العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مســـائــل في الطــلاق .......

صلاح بن خميس الغامدي

قاضي بوزارة العدل السعودية
إنضم
27 أبريل 2008
المشاركات
103
الإقامة
الدمام - المنطقة الشرقية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أحمد
التخصص
الفقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام حرسها الله
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وبعد ..

مسائل في الطلاق
أولا أهنئ جميع المسلمين ببلوغ هذا الشهر الكريم ، واسأل الله أن يوفقنا فيه جميعا لطاعته ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، آمين .
وبعد ..
فهذه مسائل في الطلاق وهي مسائل مشهورة وقد قمت بعرض الخلاف فيها باختصار شديد حسب ما يناسب المقام مع ذكر القول الراجح بدليله ، وما احتاج فيها إلى بسط بسطت الكلام فيه، أسأل الله أن ينفع بذلك.

1- الطلاق بالثلاث بلفظ واحد .
هذه مسألة مشهورة وقد اختلف الفقهاء فيها على قولين مشهورين .
فجمهور الفقهاء على وقوع ثلاث طلقات .
والرأي الأظهر في ذلك هو أن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة ، وهو رأي جمع من المحققين كابن تيمية وابن القيم ، وابن باز من المعاصرين وغيرهم .
فقد صح عن النبي صلى الله وعليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن الطلاق الثلاث كان يجعل واحدة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما، ولكن عمر رضي الله عنه لما رأى تساهل الناس بالطلاق رأى أن يضع حدا لذلك، فاعتبر الطلاق بالثلاث بلفظ واحد بينونة كبرى .

2- الطلاق بالثلاث بتكرير لفظ الطلاق بدون فاصل .
مثل أن يقول لزوجته : أنت طالقٌ طالق طالق .
فهذه إن أراد التكرار فتقع ثلاث ، وإن أراد التأكيد فتقع واحدة .
وإن لم ينو شيئا أي قال لزوجته ( أنت طالق طالق طالق )فتجعل واحدة وهو الصحيح ؛ لأن الأصل أنها زوجته ولا نحكم بالطلاق إلا بيقين، ومنهم من قال أنها تجعل ثلاث .

3- الطلاق بالثلاث بتكرير لفظ الطلاق مع الفصل بحرف أو غيره .
مثل أن يقول لزوجته : طلق وطالق وطالق ، طالق فطالق فطالق ، طالق ثم طالق ثم طالق.
فهذه قال جمهور الفقهاء أنها تقع ثلاث طلقات لأن ذلك يقتضي المغايرة ، وهو الرأي الراجح . وهو رأي ابن باز رحمه الله.

4- طلاق الحائض ، وطلاق المرأة في طهر جامعها فيه .
في المسألة خلاف مشهور ، فالجمهور يوقعون طلاق الحائض ويستدلون لذلك بما يلي :
أ*- بقصة ابن عمر عندما أمره النبي أن يراجع امرأته قالوا : فلو أن الطلاق لم يقع لما أمره بمراجعتها.
ب-ويقولون أنه وردت لفظة في البخاري ( وحسبت تطليقة ) .
جـ- أن ابن عمر رضي الله عنهما وهو صاحب القصة أدرى وأعلم بمضي الطلاق وعدمه؛ فإن ابن عمر نص على وقوع الطلاق وأفتى بذلك، فكان إذا جاءه السائل -كما في الصحيحين- يسأله عن امرأةٍ طلقها في الحيض أمضى عليه الطلاق واحتسبه، والراوي أدرى بما روى، خاصةً وأنه صاحب القصة .
د- وفي الصحيحين أنه قيل له: هل احتسبت؟ قال: فمه؟ وفي روايةٍ أخرى: (ما لي إن عجزت واستحمقت؟) أي: ما لي وما شأني وما المانع أن تنفذ عليّ طلقتي مع أني قد عجزت واستحمقت ، و أيضاً جاء في الرواية الأخرى عن نافع وعن سعيد بن جبير و أنس بن سيرين و محمد بن سيرين كلها تعضد هذا.
والقول الثاني في المسألة / وهو أن الطلاق لا يقع وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وهو رأيٌ للعلامة ابن باز .
ويستدلون لذلك برواية أبي الزبير محمد بن تدرس المكي عن ابن عمر أنه حضره وقد سأله السائل، فقال رضي الله عنه ، أي: ابن عمر - : ( فردها عليّ ولم يرها شيئاً )، أي لم ير الطلقة شيئاً.
وقد أجاب الجمهور عن ذلك بما يلي :
أن لفظة: (ردها عليّ، ولم يرها شيئاً) هذه تحتمل معنيين، كما يقول الإمام الشافعي ، (لم يرها شيئاً)، أي: لم يرها شيئاً مصيباً للسنة، لا أنه لم يرها طلقة، والسبب في هذا: أن ابن عمر نفسه الذي قال كلمة: (ولم يرها شيئاً) يصف حال النبي صلى الله عليه وسلم في فتواه، ولا يتأتى منه أن يقصد أنه لم يطلقها، إذ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرها طلقة لما طلق ابن عمر رضي الله عنه وأفتى بالطلاق، فإذاً قوله: (لم يرها شيئاً)، تردد بين معنيين .
وعندنا قاعدة أصولية أنه إذا تعارضت روايات صريحة لا تحتمل مع غيرها قدمت الصريحة ، كما في قوله في بعض الروايات المرفوعة: (هي طلقة) وفي رواية الدارقطني : ( احتسبت طلقةً واحدة ).
فالرواية الصريحة بالاحتساب جاءت عن ابن عمر نفسه أنه يحتسبها ولا تحتمل، فقوله: (هي طلقة) و(احتسبت طلقة) و(اعتد بها) كما في الرواية عن سالم و أنس بن سيرين و محمد بن سيرين روايات صريحة في الوقوع والاعتداد.
وقوله: (لم يرها شيئاً) متردد بين أن يقصد به عدم الوقوع وبين أن يقصد به عدم موافقة السنة، فلما ترددت بين المعنيين لم تقوَ على معارضة الصريح الذي لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وبناءً على ذلك من حيث اللفظ رواية الوقوع أقوى من التي تنفي الوقوع .
ومن حيث المتن فإن الذي نص على احتساب الطلقة أثبت، والذي لم يرها شيئاً لم يثبت، والقاعدة: أن المثبت مقدمٌ على النافي، ومن حفظ حجةٌ على من لم يحفظ .
ويجيب أصحاب القول الثاني الذين يقولون أن طلاق الحائض لا يقع بما يلي :
1- إن المراجعة معناها الرد، ردها إلى عصمته إلى بيته، ولا يلزم منها المراجعة الشرعية ولا يلزم منها القول بوقوع الطلقة، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك)، والرسول لا يأمر بتكرار الطلاق وتكثيره وإنما أراد إيقاع الطلاق الذي أراده ابن عمر وأما الطلقة الأولى فهي لاغية لأنها وقعت في غير محلها، وقعت على غير الوجه الشرعي، فلا تكون معتبرة والطلاق المعتبر هو الأخير الذي بعد طهرها من حيضتها الثانية التي بعد الحيضة التي طلقها فيها.
2- أما قولهم بانه أفتي بوقوع الطلاق فنقول : إنه ورد في لفظ آخر: (ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك)، وفي لفظ آخر: (ثم يطلقها طاهراً أو حاملاً)، فدل ذلك على أن الطلقة التي طلقها في الحيض غير واقعة، وقد سئل ابن عمر عن ذلك سأله رجل قال: ( يا أبا عبد الرحمن: رجل طلق امرأته وهي حائض أيعتد بها، فقال له: لا يعتد بها ) وهو نفسه الذي وقعت له القصة رواه محمد بن عبد السلام الخشلي بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه سئل عن ذلك فقال: لا يقع، وهو صاحب القصة، ذكر هذا أبو العباس ابن تيمية وابن القيم وغيرهما عن الإمام العلامة محمد بن عبد السلام الخشلي أنه روى هذا بإسناده الصحيح إلى ابن عمر، وبه قال طاووس بن كيسان اليماني، أحد أصحاب ابن عباس وأحد كبارهم ، كما قاله ابن عمرو الحجلي .
3- ولأنه طلاق لم يوافق الشرع فلم يعتبر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، يعني مردود، وهذا طلاق ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، يكون مردوداً.
وردوا على ما جاء في رواية ( احتسبت طلقة ) فقالوا :
أما ما جاء في بعض الروايات من أنه احتسبها أو أنه حسبت عليه فهذا ليس بواضح أنه من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو من اجتهاده رضي الله عنه حسبها باجتهاده ثم بان له بعد ذلك أن احتسابها غير واقع وغير مناسب فلهذا أفتى بأنها لا تقع كما سبق ذكره ، وما ذكروه من القاعدة في التعارض بين اللفظ الصريح وغيره ، فنقول إن هذا القول من اجتهاد ابن عمر .

هذا والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
وكتبه الفقير إلى عفو ربه ومولاه
صلاح بن خميس بن عبد الله الغامدي
 
التعديل الأخير:

صلاح بن خميس الغامدي

قاضي بوزارة العدل السعودية
إنضم
27 أبريل 2008
المشاركات
103
الإقامة
الدمام - المنطقة الشرقية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أحمد
التخصص
الفقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام حرسها الله
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله

تصحيح عبارة (( فقد صح عن النبي صلى الله وعليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن الطلاق الثلاث كان يجعل واحدة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما ...)))

وصحتها (( فقد صح من حديث ابن عباس : أن الطلاق كان ...الخ )))

وبالله التوفيق
 
إنضم
14 يناير 2017
المشاركات
71
الكنية
أبو أسماء
التخصص
الحديث
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مســـائــل في الطــلاق .......

بارك الله فيك و نفع بك ومن مسائل الطلاق الطلاق المعلق ننتظر مشاركتك المميزة وجزاك الله خيرا
 
أعلى