العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
فهذه رسالة صغيرة جمعت فيها مناسك الحج والعمرة، على مذهب السادة المالكية، مختصرًا «الفواكه الدواني على رسالة بن أبي زيد القيرواني» مع التقريب لبعض ألفاظه.
وقد جعلت ذلك في ما يزيد عن الثلاثمائة مسألة، مقسمة على عناوين، لتتيسر على الجميع.
ولم أذكر فيها أي خلاف، مقتصرا على المشهور من المذهب المالكي.
واقتصرت فيها كذلك على أدلة السادة المالكية دون غيرهم.
وكل ما في هذه الرسالة من أحاديث هو صحيح، وأكثره في الصحيحين، وما لم أتكلم عليه بصحة أو ضعف، فهو ضعيف عندي.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن تلقى هذه الرسالة الانتشار والقبول.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

حكم الحج
1- حَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الَّذِي بِمَكَّةِ فَرِيضَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَبِالأَخَصِّ إِذَا خَافَ الفَوَاتِ، دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ حَتَّى صَارَ وُجُوبُهُ كَالْمَعْلُومِ مِنْ الدَّيْنِ بِالضَّرُورَةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ زِيَادَةٌ: «فَمَنْ زَادَ فَتَطَوَّعَ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ.
2- فَمَنْ جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ.
3- وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ فَاَللَّهُ حَسْبُهُ، وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
4- وَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ أَشَقَّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ اشتُرِطَ لِفَرْضِيَتِه الاسْتِطَاعَةَ.
5- والْإِسْلَامُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَالْمَشْهُورُ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِهَا، وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمْ عِقَابُهُمْ.
6- وَلَابُدَّ أَنْ يَكُوْنُوا مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ، فلَا يَجِبُ عَلَى العَبِيْد، وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ صَحَّ مِنْهُمَا.
7- وَحَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ فَرِيضَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ مَرَّةً فِي عُمُرِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ حَصَلَ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ كَانَ نَافِلَةً مِنْ غَيْرِهِ.
8- كَمَا أَنَّ سُنَّةَ الْعُمْرَةِ تَحْصُلُ بِمَرَّةٍ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَقَعُ نَافِلَةً حَيْثُ حَصَلَتْ فِي عَامٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ إلَّا لِعَارِضٍ، كَمَنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ الْحَرَمَ وَدَخَلَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
9- وَالِاسْتِطَاعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ اجْتِمَاعِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: الطَّرِيقُ الْمَأْمُونَةُ، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَجُّ. ثَانِيهَا: الزَّادُ الْمُوَصِّلُ إلَى مَكَّةَ وَلَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى إنْفَاقِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ أَبَوَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ خَشِيَ تَطْلِيقَهُنَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمَّا قُدْرَتُهُ بِالدَّيْنِ أَوْ قَبُولِ الْعَطِيَّةِ مِنْ الْغَيْرِ وَلَوْ مِنْ الِابْنِ لِأَبِيهِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ أَوْ بِالسُّؤَالِ فَلَا تَكُونُ اسْتِطَاعَةً وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ السُّؤَالَ. ثَالِثُهَا: الْقُوَّةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهَا جُمْلَةً وَإِلَّا سَقَطَ الْحَجُّ عَنْ غَالِبِ النَّاسِ الْمُسْتَطِيعِينَ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَصْلِ الْمَشَقَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النحل: 7] وَرَابِعُهَا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ، فَالْمَرِيضُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَإِنْ وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ.
..................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

ميقاتُ الحَجِّ والعمرةِ المَكَانِي
10- وَيُؤْمَرُ الْقَادِمُ مِنْ بَلَدِهِ إلَى الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، الْمَعْرُوفِ لِبَلَدِهِ الَّذِي قَدِمَ مِنْهُ الْآتِي بَيَانُهُ.
11- وَيُكْرَهُ إحْرَامُهُ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ.
12- وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِيُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِي الْحَرَمِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ ابْتِدَاءً.
13- وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ فِي الْحَرَمِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.
14- وَمَحَلُّ وُجُوبِ الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَنْ لَا يَخَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ أَوْ رُفْقَتِهِ بِرُجُوعِهِ، وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ وَمَضَى فِي الْحَرَمِ وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ.
15- وَإِنَّمَا حَرُمَ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
16- وَاسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ الْمُتَرَدِّدِينَ عَلَى مَكَّةَ، كَالْمُتَسَبَّبِينَ بِالْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ وَالْحَطَّابِينَ، وَالْخَارِجِ مِنْ مَكَّةَ رَافِضًا سُكْنَاهَا وَيَرْجِعُ لَهَا لِحَاجَةٍ نَسِيَهَا وَخَرَجَ مِنْهَا سَرِيعًا، وَكَذَا مَنْ خَرَجَ مِنْهَا إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ وَرَجَعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ زَمَنًا كَثِيرًا فَلَا إحْرَامَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ.
17- ومَكَانُ إحْرَامِ الْمُقِيمِ مَكَّةُ، وَنُدِبَ الْمَسْجِدُ الحَرَامُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِيمُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا.
18- وَمِثْلُ الْمُقِيمِ بِهَا مَنْ قَرُبَ مِنْهَا كَالْمَنْوِيِّ –يعني: ساكنَ مِنَى- وَالْمُزْدَلِفِيِّ، وَكُلُّ مَنْ مَنْزِلُهُ فِي الْحَرَمِ.
19- وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْمُقِيمُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَيَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ.
.........يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

ميقاتُ الحجِّ والعمرةِ الزمانيِ
20- واعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ الَّذِي يُكْرَهُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ شَوَّالٌ إلَى طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْآفَاقِ بِخِلَافِ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ.
21- فَإِنْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ قَبْلَ شَوَّالٍ كُرِهَ وَانْعَقَدَ، كَمَا يُكْرَهُ إيقَاعُهُ قَبْلَ مَكَانِهِ الْآتِي.
22- وَأَمَّا إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ فَوَقْتُهُ الزَّمَنُ كُلُّهُ، وَلَوْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، إلَّا مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحْلِيلِ الْحَجِّ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ .
................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

المواقيتُ المحدَّدة لأهلِ كلِّ بَلَدٍ
23- وَمِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالْمَغْرِبِ، وَمَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ أَهْلِ أوروبا، الْجُحْفَةُ، وَهِي قَرْيَةٌ خَرِبَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى خَمْسِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَثَمَانٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْهَا حَيْثُ مَرُّوا بِهَا، والناس يحرمون اليوم من رابغ؛ لأنها قبل الجحفة بقليل.
24- فَإِنْ مَرَّ أَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَمَنْ مَعَهُمْ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِهَا، وَهُوَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ؛ -وهي ما يُطلق عليها الآن أبيار علي- لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْهَا.
25- وَلِهَذَا الْمِيقَاتِ خُصُوصِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مِنْهُ يُحْرِمُ مَنْ حَرَمٍ وَيَحِلُّ فِي حَرَمٍ، فَفِيهِ شَرَفُ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَأَيْضًا هُوَ مِيقَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
26- وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِحْرَامُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَهُمْ أَمَامَهُمْ.
27- وَلِهَذَا لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَذْهَبُوا إلَى مَكَّةَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ بِحَيْثُ لَا يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتِهِمْ وَلَا يُحَازُونَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَمَا يَجِبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ.
28- وَمِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَالْمَشْرِقِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ من بلاد آسيا، ذَاتُ عِرْقٍ، يقع عن مكة شرقاً بمسافة قدرها 100 كيلو، وهذا الميقات مهجور الآن؛ لعدم وجود الطرق عليها، واليوم حجاج المشرق الذين يأتون عن طريق البر يحرمون من السيل أو من ذي الحليفة، وينبغي أَنْ يَتَحَرَّى مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مَكَانَ الْقَرْيَةِ الْقَدِيمَةِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مُعْتَبَرَةٌ بِأَنْفُسِهِا لَا بِأَسْمَائِهَا، فَلَوْ تَحَوَّلَتْ الْبَلَدُ أَوْ تَغَيَّرَ اسْمُهَا فَالْمُعْتَبَرُ الْمَحَلُّ الْأَصْلِيُّ.
29- وَمِيقَاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ يَلَمْلَمُ، وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى بعد 120 كيلو مِنْ مَكَّةَ، ثم يصب في البحر الأحمر، وفيه بئر تُسمى السعدية.
30- وَمِيقَاتُ أَهْلُ نَجْدِ الْيَمَنِ، وَنَجْدٍ، وَالْحِجَازِ، مِنْ قَرْنٍ، ويُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ مُنْقَطِعٌ عَنْ الْجِبَالِ، وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ لِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بعد 78 كيلو من مكة.
31- وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْدِيدِ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ فِي الْحَجِّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَيَخْرُجُ يُحْرِمُ بِهَا مِنْ الْحِلِّ».
32- وَمَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَأَهْلَ الْيَمَنِ وَأَهْلَ نَجْدٍ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ؛ إذْ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مِيقَاتٍ لَهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمِصْرِيِّ إذَا مَرَّ عَلَيْهِ يَصِيرُ مِيقَاتُهُ أَمَامَهُ، فَلِذَا نُدِبَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ.
33- وَمَحَلُّ إحْرَامِ مَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَمَكَّةَ، مَنْزِلُهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْأَبْعَدِ لِمَكَّةَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ.
34- وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ عَنْ مَنْزِلِهِ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمَوَاقِيتِ، وَيَلْزَمُ مَنْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ حَتَّى جَاوَزَ مَنْزِلَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهُ الدَّمُ، كَمَا يَلْزَمُ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتِ حَلَالًا وَأَحْرَمَ مِنْهُ.
35- وَكُلُّ مَنْ سَارَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الْمُوَصِّلَةِ لِلْمِيقَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ عِنْدَ مُحَاذَاتِهِ الْمِيقَاتَ الْمُعَدَّلَةَ وَلَوْ مَرَّ فِي الْبَحْرِ.
36- ويُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتِهِ أَنْ يُبَادِرَ بِالْإِحْرَامِ مِنْهُ، كَمَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْعِبَادَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.
37- وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا إزَالَةُ شَعَثِهِ كَتَقْلِيمِ أَظَافِرِهِ، وَإِزَالَةِ أَدْرَانِهِ وَشَعْرِ مَا عَدَا رَأْسَهُ فَالْأَفْضَلُ إبْقَاؤُهُ وَتَلْبِيدُهُ بِصَمْغٍ أَوْ غَاسُولٍ لِيَلْتَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِحْرَامِ سَتْرُهُ بِأَيِّ سَاتِرٍ وَلَوْ غَيْرَ مَخِيطٍ أَوْ مَخِيطٍ.
38- وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا تَرْكُ التَّلَفُّظِ عَنْ الْإِحْرَامِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى النِّيَّةِ، كَمَا يُكْرَهُ لَهُ التَّلَفُّظُ بِنَوَيْت فِي الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ.
39- إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَسْوِسًا أَوْ يَقْصِدُ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ مَنْدُوبَةٌ.
40- وَيُحْرِمُ الْحَاجُّ أَوْ الْمُعْتَمِرُ بِإِثْرِ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فيُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُوقِعَ إحْرَامَهُ عَقِبَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ أَحْرَمَ عَقِبَ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ إيقَاعَهُ عَقِبَ صَلَاةٍ تَخُصُّهُ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَا يُصَلَّى فِيهِ، أَخَّرَ الْإِحْرَامَ، إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ أَوْ ضَائِقَةَ الْوَقْتِ أَحْرَمَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ.
41- ويَقُولُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك، وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَك. وَهَذِهِ تَلْبِيَةُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ. وَيُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِقَوْلِ مَالِكٍ: الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ، وَعَنْهُ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ، وَعَنْهُ الْإِبَاحَةُ.
42- وَمَعْنَى هذه التلبية: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) أَجَبْتُك يَا اللَّهُ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ، أَوْ لَازَمْت الْإِقَامَةَ عَلَى طَاعَتِك، مِنْ أَلَبَ بِالْمَكَانِ إذَا لَزِمَهُ وَأَقَامَ بِهِ. (إِنَّ الْحَمْدَ) إشَارَةٌ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَالنِّعْمَةَ لَك) مَنْسُوبَةً لَك؛ لِأَنَّك الْمُنْعِمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنْ وَصَلَتْ لَنَا مِنْ يَدِ غَيْرِك؛ لِأَنَّك الْخَالِقُ، وَالْعَبْدُ كَاسِبٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَسْبِ الْخَلْقُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. (وَالْمُلْكَ) فالْخَلْقُ وَالتَّصَرُّفُ التَّامُّ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ لَك. (لَا شَرِيكَ لَك) فِيهِ.
43- وَسَبَبُهَا أَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ فَبَنَاهُ فَلَمَّا أَتَمَّهُ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فَقَالَ: يَا رَبِّ وَأَيْنَ يَبْلُغُ صَوْتِي؟ فَقَالَ: عَلَيْك النِّدَاءُ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغُ، فَقِيلَ: إنَّهُ صَعِدَ عَلَى الْمَقَامِ، وَقِيلَ: عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ فَنَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ بَنَى بَيْتًا فَحُجُّوهُ، فَكَانُوا يُجِيبُونَ مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَمِنْ بُطُونِ النِّسَاءِ وَأَصْلَابِ الرِّجَالِ، فَمَنْ أَجَابَهُ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَحُجُّ مَرَّةً، وَمَنْ أَجَابَهُ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَلَى عَدَدِ مَا أَجَابَ.
44- وَيَنْوِي مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مَا أَرَادَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ مَعَ قَوْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ أَوْ فِعْلٍ كَالتَّوَجُّهِ، وَهَذَا هُوَ الْإِحْرَامُ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ.
................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

سُنَنُ الْغُسْلِ الْمُتَّصِلِ بِالْإِحْرَامِ
45- وَيُؤْمَرُ أَنْ يَغْتَسِلَ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ -عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ- عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَهُوَ سُنَّةٌ لِكُلِّ إحْرَامٍ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، وَيَتَدَلَّك فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ وَهُوَ لِلنَّظَافَةِ، وَلِذَا يُطْلَبُ مِنْ نَحْوِ النُّفَسَاءِ.
46- وَلَوْ فُقِدَ الْمَاءُ أَوْ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَا يَتَيَمَّمُ.
47- وَلَيْسَ عَلَى تَارِكِهِ كَبَاقِي الِاغْتِسَالَاتِ دَمٌ.
48- وَالدَّلِيلُ عَلَى طَلَبِهِ مِنْ نَحْوِ النُّفَسَاءِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حِينَ وَلَدَتْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتُهِلَّ» صحيح.
49- وَإِذَا جَهِلَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ الْغُسْلَ حِينَ أَحْرَمَتْ فَقَالَ مَالِكٌ: تَغْتَسِلُ إذَا عَلِمْت وَكَذَا غَيْرُهُمَا.
50- وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ غُسْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْلِيمُ أَظْفَارِهِ وَحَلْقُ عَانَتِهِ وَوَقْصُ شَارِبِهِ بِخِلَافِ شَعْرِ رَأْسِهِ فَالْأَفْضَلُ إبْقَاؤُهُ.
51- وَ يَجِبُ عَلَى مُرِيدِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَعَلَى وَلِيِّهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، أَنْ يَتَجَرَّدَ مِنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ، وَمِنْ مُحِيطِهَا وَإِنْ بِعُضْوٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ زِرٍّ أَوْ عَقْدٍ، لِقَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ: أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تُفْعَلُ عِنْدَ الْمِيقَاتِ: التَّجَرُّدُ أَوَّلًا مِنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ، ثُمَّ الْغُسْلُ، ثُمَّ الصَّلَاةُ، ثُمَّ الْإِحْرَامُ.
52- وَيَلْبَسُ الْإِزَارَ فِي وَسَطِهِ وَنَعْلَيْنِ كَنِعَالِ التَّكْرُورِ.
53- والاغْتِسَالَاتُ في الْحَجِّ ثَلَاثَةً: آكَدُهَا الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْغُسْلُ لِعَرَفَةَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ.
54- فَيُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ وَلَوْ بِعُمْرَةٍ أَنْ يَغْتَسِلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ، فَلِذَا لَا يُطْلَبُ مِنْ نَحْوِ حَائِضٍ لِمَنْعِهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَتَدَلَّكُ فِي هَذَا الْغُسْلِ، لِمَا روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ عَلَى ذِي طُوًى اغْتَسَلَ مِنْ مِقْدَارِ مَا بَيْنَهُمَا.
..........يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

لو عدلتم العنوان بارك الله فيكم
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

التلبيةُ
55- وأول وقت التلبية، هو أول الوقت الذي يركب فيه مركوبه عند إرادة ابتداء السير؛ لصحة الأحاديث الواردة بأنه - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ حين استوت به راحلته قائمة، واستوى عليها.
56- فَإِذَا شَرَعَ فِي التَّلْبِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يُلَبِّي دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَوَافِلَ، وَعِنْدَ طُلُوعِ كُلِّ شَرَفٍ –أَيْ: جَبَلٍ- وَفِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَعِنْدَ مُلَاقَاةِ الرِّفَاقِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ، وَعِنْدَ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ الْغَيْرِ، وَحُكْمُ كُلِّ ذَلِكَ النَّدْبُ، وَقِيلَ السُّنِّيَّةُ.
57- وطَلَبَ تَجْدِيدِ التَّلْبِيَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الذَّاهِبِ مُحْرِمًا، وَأَمَّا لَوْ نَسِيَ حَاجَةً وَرَجَعَ إلَيْهَا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يُلَبِّي؛ لِأَنَّ هَذَا السَّعْيَ لَيْسَ مِنْ سَعْيِ الْإِحْرَامِ.
58- وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَا يَرُدُّ الْمُلَبِّي سَلَامًا حَتَّى يَفْرُغَ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَنَظِيرُهُ عِنْدَنَا الْمُؤَذِّنُ.
59- وَلَيْسَ فِي التَّلْبِيَةِ: دُعَاءٌ وَلَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي تَلْبِيَتِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَمْرُ الْمَنَاسِكِ اتِّبَاعٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا وَرَدَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ سَأَلَ اللَّهَ الرِّضْوَانَ وَالْجَنَّةَ» ؛ لِأَنَّ هَذَا بَعْدَ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ.
60- وَلَيْسَ عَلَي الْمُحْرِمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا كَثْرَةُ الْإِلْحَاحِ ومُلَازَمَةُ التَّلْبِيَةِ، بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى مُلَازَمَتِهَا مِنْ الْمَلَالَةِ، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّوَسُّطُ فِي التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ لَا يُكْثِرُ حَتَّى يَلْحَقَهُ الضَّجَرُ، وَلَا يَتْرُكُ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى تَفُوتَهُ الشَّعِيرَةُ.
61- كَمَا يُنْدَبُ لَهُ التَّوَسُّطُ فِي تَصْوِيتِهِ بِهَا، فَلَا يُبَالِغُ فِي رَفْعِهِ وَلَا فِي خَفْضِهِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ مِنًى؛ لِأَنَّهُمَا بُنِيَا لِلْحَجِّ، وَقِيلَ لِلْأَمْنِ فِيهِمَا مِنْ الرِّيَاءِ.
62- وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتُسْمِعُ نَفْسَهَا بِالتَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ.
63- وَتُطْلَبُ التَّلْبِيَةُ حَتَّى مِنْ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ حَاضَتْ: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنَّك لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.
64- فَإِذَا بَدَأَ الْمُحْرِمُ بِالحَجِّ الطَّوَافَ أَوْ السَّعْيَ، أَمْسَكَ وكَفَّ –نَدْبًا- عَنْ التَّلْبِيَةِ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى؛ مِنْ أَجْلِ طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ وَالتَّضَرُّعِ فِي حَالِ فِعْلِهِمَا، فَيُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ فِي فِعْلِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ إلا أنَّه لا تلبيةَ فِيها، وَقَيَّدْنَا الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُحْرِمِ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ، سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا لِفَوَاتِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُلَبِّي لِحَرَمِ مَكَّةَ.
65- وَاعْلَمْ أَنَّ مُحْرِمَ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَيَنْتَهِي إلَى رَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ، كَالْمُحْرِمِ مِنْ الْمِيقَاتِ.
66- وَأَمَّا الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُلَبِّي حَتَّى يَصِلَ إلَى مَحَلِّ الْوُقُوفِ ثُمَّ يُعَاوِدَهَا حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْجَلَّابِ.
67- ثُمَّ يُعَاوِدُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحَ إلَى مُصَلَّى عَرَفَةَ.
68- وَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِ لِانْقِضَاءِ عُمْرَتِهِ بِتَمَامِ سَعْيِهَا.
....................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

رد: مناسك الحجر الوعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

دخولُ مكةَ والخروجُ منها
69- وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُرِيدِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا وَأَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ كَدَاءِ، وهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَيُسَمُّونَهَا الْيَوْمَ بَابَ الْمُعَلَّى.
70- وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّاخِلِ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْآفَاقِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ.
71- وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي دُخُولِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ لِمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ نِسْبَةَ بَابِ الْبَيْتِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ وَجْهِ الْإِنْسَانِ إلَيْهِ، وَأَمَاثِلُ النَّاسِ إنَّمَا يُقْصَدُونَ -بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ- مِنْ جِهَةِ وُجُوهِهِمْ لَا مِنْ ظُهُورِهِمْ، وَأَيْضًا هَذَا الْمَوْضِعُ دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ فَقِيلَ لَهُ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: 27] الْآيَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: يَأْتُوك وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونِي.
72- وَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، خَرَجَ مِنْ كُدًى، وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، وَيُعْرَفُ هَذَا الْمَحَلُّ الْيَوْمَ بِبَابِ شَبِيكَةَ وَهُوَ بَابُ بَنِي سَهْمٍ، وَالْخُرُوجُ مِنْهُ حُكْمُهُ النَّدْبُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
73- قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَفِي ذَلِكَ مُنَاسَبَةٌ حَسَنَةٌ بَابُ الدُّخُولِ كَدَاءٌ الْمَفْتُوحُ الْكَافِ، وَبَابُ الْخُرُوجِ كُدًى الْمَضْمُومُ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلدَّاخِلِ الْفَتْحُ وَلِلْخَارِجِ الضَّمُّ.
74- وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا نُدِبَ لَهُ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، بَلْ خَالَفَ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، أَيْ: لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ، وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّصْرِيحِ بِمَا لَا يُتَوَهَّمُ.
>>>>>>>>>>>>>>يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

دخولُ الحرمِ، والخروجُ مِنْه​

75- فَإِذَا دَخَلَ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَكَّةَ فَلْيَدْخُلْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ سَرِيعًا وَلَا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَأَكْلٍ خَفِيفٍ أَوْ حَطِّ رَحْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ، فَالتَّأَخُّرُ عَنْهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ.
76- وَمُسْتَحَبٌّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ الْمَسْجَدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْيَوْمَ بِبَابِ السَّلَامِ لِدُخُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْهُ.
77- وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ فَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ.
.........يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

ما يفعله المحرم عند البيت​

78- وَجَرَى خِلَافٌ فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ فَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَنَفَاهُ مَالِكٌ.
79- فَيَسْتَلِمُ ويُقَبِّلُ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِفِيهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ.
80- وَفِي جَوَازِ التَّصْوِيتِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ.
81- وَأَمَّا تَقْبِيلُهُ فِي غَيْرِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَمَنْدُوبٌ.
82- وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ، لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ.
83- وَالدَّلِيلُ عَلَى طَلَبِ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَاءَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ: إنِّي أَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك.
84- وَيُقَالُ إنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: بَلْ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى بَنِي آدَمَ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا فَأَلْقَمَهُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَهُوَ يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ قَبَّلَهُ.
85- وَإِن لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِ الْحَجَرِ بِفَمِهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.
86- فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ بِعُودٍ ثُمَّ يَضَعُهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرٍ تَقْبِيل.
87- فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ كَبَّرَ فَقَطْ.
88- وَهَذَا التَّرْتِيبُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَا يَكْفِي الْعُودُ مَعَ إمْكَانِ الْيَدِ وَلَا وَضْعُ الْيَدِ مَعَ إمْكَانِ التَّقْبِيلِ.
89- وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.
90- وَفُهِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِوَضْعِ يَدِهِ أَنَّهُ لَا يَضَعُ خَدَّهُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بَلْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ.
....................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

طوافُ القُدُوْمِ​

91- ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ يَطُوفُ والْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهَذَا الطَّوَافُ يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَجِّ طَوَافٌ قَبْلَ عَرَفَةَ إلَّا طَوَافَ الْقُدُومِ وَهُوَ وَاجِبٌ فَيَنْجَبِرُ بِالدَّمِ.
92- وَوُجُوبُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ إمَّا وُجُوبًا كَالْآفَاقِيِّ-يعني: المحرم من بلده- الْقَادِمِ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ نَدْبًا كَالْمُقِيمِ الَّذِي مَعَهُ نَفْسٌ وَخَرَجَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ، وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ مِنْ الْحَجِّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا، وَكَذَا الْمُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ إنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحِلِّ بِأَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ حَلَالًا مُقْتَحِمًا لِلنَّهْيِ، فَمَعْنَى إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ إنْ طُولِبَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْحِلِّ أَحْرَمَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ.
93- وَثَانِيهَا: أَنْ لَا يُرَاهِقُ، وَأَمَّا لَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ وَخَافَ فَوَاتَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ.
94- ثَالِثُهَا: أَنْ لَا يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ، فَإِنْ أَرْدَفَ بِحَرَمٍ فَلَا قُدُومَ عَلَيْهِ وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ حَتَّى يَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ،؛ لِأَنَّ السَّعْيَ إنَّمَا يُقَدَّمُ عَلَى عَرَفَةَ إنْ طَافَ لِلْقُدُومِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْقُدُومِ عِنْدَ الْمُرَاهَقَةِ أَوْ الْإِرْدَافِ.
95- وَمِنْ شُرُوْطِ الطَّوافِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، فَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا وَلَوْ عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ أَحْدَثَ مِنْ حَالِ طَوَافِهِ ابْتَدَأَهُ، وَيَرْجِعُ لَهُ وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ الطَّوَافُ رُكْنًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ» .
96- وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَوْ طَافَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ قُبَالَةَ وَجْهِهِ أَوْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَيَرْجِعُ لَهُ وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ إنْ كَانَ رُكْنِيًّا.
97- وَخُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ حِجْرِ إسماعيل، فلو طَافَ فِيه لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، والطواف يكون خارجه.
98- وَأَنْ تَكُونَ الْأَشْوَاطُ مُتَوَالِيَةً، فَلَوْ فَرَّقَهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا أَوْ لِعُذْرٍ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى طَهَارَتِهِ فَلَا يَضُرُّ.
99- وَأَمَّا لَوْ نَسِيَ شَوْطًا فَإِنْ ذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ مَعَ بَقَاءِ طَهَارَتِهِ عَادَ إلَيْهِ كَمَا يَبْنِي فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْقُرْبِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ بَطَلَ كَمَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ.
100- وَأَمَّا لَوْ فَرَّقَ لِصَلَاةٍ عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ لِطَلَبِ نَفَقَةٍ ضَاعَتْ، فَإِنْ كَانَ طَلَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَتْ الْجِنَازَةُ مُتَعَيِّنَةً وَيَخْشَى تَغَيُّرَهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي كَمَا يَبْنِي عِنْدَ قَطْعِهِ لِفَرِيضَةٍ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ، أَوْ لِرُعَافِ بَنَى أَوْ لِغُسْلِ نَجَاسَةٍ عَلِمَ بِهَا فِي صَلَاتِهِ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ طَوْلٌ.
101- وَأَنْ تَكُونَ الْأَشْوَاطُ سَبْعَةً، فَإِنْ نَقَصَ مِنْهَا شَوْطٌ أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ شَكًّا مِنْ الطَّوَافِ الرُّكْنِيِّ رَجَعَ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ سَهْوًا فَلَا تُبْطِلُهُ إلَّا إنْ بَلَغَتْ مِثْلَهُ، وَأَمَّا عَمْدًا فَيَبْطُلُ وَلَوْ بِزِيَادَةِ شَوْطٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ كَالصَّلَاةِ، وَيَظْهَرُ لِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِيَسِيرِ الزِّيَادَةِ، وَبَنَى عَلَى الْأَقَلِّ عِنْدَ الشَّكِّ كَالصَّلَاةِ، وَيَقْبَلُ إخْبَارُ الْغَيْرِ بِالْكَمَالِ وَلَوْ وَاحِدًا حَيْثُ كَانَ عَدْلًا.
102- وَيَنْبَغِي لِلطَّائِفِ أَنْ يَحْتَاطَ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ الطَّوَافَ، بِأَنْ يَقِفَ قَبْلَ الرُّكْنِ بِقَلِيلٍ حَيْثُ يَصِيرُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ عَنْ يَمِينِ مَوْقِفِهِ لِيَسْتَوْعِبَ جُمْلَتَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْحَجَرَ لَمْ يُعْتَدَّ بِالشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَلْيَنْتَبِهْ لِذَلِكَ.
103- ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ.
104- وَصِفَةُ طَوَافِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الرِّجَالِ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةً خَبَبًا، أَيْ مُسْرِعًا: فِيهَا؛ لِأَنَّ الْخَبَبَ -وَهُوَ الرَّمَلُ- مَا فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الْجَرْيِ، بِأَنْ يَمْشِيَ هَازًّا لِمَنْكِبَيْهِ، وَحُكْمُ الْخَبَبِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ السُّنِّيَّةُ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ فِيهَا فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَرَمَلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَمِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ.
105- وَلَوْ كَانَ الطَّائِفُ صَبِيًّا أَوْ مَرِيضًا وَحُمِلَ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ رَجُلٍ فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَيُحَرِّكُ الدَّابَّةَ كَمَا يُحَرِّكُهَا بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ.
106- وَالْمَطْلُوبُ عِنْدَ الزَّحْمَةِ الرَّمَلُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا.
107- وَلَا دَمَ عَلَى التَّارِكِ لَهُ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ.
108- ولَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي طَوَافِهِنَّ وَلَا هَرْوَلَةَ فِي سَعْيِهِنَّ، وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ نَائِبَةً عَنْ رَجُلٍ وَأَحْرَمَتْ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ النَّائِبَ عَنْ الْمَرْأَةِ لَا يَرْمُلُ.
109- وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِنَّمَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ مِنْ التَّنْعِيمِ: فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ وَلَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا.
110- وَأَمَّا مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ فَلَا يَرْمُلُ فِي إفَاضَتِهِ وَلَوْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا طَوَافُ التَّطَوُّعِ فَيُكْرَهُ الرَّمَلُ فِيهِمَا.
111- ثُمَّ أَرْبَعَةً مَشْيًا أَيْ مِنْ غَيْرِ خَبَبٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى سُنِّيَّةِ الرَّمَلِ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ» متفق عليه . وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَقَدْ أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: بَلْ هُمْ أَقْوَى مِنَّا» متفق عليه. فَزَالَتْ الْعِلَّةُ وَبَقِيَ الْحُكْمُ، وَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الْأُولَى مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ لَهُ سُنَنًا سِتَّةً .
112- وَثَانِيهَا الْمَشْيُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ، فَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يُعِدْهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ لَزِمَهُ دَمٌ. وَفِي الْأُجْهُورِيِّ: أَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ لُزُومِ الدَّمِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ فَسُنَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ الدَّمُ فِي تَرْكِهِ اخْتِيَارًا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يَلْزَمُ الدَّمُ بِتَرْكِهَا، وَلَنَا فِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ أَفْعَالَ الْحَجِّ يَجِدْ لُزُومَ الدَّمِ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَتَأَمَّلْهُ.
113- وَثَالِثُهَا الدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
114- وَرَابِعُهَا تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِفَمِهِ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
115- وَخَامِسُهَا اسْتِلَامُ أَيْ لَمْسٌ بِغَيْرِ الْفَمِ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ.
116- وَسَادِسُهَا صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهِمَا كَمَا سَنُبَيِّنُهُ.
117- وَيَسْتَلِمُ -أَيْ: يُقَبِّلُ- الطَّائِفُ مُطْلَقًا الرُّكْنَ: أَيْ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فِي غَيْرِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ بِأَنْ يُقَبِّلَهُ بِفِيهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَيَمَسُّهُ بِيَدِهِ إنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَيَمَسُّهُ بِعُودٍ وَيَضَعُهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ سَقَطَ عَنْهُ.
118- وَيُكَبِّرُ: فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
119- وَلَا يَسْتَلِمُ –أَيْ: لَا يُقَبِّلُ- الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ بِفِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَمَ لَا يُطْلَبُ وَضْعُهُ إلَّا عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَلَكِنْ يَسْتَلِمُهُ بِمَعْنَى يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ نَدْبًا فِي غَيْرِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ كَبَّرَ وَمَضَى، وَالرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ هُوَ الَّذِي يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجَرِ رُكْنَانِ.
120- وَمِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الطَّوَافِ زِيَادَةٌ عَلَى تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَلَمْسِ الْيَمَانِيِّ بَعْدَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ الدُّعَاءُ بِالْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطَّوَافِ وَالدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَالْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
121- فَإِذَا فَرَغَ طَوَافُهُ لِقُدُومِهِ بِدَلِيلِ سَعْيِهِ بَعْدَهُ رَكَعَ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، واعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ رُكْنِيَّتِهِمَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهِمَا أَوْ سُنِّيَّتِهِمَا، وَالْخِلَافُ جَارٍ حَتَّى فِي رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْمُتَطَوِّعِ، وَوَجْهُ وُجُوبِ رَكْعَتَيْ طَوَافِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا تَبَعِيَّتُهُمَا لَهُ وَهُوَ قَدْ تَعَيَّنَ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَرَجَّحَ الْأُجْهُورِيُّ وُجُوبَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَأَمَّا حُكْمُ فِعْلِهِمَا عِنْدَ الْمَقَامِ فَمَنْدُوبٌ.
122- وَالْمُرَادُ بِالْمَقَامِ الْحَجَرُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ بَنَى الْبَيْتَ وَغَرِقَتْ قَدَمَاهُ فِيهِ، أَوْ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ.
123- فَلَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ تَطَهَّرَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ لِصَلَاتِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ بِهِ، فَإِنْ تَطَهَّرَ وَصَلَّاهُمَا وَسَعَى مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَرْكَعْهُمَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثْ بِهَدْيٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ قَهْرًا.
124- ولَا يُجْزِئُ عَنْ الركعتين عندَ المقامِ صلاةُ الْفَرْضِ.
125- ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ اسْتِنَانًا إنْ قَدَرَ وَهَذَا التَّقْبِيلُ الْوَاقِعُ بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ تَوْدِيعٌ لِلْبَيْتِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بِزَمْزَمَ لِيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّقْبِيلُ تَوْدِيعًا لِلْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطَّوَافِ وَالرَّكْعَتَيْنِ لِلسَّعْيِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ .
..................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

السعيُ بينَ الصفَاوالمروة
126- ثُمَّ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ الصَّفَا الَّذِي هُوَ بَابُ بَنِي مَخْزُومٍ ذَاهِبًا إلَى الصَّفَا .
127- فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ يُسَنُّ أَنْ يَرْقَاهُ فَيَقِفَ عَلَيْهِ لِلدُّعَاءِ بِمَا تَيَسَّرَ، وَلَا يَدْعُو عَلَى الْأَرْضِ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ، وَحُكْمُ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ السُّنِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ إنَّمَا هُوَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
128- ثُمَّ بَعْدَ النُّزُولِ مِنْ عَلَى الصَّفَا يَسْعَى أَيْ يَمْشِي ذَاهِبًا إلَى الْمَرْوَةِ .
129- وَ يُسَنُّ أَنْ يَخُبَّ –أَيْ: يُسْرِعَ إنْ كَانَ رَجُلًا- فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فِي السَّبْعَةِ أَشْوَاطٍ، وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ الْمَسِيلِ مَا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، فَيَمْشِي بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي حَالِ سَعْيِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى هَذَا الْمَحَلِّ فَيُسْرِعَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ الْإِسْرَاعُ لِلرِّجَالِ لَا لِلنِّسَاءِ كَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ، وَلَا يَخُبُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَوْ تَرَكَ الْخَبَبَ الْمَطْلُوبَ لَا دَمَ عَلَيْهِ، كَمَا لَا دَمَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِفَرْضِيَّتِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ سُنَّةٌ، وَإِذَا تَرَكَهَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَالْمَشْيُ فِي الطَّوَافِ لِلْقَادِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
130- فَإِذَا أَتَى الْمَرْوَةَ وَقَفَ عَلَيْهَا اسْتِنَانًا -بِحَيْثُ يَرَى الْبَيْتَ- لِلدُّعَاءِ كَمَا يَقِفُ عَلَى الصَّفَا، وَالْوُقُوفُ الْمَذْكُورُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا، وَلِلنِّسَاءِ إنْ خَلَا الْمَكَانُ مِنْ مُزَاحِمَةِ الرِّجَالِ، وَعِنْدَ الزَّحْمَةِ تَقِفُ النِّسَاءُ لِلدُّعَاءِ أَسْفَلَهَا.
131- ثُمَّ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِمَا تَيَسَّرَ يَسْعَى إلَى الصَّفَا الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنْ السَّعْيِ وَالْوُقُوفِ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
132- فَيَقِفُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعًا عَلَى الْمَرْوَةِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ الصَّفَا ثُمَّ يَنْتَهِي إلَى الْمَرْوَةِ وَيَرْجِعُ إلَى الصَّفَا فَتَحْصُلُ مِنْ وُقُوفِهِ مَرَّتَيْنِ عَلَى الصَّفَا وَمَرَّةً عَلَى الْمَرْوَةِ طَوَافَانِ، وَلِذَلِكَ يَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعُ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعُ وَقَفَاتٍ عَلَى الْمَرْوَةِ.
133- والسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ، دَلَّ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة: 158] أَيْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى بَيْنَهُمَا سَبْعًا، نَزَلَتْ لَمَّا كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا وَعَلَيْهِمَا صَنَمَانِ يَمْسَحُونَهُمَا. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كما في صحيح ابن خزيمة «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ فَاسْعَوْا» صحيح. وَقَالَ: «اُبْتُدِئُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» يَعْنِي: الصَّفَا. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَ مُجْتَهِدُوا أُمَّةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى فَرْضِيَّتِهِ .
134- ولَا بُدَّ فِي صِحَّةِ السَعْي مِنْ تَقَدُّمِ طَوَافٍ، فَإِنْ سَعَى مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ طَوَافٍ أَعَادَهُ، وَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ وَاجِبٍ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، بَلْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، لِجَهْلِهِ، فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ، وَيُعِيدُهُ بَعْدَ طَوَافٍ يَعْلَمُ وُجُوبَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَإِلَّا أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَإِنْ بَعُدَ لَزِمَهُ دَمٌ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ.
135- فَالْحَاصِلُ أَنَّ صِحَّةَ السَّعْيِ الَّتِي لَا دَمَ مَعَهَا أَنْ يَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ يُلَاحِظُ السَّاعِي وُجُوبَهُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ طَوَافٍ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ حَيْثُ بَعُدَ، بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ إعَادَتَهُ بَعْدَ طَوَافٍ يُلَاحِظُ وُجُوبَهُ.
136- وَمِنْ شُرُوطِهِ أَيْضًا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَشْوَاطِهِ، فَلَوْ اشْتَغَلَ بِبَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ، أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ، فَإِنْ طَالَ بِحَيْثُ يُعَدُّ تَارِكًا لَهُ، ابْتَدَأَهُ، وَإِلَّا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ يَقْطَعُهُ لِجِنَازَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ، فَيَبْتَدِئُهُ وَلَوْ لَمْ يُطِلْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ، وَلِذَا لَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ فِي السَّعْيِ تَوَضَّأَ وَبَنَى، وَالْكَلَامُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ.
137- وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ تَمَادَى إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ فَلْيُصَلِّ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى لَهُ كَمَا يَبْنِي فِي الطَّوَافِ.
138- وَمِنْ شُرُوطِهِ كَمَالُ السَّبْعَةِ أَشْوَاطٍ، فَلَوْ تَرَكَ شَوْطًا أَوْ بَعْضَهُ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ السَّعْيَ لِبُطْلَانِهِ بِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ، وَيَرْجِعُ لَهُ وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ رُكْنٍ.
139- ومَنْ سُنَنِ السَّعْيِ الرُّقِيُّ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا كَالنِّسَاءِ إنْ خَلَا الْمَكَانُ.
140- وَمِنْ سُنَنِهِ أَيْضًا تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَوَافٍ -كَمَا تَقَدَّمَ- وَمِنْ اتِّصَالِهِ بِالطَّوَافِ.
141- وَمِنْ سُنَنِهِ الْمَشْيُ إلَّا لِعُذْرٍ، فَإِنْ رَكِبَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَعَادَ سَعْيَهُ إنْ قَرُبَ، وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى.
142- وَمِنْ سُنَنِهِ الدُّعَاءُ فِي حَالِ سَعْيِهِ وَفِي حَالِ وُقُوفِهِ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
143- وَمِنْ سُنَنِهِ الْإِسْرَاعُ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ.
144- فَهَذِهِ الخَمْسَةُ مِنَ السُّنَنِ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، لَا دَمَ عَلَيْهِ، إلَّا فِي الْمَشْيِ فَإِنَّهُ فِيهِ كَالطَّوَافِ كَمَا ذَكَرْنَا.
145- أَصْلُ السَّعْيِ وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا تَرَكَ وَلَدَهُ إسْمَاعِيلَ مَعَ أُمِّهِ بِمَكَّةَ وَهُوَ رَضِيعٌ نَفِدَ مَاؤُهَا وَعَطِشَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَصَارَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهَةَ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ، فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ لِتَنْظُرَ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَى أَحَدًا، فَنَهَضَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا وَسَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ»
146- وَيُقَالُ: إنَّ الصَّفَا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مِنْهُ أَرْبَعًا وَمِنْ الْمَرْوَةِ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ الْوُقُوفُ عَلَى كُلٍّ أَرْبَعًا، وَمَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرَ فَهُوَ أَفْضَلُ.
..............يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

ما يُفعل في يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ ثَامِنُ الْحِجَّةِ​

147- بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّعْيِ يَخْرُجُ الْحَاجُّ مِنْ مَكَّةَ -إذَا قَرُبَ زَمَنُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ- يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ ثَامِنُ الْحِجَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِدُّونَ فِيهِ بِالْمَاءِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ حَالَةَ كَوْنِهِ ذَاهِبًا إلَى مِنًى، وَهُوَ مَحَلٌّ مَعْرُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَمَنَّى فِيهِ كَشْفَ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ وَلَدِهِ، فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ.
148- وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَيُقِيمُ فِيهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَيُكْرَهُ خُرُوجُهُ لِمِنًى قَبْلَ ذَلِكَ، وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ، وَبَيَاتُهُ بِهَا وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَنُزُولُهُ بِنَمِرَةَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ فِعْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
149- فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ صَلَّاهَا-الإمام- بِالنَّاسِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَالْعِيدِ وَيُخَلِّلُهَا بِهِ وَيَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَ الْحَجِّ، وَيُبَيِّنُ فِيهَا لِلنَّاسِ كَيْفِيَّةَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى يَوْم التَّرْوِيَةِ وَصَلَاتِهِمْ بِهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا لَيْلَةَ عَرَفَةَ، وَيُحَرِّضُهُمْ عِنْدَ وُصُولِ عَرَفَةَ عَلَى النُّزُولِ بِنَمِرَةَ وَهِيَ آخِرُ الْحَرَمِ وَأَوَّلُ الْحِلِّ، وَهَذِهِ أُولَى الْخُطَبِ وَقَدْ تُرِكَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
150- وَالثَّانِيَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ يُبَيِّنُ –الإمام- لِلنَّاسِ فِيهَا كَيْفِيَّةَ الْوُقُوفِ وَزَمَنَهُ وَالذَّهَابَ لِلْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ مَعَ الْبَيَاتِ بِهَا وَالتَّوَجُّهِ مِنْهَا إلَى مِنًى طُلُوعَ الشَّمْسِ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَطْ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ ثُمَّ التَّوَجُّهِ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ.
151- وَالْخُطْبَةِ الثَّالِثَةِ فِي حَادِيَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ يُبَيِّنُ –الإمام- لِلنَّاسِ فِيهَا مَبِيتَهُمْ بِمِنًى وَكَيْفِيَّةَ الرَّمْيِ وَمَا يَلْزَمُ بِتَرْكِهِ وَحُكْمَ التَّعْجِيلِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَتَلَخَّصَ أَنْ خُطَبَ الْحَجِّ ثَلَاثٌ.
.....................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

الْوُقُوفِ بِعَرَفَة​

152- ثُمَّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ التَّاسِعِ يَخْرُجُ مِنْ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ذَاهِبًا إلَى عَرَفَاتٍ.
153- وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُعَلِّمُ إبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِكَ فِيهَا وَيُرِيهَا لَهُ وَيَقُولُ لَهُ: عَرَفْت؟ فَيَقُولُ: عَرَفْت. وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا آدَمَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ. وَقِيلَ: لِأَنَّ آدَمَ عَرَفَ حَوَّاءَ فِيهَا.
154- وَلَا يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي هَذَا كُلِّهِ -أَيْ: فِي الزَّمَنِ الَّذِي مَرَّ بَعْدَ سَعْيِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَاوِدُ التَّلْبِيَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سَعْيِهِ- حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا وَهُوَ مَسْجِدُ نَمِرَةَ.
155- وَلْيَتَطَهَّرْ -أَيْ: يَغْتَسِلْ اسْتِنَانًا، وَقِيلَ نَدْبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ- قَبْلَ رَوَاحِهِ إلَى الْمُصَلَّى بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَا يَتَدَلَّكُ، وَهَذَا الِاغْتِسَالُ لِلْوُقُوفِ لَا لِلصَّلَاةِ فَيُطْلَبُ مِنْ الْحَائِضِ، وَهَذَا ثَالِثُ اغْتِسَالَاتِ الْحَجِّ الَّتِي أَوَّلُهَا الْإِحْرَامُ، وَثَانِيهَا لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَثَالِثُهَا هَذَا إذَا وَصَلَ إلَى الْمُصَلَّى.
156- فَيَجْمَعَ -عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ- بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِمَسْجِدِ نَمِرَةَ، جَمْعَ تَقْدِيمٍ -وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ- مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَبَعْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ.
157- وَكَمَا يُسَنُّ جَمْعُ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ يُسَنُّ قَصْرُهُمَا إلَّا لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَحَلٍّ يُتِمُّ بِمَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُ ذَلِكَ الْجَمْعِ.
158- وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فِي عَرَفَةَ الظُّهْرَ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى الصَّوَابِ، وقد جَمَعَ هَارُونُ الرَّشِيدُ خَلِيفَةُ زَمَانِهِ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ، فَسَأَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُصَلِّهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: قَدْ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ جُمُعَةٌ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَجَهْرَ فِيهِمَا كَمَا يُجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ؟ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ، وَسَلَّمَ لِلْإِمَامِ.
159- والْجَمْعُ الْمَذْكُورَ مَشْرُوعٌ وَلَوْ لِأَهْلِ عَرَفَةَ بِخِلَافِ الْقَصْرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَهْلِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ، وَالضَّابِطُ أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَحَلٍّ يُتِمُّونَ بِهِ، فَأَهْلُ عَرَفَةَ تَجْمَعُ بِهَا وَلَا تَقْصُرُ، وَأَهْلُ الْمُزْدَلِفَةِ كَذَلِكَ تَجْمَعُ بِهَا وَلَا تَقْصُرُ، وَالْمَنْوِيُّ يَجْمَعُ فِيهَا وَيَقْصُرُ.
160- ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ يَرُوحُ مَعَهُ إلَى مَوْقِفِ عَرَفَةَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ الْمُسْتَحَبُّ، وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْعِظَامِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ عَرَفَةَ، هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ الْعُلَمَاءُ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رواه مسلم.
161- فَيَقِفُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ وَرَاكِبًا إلَّا لِتَعَبٍ، وَيَدْعُو وَيُسَبِّحُ أَوْ يُهَلِّلُ فِي حَالَةِ وُقُوفِهِ.
162- وَحُكْمُ الْوُقُوفِ الْوُجُوبُ، وَيَتَمَادَى وَلَوْ بِجُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَلْزَمُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ .
.............يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

السير إلى مزدلفة​

163- ثُمَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ الْعَاشِرِ يَسِيرُ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَيَسِيرُ الْحَاجُّ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ عَرَفَةَ، قِيلَ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ، وَقِيلَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ، فَيُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مَجْمُوعَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ؛ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.
164- وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْحَاجُّ مَعَ الْإِمَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ إلَّا إذَا وَقَفَ مَعَهُ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ أَوْ تَأَخَّرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْحَاجِّ، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِحْرَامِ وَتَأَخَّرَ عَنْ النُّفُورِ مَعَهُ لِعَجْزٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الشَّفَقِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
165- فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَنَفَرَ مَعَهُ يَجْمَعُ مَعَهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ، وَمَنْ وَقَفَ مَعَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ، فَإِنْ وَقَفَ مَعَهُ وَتَأَخَّرَ اخْتِيَارًا لَا يَجْمَعُ إلَّا فِي الْمُزْدَلِفَةِ، وَمَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُ مُطْلَقًا بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ لِمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ.
166- وَأَمَّا الْبَيَاتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَمَنْدُوبٌ، وَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُهُ مِنْ التَّهَجُّدِ وَالذِّكْرِ فِيهَا، وَأَمَّا الْمُكْثُ بِهَا قَدْرَ حَطِّ الرِّحَالِ فَهُوَ وَاجِبٌ يَلْزَمُ بِتَرْكِهِ دَمٌ إلَّا لِعُذْرٍ يَفْعَلُهُ.
....................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

أعمال يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر​

167- يُصَلِّي الصُّبْحَ : بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ الْإِمَامِ.
168- ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ يَقِفُ مَعَهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مُسْتَقْبِلًا مُكَبِّرًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ إلَى الْإِسْفَارِ يَوْمَ النَّحْرِ.
169- ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَاءِ وُقُوفِهِ بِالْمَشْعَرِ يَدْفَعُ بِقُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ الْإِسْفَارُ ذَاهِبًا إلَى مِنًى، يُكَبِّرُ وَيَدْعُو.
170- فَإِذَا وَصَلَ السَّائِرُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وُجُوبًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمِيَهَا حِينَ وُصُولِهِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَاللَّيْلِ قَضَاءً.
171- وَالْمُرَادُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الْبِنَاءُ، وَمَا تَحْتَهُ الْكَائِنُ فِي آخِرِ مِنًى مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ فِي رَأْسِ وَادِي الْمُحَصَّبِ عَنْ يَمِينِ الْمَاشِي إلَى مَكَّةَ.
172- سُمِّيَتْ جَمْرَةً بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ، إلَّا أَنَّ الرَّمْيَ فِي أَسْفَلِ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِ الْبِنَاءِ وَإِنْ أَجْزَأَ.
173- وَلَا فَرْقَ فِي الْإِجْزَاءِ بَيْنَ كَوْنِ الرَّامِي وَاقِفًا أَمَامَ الْبِنَاءِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إيصَالُ الْحَصَيَاتِ إلَى أَسْفَلِ الْبِنَاءِ، فَإِنْ وَقَفَ فِي شُقُوقِ الْبِنَاءِ فَفِي الْإِجْزَاءِ تَرَدُّدٌ.
174- وَتِلْكَ الْحَصَيَاتُ فِي الْقَدْرِ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ، وَحَصَى الْخَذْفِ هُوَ الَّذِي يُرْمَى بِالْأَصَابِعِ، كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، يَجْعَلُ الشَّخْصُ الْحَصَاةَ عَلَى السَّبَّابَةِ أَوْ عَلَى الْوُسْطَى وَيَدْفَعُهَا بِالْإِبْهَامِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ: «إيَّاكُمْ وَالْخَذْفَ فَإِنَّهُ يَكْسِرُ السِّنَّ وَيَفْقَأُ الْعَيْنَ وَلَا يُجْزِئُ شَيْئًا» رواه البخاري، ومسلم.
175- وَلَا يُجْزِئُ مَا صَغُرَ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ الْإِجْزَاءِ.
176- وَصِفَةُ الرَّمْيِ لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنْ يُعَجِّلَ بِرَمْيِهَا وَلَوْ رَاكِبًا كَمَا قَدَّمْنَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَةَ فِي حَالِ الرَّمْيِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، بِخِلَافِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الْمَشْيُ، وَيَجْعَلُ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَقِيلَ يُمْسِكُهَا بِإِبْهَامِهِ وَالْوُسْطَى.
177- وَيُكَبِّرُ نَدْبًا مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – .
178- فَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ للرمي: كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا، فَلَا يَصِحُّ بِطِينٍ وَلَا مَعْدِنٍ، وَكَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ، فَلَا يَصِحُّ بِقَوْسٍ وَلَا بِرِجْلٍ وَلَا بِفَمٍ، وَأَنْ يَرْمِيَ كُلَّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا، فَإِنْ رَمَى بِالسَّبْعِ مَرَّةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِوَاحِدٍ، وَتُرَتَّبُ الْجَمَرَاتُ الثَّلَاثُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ.
179- وَشَرَائِطُ الْكَمَالِ للرمي: الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ حَطِّ الرَّحْلِ وَإِثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالتَّكْبِيرُ حَالَ الرَّمْيِ، وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ فِيمَا بَيْنَهَا، وَلَقْطُ الْحَصَيَاتِ فَلَا يَكْسِرُ حَجَرًا كَبِيرًا وَيَرْمِي بِهِ، وَطَهَارَةُ الْحَصَيَاتِ فَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمُتَنَجِّسٍ، كَمَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمَا رَمَاهُ الْغَيْرُ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ الرَّمْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي.
180- واعْلَمْ أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تَخْتَصُّ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ: صِحَّةُ رَمْيِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ رَمْيِ غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَا يُرْمَى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَّا هِيَ، وَلَا يُوقَفُ عِنْدَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَرَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا.
181- واعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ، فَالْأَكْبَرُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالْأَصْغَرُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ، وَيُكْرَهُ مَعَهُ مَسُّ الطِّيبِ.
182- ثُمَّ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ -إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ- بِمِنًى وُجُوبًا إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ وَكَانَ الذَّبْحُ بِأَيَّامِهَا، وَإِلَّا فَمَكَّةُ.
183- وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ إلَّا مَا وَرَاءَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَلَا يَنْتَظِرُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ نَحْرَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِنًى صَلَاةُ عِيدٍ.
184- فَإِنْ نَحَرَ فِي مَكَّةَ مَا يُطْلَبُ نَحْرُهُ فِي مِنًى أَجْزَأَ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّحْرِ فِي مِنًى عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ.
185- وَأَمَّا لَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا يُطْلَبُ فِعْلُهُ فِي مَكَّةَ فَلَا يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْوَةِ: «هَذَا النَّحْرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ».
186- ثُمَّ بَعْدَ النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ يَحْلِقُ، وَيُجْزِئُ التَّقْصِيرُ إلَّا أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ وَلَوْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ
187- ثُمَّ بَعْدَ الْحَلْقِ فِي مِنًى يَأْتِي الْبَيْتَ الشَّرِيفَ فَيُفِيضُ، وَمَعْنَى يُفِيضُ أَنَّهُ يَطُوفُ بِهِ سَبْعًا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الطَّوَافُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198].
188- وَلَا رَمَلَ فِي هَذَا الطَّوَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا.
189- وَيُطْلَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يَرْكَعَ قَبْلَ نَقْضِ طَهَارَتِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ الْكلامُ عَنْ تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ.
190- وطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، رُكْنٌ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا يُشْكَلُ ذلكَ بِحديث «الْحَجِّ عَرَفَةَ»؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ.
191- وَوَقْتُهُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ.
192- وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَسَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَبِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ يَحِلُّ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ.
193- عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُرَتَّبَةً: الرَّمْيُ، فَالنَّحْرَ، فَالْحَلْقَ، فَالطَّوَافَ، لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِي مِنًى وَالرَّابِعَ فِي مَكَّةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَأَفَاضَ وَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ».
194- لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا التَّرْتِيبِ مُخْتَلِفٌ، فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعَلَى الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ، فَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْي أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ دَمٌ.
195- بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمَنْدُوبٌ، كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ، وَمَا وَرَدَ في الصحيحين: «مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَارُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ. رواه البخاري ومسلم. لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَيْرُ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ تَرْتِيبَهُ وَاجِبٌ، وَاَلَّذِي قَالَ فِيهِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ خَاصٌّ بِمَا سُئِلَ عَنْهُ، وَمَعْنَى افْعَلْ مَعَ وُقُوعِ الْفِعْلِ اعْتَدَّ بِفِعْلِك الصَّادِرِ مِنْك وَلَا تُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ.
196- ثُمَّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَصَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ لِمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ يَرْجِعُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْبَيَاتَ بِهَا وَ يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَيَوْمَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ.
197- فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنى الثَّلَاثِ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْرُوفَةُ بِأَيَّامِ الرَّمْيِ، وَهِيَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ.
198- رَمَى الْمُقِيمُ بِمِنًى -وُجُوبًا- الْجَمْرَةَ الْأُولَى، وَهِيَ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي سَبْعِ مَرَّاتٍ كَمَا قَدَّمْنَا.
199- وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الرَّمْيِ إثْرَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.
200- وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ بِهَا.
201- ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَمْيِ الْأُولَى يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ، يُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي فِي السُّوقِ، ثُمَّ يَخْتِمُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الثَّلَاثِ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِنْ نَكَّسَ بَطَلَ رَمْيُ الْمُقَدَّمَةِ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَوْ سَهْوًا، وَيَرْمِي الْوُسْطَى مِنْ فَوْقِهَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَمِنْ فَوْقِهَا، وَيَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ مِنْهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي رَمْيِ الْأُولَى مِنْ كَوْنِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كُلُّ حَصَاةٍ فِي مَرَّةٍ، وَيُكَبِّرُ مَعَ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ.
202- وَتُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ عَقِبَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ التَّرْتِيبِ. بَيْنَهَا الْمُبَادَرَةُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَقِبَ رَمْيِ مَا قَبْلَهَا.
203- تَلَخَّصَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ إنَّمَا يُرْمَى فِيهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَهِيَ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَيُقَالُ لَهَا الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ يُرْمَى فِي كُلِّ يَوْمٍ الثَّلَاثُ جِمَارٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، الْجُمْلَةُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَحَصَيَاتُ الْعَقَبَةِ سَبْعَةٌ الْجُمْلَةُ سَبْعُونَ حَصَاةً لِمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَجِّلَ يَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الرَّابِعِ.
204- وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ لِلدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِثْرِ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى : وَهِيَ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى. وَكَذَا بِإِثْرِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ الْوُسْطَى.
205- وَلَا يَقِفُ عِنْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَلْيَنْصَرِفْ سَرِيعًا عَقِبَ رَمْيِهَا مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
206- وعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مَرْتَبَةٌ، وَإِنْ رَمَى غَيْرَ الْعَقَبَةِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالزَّوَالِ، وَيَنْتَهِي الْأَدَاءُ إلَى غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ لَهُ، وَيَفُوتُ الرَّمْيُ كُلُّهُ بِغُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلِذَا قَالُوا: لَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ لِانْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الرَّابِعِ، وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ أَوْ فِي تَرْكِ الْجَمِيعِ، إلَّا إذَا كَانَ قَدْ أَخَّرَ كَتَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى اللَّيْلِ.
207- فَإِذَا رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى تَرْتِيبِهَا السَّابِقِ رَمْيًا صَحِيحًا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ.
208- وَيُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَدًى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ النُّزُولُ بِهِ لِيُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ لَيْلًا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
209- وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ يَوْمُ الِانْصِرَافِ مِنْ مِنًى يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ سَائِرًا لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِ مَكَّةَ.
210- وَبَعْدَ فِعْلِ الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيِ قَدْ تَمَّ حَجُّهُ بِفَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ.
211- فَإِنْ قِيلَ: قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ!! فَالْجَوَابُ: أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا لِتَوْدِيعِ الْبَيْتِ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَلَا مِنْ سُنَنِهِ.
212- وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى بِأَنْ يَنْصَرِفَ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ، ثُمَّ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ فَرَمَى فِي الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَانْصَرَفَ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ النَّحْرِ.
213- وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مُجَاوَزَةُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِمِنًى؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمَقَامِ فِيهَا لِأَجْلِ الرَّمْيِ فِي النَّهَارِ.
214- فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَاتُ لِأَجْلِهِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَ الثَّالِثِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ الثَّانِي لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ.
215- فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ طَافَ لِلْوَدَاعِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لِكُلِّ طَوَافٍ، وَانْصَرَفَ.
216- وَلَا يَنْصَرِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يُقَبِّلَ الْحَجَرَ، وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى، وَإِذَا فَعَلَ الطَّوَافَ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَعَادَهُ.
217- وَالدَّلِيلُ عَلَى نَدْبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» متفق عليه.
218- وطَوَافَ الْوَدَاعِ مَنْدُوبٌ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ أَمْ لَا.
219- وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ إلَّا إذَا خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ.
220- وَمِمَّنْ لَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْخُرُوجِ كَالْحَطَّابِ وَالْبَيَّاعِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ.
221- عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الطَّوَافَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَرُكْنٌ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْحَجِّ إلَّا بِهِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَمُسْتَحَبٌّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ.
222- قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَنْ أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَبَعْضَهُمَا غَيْرُ فَرْضٍ وَلَكِنْ لَا يُمَيِّزُ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَهَا فَرْضٌ فَإِنَّ حَجَّهُ لَا يَصِحُّ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
........................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

أعمال يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر​

167- يُصَلِّي الصُّبْحَ : بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ الْإِمَامِ.
168- ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ يَقِفُ مَعَهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مُسْتَقْبِلًا مُكَبِّرًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ إلَى الْإِسْفَارِ يَوْمَ النَّحْرِ.
169- ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَاءِ وُقُوفِهِ بِالْمَشْعَرِ يَدْفَعُ بِقُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ الْإِسْفَارُ ذَاهِبًا إلَى مِنًى، يُكَبِّرُ وَيَدْعُو.
170- فَإِذَا وَصَلَ السَّائِرُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وُجُوبًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمِيَهَا حِينَ وُصُولِهِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَاللَّيْلِ قَضَاءً.
171- وَالْمُرَادُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الْبِنَاءُ، وَمَا تَحْتَهُ الْكَائِنُ فِي آخِرِ مِنًى مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ فِي رَأْسِ وَادِي الْمُحَصَّبِ عَنْ يَمِينِ الْمَاشِي إلَى مَكَّةَ.
172- سُمِّيَتْ جَمْرَةً بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ، إلَّا أَنَّ الرَّمْيَ فِي أَسْفَلِ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِ الْبِنَاءِ وَإِنْ أَجْزَأَ.
173- وَلَا فَرْقَ فِي الْإِجْزَاءِ بَيْنَ كَوْنِ الرَّامِي وَاقِفًا أَمَامَ الْبِنَاءِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إيصَالُ الْحَصَيَاتِ إلَى أَسْفَلِ الْبِنَاءِ، فَإِنْ وَقَفَ فِي شُقُوقِ الْبِنَاءِ فَفِي الْإِجْزَاءِ تَرَدُّدٌ.
174- وَتِلْكَ الْحَصَيَاتُ فِي الْقَدْرِ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ، وَحَصَى الْخَذْفِ هُوَ الَّذِي يُرْمَى بِالْأَصَابِعِ، كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، يَجْعَلُ الشَّخْصُ الْحَصَاةَ عَلَى السَّبَّابَةِ أَوْ عَلَى الْوُسْطَى وَيَدْفَعُهَا بِالْإِبْهَامِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ: «إيَّاكُمْ وَالْخَذْفَ فَإِنَّهُ يَكْسِرُ السِّنَّ وَيَفْقَأُ الْعَيْنَ وَلَا يُجْزِئُ شَيْئًا» رواه البخاري، ومسلم.
175- وَلَا يُجْزِئُ مَا صَغُرَ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ الْإِجْزَاءِ.
176- وَصِفَةُ الرَّمْيِ لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنْ يُعَجِّلَ بِرَمْيِهَا وَلَوْ رَاكِبًا كَمَا قَدَّمْنَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَةَ فِي حَالِ الرَّمْيِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، بِخِلَافِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الْمَشْيُ، وَيَجْعَلُ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَقِيلَ يُمْسِكُهَا بِإِبْهَامِهِ وَالْوُسْطَى.
177- وَيُكَبِّرُ نَدْبًا مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – .
178- فَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ للرمي: كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا، فَلَا يَصِحُّ بِطِينٍ وَلَا مَعْدِنٍ، وَكَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ، فَلَا يَصِحُّ بِقَوْسٍ وَلَا بِرِجْلٍ وَلَا بِفَمٍ، وَأَنْ يَرْمِيَ كُلَّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا، فَإِنْ رَمَى بِالسَّبْعِ مَرَّةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِوَاحِدٍ، وَتُرَتَّبُ الْجَمَرَاتُ الثَّلَاثُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ.
179- وَشَرَائِطُ الْكَمَالِ للرمي: الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ حَطِّ الرَّحْلِ وَإِثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالتَّكْبِيرُ حَالَ الرَّمْيِ، وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ فِيمَا بَيْنَهَا، وَلَقْطُ الْحَصَيَاتِ فَلَا يَكْسِرُ حَجَرًا كَبِيرًا وَيَرْمِي بِهِ، وَطَهَارَةُ الْحَصَيَاتِ فَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمُتَنَجِّسٍ، كَمَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمَا رَمَاهُ الْغَيْرُ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ الرَّمْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي.
180- واعْلَمْ أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تَخْتَصُّ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ: صِحَّةُ رَمْيِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ رَمْيِ غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَا يُرْمَى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَّا هِيَ، وَلَا يُوقَفُ عِنْدَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَرَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا.
181- واعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ، فَالْأَكْبَرُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالْأَصْغَرُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ، وَيُكْرَهُ مَعَهُ مَسُّ الطِّيبِ.
182- ثُمَّ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ -إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ- بِمِنًى وُجُوبًا إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ وَكَانَ الذَّبْحُ بِأَيَّامِهَا، وَإِلَّا فَمَكَّةُ.
183- وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ إلَّا مَا وَرَاءَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَلَا يَنْتَظِرُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ نَحْرَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِنًى صَلَاةُ عِيدٍ.
184- فَإِنْ نَحَرَ فِي مَكَّةَ مَا يُطْلَبُ نَحْرُهُ فِي مِنًى أَجْزَأَ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّحْرِ فِي مِنًى عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ.
185- وَأَمَّا لَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا يُطْلَبُ فِعْلُهُ فِي مَكَّةَ فَلَا يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْوَةِ: «هَذَا النَّحْرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ».
186- ثُمَّ بَعْدَ النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ يَحْلِقُ، وَيُجْزِئُ التَّقْصِيرُ إلَّا أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ وَلَوْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ
187- ثُمَّ بَعْدَ الْحَلْقِ فِي مِنًى يَأْتِي الْبَيْتَ الشَّرِيفَ فَيُفِيضُ، وَمَعْنَى يُفِيضُ أَنَّهُ يَطُوفُ بِهِ سَبْعًا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الطَّوَافُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198].
188- وَلَا رَمَلَ فِي هَذَا الطَّوَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا.
189- وَيُطْلَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يَرْكَعَ قَبْلَ نَقْضِ طَهَارَتِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ الْكلامُ عَنْ تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ.
190- وطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، رُكْنٌ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا يُشْكَلُ ذلكَ بِحديث «الْحَجِّ عَرَفَةَ»؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ.
191- وَوَقْتُهُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ.
192- وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَسَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَبِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ يَحِلُّ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ.
193- عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُرَتَّبَةً: الرَّمْيُ، فَالنَّحْرَ، فَالْحَلْقَ، فَالطَّوَافَ، لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِي مِنًى وَالرَّابِعَ فِي مَكَّةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَأَفَاضَ وَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ».
194- لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا التَّرْتِيبِ مُخْتَلِفٌ، فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعَلَى الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ، فَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْي أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ دَمٌ.
195- بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمَنْدُوبٌ، كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ، وَمَا وَرَدَ في الصحيحين: «مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَارُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ. رواه البخاري ومسلم. لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَيْرُ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ تَرْتِيبَهُ وَاجِبٌ، وَاَلَّذِي قَالَ فِيهِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ خَاصٌّ بِمَا سُئِلَ عَنْهُ، وَمَعْنَى افْعَلْ مَعَ وُقُوعِ الْفِعْلِ اعْتَدَّ بِفِعْلِك الصَّادِرِ مِنْك وَلَا تُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ.
196- ثُمَّ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَصَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ لِمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ يَرْجِعُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْبَيَاتَ بِهَا وَ يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَيَوْمَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ.
197- فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنى الثَّلَاثِ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْرُوفَةُ بِأَيَّامِ الرَّمْيِ، وَهِيَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ.
198- رَمَى الْمُقِيمُ بِمِنًى -وُجُوبًا- الْجَمْرَةَ الْأُولَى، وَهِيَ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي سَبْعِ مَرَّاتٍ كَمَا قَدَّمْنَا.
199- وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الرَّمْيِ إثْرَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.
200- وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ بِهَا.
201- ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَمْيِ الْأُولَى يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ، يُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي فِي السُّوقِ، ثُمَّ يَخْتِمُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الثَّلَاثِ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِنْ نَكَّسَ بَطَلَ رَمْيُ الْمُقَدَّمَةِ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَوْ سَهْوًا، وَيَرْمِي الْوُسْطَى مِنْ فَوْقِهَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَمِنْ فَوْقِهَا، وَيَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ مِنْهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي رَمْيِ الْأُولَى مِنْ كَوْنِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كُلُّ حَصَاةٍ فِي مَرَّةٍ، وَيُكَبِّرُ مَعَ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ.
202- وَتُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ عَقِبَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ التَّرْتِيبِ. بَيْنَهَا الْمُبَادَرَةُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَقِبَ رَمْيِ مَا قَبْلَهَا.
203- تَلَخَّصَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ إنَّمَا يُرْمَى فِيهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَهِيَ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَيُقَالُ لَهَا الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ يُرْمَى فِي كُلِّ يَوْمٍ الثَّلَاثُ جِمَارٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، الْجُمْلَةُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَحَصَيَاتُ الْعَقَبَةِ سَبْعَةٌ الْجُمْلَةُ سَبْعُونَ حَصَاةً لِمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَجِّلَ يَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الرَّابِعِ.
204- وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ لِلدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِثْرِ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى : وَهِيَ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى. وَكَذَا بِإِثْرِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ الْوُسْطَى.
205- وَلَا يَقِفُ عِنْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَلْيَنْصَرِفْ سَرِيعًا عَقِبَ رَمْيِهَا مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
206- وعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مَرْتَبَةٌ، وَإِنْ رَمَى غَيْرَ الْعَقَبَةِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالزَّوَالِ، وَيَنْتَهِي الْأَدَاءُ إلَى غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ لَهُ، وَيَفُوتُ الرَّمْيُ كُلُّهُ بِغُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلِذَا قَالُوا: لَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ لِانْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الرَّابِعِ، وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ أَوْ فِي تَرْكِ الْجَمِيعِ، إلَّا إذَا كَانَ قَدْ أَخَّرَ كَتَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى اللَّيْلِ.
207- فَإِذَا رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى تَرْتِيبِهَا السَّابِقِ رَمْيًا صَحِيحًا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ.
208- وَيُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَدًى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ النُّزُولُ بِهِ لِيُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ لَيْلًا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
209- وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ يَوْمُ الِانْصِرَافِ مِنْ مِنًى يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ سَائِرًا لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِ مَكَّةَ.
210- وَبَعْدَ فِعْلِ الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيِ قَدْ تَمَّ حَجُّهُ بِفَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ.
211- فَإِنْ قِيلَ: قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ!! فَالْجَوَابُ: أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا لِتَوْدِيعِ الْبَيْتِ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَلَا مِنْ سُنَنِهِ.
212- وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى بِأَنْ يَنْصَرِفَ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ، ثُمَّ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ فَرَمَى فِي الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَانْصَرَفَ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ النَّحْرِ.
213- وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مُجَاوَزَةُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِمِنًى؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمَقَامِ فِيهَا لِأَجْلِ الرَّمْيِ فِي النَّهَارِ.
214- فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَاتُ لِأَجْلِهِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَ الثَّالِثِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ الثَّانِي لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ.
215- فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ طَافَ لِلْوَدَاعِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لِكُلِّ طَوَافٍ، وَانْصَرَفَ.
216- وَلَا يَنْصَرِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يُقَبِّلَ الْحَجَرَ، وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى، وَإِذَا فَعَلَ الطَّوَافَ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَعَادَهُ.
217- وَالدَّلِيلُ عَلَى نَدْبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» متفق عليه.
218- وطَوَافَ الْوَدَاعِ مَنْدُوبٌ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ أَمْ لَا.
219- وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ إلَّا إذَا خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ.
220- وَمِمَّنْ لَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْخُرُوجِ كَالْحَطَّابِ وَالْبَيَّاعِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ.
221- عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الطَّوَافَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَرُكْنٌ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْحَجِّ إلَّا بِهِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَمُسْتَحَبٌّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ.
222- قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَنْ أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَبَعْضَهُمَا غَيْرُ فَرْضٍ وَلَكِنْ لَا يُمَيِّزُ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَهَا فَرْضٌ فَإِنَّ حَجَّهُ لَا يَصِحُّ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
........................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا​

223- والْعُمْرَةُ عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا طَوَافٌ وَسَعْيٌ بَعْدَ إحْرَامٍ، يُفْعَلُ فِيهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.
224- كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا فِي أَوَّلِ الْحَجِّ، بِأَنْ يَتَجَرَّدَ، وَيَغْتَسِلَ، وَيَلْبَسَ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَالنَّعْلَيْنِ، وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ مَشَى يُحْرِمُ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَيَمْضِي فِي أَفْعَالِهَا إلَى تَمَامِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِأَنَّ أَرْكَانَهَا الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ .
225- وَلَلْعُمْرة مِيقَاتَانِ: زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ كَالْحَجِّ.
226- فَالزَّمَانِيُّ الْوَقْتُ كُلُّهُ وَلَوْ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ عَرَفَةَ، إلَّا مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَرَمْيِ الرَّابِعِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ وَلَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ يَمْضِي قَدْرُ زَمَنِ رَمْيِ الرَّابِعِ إنْ تَعَجَّلَ، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مَا ذُكِرَ صَحَّ إحْرَامُهُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ صَحَّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا إذَا لَا تَدْخُلُ عُمْرَةٌ عَلَى أُخْرَى، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحِلَاقِ مِنْ الْحَجِّ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، أَوْ قَبْلَ الْحِلَاقِ مِنْ الْعُمْرَةِ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ .
227- وَأَمَّا مِيقَاتُهَا الْمَكَانِيُّ فَهُوَ الْحِلُّ سَوَاءً كَانَ آفَاقِيًّا أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ.
228- وَمِثْلُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْإِحْرَامُ بِهِمَا مَعًا، فَيَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ وَهُوَ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ، فَيَخْرُجُ إلَى مَسَاجِدِ عَائِشَةَ وَيُحْرِمُ بِهِمَا أَوْ بِالْعُمْرَةِ.
229- ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِ عُمْرَتِهِ يَجِبُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ على وَجْهِ الكَمَالِ، فَلَا يُنَافَى تَمَامَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهَا وَسَعْيِهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ مِنْ وَاجِبَاتِهَا وَلَا دَخْلَ لَهُ فِي حَقِيقَتِهَا فَالْحِلَاقُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ فِي التَّحَلُّلِ.
230- وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ فِي التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالتَّقْصِيرُ يُجْزِئُ.
231- وَالدَّلِيلُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ حَدِيثُ: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» رواه البخاري ومسلم.
232- وَالدَّلِيلُ عَلَى إجْزَاءِ التَّقْصِيرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ» .
233- وَمَحَلُّ إجْزَاءِ التَّقْصِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ شَعْرُهُ مَضْفُورًا أَوْ مَعْقُوصًا أَوْ مُلَبَّدًا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْحِلَاقُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَقْصِيرِ جَمِيعِ الشَّعْرِ.
234- وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ عَلَى التَّقْصِيرِ لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ عُمْرَتِهِ التَّقْصِيرُ اسْتِبْقَاءً لِلشَّعْرِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ الْحَجِّ.
235- وَصِفَةُ التَّقْصِيرِ أَنْ يَجُزَّ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ مِنْ قَرُبَ أَصْلِهِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جَزِّ بَعْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ.
236- والْحِلَاقُ قَاصِرًا عَلَى الرِّجَالِ، وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ: وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْحِلَاقُ وَلَوْ بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ جِدًّا فَيَحُوزُ لِوَلِيِّهَا حَلْقُ رَأْسِهَا، وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْحَلْقُ عَلَى الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا، إلَّا إنْ كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ إذْ يَجُوزُ لَهَا مَا كَانَ مُحَرَّمًا.
237- وَصِفَةُ تَقْصِيرِهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِ رَأْسِهَا قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ، لَكِنْ بَعْدَ زَوَالِ عَقْصِهِ أَوْ ضَفْرِهِ أَوْ تَلْبِيدِهِ لِمَنْعِهِ التَّقْصِيرَ كَمَا مَرَّ.
238- وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ.
239- والْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ تَحَلُّلٌ وَنُسُكٌ، أَيْ عِبَادَةٌ تُطْلَبُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلْقِ رَأْسِهِ وَلَا تَقْصِيرِهِ لِوَجَعٍ بِهِ: فَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ نُسُكًا، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَحَلُّلًا مَنَعُ الْوَطْءَ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ الْإِفَاضَةِ.
...................يتبع
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: مناسك الحج والعمرة على مذهب السادة المالكية في أكثر من 300 مسألة

مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ
240- وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَشَبَهَهَا مِنْ نَحْوِ ابْنِ عِرْسٍ وَالثُّعْبَانِ وَالرُّتَيْلَاءِ وَالزُّنْبُورِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ لِاسْتِوَاءِ كُلٍّ فِي الْإِيذَاءِ.
241- وَكَذَا لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ الشُّيُوخِ كُلُّ مَا يَعْدُو مِنْ الذِّئَابِ وَالسِّبَاعِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَسَدٍ وَفَهْدٍ.
242- وَلَا يَدْخُلُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ شَيْءٌ وَلَوْ غَيْرَ عَقُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ.
243- وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشُّيُوخُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلْبِ عَلَى مَا يَعْدُو مِنْ السِّبَاعِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ: «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك» فَعَدَا عَلَيْهِ الْأَسَدُ فَقَتَلَهُ.
244- وَمَحَلُّ جَوَازِ قَتْلِ الْعَادِي مِنْ السِّبَاعِ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِيذَاءِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ.
245- وَأَمَّا نَحْوُ الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَدْخُلُ فِي عَادِي السِّبَاعِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ ضَرَرٌ.
246- وَكَذَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ الطَّيْرِ مَا يُتَّقَى أو يُخْشَى أَذَاهُ مِنْ الْغِرْبَانِ وَالْأَحْدِيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْغُرَابَ يُؤْذِي الدَّوَابَّ وَغَيْرَهَا، وَالْحِدَأَةُ تَخْطَفُ الْأَمْتِعَةَ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى قَتْلِ كَبِيرِهَا، وَجَرَى الْخِلَافُ فِي صَغِيرِهَا، فَمَنْ نَظَرَ إلَى الْحَالِ مَنَعَ، وَمِنْ نَظَرَ إلَى الْمَآلِ أَجَازَ، وَعَلَى الْمَنْعِ لَا جَزَاءَ فِي قَتْلِهَا مُرَاعَاةً لِلْجَوَازِ.
247- وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْإِحْلَالِ وَالْإِحْرَامِ: الْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». وَفِي رِوَايَةٍ: «خَمْسُ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا» فَأَسْقَطَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْعَقْرَبَ وَزَادَ الْحَيَّةَ، فَوَجَبَ الْجَمْعُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثَيْنِ.
248- وَيَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ النِّسَاءَ، فَلَا يَقْرَبُهُنَّ بِجِمَاعٍ وَلَا بِمُقَدِّمَاتِهِ وَلَوْ عَلِمَ السَّلَامَةَ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَتُكْرَهُ الْمُقَدِّمَاتُ مَعَ عِلْمِ السَّلَامَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ يَسَارَةُ الصَّوْمِ وَعِظَمُ أَمْرِ الْحَجِّ، وَتُسْتَثْنَى قُبْلَةُ الْوَدَاعِ وَالرَّحْمَةِ.
249- فإنْ جَامَعَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ أَوْ اسْتَدْعَى الْمَنِيَّ حَتَّى خَرَجَ وَلَوْ بِنَظَرٍ سَوَاءٌ فَعَلَ مَا ذُكِرَ عَالِمًا بِإِحْرَامِهِ أَوْ نَاسِيًا عَالِمًا بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا، جَامَعَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، أَنْزَلَ أَمْ لَا، كَانَ الْجِمَاعُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ أَمْ لَا، فَيَفْسُدُ حَجُّ الْفَاعِلِ، وَيُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الْفَسَادِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ إنْ كَانَ بِغَيْرِ لَمْسٍ الِاسْتِدَامَةُ بِأَنْ كَانَ بِالنَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ بِقُبْلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّمْسِ فَيَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْخَارِجُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ فَسَادٌ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْهَدْيَ.
250- وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِمَا ذُكِرَ إلَّا إذَا وَقَعَ الْمُفْسِدُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مُطْلَقًا، أَيْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ لَا، أَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَوْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ: وَلَوْ قَبْلَ الرَّمْيِ لِلْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا فَسَادَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا عُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا ثَلْمَ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَإِنْ حَصَلَ الْمُفْسِدُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيِهَا وَلَوْ بِشَرْطٍ فَسَدَتْ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا؛ لِأَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ سَعْيِهَا وَقَبْلَ حِلَاقِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَى الْهَدْيِ.
251- وَإِذَا فَسَدَ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ وَجَبَ إتْمَامُهُمَا وَقَضَاؤُهُمَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ إتْمَامُ الْحَجِّ الْفَاسِدِ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَامَ الْفَسَادِ وَإِلَّا تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ.
252- وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ أُنْثَى اجْتِنَابُ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ بِالْبَدَنِ أَوْ بِالثَّوْبِ كَالْوَرْسِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، فَلَوْ لَمْ يَجْتَنِبْ الطِّيبَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ بِأَنْ مَسَّهُ وَجَبَ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ أَزَالَهُ سَرِيعًا وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ أَوْ كَانَ فِي طَعَامٍ حَيْثُ لَمْ يُمِتْهُ الطَّبْخُ، بِخِلَافِ مُذَكَّرِ الطِّيبِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ مَسُّهُ وَلَا فِدْيَةَ، وَأَمَّا حَمْلُهُ فِي قَارُورَةٍ مَسْدُودَةٍ أَوْ أَكْلُهُ مَطْبُوخًا فِي طَعَامٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ، وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْبَاقِيَ مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَالْمُصِيبُ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُصِيبُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا فِدْيَةَ حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا، وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُ سَرِيعًا.
253- وَيَجِبُ عَلَى الذَّكَرِ أَنْ يَجْتَنِبَ فِي إحْرَامِهِ لُبْسَ مَخِيطِ أَوْ مُحِيطِ الثِّيَابِ وَلَوْ بِنَسْجٍ أَوْ زِرٍّ أَوْ عَقْدٍ، لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبِسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانُ وَلَا وَرْسُ» وَقَيَّدْنَا بِالذَّكَرِ لِإِخْرَاجِ الْأُنْثَى فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.
254- وَ كَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ اجْتِنَابُ الصَّيْدَ وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَلَوْ مُتَأَنِّسًا فَرْخًا أَوْ بَيْضًا سِوَى مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْفَوَاسِقِ. قَالَ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] أَيْ مُحْرِمِينَ أَوْ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا الْبَحْرِيُّ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ.
255- وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِ الْبَرِّ وَلَوْ فِي الْحِلِّ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِي الْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَوْ حَلَالًا، وَمَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةً يَحْرُمُ أَكْلُهُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ.
256- وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُحْرِمٍ اجْتِنَابُ جَمِيعِ قَتْلِ الدَّوَابِّ، كَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَعُوضِ، فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْهَا لَزِمَهُ إطْعَامُ حُفْنَةٍ مِنْ طَعَامٍ وَهِيَ مِلْءُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ مَا قَتَلَهُ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ.
257- وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ اجْتِنَابُ إزَالَةِ الْوَسَخِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَقُصُّ أَظْفَارَهُ لِغَيْرِ كَسْرٍ وَلَا يَغْتَسِلُ وَلَا يُتَدَلَّكُ لِغَيْرِ جَنَابَةٍ وَلَا يَنْتِفُ إبْطَهُ وَلَا يَحْلِقُ عَانَتَهُ، فَإِنْ أَزَالَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَطْعَمَ حِفْنَةً إذَا كَانَ الْمُزَالُ شَيْئًا قَلِيلًا كَعَشْرِ شَعَرَاتٍ وَمَا قَارَبَهَا حَيْثُ أَزَالَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا بِأَنْ زَادَ الْمُزَالُ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا أَوْ كَانَتْ الْإِزَالَةُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي فِعْلِ كُلِّ مَا يُتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى.
258- ويُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ إزَالَةُ الشَّعْرِ عِنْدَ الْوُضُوءِ أَوْ الرُّكُوبِ وَقَتْلُ بَعْضِ الدَّوَابِّ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَقَلْمُ الظُّفْرِ الْمَكْسُورِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الْكَسْرِ، وَمِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَأَمَّا قَلْمُهُ لِغَيْرِ كَسْرٍ فَإِنْ قَلَمَهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ فِدْيَةٌ وَإِلَّا فَحُقْنَةٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا مَا زَادَ فَفِي قَلْمِهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا قَلْمُ ظُفْرِ الْغَيْرِ فَلَغْوٌ.
259- وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ اجْتِنَابُ مَا سَبَقَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُغَطِّيَ رَأْسَهُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ رَجُلًا، فَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ أَوْ رَأْسَهُ وَلَوْ بِطِينٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا افْتَدَى؛ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ.
260- وَكَمَا لَا يُغَطِّي رَأْسَهُ لَا يَحْلِقُهُا اسْتِبْقَاءً لِلشَّعَثِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ تَلْحَقُهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ فَيَجُوزُ لَهُ فِعْلُ مَا يُزِيلُ ضَرُورَتَهُ مِنْ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ أَوْ حَلْقِهِ.
261- ثُمَّ يَفْتَدِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا تُسْقِطُ الْإِثْمَ.
262- أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَحْرَارٍ مُسْلِمِينَ.
263- وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمَا نِصْفُ صَاعٍ يَكُونَانِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ، أَوْ يَفْتَدِي بِشَاةٍ فَأَعْلَى؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ كَالضَّحِيَّةِ الْأَفْضَلُ فِيهَا طِيبُ اللَّحْمِ.
264- وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ.
265- وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] الْآيَةَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلْيَفْعَلْ مَا يُزِيلُ أَذَاهُ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ.
....................يتبع
 
أعلى