د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول د. عبد الوهاب أبو سليمان في نهاية بحثه:
الترجيح:
عنوان هذا العقد: (الإجارة المنتهية بالتمليك) لنبدأ أولاً دراسة ما تعنيه كلمتا: الإجارة، والتمليك، من آثار شرعية على العين في كلا العقدين، وبعبارة أخرى: ماذا تعني الإجارة بالنسبة للمستأجر، والتمليك بالنسبة للمالك من حيث المنفعة والمسؤوليات لكل واحد منهما:
هذا العقد، أعني عقد الإجارة في الفقه الإسلامي يضمن للمؤجر (مالك العين) حقه كاملا في العين في جميع الظروف والحالات لدى الالتزام الكامل بشروط عقد الإجارة وخصائصه، ومن أهم هذه الخصائص أن العين وهي لا تزال ملك المؤجر: صيانتها وما يطرأ عليها من خلل، وما يتوجب من رسوم هي مسؤولية مالكها، وليست مسؤولية المستأجر.
وعلى خلاف ذلك لو كان العقد عقد بيع فإن المسؤولية هي مسؤولية المشتري الذي ملك منافعها.
عقد البيع يخول المشتري كامل التصرف بالعين دون تدخل أو اعتراض من البائع، ولكن هذا العقد يفوت على الشركة البائعة أخذ العين لو أعلن إفلاس المشتري، فإن صاحب السلعة يكون أسوة مع بقية الغرماء، ولا يستحق أخذ العين التي باعها لو كانت موجودة، وفي غير هذه الحالة فإنه لا يثبت له إلا المبلغ المتبقي دون زيادة.
من أجل أن تحقق الشركة كامل مصالحها بالتمام، والفوائد التي تعود عليها غير منقوصة في مثل هذه الصفقات في كافة الظروف والحالات فإن قانوني الشركات بمهاراتهم القانونية يلفقون العقد بصورة تضمن لها مزايا، عقد الإجارة وخصائصه من بقاء العين في ملكية البائع، وعدم صحة تصرفات المستأجر في العين، وتضع على العميل شروطا تضمن إلزامه بما هو من خصائص عقد البيع، من صيانة، ودفع رسوم، وغير ذلك مما هو من مسؤولياتها.
تلجأ الشركات، والمؤسسات إلى هذا العقد الملفق من عقدي البيع والإجارة لحفظ حقوقها في ملكية العين بأنها ملك المؤجر، ولكنها تتخلى عن مسؤوليات الصيانة للعين وتكاليف كل ما يتعلق بذلك، فبهذا الاعتبار تضمن المؤسسة، أو الشركة حقوقها كاملة في العين لو أفلس العميل والعين موجودة فيكون لها الحق في أخذها، دون انتظار لتكون أسوة مع الغرماء.
وفي حالة تلف العين وإثبات التعدي، أو التقصير من المستأجر فإن العميل مطالب بدفع ثمن العين بعملية حسابية تتضمن زيادة على قيمة المثل، وفي جميع الحالات فلمالك العين الأساس الغنم، وعلى العميل الغرم، فتضع معظم المسؤولية على العميل كما لو كان مالكا للعين.
يضاف إلى ما تقدم اشتراط المالك الأساس أنه إذا كان ثمة إخلال بشروط العقد وبنوده من قبل العميل فغالبا ما تشترط الشركة حق فسخ العقد ابتداءً وفرض بعض المبالغ التي تعيد لها حقوقها وزيادات، حسبما تضمن العقد من شروط وغرامات بهذا الخصوص.
وبنظرة شرعية واجتماعية منصفة ينبغي أن ينظر إلى هذا النوع من العقود بطريقة شمولية من عدة نواحي: النواحي الفقهية، النواحي الاقتصادية، النواحي الاجتماعية والواقعية، هذه المحاور التي ينبغي أن ينظر هذا العقد في ضوئها بتأمل وإنصاف، وليس فقط من التقعيدية النظرية:
1- ينبغي ألا يكون العمل الفقهي انتخابياً، يصب في مصلحة الجانب القوي في العقد، وهو التاجر، أو المؤسسة، فيختار من أقوال الفقهاء، والكتابات الفقهية ما يقرر عملاً ينحاز إلى طرف التاجر بصرف النظر عن ما يسببه من استغلال للطرف الضعيف، كما ينبغي أن لا يكون توقيع النصوص تلقائيا بحثا عن تخريج، دون مراعاة للجوانب الاجتماعية، ومآلات الأحكام، ومعرفة الواقع والمعاش.
2- يتضمن هذا النوع من العقود إدخال شروط تختص بعقد البيع على عقد الإجارة الصريح، ومهما قيل في جواز اجتماع هذه العقود فقها فإنها لا تصح شرعا من ناحية إدخال شروط تمثل عقدا آخر لتصب في مصلحة التاجر، أو المؤسسة، أو البنك على حساب المستهلك، أو العميل، واستغلال حاجته، وموقفه الضعيف، وبرغم الاحتجاج بقرار الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي الذي ينص على أنه:
" يجوز اجتماع العقود المتعددة في عقد واحد ، سواء أكانت هذه العقود متفقة الأحكام أممختلفة الأحكام طالما استوفى كل عقد منها أركانه وشروطه الشرعية ، وسواء أكانت هذهالعقود من العقود الجائزة أم من العقود اللازمـة ، أم منهما معاً ، وذلك بشرط ألايكون الشرع قد نهى عن هذا الاجتماع ، وألا يترتب على اجتماعها توسل إلى ما هو محرمشرعاً"([1])
فإن العقدين في وثيقة الإجارة المنتهية بالتمليك لم يستوفيا الشروط، والأركان، بل جاء العقد ملفقا منهما، وبالذات فيما يتصل بالشروط، والواجبات الخاصة بكل عقد، بل ركبت الشروط تركيبا يصب في مصلحة الجانب القوي وهي الشركة، أو المؤسسة، أو غيرها التي عادة ما تمثل الطرف الأول في المعاملات التجارية.
هذا إذا سلمنا صحة اجتماع العقدين في الإجارة المنتهية بالتمليك، حسب نص القرار الآنف الذكر، فإشكالية هذا العقد أن اسمه وعنوانه (الإجارة) ولم يأخذ من عقد الإجارة إلا الاسم، فما يتضمنه العقد في بياناته لا يتفق مع شروطها، ولا يخضع لإجراءاتها.
3- وقوع العقد على جهالة تتمثل في التردد بين أن يستطيع المستأجر الوفاء فتكون العين مملوكة له، أو لا يستطيع الوفاء فتفوت عليه الملكية، وتضيع الأقساط التي هي في حقيقتها أقساط بيع، وليست أقساط تجارة، وهذا من الغرر المحظور شرعا.
4- "الإيجار في هذا العقد ليس إيجارا فقط، هو ثمن للمنفعة، بل مضاف إليه جزء من ثمن العين نفسها، فإذا هلكت العين في الطريق ضاع عليه ما دفع، إذا لم يستطع السداد، ففي هذه الحالة لم يفقد إيجارا فقط، بل فقد إيجارا أو جزءاًً من العين التي كان يستأجرها تحت هذا الاسم"([2])
5- يظهر جليا "عدم توازن الالتزامات بين المؤجر والمستأجر في الإجارة المنتهية بالتمليك إذا كانت تنتهي بالبيع بسعر رمزي، أو بالهبة في آخر عقد الإجارة، لأن في هذه الحالة عقد الإجارة هو عقد تمويلي مقصود منه التمويل والقسط في حقيقته، وفي واقعه يتألف من جزأين:
جزء مقابل الأجرة، والجزء الآخر مقابل التملك، فينبغي أن تتوازن حقوق والتزامات الطرفين بما يعبر عن هذه الحقيقة، ولا يصح أن تهمل من أجل شكليات، وهي أنه يمكن أن نحدد الإجارة بتراضي الطرفين كيفما شئنا، ولكنها في حقيقتها هي إجارة وثمن..."([3])
6- "قواعد العدل تقتضي أن تترتب للمستأجر حقوق خاصة بالمنافع بناءً على عقد الإجارة، وحقوق خاصة بملكية الأصل مستمدة من عقد البيع المضاف ما دام أن ما يدفعه شهريا يتضمن أجرة، ويتضمن قسطا من الثمن؛ لأن الملك لم يتحقق، وليس مقبولا أن يقال: إن تلك كانت أجرة تراضى عليها الطرفان مع العلم باختلافها عن أجرة المثل."([4])
7- من الأسباب التي تؤثر على صحة العقود كل ما يفضي في النهاية إلى الخصومة ويؤدي إلى النزاع، والمشاكل، والواقع الملموس:
أن هذا العقد يطلق يد المؤسسات، والشركات، والتجار لاستغلال أفراد المجتمع محدودي الدخل، ثم في النهاية يفضي بهم إلى ما لا تحمد عقباه حين يدرك الطرف الثاني استغلال حاجتهم، ومعظمهم من الطبقة المتوسطة محدودي الدخل مثقلين بالديون.
وهؤلاء يمثلون الأغلبية في المجتمع، وإن من جراء هذه العقود ونتائجها ما نلمسه من كثرة المحكومين في هذه العقود، والإلقاء بهم في غياهب السجون.
8- هذا النوع من العقود جدير أن تنزل أحكامه وشروطه على أحكام عقد الإجارة، وتمحض مسائله ، وتنزل وقائعه وفق أصوله، وشروطه، وقواعده.
باعتبار أن هذا العقد قديم وعريق في القوانين الوضعية فقد أعلن القانونيون موقفهم منه.
يقول العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري رحمه الله تعالى تحت عنوان (الإيجار الساتر للبيع):
"وحتى يتجنب البائع المحظورين...-عدم اعتبار المشتري مبددا إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن، وعدم استطاعة البائع استرداد العين من تفليسة المشتري- يعمد في كثير من الأحيان أن يخفي البيع بالتفسيط تحت ستار عقد الإيجار، فيسمي البيع إيجارا، وغرضه من ذلك ألا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد العقد، حتى هذه الملكية المعلقة على شرط واقف، والتي كانت هي المانعة من اعتبار المشتري مبددا، ومن استرداد البائع للمبيع من التفليسة فيصف المتعاقدان العقد بأنه إيجار، ويصفان الثمن بأنها هي الأجرة مقسطة، ثم يتفقان على أنه إذا وفى المشتري بهذه الأقساط انقلب الإيجار بيعا، وانتقلت ملكية المبيع إلى المشتري، وحتى يحكمان ستر البائع يتفقان في بعض الحالات على أن يزيد الثمن قليلا على مجموع الأقساط، فتكون الأقساط، فتكون الأقساط التي يدفعها المشتري هي أقساط الأجرة لا أقساط الثمن، فإذا وفاها جميعا ووفى فوق ذلك مبلغا إضافيا يمثل الثمن انقلب الإيجار بيعاً باتاً.
ويحسب البائع بذلك أنه قد حصن نفسه، فهو أولاً وصف البيع بأنه إيجار، وسلم العين للمشتري على اعتبار أنه مستأجر، فإذا تصرف المشتري فيها وهو لا يزال مستأجرا أي قبل الوفاء بالثمن فقد ارتكب جريمة التبديد، ومن ضمن عقودها الإيجار،
وهو ثانيا قد أمن شر إفلاس المشتري إذ لو أفلس وهو لا يزال مستأجرا فإن البائع لا يزال مالكا للمبيع ملكية تامة، فيستطيع أن يسترده من تفليسة المشتري.
ولكن بالرغم من تذرع المتعاقدين بعقد الإيجار يستران به البيع فإن الغرض الذي يرميان إلى تحقيقه واضح، فقد قصدا أن يكون الإيجار عقدا صوريا يستر العقد الحقيقي، وهو البيع بالتقسيط، والمبلغ الإضافي الذي جعله المتعاقدان ثمنا ليس إلا ثمنا رمزيا، والثمن الحقيقي إنما هو هذه الأقساط التي يسميانها أجرة...."([5])
ثم يميز رحمه الله بين الإيجار المقترن بالوعد عن الإيجار الساتر للبيع قائلا:
"ويجب تمييز الإيجار المقترن بوعد البيع عن الإيجار الساتر للبيع، فقد رأينا عند الكلام في البيع: أن الإيجار الساتر للبيع هو في حقيقته بيع.
ومما يدل على أن العقد إيجار مقترن بوعد بالبيع أن تكون الأجرة تقارب أجرة المثل، وأن الثمن في الوعد بالبيع يقارب ثمن المثل، ويدل على أن العقد إيجار ساتر للبيع أن تكون الأجرة مجاوزة لأجرة المثل، وأن يكون الثمن تافها"([6])
لمجموع تلك وق السعودية، وما يشوبه من خلل فقهي، واجتماعي، وفيما يلي نص هذين القرارين....."الأسباب الشرعية والفقهية والاجتماعية أصدر كل من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة قرارا تظهر حقيقة العقد في الس
قال أبو فراس:
وقد سبق في موضوع سابق عرض النصين، وإليك رابط الموضوع.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=581
([1]) منذر قحف: مجلة مجمع الفقه الإسلامي
([2]) حسن الشاذلي التعقيب والمناقشة ، مجلة مجمع الفقه الإسلامي 12/1/681
([3]) منذر قحف التعقيب والمناقشات مجلة مجمع الفقه الإسلامي 12/1/688
([4]) القري، محمد علي بن عيد، التعقيب والمناقشة.....
([5]) الوسيط في شرح القانون المدني.
([6]) الوسيط في شرح القانون المدني.
الترجيح:
عنوان هذا العقد: (الإجارة المنتهية بالتمليك) لنبدأ أولاً دراسة ما تعنيه كلمتا: الإجارة، والتمليك، من آثار شرعية على العين في كلا العقدين، وبعبارة أخرى: ماذا تعني الإجارة بالنسبة للمستأجر، والتمليك بالنسبة للمالك من حيث المنفعة والمسؤوليات لكل واحد منهما:
هذا العقد، أعني عقد الإجارة في الفقه الإسلامي يضمن للمؤجر (مالك العين) حقه كاملا في العين في جميع الظروف والحالات لدى الالتزام الكامل بشروط عقد الإجارة وخصائصه، ومن أهم هذه الخصائص أن العين وهي لا تزال ملك المؤجر: صيانتها وما يطرأ عليها من خلل، وما يتوجب من رسوم هي مسؤولية مالكها، وليست مسؤولية المستأجر.
وعلى خلاف ذلك لو كان العقد عقد بيع فإن المسؤولية هي مسؤولية المشتري الذي ملك منافعها.
عقد البيع يخول المشتري كامل التصرف بالعين دون تدخل أو اعتراض من البائع، ولكن هذا العقد يفوت على الشركة البائعة أخذ العين لو أعلن إفلاس المشتري، فإن صاحب السلعة يكون أسوة مع بقية الغرماء، ولا يستحق أخذ العين التي باعها لو كانت موجودة، وفي غير هذه الحالة فإنه لا يثبت له إلا المبلغ المتبقي دون زيادة.
من أجل أن تحقق الشركة كامل مصالحها بالتمام، والفوائد التي تعود عليها غير منقوصة في مثل هذه الصفقات في كافة الظروف والحالات فإن قانوني الشركات بمهاراتهم القانونية يلفقون العقد بصورة تضمن لها مزايا، عقد الإجارة وخصائصه من بقاء العين في ملكية البائع، وعدم صحة تصرفات المستأجر في العين، وتضع على العميل شروطا تضمن إلزامه بما هو من خصائص عقد البيع، من صيانة، ودفع رسوم، وغير ذلك مما هو من مسؤولياتها.
تلجأ الشركات، والمؤسسات إلى هذا العقد الملفق من عقدي البيع والإجارة لحفظ حقوقها في ملكية العين بأنها ملك المؤجر، ولكنها تتخلى عن مسؤوليات الصيانة للعين وتكاليف كل ما يتعلق بذلك، فبهذا الاعتبار تضمن المؤسسة، أو الشركة حقوقها كاملة في العين لو أفلس العميل والعين موجودة فيكون لها الحق في أخذها، دون انتظار لتكون أسوة مع الغرماء.
وفي حالة تلف العين وإثبات التعدي، أو التقصير من المستأجر فإن العميل مطالب بدفع ثمن العين بعملية حسابية تتضمن زيادة على قيمة المثل، وفي جميع الحالات فلمالك العين الأساس الغنم، وعلى العميل الغرم، فتضع معظم المسؤولية على العميل كما لو كان مالكا للعين.
يضاف إلى ما تقدم اشتراط المالك الأساس أنه إذا كان ثمة إخلال بشروط العقد وبنوده من قبل العميل فغالبا ما تشترط الشركة حق فسخ العقد ابتداءً وفرض بعض المبالغ التي تعيد لها حقوقها وزيادات، حسبما تضمن العقد من شروط وغرامات بهذا الخصوص.
وبنظرة شرعية واجتماعية منصفة ينبغي أن ينظر إلى هذا النوع من العقود بطريقة شمولية من عدة نواحي: النواحي الفقهية، النواحي الاقتصادية، النواحي الاجتماعية والواقعية، هذه المحاور التي ينبغي أن ينظر هذا العقد في ضوئها بتأمل وإنصاف، وليس فقط من التقعيدية النظرية:
1- ينبغي ألا يكون العمل الفقهي انتخابياً، يصب في مصلحة الجانب القوي في العقد، وهو التاجر، أو المؤسسة، فيختار من أقوال الفقهاء، والكتابات الفقهية ما يقرر عملاً ينحاز إلى طرف التاجر بصرف النظر عن ما يسببه من استغلال للطرف الضعيف، كما ينبغي أن لا يكون توقيع النصوص تلقائيا بحثا عن تخريج، دون مراعاة للجوانب الاجتماعية، ومآلات الأحكام، ومعرفة الواقع والمعاش.
2- يتضمن هذا النوع من العقود إدخال شروط تختص بعقد البيع على عقد الإجارة الصريح، ومهما قيل في جواز اجتماع هذه العقود فقها فإنها لا تصح شرعا من ناحية إدخال شروط تمثل عقدا آخر لتصب في مصلحة التاجر، أو المؤسسة، أو البنك على حساب المستهلك، أو العميل، واستغلال حاجته، وموقفه الضعيف، وبرغم الاحتجاج بقرار الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي الذي ينص على أنه:
" يجوز اجتماع العقود المتعددة في عقد واحد ، سواء أكانت هذه العقود متفقة الأحكام أممختلفة الأحكام طالما استوفى كل عقد منها أركانه وشروطه الشرعية ، وسواء أكانت هذهالعقود من العقود الجائزة أم من العقود اللازمـة ، أم منهما معاً ، وذلك بشرط ألايكون الشرع قد نهى عن هذا الاجتماع ، وألا يترتب على اجتماعها توسل إلى ما هو محرمشرعاً"([1])
فإن العقدين في وثيقة الإجارة المنتهية بالتمليك لم يستوفيا الشروط، والأركان، بل جاء العقد ملفقا منهما، وبالذات فيما يتصل بالشروط، والواجبات الخاصة بكل عقد، بل ركبت الشروط تركيبا يصب في مصلحة الجانب القوي وهي الشركة، أو المؤسسة، أو غيرها التي عادة ما تمثل الطرف الأول في المعاملات التجارية.
هذا إذا سلمنا صحة اجتماع العقدين في الإجارة المنتهية بالتمليك، حسب نص القرار الآنف الذكر، فإشكالية هذا العقد أن اسمه وعنوانه (الإجارة) ولم يأخذ من عقد الإجارة إلا الاسم، فما يتضمنه العقد في بياناته لا يتفق مع شروطها، ولا يخضع لإجراءاتها.
3- وقوع العقد على جهالة تتمثل في التردد بين أن يستطيع المستأجر الوفاء فتكون العين مملوكة له، أو لا يستطيع الوفاء فتفوت عليه الملكية، وتضيع الأقساط التي هي في حقيقتها أقساط بيع، وليست أقساط تجارة، وهذا من الغرر المحظور شرعا.
4- "الإيجار في هذا العقد ليس إيجارا فقط، هو ثمن للمنفعة، بل مضاف إليه جزء من ثمن العين نفسها، فإذا هلكت العين في الطريق ضاع عليه ما دفع، إذا لم يستطع السداد، ففي هذه الحالة لم يفقد إيجارا فقط، بل فقد إيجارا أو جزءاًً من العين التي كان يستأجرها تحت هذا الاسم"([2])
5- يظهر جليا "عدم توازن الالتزامات بين المؤجر والمستأجر في الإجارة المنتهية بالتمليك إذا كانت تنتهي بالبيع بسعر رمزي، أو بالهبة في آخر عقد الإجارة، لأن في هذه الحالة عقد الإجارة هو عقد تمويلي مقصود منه التمويل والقسط في حقيقته، وفي واقعه يتألف من جزأين:
جزء مقابل الأجرة، والجزء الآخر مقابل التملك، فينبغي أن تتوازن حقوق والتزامات الطرفين بما يعبر عن هذه الحقيقة، ولا يصح أن تهمل من أجل شكليات، وهي أنه يمكن أن نحدد الإجارة بتراضي الطرفين كيفما شئنا، ولكنها في حقيقتها هي إجارة وثمن..."([3])
6- "قواعد العدل تقتضي أن تترتب للمستأجر حقوق خاصة بالمنافع بناءً على عقد الإجارة، وحقوق خاصة بملكية الأصل مستمدة من عقد البيع المضاف ما دام أن ما يدفعه شهريا يتضمن أجرة، ويتضمن قسطا من الثمن؛ لأن الملك لم يتحقق، وليس مقبولا أن يقال: إن تلك كانت أجرة تراضى عليها الطرفان مع العلم باختلافها عن أجرة المثل."([4])
7- من الأسباب التي تؤثر على صحة العقود كل ما يفضي في النهاية إلى الخصومة ويؤدي إلى النزاع، والمشاكل، والواقع الملموس:
أن هذا العقد يطلق يد المؤسسات، والشركات، والتجار لاستغلال أفراد المجتمع محدودي الدخل، ثم في النهاية يفضي بهم إلى ما لا تحمد عقباه حين يدرك الطرف الثاني استغلال حاجتهم، ومعظمهم من الطبقة المتوسطة محدودي الدخل مثقلين بالديون.
وهؤلاء يمثلون الأغلبية في المجتمع، وإن من جراء هذه العقود ونتائجها ما نلمسه من كثرة المحكومين في هذه العقود، والإلقاء بهم في غياهب السجون.
8- هذا النوع من العقود جدير أن تنزل أحكامه وشروطه على أحكام عقد الإجارة، وتمحض مسائله ، وتنزل وقائعه وفق أصوله، وشروطه، وقواعده.
باعتبار أن هذا العقد قديم وعريق في القوانين الوضعية فقد أعلن القانونيون موقفهم منه.
يقول العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري رحمه الله تعالى تحت عنوان (الإيجار الساتر للبيع):
"وحتى يتجنب البائع المحظورين...-عدم اعتبار المشتري مبددا إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن، وعدم استطاعة البائع استرداد العين من تفليسة المشتري- يعمد في كثير من الأحيان أن يخفي البيع بالتفسيط تحت ستار عقد الإيجار، فيسمي البيع إيجارا، وغرضه من ذلك ألا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد العقد، حتى هذه الملكية المعلقة على شرط واقف، والتي كانت هي المانعة من اعتبار المشتري مبددا، ومن استرداد البائع للمبيع من التفليسة فيصف المتعاقدان العقد بأنه إيجار، ويصفان الثمن بأنها هي الأجرة مقسطة، ثم يتفقان على أنه إذا وفى المشتري بهذه الأقساط انقلب الإيجار بيعا، وانتقلت ملكية المبيع إلى المشتري، وحتى يحكمان ستر البائع يتفقان في بعض الحالات على أن يزيد الثمن قليلا على مجموع الأقساط، فتكون الأقساط، فتكون الأقساط التي يدفعها المشتري هي أقساط الأجرة لا أقساط الثمن، فإذا وفاها جميعا ووفى فوق ذلك مبلغا إضافيا يمثل الثمن انقلب الإيجار بيعاً باتاً.
ويحسب البائع بذلك أنه قد حصن نفسه، فهو أولاً وصف البيع بأنه إيجار، وسلم العين للمشتري على اعتبار أنه مستأجر، فإذا تصرف المشتري فيها وهو لا يزال مستأجرا أي قبل الوفاء بالثمن فقد ارتكب جريمة التبديد، ومن ضمن عقودها الإيجار،
وهو ثانيا قد أمن شر إفلاس المشتري إذ لو أفلس وهو لا يزال مستأجرا فإن البائع لا يزال مالكا للمبيع ملكية تامة، فيستطيع أن يسترده من تفليسة المشتري.
ولكن بالرغم من تذرع المتعاقدين بعقد الإيجار يستران به البيع فإن الغرض الذي يرميان إلى تحقيقه واضح، فقد قصدا أن يكون الإيجار عقدا صوريا يستر العقد الحقيقي، وهو البيع بالتقسيط، والمبلغ الإضافي الذي جعله المتعاقدان ثمنا ليس إلا ثمنا رمزيا، والثمن الحقيقي إنما هو هذه الأقساط التي يسميانها أجرة...."([5])
ثم يميز رحمه الله بين الإيجار المقترن بالوعد عن الإيجار الساتر للبيع قائلا:
"ويجب تمييز الإيجار المقترن بوعد البيع عن الإيجار الساتر للبيع، فقد رأينا عند الكلام في البيع: أن الإيجار الساتر للبيع هو في حقيقته بيع.
ومما يدل على أن العقد إيجار مقترن بوعد بالبيع أن تكون الأجرة تقارب أجرة المثل، وأن الثمن في الوعد بالبيع يقارب ثمن المثل، ويدل على أن العقد إيجار ساتر للبيع أن تكون الأجرة مجاوزة لأجرة المثل، وأن يكون الثمن تافها"([6])
لمجموع تلك وق السعودية، وما يشوبه من خلل فقهي، واجتماعي، وفيما يلي نص هذين القرارين....."الأسباب الشرعية والفقهية والاجتماعية أصدر كل من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة قرارا تظهر حقيقة العقد في الس
قال أبو فراس:
وقد سبق في موضوع سابق عرض النصين، وإليك رابط الموضوع.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=581
([1]) منذر قحف: مجلة مجمع الفقه الإسلامي
([2]) حسن الشاذلي التعقيب والمناقشة ، مجلة مجمع الفقه الإسلامي 12/1/681
([3]) منذر قحف التعقيب والمناقشات مجلة مجمع الفقه الإسلامي 12/1/688
([4]) القري، محمد علي بن عيد، التعقيب والمناقشة.....
([5]) الوسيط في شرح القانون المدني.
([6]) الوسيط في شرح القانون المدني.
التعديل الأخير: