د. يوسف بن عبد الله حميتو
:: متخصص ::
- إنضم
- 21 فبراير 2010
- المشاركات
- 456
- الإقامة
- الإمارات العربية المتحدة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو حاتم
- التخصص
- أصول الفقه ومقاصد الشريعة
- الدولة
- الإمارات العربية المتحدة
- المدينة
- أبوظبي
- المذهب الفقهي
- المذهب المالكي
سئل الإمام العلامة أبو السعود عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي :
كان يتقدم لنا أنه إذا تعارض الأصل والغالب، يتقدم الأصل إلا في صور قدم الغالب وهو النادر، فهل هذا كذلك أو وقع فيه خطأ؟ فإن قلتم بتصويب ما تقدم وأن القاعدة كذلك هي عند الأيمة ، فما حكم الصامت ( الماء الذي يعصر من العنب قبل نضجه، يستعمل في الأدوية وإذا خمر لمدة طويلة صار مسكرا) الذي يأتي به البرابرة ( سكان الجبال من بلاد المغرب من برقة إلى المحيط الأطلسي)،من الجبال؟ ويبيعونه بالمدن؟ وقد علمتم حالهم وما هم عليه من كثرة تعاطي الخمور ومناولتهم إياه، فالغالب على أوانيهم فخارا أو جلودا أو قروعا ( اليقطين الجاف)، استعملوا الخمر فيها، والأصل السلامة والطهارة، فهل يبنى على الغالب أو الأصل؟ فإن هذا مما عمت به البلوى، وربما دعت الحاجة إلى اشترائه، فاذكر لي ما عندكم في ذلك.
فأجاب:
إن القاعدة صحيحة كما ذكرت، وقد قال الإمام العالم أبو الحسن الأبباني ـ وذكر أقسام شأن الشبهات والإلتباس ـ : " القسم الرابع أن يكون الحل معلوما، ولكن غلب على الظن جريان محرم بسبب معتبر في غلبة الظن فيرفع الاستصحاب ، ويقضى بالتحريم، إذ الاستصحاب ضعيف، ولا يبقى له حكم مع غلبة الظن، كما غذا غلب على ظنه نجاسة إناء بعلامة معينة، فلا يجوز التوضؤ به ولا شربه، هذا إذا غلب على الظن بعلامة متعلقة بعين الشيء، فأما غلبة الظن الناشئة من التكثير، فهل تنقل عن حكم الأصل؟ فيه خلاف .
فمن الناس من يقدم الأصل لضعف الغلبة الناشئة من الكثرة، ويقول: لسنا ننتقل عن الأصول بمجرد ميل النفس إلى الانتقال، حتى يكمل السبب، ثم احتجوا لذلك.
وقال قائل: الغالب مقدم، ثم ذكر الاحتجاج ثم قال: فالصحيح عندنا التمسك بالغالب، إلا في موضع يلزم من التمسك حرج وغضاعة مال محترم، وبيان ذلك بالفقه والنقل، ثم استدل لذلك. انتهى .
وقد ذكر الإمام شهاب الدين القرافي القاعدة في فروقه، وذكر نظائر قدم الشرع النادر فيها على الغالب رحمة للعباد، قال : " وقد غفل عن هذا قوم فدخل عليهم الوسواس، وهم يعتقدون أنهم على قاعدة شرعية، وهي الحكم بالغالب.وهذا كما قالوه، ولكن الشرع ألغى هذا، ثم قال: فمن ألغى الغالب في جميع المسائل خالف الإجماع....قال في مختصر البغوي: والمقصود ...أن يظهر لك أن خلاف القول بترجيح الغالب على النادر مما لا ينبغي، بل ما يكون ذلك إلا بعد بحث شديد، ومعرفة الباحث بالمسائل الفقهية، والدلائل الشرعية، واستقرائه بذلك كله، فبعده يصح له أن يحكم بترجيح ذلك الغالبن وأيضا فلا ينبغي أن يقال: غذا تعارض الأصل والغالب فأيهما يرجح؟ قولان، انتهى .
إذا تقرر هذا، فحكم المسألة المسؤول عنها ـ وهي شراء الصامت من اسواق المسلمين ـ الجواز عملا بالأصل، الذي هو النادر دفعا للحرج، حسبما تبين مما تقدم، هذا مقتضى قواعد المذهب، أما مقتضى الورع، فأمر زائد على ذلك، إذ مبناه على الخروج من الشبهات والله أعلم . الأجوبة الصغرى، 209-213
كان يتقدم لنا أنه إذا تعارض الأصل والغالب، يتقدم الأصل إلا في صور قدم الغالب وهو النادر، فهل هذا كذلك أو وقع فيه خطأ؟ فإن قلتم بتصويب ما تقدم وأن القاعدة كذلك هي عند الأيمة ، فما حكم الصامت ( الماء الذي يعصر من العنب قبل نضجه، يستعمل في الأدوية وإذا خمر لمدة طويلة صار مسكرا) الذي يأتي به البرابرة ( سكان الجبال من بلاد المغرب من برقة إلى المحيط الأطلسي)،من الجبال؟ ويبيعونه بالمدن؟ وقد علمتم حالهم وما هم عليه من كثرة تعاطي الخمور ومناولتهم إياه، فالغالب على أوانيهم فخارا أو جلودا أو قروعا ( اليقطين الجاف)، استعملوا الخمر فيها، والأصل السلامة والطهارة، فهل يبنى على الغالب أو الأصل؟ فإن هذا مما عمت به البلوى، وربما دعت الحاجة إلى اشترائه، فاذكر لي ما عندكم في ذلك.
فأجاب:
إن القاعدة صحيحة كما ذكرت، وقد قال الإمام العالم أبو الحسن الأبباني ـ وذكر أقسام شأن الشبهات والإلتباس ـ : " القسم الرابع أن يكون الحل معلوما، ولكن غلب على الظن جريان محرم بسبب معتبر في غلبة الظن فيرفع الاستصحاب ، ويقضى بالتحريم، إذ الاستصحاب ضعيف، ولا يبقى له حكم مع غلبة الظن، كما غذا غلب على ظنه نجاسة إناء بعلامة معينة، فلا يجوز التوضؤ به ولا شربه، هذا إذا غلب على الظن بعلامة متعلقة بعين الشيء، فأما غلبة الظن الناشئة من التكثير، فهل تنقل عن حكم الأصل؟ فيه خلاف .
فمن الناس من يقدم الأصل لضعف الغلبة الناشئة من الكثرة، ويقول: لسنا ننتقل عن الأصول بمجرد ميل النفس إلى الانتقال، حتى يكمل السبب، ثم احتجوا لذلك.
وقال قائل: الغالب مقدم، ثم ذكر الاحتجاج ثم قال: فالصحيح عندنا التمسك بالغالب، إلا في موضع يلزم من التمسك حرج وغضاعة مال محترم، وبيان ذلك بالفقه والنقل، ثم استدل لذلك. انتهى .
وقد ذكر الإمام شهاب الدين القرافي القاعدة في فروقه، وذكر نظائر قدم الشرع النادر فيها على الغالب رحمة للعباد، قال : " وقد غفل عن هذا قوم فدخل عليهم الوسواس، وهم يعتقدون أنهم على قاعدة شرعية، وهي الحكم بالغالب.وهذا كما قالوه، ولكن الشرع ألغى هذا، ثم قال: فمن ألغى الغالب في جميع المسائل خالف الإجماع....قال في مختصر البغوي: والمقصود ...أن يظهر لك أن خلاف القول بترجيح الغالب على النادر مما لا ينبغي، بل ما يكون ذلك إلا بعد بحث شديد، ومعرفة الباحث بالمسائل الفقهية، والدلائل الشرعية، واستقرائه بذلك كله، فبعده يصح له أن يحكم بترجيح ذلك الغالبن وأيضا فلا ينبغي أن يقال: غذا تعارض الأصل والغالب فأيهما يرجح؟ قولان، انتهى .
إذا تقرر هذا، فحكم المسألة المسؤول عنها ـ وهي شراء الصامت من اسواق المسلمين ـ الجواز عملا بالأصل، الذي هو النادر دفعا للحرج، حسبما تبين مما تقدم، هذا مقتضى قواعد المذهب، أما مقتضى الورع، فأمر زائد على ذلك، إذ مبناه على الخروج من الشبهات والله أعلم . الأجوبة الصغرى، 209-213