العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسألة الصلاة في وقت النهي وحكمها / كلام العلامة عبد الكريم الخضير

إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
نأتي إلى مسألة..، هذه مسألة عملية، لكن مسألة عملية أكثر منها -وإن كنا يعني طرقناها مراراً لكن ما يمنع أن نعيدها للمناسبة- أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع، إذا بزغت الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وإذا تضيفت الشمس للغروب حتى تغرب"، ثلاث ساعات، إضافة إلى الوقتين الموسعين: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس)) فالأوقات خمسة، الأوقات خمسة، عندنا النهي عن الصلاة في هذه الأوقات الخمسة، وعندنا أحاديث ذوات الأسباب، ونأخذ مثالاً -هو من أوضحها-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) الآن تسمعون وترون الناس يتسامحون في الصلاة في أوقات النهي، يتسامحون كثيراً، ورأينا من أهل العلم والفضل من يدخل قبل غروب الشمس بدقيقتين أو ثلاث فيصلي، أو يدخل المسجد مع بزوغ الشمس ويصلي؛ عملاً بحديث التحية -تحية المسجد- يتسامحون لماذا؟
لأنهم اعتادوا أن يقال: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام -يعني كما يقول الشافعية- اعتاد الناس أن يقولوا مثل هذا الكلام، ووجد قبولاً، وجد ارتياحاً نفسياً؛ بعد أن أكد بعض من ينتسب إلى العلم، وينبغي أن يؤكد لكن ليس على إطلاقه، نبذ التقليد، ناس رأوا الناس ملتزمين بمذهب معين، فالثورة على التقليد صار لها آثاراً صار لها ردود أفعال، التقليد بالنسبة للمتأهل لا يجوز، لكن هل يؤمر كل شخص بالاجتهاد؟
يعني جاءت هذه الدعوة، وهي دعوة حق، لا نقول: هي باطلة، لكن ليست لكل الناس، للمتأهل على العين والرأس، فجاءت هذه الدعوة وصادفت محل، الناس متمسكون بمذهب، والمذهب يرى منع الصلوات في هذه الأوقات بل يتشددون في مثل هذا الأمر، حتى رأينا من يحرف الذي يريد أن يصلي، يحرفه عن القبلة، فالمسألة صارت من باب ردود الأفعال، وإلا لو بحثت بحثاً مبسوطاً ما صار لها مثل هذه الآثار.
نأتي إلى المسألة: عندنا حديث عقبة وما جاء في معناه من النهي عن الصلاة في أوقات النهي، وعندنا الأمر بصلاة ركعتين قبل أن يجلس: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)).
الحديث الأول -حديث عقبة- فيه عموم، عمومه من جهة الصلوات، فهو عام في جميع الصلوات: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن.."، أي صلاة، هذه الصلوات لا تصلى في هذه الأوقات سواءً كانت فرائض مقضية أو مؤادة، نوافل مطلقة أو مقيدة؛ فعموم حديث: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" شامل لجميع الصلوات، فعمومه من هذه الحيثية، وخصوصه في هذه الأوقات، فهو عام في الصلوات خاص في الأوقات.
النصوص الأخرى التي هي نصوص ذوات الأسباب عمومها في الأوقات، خصوصها في الصلوات، هل نستطيع أن نوفق بين هذه النصوص كما وفقنا في آيتي العدة في أول الأمر؟ يمكن؟
هل نقول: يمكن حمل عموم أحدهما على خصوص الآخر؟
عندنا عموم وخصوص وجهي وليس بمطلق، وأولئك الذين دخلوا في أوقات النهي وصلوا قالوا: الخاص مقدم على العام، فإذا قال الشافعي مثلاً: أحاديث النهي عامة في الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، للحنفي والمالكي والحنبلي -على كل حال هو قول الجمهور- للحنفي والمالكي والشافعي أن يقول: العكس، له أن يقول العكس: أحاديث ذوات الأسباب -ومنها تحية المسجد- عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، كلامه صحيح وإلا ما هو بصحيح؟
نعم، كلام الأول صحيح، وكلام الثاني صحيح، لكن كل منهما نظر إلى النصوص من زاوية، وأهمل الزاوية الأخرى.
وعلى المنصف أن ينظر إلى النصوص من جميع الزوايا؛ لأنه إذا قال الشافعي: أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة نقول: كلامك صحيح، لكنه بالنسبة لأيش؟ للصلوات، وأنت لم تنظر إلى العموم والخصوص في الأوقات، فيعارضه قول من يقول: أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، فالنصوص متكافئة، ولا يمكن تخصيص عموم أحد الطرفين بخصوص الآخر.
الدعوة التي أثيرت قبل ربع قرن حول التقليد ونبذ التقليد، وصادفت محل متهيئ وهي في جملتها دعوة طيبة أعادت الناس إلى الالتزام بالدليل، وصادفت أيضاً مجتمعات تقدم آراء الرجال على النصوص، وصار لها ردود أفعال، وواكب ذلك أيضاً دفعه..، كون شيخ الإسلام -رحمه الله- يوافق الشافعية، وشيخ الإسلام، شيخ الإسلام، يعني ما أحد..، نعم، فكأن الناس صار..، كأن هذه المسألة صارت قضية مسلمة لا يمكن النقاش فيها، وأن مذهب الحنابلة والحنفية والمالكية خطأ لا يحتمل الصواب، هذا الكلام ليس بصحيح، المسألة من حيث النصوص متكافئة، وحينئذ نحتاج إلى مرجح خارجي، بمَ يرجح الشافعية قولهم في تقديم أحاديث ذوات الأسباب على أحاديث النهي؟
طالب:.......
بكثرة المخصصات، نعم، عموم أحاديث النهي غير محفوظة، دخله مخصصات، مخصص بالفرائض، نعم، بالفرائض سواءً كانت مؤداة أو مقضية، وأيضاً.
طالب:.......
يخير لصاحب القول الآخر إلا في هذه الأوقات، إيه له أن يقلبها عليه.
طالب:.......
نعم، سبب الورود، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أو نقول: سبب الورود دخوله في النص قطعياً، أنت معي؟
طالب:.......
تعلمون ماذا يقصد؟ نعم؟
إذا جاء شخص إلى المسجد وقد صلى في بيته، وهم يصلون أو صلى في مكان آخر ووجد الناس يصلون، يصلي معهم، ((إذا صليتما في رحالكما فصلوا)): هذا النص جاء في صلاة الصبح، وما بعد صلاة الصبح وقت نهي، وأيضاً وقت النهي بالنسبة لصلاة الصبح استثنيت من النوافل ركعتا الصبح.
على كل حال أحاديث النهي دخلها من المخصصات الشيء الكثير، فعمومها ليس بمحفوظ، أحاديث ذوات الأسباب عمومها محفوظ وإلا غير محفوظ؟
طالب:.......
دعونا من محل النزاع، الذي هو محل البحث، يعني من غير محل النزاع، الشافعية يرجحون قولهم بأن عموم أحاديث ذوات الأسباب محفوظ، وعموم أحاديث النهي غير محفوظ، وللطرف الآخر أن يرجح، بأي شيء؟
بأن الحظر مقدم على الإباحة، ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)): فالحظر هنا مقدم، المنع مقدم على الأمر بالصلاة.
حتى المرجحات متكافئة، المرجحات متكافئة، ولهذا قرر جمع من أهل العلم أن هذه المسألة من عُضَل المسائل؛ ليست من المسائل السهلة التي لكل شخص أن يقول: وراه جلست وركعت، ورا ما تصلي، دخل أحد المسجد العصر قال له واحد: وراك ليش تجلس وراك ما صليت؛ ((ذا دخل أحدكم المسجد..))، أو جاء شخص صلى يأتيه آخر يقول له: ليش تصلي في وقت النهي؟
فالمسألة ليست بهذه السهولة، بل هي من عضل المسائل حتى قرر بعض أهل العلم أن الإنسان لا يدخل المسجد في وقت النهي؛ لأنه إن صلى خالف أحاديث النهي، إن لم يصلِّ خالف حديث تحية المسجد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
فعلى هذا يقول: لا تدخل المسجد في هذا الوقت، أو إذا دخلت فاستمر واقفاً، يعني كيف يصنع شخص جاء إلى المسجد خشي أن تفوته الصلاة والمسجد فيه درس بعد صلاة العصر أو بعد صلاة الصبح وخشي أن تفوته الصلاة صلى في الطريق ثم جاء إلى المسجد، أو إمام مسجد صلى بجماعته وجاء إلى المسجد الذي فيه درس بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر ماذا يصنع؟ نقول له: صل وإلا لا تصلِّ؟
أولاً إن جلس لا نأمره بالصلاة، وإن صلى لا ننهاه عن الصلاة، لوجود النصوص التي لا يمكن الترجيح بينها؛ لما ذكرنا.
على أنه من باب النظر الدقيق في النصوص إذا جاء الداخل إلى المسجد في الأوقات الموسعة في الوقتين الموسعين، جاء بعد صلاة الصبح فالمتجه أنه يصلي وإلا لا يصلي؟ يصلي، ومثله إذا دخل المسجد العصر والشمس بيضاء نقية، يصلي، بينما إذا جاء في الأوقات المضيقة عند طلوع الشمس وعند غروبها وإذا قام قائم الظهيرة، نقول له: لا تصلِّ، لماذا؟ لأن المنع من الصلاة في الوقتين الموسعين -قرر جمع من أهل العلم- أنه من باب سد الذريعة، النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد العصر قالوا: من باب سد الذريعة، كيف سد الذريعة؟ لئلا يسترسل في الصلاة فيصلي في وقت طلوع الشمس أو وقت غروبها، فدل على أن المقصود من النهي ألا يصلي الإنسان في وقت طلوع الشمس أو في وقت غروبها، فهذا منع منه قصداً، وذاك منع منه من باب منع الوسائل، فعلى هذا يكون النهي في الوقتين موسعين أسهل وأخف من النهي عن الصلاة في الأوقات المضيقة الثلاثة.
طالب:.......
نع؟
طالب:.......
لا، يجلس ما فيه إشكال؛ لأن النصوص واضحة، وإن وقف والمدة يسيرة لا تتجاوز عشر دقائق ربع ساعة، فله ذلك.
طالب:.......
هو يبدو ربع ساعة الظاهر ما يزيد -إن شاء الله- يمضي ربع ساعة، إذا دخل والشمس بيضاء نقية يصلي، إذا دخل بعد صلاة الصبح أذن له أن يصلي راتبة قبل الصبح بعد الصبح فدل على أن الأمر فيه سعة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، نعم، كثير من السلف أثر عنهم أنهم يصلون بعد العصر، فدل على أن النهي والمنع من الصلاة في والوقتين الموسعين إنما هو من باب منع الوسائل لا المقاصد؛ لئلا يسترسل ويستمر يصلي حتى يضيق الوقت.
تروا المسألة عملية ويحتاجها كل أحد.
طالب:.......
يسمى جلوس وإلا ما هو بجلوس؟
طالب:.......
هو إذا كان الوقت ضيقاً ولا يتحمل مثلاً الوقوف لا مانع أن يصنع مثل هذا؛ لأنه له أن يجلس؛ "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"؛ لشدة النهي، ولذا يورد بعضهم على الأوقات الخمسة لماذا لا تصير ثلاثة ابتداءً، من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس يصير واحد، ليش ما يقسموها اثنين؟ ووقت الزوال، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس ليش ما يقسموها اثنين تصير ثلاثة؟ وهي كذلك على سبيل الإجمال، لكن بسطت لماذا؟ لماذا قالوا ثلاثة؟
لأنها تختلف خفة وقوة، وتختلف أيضاً من جهة أخرى وهي أن الوقتين الموسعين النهي عن شيء واحد وهو أيش؟ الصلاة فقط، والنهي في الأوقات الثلاثة المضيقة عن..، نعم، عن شيئين الصلاة وعن قبر الميت، "وأن نقبر فيهن موتانا، وإن كان بعضهم يقول: إن المراد بقبر الموتى الصلاة على الجنازة.
فيها غموض المسألة وإلا؟
طالب:.......
نعم، نعم يا أحمد؟
طالب: جاء في وقت النهي هل ينكر عليه؟
وصلى؟
طالب:.......
مشكلتنا أنه القول الآخر يعني ما هو بملغى من كل وجه، لكن لو أشير عليه، يعني لو جاء في الوقت الموسع وصلى ما ينكر عليه، جلس ما ينكر عليه؛ لأن كلاً منهما معه نص، لكن لو أشير عليه، قيل له: لو في الأوقات الضيقة هذه التي النهي فيها شديد لو انتظرت حتى يخرج وقت النهي أفضل لك، يعني من باب المشورة؛ لأن القول الآخر أيضاً له حظ من النظر وله دليل.
طالب: أحسن الله إليك، هذا على القول أن تحية المسجد واجبة؟
لا ما هو على القول بوجوبها، على القول أنها..، جماهير أهل العلم على أنها سنة.
طالب:.......
الآن عندنا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ وعندنا الأمر بتحية المسجد هل هو للوجوب أو للاستحباب، كلاهما يتجاذبه ما يتجاذبه من الخلاف بين أهل العلم، اختلفوا في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة، كما أنهم اختلفوا في تحية المسجد والأدلة المتكاثرة تدل على عدم الوجوب، وهو قول جماهير أهل العلم.
http://www.khudheir.com/ref/1252/text
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
في الحقيقة هذه المسألة جديرة بالبحث و المناقشة
لانه صار كثير من الناس يتساهلون فيها
و أنا أقوم ببحثها تحت عنوان : الصلاة في وقت النهي وحكمها
أسأل الله أن ييسر خروج هذا البحث
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الدراسة المختصة لدقائق المسائل تثري طالب العلم بالكثير من نفائس العلم وغرائبه ودقائقه مما لا تكاد تجده حتى

في المؤلفات المختصة بذلك الفن الذي ظفرت بفائدته.

لاسيما إن كان الباحث في حال من التجرد والتدقيق.

ولذا نقول: بالتوفيق يا أبا حزم ، فلك من كنيتك نصيب، ونحن بانتظار ما تفسر به من نتائج هذا البحث المشكل.
 
أعلى