العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مفهوم حقيقة مصطلح المذهب (المذهب المالكي أنموذجا)

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مفهوم حقيقة مصطلح المذهب (المذهب المالكي أنموذجا)


أبو أويس الإدريسي عامله الله بلطفه الخفي، وكرمه الوفي .

يقال إن الألفاظ قوالب المعاني ، إذ كل لفظ له معنى لغوي استعمل فيه، وقد يكون له معنى اصطلاحي انتقل إليه حسب الاستعمال والعلم الذي تعلق به مع بقاء وجه الربط بين المعنيين، وهو ما ينطبق على كلمة مذهب التي لها مدلول لغوي وآخر اصطلاحي.
فالمذهب في اللغة مصدر ميمي يطلق على الطريق ومكان الذهاب وزمانه قال أحمد الصاوي المالكي رحمه الله: "المذهب في الأصل محل الذهاب كالطريق المحسوسة" حاشية الصاوي على شرح الصغير للدردير 1/16.
ونقل عند الفقهاء من حقيقته اللغوية إلى الحقيقة العرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة في الأحكام الاجتهادية، فالمذهب المالكي مثلا هو ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من الأحكام الاجتهادية استنتاجا واستنباطا 1. انظر شرح الزرقاني على شرح اللقاني لخطبة المختصر 133, ونور البصر للهلالي 132.
ولذلك قال القرافي المالكي رحمه الله: "مذهب مالك ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية..." الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام 220.
وقال الدردير المالكي رحمه الله: "مذهب مالك مثلا: عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية التي بذل وسعه في تحصيلها" حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/19.
والاجتهاد لغة: بذل الوسع والمجهود فهو افتعال من الجهد والطاقة. لسان العرب 3/133 واصطلاحا: قال السبكي رحمه الله: "هو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم" جمع الجوامع 2/379.
فتبين من ذلك أن الاجتهاد في هذا المقام له تعلق بالظنيات لا بالأدلة الصحيحة الصريحات. انظر إرشاد الفحول 370.

قال ابن أبي الأصبغ الأندلسي رحمه الله في معالمه:
والاجتهاد إنما يكون^^^^ في كل ما دليله مظنون
أما الذي فيه الدليل القاطع^^^^ فهو كما جاء ولا منازع
نقلا عن الصوارم والأسنة 152.
فمن خلال هذا، فالدليل الصحيح الصريح الذي لا معارض له لا يصح الاجتهاد مع وجوده ولا النظر وهذا هو المعبر عنه بقاعدة: "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص".
قال السنوسي المالكي رحمه الله: "وإيضاح ذلك أن المجتهد مطلقا كان أو منتسبا إنما له التصرف في الأحكام الظنية فقط مما لا صريح نص في عينها... وأما الأحكام القطعية فالأئمة فيها سواء... فلا تعلق للاجتهاد بها إذ ليست من المجتهد فيه...
فالمراد إذن بقطعيتها كونها نصوصا صحيحة صريحة في عين مسائلها...ولا يوصف العامل بها بتقليد ولا اجتهاد كما غلط في ذلك كثير، بل بالإتباع ولو لم تتوفر فيه شروط الاجتهاد..." المسائل العشر40 وما يليها.
وبناء على ما مر فإن المذهب اصطلاحا هو ما له تعلق بالأحكام الاجتهادية الظنية فإن الأحكام التي دل عليها الدليل الصحيح الصريح لا يصح -في الأصل- نسبتها إلا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال القرافي المالكي رحمه الله: "ينبغي أن يقال: إن الأحكام المجمع عليها لا يقال في شيء منها إنها مذهب الشافعي ولا مالك ولا غيرهما" الإحكام 199.
وقال الدردير المالكي رحمه الله: "الأحكام التي نُص عليها في القرآن أو في السنة لا تعد من مذهب أحد من المجتهدين" الشرح الكبير1/9.
نعم قد ينسب ما هو منصوص عليه إلى مذهب من المذاهب على أنه يقول بذلك الحكم لا على المعنى الاصطلاحي للمذهب وهذا من باب التسامح فتنبه ففي "هيئة الناسك" 141 لابن عزوز المالكي رحمه الله ما نصه: "قولنا في منصوصات الشارع: هذا مذهب فلان فيه تسامح إذ لا ينسب مذهبا لأحد إلا المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع، والمنصوص لا يتفرد به أحد عن الآخر بالإجماع" وقد نقله عنه العلامة الشنقيطي رحمه الله في الصوارم والأسنة 150.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في الصوارم والأسنة 151-152:
مذهب مالك إذا قيل المراد^^^^ منه الذي لمالك فيه اجتهاد
وغيره مما عليه نص لا^^^^ يعد مذهبا له مؤصلا
فعزو مذهب لذي اجتهاد^^^^ بعد وجود النص ذو فساد
بل كل ما ثبت بالدليل^^^^ ينسب للإله والرسول
وقال محمد بن عبد الله ولد المختار في نظمه مفتاح الجنة في نصرة السنة والأئمة ص7 عندما ضمن في نظمه أبيات الشنقيطي رحمه الله هذه:
قلت وما قد قاله محمد^^^^ هو الجواب الحق نعم السيد
وإن تسل عن الجواب الضابط^^^^ لا تنس ذا وقله قول ضابط
فذا الجواب من به أجابا^^^^ ما مذهب الإمام قد أصابا
وعليه فمجال المذهب (اصطلاحا) المسائل الاجتهادية التي تحتملها الأدلة الشرعية والقواعد المرعية لا غير، ومعلوم أنه لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد، واجتهاد المرء ليس بقاض على اجتهاد غيره ولذا قرر العلماء أنه "لا إنكار في مسائل الاجتهاد".
ومن ثم فكل ما كان من الأحكام الشرعية منصوصا عليه -صحيحا صريحا لا معارض له-، وكذا مسائل الإجماع المحقق لا مذاهب فيها في الأصل.
ففي الدرر السنية 4/18:" قد صرح العلماء: أن النصوص الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها ولا ناسخ، وكذا مسائل الإجماع لا مذاهب فيها، وإنما المذاهب فيما فهمه العلماء من النصوص، أو علمه أحد دون أحد، أو في مسائل الاجتهاد، ونحو ذلك".
إذن إذا ظهر لنا النص الواضح في مسألة ما خلاف ما جاء في المذهب المالكي مثلا الواجب التمسك بالنص ولا يعد في الحقيقة الآخذ بالدليل خارجا عن مذهبه.
قال العلامة المعصومي رحمه الله:" فمن اتبع الدليل فقد اتبع إمامه وسائر الأئمة ويكون متبعا لكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا يكون بذلك خارجا عن مذهب إمامه، وإنما يكون خارجا عن مذهب إمامه وعن سائر الأئمة إذا صمم وجمد على التقليد على خلاف الدليل، لأن إمامه لو بلغه الحديث السالم عن المعارض، لترك رأيه واتبع الحديث" هل المسلم ملزم بإتباع مذهب معين 94.
قال الإمام القرافي المالكي رحمه الله:" كل شيء أفتى فيه المجتهد فخرجت فتياه على خلاف الإجماع أو القواعد أو النص أو القياس الجلي السالم عن المعارض الراجح لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس، ولا يفتي به في دين الله تعالى....فعلى هذا يجب على أهل العصر تفقد مذاهبهم، فكل ما وجدوه من هذا النوع يحرم عليهم الفتيا به، ولا يعرى مذهب من المذاهب عنه، لكنه قد يقل وقد يكثر، غير أنه لا يقدر أن يعلم هذا في مذهبه إلا من عرف القواعد والقياس الجلي والنص الصريح وعدم المعارض لذلك 2، وذلك يعتمد تحصيل أصول الفقه، والتبحر في الفقه، فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه، بل للشريعة قواعد كثيرة جدا عند أئمة الفتوى والاجتهاد" الفروق 2/109.
إذن جماع ما مر أن مفهوم المذهب المالكي كأنموذج اصطلاحا هو ما له تعلق بالأحكام الاجتهادية الظنية التي اختص بها الإمام مالك رحمه الله أصالة ذلك لأن الأحكام التي دل عليها الدليل الصحيح الصريح الذي لا معارض له لا يصح -في الأصل- نسبتها إلا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قرر.
قال محمد عبد الله ولد المختار في نظمه مفتاح باب الجنة في نصرة السنة والأئمة ص 6:
ومذهب الإمام ما إليه^^^^يذهب فيما ليس نص فيه
أما نصوص الشرع في القرآن^^^^وفي حديث المصطفى العدنان
فلا يقال أنها مذاهب^^^^بل المذاهب إليها تنسب
ومما يؤكد ذلك ويوضحه نهي العلماء عن التقليد إذا ظهر الحق وبان، " فإن الحق أبلج والباطل لجلج "، وعليه يحمل قول سند بن عنان المالكي رحمه الله _ وهو من كبار المالكية، وقد شرح المدونة _ لما قال :" الاقتصار على محض التقليد فلا يرضى به رجل رشيد.... فهو قبول قول الغير من غير حجة فمن أين يحصل به علم وليس له مستند إلى قطع وهو أيضا في نفسه بدعة محدثة.." انظر القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد للشوكاني رحمه الله ص 43.
وعليه فالواجب رد ما جاء في المذاهب إلى الكتاب والسنة وليس في ذلك قدح في علم الأئمة.
قال محمد عبد الله ولد المختار في مفتاح باب الجنة في نصرة السنة والأئمة ص 8:
وليس بالقادح في الأئمة^^^^رد المذاهب لنهج السنة
فالرد لله وللرسول^^^^عند التنازع من المنقول
لا توجبوا تمسكا بالمذهب^^^^إلا إذا وافق سنة النبي
ولذا كان التعصب لمذهب دون آخر من حمية الجاهلية، حتى ورد في الجزء الأول من شرح الحطاب لمختصر خليل المالكي عازيا 3 لتقي الدين السبكي رحمه الله يخاطب أصحاب المذاهب الأربعة ما نصه:" وأما تعصبكم في فروع الدين وحملكم الناس على مذهب واحد فهو الذي لا يقبله الله منكم، ولا يحملكم عليه إلا محض التعصب والتحاسد، ولو أن الشافعي ومالكا وأبا حنيفة وأحمد أحياء يرزقون لشددوا النكير عليكم وتبرؤوا منكم فيما تفعلون" نقلا عن الصوارم والأسنة ص 277
قال محمد عبد الله ولد المختار في نظمه مفتاح باب الجنة ص: 5 في حق الأئمة:
ولم يقل أحدهم تمسكوا^^^^بمذهبي وما سواه فاتركوه
فإذا كان الرجل متبعا بعض الأئمة الأربعة في الفقه كمالك رحمه الله ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره هو الصواب أو الأصح فاتبعه كان هذا هو الواجب في حقه وأحب إلى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
قال العلامة القرافي المالكي رحمه الله:" لا يجوز تقليد إمام في مسألة ضعف مدركه فيها ولو لمقلده في غيرها، فالمالكي لا يجوز له تقليد مالك في حكم ضعف مدركه فيه 4 وإنما يقلده فيما وافق الدليل أو قوي دليله على دليل غيره امتثالا لقوله:(إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي، وكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه).." نقله عنه السنوسي المالكي رحمه الله في الإيقاظ، انظر الصوارم والأسنة 246.
وقال العلامة المواق المالكي رحمه الله في كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل ما نصه عازيا 3 ذلك إلى عز الدين بن عبد السلام في قواعده :" من العجب العجيب أن يقف المقلد على ضعف مأخذ إمامه، وهو مع ذلك يقلده كأن إمامه نبي أرسل إليه، وهذا نأي عن الحق، وبعد عن الصواب، لا يرضى به أحد من أولي الألباب، بل تجد أحدهم يناضل عن مقلده، ويتحيل لدفع ظواهر الكتاب والسنة ويتأولها، وقد رأيناهم يجتمعون في المجالس، فإذا ذكر لأحدهم خلاف ما وطن عليه نفسه، تعجب منه غاية التعجب، لما ألفه من تقليد إمامه، حتى ظن أن الحق منحصر في مذهب إمامه، ولو تدبر لكان تعجبه من مذهب إمامه أولى من تعجبه من مذهب غيره.
فالبحث مع هؤلاء ضائع مفض إلى التقاطع والتدابر، من غير فائدة يجنيها، ...فسبحان الله ما أكثر من أعمى التقليد بصره، حتى حمله على مثل ما ذكرناه، وفقنا الله لإتباع الحق أينما كان، وعلى لسان من ظهر.." انظر إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين 150، والصوارم والأسنة 273.
وعليه فإذا كان الإمام معذورا في مخالفة الدليل بأحد الأعذار المقبولة كما كشف عنها الإمام ابن تيمية رحمه الله في رسالته "رفع الملام عن الأئمة الأعلام " 5، فإن التابع له لا يعذر إذا ظهر له الصواب في خلاف مذهب متبوعه.
قال العلامة محمد بن عزوز المالكي رحمه الله:" ..وحيث لا نص فكل على اجتهاده لخفاء المحق من المخطئ، فإن ثبت نص معاضد لأحدهم فالحق يتعين له.
ولا يجوز لمسلم التعصب لقول أحد تبين خطؤه في ذلك القول 6، ولكن يحمل قائله الأول على عدم بلاغ الخبر له 7 تنزيها لمقامهم عن تعمد المخالفة، هذا هو العدل الذي أمر الله به ورسوله وسائر الأئمة في هذه المسألة " عقيدة التوحيد الكبرى ص 216.
قال محمد عبد الله ولد المختار في مفتاح باب الجنة ص 5:
والعذر مقبول من الإمام^^^^ورافع للإثم والملام
بعكس من قلده من بعدما^^^^صح له الحديث عند العلما
بذا عليه الإثم والملام^^^^ومنه قد تبرا الإمام
لأنهم قد حذروا أتباعهم^^^^من مثل ذا وعقدوا إجماعهم
بأن ما قالوا وما رأوا إذا^^^^خالف سنة الرسول نبذا
إمامنا في تركه مأجور^^^^والمقتدي بتركه مأزور
إن الإمام ناقل عن الرسول^^^^وليس بالرسول يا ذوي العقول
فالحذر الحذر من مصادمة السنة تعصبا لأقوال الرجال، وبدعوى التمسك بالمذهب، فإن هذا الأخير كما بيناه لا يعدوا المسائل الاجتهادية لا الأمور المنصوص عليها في الأدلة الشرعية، كما أن التمذهب على ما وضحناه فيما مضى وسيلة للتفقه لا غاية.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله في معرض الكلام عن المعارض للسنة:"..لو قلت لأحدهم مثلا السنة كذا وكذا قابلك بما لا يليق فيقول كان شيخي يفعل كذا وكذا وما هذا طريق شيخي وكان شيخي يقول كذا وكذا ويصادم بذلك كله السنة الواضحة والطريقة الناجحة يا ليتهم لو وقفوا عند هذا الحد لو كان سائغا بل زادوا على ذلك الأمر المخوف وهو ما بلغني ممن أثق به أن بعض من ينسب إلى العلم تكلم في مسألة ونقل فيها عن بعض شيوخه نقلا تأباه الشريعة فقال له بعض من حضره حديث النبي صلى الله عليه وسلم يرد هذا فأجابه بأن قال حديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما يراد للتبرك والشيوخ هم الذين يقتدى بهم وهذا إن كان معتقدا لما قاله كان كافرا حلال الدم وإن لم يعتقده فهو مرتكب لكبيرة عظمى يجب عليه أن يتوب منها مع الأدب الموجع" المدخل 2/140_141.
وعليه لما كان التمذهب بمذهب من المذاهب الفقهية المعتبرة كالمذهب المالكي على أساس كونه وسيلة للتفقه لا غاية جادة مطروقة عند العلماء، وسبيل مسلوك عند الفقهاء، مع عدم التعصب له إذا ظهر الصواب في مسألة عند غيره أو لاح، لأن الخطأ والغلط والشذوذ وارد عليه لم يوجب الله تعالى ولا رسوله عليه الصلاة والسلام " على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة فيقلده دينه دون غيره وقد انطوت القرون الفاضلة ببراءة أهلها من هذه النسبة بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال فمن ليس كذلك لا يكون بقوله أنا مالكي مثلا مالكيا بل هي مجرد دعوى كاذبة، وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام وأبعد منه القول بلزوم واحد من الأربعة 8.." قاله العلامة السنوسي المالكي رحمه الله في الإيقاظ نقلا عن الصوارم والأسنة 273_274، وانظر إعلام الموقعين 4/ 261_ 262.
فالحجة هي المعتمدة، وهي الحاكمة على المذهب لا العكس، إلا أن كثيرا من المتمذهبة طرحوا في هذا المجال شبهة تكرس مفهوم التمذهب عندهم وهي أن الذي له الحق في إتباع الدليل مخالفة لمذهبه هو المجتهد لا غير مع أننا نقول: أن العامي الصرف نفسه إذا علم الحق في مسألة على خلاف ما جاء في المذهب الواجب عليه التمسك بالحق 9، لكن العجيب أن أصحاب تلكم الشبهة لم يقفوا عند حد العامي الصرف بل شمل قولهم حتى المتبع مستدلين في ذلك بأن العلماء قد قسموا الناس إلى قسمين: مجتهد وعامي ، بل بلغ بهم الأمر إلى أن قول الأئمة :" إذا صح الحديث فهو مذهبي " المخاطب به من بلغ درجة الاجتهاد! والجواب عن هذا الأخير من أوجه أهمها:
أ . أن كلام الأئمة موجه إلى تلاميذهم أصالة، ولم يكونوا قد بلغوا مرتبة الاجتهاد بل كانوا جاثين على الركب في حلقات مشايخهم.
ب. إذا قيل أن الكلام موجه إلى المجتهد فنقول: إن المجتهد غير محتاج أصلا إلى قول مجتهد مثله حتى يرجع إلى الكتاب والسنة، فتبين أن ذلك الكلام في حق غيره.
أما ما طرحوه من أن الناس على قسمين: مجتهد ومقلد أوعامي، نقول: درج على هذا الاصطلاح بعض علماء الأصول لكن لفظة المقلد عندهم أوالعامي ليس معناها على الاصطلاح الحادث 10 الذي حده العلماء بأنه :" الذي يأخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله "، وإنما المقلد أو العامي يشمل عندهم كل من ليس مجتهدا.
في حاشية الشرواني على التحفة 10/110:" نقول: المراد بالعامي غير المجتهد، أو نقول: غير المجتهدين من العلماء مثل العامي في ذلك كما صرح به المحلي في شرح جمع الجوامع "، وللتوسع انظر بحثا لابن بدران رحمه الله في شرحه لروضة الناظر 1/347_348.
وعليه فتقسيم الناس عند بعض الأصوليين إلى مجتهد وعامي لا يلزم منه إلغاء مرتبة المتبع 11 وهي منزلة بين المجتهد والعامي الصرف على التقسيم المعروف عند المتأخرين وحدها:" الذي هو في درجة من العلم والفهم فوق العامي ودون المجتهد، يمكنه فهم الدليل إذا بين له، وقد يمكنه النظر في وجه دلالته ونحو ذلك.." انظر الاختلاف وما إليه لمحمد بازمول 46.
قال الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله:" المكلف بأحكامها ( أي الشريعة ) لا يخلوا من أحد ثلاثة: أحدها : أن يكون مجتهدا فيها فحكمه ما أداه إليه اجتهاده فيها..والثاني: أن يكون مقلدا صرفا خليا من العلم الحاكم جملة فلا بد له من قائد يقوده...والثالث: أن يكون غير بالغ مبلغ المجتهدين لكنه يفهم الدليل وموقعه ويصلح فهمه للترجيح بالمرجحات المعتبرة فيه تحقيق المناط ونحوه.." الاعتصام 2/ 342_343.
فصاحب المرتبة الثالثة هو المتبع الذي لا يجوز له الأخذ بقول أحد دون أن يعرف دليله، وعليه أن يبذل ما يستطيعه من النظر في الاختلاف، حتى يترجح لديه شيء، فإن لم يمكنه الترجيح، نزل نفسه في هذه المسألة منزلة العامي، وسأل أهل العلم.
ومنزلة المتبع سماها بعض أهل العلم بمنزلة المقصر 12، لأن درجته قد قصرت عن درجة المجتهد، وأطلق الشوكاني رحمه الله على صاحبها اسم المجتهد لنصيب عنده من بذل الوسع والجهد في الفهم والبحث 13 وتسمى عند علمائنا المالكية بالتبصر14 .
قال محمد حبيب الله الجنكي الشنقيطي المالكي رحمه الله في معرض الكلام عن استدلال صاحب هذه المرتبة:" وهذا الاستدلال يسمى بالاستبصار كما قاله بعض العلماء ومن له اعتناء بحفظ الدليل وطلبه يسمى متبصرا إذ التبصر كما في تأسيس القواعد للشيخ زروق:( هو أخذ القول بدليله الخاص به من غير استبداد بالنظر ولا إهمال للقائل، وهو رتبة مشايخ المذاهب وأجاويد طلبة العلم..) وقد أشرت في منظومتي في أدلة مذهب إمامنا مالك لكون أخذ القول بدليله يسمى تبصرا بقولي:
وأخذ قول بدليل ينصر****قائله عرفا هو التبصر
من غير إهمال لذي القول ولا****بالنظر استبد من ذا استعملا " إضاءة الحالك من ألفاظ دليل السالك إلى موطأ الإمام مالك 130.
بل قال رحمه الله:" وهذا النوع من الاحتجاج هو المسمى بالاستبصار، وجوازه للمقلد 15 كاد أن يكون مما لا نزاع فيه بين علماء السلف والخلف " نفسه 136.
هذا مع العلم أن وسم المتقدمين وبعض الأصوليين ومن درج على ذلك لهذه المرتبة بالتقليد والعامية وجهه كما قيل أن " القاصر في فن كالعامي فيه " تسهيل الوصول إلى فهم علم الأصول 87.
وقد وضح ذلك الإمام الشاطبي رحمه الله لما ذكر مرتبة المتبع حيث قال عنه:" فلا يخلو:
إما أن يعتبر ترجيحه ونظره أو لا 16:
فإن اعتبرناه صار مثل المجتهد في ذلك الوجه والمجتهد إنما هو تابع للعلم الحاكم ناظر نحوه متوجه شطره فالذي يشبهه كذلك.
وإن لم نعتبره 16 فلا بد من رجوعه إلى درجة العامي والعامي إنما اتبع المجتهد من جهة توجهه إلى صوب العلم الحاكم فكذلك من نزل منزلته " الاعتصام 2/ 342_343.
ومن تم فلا ريب في إثبات مرتبة المتبع بين المجتهد والعامي الصرف، وأن هذا المتبع المتمذهب إذا ظهر له الحق في غير مذهبه الواجب عليه التمسك بالحق لا التعصب لمذهبه لكونه عاميا بناء على أن الناس إما مجتهد وعامي !، ولا يكون بذلك خارجا حقيقة عن مذهب إمامه فتأمل، والله الموفق.
ومن شبه متعصبة المذاهب عند هذا المقام فيما يخص عدم أخد المتبع خاصة للدليل إذا ظهر له مخالفة لمذهبه قولهم:
أن الذي له الحق بالنظر في الأدلة هو المجتهد وعليه فحق غيره التقليد مطلقا ويذكرون عند هذا الطرح البارد مثل قول الإمام القرافي رحمه الله وقد سبق بطوله قي حق من يأخذ بالدليل مخالفة للمذهب :"... غير أنه لا يقدر أن يعلم هذا في مذهبه إلا من عرف القواعد والقياس الجلي والنص الصريح وعدم المعارض لذلك ، وذلك يعتمد تحصيل أصول الفقه، والتبحر في الفقه، فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه، بل للشريعة قواعد كثيرة جدا عند أئمة الفتوى والاجتهاد" الفروق 2/109.
كما يوردون في هذا الصدد ما أثر عن سفيان بن عيينة رحمه الله حيث قال:" الحديث مضلة إلا للفقهاء 17 " الجامع لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله 118، والمدخل لابن الحاج رحمه الله 1/185، وفتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك رحمه الله لابن عليش رحمه الله 11/ 86 في آخرين.
قال العلامة محمد فال بن باب العلوي رحمه الله:
وقولة سفيان الحديث مضلة****لغير فقيه الاجتهاد من أهله
مقالة حق وهي في حق قاصر****يحل صريح اللفظ غير محله
ولم يدر ما منسوخه وضعيفه****ويخطئ في وضع الحديث وحمله
الصوارم والأسنة 259.
وهذا الكلام ونحوه حق ولكن أراد به البعض الباطل ذلك أن المتبع كما مر معنا الواجب عليه إتباع الحق إذا وقف عنده دون استبداد بالنظر، ولا استقلال في الاستنباط، كما أنه لا يهمل الدليل والأثر، وعليه فمقصود السلف والأئمة من كلامهم السالف أن الذي له الحق في النظر في الأدلة والاستنباط استقلالا هو المجتهد فحسب، وهذا لا إشكال فيه على أن المتبع تابع له فتأمل ولا تكن من الغافلين.
إذن القول بأن الذي له الحق في الاستنباط والنظر استقلالا هو المجتهد لا يلغي أن المتبع يتبع الحق أين اتجهت ركائبه، ويدور مع الدليل حيث دار، لأن لغير المجتهد أن ينظر في الكتاب والسنة لكن بنظر الفقهاء والعلماء، وبدون ذلك يضل.
ولذا قال ابن عليش المالكي رحمه الله في معنى مقولة سفيان بن عيينة رحمه الله:" يريد أن غيرهم ( أي: الفقهاء ) قد يحمل الشيء على ظاهره وله تأويل من حديث غيره، أو دليل يخفى عليه، أو متروك أوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به إلا من استبحر وتفقه " فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك 1/86، وانظر الجامع لابن أبي زيد القيرواني 118، والمدخل لابن الحاج 1/185، والصوارم والأسنة 259 في آخرين.
وخلاصة الكلام أن " عسر استنباط الأحكام من الحديث على غير الفقهاء العارفين بجميع أحواله...إنما يتجه لو كانت تلك الأحاديث الدالة على تلك المسائل لم يستدل بها عليها مجتهد عارف بجميع أنواع الحديث، وإنما نبع الاستدلال بها عليها اليوم من بعض المقلدين الذين لا علم لهم بشيء من علم الحديث، فأما من أخذ بتلك المسائل تابعا فيها قول أكثر المجتهدين18 الذين أظهروا له الحجة على قولهم بالأحاديث الصحيحة فأخذ تلك المسائل بدليلها الخاص بها من غير استبداد بالنظر ولا إهمال للأثر، فلا يتجه عليه اعتراض، وهذا النوع يسمى عند أهل الأصول تبصرا كما في تأسيس القواعد للشيخ زروق، وكتاب التعادل والترجيح من نشر البنود على مراقي السعود لسيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي وغيرهما" الصوارم والأسنة 259_ 260.
وهذا البيان الذي يدل على جودة النظر، ودقة التصور من العلامة الشنقيطي رحمه الله راجع إلى أن العلماء " وسائل وطرق وأدلة بين الناس وبين الرسول عليه الصلاة والسلام، يبلغونهم ما قاله ويفهمونهم مراده بحسب اجتهادهم واستطاعتهم" مجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 20/224، وانظر كتاب الروح لابن القيم رحمه الله 357، و إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد للصنعاني رحمه الله 105.
فالحذر الحذر من المفهوم الباطل للتمذهب الذي سار عليه بعض الناس قديما وحديثا لتكريس التعصب الممقوت، والدعوة إلى التقليد الأعمى الذي نبذته شريعة ذي الجلال والإكرام، كما لا يرتضيه الأئمة الأعلام رحمهم الله 19، فابتليت الأمة بالتفرق والتباغض والحقد نسأل الله السلامة والعافية، فإن المذهب لا يعدوا أن يكون تقريرات رجال واستنباطات لهم يعتريها الخطأ والصواب 20 ، وإن ارتفعت مكانتهم، وعلت منزلتهم.
ولذا قال الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله :" إن تحكيم الرجال، من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، ولا توفيق إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لا غيره" الاعتصام 2/ 460 تحقيق مشهور حسن الطبعة الثانية.
والله الهادي إلى سواء السبيل.

...................................
1. ويطلق المذهب عند المتأخرين من أئمة المذاهب على ما به الفتوى من باب إطلاق الشيء على جزئه الأهم، انظر حاشية العدوي 1/26، ومواهب الجليل 1/24 في آخرين.
2. وهذا لا يعني إلغاء مرتبة المتبع كما ذهب إليه البعض، وسيأتي تجلية هذه المسألة قريبا.
3. يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله:" من نقل كلام الغير مرتضيا له ومحتجا به فهو قائل له " الصوارم والأسنة 255.
4. لأن هذا التقليد من دلائل نقص العقول ودناءة الهمم.
قال أبو عثمان سعيد الحداد المغربي المالكي:" إن الذي أدخل كثيرا من الناس في التقليد نقص العقول ودناءة الهمم " نقلا عن كتاب " الفقيه عبد الواحد بن عاشر حياته وآثاره الفقهية " ص: 40، من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية سنة 1426_2007.
5. قال العلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله في معرض الكلام عن أسباب اختلاف العلماء:" من أنفع ما ألف في هذا الباب كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله، فإنه جدير لو كان في الصين أن يرحل إليه، وأن يعض بالنواجذ عليه.." الجرح والتعديل 35.
6. يروى أن الإمام أشهب المالكي رحمه الله سئل عن مسألة فأفتى فيها بما يخالف قول الإمام مالك رحمه الله، فذكر له قول الإمام فقال:" وإن قالها مالك، فلسنا له بممالك " نقلا عن كتاب " منهاج الواردين على التفقه في الدين" 17، من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.
7.هذا هو العذر الغالب الذي يستدعي مخالفة الإمام لما ورد في السنة كما نص عليه ابن تيمية رحمه الله في رفع الملام، بل هو أول عذر ذكره.
8. بل القول بلزوم مذهب أحدهم ممنوع بالإجماع كما حكاه الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين 4/263، وكذا الإمام ابن حزم رحمه الله، انظر النبذ في أصول الفقه الظاهري 117، مع االتنبيه أن ما يحكيه ابن حزم رحمه الله من الإجماعات هي أصح الإجماعات عموما، ففي المعيار المعرب للونشريسي المالكي رحمه الله 12/32 في معرض ذكر إجماع حكاه ابن حزم:" ..والشيوخ يقولون: أصح الإجماعات إجماعاته ". وليعلم أن ما مر في هذه المسألة هو الأصل الأصيل إلا أنه يجوز التزام مذهب معين في أحوال خاصة منها: أ. إذا لم يستطع العبد أن يتعلم دينه إلا بالتزام مذهب معين، ب. أن يترتب على التزام مذهب معين دفع فساد عظيم لا يتحقق دفعه إلا بذلك انظر مجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 11/514 و 20/209.
9. يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله :" ..كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع المسلمين كلها دالة على أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لا يشترط له إلا شرط واحد وهو العلم بحكم ما يعمل به منهما" أضواء البان7/313.
10. فمن نفيس التنبيهات ما ذكره الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله حيث قال:" لفظ التقليد كان قبل نشوء التعصب المذهبي للمذاهب الأربعة، يراد به الإتباع كما في إعلام الموقعين 4/ 122_123، فلا تغلط في كلمة التقليد إذا رأيتها في آثار أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة، وحتى لا تنزلها على معنى هذا الاصطلاح الحادث" المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل 1/64، قلت: وقد درج على هذا بعض من جاء بعد القرون المفضلة من أهل العلم والنهى.
11. انظر كلام العلامة ابن خويز منداد المالكي رحمه الله حول إثبات هذه المرتبة في جامع بيان العلم لحافظ المغرب ابن عبد البر المالكي رحمه الله 2/143، وبدعة التعصب المذهبي لعيد عباسي 33 و 39، وانظر كذلك في تقريرها مجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 20/ 212 فما بعدها، ومقدمة كتاب تهذيب المسالك في نصرة مذهب الإمام مالك للعلامة الفندلاوي رحمه الله دراسة وتقديم الأستاذ أحمد بن محمد البوشيخي 1/170، من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.
12. انظر "معايير التأويل والمتأولين للعامة والمقصرين والمجتهدين " لأبي عمرو الحسيني 40.
13. انظر رسالة عودة إلى السنة لعلي حسن الحلبي 47 و 65.
14. انظر نشر البنود على مراقي السعود 2/276، ونثر الورود على مراقي السعود 2/ 584، ومدارج الصعود إلى مراقي السعود 433، والصوارم والأسنة 260.
15. المراد به هنا المتبع كما هو واضح من السياق وراجع الحاشية 3.
16. أي: يعتبر نظره أو لا استقلالا فتنبه.
17. قال الإمام ابن حزم رحمه الله:".. ويحكون أيضا عن ابن وهب أنه قال:( الحديث مضلة إلا للفقهاء، ولولا مالك والليث لضللنا) قال ابن حزم: وهذا بعيد جدا عن ابن وهب أن يقول مثل هذا الكلام الباطل القبيح الجامع للبلاء، الناقض لعز الإسلام.
وليث شعري إذا كان الحديث الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مضلة ، فأين المهداة ؟ أفي الاستحسان والرأي يُحرّم بها في دين الله تعالى ويحلل ، وتُفرض بها الفرائض ، وتسقط بهما الشرائع ، وتحدث بها الديانة ، ويحكم بها على الله عز وجل ؟! إن هذا لهو الضلال المبين" الرسالة الباهرة 5، قلت وكلام ابن حزم رحمه الله متعقب، فالأثر وارد عن ابن وهب رحمه الله، ومشهور عن سفيان بن عيينة رحمه الله ومعناه كما ذكرناه أعلاه نقلا عن العلماء والفقهاء .
18. الأكثرية هنا غير مقصودة، وإنما العبرة بكون القول قال به عالم مجتهد ولو كان واحدا، وورود لفظة الأكثرية في كلام الشنقيطي رحمه الله لأنه كان يتكلم عن مسألة فقهية معينة كان قول الأكثرية فيها موافقا للدليل فتأمل.
19. قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله:" ..وكل من تعصب لإمام ولم يسر على سيرته فذلك الإمام هو خصمه ومن جملة الموبخين له " الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/155.
20. فالتعصب للمذهب عند تحقق الخطأ بدعوى أن هذا المذهب هو الأحب والأفضل عند الله مطلقا من قبيح المنكرات، حتى قال الإمام الذهبي رحمه الله:" فلا تعتقد أن مذهبك أفضل المذاهب، وأحبها إلى الله تعالى، فإنك لا دليل لك على ذلك، ولا لمخالفك أيضا، بل الأئمة رضي الله عنهم على خير، ولهم في صوابهم أجران على كل مسألة، وفي خطئهم أجر على كل مسألة " زغل العلم له 16.
------------
المصدر: الملتقى المغربي للقرآن الكريم
 
أعلى