العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من الدورات التي قدمتها (مقومات السعادة الزوجية وقياس نجاحها)

إنضم
19 أغسطس 2008
المشاركات
15
التخصص
أصول الدين
المدينة
شرق فرنسا
المذهب الفقهي
مالكي
مقومات السعادة الزوجية وقياس نجاحها
العنصر الأول: مقومات السعادة الزوجية، وتتلخص في الجوانب الآتية:

الجانب الإيماني ( الاجتماع على الطاعة (
إن القلوب كي تجمعها على الحب وتؤلِّف بينها اجْمَعْها على طاعة الله؛ فالمكان الذي تؤدَّى فيه الصلوات الخمس على وقتها وتقطع من وقت العمل فيه خير وبركة وألفة وتسامح وإخاء أكثر من غيره. والزوجان هما أقرب الناس لبعضهما البعض، والتقاؤهما على طاعة يزيد الصفاء في قلبيهما؛
1- الزواج رغبة والحياة الزوجية طاعة
2- العبادة بين الزوجين [فرائض+ نوافل+ ذكر ودعاء+ تلاوة+ حديث نبوي]
3- التقوى بين الزوجين[علاقات المنزل هي أكبر اختبار لتقواك]

الجانب القلبي ( الحب(
الخبراء يقولون: قانون "الحق والواجب" يفشل في حل مشكلات الزوجين ويحلها قانون التغاضي والإيثار والحب


فما الحب إذن ؟ قالوا: الحب مشاعر تحقق التقارب والتجاذب والارتياح الداخلي إلى الآخر والاستمتاع بالتواجد مع طرف آخر. ومنهم من قال:الحب هو: اللحظة الصادقة، ومنهم من قال: الحب هو الحياة فالعين لا ترى ما تراه العيون ، واليد في لمستها شيء آخر ، والأذن صُمّت إلا عن جو الحب في لحظات الهوى والعشق والغرام ، وكلها أجواء في سماء الحب في تداخل شفاف وصفاء رقراق ، فالحب هو الحياة ، والحياة هي الحب، ويصدق هز التعريف ما جاء في الحديث: فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بَهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِى عَبْدِى أَعْطَيْتُهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ.
الحب الحقيقي له علامات، وفيه آثار وعنده تضحيات، وأمامه عقبات، وله حياته الخاصة به في اللقاء والذكرى والجفاء، وعلاقته بحياة الروح وحركة القلب واقتران الجسد، حتى تتحقق الثمرة والنتيجة والمذاق.. هنالك يحق لك أن تعلن: هذا هو الحب.. وهو في أمرين: طاعة وتجاوز، فإن تحققا بدأ الحب الحقيقي يدخل في دوائر أخرى تجعله قويًا متينًا ممتدًا متواصلاً، لا يعترف بعقبات ولا يقرّ بعوائق، كجنة بربوة إن لم يصبها وابل فطل
1- طاعة: نعم ( الطاعة ) وهى في الحب حركة لا إرادية خارج دائرة الشعور، يكون فيها المحب كالمسحور، ينتظر من الحبيب الإيماءة، ويفهم الإشارة، فالطاعة تجرى في عروقه متى وصلت إلى ركن فهو طائع، العين في نظرتها، واليد في لمستها، والوجه في قسماته، والفم في ارتعاشه والبدن في انتظاره للموافقة، وكل جزء ينبض بالطاعة فيلبى خافية الحبيب وإن لم يصرح، بل كثيرًا ما يفعل ما يكون حديثًا في نفس حبيبه، الحب يصنع المعجزات والموافقة ثمرته المكنونة، حتى يصل الأمر بالحبيب إلى أنه لا يطلب، وتتحقق إراداته من محبو به.
2- ( تجاوز ) ومع الطاعة "تجاوز"الاثنان معًا ممتزجان ومعنى تجاوز الحبيب أنه لا يقف عند عيبه، ولا يكبّر شوكه، ولا يعظم ذنبه، ولا يوسّع تقصيره، ولا ينفش خطأه، بل يمر عليه دون اعتبار ولا يعيره بنظر أو انتظار[1].
الحب بين الزوجين:
1- حب من الله،
2- وحب في الله،
3- وحب العفة والستر،
4- وحب التوريث النظيف،
5- وحب الاستثمار
6- حب الجنة وحب جوار النبي صلى الله عليه وسلم
الجانب النفسي ( السكينة والطمأنينة (
السكينة: الرحمة
السكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث
السكينة: الوقار والطمأنينة والرزانة
السكينة: الألفة والارتياح

الجانب الجسدي ( العلاقة والمتعة الجنسية (
1- من حفظ فرجه إلا على زوجه ورث الجنة
2- من حفظ فرجه إلا على زوجه أكرم في الجنة
3- الإفضاء بين الزوجين سر يقتضى التحمل والتضحية.
4- إبداء الزنية في البيوت بين الزوجين تقوى وخارج البيوت لعنة ونقمة.
5- اللمسة والنظرة والقبلة بين الزوجين صدقة وعبادة.

الجانب الأخلاقي ( الدستور الأخلاقي بين الزوجين(
1- الستر والعفة [هن لباس لكم وأنتم لباس لهن]
2- المودة والرحمة
3- الاحترام والتقدير
4- التسامح والإيثار

الجانب العلمي الفكري (الارتقاء بمستوى التقارب الفكري(
1- رفع الكفاءات
2- مدارسة نافعة
3- القاعدة العمرية التي تجمع بين التعليم والكسب

الجانب الاجتماعي ( العلاقات الاجتماعية بين الزوجين(
1- حرص كل طرف على العطاء الكامل للحقوق المشتركة بين الزوجين
2- حرص كل طرف على العطاء الكامل لحقوق الأسرتين
3- الاستحضار الدائم لقدسية الزوجية عند الله
ü الزوجين في كل شيء {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذاريات : 49] }
ü الزوجية بهجة {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [قـ : 7]}
ü الزوجية كرامة {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [الشعراء : 7]}
ü الزوجية صحبة من أول الزمان {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }
ü الزوجية علاقة مقدسة ملعون من يمسها بسوء {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ [البقرة : 102]}
ü الزوجية بها قوام الاستمرار {حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ [هود : 40]}
ü الزوجية نعمة ومنة من الله {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى [النجم : 45]}
ü الزوجية طهارة { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة : 25]}
ü الزوجية مظهر لعظمة الله {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ [يس : 36]}
ü الزوجية حاجة حتى للأنبياء {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد : 38]}
ü الزوجية مصير مشترك سعيد في الدنيا والآخرة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ [الزخرف : 70]}

العنصر الثاني: كيف نقيس النجاح في جوانب السعادة في الحياة الزوجية.
أولاً: مهارات الانسجام مع الآخر والتوافق معه
1- تدريب

ثانياً: مهارات الحوار مع الآخر
1- الحوار
2- درجات الحوار
3- أساسيات الحوار بين الرجل والمرأة
4- مهلكات الحوار

ثالثاً: كيف يصارح الطرف الآخر في حياته
1- معرفة أنواع المصارحة الأربعة[2].
2- أسباب عدم المصارحة الزوجية [الزوج – الزوجة][3].
3- جلسة صفا، ساعة حب[4].
4- وجوب إبداء مشاعر الحب بصورة فعلية للطرف الآخر[5].
5- التصرف الحكيم للرسول : في حادثة الإفك[6].


رابعاً: كيفية تغير الطرف الآخر، سواء كان هذا التغيير سلوكي أو فكري.
1- تدريب
2- الهدف من التغيير

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

[1] فإن قال قائل: أين التقويم؟ قلنا له: يا هذا ليس من ذاق كمن عرف! وليس من عايش كمن سمع! الحبيبان ماء واحد يجرى في الشعور والوجدان، لا سرّ بينهما ولا خافية، إن دق قلب فرنّاته عند الآخر ، حيث الأرواح في خفقة واحدة ، والأفئدة في سير واحد ، لا تستطيع أن تقول اثنين ، وهل الماء إلا شيء واحد ؟! .


[2] للمصارحة الزوجية أربعة أشكال وأنماط ثلاثة منها إذا لم تدار بكفاءة وتمت بدون وعي من أحد الطرفين أدّى إلى جفاء في العلاقة الزوجية الذي بدوره قد يؤدي إلى مشاكل بين الزوجين قد تصل إلى الطلاق، وهي:
المصارحة المباشرة، 2- اللف والدوران 3- الصمت. 4- المصارحة بالحوار الهادئ وإخراج ما في النفس. وهذا هو الأهم.

[3] وذلك بعد إجراء دراسة ميدانية على 73 زوج وزوجة اتضح من خلالها أن مجموع أسباب عدم المصارحة أَحَد عَشَر سببا للطرفين ، أهمها: الدخل المادي عند الرجل ومشكلة الأهل عند المرأة ولكل من الطرفين وجهة نظر ، كما أن هناك حالات فردية تختلف باختلاف الرجال والنساء

[4] من أسباب استمرار العلاقة الدافئة بين الزوجين وجود ساعة محددة أسبوعيا إن أمكن يظهر كل من الطرفين مشاعره اتجاه الطرف الآخر، إما بعبارات حانية أو ما يحبه كل طرف في الطرف الآخر. وليكن ذلك إن أمكن على طاولة العشاء في مطعم أو خروج في نزهة خاصة لهذا الغرض يتفق عليه الطرفان.

[5] وشاهده قصة الرجل الذي أحبَّ رجلا ولم يخبره بذلك فألزمه النبي : بأن يخبره بذلك . ترى ماذا يكون مردود الطرف الآخر.!!!

[6] لقد التزم صلى الله عليه وسلم الصمت مع زوجته الطاهرة في هذا الموقف بل ولم يخبرها بما يشاع عنها ولم يحاول أو يجرب أن يتأكد من صحة الخبر منها مباشرة، حتى لما عاتبته لعدم إخبارها بما يشاع عنها لم يتكلم : بل اتخذ موقف الصمت.
ولنضع في الحسبان ثلاثة أمور:
1- تغليب حسن الظن. 2- أن أي شخص ناجح معرّض لمواقف قاسية الهدف منها تعطيل نجاحاته فعليه أن يعي ذلك جيدًا. 3- اقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف (الصمت ، الصبر).
 
إنضم
19 أغسطس 2008
المشاركات
15
التخصص
أصول الدين
المدينة
شرق فرنسا
المذهب الفقهي
مالكي
رد: من الدورات التي قدمتها

رد: من الدورات التي قدمتها

من الدورات التي قدمتها
الأبوة والأمومة إذا اتجهنا لشخصية الأب أو الأم


نتناول فيها العناصر التالية:

ü مفهوم الأبوة والأمومة
ü الأبوة والأمومة في الموروث الحضاري
ü علاقة الأبوة بالقوامة،
ü الأمومة والزوجة.
ü الأب والأم اللذان يريدهما الولد.
ü أب وأم لأول مرة.

مفهوم الأبوة والأمومة
1 - الآْبَاءُ جَمْعُ أَبٍ. وَالأْبُ الْوَالِدُ. وَهُوَ إِنْسَانٌ تَوَلَّدَ مِنْ نُطْفَتِهِ إِنْسَانٌ آخَرُ. وفي القرآن الكريم أن: "أ ب" جاء على أربعة أوجه: الجد . العم . الوالد _ الكلأ ( بتشديد الباء )
الأول: الأب بمعنى الجد، قوله تعالى في سورة الحج " ملة أبيكم إبراهيم " وقوله تعالى في سورة يوسف " واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحق ويعقوب "
الثاني: الأب بمعنى العم. فذلك قوله تعالى في سورة البقرة " قالو نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل " وإسماعيل كان عم يعقوب.
الثالث : الأب الوالد بعينه. فذلك قوله تعالى في سورة مريم " يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر" وقوله سبحانه في سورة الأنعام " لأبيه آزر " وقوله تعالى في سورة عبس " وأمه وأبيه "
الرابع : الأب - بتشديد الباء - : مرعى الأنعام قوله تعالى في سورة عبس " وفاكهة وأبا " أي مرعى الدواب والأنعام ويقال هو الكلأ . ويقال هو التبن .
2 – أما في كلام فقهاء الشريعة: يُسْتَعْمَل " الآْبَاءُ " بِمَعْنَى الْوَالِدِينَ الذُّكُور.

3- الأم: أُمُّ الشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ: أَصْلُهُ، وَالأْمُّ: الْوَالِدَةُ، وَالْجَمْعُ أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ، وَلَكِنْ كَثُرَ (أُمَّهَاتٌ) فِي الآْدَمِيَّاتِ (وَأُمَّاتٌ) فِي الْحَيَوَانِ، وفي القرآن الكريم أن: "أ م" جاءت على خمسة أوجه: الأصل . المرجع . الوالدة بعينها . المرضع .أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

الأول: الأم أي الأصل. ومنه قوله تعالى في سورة آل عمران { هن أم الكتاب} " أي اصل الكتاب ومثلها في الشروى" لننذر أم القرى " يعني مكة أصل القرى.

الثاني: الأم المرجع والمصير. ومنه قوله تعالى في سورة القارعة " فأمه هاوية " يعني مرجعه ومصيره.
الثالث: الأم الوالدة بعينها. ومنه قوله تعالى في سورة طه " فرجعناك إلى أمك " يعنى إلى والدتك وكقوله تعالى في سورة القصص " فرددناه إلى أمه .
الرابع : الأم يعني المرضع. ومنه قوله تعالى في سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " يعني حرمت عليكم مرضعتكم في الحولين.
الخامس: ( أمهات المؤمنين ) أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه قوله تعالى " وأزواجه أمهاتهم ".
4- أما في كلام فقهاء الشريعة: إِنَّ مَنْ وَلَدَتِ الإِْنْسَانَ فَهِيَ أُمُّهُ حَقِيقَةً، أَمَّا مَنْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَهُ فَهِيَ أُمُّهُ مَجَازًا، وَهُوَ الْجَدَّةُ، وَإِنْ عَلَتْ كَأُمِّ الأَْبِ وَأُمِّ الأُْمِّ، وَمَنْ أَرْضَعَتْ إِنْسَانًا وَلَمْ تَلِدْهُ فَهِيَ أُمُّهُ مِنَ الرَّضَاعِ.

كيف نشأ دور الأب ؟
وجه هذا السؤال لبائع بسيط فقال ببساطة: أن يكون متواجداً..
لم يستطيع لبساطته وقلة ثقافته أن يحدد دوراً واضحاً وواجبات معينة للأب رغم مرور 22 سنة علي كونه أباً لثلاثة أبناء ولكن إجابته كانت شاملة لكثير من المعاني، فالأب المتواجد بين أفراد أسرته يقوم بالكثير من الواجبات والأدوار.
تتباين آراء الرجال حول معني ومفهوم الأبوة ، فبعضهم يذهب إلي أن الأبوة تعني الإنجاب ، ويري آخرون أنها تعني الإنفاق المادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للأبناء ، فيما يضيف فريق ثالث إلي هذه الرؤى مفاهيم الرعاية والتكافل ومشاعر الحنان والعطف والاهتمام ..
إن التطور الاجتماعي لحياة الإنسان جاء بالتدرج فعندما كانت الحياة البشرية بسيطة جداً يعيش الإنسان معتمداً علي الأشجار والنباتات في غذائه وعلي العصا لحماية نفسه كان دور الأب والأم متماثل ولكن مع تطور أشكال الحياة والمهارات الجديدة المكتسبة أصبح دور الأب أكثر تعقيداً فهو المسؤول عن توفير الطعام للأسرة وتعلم مهارات جديدة لجلب تكاليف المعيشة لأسرته ونقل هذه المهارات إلي أبنائه وهذا دور هيأ الله سبحانه وتعالي الرجل لتحمله كما أنه هيأ المرأة بأن يكون لها دور ولادة الأبناء وتربيتهم ورعايتهم .
والأب هنا ليس فقط الممول والباحث عن الغذاء بل هو أيضاً مانع للقيم وهو دعامة المنزل صاحب القرار في أسرته .
[تدريب]

الأبوة والأمومة في الموروث الحضاري
فالأبوية تعني في عرفها اللغوي "حكم الأب"، وتعود في جذورها كمفهوم إلى الحضارة الرومانية، حيث كان رب الأسرة يملك السلطة المطلقة على كل من تحت ولايته من البنين والبنات والزوجات وزوجات الأبناء، وكانت هذه السلطة حكرًا على الرجال فقط، وكانت تشمل البيع والنفي والتعذيب، وكان رب الأسرة هو مالك أموال الأسرة وهو المتصرف فيها، وهو الذي يتولى تزويج الأبناء والبنات دون إذنهم أو مشورتهم .
ويمكن إدراك هذا التصور الاستبدادي لسلطة الأب داخل الأسرة من اشتقاق كلمة الأسرة Familia ذاته، حيث كان يعني عند الرومان الحقل والبيت والأموال والعبيد، أو التركة التي يتركها الأب والزوج للورثة، وبذلك كانت المرأة جزءًا من ثروة الرجل. لكن الإسلام عدل هذه السلطة فحولها إلى قوامة لها ضوابط وحدود.

علاقة الأبوة بالقوامة
أولاً: التعريف اللغوي، والفقهي:
فاللغوي: فالقوامة من: القيام، قال أهل اللغة : قام على الشيء أي حافظ عليه ورعى مصالحه، ومن ذلك القيِّم والله تعالى قيوم السماوات والأرض.
والفقهي: يقول الفقهاء: هي ولاية يفوَّض بموجبها الزوج بتدبير شؤون زوجته وبيته وكذلك الأب، والأخ والعم والخال والولي حسب سلم التقارب.
ثانياً: النصوص: الآيات التي تُثبت "القوامة"، هي قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء..." وقال سبحانه: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ... وللرجال عليهن درجة[1]"
قال ابن عباس رضي الله عنه: هذه الآية-الرجال قوامون إلخ- نزلت في بنت محمد بن سلمة وزوجها سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار، فإنه لطمها لطمة فنشزت عن فراشه وذهبت إلى رسول الله e.. فقال لها: اقتصي منه، ثم استدرك وقال: اصبري حتى أنظر، فنزلت هذه الآية: فقال النبيe أردنا أمراَ وأراد الله أمراَ والذي أراد الله خير. ورفع القصاص.
[تدريب]
ثالثاًً: فما هي العلاقة بين الأبوة والقوامة؟
تقدم معنا تعريف الأب بأنه: إِنْسَانٌ تَوَلَّدَ مِنْ نُطْفَتِهِ إِنْسَانٌ آخَرُ، ومن ثم يقوم بدوره في الرعاية وتحقيق الاحتياجات ويتلخص دوره في: القيام على شؤون الأسرة -الإنفاق وتوفير العيش الكريم- المشاركة والمتابعة والتقييم. فمنه يتعلم الأطفال: الشخصية-القوة- الأمن- الحكمة-السياسة- الشهامة. ومن خلاله يرتبطون بالعالم الخارجي عن طريق النسب وعن طريقه عمله وعلاقاته. والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته.
رابعاً: ما ذا قال فقهاء شريعة الإسلام في القوامة؟
قال ابن العربي[2]: الزوج قيم على زوجته، أي أمين عليها، يتولى أمرها ويصلح أحوالها، كما يقوم الوالي على رعيته. وقال ابن كثير: الرجل قيم على المرأة، أي رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت. وقال الزمخشري: إن الولاية تستحق بالفضل لا بالتغلب والاستطالة. وقال الجصاص: قيامهم عليهن بالتأديب والتدبير والحفظ والصيانة لما فضل الله به الرجل على المرأة في العقل والرأي، وبما ألزمه الله تعالى من الإنفاق عليها.
خامساً: نتعلم من خلال النصوص وتفسيرات المختصين لهذه النصوص أن:
القوامة معناها الإدارة والإمارة، نقول فلان قائم على الدار، أي مديرها..ومعروف في علم الإدارة أن المدير ليس بالضرورة أفضل ممن يديرهم فالمراد بالقوامة هنا قوامة رعاية وإدارة، وليست قوامة هيمنة وتسلط.
إن المتبع للنظام العام للشريعة يجد أن مفهوم الإدارة نظام معتمد في جميع المشاريع، وحتى في السفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم. ونلاحظ إن النص يقول: فليؤمروا أحدهم. وهذا يدل على أن الأمير ليس بالضرورة أفضلهم. إنما المهم أن يكون على مستوى تحمل المسؤولية، فإذا كان الشارع يحرص على أن لا يسير ثلاثة في طريق إلا ويحددوا مديرهم فهو بالتأكيد أشد حرصاً على تحديد المدير في مسيرة الأسرة.
فالقوامة إذن مسألة ذي شقين حق للرجل وواجب عليه، فهي ليست امتيازاً ولا تشرفاً له بل تكليفاً يتبعه شدة محاسبة الرب جل وعلا.
سادساً: حتى يتبين أنه الحق،
وردت صيغة "القوامة" في الاستخدام القرآني في ثلاثة مواضع، وليس في موضع واحد كما تقتصر معظم الكتابات التي تتناول المفهوم في آية "الرجال قوَّامون…"، بمعزل عن الآيتين الأخريين، حيث ورد اللفظ في قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم } (النساء:34)، وقوله: {يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} (النساء:135) ، وقوله: {يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط} (المائدة :8). فالقوامة إحدى صفات المؤمنين -رجالاً ونساء- وترتبط بالشهادة على الناس، وتعني القيام على أمر هذا الدين وفق الشرع، والالتزام بالعدل والقسط وهي صفة من صفات الله –سبحانه - التي يجوز من عباده التخلق بها إذ أنه "القيُّوم".

الأمومة والزوجة والأب والزوج
تقدم معنا في التعريف أن: الأم: الْوَالِدَةُ، وهي: أن مَنْ وَلَدَتِ الإْنْسَانَ فَهِيَ أُمُّهُ حَقِيقَةً، وَمَنْ أَرْضَعَتْ إِنْسَانًا وَلَمْ تَلِدْهُ فَهِيَ أُمُّهُ مِنَ الرَّضَاعِ.
وفي القرآن الكريم أن: "أ م" جاءت على خمسة أوجه: الأصل. المرجع. الوالدة بعينها. المرضع. أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

فالأمومة: هي الكلمة التي تجمع جميع المناهج التربوية التي نسلكها مع أبنائنا، ولكن القليل منا فقط من يعرفن حقيقة الأمومة ودرجة تأثيرها على الأبناء.

أما تعريف الأب في الشريعة هو: الرجل الوالد بعينه،
وفي القرآن الكريم أن:"أ ب" جاء على أربعة أوجه: الجد. العم. الوالد. الأبّ( بتشديد الباء ) الكلأ
[تدريب]
دور الأم الزوجة في الأسرة:
دورها، القائمة على تنفيذ شؤون الأسرة المعلومة شرعاً أو عرفاً أو المطلوبة من رئيس الأسرة[3] - تقديم حق زوجها على نفسها - رعاية زوجها وخدمة مملكتها - رعاية أطفالها حضانة وتربية. فمنها يتعلم الأطفال: استعمال قدراتهم العملية، ومنها يتعلم الأطفال: الصفات الإنسانية، كحب أفراد الأسرة وخدمة الزوار والأقربين واحترام الجيران ومساعدة المحتاجين وخدمة الآخرين. ومنها يكتسبون: حسن الأداء وفن التنفيذ وجمال الأشياء وطرق الإبداع وحسن التنظيم. ومن حكاياتها لهم ومحاورتها إياهم يربطون واقعهم بواقع من سبقهم، ومنها يقدر الأطفال دور الأب أو يهينونه. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها فالأم مدرسة الأجيال في كل المراحل.

الأب والأم اللذان يريدهما الولد.
أول ما يبحث عنه الأبناء هو الأب والأم وولي الأمر الذين اتخذوا عبادة الله عز وجل نبراساً لهم في تربية أبنائهم يبحثون عن الأب الذي يراعي الله عز وجل في كسبه لرزقه وعن الأم التي تتق الله في تربية أبنائها وولي الأمر الذي يبدع في تعليم أبنائه كتاب الله وشرعه .
فكم يسعد الأبناء صلاح الآباء ورؤيتهم في المساجد ومشاركتهم إقامة الصلوات وإيداع الزكوات وإحياء نهار رمضان بالصوم وليلة بالقيام، بل ومصاحبتهم في رحلة العمرة والحج.

الصدق والأمانة وكرامة اللسان وأخلاق الرسول صلاة الله عليه وسلامه يشتاق الأبناء أن يتحلى آبائهم بها لذا من أهم ما يرجوه الأبناء هو الالتزام بدين الله عز وجل، دين الإسلام وطاعة الله والرسول صلي الله عليه وسلم، وكذلك خلق كريم كما وصفه الله عز وجل ( وإنك لعلي خلق عظيم ) ولا نغفل عن الوالد الخدوم الذي يقدم أبناءه عليه ويقضي حاجتهم قبل حاجاته.

إذا نقول الأب والأم العابدة هي أول صفة يحبها الأبناء في آبائهم ، فهيا بنا جميعاً نحقق لابنائنا ما يرجون نكسب لذلك :
- رضي الله عز وجل .
- اتباع الرسول صلي الله عليه وسلم .
- حسن تأديب الأبناء .
- القدوة الحسنة لهم .
- الطاعة والاقتداء من الأبناء .
- السعادة في الدنيا والآخرة .

بفضل الله إذا كنت مستعداً فقيم نفسك وضع أعمالك في الميزان ، ثم ضع برنامجاً به تعدل سلوكك الديني لتحسن العلاقة مع الله عز وجل وتكن إن شاء الله العابد الناجح والقدوة المؤثرة ، والأب والأم الذي أريد .
[تدريب]

أب وأم لأول مرة.

أربعة أسباب كانت وراء زواجنا؟ وأهداف أربعة من أجلها نعيش مع بعضنا، ورأس مال هو سر حياتنا.
هذه الأسباب هي[4]:

أ_ العفاف: فالعفاف هو: التحصن من الشيطان، وكسر التوقان، ودفع غوائل الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج. ولا يتحقق العفاف بهذا الشكل إلا بحسن العلاقة الزوجية،[الهدف] فهي روح الأسرة وبها يحصل الإنعاش في كل منتجات الأسرة وتتحقق بأسباب ثمانية:
1- القدرة على التفاهم بين الزوجين وتبادل الحديث والمعلومات.
2- العاطفة وإخراج المشاعر.
3- التسامح والعفو.
4- الصدق والوضوح.
5- الرقة والدلال.
6- الاعتماد على الشخصية وتحمل المسؤولية.
7- الفكاهة والمرح.
فإن النفس ملول، وهي عن الحق نفور، لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها حجمت وثابت، وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قَويت، ونشطت، وفي لاستئناس بالنساء من الاستراحة، ما يزيل الكرب، ويروح القلب، ولذا قال تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم21]. فالمراد بالسكن في الآية: استقرار النفس وراحة القلب.
ب- التناسل: فالله سبحانه وتعالى خلق الشهوة في الرجل والمرأة كقوة دافعة، وقاهرة في كلا الطرفين كي تكون سبباً تجعل كلاًّ منهما يتطلع إلى لقاء الآخر بوازع طبيعي قاهر. وتلك هي الحكمة الإلهية التي اقتضت ربط المسببات بالأسباب، مع الاستغناء عنها، إظهاراً للقدرة، وإتماماً لعجائب الصنعة، وتحقيقاً لما سبقت به المشيئة وحققت به الكلمة. يقول الجاحظ رحمه الله: جعل الله عٍشْق النساء داعية للجماع، ولذَّة الجماع سبيلاً للنسل، والرقة على الولد عوناً في التربية والحضانة. ولا تتحقق المهمة إلا بالتكوين والتربية وبناء فريق عمل [الهدف]حتى يستمر عملكما بعد موتكما إن كان أولادكما صالحين مصلحين، وهم كذلك إن شاء الله.

ج- التعاون والتكامل: فتفريغ القلب عن مشاغل تدبير المنزل، والتكلف بشكل الطبخ، والكنس، والفرش، وتنظيف الأواني، وتهيئة أسباب المعيشة، وحضانة الأطفال، خدمة عظيمة[الهدف] من الزوجة الصالحة، لزوجها وأولادها وسكان مملكتها، ولذلك فسر بعض المفسرين قوله تعالى:{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}[البقرة 201] بالزوجة الصالحة.
ومجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية والقيام بحقوق الزوجة، والصبر على أخلاق النساء واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين ورضا رب العالمين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن، خدمة عظيمة[الهدف] من الزوج الصالح لزوجته. فمقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله. فالتضحية بالذات لمصلحة الطرف الآخر، سعياً لمرضاة الله[5].

د- العبودية الاختيارية لله رب العالمين. فالسعي لإسعاد الأسرة، وتحمل معاناة الأطفال، تكويناً لشخصيتهم، وإنباتهم نباتاً حسناً. تنمية واستثمار بنيل الأجر العظيم،[الهدف] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..من الثلاث: ولد صالح يدعو له] أو كما قال. وثق تماماً، أن الله عز وجل سيبارك لك هذا الجهد إن كان خالصاً لوجهه الكريم، وكان صواباً موافقاً للدين وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.

ولكن مهلاً: لا بد أن تعلما أن رأس مال الحياة الزوجية هو: الحب، منه الإنفاق، وهو مادة التعامل، وهو حب في الله وفي مرضاته، وما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل، ومن منطلق الإيمان والحب في الله تكون الحياة الزوجية المشروعة للزوجين، هي واجبات لله قبل أن تكون واجبات لأحد الزوجين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

[1] الآية تقرر أن الحقوق والواجبات متبادلة بين الطرفين، النساء لهن من الحقوق مثل الذي عليهن من الواجبات (وللرجال عليهن درجة) لها تفسيران، تفسير الإمام الطبري يقول: أي أن الرجال مطالبون بالأعباء والتكاليف أكثر من المرأة، وتفسير آخر يقول: أن الدرجة المقصود بها هنا درجة القوامة على الأسرة، المسؤولية عن الأسرة، درجة الرجال يشير إليها قوله تعالى (الرجال قوَّامون على النساء)، فالرجل هو المسؤول عن الأسرة أي درجة المسؤولية عن الأسرة.

[2] ابن العربي في أحكام القرآن: ج،1/30-والزمخشري في الكشاف:10/523- وابن كثير ج، 491. والجصاص في تفسيره للآية.

[3] فالتخطيط من الأب والأم بطرح الأفكار ومناقشتها عن طريق الحوار والمشورة والتناصح وقدرة المنفذين.
ورئيس قسم التخطيط العائلي وإليه يرجع قرار اعتماد الخطة الأب.
أم الأم تشارك في الخطة بطرح الأفكار والتحاور والتناصح وإليها يرجع الأمر في تحديد قدرة وطبيعة فريق العمل في الأسرة لأنها هي المسؤولة التنفيذية فيها وهي المتفرغة لإدارة شؤونها عملياً.

[4] جاء في الحديث ثلاث حق على الله أن يعينهم منهم: ناكح يريد العفاف. وجاء في الحديث: تناكحوا تناسلوا. وجاء في كتاب الله: وتعاونوا على البر والتقوى. وجاء في الحديث: ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. وقال تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله.

[5] يقول العلامة حبنكة الميداني في كتابه القيم: [الأخلاق الإسلامية وأسسها ج،1/31] إننا نلاحظ أن أحكام نظام الأسرة وحقوق أفرادها قائمة على مبدإ التعاون بين أفرادها، وتوزيع المسؤوليات وفق مصالح الجماعة التي تتوزع بالتالي على الأفراد، كل بحسب استحقاقه، وبحسب وظيفته الطبيعية. والتعاون مبدأ أخلاقي يخفف من غلواء الأنانية الشخصية.
 
إنضم
19 أغسطس 2008
المشاركات
15
التخصص
أصول الدين
المدينة
شرق فرنسا
المذهب الفقهي
مالكي
رد: من الدورات التي قدمتها

رد: من الدورات التي قدمتها

الدورة الثالثة

ü ممارسة الأبوة والأمومة
ü الابن الذي نريد والبنت الذي نريد
ü علاقتنا الزوجية مدرسة لأبنائنا
ü أسلوب إدارتنا لشؤون البيت خبرة لأولادنا
ü علاقتنا الأسرية توريث حضاري واجتماعي لأولادنا.
ü لكل مرحلة لها أسلوب خاص " الطفولة"اليافع"المراهق"الشبيبة"


مدخل للتذكير والبناء

تعملنا في الدورة الأولى: أن القرآن أطلق الأبوة على كل من الوالد والجد والعم، وأطلق الأمومة على كل من الوالدة، والمرضعة وأصل الشيء، والمرجع والمصير، وأزواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وعرفنا بأن دور الأبوة أصبح أكثر تعقيداً فهو المسؤول عن توفير الطعام للأسرة وتعلم مهارات جديدة لجلب تكاليف المعيشة لأسرته ونقل هذه المهارات إلي أبنائه وهذا دور هيأ الله سبحانه وتعالي الرجل لتحمله، فالأب هنا ليس فقط الممول والباحث عن الغذاء بل هو أيضاً مانح للقيم وهو دعامة المنزل صاحب القرار في أسرته. جاء في الهدي النبوي: والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته.

كما تعلمنا أن الأمومة: هي الكلمة التي تجمع جميع المناهج التربوية التي نسلكها مع أبنائنا، ولكن القليل منا فقط من يعرفن حقيقة الأمومة ودرجة تأثيرها على الأبناء. فهي: القائمة على تنفيذ شؤون الأسرة المعلومة شرعاً أو عرفاً أو المطلوبة من رئيس الأسرة - تقديم حق زوجها على نفسها - رعاية زوجها وخدمة مملكتها - رعاية أطفالها حضانة وتربية. فمنها يتعلم الأطفال: استعمال قدراتهم العملية، ومنها يتعلم الأطفال: الصفات الإنسانية، كحب أفراد الأسرة وخدمة الزوار والأقربين واحترام الجيران ومساعدة المحتاجين وخدمة الآخرين. ومنها يكتسبون: حسن الأداء وفن التنفيذ وجمال الأشياء وطرق الإبداع وحسن التنظيم. ومن حكاياتها لهم ومحاورتها إياهم يربطون واقعهم بواقع من سبقهم، ومنها يقدر الأطفال دور الأب أو يهينونه. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها

العنصر الأول: ممارسة الأبوة والأمومة

قال أحد الأبناء لأصدقائه: أشعر أنني عصبي للغاية والسبب في ذلك يرجع إلى والدي.. الذي إذا خاطبته بكلمة ردها لي بعشر كلمات وإذا سألته سؤالاً أجابني بمحاضرة. أجابه صديقه قائلاً: احمد الله أن والدك يرد عليك.. فوالدي موسمي في كلماته، وإذا نطق فلا تتجاوز كلماته "نعم"و"لا" و"صح" و"خطأ"
هذا الحوار يوضح ما قد يعانيه الأبناء من سوء استخدام الأباء للحوار أو عدم معرفة الأسلوب الصحيح للحوار‍‍!!
فهناك أنواع من الحوارات من بعض الأباء تحول حياة الأبناء إلى كابوس من التعاسة، وهناك أيضاً منها ما يحمل من المتعة والاستفادة ما يسعد الأبناء، وهذا النوع الذي ندعو إليه دون الآخر:

1- الأوامر: LES ORDRES
تخيل ولي الأمر يأمر ابنه: افعل هذا ولا تفعل هذا.. لا ترد على الهاتف.. لا تكلم فلاناً.. إلى آخر هذا الأوامر اليومية التي تكون مثل السهام المنطلقة إلى صدر وعقل الابن.
إذن متى نستخدم الأوامر؟ وكيف؟
نستخدمها في الأمور التي ليس فيها وجهات نظر ولا تقبل اختلافاً في الرأي مثل: ميعاد النوم، أو ما يتعلق بشهادته الدراسية، أو القيام للصلاة..
نستخدمها في الأمور الخطرة التي قد تنجم عن سلوك ما لابنك، وترى بخبرتك الكبيرة أنها قد تجلب إليه الأخطار، فتستخدم الأمر لمنع هذا الخطر. تستخدم هذه الأوامر بصورة حسنة يتقبلها الابن.

2- التوجيه: LES DIRECTIVES
من الآباء من يستخدم التوجيه بصورة مستمرة ولمدة طويلة، ومنهم من لا يوجه بتاتاً وكلا الصفتين على خطأ. إذن متى نستخدم التوجيه؟
ا- عند التنبيه: تمر بالابن كثير من المخاطر المتعلقة بالدراسة والحياة الشخصية والأصدقاء، وهنا لا مانع من التوجيه في شكل جمل توجيهية قصيرة بحيث لا تزيد الجملة عن خمس كلمات.
ب- عند التصحيح: فعندما يخطئ الابن في السلوك بلفظة أو حركة فنستخدم التوجيه.
ج- عند النصح: سواء كان النصح مباشراً أو غير مباشر، ويمكن توجيه النصح المباشر لمن هم في عمر الخامسة إلى التاسعة، لكن بعد سن التاسعة نستخدم التلميح والتنويه.

3- التعاطف، LES SENTIMENTS والتعاطف له شقان:
الأول، مشاعر بلا حقيقة، مثلاً: إذا أتى الطفل شاكياً وباكياً من مدرسه الذي عاقبه.. فإن أمه تحتضنه وتبدأ في لوم المدرس دون أن تسمع الحقيقة وتتوعد أنها ستذهب لتؤدب هذا المدرس، وهذا التعاطف هو تعاطف سلبي.

والثاني، حقيقة بلا مشاعر، مثلاً: عند ما يكون التعاطف فقط حقيقة دون مشاعر.. هنا تستمع الأم للحقيقة دون أن تشارك الابن أي مشاعر لا بالإيجاب ولا بالسلب، وهذا النوع هو أيضاً سلبي.

إذن متى يكون التعاطف إيجابياً؟ عند ما تخفف بتعاطفك الضغط النفسي عن الابن يكون تعاطفاً إيجابياً ويحتاج هذا منك استيعاب الموقف والاستماع إلى ملابسات الحادثة وطرح الحلول التي من شأنها أن تخفف من هذا الضغط النفسي.

وأيضاً يمكنك أن تستخدم التعاطف للإعلان عن حبك لأبنائك.. فكلمة مثل"أنا أحبك" أو"مشتاق إليك" أو فرك الشعر والتقبيل والاحتضان كلها تعد حوارات تعاطفية سواء كانت لفظية أو حركية..وننصح الآباء أن يمارسوها مع أبنائهم مهما كبر سن الأبناء.

4- الرواية: LE RECIT
بعض الآباء يتكلمون أحياناً أو دائماً بصورة مبالغ فيها فيمل الأبناء من حديثهم، على الرغم من أن الكلام ملئ بالروايات والقصص، ولكن بسبب طول الحديث يبدأ الأبناء بالملل والإشاحة بوجههم بعيداً أو تظهر منهم حركات أخرى باليد أو القدم تدل على مللهم من الحديث، ومثال ذلك: ابن قبل خروجه من المنزل توجه إلى أبيه يقبل رأسه ويسأله سؤالاً عابراً: يا أبي هل كنتم قديماً تذهبون للمسجد سيراً على الأقدام أو بالسيارة؟ فالأب بدلاً من أن يجيبه بإحدى الإجابتين بدأ بحكاية طويلة امتدت لساعة وأكثر عن كيفية الحياة في الماضي والمطر والسيول والحياة البدوية ولم يعبأ بملاحظات ابنه المستمرة أنه متعجل للخروج، والأب يطالبه بالانتظار، حتى ضاق الابن ذرعاً بحديث والده.
ومثال آخر: فتاة اتصلت تقول: لقد أصابتني محاضرات أبي بالاكتئاب وأبعدتني عنه حتى أنني انعزلت في غرفتي الخاصة.. ووجدت ضالتي في الاتصال هاتفياً بشباب وفتيات لا أعرفهم، وكل همي أن أتحدث مع أحد يفهمني ولا يرهقني!

إذن متى وكيف نستخدم الرواية؟ استخدام الرواية يكون بشكل محدد وفي وقت مناسب للابن، فليسأل الأب ابنه هل عند وقت؟ أو هل تود سماع الحكاية الفلانية؟ وإن لم يكن عندك وقت نؤجل الحكايات لوقت اجتماع الأسرة أو أثناء ركوب السيارة في طريقنا للمدرسة أو قبل الذهاب للنوم.

5- حوار 18 DIALOGUE N°
قد تتعجبون من عنوان الحوار لأنه رقم المطافئ في فرنسا، والمقصود أن هذا النوع من الحوار قد يسبب الاتصال بالنجدة! فعندما يتحكم الأب أو الأم في شخصية أبنائهم حتى في اختيار ملابسهم وألوانها.. وطرق لبسها.. هذا النوع من التحكم الكامل في الابن يؤدي إلى إعدام كامل لشخصية الابن.

ومثال آخر: أم تقول: إذا دخلت ابنتي حجرتها ومكثت فيها ساعة أفتح عليها الباب فجأة.. وعند ما سألتها عن السبب قالت: أريد أن أعرف ما ذا تفعل لوحدها؟!

إذن أسلوب التحكم مرفوض؟ علينا كآباء أن نعطي الابن المعلومات اللازمة ليستطيع أن يختار في شؤونه الخاصة ويكون اختياره صحيحاً..
وهناك بعض الحالات التي نسمح فيها باستخدام أسلوب التحكم الكامل.. وذلك عند ما يكون الابن مختلاً أو مجنوناً، فلا يمكن عندها أن نتركه لقراراته الشخصية.. وأيضاً المريض الذي يحتاج للتحكم في الأوقات والجرعة، ثم المدمن للسجائر أو المخدرات، فيحتاج إلى تحكم خاص حتى يصل إلى بر الأمان.

6- الأحكام: LES OBLIGATIONS
ما نلاحظه في علاقات الأباء بالأبناء هو إصدار الأحكام مثل يجوز أو لا يجوز.. خطأ..صح..

إذن متى نستخدم أسلوب الأحكام؟ نستخدمها في قضية مثل التعليم.. فيجب على ولي الأمر أن يعلم أبناءه القضايا الشرعية وأحكام السنة.. فيقول: يجوز فعل هذا الأمر، أو لا يجوز فعله. أو يقول: هذا حرام، أو هذا حلال،هذا منبوذ، هذا مباح. وتكون تلك الأحكام في وقت التعليم كحلقة قرآنية أو جلسة عائلية..هذا الأمر مطلوب وممدوح ونود أن يعم الأسر ويقوم به الوالدين.

كما نستخدم الأحكام أيضاً في فض الخلافات التي قد تحدث بين الأبناء.. فإذا اعتدى أحد الأبناء على أخيه فيحكم هنا الأب أو الأم في موضوع الخلاف وهذا مطلوب.

7- حوار التجاهل: LA PASSIVITE
قد تندهش وتقول: هل هذا حوار؟ نعم فالحوار قد يكون لفظياً أو حركياً، مثل إشارة تدل على معنى حواري معين. والتجاهل نوعين:
الأول هو الانشغال، أي ينشغل الأب أو الأم عن الأبناء أثناء الحوار مع أحدهم.. كأن يسأل الابن سؤالاً والأب مشغول على مكتبه، فيوحي لابنه بإكمال حديثه دون الانتباه له، وهذا النوع من التجاهل يسبب حرقة وضيقة عند الأبناء ونحن نرفض هذا الحوار والتجاهل السلبي.
والثاني: هو التجاهل المقصود أي في أوقات معينة لكي يعطي ولي الأمر الابن فرصة لكي يقرر أو يجرب موقفاً ما، فيتعود الابن أن يعتمد على نفسه فلا مانع أن يستخدم الأب هذا التجاهل وهو يراقب من بعيد لكي يحمي ابنه من الوقوع في المشاكل.

وكذلك يتجاهل الأب عمداً عند ما تكون هناك عدة بدائل للابن يستطيع اختيار أي منها. أو عند التصحيح فإذا أخطأ الابن ووجهه الأب، فلا بأس أن يعطيه فرصة للتجربة مرة أو اثنتين، لأنه من الصعب أن يتغير في لحظة واحدة.

إذاً باختصار نسمح بالتجاهل إذا كان مقصوداً وبوعي كامل من الأب أو الأم، أو عند وجود عدة بدائل، أو عند التصحيح أو الرغبة في التغيير.

8- الإعداد النفسي: PREPARATION PSYCHOLOGIQUE
هو أن تستخدم الأساليب النفسية السهلة خاصة مع وجود مشاكل أو رغبة الأب في تغيير سلوك معين عند الابن أو الابنة، اذكر هنا حديثين للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أولهما لأحد الصحابة وهو من الغلمان والذي يروي أنه عند ما كان يأكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم كانت يده تطيش في الصحفة.. أي يأكل من أكثر من مكان في صحن الطعام، فوجهه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قائلاً: يا غلام.. سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك.

ناده الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً" يا غلام" أي باسم محبب له، فلم يصغر اسمه ولم ينهره.. وقوله: "سم الله" هو تنبيه للغلام أن يستمع لشيء مهم وهو نوع من الإعداد النفسي ليوصل الرسالة له أن يأكل بيمينه ومما يليه ولم يحاول أن ينهره أو يعنفه.

مشهد آخر: جاء شاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إذن لي بالزنا، فقام الصحابة وزجروه.. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ادن مني.. وجلس عنده الشاب فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله: أتحب هذا لأمك؟ لأختك؟ لعمتك؟ وفي كل مرة يجيب الشاب لا والله يا رسول الله، حتى انتهت هذه الأسئلة وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدر الشاب ودعا الله: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه.. فقال الشاب: ما قمت من تلك الجلسة إلا وكان الزنا أبغض الأشياء إلى قلبي.
فالرسول عليه السلام لم ينهر هذا الشاب، ولم يفاجئه بالمطلوب بل هيأه وأعده وبعدها أعطى الرسالة له.

من الإعداد النفسي أن نستخدم أسلوب الاسترخاء البدني خاصة عند ما يكون الابن في حالة شد عصبي أو بدني، فيكون التوجيه صعباً والإقناع، ولكن عند ما يسترخي الابن يكون ذهنه صافياً ومستعداً لأن يسمع ويناقش، وهنا يجدر استخدام الأسلوب الإيماني مثل: أنت إنسان طيب وإنسان مثالي ومؤدب وغيرها من الصفات التي توحي فعلاً للابن أنه يحمل هذه الصفات فيبدأ في التغير للأفضل.

9 – حوار البيضة: LE DIALOGUE DE L'OEUF
نعني البيضة هي بيضة الدجاجة أو الطائر ولكن ما المقصود هنا؟ نقصد الأوقات التي يختارها الابن للدخول في البيضة بمعنى أنه يرفض التحدث والاستماع ويمتنع أن يشارك أحداً من الأهل في أي حديث… والسؤال الآن هل نسمح للابن بهذا التقوقع والانعزال داخل البيضة؟! هل نسمح له بالانغلاق داخل غرفته لمدة يوم أو يومين.

الإجابة تقول: أحياناً نعم.. خاصة في مرحلة الشباب الأولى حيث تكون هناك ضغوط نفسية تتعلق بالدراسة والأصدقاء أو مشاكل اجتماعية.. فيحتاج الشاب في هذه المرحلة أن يخلو بنفسه.. والمطلوب من ولي الأمر أن يسمح لابنه بهذه الأوقات على ألا تزيد عن ساعة أو ساعتين في اليوم لمدة يوم أو يومين في الأسبوع، لأنها إذا زادت عن ذلك تصبح حالة نفسية تحتاج لعلاج.

وأنصح الأب أو الأم لإخراج الابن من عزلته بدخول الغرفة على الابن وبطريقة غير مباشرة يحاولان بدأ الحديث معه، وهذا إذا سمح لهم الابن، وبالمصارحة والحديث، وإن لم يرغب فعلى الوالدين أن يؤجلا الحديث لوقت آخر يكون الابن فيه أكثر استعداداً.

ولا مانع من أن تترك لابنك بعض لحظات مع نفسه ليقرأ مجلة أو كتاباً أو يكتب مذكرات أو شعراً فلا تخف من أن يغلق ابنك الباب عليه لبعض الوقت قليلاً.

والآن ما هو المعيار؟ كيف أعرف أن هذه البضة إيجابية أو سلبية؟
باختصار شديد إذا كان الابن سليماً وأموره الدراسية سليمة والاجتماعية طيبة وعلاقته بأخوته طيبة ويطلب شيئاً من العزلة فلا بأس،
ولكن إذا كانت شهيته في الأكل ضعيفة.. ودرجاته الدراسية منخفضة وانقطعت علاقاته الاجتماعية وساءت مع إخوته.. هنا يجب علينا الانتباه والتعرف على السبب ولا مانع من أن نتجه للأخصائي النفسي ليقدم لنا الاستشارة اللازمة لعلاج الابن.

الأب والأم: هذه هي الحوارات التسع- الأوامر- التوجيه – التعاطف- الرواية- رقم 18 – الأحكام- التجاهل – الإعداد النفسي- التقوقع في البيضة.
ولعلك تسأل أيهما أفضل؟ والجواب أن تستخدم الجميع في الوقت المناسب هو الأفضل.


العنصر الثاني: الابن الذي نريد والبنت الذي نريد

مدخل للتذكير بما سبق في الدورة الأولى:
أول ما يبحث عنه الأبناء هو الأب والأم وولي الأمر الذين اتخذوا عبادة الله عز وجل نبراساً لهم في تربية أبنائهم يبحثون عن الأب الذي يراعي الله عز وجل في كسبه لرزقه وعن الأم التي تتق الله في تربية أبنائها وولي الأمر الذي يبدع في تعليم أبنائه كتاب الله وشرعه .
فكم يسعد الأبناء صلاح الآباء ورؤيتهم في المساجد ومشاركتهم إقامة الصلوات وإيداع الزكوات وإحياء نهار رمضان بالصوم وليلة بالقيام، بل ومصاحبتهم في رحلة العمرة والحج.

الصدق والأمانة وكرامة اللسان وأخلاق الرسول صلاة الله عليه وسلامه يشتاق الأبناء أن يتحلى آبائهم بها لذا من أهم ما يرجوه الأبناء هو الالتزام بدين الله عز وجل، دين الإسلام وطاعة الله والرسول صلي الله عليه وسلم، وكذلك خلق كريم كما وصفه الله عز وجل (وإنك لعلي خلق عظيم) ولا نغفل عن الوالد الخدوم الذي يقدم أبناءه عليه ويقضي حاجتهم قبل حاجاته.

تعلم أن: ابنك مثل ما تراه يكون
المشاعر والتوقعات السلبية منها أو الإيجابية نحن الذي نزرعها في نفوس أبنائنا، وذلك من خلال عباراتنا في الحديث إليهم، أو المواقف التي نمارسها كردة فعل على تصرفاتهم.
احرص على فهم عباراتك قبل توجيهها للأبناء، فربما دفعتهم نحو التوقعات السلبية، فزادت المشكلة تعقيداً، وراقب أحكامك قبل أن تنفذها عليهم، فإن تنفيذ الأحكام شيء مختلف تماماً عن إصدارها.
ساعد ابنك ليرى نفسه بالصورة التي تحبها فيه.

فماذا نريد من الابن والبنت وهل في تربيتهما اختلاف للاختلاف الجسدي والعضوي بينهما؟
1. الابن: نريده، -ذا علاقة طيبة مع من حوله- باراً بوالديه..- ذا شخصية قوية مع نفسه- صاحب شرف وعفة وكرامة - قادراً على اكتساب حياته من داخله- زوجاً خبيراً بالحياة الزوجية- أباً فيه كل صفات القدوة لأبنائه وبناته- قائداً يحرك نفسه وأسرته- مصلحاً ربانياً في مجتمعه- نريده مبدعاً في أمته.
2. البنت: نريدها، -ذا علاقة طيبة مع من حولها -بارة بوالديها..- ذات شخصية قوية مع نفسها صاحبة شرف وعفة وكرامة - زوجة خبيرة بالحياة الزوجية- أماً فيها كل صفات القدوة لأبنائها وبناتها- قائدة تحرك نفسها وأسرتها- مصلحة ربانية في مجتمعها، مبدعة في تربية أبنائها.

الاختلاف الجسدي والعضوي بين الطرفين له دور في الاختلاف النفسي لا محالة، فكل من الابن والبنت مختلفان في: التفكير، في النظر، في السماع، في الكلام، في الشعور، في استعمال اليد، في استعمال القدم، في التعبير عن الشخصية، في الحوار والإصغاء. مما يتطلب التدريب من طرف الوالدين على إدراك طرق الاستعمال، والتعامل مع كل جنس حسب تكوينه النفسي والدور المطلوب منه في المستقبل.

لذا قال علماء المقاصد والتربية: إن العلم الذي تطالب به المرأة تجري برامجه على مثل ما جرت عليه برامج تعليم الرجال وتختص المرأة بتعليم ما يثقف من معاني فطرتها ما لم يكن مثله للرجال وكذلك القول في برامج تعليم الرجال. بمعنى: أن الابن تقوى فيه صفات الرجولة، الكسب، الحماية، الشخصية، القيادة، الحكمة، التخطيط، حل المشاكل، الشجاعة، الاعتماد على النفس والتعاون مع الآخرين.. أما البنت تقوى فيها صفات الجمال، الملامح، الحنان،الحب، الخدمة، الشرف، العفة، حب الولد..

العنصر الثالث: علاقتنا الزوجية مدرسة لأبنائنا
من أهم أسباب الزواج: العفاف: فالعفاف هو: التحصن من الشيطان، وكسر التوقان، ودفع غوائل الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج، ولا يتحقق العفاف بهذا الشكل إلا بحسن العلاقة الزوجية.
فهي: روح الأسرة وبها يحصل الإنعاش في كل منتجات الأسرة وتتحقق بأسباب ثمانية:
1- القدرة على التفاهم بين الزوجين وتبادل الحديث والمعلومات.
2- العاطفة وإخراج المشاعر.
3- التسامح والعفو.
4- الصدق والوضوح.
5- الرقة والدلال.
6- الاعتماد على الشخصية وتحمل المسؤولية.
7- الفكاهة والمرح.
8- الاستئناس
فالنفس ملول، وهي عن الحق نفور، لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها حجمت وثابت، وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قَويت، ونشطت، وفي لاستئناس بالنساء من الاستراحة، ما يزيل الكرب، ويروح القلب، ولذا قال تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم21]. فالمراد بالسكن في الآية: استقرار النفس وراحة القلب.
فصفة الزوجين تبقى قائمة والاستمتاع بها مطلب شرعي ولها فوائد ترجع بالخير على الزوجين كما ترجع بالخير على الأولاد فمن خلالها يلاحظان التوافق والتلاحم ونور الحب فيسعى كل واحد أن يأخذ أفضل ما يحب من والديه.

العنصر الرابع: أسلوب إدارتنا لشؤون البيت خبرة لأولادنا
فمجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية والقيام بحقوق الزوجة، والصبر على أخلاق النساء واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين ورضا رب العالمين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن، خدمة عظيمة من الزوج الصالح لزوجته، فمقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله، فالتضحية بالذات لمصلحة الطرف الآخر، سعياً لمرضاة الله[1] استثمار عظيم.

وتفريغ القلب عن مشاغل تدبير المنزل، والتكلف بشكل الطبخ، والكنس، والفرش، وتنظيف الأواني، وتهيئة أسباب المعيشة، وحضانة الأطفال، خدمة عظيمة من الزوجة الصالحة، لزوجها وأولادها وسكان مملكتها، ولذلك فسر بعض المفسرين قوله تعالى:{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}[البقرة 201] بالزوجة الصالحة، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا) : أَيْ: خَمْسَ صَلَوَاتِهَا فِي أَوْقَاتِ طِهَارَتِهَا، (وَصَامَتْ شَهْرَهَا) : أَيْ: شَهْرَ رَمَضَانَ أَدَاءً وَقَضَاءً (وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) : أَيْ: مَنَعَتْ نَفْسَهَا عَنِ الْفَوَاحِشِ (وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا) : أَيْ: زَوْجَهَا فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الطَّاعَةُ (فَلْتَدْخُلْ) : أَيِ: الْجَنَّةَ (مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ) : إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ دُخُولِهَا وَإِيمَاءٌ إِلَى سُرْعَةِ وُصُولِهَا وَحُصُولِهَا (رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ).
جاءت عَمَّة حُصَيْنِ بْن مِحْصَنٍ إلى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَقَضَى لَهَا حَاجَتَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَذَاتُ بَعْلٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ قَالَتْ: مَا آلُوَهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: فَانْظُرِي كَيْفَ أَنْتِ لَهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"[2].

من أين تستمد الأسرة قانون العلاقة بين أفرادها؟
· لا شك أن الجهة التي تقرر الحقوق والواجبات هو اللــــــه جل جلاله.
· ولا بد أن استعمال هذه الحقوق وفعل الواجبات يكون وفقاً لما شرعه الله تعالى.
· وأن يكون القصد من استعمال هذه الحقوق وفعل الواجبات مطابقاً لقصد الشارع من تشريعها.
· وأن يكون استعمال الحقوق وفعل الواجبات على وجه الاعتدال.
· و يجب تقديم الأحق بالتقديم من غيره من الحقوق والواجبات.
· وأن لا يلحق استعمال الحقوق وفعل الواجبات ضرراً بالغير.

فالعلاقة في الأسرة تستمد من الشريعة، فما كان واضح الطلب أو الترك فعلناه طاعة لله، وما كان خاضعاً للظروف والواقع تشاورنا حوله فإن توافقنا فبها ونعمت، وإن اختلفنا فالرأي رأي صحاب القوامة[3]. فإن لم نطمئن لرأيه وتنازعنا حكمنا في خلافنا من نرتضيه حكم بيننا.

العنصر الخامس: علاقتنا الأسرية توريث حضاري واجتماعي لأولادنا.

الأسرة هي: الجماعة التي تنشأ برابطة زوجية بين رجل وامرأة ثم يتفرع عنها الأولاد، وتظل ذات صلة بأصول الزوجين من أجداد وجدات، وبالحواشي من إخوة وأخوات، وبالقرابة القريبة من الأحفاد [أولاد الأولاد] أو الأسباط[ أولاد البنات] والأعمام والعامات، والأخوال والخالات. وهي المقصود بأولي الأرحام.

* دور ذوي الأرحام:
دورهم: الصلة والإحسان والتضامن والتكافل والولاية الأقرب فالأقرب، ونصوص القرآن والسنة كثيرة في هذا المقام نذكر منها:{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}[الرعد21] {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[ الأنفال75] { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[البقرة215] { عن أبي هريرة t عن النبي e قال إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته}[البخاري]

* دور الأولاد:
الأولاد هم هدفنا الذي ننميه ونستثمره وهم جزء من فريق العمل، وهو ورثة الأسرة في المستقبل، فهم علامة نجاحها أو فشلها، فبهم تمتاز، وبهم تقيَّم فهم يشاركون في: سمعة الأسرة - في علاقات الأسر-في مهام البيت-في خدمة الوالدين -في حماية الممتلكات- في تكوين الآخرين -في تطوير الأسرة.

*خاصية الأسرة المسلمة:
فهي ملتزمة بنظام الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وأدباً، تعمل لخيري الدنيا لتفوز بالآخرة، تكدح وتجهد نفسها لتعيش مع المجتمع على نحو حذر وأسلوب مرن، لتحقق لنفسها سعادة الدنيا وعز الآخرة دستورها قول الله تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل97]{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}[النساء124].
العنصر السادس والأخير: لكل مرحلة لها أسلوب خاص " الطفولة"اليافع"المراهق"الشبيبة"
1- الطفولة: وهي مرحلة ما قبل 8 سنوات، وأخطرها ما بين 3 و5 سنوات.
- الجانب العاطفي النفسي والاجتماعي [3-4][5-6]
- الجانب الفكري [3-4][5-6]
2- اليافع: وهو من شارف الاحتلام وهو دون المراهق
- الجانب العاطفي النفسي والاجتماعي [7-12][7-12]
- الجانب الفكري [7-12][7-12]
3- المراهق: وهو من نهاية مرحلة اليافع إلى البلوغ
الجوانب الخمس
ü النمو الجسمي
ü النمو العقلي
ü النمو اللغوي
ü النمو النفسي
ü النمو الاجتماعي
4- الشبيبة: وهي من البلوغ إلى الرشد "النضج”
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم


[1] يقول العلامة حبنكة الميداني في كتابه القيم: [الأخلاق الإسلامية وأسسها ج،1/31] إننا نلاحظ أن أحكام نظام الأسرة وحقوق أفرادها قائمة على مبدإ التعاون بين أفرادها، وتوزيع المسؤوليات وفق مصالح الجماعة التي تتوزع بالتالي على الأفراد، كل بحسب استحقاقه، وبحسب وظيفته الطبيعية. والتعاون مبدأ أخلاقي يخفف من غلواء الأنانية الشخصية.

[2] رواح أحمد بن حنبل. انظر كتاب عشرة النساء للنساء ص، 65.

[3] والشريعة تركت له الحرية لاختيار الأسلوب الأمثل لاستعمال حقه هذا،فيمكن له استعمال طرق القرعة، أو عرض نقطة الخلاف على أحد أفراد الأسرة ويختار ما اختاره.. الفكرة هي: أن يتخيل أن هذا هو الوضع التي تقتضيه الأوامر، فهو ليس مبنيا على هوى المسؤول.
 

ام حذيفة

:: متابع ::
إنضم
11 يونيو 2011
المشاركات
13
التخصص
شريعة
المدينة
al ain
المذهب الفقهي
شافعي
رد: من الدورات التي قدمتها

رد: من الدورات التي قدمتها

جزيتم الفردوس الاعلى ،، وكتب الله لكم الاجر
ماشاء الله دورات قيمة
هل لهذه الدورات تسجيل او تفريغ
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: من الدورات التي قدمتها (مقومات السعادة الزوجية وقياس نجاحها)

جوزيتم خيرا اخي احمد وجعل الله الفردوس الاعلى مثوايك
 
أعلى