدخل الكفار الجنة وأن يدخل الزُّهّاد والعُبّاد النار ، لأن الملك ملكه ولا اعتراض لأحد عليه ، فذكر عيسى هذا الكلام ومقصوده منه تفويض الأمور كلها إلى الله ، وترك التعرض والاعتراض بالكلية ، ولذلك ختم الكلام بقوله { فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } يعني أنت قادر على ما تريد ، حكيم في كل ما تفعل لا اعتراض لأحد عليك ، فمن أنا والخوض في أحوال الربوبية ، وقوله إن الله لا يغفر الشرك فنقول : غفرانه جائز عندنا ، وعند جمهور البصريين من المعتزلة قالوا : لأن العقاب حق الله على المذنب وفي إسقاطه منفعة للمذنب ، وليس في إسقاطه على الله مضرة ، فوجب أن يكون حسناً بل دلّ الدليل السمعي في شرعنا على أنه لا يقع ، فلعل هذا الدليل السمعي ما كان موجوداً في شرع عيسى عليه السلام .
الوجه الثالث : في الجواب أن القوم قالوا هذا الكفر فعيسى عليه السلام جوّز أن يكون بعضهم قد تاب عنه ، فقال : { إن تعذبهم } علمت أن أولئك المعذبين ماتوا على الكفر فلك أن تعذبهم بسبب أنهم عبادك ، وأنت قد حكمت على كل من كفر من عبادك بالعقوبة ، وإن تغفر لهم علمت أنهم تابوا عن الكفر ، وأنت حكمت على من تاب عن الكفر بالمغفرة .
الوجه الرابع : أنا ذكرنا أن من الناس من قال : إن قول الله تعالى لعيسى { أَءنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذونى وَأُمّىَ إلهين مِن دُونِ الله } [ المائدة : 116 ] إنما كان عند رفعه إلى السماء لا في يوم القيامة ، وعلى هذا القول فالجواب سهل لأن قوله { إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } يعني إن توفيتهم على هذا الكفر وعذبتهم فإنهم عبادك فلك ذاك ، وان أخرجتهم بتوفيقك من ظلمة الكفر إلى نور الايمان ، وغفرت لهم ما سلف منهم فلك أيضاً ذاك ، وعلى هذا التقدير فلا إشكال .
المسألة الثانية : احتج بعض الأصحاب بهذه الآية على شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم في حق الفساق قالوا : لأن قول عيسى عليه السلام { إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } ليس في حق أهل الثواب لأن التعذيب لا يليق بهم ، وليس أيضاً في حق الكفار لأن قوله { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } لا يليق بهم فدل على أن ذلك ليس إلا في حق الفساق من أهل الايمان ، وإذا ثبت شفاعة الفساق في حق عيسى عليه السلام ثبت في حق محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى لأنه لا قائل بالفصل .
المسألة الثالثة : روى الواحدي رحمه الله أن في مصحف عبد الله [ وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم سمعت شيخي ووالدي رحمه الله يقول { العزيز الحكيم } هاهنا أولى من الغفور الرحيم ، لأن كونه غفوراً رحيماً يشبه الحالة الموجبة للمغفرة والرحمة لكل محتاج ، وأما العزة والحكمة فهما لا يوجبان المغفرة ، فإن كونه عزيزاً يقتضي أنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وأنه لا اعتراض عليه لأحد فإذا كان عزيزاً متعالياً عن جميع جهات الاستحقاق ، ثم حكم بالمغفرة كان الكرم هاهنا أتم مما إذا كان كونه غفوراً رحيماً يوجب المغفرة والرحمة ، فكانت عبارته رحمه الله أن يقول : عز عن الكل . ثم حكم بالرحمة فكان هذا أكمل . وقال قوم آخرون : إنه لو قال : فإنك أنت الغفور الرحيم ، أشعر ذلك بكونه شفيعاً لهم ، فلما قال : { فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } دل ذلك على أن غرضه تفويض الأمر بالكلية إلى الله تعالى ، وترك التعرض لهذا الباب من جميع الوجوه .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
والذي يظهر لي والعلم عند الله أنه لا ينبغي الدعاء بها؛ لأن مقام عيسى بن مريم لم يكن مقام دعاء، وإنما يجوز في حال تشبه حال عيسى بن مريم مع قومه كأن يعرض عنه قومه فيريد التبري منهم، وأن يكل أمرهم إلى الله.
 
أعلى