العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

منهج الإمام الشوكاني في كتابه إرشاد الفحول !

عارف محمد المرادي

:: مطـًـلع ::
إنضم
27 مارس 2012
المشاركات
116
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي



بسم الله الرحمن الرحيم


أعتقد أني لا أكون مبالغاً إذا قلت بأن كتاب " إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول"، من أهم الكتب التي ألفت في هذا العلم في العصور المتأخرة.
وقد ألفه صاحبه بقصد تمحيص مسائل هذا العلم وبيان الراجح منها والمرجوح وما يصح الاستدلال به ومالا يصح، كما بين في كتابه أن هناك ما يجب أن يستبعد من علم الأصول كمقدمة المنطق وحروف المعاني ومن أهم مميزات منهجه الأصولي ما يلي:
أولاً: اشتمل (كتاب إرشاد الفحول) على آراء المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء والأصوليين، ومن جميع الفرق الإسلامية، ولم يعتمد فيه على كتب الآخرين ولم يلخص فيه آراء من سبقه، إلا بالقدر الذي يستطيع معه مناقشة الآراء والأدلة في المسائل الخلافية، وقد تم له الاستقصاء في البحث والاستقراء للمذاهب حتى وصل في بعض المسائل إلى أن يذكر فيها بضعة وثلاثين قولاً ، فيورد القول وأدلته ويناقش تلك الأدلة، ويورد الاعتراضات، والإجابة عليها إجابة مقنعة صريحة، مع ذكر الشواهد والأمثلة، والتعليل والقيود، والمحترزات ويوازن بينها ثم يرجح وهكذا. فهو بحق نهجٌ واضح وطريقة مثلى في التأليف والبحث، وخاصة في طريقة المتكلمين من حيث الاستكثار من الأدلة والاحتجاج، وتحقيق المذاهب وتفريع المسائل، يشهد بذلك كل من قرأ شيئاً من هذا الكتاب.

ثانياً: كثيراً ما يذكر الإمام الشوكاني اختلاف الأصوليين في التعريفات، ويورد تعريفات كثيرة للشيء المعرَّف، ويذكر الاعتراضات الواردة على التعريف، والإجابة عليها،كما فعل في تعريف أصول الفقه، وتعريف العلم والدليل والنظر، ونحو ذلك.
وهو في الغالب يبدأ بأقوى التعاريف وأرجحها، فيرتبها على هذا الأساس ثم يورد بقية التعريفات بصفة التمريض ((وقيل)) ويعترض عليها بكون التعريف - مثلاً – غير جامع وغير مانع، أو كونه يستلزم المحال كالدوران أو التسلسل أو اجتماع النقيضين، أو يكون الاعتراض على التعريف بسبب التناقض ونحو ذلك.
ويشير إلى التعريف الراجح بعده مباشرة بقوله: وهو الحق، وإذا كان التعريف الراجح هو الأول ولم يشر إليه مباشرة يقول: والأول أولى.
وهذا منهجه حتى في ذكر الأقوال والمذاهب الواردة في كل مسألة.

ثالثاً:– تحرير محل النـزاع:
الغالب على منهج الإمام الشوكاني سواء في كتاب ((إرشاد الفحول)) أو في غيره أنه يحرر محل النـزاع، وخاصة إذا كانت المسألة متشعبة، وتحتاج إلى هذا التحرير قبل البحث في أقوال العلماء والأدلة.
وهذا منهج سوي، يحدد محال الاتفاق ومحال الاختلاف، حتى تنحصر الأمور التي يجري فيها النـزاع، وبالتالي تكون الأدلة وفق هذا المنهج.

رابعاً:ـ قوة شخصيته:
والتي تتمثل في تمحيصه للآراء، وترجيح بعضها، أو ردها وتكوين رأى خاص به، وهذا كثير جداً في إرشاد الفحول، بل وفي سائر كتب الإمام رحمه الله تعالى .

خامساً:– الجمع بين علم الأصول وعلم الحديث :
لقد كان الإمام الشوكاني من كبار المحدثين في عصره واعتنى بالحديث متناً وسنداً دراية ورواية عناية بالغة، وألف العديد من الكتب العظيمة في هذا العلم ومن أهمها: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، نُزُلُ من اتقى بكشف أحوال المنتقى وهو مختصر لنيل الأوطار، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، وإتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر وهو مجموع أسانيده ونحو ذلك. ومن المعلوم أن علم ((أصول الفقه)) يبحث في الأدلة الشرعية التي تستنبط منها الأحكام، وفي كيفية الاستنباط، وفي أحوال من يستنبط هذه الأدلة وهو المجتهد... الأمر الذي يقتضي أن يكون الباحث لمسائل علم الأصول على جانب كبير من المعرفة بالحديث الشريف وعلومه، حتى يتمكن من الحكم على الأحاديث التي يستدل بها على قضية من القضايا، ويعرف درجة الحديث الذي يستدل به، وأحوال الرواة وما إلى ذلك، بالإضافة إلى تخريج الحديث وذكر الكتب التي روته.

سادساً – الموضوعية والبعد عن التعصب:
وهذه سمة بارزة في منهج الإمام الشوكاني: إنها صفة تجعل للعالم مكانته المرموقة بين العلماء، حيث يكون هدف العالم من وراء بحثه هو معرفة الحق أينما كان، وحيثما وجد، ولقد كان الهدف الأول لإمامنا هو الوصول إلى الحق، ولا يعنيه أنه مذهب شخص معين، مهما كانت منزلته. والأمثلة على ذلك كثيرة جداً ومنها:
1 – مع أنه يرى عدم إمكانية وقوع الإجماع، وينكر الاحتجاج به فإنه ينقل آراء العلماء وأدلتهم في مسألة الإجماع السكوتي – وهو من أضعف أنواع الإجماع – نقلاً دقيقاً، ويرجح من هذه الآراء ما يراه راجحاً فيقول: (البحث الحادي عشر في الإجماع السكوتي. وهو: أن يقول بعض أهل الاجتهاد بقول وينتشر ذلك القول في المجتهدين من أهل ذلك العصر فيسكتون ولا يظهر منهم اعتراض ولا إنكار. وفيه مذاهب ثم ذكر اثنى عشر مذهباً بأدلتها وناقش تلك الأدلة بسياق تشعر من خلاله أنك أمام أحد أنصار الإجماع ومؤيديه.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ....



 

أسماء الفارس

:: متابع ::
إنضم
19 سبتمبر 2018
المشاركات
4
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
المقارن
رد: منهج الإمام الشوكاني في كتابه إرشاد الفحول !

السلام عليكم لدي سؤال ارجوا الاجابة عنه مشكورينما هو موقف الشوكاني في مسألة حجية المصالح المرسلة من خلال كتابه الارشاد , فقد ذكر اختلاف الاصوليين ولم اتمكن من تمييز أي من الاقوال التي رجحها وخاصة في قضية اخذ الامام مالك بالمصالح المرسلة.
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: منهج الإمام الشوكاني في كتابه إرشاد الفحول !

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته : الواضح من استنكار الشوكاني على الغزالي المنع منها مطلقاً والإنكار على مانسبه الجويني للإمام مالك تجاوزه الحد بالعمل بالمصالح المرسلة ، وتوجيه الإمام القرافي و الزركشي لقول مالك أنه يوافق الجمهور ، أنَّ الشوكاني يشير إشارة الراجح عنده في قول مالك : أنه لايعتمد عليها وقرنه بقول الشافعية والحنفية ، وأشار إلى قول القرطبي :(( بأنَّ مالك لا يعتمد عليها )) يعد ص 983 ، و قول الوركشي بأنَّه أنَّ مالكاً فيها مثل غيره (( جميع العلماء يكتفون بذكر المناسبة )) ص 906، وفال كثيرون أن الراجح : أنَّ مالكاً يعتمد عليها بشروط ، . والشوكاني يؤيد في بحث القياس أنَّ كل ماله وصف مصلحي فهو مشهود له بالاعتبار ، فكأنه يخرج عنده هذا القسم من مسمى المصلحة المرسلة ،، ويجعلها تقتصر على " أو " المناسب الذي لم يعلم أنَّ الشارع ألغاه أو اعتبره ، فيقول " بحسب أوصاف أخص من كونه وصفاً مصلحياً ، وإلا فعموم ماله وصف مصلحي فهو مشهود له بالاعتبار " فيتوقف عند القسم الذي يخلو منه الوصف المصلحي ، وفي بحث المصلحة المرسلة يستنكر أذى المسلمين أو أكل أموالهم بوهم مسمى المصلحة المرسلة ، إذن : فقد قسمها قسمين ، ألحق أحدهما بالمناسب الملغي الاعتبار ، و الآخر فيه مصلحة شرعية فهو المعتبر ... ويحتاج الموضوع إلى مزيد تأمل ..
 
أعلى