العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
البيتكوين
(bitcoin)

بيتكوين (بالإنجليزية: Bitcoin) هي عملة معماة ونظام دفع عالمي يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية، من أبرزها أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها.

الدراسات الشرعية حولها لا تزال في بداياتها.

في هذا الموضوع سوف نجمع الدراسات والأبحاث والفتاوى المتعلقة بهذه النازلة

ونناقش بعض المصطلحات المرتبطة بها والتي على أساسها نشأ الخلاف بين الفقهاء​
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

رد: مشروعية البتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

بيان منتدى الاقتصاد الإسلامي بشأن مشروعية البتكوين Bitcoin
الرقم (1 /2018) بتاريخ 11/ 1/ 2018

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله أوقاتكم بكل خير
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، يسعدني أن أزف لكم بشرى إصدار بيان منتدى الاقتصاد الإسلامي بشأن مشروعية البتكوين Bitcoin الرقم (1 /2018) بتاريخ 11/ 1/ 2018.
رابط البيان:
https://goo.gl/Dft2K5
وهو أول بيان جماعي من نوعه في موضوعه يحظى فيه منتدى الاقتصاد الإسلامي بالريادة والمواكبة للمستجدات على مستوى الصناعة المالية الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، فالحمدلله على فضله، ونسأل من الله تعالى العون والتوفيق.


د.عبدالباري مشعل
مدير منتدى الاقتصاد الإسلامي
القسم العربي


 

المرفقات

  • بيان منتدى الاقتصاد الإسلامي بشأن مشروعية البتكوين-النسخة النهائية.pdf
    1.3 MB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

رأي باحث :

كثر الكلام علي موضوع البيتكوين وحاب أوضح أشياء بحكم الدراسة وبحكم أني استثمرت فيها وقت كان سعرها ٥٠٠ دولار واعتقدت وقتها أني تأخرت بالدخول ولكن تأخري كان لدراسة الموضوع كاملاً

اهم النقاط:


- البيتكوين لايوجد له مقر أو تمتلكها شركة هي عملة قام باختراعها وتطويرها ثمانية أشخاص وصاحب الفكرة الأساسي هويته مجهوله حتي وقت كتابة هذه الرسالة حيث انه استخدم اسم يباني لشخص ليس له وجود و وقتها كان متخوف من محاربة الدول له حيث نجاح العملة الالكترونية يضر في البنوك واقتصادات دؤل.

- ابتدأت الفكرة باعتراض المؤسسين علي فكرة أخذ البنوك عمولة في تحويل المبالغ من حساب الي حساب وبعض الأحيان أخذ العملية ايّام وارتفاع النسبة بارتفاع المبلغ و هنا نبعت فكرة قطع دور الوسيط وهو البنك في مثالي من اَي عمليات تجري بين أشخاص وان تحدث العملية في ثواني دون تكلفة ولعلمهم بان حكومات و بنوة قد تحاول محاربتهم تم إيجاد تكنولوجيا ال black chains وهذه التكنولوجيا تجعل كل من يملك عملة البيتكوين أو محفظة بيتكوين يحفظ جميع العمليات ويسجلها وذلك يجعل من المستحيل على شخص او كيان تهكير جميع الناس بالاضافة الي إيقاف هذي الفكرة ولحماية البيانات ومراجعة اَي خطا قد يحصل جعل مؤسسين البيتكوين اَي مستخدم عادي بواسطة كمبيوتر يحل معادلات حسابية وهي المعاملات التي تحصل من بيع وتبادل البيتكوين ومقابل ذلك مكافأة هؤلاء المستخدمين ببتكوين وفكرة المكافأة تجعل العديد يكون مستعداً لاستخدام حاسوبه وبطريق غير مباشر العدد الكبير من المستخدمين صنع أفضل وأسرع كمبيوتر لمراقبة العمليات واكبر من إمكانيات اي دولة في العالم وهذه العملية معروفة بالتعدين mining

- بعد ماشرحت عملة البيتكوين حاب أوضح شي ان البيتكوين لا يختلف عن اَي عملة من ناحية الثقة فاي عملة في العالم اذا فقدت الثقة لاتسوي شي وإذا اخذنا الدولار علي سبيل المثال فليس هناك اَي غطاء للدولار حيث ان ضمان الدولار دولار حيث انه بعد اعتماد الدولار مقابل النفط أصبح الدولار سلعة ومن وقتها واصبحت الحكومة الامريكية تطبع الدولار بدون غطاء وأصبح ثقة الناس مصدر قوة العملة وارتفاع الدين الامريكي وذلك ردي علي من يتكلم عن الثقة في العملة.

- البيتكوين أتوقع ان تصل خلال العام ٢٠١٨ الي سعر ١٠٠ الي ٢٠٠ الف دولار للعملة الواحدة حيث انه خلال هذا الشهر تم اعتمادها للتداول في سوق شيكاجو و وال ستريت وذلك يعطي عملة البيتكوين المزيد من الثقة والمصداقية وتداولها من قبل البنوك والشركات المالية الكبرى

- ومستقبلا أتوقع ان تصل عملة البيتكوين خلال خمس سنوات مِن ٢ الي ٥ مليون دولار للعملة الواحدة حيث ان عدد البيتكوين محدود ب٢١ مليون عملة

والآن سوف أتكلم علي التحديات التي ان تجاوزتها البيتكوين لن يكون هناك سقف لارتفاع العملة:

١.هناك الكثير من المتعاملين في العملة يحتفظ بها للاستثمار وليس كعملة.
٢. قبول البيتكوين من الشركات والبائعين كعملة دون الحاجة لتحويلها كدولار او عملة معروفة حيث هذا الفكر حجم من فكرة البيتكوين كعملة
٣.اعتمادها عالميا

ورغم ذلك هناك مخاطر من البيتكوين:
حيث اكبر مشكلة في البيتكوين كيفية المحافظة عليها وأماكن الشراء وانصح الجميع ان يكون مكان شراءك غير مكان حفظك للعملة وأفضل شي من ناحية أمن هو cold storage و المكتوبة باليد اما من ناحية الشراء مكائن ATM وبعض الشركات المعتمدة ونصيحة إضافية لا تتعامل مع الشركات التي لا تزودك بالارقام العامة والسرية بعملتك او تحتفظ بها


- بالاضافة انه هناك الكثير من المحللين الذي يعتقد ان البيتكوين قد تستحوذ علي ١٠٪؜ قريبا من سوق العملات والبالغ حجمه ٩٠ ترليون دولار وذلك يعني بحسبة بسيطة
قيمة النسبة / عدد البيتكوين الموجود حاليا
= ٩ ترليون / ١٦ مليون = ٥٦٠ الف دولار للعملة الواحدة

واخير انصح الجميع بمواكبة التطور وتقبل التغيير الذي يعيشه عصرنا وتوجه الحكومات للتخلص من النقد

وهناك الكثير من العملات الالكترونية التي نصحت أصدقائي بالتعامل فيها مثل ايثريم وال نيو والتي تضاعفت ١٠٠٪؜ خلال شهر وصعود البيتكوين سوف يسحب معه باقي العملات
ونصيحة اخيرة للمتداولين في سوق العقود المستجدين تجنب الرافعة ال leverage في حالة عدم معرفة استخدامها لانها تسبب له زيادة مخاطر واتمني ان تصرح الدولة لبيع البيتكوين في محلات ومكائن ATM قبل ارتفاع سعر وضيع الفرصة الاستثمارية حيث انه حاليا الاون لاين هو المكان الوحيد للشراء في السعودية واتمني ان أكون قد شرحت ما أستطيع من تجربتي وخبرتي وأدعو الله للجميع بالتوفيق والنجاح



أخوكم
محمد عصام ناس
طالب في مرحلة الدكتوراه
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

رأي الدكتور عبد الباري بعد ظهور الفتاوى المحرمة للتعامل بـ (البتكوين) في بعض الدول الإسلامية:


نحن وفقنا لصيغة البيان الذي حرر القولين ومستنداتهما وتركنا لجهات الفتوى أن تبني على البيان.


وفي رأيي إن اي جهد سيبذل بغرض ترجيح أحد القولين سيزيد عدد الفتاوى فقط ولا أراه مهما. وجهات الإفتاء الرسمية والخاصة لن تتوقف عن إصدار الفتاوى وسيكون لدينا قائمة لعدد من الفتاوى المكررة في التحريم وأخرى مكررة للتحليل.


المهم لدي والأجدر بالبحث وتعميق الحوار حوله حول المسائل الجزئية التي أثارها البتكوين، وهي موضوعة في الأسئلة في بداية البيان، مثل: مفهوم النقد والعملة ومصدر الثمنية والاعتماد الحكومي إلخ.

فإن وضوح هذه الأمور يمثل قيمة مضافة للبحث الفقهي المعاصر.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

مناقشة في البيتكوين (Bitcoin) وحكمه الشرعي

محمد صالح المنجد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:


مقدمة:
تعاملت البشرية بالمقايضة وبالذهب والفضة والدينار والدرهم ثم بالعملة الورقية ثم بالعملة الرقمية والرصيد الرقمي ثم ظهرت العملة الافتراضية.
المشهور عند الاقتصاديين أن هناك ثلاثة شروط إذا وجدت في شيء فإنه يسمى عملة:
الأول:أن يكون وسيطا مقبولا للتبادل فيقبل البائع أخذه مقابل سلعته،
الشرط الثاني: أن يكون مقياسا يمكن تحديد قيمة السلعة من خلاله،
والشرط الثالث: أن يكون مستودعا للثروة.
العملات الافتراضية ليست عينية كالذهب وليس لديها اعتماد حكومي كالأوراق النقدية فلا يصدرها مصرف مركزي ولا تتحكم فيها البنوك، حيث ترتكز العملات الافتراضية على كسر المركزية وإلغاء البنوك كوسيط بين البائع والمشتري ويديرها مستخدموها بحيث تحقق مبدأ الند للند Peer-to-Peer.
وتتميز العملات الافتراضية بالخصوصية وسهولة الاستعمال، ويَعدّها منتجوها ومتداولوها أنها مفخرة لشعب الأرض الذي يُنتج عملته بنفسه

تعريف بالبيتكوين:
أشهر العملات الافتراضية حاليا هي البيتكوين (Bitcoin) ويتكون من عنوان رقمي مربوط بمحفظة اليكترونية وكل بيتكوين مقسم لمائة مليون ساتوشي، وعند شرائك لسلعة ببيتكوين واحد فإنك ستحول البيتكوين بضغطة زر إلى محفظة البائع وسينتقل البيتكوين إلى محفظته، والمحفظة هي تطبيق اليكتروني، وعندما يريد أي شخص تحويل قيمة معينة من البيتكوين إلى شخص آخر فإنه يستخدم ما يسمى بالتوقيع الرقمي وهذا التوقيع يحتوي على ثلاثة أمور: الأول: رسالة التحويل، والثاني: الرقم الخاص بالبيتكوين، والثالث: العنوان المعلن للشخص الذي سيستلم البيتكوين، وعندما يتم تحويل بيتكوين إلى محفظة أخرى فإن التحويل يذهب إلى شبكة البيتكوين ويدخل في عملية التأكد ويتم حفظه في سلسلة البلوكات (BlockChain)
كانت بداية ذكر البيتكوين في بحث أصدره تقني مجهول لقب نفسه بـساتوشي ناكاموتي عن العملات المشفرة ناقش هذا البحث عنصر الأمان في البيتكوين وابتكر طريقة تقنية لتجاوز معضلة الموثوقية والحماية من الغش ثم استمر هو ومجتمع المطورين في العمل على البيتكوين.
تم طرح البيتكوين للتداول في 2009 بقيمة 0.0001$ وارتفع في منتصف عام 2011 إلى 35$ ووصل في بداية 2017 إلى 1000$ ثم تصاعد البيتكوين بشكل سريع حتى تجاوز سعر البيتكوين الواحد 4000$ بتاريخ 14/7/2017
https://price.bitcoin.com

من أسباب هذا التصاعد: المضاربات في هذه العملة، وبدء اعتماد بعض الدول لها بشكل رسمي، وتزايد تعامل قطاعات خدمية جديدة بها كخطوط الطيران، وهناك متاجر إلكترونية وأجهزة صرافة تقوم بتبديل العملات المتداولة كالدولار بالبيتكوين، ويمكن شراء البيتكوين من بعض المواقع على الشبكة.
لم تعتمد معظم حكومات العالم البيتكوين كعملة تداول، لكن عددا من الدول كألمانيا واليابان سمحت نظاميا بتداول البتكوين وأقرّته كطريقة للدفع ومن أسباب ذلك وجود مصالح لهذه الدول كتحصيل الضرائب على التداول والمضاربة كما يساعدها ذلك في تنظيم التداول والتغلب على الغموض والسرية.
أصبح البتكوين معتمدا في شبكة من المطاعم والأسواق والمتاجر الإلكترونية والشركات حول العالم مثل مايكروسوفت وغيرها.

مخاطر وسلبيات:
يتعرض سعر البيتكوين للتذبذب ومن أسباب ذلك: الهجمات الإلكترونية وانتشار الفيروسات الخطيرة وإغلاق متاجر كبيرة تبيع البيتكوين.
لا يوجد جهة محددة يمكن رفع الشكاوى إليها أو المطالبات بشأن هذه العملة وتدار هذه العملة من شبكة المستخدمين والمبرمجين حول العالم.
شبكة البيتكوين هي شبكة مفتوحة يمكن لأي مبرمج أن يقترح أو يطور أو يعدل على البرنامج الذي يعمل عليه المتداولون للعملة والمنتجون لها
ينطوي التعامل بالبيتكوين على مخاطر منها انها لا تزال غير معترف بها من معظم دول العالم والمصارف العامة والمركزية ومنها سهولة استعمالها في العمليات المشبوهة والإجرامية تمويلا أو غسيلا للأموال، ومن المخاطر أيضا الغرر والجهالة الحاصلة في قيمتهما، ومن المخاطر أن أسعارها شديدة التذبذب فهي وإن كانت في صعود صاروخي فإنها معرضة للتدهور السريع، وقد حصل شيء من التذبذب في مراحل سابقة.

كلام العلماء في أمور متعلقة:
الحكم الفقهي للبيتكوين يعتمد على عدة أمور منها: كونها سلعة أم عملة ونقدا كالعملات الورقية؟
نص الإمام مالك على أن كلما يرتضيه الناس ويجعلونه سكة يتعاملون بها فإنه يأخذ حكم الذهب والفضة ولو كان من الجلود (المدونة 5/3)
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن النقود لا يعرف لها حدّ وإنما تعود لتعامل الناس واصطلاحهم (الفتاوى 19/251)
وجاء في قرار هيئة كبار العلماء: "النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل" (أبحاث الهيئة 1/90)
وقد توقف شيخنا عبد الرحمن البراك في جواز تداول البيتكوين، لكنه أوجب الزكاة فيمن ملك منها نصابا بمفردها أو مع غيرها إذا حال عليها الحول.
وقال شيخنا نفع الله به عن البيتكوين أليست مالا يغتني به؟ أليست تورث عنه؟ أليس يستطيع أن يشتري بها؟
ويرى بعض الباحثين أن الثمنية في الفلوس والأوراق النقدية ونحوها ناشئة عن تعارف الناس واتفاقهم على إعطائها قيمة سوقية، وهذا بخلاف الذهب والفضة فلهما قيمة ذاتية مختلفة كما يقول الجمهور من الفقهاء، وعلى هذا فيجوز الاصطلاح على إنتاج عملات أخرى جديدة لكن البيتكوين عملة افتراضية ليس لها وجود حقيقي يمكن حيازته، وإنما هي مجرد أرقام ورموز ومع ذهابها تضيع الثروة، وهذا مظنة للغرر والخسارة.
وهناك رأي قائل بأن البرمجة شيء حقيقي لا وهمي وأن العملة بدأت تفرض نفسها وأن درجة الاعتمادية والموثوقية والإقبال عليها يزداد.
ولذلك لا يُستبعد أن يظهر اجتهاد فقهي بتحريم التعامل بها في أول ظهورها عندما تكون المخاطر عالية جراء عدم الاعتراف بها من أكثر الدول ولأنها ضعيفة الاعتمادية والموثوقية نتيجة لذلك فيكون التعامل بها مغامرة ومقامرة ثم يتغير الحكم إذا اكتسحت وسادت وفرضت نفسها عالميا.
مرجعنا في معرفة الأحكام الشرعية: كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم واجتهاد أهل العلم وخصوصا في النوازل والمستجدات المعاصرة كالبتكوين قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) ويجب على القادرين من أهل العلم الاجتهاد لتوضيح أحكام النوازل ولابد من قائم لله بالحجة، ومثل هذه القضايا الكبار تحتاج إلى فتاوى جماعية من المجامع الفقهية ولجان الإفتاء وباحثي الدراسات العليا ويشارك في توضيح الرؤية خبراء التقنية، ويشارك في توضيح الرؤية خبراء التقنية والاقتصاديون الذي يعينون أهل العلم في ذلك (وتعاونوا على البرّ والتقوى).

تساؤلات:
وفيما يلي تساؤلات تساعد في تصور الحكم الفقهي للبيتكوين:
ما هو مستقبل البيتكوين بعد نهاية إنتاجها حيث إنها محدودة بواحد وعشرين مليون بتكوين؟ حيث تم حتى 15/8/2017 إصدار وتداول 16,508,888 بيتكوين من أصل 21,000,000 بيتكوين
ما هو مستقبل العملات الافتراضية الأخرى؟ حيث يوجد أكثر من مائة عملة افتراضية أخرى.
ما مدى تأثير قدرة الناس على صناعة نقدهم وعلى حقيقتها وقناعتهم بها؟ ما هو أثر انفتاح المجال للمبرمجين لإنشاء أي عملة؟
وما هو أثر الاغتناء وبناء الثروات من لا شيء أو من شيء يسير جدا؟ هل يجوز شرعا أن تكون العملة شيئا قابلا للتبخر والانعدام الفوري والسريع؟
ماذا سيحدث لو ظهر فك للتشفير الذي تمت برمجة هذه العملة به مع استصحاب تقدم الصناعة في الحوسبة الكمية (quantum computing)
هل يجوز أن تحول أرصدة الوصايا والأوقاف والأيتام والأموال الخيرية إلى العملة الافتراضية وهل يعدّ هذا شرعا من التفريط والتضييع؟
ما أثر فقدان المحسوسات الملموسات في النقود الافتراضية حيث إنها لا تُلمس في الواقع وإنما هي أشبه بنقود ذهنية (تصور ذهني معبر عنه برموز)


وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية
(البيتكوين)

إعداد :
د.عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب العقيل
الأستاذ المساعد بقسم الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية​

 

المرفقات

  • البيتكوين الا?خير.pdf
    1.3 MB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
(حوار منضبط ومحدود بشأن البتكوين)

(حوار منضبط ومحدود بشأن البتكوين)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله أوقاتكم وبارك بأيامكم
نزف إليكم البشرى بصدور ملف رقم 20 من حوارات منتدى الاقتصاد الإسلامي لعام 2017 وهو بعنوان (حوار منضبط ومحدود بشأن البتكوين)
والملف على هذا الرابط
https://goo.gl/8gkEKi


ويمثل الملف رقم 20 المادة العلمية المرجعية لبيان منتدى الاقتصاد الإسلامي بشأن مشروعية البتكوين رقم 1/ 2018 بتاريخ 11/ 1/ 2018. للاطلاع على البيان ينظر هذا الرابط
https://goo.gl/Dft2K5.


استمر الحوار مدة شهرين من تاريخ 13/ 11/2017 - 13/ 1/ 2018، وهو الحوار الأول من نوعه على مستوى الصناعة المالية الإسلامية، وتوثيقه في الملف رقم 20 يسهم في مساعدة الباحثين وفتح آفاق جديدة للبحث العلمي حول البتكوين.


ويعد هذا الحوار الجولة الأولى من حوار منتدى الاقتصاد الإسلامي بشأن البتكوين، وكان يهدف إلى تصور النازلة وتقرير الحكم الكلي فيها، أما في الجولة الثانية فسنعمل على استكشاف ما نستطيع من المعاملات المتصلة بالبتكوين وحصرها وتصويرها والمناقشة حولها بإذن الله تعالى.


وبهذه المناسبة يسعدنا أن نفخر في منتدانا المبارك بإنجاز 20 حوارًا خلال العامين الماضيين من تأسيس المنتدى (2/ 2/ 2016- 2/1/ 2018) في مجالات الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية والتمويل والحوكمة والرقابة الشرعية، وأن هذه الحوارات تجد طريقها إلى الباحثين ومؤسسات الصناعة المالية الإسلامية بفضل الله تعالى، وفي الذكرى السنوية الثانية حقق المنتدى نقلة نوعية بطريقة عمله باعتماد صدور بيان في خاتمة الحوار يلخص تصور المسألة والآراء الشرعية التي تتوجه فيها ومستنداتها.

لقد حررت 14 ملفًا من حوارات المنتدى خلال السنتين الماضيتين وأعرف مدى المعاناة والجهد العظيم الذي يبذل في تحرير تلك الملفات، ومن هذا المنطلق فإنني أقدر عاليًا مبادرة أخي المبارك الدكتور محمد السويدان للتطوع بتحرير ملف البتكوين، كما أثمن انضمام الأخ المبارك الأستاذ مصطفى عبدالله، والأخ المبارك الدكتور خالد معروف ليشدوا عضد أخيهم د.السويدان، وتشكيل فريق التحرير الخاص بالملف، وأشكرهم جميعًا على العمل التطوعي العظيم الذي قاموا به، وأسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتهم.

تسلمت الملف في مسودته السابعة من فريق التحرير، وأجريت له مراجعة نهائية كاملة بالمقارنة بأصل الحوارعلى الواتس عند الحاجة وعدلت ما يلزم، وأخرجته بشكل نهائي كما هو في الرابط الآن. بعد التهيئة الذهنية والنفسية كانت المراجعة النهائية ممتعة بالنسبة لي فقد بدا كل شيء مرتبًا وفق منهجية معتبرة من فريق التحرير المبارك. والحمدلله رب العالمين.


د.عبدالباري مشعل

مدير منتدى الاقتصاد الإسلامي
القسم العربي
 
التعديل الأخير:
إنضم
22 ديسمبر 2017
المشاركات
6
التخصص
الفقه والأصول
المدينة
كولا لامبور
المذهب الفقهي
السنة
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

جزاك الله خيرا
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

النقود الإلكترونية : حكمها الشرعي وآثارها الإقتصادية
د . سارة متلع القحطاني

رسالة دكتوراه
كلية الشريعة ــ جامعة الكويت ــ 2009م
 

المرفقات

  • النقود_الإلكترونية_حكمها_الشرعي.pdf
    11.4 MB · المشاهدات: 0

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

البتكوين Bitcoin
رؤية اقتصادية وشرعية


1.إن كثرة الأسئلة حول العملة الرقمية (إلكترونية) "البتكوين"، مع ضبابية التصور انطلاقًا من قصور المعلومات المتاحة في بعض الجوانب، قد حد من قيام أهل الاختصاص بإبداء الرأي الشرعي تجاه إنتاج عملة البتكوين، أو التعامل والمتاجرة بها. وما قيل في هذا الموضوع لم يكن كافيًا، وهو يندرج في محاولات الاستكشاف والتصور. وهذا المقال ربما يعد مرحلة متقدمة غير مسبوقة في تناول هذه النازلة من الناحية الشرعية.

2. سأقوم هنا بمحاولة أولية لتأسيس مناقشة علمية لهذا الموضوع. مع التأكيد بأن هذا الموضوع من النوازل المعاصرة، وهو يشبه إلى حد كبير نازلة النقود الورقية الائتمانية غير المغطاة بالذهب والفضة والتي تكتسب صلاحيتها من الثقة بمصدرها وهو السلطة السيادية في كل بلد. وتخضع قيمتها للتغير بناء على الميزان التجاري للدولة، أي الصادرات والواردات بالدرجة الأولى ثم تدخل المضاربات والمقامرات في أسواق العملات كمؤثر رئيس في استقرار أو تذبذب قيمة العملة في مواجهة العملات الأخرى.

3. وطبقًا للمعلومات المتاحة هناك ثلاثة جوانب تتعلق بالبتكوين، الأول: الإنتاج، والثاني: التعامل والمتاجرة بعملة البتكوين، والثالث: الدخول كمستثمر في شبكة المنتجين، وسأتناول الأول والثاني، أما الثالث فسأتجنبه لأنه لا يتسم بالعموم بالمقارنة بالجانبين الأول والثاني، ولأنه أشبه بآليات التسويق الشبكي التي عمت الفتاوى بالتحذير منه.

4.إنتاج العملة الرقمية البتكوين: من المهم ابتداء أن نفرق بين البتكوين كعملة رقمية، وبين إمكانية تحويل أي عملة حقيقية إلى عملة رقمية أو إلكترونية. وسأعلق على الجانب الثاني ثم أعود للأول لأنه هو المقصود.
تحويل أي عملة إلى عملة رقمية : من الممكن تحويل العملة الحقيقية إلى عملة رقمية أو إلكترونية أو لنقل : تشفير العملة الحقيقية؛ بغرض البحث عن وسيلة أكثر سرعة وأمانًا للتحويلات والمتاجرة بالعملات وربما غسيل الأموال. لأنه في العملة الرقمية هذه يتم تخطي حواجز الرقابة على العملات في الدول.

5. هذا بغض النظر عن الهدف منه لا جديد فيه من حيث الحكم الشرعي؛ لأن مجرد التعبير عن العملة الحقيقية بأي شكل من الأشكال لا يغير من حقيقة العملة وهي أنها دولار أو جنيه استرليني ونحو ذلك وإن تم التعبير على معادل لهما وباسم جديد، كأن يقال 100 دولار تساوي وحدة واحدة من العملة الرقمية .

6. سيبقى الأمر معقولاً ومقبولاً ولا يمثل تغيرًا جوهرًيًا ما دام أنه بالإمكان العودة إلى العملة الأصلية الحقيقية عن طريق إلغاء التشفير. هذا الأمر نشاهد مثيلاً له في الشكل من خلال استخدام بطاقة الصراف أو التحويلات البنكية أو بطاقات الائتمان مسبقة الدفع، مع فارق مهم وهو أن هذه الوسائل تتعامل بوحدات العملة الحقيقية نفسها، بينما العملة الرقمية التي نحن بصددها تعبر عن تلك العملة باسم جديد ومعادل جديد. هذا الأمر قد يوصلنا إلى البتكوين في حال تم تحويل العملة الحقيقية إلى عملة البتكوين محل البحث من خلال الصرف أو المبادلة وهذا سأبينه فيما يلي.

7. البتكوين كعملة رقمية: هناك جانبان كما قلت في المقدمة سأتناولهما: الأول: إنتاج العملة، والثاني: التعامل بها وقبولها في التداول، ويبدو لي أن الثاني أسهل بكثير من الأول. وسأبدأ بالأول.

8. إنتاج العملة الرقمية البتكوين: يقصد بإنتاج العملة إصدار العملة، ويوازيها سك العملة كما هو الحال في طباعة الدولار أو نحوه من السلطة السيادية في الدولة، غير أن البتكوين ليس هناك جهة سيادية تصدره، وإنما طبقاً للمعلومات المتاحة كل أحد يستطيع إصدار عملة بتكوين، من خلال عملية تسمى التعدين أو التنقيب على مواقع أنترنت متخصصة، ويتم ذلك باستخدام برنامج إلكتروني يقولون أن يتطلب جهاز كمبيوتر ذي قدرات عالية، تنتهي عملية التعامل مع البرنامج بإنتاج عدد معين من وحدات العملة الرقمية البتكوين، وهكذا فإن كل أحد يستطيع التعامل مع البرنامج وإصدار عملة بتكوين تكون في حسابه على الشبكة العنكبوتية.

9. عملية الإًصدار هذه تمثلاً فرقًا جوهريًا بين إصدار العملة السيادية وعملة البتكوين، لا توجد جهة محددة ضامنة لهذا الإصدار بل ينتاب هذا الأمر الغموض، وهناك معلومات تؤكد احتمال تبخر هذه العملة إلكترونيًا من حساب الشخص الإلكتروني على الأنترنت، وفي ظل عدم وجود جهة ضامنة فإنه لا أحد يمكن مطالبته بالتعويض.

10.قد يقال: إن البنوك التجارية وهي جهة خاصة تقوم بإصدار النقود الائتمانية بشكل مضاعف عن النقود الأولية الحقيقية التي تودع لديها، وذلك من خلال منح التمويلات بحدود أعلى بكثير مما لديها من ودائع؛ ولكن الفرق بين البتكوين ونقود البنوك التجارية (والمعروف باسم خلق النقود) هو أن البنوك التجارية تقوم بهذا مع ضمان أصل الودائع الجارية، وكذلك برقابة من السلطة الإشرافية السيادية، بينما في البتكوين لا يوجد هذان الأمران. سأتابع في الجانب الثاني وأؤجل الرؤية الشرعية لجانب الإصدار، لأن استكمال التصور والرؤية الاقتصادية سوف يساهم في تسهيل النظر الشرعي.

11.التعامل بالبتكوين كعملة منافسة للعملات الحقيقية: إلى حد الآن تم إصدار العملة الرقمية البتكوين، مع نقاط غموض واضحة تجاه الجهة الضامنة لهذه العملة أو الجهة السيادية التي تمنحها الثقة. الهدف الحقيقي من إصدار البتكوين هو منافسة العملات الأخرى ومزاحمتها على صعيد شراء السلع والخدمات، أو حتى المضاربات بالعملات، وبالفعل تم خروج البتكوين لتكون عملة مقبولة في آلاف المحلات حول العالم، كما تم قبولها كعملة موازية للعملات الأخرى بحيث يمكن مبادلتها بالدولار أو اليورو وفق أسعار صرف متقلبة حتى في وول ستريت كما هو الحال في أي عملة أخرى.

12.إن خروج العملة من مصدرها (المنتج) إلى صاحب المطعم، أو مالك الدولار أو الجنيه الإسترليني قد نقل العملة من مرحلة الإصدار -الذي هو محل غموض بالمقارنة بالعملات السيادية- إلى مرحلة تشكيل عرف عام للقبول بالعملة كأداة وفاء بالالتزامات وكوسيط في المبادلات التجارية أو كمخزن للقيمة أو الثروة، وهذه هي الوظائف الرئيسة لأي عملة. هنا لو غضضنا الطرف عن ملابسات الإصدار أصبحنا أمام عملة جديدة تماثل العملات الأخرى في خصائصها الأصلية وتزيد عنها في السهولة والأمان مع ملاحظة المخاطر التي تحدثنا عنها.

13.الرؤية الشرعية لمرحلة الإصدار: يلاحظ أن إصدار البتكوين يخالف التصور المبدئي لإصدار أي عملة، لجهالة الجهة المصدرة، ولأن الحصول عليه تم بدون مقابل، ولأن المنتجين له - وهم مجهولون- سيحصلون على مزايا كبيرة تتمثل في مبادلة هذه الأرقام بسلع وعملات أخرى ويحققون الثراء الكبير من وراء ذلك على حساب المجتمع ممثلًا في سلطته السيادية بمزايا إصدار العملة. وهذا أحد المحاور المهمة للمناقشة الشرعية لمرحلة الإصدار، غير أن مرحلة الإصدار ستصبح عما قريب مرحلة تاريخية وليس لها وجود وستبقى العملة في التداول متاحة كأي عملة أخرى، وسيبقى السؤال قائمًا من هي الجهة المصدرة؟ وبأي حق حصلت على تلك العوائد الضخمة من ذلك الإصدار؟ هل هي حكومية عالمية غير مفصح عنها ومن ثم لها حق الإصدار؟ قد يكون هذا الافتراض مفتاحًا لتسهيل النظر الشرعي ومن ثم التجاوز عن مرحلة الإصدار. ومع انتشار تداول العملة سيتلاشى الحديث عن مرحلة الإصدار لأن العملة ستصبح واقعًا كما ذكرنا في التعاملات وتحت سمع العالم وبصره.

14. الرؤية الشرعية لمرحلة ما بعد الإصدار (التداول والوفاء والادخار): بدأ تشكيل العرف العام بقبول هذه العملة في الأسواق جميعًا وتحت مرأى المشرعين، بل ووجدت أماكن صرف للبتكوين مقابل العملات الأخرى، وهذا سيدعم النظر إلى هذه العملة كباقي العملات تمامًا من حيث أحكام الصرف والربا وذلك بوجوب التماثل والتساوي في حال اتحاد الصنف، والتقابض الحكمي في حال اختلاف الصنف كمبادلة الدولار بالبتكوين وعدم جواز إقراضها بفائدة.

15. قد يستشهد البعض لوجود العرف العام بقبول البتكوين، بمسألة ذكرها الإمام مالك بأنه لو تعارف الناس على جلود الإبل كنقود، فإنه يجري فيها الربا، ولكن واقع الحال أن هذا مختلف لأن سك العملة من جلود الإبل هو مقابل للذهب والفضة فكل ذلك سلعة في ذاته، خلافًا للنقود الورقية الحالية فهي ليست سلعة في ذاتها وإنما مجرد ورقة، وكذلك البتكوين هي مجرد رقم، ولذلك ألمحت إلى إشكالية مرحلة الإصدار. لو كان البتكوين عبارة عن سلعة في ذاتها لشابهت الذهب أو الفضة أو جلود الإبل، فهي ذات قيمة في ذاتها، أما كونها مجرد رقم فإنها تشابه النقود الورقية الحالية فهي مجرد ورقة؛ لكن افترقا بأن النقود الورقية اكتسبت الثقة بالقرار السيادي ولن تفقدها مطلقًا إلا بالقرار السيادي أو إلغاء السيادة، بينما البتكوين اكتسبت الثقة تدريجيا بدون قرار سيادي وإنما بالوجود في الواقع.

16. لم يكن ما سبق فتوى، وإنما نافذة لتحفيز الدراسات الفقهية لهذه النازلة المهمة، وكان التطويل بالقدر السابق ضروريا ولم أفضل التجزئة على مقالين حتى يبقى الموضوع من الناحية الأولية برمته في مكان واحد ويتيح البناء عليه من قبل الباحثين وأهل الاختصاص.
عبدالباري مشعل
12/5/2017

 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

حُكمُ التعامُل بالعُملة الإلكترونيَّة المُشفَّرة: (البتكُوين) وأخواتها

د. هيثم بن جواد الحداد7 جمادى الأولى 1439هـ
الحمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وآلِه وصحْبِه أجمعينَ، وبعدُ:

فقد كثُرَ السُّؤالُ عن حُكمِ التِّجارةِ بالعُملةِ الإلكترونيَّةِcryptocurrency ، ومِن أشهَرِ أنواعِها البتكوينُ، وهذه الورقةُ تحاولُ الإجابةَ عن هذا السُّؤالِ.

أولًا: لا بدَّ مِن معرفةِ ماهيَّةِ العُملاتِ الإلكترونيَّةِ المُشفَّرة (Cryptocurrency) ، التي يُمكِنُ أنْ تُعَرَّف بأنَّها: عُملةٌ رَقْميَّةٌ مُشفَّرةٌ بدرجةٍ عاليةٍ مِن الدِّقةِ؛ مِن أجْلِ حِمايةِ التعامُلاتِ التي تُجرَى بها، وأهمُّها ما يُسمَّى الإنفاقَ المُزْدوجَ، الذي " يُوجِدُ نُقودًا مِن لا شَيءٍ، كما سيأْتي بَيانُه"، أو مِن أجْلِ التحكُّمِ في عمليةِ إنشاءِ وَحداتٍ جديدةٍ؛ فلا يتِمُّ ذلك بسُهولةٍ، أو مِن قِبَلِ أيِّ أحدٍ؛ مِن أجْلِ تجنُّبِ عمليَّاتِ التزييفِ.

ويَشيعُ الآن الحديثُ في بعض الدُّول- مثل اليابان والسُّويد- عن استخدامِها بديلًا أو رَديفًا للعُملةِ الورقيَّة؛ فطِباعةُ العُملةِ الورقيَّةِ على الورَقِ يُكلِّفُ مالًا وجَهدًا، وبما أنَّ العالَمَ يتَّجِهُ نحوَ العصرِ الإلكترونيِّ؛ فبدلًا مِن أنْ تُطبَع العُملةُ على الورَقِ تُطبَعُ على شكْلِ أرقامٍ، أو أشكالٍ إلكترونيَّةٍ تُخَزَّنُ على أجهزةِ الحاسبِ الآليِّ، لكنَّها تُشفَّرُ بطريقةٍ مُعقَّدةٍ للغاية؛ حتى لا يُمكِنَ نسْخُها أو "تزويرُها"، كما تُنسَخُ العُملةُ الورقيَّةُ.

وكما هو الحالُ في العُملةِ الورقيَّة؛ فمنها الدُّولارُ، والجنيه الإسترلينيُّ، والرِّيالُ، والينُّ، ونحوُ ذلك، كذلك تُوجَدُ أشكال ٌ مِن العُملة الإلكترونيَّة؛ فمنها ما يُسمَّى بالـ Bitcoin ،Lightcoin Ethereum ، ، وغيرها.

كذلك نجِدُ أنَّ أغلَب أنواعِ هذه العُملةِ غيرُ مُغطًّى بأيِّ نوعٍ مِن أنواعِ المالِ الحقيقيِّ، ولا الذَّهبِ، ولا حتَّى العُملةِ الورقيَّة، وتُوجَدُ بعضُ الأنواعِ التي يزعُم أصحابُها أنَّها مُغطَّاةٌ ببعضِ الأموالِ، أو ربَّما بالذهبِ والفضَّةِ، وفي الحقيقةِ لا أدْري كيف تكونُ هذه العُملةُ مُغطَّاةً حقيقةً بتلك الأموالِ، إلا أنْ يكونَ ذلك الغِطاءُ مُجرَّدَ تعهُّدٍ مِن بعضِ الجهاتِ التي تتعامَلُ بها؛ بشرائِها مُقابلَ مبلغٍ ماليٍّ، أو بَضائعَ محسوسةٍ، وهذا فرْقٌ أساسيٌّ بين الغِطاءِ وبين القابليَّةِ للشِّراءِ، وسيأْتي بيانُ ذلك.

والفرقُ بيْنها وبين العُملةِ الورقيَّةِ: أنَّ العُملةَ الورقيَّةَ لا تصدُرُ في الغالبِ إلا مِن قِبَلِ البنوكِ المركزيَّة للدُّولِ المُعترَفِ بها دَوليًّا، أمَّا العُملةُ الإلكترونيَّةُ فإنَّها قد أُصدِرَت ابتداءً مِن عدَّةِ جِهاتٍ وأفرادٍ مَعروفينَ، وغيرِ معروفينَ، ولم تَخضَعْ- حتَّى الآنَ- لقوانينَ وتشريعاتٍ دَوليَّة، وإنْ كان هناك اتِّجاهٌ لذلك؛ ولهذا فقَدِ استخَدَمها المُهرِّبون ومَن في حُكمِهم بديلًا عن العُملةِ الورقيَّة، ولِتجاوزِ التَّحويلاتِ البَنكيَّةِ الخاضعةِ للرِّقابةِ الدَّولية.

وأيضًا فإنَّ أسعارَ هذه العملاتِ تَتذبذَبُ بشكلٍ كبيرٍ جدًّا في زمنٍ قصيرٍ، وتتأثُّرُ بمُتغيِّراتٍ سُوقيَّةٍ كثيرةٍ، قد يكونُ بَعضُها مُفتعَلًا، في حين أنَّ أسعارَ العُملةِ الورقيَّةِ غالبًا ما تتأثَّرُ بقوةِ اقتصادِ الدَّولةِ وضعْفِه، وأسعارُها لا تُقارَن مِن حيثُ الثباتُ، أو التأرجُحُ بأسعارِ العُملاتِ الإلكترونيَّة.

ولولا أنَّ هذه العُملةَ قُبِلَت مِن قطاعٍ كبيرٍ مِن الناسِ، سواءٌ كان ذلك مقصودًا مِن مُصْدِريها، أو كان غيرَ مقصودٍ؛ لَمَا كان لها أيُّ قِيمةٍ تُذكَرُ، بلْ ولم تُسَمَّ عُملةً أصلًا؛ إذ أصْلُ النَّقدِ ما كان مقبولًا كوسيطٍ للشِّراءِ والتعامُلاتِ المالية، بمعنى أنَّه يُمكِنُ أنْ يُستخدَمَ للشِّراءِ والبيعِ الواسِعَيِ النِّطاقِ، وليس مُجرَّدَ التبادُلِ المحدودِ المُعتمِدِ على مُجرَّدِ تراضي الطَّرفينِ.فعلى سَبيلِ المثال: لو تبادَلَ اثنانِ؛ أحدُهما يعطي مَلابسَ، ويَأخُذُ الآخرُ مُقابلَ ذلك طعامًا؛ لَمَا اعتُبِرَ الطعامُ ولا الملابسُ نُقودًا، لكنْ لو فَرَضْنا جدلًا أنَّ ملابسَ مُعيَّنةً أصبحَتْ تُقبَلُ بشكلٍ واسعٍ جدًّا لتَبديلِها بأيِّ سلعٍ أُخرى، وأصبَح الناسُ يَحتفِظون بها لوقتِ الحاجةِ، ليس لأنَّها ملابسُ، بل لأنَّها مَحْفَظةٌ للمالِ، يُباعُ ويُشْتَرى بها- لَأخذَتْ حُكمَ النُّقودِ، وإنْ كان هذا غيرَ مُتصوَّرٍ واقعًا، ولا أظنُّ أنَّه قد حدَث في التاريخِ سِوى في أوقاتٍ مُحدودةٍ؛ نتيجةَ ظُروفٍ مُعيَّنةٍ وغيرِ دائمةٍ، وهذا ما فطَنَ له الإمامُ مالكٌ )ت 179هـ( منذ القِدَمِ، يومَ أنْ قال فرْضًا: "ولو جَرَت الجلودُ بيْن الناسِ مَجرى العَينِ المسكوكِ، لَكَرِهتُ بيْعَها بذَهبٍ أو وَرِقٍ نَظِرَةً".

وهنا أرى لِزامًا أنْ نذكِّرَ بالفَرقِ بيْن ما له قِيمةٌ حقيقيَّةٌ في ذاتِه، ثمَّ تُعورِفَ على اعتبارِه مالًا يُباع ويُشْتَرى به؛ فإنَّ قيمتَه كنقْدٍ مُقارِنةٌ ومُقارِبةٌ لقِيمتِه الحقيقيَّة، وليست مُنفكَّةً عنها تمامَ الانفكاكِ. وبيْن ما ليس له قِيمةٌ في ذاتِه- كما هو الحالُ في الورَقِ النَّقديِّ أو العُملةِ الإلكترونيَّة-؛ فقِيمةُ الورَقةِ التي طُبِعت عليها فئةُ المائةِ دُولارٍ، لا تُقارَنُ أبدًا بقِيمةِ المائةِ دُولارٍ، وهذا فرْقٌ جَوهريٌّ يَجعَلُ مِن المُتعذِّرِ قِياسَ ما قَبِلَ الناسُ التعامُلَ به وسيطًا نقْديًّا وليس له غِطاءٌ قِيَميٌّ حقيقيٌّ كالورَقِ النقديِّ، وبيْن ما قَبِلَ الناسُ التعامُلَ به كوَسيطٍ نقديٍّ- مِثْل الملابس- وله قِيمةٌ حقيقيَّةُ في ذاتِه.

والذَّهب والفِضَّة- كنَقدينِ- قد قَبِلَ الناسُ التعامُلَ بهما؛ حيثُ أودَعَ اللهُ في فِطَرِ الناسِ قَبولَهما كوَسيطٍ نقديٍّ، ومع ذلك لهما قِيمةٌ في ذاتِهما؛ لذا فالحديثُ عنهما له شأْنٌ آخَرُ، ولهذا تميَّزَا عن غيرِهما، واعتبَرَتِ الشَّريعةُ لهما أحكامًا خاصَّةً، أفرَدَها الفقهاءُ بالذِّكرِ في أبوابِ الصَّرفِ والرِّبَا.

حُكمُ التعامُلِ بهذه العُملةِ:
لقد بحَث جمْعٌ مِن العلماءِ والباحثينَ في حُكمِ هذه العُملةِ، لكنَّ أكثرَ الذين اطَّلعتُ على أقوالِهم قَصَروا كلامَهم على جانبٍ واحدٍ مِن جوانبِ القضيَّة، وفاتَهم أحدُ أهمِّ جوانبِها، بلْ فاتَهم الجانبُ الأهمُّ منها، وهو محورُ الحديثِ في هذه الورقة.

لقد قصَرَ أكثرُ الباحثينَ حديثَهم على "ماليَّة، أو نَقديَّة" هذه العُملةِ، وبنَوا على حُكْمِهم بكونِها نقْدًا مِن عدَمِه أحكامًا أُخرى؛ منها: إباحةُ التعامُلِ بها- أي: إباحةُ استعمالِها نقودًا- ثمَّ جَريانُ الرِّبا فيها، ووجوبُ الزَّكاةِ فيها كوُجوبِها في النَّقدينِ، وكوُجوبِها في العُملةِ الورقيَّة.

وذكَرَ بعضُ الباحثينَ أنَّ تذبْذبَ أسعارِها يَقترِبُ بها مِن المُقامَرةِ المُحرَّمةِ شرْعًا. وأشار بعضُهم إلى سُهولةِ تَزييفِها نوعًا ما، ومِن ثَمَّ تحريمُ التعامُلِ بها. وأشار آخَرونَ أيضًا إلى إمكانِ استخدامِها في عملياتِ التهريبِ والإجرامِ الدَّوليِّ؛ ولذا فيُمنَعُ التعامُلُ بها، وجُلُّ هذه أسبابٌ جانبيَّةٌ قد تُؤثِّرُ في الحُكمِ، وإنْ لم تكُنْ هي العِلَّةَ المُؤثِّرةَ فيه.

وقد توقَّفَ في حُكمِها جمْعٌ مِن العُلماءِ، لا لشيءٍ ولكنْ لتَوقُّفِهم في الحُكمِ بكونِها نقدًا؛ ولذلك خلَصوا إلى أنَّها إذا جرَت مَجرى الأوراقِ النَّقديَّة، بحيث اعتُرِفَ بها مِن قِبَلِ دُولِ العالَمِ كلِّها أو مُعظمِها، وأصبَحَ التعامُلُ بها خاضعًا لأنظمةٍ وقوانينَ تَمنعُ التحايُلَ بها؛ فإنَّ التعامُلَ بها عندئذٍ يكونُ مباحًا.

وفصَّلَ قليلٌ مِن الباحثينَ مِن أصحابِ الخِبرةِ في الاقتصادِ في حُكمِها، وذَكَروا أنَّ ما كان له غِطاءٌ بالذَّهبِ أو بأموالٍ عَينيَّةٍ أُخرى، فإنَّه قد يأخذُ حُكمَ الإباحةِ، وليتَ هؤلاء رَفَعوا أصواتَهم وأبْرَزوا قَضيَّةَ غِطاءِ الذَّهبِ وأثَرها في الاقتصادِ العالميِّ؛ حتى يكونَ هذا الإشكالُ أحَدَ أهمِّ محاورِ عمليَّةِ البحثِ في حُكمِها.

وقبْلَ الحديثِ عن كونِها مالًا أم لا، وحتى نَفهَمَ قضيَّةَ غطاءِ الذَّهبِ وأثَرَها في حُكمِ التعامُلِ بهذا النوعِ مِن العُملاتِ؛ يجِبُ علينا أنْ نتأمَّلَ في مَبدئِها وكيفيَّةِ ظُهورِها؛ فبالتأمُّلِ نجِدُ أنَّ جميعَ أشكالِ هذه العُملةِ أُنشِئَت مِن لا شَيءٍ، فهي- كما ذكَرْنا آنفًا- مُجرَّدُ أرقامٍ، أو ربَّما أشكالٍ إلكترونيَّة، كتَبَها أو رَسَمَها أو بَرْمَجَها أحدُ مُستخدمي أجهزةِ الحاسبِ الآليِّ؛ فليس لها أيُّ أصلٍ محسوسٍ، ولا مادَّةٍ استُخْرِجَت منها، فليس هناك تَكلفةٌ حقيقيَّةٌ في إنشائِها سِوى الكهرباءِ التي استُهْلِكَت في تَشغيلِ تلك الحاسباتِ، والوقتِ الذي صرَفهُ المُبرمجُ في كتابتِها!

وبمعنًى آخرَ نقولُ: إنَّ هذا النوعَ مِن العُملةِ أو النقْدِ صُنِعَ أو أُوجِدَ مِن لا شيءٍ، وهذا يعودُ بنا إلى الوراءِ لِيُذكِّرَنا بحالِ الورقِ النقديِّ بعدَ فكِّ الارتباطِ بينه وبين الذَّهبِ، الذي قامَتْ به الولاياتُ المُتَّحدةُ الأمريكيةُ عام 1971 م، فيما عُرِفَ بصدْمةِ نِيكسون؛ فقد كانت الأوراقُ النَّقديَّةُ حتى ذلك الوقتِ مُغطَّاةً بالذَّهب، أو لِنَقُلْ: كانت الأوراقُ النَّقديَّةُ عبارةً عن سَنداتِ مِلكيَّةٍ لمِقدارِها مِن الذهبِ؛ ولذلك اعْتِيدَ أنْ يُكتبَ عليها عبارةٌ مَفادُها بأنَّ الدَّولةَ المُصْدِرةَ تلْتزِمُ دفْعَ ذَهبٍ، قِيمتُه بقيمةِ تلك العُملةِ الورقيَّةِ لحاملِ تلك الأوراق، فلمَّا أنهَتِ الولاياتُ المُتَّحدةُ ذلك الارتباطَ، لم يَعُدِ الذهبُ غِطاءً للدُّولارِ، وقد جَرَتِ الدُّولُ الأخرى على هذا المنوالِ. ومعنى ذلك: أنَّ الدُّولَ يُمكِنُها أنْ تصنعَ مالًا مِن لا شيءٍ سِوى الورَقِ الذي طُبِعَ عليه، وهذا ما تَمَّ فِعلًا؛ فأصبَحت الدُّولُ تَطبعُ عُملتَها على الأوراقِ دونَ أنْ يكونَ لهذه الأوراقِ أيُّ غطاءٍ مِن ذَهبٍ أو فِضَّة، أو حتى مِن غيرِهما مِن الأموالِ.

لقد تحدَّثَ كثيرٌ مِن الاقتصاديِّينَ الغربيِّينَ عن هذا التحوُّل، وعَدُّوه مِن أكبرِ الأحداثِ الاقتصاديَّةِ العالميةِ، وتحدَّث بعضُهم عن مَخاطرِه، لكنْ كونُه قرارًا أمريكيًّا أغْشى نظَرَ الكثيرينَ عن خُطورتِه، وأضعَفَ أصواتَ مَن أدرَكَ خُطورتَه مِن اقتصاديِّي الغَرْب، وكان مِن المُحزنِ غِيابُ صوتِ فُقهاءِ المسلِمينَ واقتصاديِّيهم، فضْلًا عن صوتِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، مُتمثِّلًا في الدُّولِ الإسلاميَّة!

وقد لا أكونُ مُبالِغًا إنْ قلتُ: إنَّ هذه التحوُّلَ يُعَدُّ أساسَ المصائبِ التي جرَّت على العالَمِ كلِّه ويلاتٍ اقتصاديَّةً مُتنوِّعةً، ولم أجِدْ- في حدودِ بَحثي المُتواضعِ- مَن كشَفَ عن حَقيقةِ خُطورةِ هذا القرارِ وصِلتِه بسيطرةِ ثُلَّةٍ قليلةٍ مِن الأغنياءِ والأقوياءِ على اقتصادِ العالمِ، وصِلَتِه كذلك بكُلِّ المُشكلاتِ الاقتصاديَّةِ التي يُعاني منها العالَمُ.وهذه مُحاولةٌ لتوضيحِ حقيقةِ هذا القرارِ وخُطورتِه، ثمَّ صِلَتِه بما عُرِفَ الآن بالعملةِ الإلكترونيَّةِ المُشفَّرة.

يُعَدُّ هذا القَرارُ في حقيقتِه فَتحًا لبابِ ما يُعرَفُ بعمليةِ "خَلْق النُّقودِ"، أو "إيجادِ النُّقود" أو "توليدِ النُّقود" مِن لا شيءٍ،creation of money - وإن كانت العبارةُ الأدَقُّ هي خَلقَ النُّقودِ- والتي تجري بعِدَّةِ صُوَرٍ، منها: زيادةُ المعروضِ النَّقديِّ مِن خِلالِ تَكرارِ عَملياتِ الإقراضِ، فكُلُّ هذه الصُّورِ لم تكُنْ لِتَحدُثَ لو كانت العُملةُ الوَرقيَّةُ سَنَداتٍ حَقيقيَّةً مُرتَبِطةً بمُقابِلِها مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، أو أيِّ مالٍ حَقيقيٍّ آخَرَ.

فطِباعةُ الدُّولارِ مثلًا الذي يُعَدُّ عُملةً قويَّةً- أو هو الأقوى حتى الآن- يُشترَى ويُباع بها، ما هي إلَّا إيجادٌ للنُّقودِ مِن لا شَيءٍ، فقد أمكَنَ صُنعُ الدُّولارِ مِن لا شيءٍ؛ لأنَّه لم يَعُدْ سَندًا لملكيَّةِ مِقدارِه من الذَّهبِ، بل لم يَعُدْ سَنَدًا لملكيَّةِ مِقدارِه مِن أيِّ مالٍ حقيقيٍّ آخَرَ، أو بعبارةٍ أُخرى: انفكَّ ارتباطُه بالذَّهبِ، أو بالمالِ الحقيقيِّ، وهذا أمرٌ، وإلزامُ الدُّوَلِ مُواطنيها أو التزامُها لهم اعتبارَ عُملتِها نَقدًا يُباعُ ويُشترى بها، وقَبوُلها عِوَضًا ومُقابِلًا ماليًّا- أمرٌ آخَرُ.

ومِن ثَمَّ تمكَّنت دُوَلُ العالَمِ مِن إيجادِ المالِ مِن لا شيءٍ، فأصبحَت حُرَّةً غيرَ مُقيَّدةٍ بمِلكِ الذَّهبِ والفِضَّةِ، بلْ أضْحَت قادرةً على "صناعةِ" ذهَبِها وفضَّتِها الخاصَّةِ مِن لا شيءٍ، لا أحدَ يُحاسِبُها على ذلك، وكلما ازدادت قوَّةُ الدَّولةِ العَسكريَّةُ والسياسيَّةُ، ازدادت قُوَّةُ عُملتِها، ومن ثمَّ تمكَّنت ثُلَّةٌ قَليلةٌ مِن أصحابِ النُّفوذِ مِن السَّيطرةِ على اقتصادِ العالمِ مِن خلالِ مالٍ وهْميٍّ ليس له حقيقةٌ، مُستغلِّينَ بذلك قوَّتَهم ونُفوذَهم، أمَّا الدُّولُ الضَّعيفةُ فما تصنَعُه مِن مالٍ فإنَّه مالٌ ضعيفٌ ليس له أيُّ قُوَّةٍ إلَّا مِن خلالِ ارتباطِه بالدُّولارِ، حتى ولو كانت غنيَّةً بمَصادِرِها الطبيعيَّةِ مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، والدُّولارُ- كما ذكَرْنا- ليس لديه أيُّ رصيدٍ أو غِطاءٍ حقيقيٍّ!

ومِن أهَمِّ الدَّلائِلِ على أهميَّةِ الفَرقِ بين كَونِ العُملةِ الورقيَّةِ سَنَداتٍ حَقيقيَّةً إمَّا لِذَهبٍ أو فِضَّةٍ، أو لِغَيرِها من الأموالِ الحقيقيَّةِ، وبين كَونِها ورقةً تلتَزِمُ الدُّوَلُ المصْدِرةُ لها اعتبارَها عِوَضًا ماليًّا- حصولُ التضَخُّمِ، وهو زيادةُ المعروضِ النقديِّ مقابِلَ ما يجِبُ أن يمثِّلَه مِن سِلَعٍ، فلو كان النَّقدُ سَنَداتٍ حقيقيَّةً لمالٍ حقيقيٍّ لَما حصل ذلك التضَخُّمُ، وكما هو معلومٌ فإنَّ التضَخُّمَ مِن أكبَرِ المشاكلِ الاقتصاديَّةِ التي تواجِهُ دُولَ العالمِ، لا سيَّما الضَّعيفةُ منها، حتى ولو كان الذَّهَبُ الطَّبيعيُّ أهمَّ ثَرَواتِها!

إنَّ المُتأمِّلَ في حِرصِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ البالغِ على التقابُضِ في مَجلِسِ العَقدِ، لا سيَّما إذا ما تُبودِلَ مالٌ بمالٍ، لَيجِدُ مُعجزةً مِن مُعجزاتِ الشَّريعةِ الإسلاميَّة؛ فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المشهورِ الذي يُعَدُّ أهمَّ حديثٍ في بابِ الرِّبا: (( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ؛ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ )).

فالتَّقابضُ هو الوسيلةُ الفعَّالةُ الصُّلبةُ لمنْعِ هذه العمليَّةِ، أعني: خَلْقَ النُّقودِ، creation of money ، والتي تَحدُث حينما يُتبادَلُ الذَّهبُ والفِضَّةُ- وهما اللَّذانِ يُعدَّانِ أساسَ الأموالِ، وهما النَّقدانِ الوحيدانِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ- مِن خِلالِ وُعودٍ بين المُتبادلين، حتَّى ولو كانت هذه الوُعودُ مُوثَّقةً على أوراقٍ، أو مِن خلالِ تبادُلِ سَنداتِ المِلكيَّةِ للذَّهبِ أو الفضَّة، وتلك الوعودُ المُوثَّقةُ أو سَنداتُ الملكيَّةِ هي ما عُرِفَ بعدَ ذلك بالأوراقِ النَّقديَّة.

فالرِّبا تَمنعُه المُماثَلةُ، وخلقُ النقودِ يَمنعُه التقابُضُ، كما نَصَّ على ذلك الحديثُ السابقُ، وهاتانِ العمليَّتانِ- وهما الرِّبا وخلق النقود- مُرتبطتانِ ارتباطًا وثيقًا بعضُهما ببعضٍ، فلا يتحقَّقُ التقابُضُ الذي يمنعُ الرِّبا إلا إذا كان المالُ حقيقيًّا، فالرِّبا وخَلْقُ المال هما أساسُ خرابِ الاقتصادِ العالميِّ ومشاكِلِه المتعَدِّدةِ، وأساسُ اختلالِ التوازُنِ الذي خَلَقَ اللهُ جلَّ وعلا عليه الكونَ، ووزَّعَ الأرزاقَ؛ فإنَّ اللهَ جلَّ وعلا رزَقَ بَعضَ البلادِ بالذَّهب، وبعضَها بغيرِ الذَّهب، فإذا ما صُنِعَ ذهَبٌ- أو نقْدٌ- مِن لا شيءٍ، اختَلَّ هذا التوازنُ وهذا العدْلُ الإلهيُّ، وحَلَّ مكانَه الظُّلمُ الذي يُمارِسُه القويُّ الذي لا يُؤمِنُ باللهِ، ويتمرَّدُ على سُلطانِه:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7].

وخَلقُ المالِ يمنَحُ فُرصةً لإيجادِ مالٍ وهميٍّ ليس له أيُّ غِطاءٍ، بل، وكما هو الحالُ في العُملةِ الإلكترونيَّةِ المشَفَّرةِ، يمكَّنُ العدَدُ المحدودُ الذي يمتَلِكُ مهاراتِ خَلقِ المالِ مِن الحُصولِ على الثَّروةِ، وربَّما احتكارِها، ولِكَونِه غيرَ مُنضَبِطٍ فهو بابٌ واسِعٌ للغِشِّ والخِداعِ؛ إذ ليس ثمَّةَ مالٌ حقيقيٌّ يمكِنُ تقييمُه، ومِن ثمَّ يُمكِنُ التلاعُبُ في أسعارِه والتحَكُّمُ فيها، وهذه القيمةُ غيرُ المُنضَبِطةِ تَقفِزُ ارتفاعًا وتهوي انخفاضًا في وقتٍ يسيرٍ، ويحدُثُ بسَبَبِ هذا المالِ غيرِ الحقيقيِّ الشِّراءُ المُزدَوجُ عِدَّةَ مرَّاتٍ، فيُخلَقُ مِن هذا المالِ الوهميِّ مالٌ وهميٌّ آخَرُ، مهما سُنَّت من قوانينَ لِضَبطِ هذه العمليَّةِ، فيُصبِحُ الاقتِصادُ العامُّ أو اقتِصادُ ذلك السُّوقِ فُقاعةً لا تلبَثُ أن تَنفَجِرَ مُحدِثةً دَمارًا هائِلًا.

ومع الأسفِ، فإنَّ قضيَّةَ خلْقِ المالِ لم تأخُذْ حظَّها الكافيَ مِن البحثِ والدِّراسةِ مِن قِبَلِ فُقهاءِ المسلمينَ، مع أنَّها وإنْ كانتْ قرينةً للرِّبا في كَثيرٍ مِن الأحيانِ، إلَّا أنَّ بعضَ صُوَرِها وتشعُّباتِها تمتدُّ إلى ما لا تَمتدُّ إليه صُوَرُ الرِّبا وتشعُّباتِه.وعلى هذا، فإنَّ أيَّ خلق أو إيجاد للمال مِن لا شيءٍ أمْرٌ مُحرَّمٌ في الشريعةِ ؛ فهو ابتداء اعتِداءٌ على حقِّ الخالقِ في الخلْقِ؛ فهو وحْدَه جلَّ وعلا مَن يُوجِدُ شيئًا مِن لا شيءٍ {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54].

ولو أنَّ العالَمَ الإسلاميَّ كان له حُضورٌ على السَّاحةِ العالميَّة، وعلى الاقتصادِ العالميِّ، لَمَا أَذِنَ بفَكِّ الارتباطِ بين الذَّهبِ والعُملةِ الورقيَّة، ولَأصَرَّ على أنْ تكونَ الأوراقُ النَّقديةُ مُجرَّدَ سَنداتِ مِلكيةٍ لِمَا يُساويها مِن الذَّهب، ولَامْتنعَتِ الدُّولُ الإسلاميَّةُ عن التعامُلِ بهذا المالِ الوهميِّ الذي صنَعَه القَويُّ الظالمُ مِن البَشرِ، ولَقاوَمَت استعمالَه حتَّى آخِرِ رمَقٍ قبْلَ أنْ تقَعَ ضحيَّةً له ولمَن صنَعَه!

حُكمُ العُملةِ الإلكترونيَّةِ غيرِ المُغطَّاةِ بأيِّ نوعٍ مِن أنواعِ المالِ:

هذه العُملةُ الإلكترونيَّةُ المُشفَّرةُ صُورةٌ أُخرى مِن صُوَرِ صناعةِ المالِ الذي ليس له أيُّ غِطاءٍ، وكما ذكَرْنا فإنَّها الآنَ تُصنَعُ مِن قِبَلِ أفرادٍ أو شركاتٍ ودُول، ولم تُعتمَدُ حتى الآنَ للتعامُلِ الدَّوليِّ، وقد يتِمُّ ذلك قريبًا؛ لِتَحُلَّ مَحلَّ العُملةِ الورقيَّة، وليسَا إلا وجْهينِ لعُملةٍ واحدةٍ؛ نقْدٌ وهْميٌّ ليس له غِطاءٌ ماليٌّ، فضلًا عن أنْ يكونَ له غِطاءٌ مِن النَّقدينِ الحقيقَينِ: الذَّهبِ والفِضَّة.

ولذلك تَحرُم صِناعةُ هذا النَّقدِ المعروفِ بالنُّقودِ الإلكترونيَّةِ المُشفَّرةِ Cryptocurrency، سواءٌ كان ابتداءً، أو مِن خلالِ ما يُعرَفُ بعملياتِ التَّنقيب؛ لأنَّه إيجادٌ للمالِ مِن لا شيءٍ- كما تقدَّمَ. ويَحرُم كذلك ضَخُّ الأموالِ لتَقويتِه مِن خلالِ تداولِه بَيعًا وشِراءً.

أمَّا إذا أصبَحتْ هذه العُملةُ بديلًا أو رَديفًا للعُملةِ الورقيَّة، والتَزَمت الدُّوَلُ أو البُنوكُ المركزيَّةُ أو الجِهاتُ القانونيَّةُ المُصْدِرةُ لها، بصَرفِها بقيمتِها مِن أيِّ أنواعِ البضائِعِ أو النتاجِ المحليِّ، كأنْ يكونَ لدينا دُولارٌ ورقيٌّ، أو دُولارٌ رقميٌّ، أو عُملةٌ أُخرى أمريكيَّةٌ رَديفةٌ للدُّولارِ، مِثْلُ أيِّ دولارٍ، لها سِعرُ صرْفٍ مُعيَّنٌ ومُحدَّدٌ، كما هو الحالُ في الدُّولار؛ فإذا أصبحَتْ تلك العُملةُ بديلًا أو رَديفًا للعُملةِ الورقيَّةِ، وفُرِضَ على دولِ العالمِ كلِّه- ومنها الدُّولُ الإسلاميَّة- "صكُّها" كبَديلٍ أو رَديفٍ للعملةِ الورقيَّة، وأمكَنَ ضبْطُ سِعرِها بسِعرِ صرْفٍ مُحدَّدٍ- مع ارتفاعٍ أو انخفاضٍ يَسيرٍ، كما هو الحالُ في العُملةِ الورقيَّةِ- غَيرِ قابلٍ للتَّذبذباتِ الكبيرةِ والسريعةِ التي تَجعلُها نوعًا مِن القِمارِ المُحرَّمِ شرعًا؛ وسُنَّتْ تشريعاتٌ كافيةٌ لضمانِ استمرارِ التعامُلِ بها أولًا، ثُمَّ وَفْقَ ما تقدَّمَ مِن الشُّروطِ ثانيًا: فقد يُقال عندئذٍ بإباحةِ التعامُلِ بها، كما يُباحُ الآنَ التعامُلُ بالورَقِ النقديِّ اضطرارًا، وتُصبِحُ بديلًا مُشابهًا له، مع أنَّ أصلَه- أي: الورَقِ النقديِّ- بعدَ فكِّ الارتباطِ بيْنه وبين الذهبِ مُحرَّمٌ.

وعلى الدُّولِ الإسلاميَّةِ أنْ تُحاوِلَ جاهدةً- إذا ما أرادتِ استقلالَ اقتصادِها، وبسْطَ العدْلِ على الأرضِ- تجنُّبَ بيْعِ ثَرواتِها بمُقابلٍ يُدفَعُ مِن خلالِ تِلك العُملات؛ حتَّى لا يُضَخُّ مزيدٌ مِن القوَّةِ فيها، وإنما بيعُ ثَرواتِها بذهبٍ أو فِضَّةٍ حقيقَيْنِ، أو مِن خلالِ مُقايضةٍ بأموالٍ منقولةٍ.

حُكمُ العُملةِ الإلكترونيَّةِ المُغطَّاةِ بالذهبِ:

كما ذكرتُ سابقًا، فإنَّه مِن غيرِ المُتصوَّرِ أنْ تكونَ بعضُ هذه العُملاتِ حتى الآنَ مُغطَّاةً بغِطاءٍ حَقيقيٍّ مِن الذَّهب، وغايةُ ما في الأمْرِ تعهُّدُ بعضِ مُصْدِريها بدَفْعِ قِيمتِها الأصليَّةِ ذهَبًا، وعلينا أنْ نَتثبَّتَ مِن هذا التعهُّد، وهل هو مُجرَّدُ تعهُّدٍ أدبيٍّ، أم تعهُّدٌ مُلزِمٌ مِن خلالِ تبعيَّتِه لقانونٍ مُستقرٍّ ومُعترَفٍ به.

هذا مِن ناحيةٍ، ومِن ناحيةٍ أُخرى: لا بُدَّ أنْ يكونَ سِعرُها مُتناسبًا مع سِعرِ الذَّهب؛ حتَّى نتحقَّقَ مِن مِصداقيَّةِ هذا الغِطاءِ، وإذا كان الأمرُ كذلك فيجِبُ الامتناعُ عن التعامُلِ بها بصورةٍ تَفصِلُ بينها وبين الذَّهبِ الذي يُغطِّيها مِن خلالِ المُزايدةِ في سِعرِها؛ فأسعارُ الذهبِ وإنْ كانت تتغيَّرُ إلا أنَّه تغيُّرٌ مَحدودٌ مُقارنةً بالزَّمنِ المُستغرَقِ لتغيُّرِه، فإذا ما تَذبذبَ سِعرُ هذه العُملاتِ بشكلٍ كبيرٍ وفي زمنٍ قصيرٍ، دلَّ ذلك أوَّلًا على عدَمِ وجودِ غِطاءٍ حقيقيٍّ لها مِن الذَّهب، وكذلك أصبحَ القولُ بحُرمةِ التعامُلِ بها مُتعيِّنًا؛ وذلك لاقترابِ ذلك التعامُلِ بها بَيعًا وشِراءً مِن المُقامَرةِ المُحرَّمةِ، كما ذكَرْنا سابقًا.

ومن نافلةِ القول: أنَّه إنْ ثبَتَ لها غِطاءُ الذَّهبِ بتلك القُيودِ التي ذكَرْنا، فإنَّها لا تُصبِحُ عُملةً مُستقلَّة، بلْ حقيقتُها أنَّها سَنداتُ مِلكيةٍ للذَّهب، ومِن ثَمَّ تَخضعُ لأحكامِ الصَّرفِ المعروفة، ولا أُطيلُ فيها؛ لأنَّي ذكرْتُ هذا الوجهَ احتمالًا، وإلا فلا أظنُّ أنَّه واقعٌ حَقيقيٌّ، على الأقلِ حتى هذا الوقتِ.

حُكمُ العُملةِ الإلكترونيَّةِ المُغطَّاةِ بأنواعٍ أُخرى مِن الأموالِ أو المَنقولات:

كما ذَكرْتُ آنفًا في حُكمِ تلك العُملةِ المُغطَّاةِ بالذهب: أنَّه مِن غيرِ المُتصوَّرِ أنْ تكونَ بعضُ صُورِ أو أنواعِ هذه العُملةِ مُغطَّاةً بالذَّهب، فكذلك الحالُ بالنِّسبةِ لغِطائِها مِن الأموالِ والمنقولاتِ الأُخرى، بلْ إنَّ عدَمَ الإمكانِ هنا أقْوى. وعلى كُلِّ حالٍ: إنْ فُرِضَ وُجودُ نوعٍ مِن أنواعِها ممَّا له غِطاءٌ بأنواعٍ أُخرى مِن الأموالِ- كالأراضي، والعَقار، ونحوِ ذلك- فإنَّ هذه العُملةَ لا يُمكِنُ إلَّا أنْ تُعَدَّ سَندَ مِلكيةٍ لذلك المالِ، وعندئذٍ فيَتعيَّنُ علينا أنْ نَتعاملَ معها كسَنداتِ مِلكيَّةٍ، وليس كوَرَقٍ نقْديٍّ، إلا إذا استقرَّ التعامُلُ بها كورَقٍ نقْديٍّ، وعندئذٍ لا بدَّ لنا مِن نظَرٍ جديدٍ في حُكمِها كما تقَدَّمَ، ويُقال فيها ما قِيل في سابقَيها مِن التَّحرُّزاتِ؛ لِتَجنُّبِ دُخولِ المَيْسِرِ عند التعامُلِ بها.

تمَّت الورقةُ، واللهُ الموفِّقُ والهادِي إلى سواءِ السَّبيلِ.

 
التعديل الأخير:
إنضم
11 يونيو 2015
المشاركات
15
الجنس
أنثى
الكنية
كعيد
التخصص
فقه وأصول الفقه
الدولة
الإمارات
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مشروعية البيتكوين/ دراسات وآراء وفتاوى

رسالة سارة القحطاني خارج موضوع البحث، وقد رجعت إليها ، لكن تبين أنها تتحدث عن النقود الالكترونية المعروفة ببطاقات الائتمان أو الدفع المسبق، وليست العملات الافتراضية التي هي محل البحث هنا، وكان على الباحثة أن توضح العنوان أكثر، لكن قد يغفر لها كون رسالتها في زمن قريب جدا من ظهور العملات الافتراضية، بحيث لم يكن من الشائع اندراجها ضمن النقود الالكترونية وقتها.
 
أعلى