العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مباحث في المطلق و المقيد

إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه محاورة جرت بيني و بين أخي في الله خالد السهلي وفقه الله نقلتها هنا للفائدة مع بعض الإضافات اليسيرة لتوضيح المعنى :

قال الأخ الكريم :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأساتذتي أهل الملتقى المبارك الذي أجد فيه من فضل ربي ماأريد ولاأظن له مثيلا في الشبكة فهو جامعة تضم الخيرة أحسبهم والله حسيبهم ولاأزكيهم على الله

أريد التبيين حفظكم الله ولاحرمكم الثواب حول هذه المسالة فهي أشكلت علي

هل تتحصل فضيلة صيام الست من شوال في غير شوال؟

لأن بعض روايات الحديث كماتعلمون فصلت العلة في كونها كصيام الدهر وهي أن الحسنة بعشر امثالها فالست بشهرين على هذا

ولكن العلة التي علل بها موجودة في غير شوال والشريعة لاتفرق بين متماثلين

فوجدت من يجيب عن هذا الإشكال بأن المقصود بصيام الدهر هو صيام الدهر فرضا لانفلا
وعلى هذا يزول إشكال التحديد بشوال

وهذا الجواب ليس في التعليل الذي ذكر في الحديث ولم يذكروا عليه دليلا

ووجدت جوابا آخر وهو أن هذا أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فلاتسأل عن تحديده.

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين ذلك والعلة واضحة هي مضاعفة الحسنة

ووجدت من يقول إن وجه تحديد صيامها بشوال هو أنها من السنن الجوابر كالسنن الرواتب

وأسأل هنا هل جبران فريضة الصيام متوقف على النوافل من شهر شوال أم أن كل نافلة صوم
تكون جبرانا لفريضة الصيام؟ومآلدليل على تخصيص الجبران بشوال؟

ثم إن تحصيل الفضيلة في صيام الست من غير شوال تؤيده الرواية التي لم يذكر فيها شوال
بل ذكر فيها (بعد الفطر)

أتمنى ممن لديه فائدة ان يفيدنا مأجورا اهــ

قلت : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قد يقال ان رواية الصيام بالست بدون ذكر شوال مطلقة و الرواية الاخرى مقيدة فيقد المطلق و ذلك لأن ذكر شوال قيد معتبر إلا أن العلة منطوقة و هو صيام الدهر.

اذن المسألة ترجع لنقطتين :

هل قيد شوال قيد معتبر
العلة من الصيام منطوقة

في القيد قد يقال ان ذكر شوال جاء لقربه من رمضان و اعتياد الناس الصيام فكان من باب المسارعة في الخيرات ، إن قلنا بذلك فالقيد غير معتبر لخروجه مخرج الغالب من حال الناس.

بالنسبة للحديث العام : من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . " وفي رواية : " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421 ورواه ابن خزيمة بلفظ : " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة " .


قد يقال ان الفطر قصد به العيد فجاء الحديث موافقا للقيد و يحمل المطلق على المقيد فيكون في شوال فإن قيل العلة منطوقة يمكن الرد على ذلك بأن الصيام عبادة و العبادة لا تتوقف على علة فقد يذكر بعض من التعليل في صيام الست و يترك البعض فقد يكون هناك اجر زائد في صيام الست من شوال مترتب على الاستعجال و اتباع السنة و المسألة محتملة ، مثال ذلك تعليل زكاة الفطر بكونها طهرة للصائم إلا أنها تدفع عن الصبي و هو لا يصوم فحكم الزكاة لا يدور مع العلة.

الاحتياط يقتضي صيامها في شوال لتحصيل السنة و الله أعلم اهــ

قال الاخ حفظه الله : أخي الكريم

ربما يقول قائل صدقت فالعبادة غير متوقفة على علة ولكن الأجر هو المعلل هنا أي علل الثواب وهو صيام الدهر بمضاعفة العمل

ويحاول أن يقوي قوله بحديث من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر

وفيه أن أجر صيام الدهر يكون من غير شوال

والإحتياط كما ذكرت حفظك الله أولى ولكن قد يحدث لبعض الناس مايمنعه من إكمال الست فأنا في العام الماضي
لم أستطع للأسف إلا صيام ثلاثة أيام وانتهى شوال قبل إكمالها لظروف متتابعة فتركتها

ثم ألا يعتذر لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بهذا؟أي أنها تصومها بعد قضائها في شعبان؟
مع أن تعليلها بأنها لاتقضي لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها أمر أحب أن أسأل عنه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لايكون عندها إلا يوما من تسعة أيام
وأرجو التصويب إن أخطأت اهــ

قلت : كلامك صواب في الجملة و هو قول محتمل فكما لاحظت كلا القولين له حظ من النظر.

إلا أن القول بأن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الست بعد شعبان قول ينقصه دليل - على حد علمي و الله أعلم لم يرد فيه حديث - انما هو استنباط قائم على القول بتقديم القضاء على التطوع و هذا فيه نظر بل من الفقهاء من استدل بقضاء عائشة رضي الله عنها على التراخي في القضاء و جواز التطوع قبله لأن القضاء لا يجب على الفور و هذا مذهب الجمهور فعلى هذا ما استدل به من فعل عائشة رضي الله عنها مبني على خلاف و هذا الخلاف مرجوح اذا علمنا مذاهب الصحابة في من اخر القضاء بعد رمضان القادم و هو الاطعام فدل مذهبهم على تراخي القضاء و دل على جواز التطوع قبله و من أراد اثبات فعل عائشة رضي الله عنها بصيام الست في شعبان فعليه بأثر واضح و لو ثبت أثر بذلك لك
ان حجة لأنه فعل صحابي و في حضرة الرسول عليه الصلاة و السلام لكن على حد علمي لم يصلني في ذلك اثر أو حديث و الله أعلم.

فلم يبقى من ادلة القائلين بجواز صيام الست في غير شوال الا العلة و الأمر تعبدي كما ذكرت فهل يجوز قياس الست من غير شوال على الست في شوال للإشتراك في العلة ؟ الحقيقة مذهب الجمهور عدم القياس في العبادات و هذه عبادة محضة لا مجال للعقل فيها.

اذن القول بالصيام في شوال أقوى و خاصة اذا علمنا ان مذهب الجمهور حمل المطلق على المقيد فمن الناحية الأصولية كل الادلة ترجح الصيام في شوال.


تبقى الحالة التي ذكرت وهي عدم الاستطاعة فمن لم يستطع تحصيل الست في شوال يصومها في غيره لأنه ليس له خيار غير ذلك و أرجو أن يحصل فضيلة ذلك و الله أعلم اهــ

قال الاخ الكريم : الأخ الكريم عبدالكريم علق على ورود الروايات التي فيها صيام الست من شوال والروايات التي تذكر صيام الست بدون تخصيص شوال بأنها من باب المطلق والمقيد

وأحب أن أسأل هل هو فعلا من هذا الباب

لأني رجعت إلى المطلق والمقيد فوجدت له أربعة حالات وكلها تجعل الطرفين في المطلق والمقيد هما السبب والحكم

يعني إذا اتحدا في السبب والحكم واتحدا في السبب واختلفا في الحكم واختلفا في السبب والحكم واختلفا في السبب واتحدا في الحكم

والروايات التي نتكلم عنها هل هي من هذا الباب الذي يكون الإطلاق والتقييد فيه بين السبب والحكم أم لا؟

هذا سؤالي

فإني أفهم أن السبب هو صيام الست والحكم هو أجر صيام الدهر

والإطلاق والتقييد هو في السبب وحده

أي مرة ذكر السبب صيام ست من شوال

ومرة ذكر السبب إتباع رمضان بست

هل يكون هذا من باب المطلق والمقيد أم من باب العام والخاص أم لايكون منها كلها فينتفي كون شوال مخصوصا

والإجابة عن كون صيام ثلاثة أيام من كل شهر فيها أجر صيام الدهر ممايجعل صيام الدهر قد حصل من كل شهر

والمانع من أن يكون ذكر شوال خرج مخرج الغالب كما يقال في غيره

هذا ماأشكل علي وأريد من الأخوة تفصيله واحتساب الأجر فأنا سائل لامُسائل
هدفي ان أقتنع بقول أراه الحق الذي أستطيع الإجابة عن مايعترضه اهــ

قلت : السبب هنا هو الفطر فسبب ندب الست انتهاء رمضان و لولا انتهائه لما كانت الست أما الحكم فهو ندبية صيام الست اذن السبب هو الفطر و الحكم صيام الست أما القيد فهو تخصيص وقت الست بشوال.


اذن هنا اتحد الحكم و السبب فيقيد المطلق صيام الست بالمقيد و هو صيام الست في شوال فيصبح الحكم صيام الست في شوال و الله أعلم اهــ

قال الاخ الكريم : السؤال الذي دفعني لطرح الموضوع

هو إذا صمت في شوال يومين وفي ذي القعدة يومين وفي محرم يومين فهل هذه الستة بأجر شهرين؟
إن كان لا فمآلدليل
وإن كان نعم فم
ا الفرق بين أن تكون من شوال أو من غيره وكلام ابن جبرين رحمه الله يؤيد هذا حيث قال فالمطلوب صيام شهر وستة أيام

شهر بعشرة أشهر وستة أيام بأجر شهرين هذه سنة كاملة اهــ

قلت : الفرق بين ان تكون في شوال و غيره سنة ابي القاسم أخي الكريم فلو امرنا أن نصوم ليلا لصمنا ليلا ، ما الفرق بين ان تصوم شهر رمضان و شهر شعبان اليس شهرا ؟ الفرق هو امر الله سبحانه و تعالى.

اخي الكريم الأصل في العبادات انها غير معقولة المعنى فلا يصح القياس فيها عادة و الله أعلم اهــ

قال الاخ الكريم : الاخ عبدالكريم اكرمك الله بالجنة

أنت بدأت جوابك بقولك (الفرق)ممايدل انك تختار الإجابة الثانية وهي (نعم يحصل بها أجر شهرين)

أما سؤالك انت مالفرق بين صيام رمضان أو شعبان ؟ أقول الفرق اننا نقطع بأن رمضان مخصص للصوم قطعا ولاصارف له
بل ولايجتمع مع شعبان في العلة التي عللها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي ان رمضان بعشرة أشهر فلو كان هناك نص بأن صوم شعبان بعشرة أشهر لاقتنعت بمثالك تماما لكن شعبان بشهر

وأيضا الفرق هنا أن رمضان مقطوع به حتى في القرآن بينما رواية الست من شوال التي في مسلم فيها جدل طويل كماتعلم وهناك روايات لم تذكر شوال ولاأدري أيها أقوى واثبت ولعلك أو أحدا من القراء يفيدني

والأخ الكريم الذي قال لعل هناك عللا في تخصيصها بشوال أخرى غير مضاعفة الحسنات

أقول له إني أرى أن الناس إنما يصومونها لأجل العلة المذكورة في الحديث
فإن كانت في غير شوال لم يكن ذكر شوال إن ثبت مقيدا بل يكون خرج مخرج الغالب هذا ماأظن ولاأكتب هنا إلا
لمعرفة وجه الخطأ إن كنت مخطئا
ولو أن ذكر شوال في الحديث تقييد أو تخصيص قطعي مسلم به لم أسأل سؤالي وإنما أحببت أن أتبين اهــ

قلت : أخي الكريم الفقه مبني على غلبة الظن فلا يشترط القطع في المسائل يكفي غلبة الظن فيها و إن كنا لا نحتاج لذلك لأن الأصل بقاء اللفظ على ما هو عليه حتى تدل قرينة على حمله على غيره.

القول بأن شوال خرج مخرج الغالب يحتاج دليلا فلا يكفي إدعاؤه فهو صرف للحديث عن ظاهره كما أنه من شروط خروج القيد مخرج الغالب أن يكون معقول المعنى فالقيد الغير معقول المعنى لا يمكن أن يخرج مخرج الغالب.

القيد هنا زمني و القيود الزمنية ليست معقولة المعنى فالقول أنها تخرج مخرج الغالب ضعيف جدا لابد له من تأول بعيد فإن تعلق الأمر بالعبادة فهذا أبعد.


كيف نعرف أن القيد خرج مخرج الغالب ؟ نعرف ذلك بعدة علامات منها :

العادة والعرف: مثاله قوله تعالى في المحرمات من النكاح: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"

ومنه
ا الوضع و لغة العرب: مثاله قوله تعالى : "لاتاكلوا الربا اضعافا مضاعفة"

و منها صرف القيد بدليل آخر كحديث: " الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله" لان المجلود وغير المجلود في الحكم سواء، بدليل نص آخر وهو قوله تعالى: الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة" و القيد هنا معقول المعنى.




إذن القول بأن شهر شوال خرج مخرج الغالب ضعيف لا يدل عليه الحديث لوجود حرف من "بست 'من' شوال" فجاءت من لحصر الست في زمن معين و هذا لا يدخل في القيد الذي يخرج مخرج الغالب لأنه مراد من الكلام فهو إيقاع العمل في زمن مقصود باللفظ لا وصف.

مثال ذلك قوله تعالى "صيام ثلاثة ايام في الحج" فلا يقال ان الظرف المكاني خرج مخرج الغالب لغلبة الظن أن صيام الثلاثة تكون في الحج بل الظروف الزمانية و المكانية مقصودة في القيود إذا إرتبطت بالعبادات فالأصل في العبادات التقييد بالزمان و المكان و العدد و مثل هذه القيود مشتهرة في العبادات كالصلاة و الصيام و الحج بل لا تكاد عبادة تخلو من هذه القيود ، حتى النوافل المطلقة مقيدة بأوقات النهي.

كما أن القيد الذي يخرج مخرج الغالب عادة تجده في السبب لا الحكم لأن الحكم مقصود و السبب موصوف فقد يوصف السبب بوصف غالب كحديث "في الغنم السائمة الزكاة" و كقوله تعالى "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا" و كقوله تعالى "و ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" لكن أن يقيد الحكم بقيد لم يقصد فهذا بعيد جدا بل لا يحضرني قيد في حكم خرج مخرج الغالب !!!!! ، الوصف الغالب يكون في المعلوم و الحكم مجهول جاءت به الشريعة فكيف يخرج مخرج الغالب و هو مجهول و الأمر يحتاج إستقراء نصوص الشريعة.


و أعلم أخي الكريم أن القيد في الحكم ليس كالقيد في السبب فإن كان هناك خلاف بين الفقهاء في إعتبار التقييد في الأسباب كحديث "لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه و هو يبول" فلا يحضرني خلاف بينهم في تقييد الحكم إلا مذهب الأحناف و للأسف جل كتب الأصول لا تتطرق لهذا الأمر و ذلك أن القيد في السبب إعتباره نابع من دليل الخطاب لذلك خالف الظاهرية فيه فحملوا
المقيد على المطلق في الأسباب بعكس القيد في الحكم و هو مبني على عدة امور منها "القياس عند الشافعي لذلك قيد الحكم و ان اختلف" و منها "العمل بالحكمين المقيد و الغير مقيد" و هذا تعليل القرافي فمن عمل بالحكم المقيد فقد عمل بالغير مقيد بخلاف السبب فوجود القيد في السبب مفهومه خروج الغير مقيد من السبب من الحكم و كأنه تخصيص للعموم فالفرق مختلف جدا يفسر خلاف الفقهاء في قيود الاسباب عادة.

و مثال ذلك لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه و هو يبول فمفهومه يجوز لأحدكم أن يمسك ذكره بيمينه في حالة غير البول فعلى هذا يخصص حديث لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه بمفهوم الحديث الآخر و هكذا يقيد لكن من قال من الفقهاء بعدم التقييد قال ذلك لأنه إذا نهي عن مسه باليمين حال البول ، فالنهي عن مسه في غير حال البول من باب أولى لأنه في حال البول ربما يحتاج إلى مسه ، فإذا نهي في الحال التي يحتاج فيها إلى مسه فالنهي في غيرها أولى و خلاصة قولهم أن القيد خرج مخرج الغالب فرد الآخرون بقولهم أن النهي وارد على ما إذا كان يبول فقط لأنه ربما تتلوث يده بالبول و هذا بإعتبار المسك معقول المعنى ، وإذا كان لا يبول فإن هذا العضو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما هو بضعة منك ) عندما سُئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة هل عليه وضوء ؟ وإذا كان بضعة مني فلا فرق أن أمسه بيدي اليمنى أو اليسرى .

و قال ابن حزم بعدم المس مطلقا و هذا موافق لمذهبه لعدم عمله بالمفهوم لذلك هو يطلق المقيد في السبب فيعمل بالسبيبين لأنه ان عمل بالسبب المطلق فقد عمل بالسبب المقيد إلا أن في هذا الأمر إهدار للعلل و هذا يوافق ظاهرية ابن حزم.

و الله أعلم


بالنسبة لرواية شوال فهي ثابتة و هذا بعض من طرقها :


أولا طريق أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه :

رواه سعد بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري المدني أخو يحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي ، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، أنه حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ، كان كصيام الدهر " في صحيح مسلم و اللفظ له و في مواضع كثيرة في كتب السنة لن اذكرها لأنها مشهورة انما ساذكر المتابعات:

فتابع سعيدا :

صفوان بن سليم في سنن الترمذي و سنن ابي داود و سنن الدارمي و صحيح ابن حبان و السنن الكبرى للنسائي و مشكل الآثار للطحاوي و في مسند الحميدي و في مسند الشاشي و المعجم الكبير للطبراني و شعب الايامن للبيهقي .

يحيى بن سعيد : مسند الحميدي ، المعجم الكبير الطبراني ، مستخرج ابي عوانة

عبد ربه بن سعيد : رواه عنه شعبة في السنن الكبرى للنسائي و في مشكل الاثار للطحاوي و شعبة حافظ حجة

عثمان بن عمرو بن ساج القرشي : في السنن الكبرى للنسائي

زيد بن أسلم : مشكل الآثار الطحاوي

فكما ترى اخي الكريم تابع سعيدا خمس رواة منهم ثلاثة من افاضل الثقات و روى عن بعضهم شعبة بن الحجاج

و للحديث شواهد

الشواهد :

طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنه :

من طريق سعيد ابن أبي أيوب ، حدثني عمرو بن جابر الحضرمي ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من صام رمضان ، وستا من شوال ، فكأنما صام السنة كلها" مسند الامام احمد و مسند الحارث و مسند عبد بن حميد ، مشكل الآثار للطحاوي ، السنن الكبرى للبيهقي

تابعه : ابن لهيعة في مسند الامام احمد ، مشكل الآثار للطحاوي ، السنن الكبرى للبيهقي ،

بكر بن مضر معجم الطبراني ، مشكل الآثار للطحاوي ، السنن الكبرى للبيهقي

طريق ثوبان بن بجدد رضي الله عنه :

يحيى بن الحارث الذماري ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من صام رمضان ، وستا من شوال ، فقد صام السنة " صحيح بن حبان و معجم ابن المقرئ و ال معجم الكبير الطبراني ، شعب الايمان البيهقي و سنن الدارمي و سنن ابن ماجة و السنن الكبرى النسائي ، مشكل الاثار الطحاوي.



اذن الحديث صحيح لا غبار عليه و هو في صحيح مسلم .

و الله أعلم

ثم أضفت : و أضيف لما سبق كلام الأصوليين :

قال صاحب المراقي :
كذا دليل للخطاب انضافا *** و دع إذا الساكت عنه خافا
أو جهل الحكم أو النطق انجلب *** للسؤل عنه أو جريا على الذي غلب
أو امتنان أو وفاق الواقع *** و الجهل و التأكيد عند السامع


قال في المرتقى :
و الأخذ بالمفهوم في المذاهب *** ممتنع إن يجري مجرى الغالب
كفي حجوركم كذا ما أشبها *** سبعين مرة مبالغا بها

قال القرافي في أنوار البروق في أنواع الفروق ( الفرق بين قاعدة المفهوم إذا خرج مخرج الغالب وبين ما إذا لم يخرج مخرج الغالب):


فإنه إن لم يخرج مخرج الغالب كان حجة عند القائلين بالمفهوم وإذا خرج مخرج الغالب لا يكون حجة
إجماعا وضابطه أن يكون الوصف الذي وقع به التقييد غالبا على تلك الحقيقة وموجودا معها في أكثر صورها فإذا لم يكن موجودا معها في أكثر صورها فهو المفهوم الذي هو حجة...
أن الوصف إذا خرج مخرج الغالب وكانت العادة شاهدة بثبوت ذلك الوصف لتلك الحقيقة يكون المتكلم مستغنيا عن ذكره للسامع بدليل أن العادة كافية في إفهام السامع ذلك فلو أخبره بثبوت ذلك الوصف لكان ذلك تحصيلا للحاصل... اهــ


فأنظر أخي الكريم القيد الذي يخرج مخرج الغالب أصله مفهوم المخالفة و هذا معتبر في السبب لا في الحكم و الله أعلم اهــ
 
أعلى