العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
78
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
---
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد..

فقد من الله علي ببحث مسألة تقنين العقوبات التعزيرية, ولكني أتمهل في نشره حتى أعرضه على بعض المختصين, وحتى أراجعه ليخرج بأحسن صورة بإذن الله.

إلا أني طلب مني حين عرضت مقتطفات من البحث في قاعة الدرس في دراستي للماجستير أن أختصر البحث ليقرر على زملائي كجزء من المنهج, فرأيت أن أضعه في هذا الملتقى كذلك لعلي أثير بعض النقاش في المسألة, والذي سيعود بالنفع علي في تطوير البحث الأصل إن شاء الله.

تجدون البحث في المرفقات, وأتمنى أن تتحفونا بآرائكم ونقدكم البناء.
 

المرفقات

  • مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية.pdf
    83.1 KB · المشاهدات: 0
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بالتوفيق والسداد أخي الكريم
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
يا حبذا لو نسخت البحث على صفحة الملتقى ليستفيد الإخوة منه ويتمنكنوا من قراءته وإبداء الملاحظات عليه
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
78
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
---
بارك الله فيك أخي زايد,

حاولت نسخه ولصقه ولكن التنسيق اختلف ولم يظهر الجدول

على كل حال قرائته متاحة عن طريق ضغط الرابط الذي في المرفقات, بل ويتيح قاريء البي دي إف النسخ منه
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
الفكرة أن يجده من يبحث في محركات البحث أو يجد اي عبارة او جزء منه

 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
بارك الله فيك
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
78
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
---
بارك الله فيكم جميعا

أخي أبا بكر, هل النقاش حول التقنين عموما أو حول تقنين العقوبات التعزيرية, لأن بينهما فروقا

بالنسبة لنسخ البحث ووضعه هنا فأجد فيه صعوبة, ولا أجد الوقت الكافي لمعالجة ذلك, فمن أراد أن ينسخه ويضعه هنا فقد أذنت له على أن يحافظ على تنسيق الأصل كما هو بما في ذلك الجدول وغيره.

نفع الله بكم وأشكر اهتمامكم
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
الحلقات عن التقنين عموما وفيها كلام عن العقوبات التعزيرية .. كان في الحلقة الدكتور محمد السعيدي وهو مع التقنين
والدكتور يوسف خلاوي وهو ضد التقنين والدكتور أحمد الصقيع وهو مع وضد التقنين .... الحلقة مستواها متوسط في نظري والله أعلم
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
من حسنات الحلقة أن هم اتفقوا من البداية أن الخلاف في المسألة سائغ ...
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
بناء على طلب الإخوة الكرام وإذن أخينا الأستاذ طارق- صاحب البحث - سوف أقوم بنقل البحث هنا ليسهل الاطلاع عليه والوصول إليه من خلال محرك البحث

أسأل الله أن يجزي الأخ الكريم خير الجزاء على جهده وأن ينفع به وبعلمه
------------------------

المقصود بتقنين العقوبات التعزيرية:
( صياغة العقوبات التعزيرية بعبارات آمرة محددة لنوع وقدر العقوبة لكل معصية ).
( آمرة ) يخرج ما كان على سبيل الاستحسان بلا إلزام للقاضي.
( محددة ): حيث إلزام القاضي بجزاء محدد قدرا ونوعا في كل معصية هو هدف المقننين.
(لنوع وقدر... آلخ ): بالنوع كأن يحدد العقوبة بالحبس، وبالقدر كأن يجعل له حد أدنى أو أعلى.. مثلا: لا يزيد عن ٢٠٠ جلدة ولا يقل عن ٢٠
ويخرج التقييد بالنوع ما كان مقيدا بالقدر دون النوع لئلا يبل أدنى الحدود، كأن يقيد الجلد إذا اختاره القاضي ب ٣٩ ، ولكن لا يلزم القاضي بالنوع وهو العقوبة بالجلد، فله أن يعاقب بغيره، فمثل هذا التقييد ليس تقنينا، لأن ملحظه ليس الحد من تفويض القاضي، ولذلك نص بعض الفقهاء على أنه إذا رأى الزيادة على أعلى الحد زاد من جنس آخر.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

الفرق بين تقنين الأحكام الشرعية وبين تقنين العقوبات التعزيرية

تقنين الأحكام الشرعيةتقنين العقوبات التعزيرية
المجال عامة الفروع الفقهيةالمعاصي التي فيها التعزير
هل يؤدي لمخالفة القاضي في حكمه ما يدين الله به، وأين تكمن المخالفة؟نعم إذا ترجح له قول غير ما عليه التقنين، فتكون المخالفة في الحكم الذي سينزله على الوقائع المقضي فيها.نعم إذا دان الله أن العقوبة التي تحقق مقصود الشارع من التعزير في عين المقضي فيه هي من جنس آخر أو من نفس الجنس لكن أشد من الحد الأعلى أو أخف من الحد الأدنى. وهنا تكمن المخالفة في تحقيق مناط الشارع في الوقائع.
فعل واضع التقنيناختار أحد الأقوال الفقهية وألزم بها القضاة.أحدث عقوبة مقدرة جديدة.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

الأقوال:
المنع: محمد بن إبراهيم، ومحمود شلتوت، وعبد الله بن منيع.
التجويز: مصطفى أحمد الزرقاء، ووهبة الزحيلي، وعبد العزيز عامر، وغيرهم ١

الأدلة على المنع من تقنين العقوبات التعزيرية:
الدليل الأول: قوله تعالى: { تلك حدود الله فلا تعتدوها } "لأن النص في تحريم تجاوز الحدود يدل بطريق الأولوية على تحريم وضع حدود جديدة " ٢، وفي تقنين التعزير وضع لعقوبة مقدرة جديدة إزاء ما شرعه الله من عقوبات مقدرة. قال ابن قدامة: " َفليس أَقَلُّه مُقَدَّراً؛ لأنه لو تقدر لكان حدا ".
والتشريع صفة من صفات ربوبية الرب لا يشركه فيها أحدا، فليس لأحد أن يحلل أو يحرم أو يضع حدا إلا باستمداد من أدلة رب العالمين الذي إليه الحكم. وإن تقدير ما فوضه الشارع للقضاة هو ترك للتشريع الرباني كما أن ترك ما قدره الشارع للقضاة من حدود ترك للتشريع الرباني.

واعترض بأن وضع العقوبة إزاء الجريمة التعزيرية يستند للمصلحة المرسلة، وهي دليل شرعي عند كثير من العلماء، فليس تقنين التعزير من باب التشريع في شيء.
وأجيب بأن الاستدلال بالمصلحة متى تجرد عن ضوابطه – وهو ما سنبينه ٣ - هو تشريع لا يجوز، قال الغزالي: " فكل مصلحة لا ترجع إلى حِفظ مقصودٍ فُهِم من الكتاب والسنة والإجماع وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشَّرع فهي باطلة مُطَّرِحة، ومن صار إليها فقد شرَّع كما أن من استحسن فقد شرَّع". كما أن المصلحة المرسلة ترجع لأصل غير معين دلت عليه مجموع أدلة شرعية، ولا يكون ذلك في مجال إحداث حدود جديدة، فذلك لا يخرج عن كونه تشريعا لا استمدادا من الشرع. قال ابن حزم: " إحداث الأحكام لا يخلو من أحد أربعة أوجه: إما إسقاط فرض لازم، كإسقاط بعض الصلاة .. أو بعض حد الزنى أو حد القذف، أو إسقاط جميع ذلك، وإما زيادة في شئ منها، أو إحداث فرض جديد، وإما إحلال محرم كتحليل لحم الخترير .. وإما تحريم محلل كتحريم لحم الكبش .. وأي هذه الوجوه كان، فالقائل به مشرك، لاحق باليهود والنصارى ".

واعترض بأن تحديد حد أدنى وأعلى للتعزير لا يجعله حدا، لأن القاضي له اختيار العقوبة بين الحدين، وليس هذا شأن الحدود المقدرة مقدما من الشارع .
ويجاب بأن في التقنين تحديد بالنوع، وكذا القدر لكون القاضي يلزم بألا يجاوز الحدين، وتقييد القاضي هو شأن الحدود، وجعل العقوبة في نطاق حدين فيه تقييد.

الدليل الثاني: أن التقنين يوقع القاضي في ترك الحكم بما أوجبه الله عليه، فالواجب المقصود للشارع أن يحكم بما يحقق الردع، وسيترك القاضي ذلك إذا نظر في واقعة فوجدها تستحق من التعزير نوعا آخر أو تستحق من هذا النوع ما هو أخف أو أشد مما في التقنين.

الدليل الثالث: أن في تحديد العقوبات التعزيرية تشبيه لها بالحدود، والشريعة جاءت بالتفريق بينهما لحكم كثيرة، والتسوية بين ما فرق بينه الشارع مخالفة تفوت مقصوده وهذا لا يجوز. كما أن فيه مخالفة لاتفاق الفقهاء على أن أهم ما يخالف فيه التعزير الحد كونه عقوبة تفويضية بلا تقدير، وقد مضت قرون ولا قائل بالتقنين فهو إذا حادث.

الدليل الرابع: الشارع فوض العقوبة التعزيرية لتحقيق مصالح منها: تمكين القاضي من اختيار العقوبة المناسبة لكل جناية مجتهدا في معرفة الأصلح والأجدى منها، بحيث يتعرف على عين الجناية من حيث خطرها وانتشارها، وينظر في حال الجاني وباعثه، والمجني عليه، والأمور المؤثرة في اختيار نوع وقدر العقوبة يصعب حصرها، لذا كثيرًا ما يؤدي التقنين لظلم الجاني أو المجني عليه أو المجتمع، وقد راعى الشرع ذلك كله حين جعلها مفوضة.
____________________
١ ( ليس كل من قال بجواز تقنين الأحكام الشرعية قال بجواز تقنين العقوبات التعزيرية ).
٢ فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم.
٣ انظر في أدلة المجيزين استدلالهم بالمصلحة ومناقشته.

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

أبرز أدلة المجوزين ومناقشتها:
الدليل الأول: أن التفويض المطلق غير مسلم، بل قيد الفقهاء القاضي بقيود ذكرنا بعضها كفرض حد أعلى لعقوبة الجلد عند الجمهور وحد أعلى للنفي عند بعض العلماء.
ويجاب بأن هذا تحديد في قدر التعزير إذا اختار القاضي تلك العقوبات، والتقنين تحديد لقدر ونوع العقوبة، وهذا لم يثبت أنه قال به أحد حتى شذ من شذ بعد القرن الثامن. كما أن التحديد في الجلد والنفي ليس مبناه عدم تفويض العقوبة للقضاة من ولي الأمر للمصلحة المدعاة عند مجيزي التقنين، بل مبناه أن الشارع هو المقيد بذلك وليس ولي الأمر، وذلك أخذا بنصوص دلت على أنه لا يبلغ بغير الحد مبلغ الحد، إضافة لآثار للصحابة رأى بعض الفقهاء ألا يزاد على ما جاء فيها. كما إن الفقهاء
الذين قيدوا القاضي في الجلد جوزوا له الزيادة على الحد الأعلى من أي نوع آخر من العقوبات، وأنتم لا تقولون بذلك.

الدليل الثاني: استعمال عبارة الإمام عند حديث الفقهاء عن التفويض تدل أنه يشمل تحديد العقوبة لعين الجريمة ولجنسها، والقضاء هو من مهام الإمام أصالة ، فإذا ناب عنه قضاة متخصصون تقيدوا بما يقيدهم به، وله الطاعة في اجتهاداته ما لم تخالف الشرع.
ويناقش بأن تفويض الإمام هو فيما إذا تولى القضاء بنفسه كما هو الأصل، أما أن تكون أقضيته في أعيان العقوبات ملزمة لنوابه فيكون قاضيا في جنس الجريمة فهذا لم يقل به أحد. والنيابة عن الإمام لا تعني أن يكون القاضي مقلدا له أو ملتزما لجميع ما يقرره، وطاعة الإمام في اجتهاده لا يجوز أن يكون في ما يخالف الشريعة، والشريعة فوضت التعزير لاجتهاد القاضي ولم تأذن لأحد أن يكون مشرعا يحدث عقوبات ملزمة لكل القضاة.

الدليل الثالث: يجوز التقنين بناء على جواز الاشتراط على القاضي الحكم بمذهب.
ويجاب بمنع المبني عليه، فقد حكي ابن تيمية وغيره الإجماع على بطلان الاشتراط لأدلة كثيرة ٤، وقد ذكرنا لمسألتنا أدلة زائدة عنها، فلا تلازم بينهما لذلك ولما تقدم من فروق.

الدليل الرابع: يدل على التقنين المصلحة المرسلة، وذلك لغلبة الجهل والتقليد على قضاة العصر، فيؤدي تفويض العقوبة لهم للغلط. كما أن فيه مصلحة توحيد الأحكام القضائية مما يظهر عدالة القضاء ويحفظ سمعته ويقطع تشغيب المشنعين عليه.
ويجاب بجوابين: أجمالي وتفصيلي.
أما الإجمالي فيقال: أن هذه المصالح ملغاة لأمور منها:
أولا: مخالفة مقصود الشارع الذي فرق بين الحدود والتعازير في تفويض العقوبة للقاضي ليراعي كل قضية بعينها، ففي التسوية بينهما تسوية بين المختلفات وتفويت لمقصود الشارع وهذا لا يجوز. كما أن التقنين كثيرا ما يؤدي للتسوية في العقوبة بين جرائم متفاوتة وهذا ظلم، وهذه نتيجة طبيعية لكثرة
الجرائم وتنوعها مما يجعل من المتعذر التفرقة بينها. فلا يجوز معارضة هذه المصالح التي اعتبرها الشرع والمفاسد التي درئها بالمصالح والمفاسد التي يذكرها المجيزون لأن الشارع قد أهملها.
ثانيا: عدم الملائمة لمقصود الشارع، فلا يعهد من تصرفاته تقييد القضاة في اجتهادهم، بل العكس.
ثالثا: مخالفة اتفاق الفقهاء على تفويض العقوبة للقاضي. فلو كانت المصلحة التي يتذرع بها من يبيح تقنين العقوبات التعزيرية والإلزام بها معتبرة لقال بذلك المتقدمون مع توفر دواعيه، فالجهل و التقليد أمر قديم لا يختص به أهل الزمان، وعلماء الأمة على مدى القرون قبل إحداث القول الشاذ بعدم التفويض هم أكثر أهلية ممن بعدهم لمراعاة المصلحة، فدل عدم قولهم بها أنها ملغاة.
رابعا: أن المصالح التي تطرح لتبرير التقنين يمكن تحقيقها بوسائل أخرى، وقد يكون منها تدوين بعض الأحكام التعزيرية يستفيد منها القاضي الذي ليست له أهلية كاملة.
وأما الجواب التفصيلي فكالتالي:
قولهم (القضاة في الأزمنة المتأخرة غلب عليهم الجهل.. آلخ)،
فيناقش بأنه لا يسلم التعميم بغلبة الجهل، ففيهم المجتهد أو مجتهد المسألة، ثم الجهل يزال بالتأهيل الجيد، وهناك حلول أخرى كالمشاورة تندفع بها مفسدة الجهل دون التقنين الذي بينا منعه بالأدلة.
قولهم ( في التقنين مصلحة توحيد.. آلخ)، فيجاب عنه بأن المعاصي الواجب فيها التعزير تختلف عقوباتها لاعتبارات في الجناية والجاني وغيره مما يتعذر معه توحيد الأحكام إلا بظلم، فالتسوية بين المفترقات ظلم. والتقنين ذا الحد الأعلى والأدنى يقع فيه اختلاف وتفاوت في متشابه القضايا فلا مفر.
قولهم (في التقنين قطع للتشغيب.. آلخ) فيناقش بأن التشغيب عادة لأهل الباطل فلا يترك الحق لأجله.
وسبيل المحافظة على سمعة القضاء هو تأهيل القضاة وإعانتهم بالوسائل المتنوعة على ارتقاء أدائهم.

_________________________
٤ - راجع مثلا: فقه النوازل للشيخ بكر أبو زيد.

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

الترجيح:
منع تقنين العقوبات التعزيرية لأسباب كثيرة، ومنها:
١- قوة أدلة المنع وإمكان الجواب عن الإيرادات الواردة عليها، بعكس أدلة المجيزين.
٢- مراعاة مقاصد الشارع الذي فرق بين الحدود والتعزيرات لمصالح وحكم عظيمة.
٣- القول بعدم التفويض حادث، مع أن المبررات المذكورة وجدت قديما.
٤- ما أورده مجيزو التقنين من مصالح يمكن تحصيلها بالإعداد الجاد للقضاة وتوفير المستشارين لهم وغير ذلك. فبقي مراعاة جانب المفسدة بمنع التقنين.
٥- أن استدلالهم بالمصلحة تجرد عن شرطه، وهو كونها ملائمة لها جنس معتبر في الشرع، ولم نجد في الشرع إلزام القضاة وسد باب الاجتهاد عليهم بل وجدنا عكس ذلك.
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

جزاكم الله خيرا
وتقنين العقوبات التعزيرية منعه إن لم يكن من المسلمات المعلومات بالضرورة فإنه أخوها أرضعته أمها بلبانها !
والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
78
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
---
رد: مختصر بحث تقنين العقوبات التعزيرية

جزاك الله خيرا يا أم طارق, فقد نسختيه ولصقتيه بجودة عالية وإتقان, وجهدك لا مزيد عليه.
 
أعلى