العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسقطات حد القذف وكيف يتوب القاذف؟

إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
الحمد لله وبعد :
مسقطات حد القذف وكيف يتوب القاذف؟
الشيخ ندا أبو أحمد
يسقط حد القذف عن القاذف - فلا يُعاقَب به - بواحدٍ مما يأتي:
1- عفو المقذوف عن القاذف[1]: فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن للمقذوف أن يعفو عن القاذف؛ سواء قبل الرفع إلى الإمام، أو بعد الرفع إليه؛ لأنه حقٌّ لا يُستوفى إلا بعد مطالبة المقذوف باستيفائه، فيسقط بعفوه، كالقصاص، وفارَقَ سائر الحدود، فإنه لا يُعتبر في إقامتها طلبُ استيفائها. وذهب المالكية إلى أنه لا يجوز العفو بعد أن يُرفع إلى الإمام، إلا الابن في أبيه، أو الذي يريد سترًا.
وأما الحنفية فذهبوا إلى أنه لا يجوز العفو عن الحد في القذف؛ سواء رفع إلى الإمام، أو لم يرفع. وسبب اختلافهم -
كما قال ابن رشد -: "هل هو حقٌّ لله أو حق للآدميين، أو حق لكليهما؟ فمَن قال: "حق لله"، لم يُجِز العفو كالزنا، ومن قال: "حق للآدميين"، أجاز العفو، وعُمدتهم أن المقذوف إذا صدقه فيما قذفه به سقط عنه الحد".

ومن قال: "هو حق لكليهما وغلَّب حقَّ الإمام إذا وصل إليه، قال بالفرق بين أن يصل إلى الإمام أو لا يصل". قلت: "ولعل هذا الأخير يتأيَّد بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: ((تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب))؛ (رواه أبو داود والنسائي). وبالقياس على الأثر الوارد في السرقة في حديث صفوان بن أُمية في قصة الذي سُرِق رداؤه ثم أراد ألا يقطع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به؟))؛ (رواه أبو داود والنسائي)، والله تعالى أعلم.
2- اللِّعان: وذلك إذا رمى الرجل زوجته بالزنا، أو نفى حملها أو ولدها منه، ولم يقم بيَّنة على ما رماها به، فإن الحدَّ يسقط عنه إذا لاعنها كما تقدَّم في "اللعان".
3- البيِّنة: فإذا ثبت زنا المقذوف بشهادةٍ أو إقرار؛ فإنه يُحَدُّ المقذوف، ويسقط الحد عن القاذف؛ لقوله تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً... ï´¾ [النور: 4].
4- زوال الإحصان عن المقذوف: فذهب الجمهور إلى أنه لو قذف مُحصَنًا ثم زال أحد أوصاف الإحصان عنه، كأن زَنَى المقذوف، أو ارتد[2] أو جُنَّ، سقط الحدُّ عن القاذف؛ لأن الإحصان يشترط في ثبوت الحد، وكذلك استمراره. وأما الحنابلة فقالوا: "إذا ثبت القذف فإنه لا يسقط بزوال شرط من شروط الإحصان بعد ذلك، ولا يسقط الحدُّ عن القاذف بذلك".
5- رجوع الشهود على القذف عن الشهادة: إذا ثبت حدُّ القذف بشهادة الشهود، ثم رجعوا عن شهادتهم قبل إقامة الحد، سقط الحد باتفاق الفقهاء، وكذلك إذا رجع بعضهم ولم يبق منهم ما يثبت الحدُّ بشهادته منهم؛ لأن رجوعهم شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات"؛ (انظر الموسوعة الفقهية: 33/16)؛ (صحيح فقه السُّنَّة: 4/ 72-73).

كيف يتوب القاذف؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين:
الأول: أن يكذِّب نفسه فيما قاله: وهذا مذهب الشافعي وأحمد؛ لأن ذلك ضد الذنب؛ ليرتفع عن المكذوب العار الذي ألحقه به.
الثاني: الندم والإصلاح، وإن لم يكذب نفسه، وهذا مذهب مالك. والصحيح هو القول الأول، ولا يقال: كيف يكذب نفسه، وقد يكون رأى فعل الزنا حقيقة، ولكنه لم يستطع أن يأتي بأربعة شهداء؟
وقد أجاب ابن القيم رحمه الله بما محصله: "أن الكذب يراد به أمران: إما الخبر غير المطابق لم خبره، وإما الخبر الذي لا يجوز الإخبار به، وإن كان في حقيقة الأمر مطابقًا باعترافه بتكذيب الله له؛ حيث لم يأتِ بأربعة شهداء، والله أعلم".

(تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السُّنَّة؛ لأبي عبدالرحمن عادل بن يوسف العزازي - حفظه الله -: 4/ 514).

[1] انظر: (بداية المجتهد: 2/ 231)، (روضة الطالبين: 10/ 106)، (المغني: 8/ 217).

[2] لكن قال الشافعية: لا يسقط الحدُّ بالردة بخلاف الزنا ونحوه.
 
التعديل الأخير:
أعلى