رد: من الدورات التي قدمتها
رد: من الدورات التي قدمتها
الدورة الثالثة
ü ممارسة الأبوة والأمومة
ü الابن الذي نريد والبنت الذي نريد
ü علاقتنا الزوجية مدرسة لأبنائنا
ü أسلوب إدارتنا لشؤون البيت خبرة لأولادنا
ü علاقتنا الأسرية توريث حضاري واجتماعي لأولادنا.
ü لكل مرحلة لها أسلوب خاص " الطفولة"اليافع"المراهق"الشبيبة"
مدخل للتذكير والبناء
تعملنا في الدورة الأولى: أن القرآن أطلق الأبوة على كل من الوالد والجد والعم، وأطلق الأمومة على كل من الوالدة، والمرضعة وأصل الشيء، والمرجع والمصير، وأزواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وعرفنا بأن دور الأبوة أصبح أكثر تعقيداً فهو المسؤول عن توفير الطعام للأسرة وتعلم مهارات جديدة لجلب تكاليف المعيشة لأسرته ونقل هذه المهارات إلي أبنائه وهذا دور هيأ الله سبحانه وتعالي الرجل لتحمله، فالأب هنا ليس فقط الممول والباحث عن الغذاء بل هو أيضاً مانح للقيم وهو دعامة المنزل صاحب القرار في أسرته. جاء في الهدي النبوي:
والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته.
كما تعلمنا أن الأمومة: هي الكلمة التي تجمع جميع المناهج التربوية التي نسلكها مع أبنائنا، ولكن القليل منا فقط من يعرفن حقيقة الأمومة ودرجة تأثيرها على الأبناء. فهي: القائمة على تنفيذ شؤون الأسرة المعلومة شرعاً أو عرفاً أو المطلوبة من رئيس الأسرة - تقديم حق زوجها على نفسها - رعاية زوجها وخدمة مملكتها - رعاية أطفالها حضانة وتربية. فمنها يتعلم الأطفال: استعمال قدراتهم العملية، ومنها يتعلم الأطفال: الصفات الإنسانية، كحب أفراد الأسرة وخدمة الزوار والأقربين واحترام الجيران ومساعدة المحتاجين وخدمة الآخرين. ومنها يكتسبون: حسن الأداء وفن التنفيذ وجمال الأشياء وطرق الإبداع وحسن التنظيم. ومن حكاياتها لهم ومحاورتها إياهم يربطون واقعهم بواقع من سبقهم، ومنها يقدر الأطفال دور الأب أو يهينونه.
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها
العنصر الأول: ممارسة الأبوة والأمومة
قال أحد الأبناء لأصدقائه: أشعر أنني عصبي للغاية والسبب في ذلك يرجع إلى والدي.. الذي إذا خاطبته بكلمة ردها لي بعشر كلمات وإذا سألته سؤالاً أجابني بمحاضرة. أجابه صديقه قائلاً: احمد الله أن والدك يرد عليك.. فوالدي موسمي في كلماته، وإذا نطق فلا تتجاوز كلماته "نعم"و"لا" و"صح" و"خطأ"
هذا الحوار يوضح ما قد يعانيه الأبناء من سوء استخدام الأباء للحوار أو عدم معرفة الأسلوب الصحيح للحوار!!
فهناك أنواع من الحوارات من بعض الأباء تحول حياة الأبناء إلى كابوس من التعاسة، وهناك أيضاً منها ما يحمل من المتعة والاستفادة ما يسعد الأبناء، وهذا النوع الذي ندعو إليه دون الآخر:
1- الأوامر: LES ORDRES
تخيل ولي الأمر يأمر ابنه: افعل هذا ولا تفعل هذا.. لا ترد على الهاتف.. لا تكلم فلاناً.. إلى آخر هذا الأوامر اليومية التي تكون مثل السهام المنطلقة إلى صدر وعقل الابن.
إذن متى نستخدم الأوامر؟ وكيف؟
نستخدمها في الأمور التي ليس فيها وجهات نظر ولا تقبل اختلافاً في الرأي مثل: ميعاد النوم، أو ما يتعلق بشهادته الدراسية، أو القيام للصلاة..
نستخدمها في الأمور الخطرة التي قد تنجم عن سلوك ما لابنك، وترى بخبرتك الكبيرة أنها قد تجلب إليه الأخطار، فتستخدم الأمر لمنع هذا الخطر. تستخدم هذه الأوامر بصورة حسنة يتقبلها الابن.
2- التوجيه: LES DIRECTIVES
من الآباء من يستخدم التوجيه بصورة مستمرة ولمدة طويلة، ومنهم من لا يوجه بتاتاً وكلا الصفتين على خطأ. إذن متى نستخدم التوجيه؟
ا- عند التنبيه: تمر بالابن كثير من المخاطر المتعلقة بالدراسة والحياة الشخصية والأصدقاء، وهنا لا مانع من التوجيه في شكل جمل توجيهية قصيرة بحيث لا تزيد الجملة عن خمس كلمات.
ب- عند التصحيح: فعندما يخطئ الابن في السلوك بلفظة أو حركة فنستخدم التوجيه.
ج- عند النصح: سواء كان النصح مباشراً أو غير مباشر، ويمكن توجيه النصح المباشر لمن هم في عمر الخامسة إلى التاسعة، لكن بعد سن التاسعة نستخدم التلميح والتنويه.
3- التعاطف، LES SENTIMENTS والتعاطف له شقان:
الأول، مشاعر بلا حقيقة، مثلاً: إذا أتى الطفل شاكياً وباكياً من مدرسه الذي عاقبه.. فإن أمه تحتضنه وتبدأ في لوم المدرس دون أن تسمع الحقيقة وتتوعد أنها ستذهب لتؤدب هذا المدرس، وهذا التعاطف هو تعاطف سلبي.
والثاني، حقيقة بلا مشاعر، مثلاً: عند ما يكون التعاطف فقط حقيقة دون مشاعر.. هنا تستمع الأم للحقيقة دون أن تشارك الابن أي مشاعر لا بالإيجاب ولا بالسلب، وهذا النوع هو أيضاً سلبي.
إذن متى يكون التعاطف إيجابياً؟ عند ما تخفف بتعاطفك الضغط النفسي عن الابن يكون تعاطفاً إيجابياً ويحتاج هذا منك استيعاب الموقف والاستماع إلى ملابسات الحادثة وطرح الحلول التي من شأنها أن تخفف من هذا الضغط النفسي.
وأيضاً يمكنك أن تستخدم التعاطف للإعلان عن حبك لأبنائك.. فكلمة مثل"أنا أحبك" أو"مشتاق إليك" أو فرك الشعر والتقبيل والاحتضان كلها تعد حوارات تعاطفية سواء كانت لفظية أو حركية..وننصح الآباء أن يمارسوها مع أبنائهم مهما كبر سن الأبناء.
4- الرواية: LE RECIT
بعض الآباء يتكلمون أحياناً أو دائماً بصورة مبالغ فيها فيمل الأبناء من حديثهم، على الرغم من أن الكلام ملئ بالروايات والقصص، ولكن بسبب طول الحديث يبدأ الأبناء بالملل والإشاحة بوجههم بعيداً أو تظهر منهم حركات أخرى باليد أو القدم تدل على مللهم من الحديث، ومثال ذلك: ابن قبل خروجه من المنزل توجه إلى أبيه يقبل رأسه ويسأله سؤالاً عابراً: يا أبي هل كنتم قديماً تذهبون للمسجد سيراً على الأقدام أو بالسيارة؟ فالأب بدلاً من أن يجيبه بإحدى الإجابتين بدأ بحكاية طويلة امتدت لساعة وأكثر عن كيفية الحياة في الماضي والمطر والسيول والحياة البدوية ولم يعبأ بملاحظات ابنه المستمرة أنه متعجل للخروج، والأب يطالبه بالانتظار، حتى ضاق الابن ذرعاً بحديث والده.
ومثال آخر: فتاة اتصلت تقول: لقد أصابتني محاضرات أبي بالاكتئاب وأبعدتني عنه حتى أنني انعزلت في غرفتي الخاصة.. ووجدت ضالتي في الاتصال هاتفياً بشباب وفتيات لا أعرفهم، وكل همي أن أتحدث مع أحد يفهمني ولا يرهقني!
إذن متى وكيف نستخدم الرواية؟ استخدام الرواية يكون بشكل محدد وفي وقت مناسب للابن، فليسأل الأب ابنه هل عند وقت؟ أو هل تود سماع الحكاية الفلانية؟ وإن لم يكن عندك وقت نؤجل الحكايات لوقت اجتماع الأسرة أو أثناء ركوب السيارة في طريقنا للمدرسة أو قبل الذهاب للنوم.
5- حوار 18 DIALOGUE N°
قد تتعجبون من عنوان الحوار لأنه رقم المطافئ في فرنسا، والمقصود أن هذا النوع من الحوار قد يسبب الاتصال بالنجدة! فعندما يتحكم الأب أو الأم في شخصية أبنائهم حتى في اختيار ملابسهم وألوانها.. وطرق لبسها.. هذا النوع من التحكم الكامل في الابن يؤدي إلى إعدام كامل لشخصية الابن.
ومثال آخر: أم تقول: إذا دخلت ابنتي حجرتها ومكثت فيها ساعة أفتح عليها الباب فجأة.. وعند ما سألتها عن السبب قالت: أريد أن أعرف ما ذا تفعل لوحدها؟!
إذن أسلوب التحكم مرفوض؟ علينا كآباء أن نعطي الابن المعلومات اللازمة ليستطيع أن يختار في شؤونه الخاصة ويكون اختياره صحيحاً..
وهناك بعض الحالات التي نسمح فيها باستخدام أسلوب التحكم الكامل.. وذلك عند ما يكون الابن مختلاً أو مجنوناً، فلا يمكن عندها أن نتركه لقراراته الشخصية.. وأيضاً المريض الذي يحتاج للتحكم في الأوقات والجرعة، ثم المدمن للسجائر أو المخدرات، فيحتاج إلى تحكم خاص حتى يصل إلى بر الأمان.
6- الأحكام: LES OBLIGATIONS
ما نلاحظه في علاقات الأباء بالأبناء هو إصدار الأحكام مثل يجوز أو لا يجوز.. خطأ..صح..
إذن متى نستخدم أسلوب الأحكام؟ نستخدمها في قضية مثل التعليم.. فيجب على ولي الأمر أن يعلم أبناءه القضايا الشرعية وأحكام السنة.. فيقول: يجوز فعل هذا الأمر، أو لا يجوز فعله. أو يقول: هذا حرام، أو هذا حلال،هذا منبوذ، هذا مباح. وتكون تلك الأحكام في وقت التعليم كحلقة قرآنية أو جلسة عائلية..هذا الأمر مطلوب وممدوح ونود أن يعم الأسر ويقوم به الوالدين.
كما نستخدم الأحكام أيضاً في فض الخلافات التي قد تحدث بين الأبناء.. فإذا اعتدى أحد الأبناء على أخيه فيحكم هنا الأب أو الأم في موضوع الخلاف وهذا مطلوب.
7- حوار التجاهل: LA PASSIVITE
قد تندهش وتقول: هل هذا حوار؟ نعم فالحوار قد يكون لفظياً أو حركياً، مثل إشارة تدل على معنى حواري معين. والتجاهل نوعين:
الأول هو الانشغال، أي ينشغل الأب أو الأم عن الأبناء أثناء الحوار مع أحدهم.. كأن يسأل الابن سؤالاً والأب مشغول على مكتبه، فيوحي لابنه بإكمال حديثه دون الانتباه له، وهذا النوع من التجاهل يسبب حرقة وضيقة عند الأبناء ونحن نرفض هذا الحوار والتجاهل السلبي.
والثاني: هو التجاهل المقصود أي في أوقات معينة لكي يعطي ولي الأمر الابن فرصة لكي يقرر أو يجرب موقفاً ما، فيتعود الابن أن يعتمد على نفسه فلا مانع أن يستخدم الأب هذا التجاهل وهو يراقب من بعيد لكي يحمي ابنه من الوقوع في المشاكل.
وكذلك يتجاهل الأب عمداً عند ما تكون هناك عدة بدائل للابن يستطيع اختيار أي منها. أو عند التصحيح فإذا أخطأ الابن ووجهه الأب، فلا بأس أن يعطيه فرصة للتجربة مرة أو اثنتين، لأنه من الصعب أن يتغير في لحظة واحدة.
إذاً باختصار نسمح بالتجاهل إذا كان مقصوداً وبوعي كامل من الأب أو الأم، أو عند وجود عدة بدائل، أو عند التصحيح أو الرغبة في التغيير.
8- الإعداد النفسي: PREPARATION PSYCHOLOGIQUE
هو أن تستخدم الأساليب النفسية السهلة خاصة مع وجود مشاكل أو رغبة الأب في تغيير سلوك معين عند الابن أو الابنة، اذكر هنا حديثين للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أولهما لأحد الصحابة وهو من الغلمان والذي يروي أنه عند ما كان يأكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم كانت يده تطيش في الصحفة.. أي يأكل من أكثر من مكان في صحن الطعام، فوجهه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قائلاً: يا غلام.. سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك.
ناده الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً" يا غلام" أي باسم محبب له، فلم يصغر اسمه ولم ينهره.. وقوله: "سم الله" هو تنبيه للغلام أن يستمع لشيء مهم وهو نوع من الإعداد النفسي ليوصل الرسالة له أن يأكل بيمينه ومما يليه ولم يحاول أن ينهره أو يعنفه.
مشهد آخر: جاء شاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إذن لي بالزنا، فقام الصحابة وزجروه.. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ادن مني.. وجلس عنده الشاب فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله: أتحب هذا لأمك؟ لأختك؟ لعمتك؟ وفي كل مرة يجيب الشاب لا والله يا رسول الله، حتى انتهت هذه الأسئلة وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدر الشاب ودعا الله: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه.. فقال الشاب: ما قمت من تلك الجلسة إلا وكان الزنا أبغض الأشياء إلى قلبي.
فالرسول عليه السلام لم ينهر هذا الشاب، ولم يفاجئه بالمطلوب بل هيأه وأعده وبعدها أعطى الرسالة له.
من الإعداد النفسي أن نستخدم أسلوب الاسترخاء البدني خاصة عند ما يكون الابن في حالة شد عصبي أو بدني، فيكون التوجيه صعباً والإقناع، ولكن عند ما يسترخي الابن يكون ذهنه صافياً ومستعداً لأن يسمع ويناقش، وهنا يجدر استخدام الأسلوب الإيماني مثل: أنت إنسان طيب وإنسان مثالي ومؤدب وغيرها من الصفات التي توحي فعلاً للابن أنه يحمل هذه الصفات فيبدأ في التغير للأفضل.
9 – حوار البيضة: LE DIALOGUE DE L'OEUF
نعني البيضة هي بيضة الدجاجة أو الطائر ولكن ما المقصود هنا؟ نقصد الأوقات التي يختارها الابن للدخول في البيضة بمعنى أنه يرفض التحدث والاستماع ويمتنع أن يشارك أحداً من الأهل في أي حديث… والسؤال الآن هل نسمح للابن بهذا التقوقع والانعزال داخل البيضة؟! هل نسمح له بالانغلاق داخل غرفته لمدة يوم أو يومين.
الإجابة تقول: أحياناً نعم.. خاصة في مرحلة الشباب الأولى حيث تكون هناك ضغوط نفسية تتعلق بالدراسة والأصدقاء أو مشاكل اجتماعية.. فيحتاج الشاب في هذه المرحلة أن يخلو بنفسه.. والمطلوب من ولي الأمر أن يسمح لابنه بهذه الأوقات على ألا تزيد عن ساعة أو ساعتين في اليوم لمدة يوم أو يومين في الأسبوع، لأنها إذا زادت عن ذلك تصبح حالة نفسية تحتاج لعلاج.
وأنصح الأب أو الأم لإخراج الابن من عزلته بدخول الغرفة على الابن وبطريقة غير مباشرة يحاولان بدأ الحديث معه، وهذا إذا سمح لهم الابن، وبالمصارحة والحديث، وإن لم يرغب فعلى الوالدين أن يؤجلا الحديث لوقت آخر يكون الابن فيه أكثر استعداداً.
ولا مانع من أن تترك لابنك بعض لحظات مع نفسه ليقرأ مجلة أو كتاباً أو يكتب مذكرات أو شعراً فلا تخف من أن يغلق ابنك الباب عليه لبعض الوقت قليلاً.
والآن ما هو المعيار؟ كيف أعرف أن هذه البضة إيجابية أو سلبية؟
باختصار شديد إذا كان الابن سليماً وأموره الدراسية سليمة والاجتماعية طيبة وعلاقته بأخوته طيبة ويطلب شيئاً من العزلة فلا بأس،
ولكن إذا كانت شهيته في الأكل ضعيفة.. ودرجاته الدراسية منخفضة وانقطعت علاقاته الاجتماعية وساءت مع إخوته.. هنا يجب علينا الانتباه والتعرف على السبب ولا مانع من أن نتجه للأخصائي النفسي ليقدم لنا الاستشارة اللازمة لعلاج الابن.
الأب والأم: هذه هي الحوارات التسع- الأوامر- التوجيه – التعاطف- الرواية- رقم 18 – الأحكام- التجاهل – الإعداد النفسي- التقوقع في البيضة.
ولعلك تسأل أيهما أفضل؟ والجواب أن تستخدم الجميع في الوقت المناسب هو الأفضل.
العنصر الثاني: الابن الذي نريد والبنت الذي نريد
مدخل للتذكير بما سبق في الدورة الأولى:
أول ما يبحث عنه الأبناء هو الأب والأم وولي الأمر الذين اتخذوا عبادة الله عز وجل نبراساً لهم في تربية أبنائهم يبحثون عن الأب الذي يراعي الله عز وجل في كسبه لرزقه وعن الأم التي تتق الله في تربية أبنائها وولي الأمر الذي يبدع في تعليم أبنائه كتاب الله وشرعه .
فكم يسعد الأبناء صلاح الآباء ورؤيتهم في المساجد ومشاركتهم إقامة الصلوات وإيداع الزكوات وإحياء نهار رمضان بالصوم وليلة بالقيام، بل ومصاحبتهم في رحلة العمرة والحج.
الصدق والأمانة وكرامة اللسان وأخلاق الرسول صلاة الله عليه وسلامه يشتاق الأبناء أن يتحلى آبائهم بها لذا من أهم ما يرجوه الأبناء هو الالتزام بدين الله عز وجل، دين الإسلام وطاعة الله والرسول صلي الله عليه وسلم، وكذلك خلق كريم كما وصفه الله عز وجل (وإنك لعلي خلق عظيم) ولا نغفل عن الوالد الخدوم الذي يقدم أبناءه عليه ويقضي حاجتهم قبل حاجاته.
تعلم أن: ابنك مثل ما تراه يكون
المشاعر والتوقعات السلبية منها أو الإيجابية نحن الذي نزرعها في نفوس أبنائنا، وذلك من خلال عباراتنا في الحديث إليهم، أو المواقف التي نمارسها كردة فعل على تصرفاتهم.
احرص على فهم عباراتك قبل توجيهها للأبناء، فربما دفعتهم نحو التوقعات السلبية، فزادت المشكلة تعقيداً، وراقب أحكامك قبل أن تنفذها عليهم، فإن تنفيذ الأحكام شيء مختلف تماماً عن إصدارها.
ساعد ابنك ليرى نفسه بالصورة التي تحبها فيه.
فماذا نريد من الابن والبنت وهل في تربيتهما اختلاف للاختلاف الجسدي والعضوي بينهما؟
1. الابن: نريده، -ذا علاقة طيبة مع من حوله- باراً بوالديه..- ذا شخصية قوية مع نفسه- صاحب شرف وعفة وكرامة - قادراً على اكتساب حياته من داخله- زوجاً خبيراً بالحياة الزوجية- أباً فيه كل صفات القدوة لأبنائه وبناته- قائداً يحرك نفسه وأسرته- مصلحاً ربانياً في مجتمعه- نريده مبدعاً في أمته.
2. البنت: نريدها، -ذا علاقة طيبة مع من حولها -بارة بوالديها..- ذات شخصية قوية مع نفسها صاحبة شرف وعفة وكرامة - زوجة خبيرة بالحياة الزوجية- أماً فيها كل صفات القدوة لأبنائها وبناتها- قائدة تحرك نفسها وأسرتها- مصلحة ربانية في مجتمعها، مبدعة في تربية أبنائها.
الاختلاف الجسدي والعضوي بين الطرفين له دور في الاختلاف النفسي لا محالة، فكل من الابن والبنت مختلفان في: التفكير، في النظر، في السماع، في الكلام، في الشعور، في استعمال اليد، في استعمال القدم، في التعبير عن الشخصية، في الحوار والإصغاء. مما يتطلب التدريب من طرف الوالدين على إدراك طرق الاستعمال، والتعامل مع كل جنس حسب تكوينه النفسي والدور المطلوب منه في المستقبل.
لذا قال علماء المقاصد والتربية: إن العلم الذي تطالب به المرأة تجري برامجه على مثل ما جرت عليه برامج تعليم الرجال وتختص المرأة بتعليم ما يثقف من معاني فطرتها ما لم يكن مثله للرجال وكذلك القول في برامج تعليم الرجال. بمعنى: أن الابن تقوى فيه صفات الرجولة، الكسب، الحماية، الشخصية، القيادة، الحكمة، التخطيط، حل المشاكل، الشجاعة، الاعتماد على النفس والتعاون مع الآخرين.. أما البنت تقوى فيها صفات الجمال، الملامح، الحنان،الحب، الخدمة، الشرف، العفة، حب الولد..
العنصر الثالث: علاقتنا الزوجية مدرسة لأبنائنا
من أهم أسباب الزواج: العفاف: فالعفاف هو: التحصن من الشيطان، وكسر التوقان، ودفع غوائل الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج، ولا يتحقق العفاف بهذا الشكل إلا بحسن العلاقة الزوجية.
فهي: روح الأسرة وبها يحصل الإنعاش في كل منتجات الأسرة وتتحقق بأسباب ثمانية:
1- القدرة على التفاهم بين الزوجين وتبادل الحديث والمعلومات.
2- العاطفة وإخراج المشاعر.
3- التسامح والعفو.
4- الصدق والوضوح.
5- الرقة والدلال.
6- الاعتماد على الشخصية وتحمل المسؤولية.
7- الفكاهة والمرح.
8- الاستئناس
فالنفس ملول، وهي عن الحق نفور، لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها حجمت وثابت، وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قَويت، ونشطت، وفي لاستئناس بالنساء من الاستراحة، ما يزيل الكرب، ويروح القلب، ولذا قال تعالى:{
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم21]. فالمراد بالسكن في الآية: استقرار النفس وراحة القلب.
فصفة الزوجين تبقى قائمة والاستمتاع بها مطلب شرعي ولها فوائد ترجع بالخير على الزوجين كما ترجع بالخير على الأولاد فمن خلالها يلاحظان التوافق والتلاحم ونور الحب فيسعى كل واحد أن يأخذ أفضل ما يحب من والديه.
العنصر الرابع: أسلوب إدارتنا لشؤون البيت خبرة لأولادنا
فمجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية والقيام بحقوق الزوجة، والصبر على أخلاق النساء واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين ورضا رب العالمين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن، خدمة عظيمة من الزوج الصالح لزوجته، فمقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله،
فالتضحية بالذات لمصلحة الطرف الآخر، سعياً لمرضاة الله
[1] استثمار عظيم.
وتفريغ القلب عن مشاغل تدبير المنزل، والتكلف بشكل الطبخ، والكنس، والفرش، وتنظيف الأواني، وتهيئة أسباب المعيشة، وحضانة الأطفال، خدمة عظيمة من الزوجة الصالحة، لزوجها وأولادها وسكان مملكتها، ولذلك فسر بعض المفسرين قوله تعالى:{
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}[البقرة 201] بالزوجة الصالحة، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (
الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا) : أَيْ: خَمْسَ صَلَوَاتِهَا فِي أَوْقَاتِ طِهَارَتِهَا، (
وَصَامَتْ شَهْرَهَا) : أَيْ: شَهْرَ رَمَضَانَ أَدَاءً وَقَضَاءً (
وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) : أَيْ: مَنَعَتْ نَفْسَهَا عَنِ الْفَوَاحِشِ (
وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا) : أَيْ: زَوْجَهَا فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الطَّاعَةُ (
فَلْتَدْخُلْ) : أَيِ: الْجَنَّةَ (
مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ) : إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ دُخُولِهَا وَإِيمَاءٌ إِلَى سُرْعَةِ وُصُولِهَا وَحُصُولِهَا (رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ).
جاءت عَمَّة حُصَيْنِ بْن مِحْصَنٍ إلى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَقَضَى لَهَا حَاجَتَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَذَاتُ بَعْلٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ قَالَتْ: مَا آلُوَهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: فَانْظُرِي كَيْفَ أَنْتِ لَهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"
[2].
من أين تستمد الأسرة قانون العلاقة بين أفرادها؟
· لا شك أن الجهة التي تقرر الحقوق والواجبات هو اللــــــه جل جلاله.
· ولا بد أن استعمال هذه الحقوق وفعل الواجبات يكون وفقاً لما شرعه الله تعالى.
· وأن يكون القصد من استعمال هذه الحقوق وفعل الواجبات مطابقاً لقصد الشارع من تشريعها.
· وأن يكون استعمال الحقوق وفعل الواجبات على وجه الاعتدال.
· و يجب تقديم الأحق بالتقديم من غيره من الحقوق والواجبات.
· وأن لا يلحق استعمال الحقوق وفعل الواجبات ضرراً بالغير.
فالعلاقة في الأسرة تستمد من الشريعة، فما كان واضح الطلب أو الترك فعلناه طاعة لله، وما كان خاضعاً للظروف والواقع تشاورنا حوله فإن توافقنا فبها ونعمت، وإن اختلفنا فالرأي رأي صحاب القوامة
[3]. فإن لم نطمئن لرأيه وتنازعنا حكمنا في خلافنا من نرتضيه حكم بيننا.
العنصر الخامس: علاقتنا الأسرية توريث حضاري واجتماعي لأولادنا.
الأسرة هي: الجماعة التي تنشأ برابطة زوجية بين رجل وامرأة ثم يتفرع عنها الأولاد، وتظل ذات صلة بأصول الزوجين من أجداد وجدات، وبالحواشي من إخوة وأخوات، وبالقرابة القريبة من الأحفاد [أولاد الأولاد] أو الأسباط[ أولاد البنات] والأعمام والعامات، والأخوال والخالات. وهي المقصود بأولي الأرحام.
* دور ذوي الأرحام:
دورهم: الصلة والإحسان والتضامن والتكافل والولاية الأقرب فالأقرب، ونصوص القرآن والسنة كثيرة في هذا المقام نذكر منها:{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}[الرعد21] {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[ الأنفال75] { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[البقرة215] { عن أبي هريرة t عن النبي e قال إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته}[البخاري]
* دور الأولاد:
الأولاد هم هدفنا الذي ننميه ونستثمره وهم جزء من فريق العمل، وهو ورثة الأسرة في المستقبل، فهم علامة نجاحها أو فشلها، فبهم تمتاز، وبهم تقيَّم فهم يشاركون في: سمعة الأسرة - في علاقات الأسر-في مهام البيت-في خدمة الوالدين -في حماية الممتلكات- في تكوين الآخرين -في تطوير الأسرة.
*خاصية الأسرة المسلمة:
فهي ملتزمة بنظام الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وأدباً، تعمل لخيري الدنيا لتفوز بالآخرة، تكدح وتجهد نفسها لتعيش مع المجتمع على نحو حذر وأسلوب مرن، لتحقق لنفسها سعادة الدنيا وعز الآخرة دستورها قول الله تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل97]{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}[النساء124].
العنصر السادس والأخير: لكل مرحلة لها أسلوب خاص " الطفولة"اليافع"المراهق"الشبيبة"
1- الطفولة: وهي مرحلة ما قبل 8 سنوات، وأخطرها ما بين 3 و5 سنوات.
- الجانب العاطفي النفسي والاجتماعي [3-4][5-6]
- الجانب الفكري [3-4][5-6]
2- اليافع:
وهو من شارف الاحتلام وهو دون المراهق
- الجانب العاطفي النفسي والاجتماعي [7-12][7-12]
- الجانب الفكري [7-12][7-12]
3- المراهق:
وهو من نهاية مرحلة اليافع إلى البلوغ
الجوانب الخمس
ü النمو الجسمي
ü النمو العقلي
ü النمو اللغوي
ü النمو النفسي
ü النمو الاجتماعي
4- الشبيبة:
وهي من البلوغ إلى الرشد "النضج”
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
[1] يقول العلامة حبنكة الميداني في كتابه القيم: [الأخلاق الإسلامية وأسسها ج،1/31] إننا نلاحظ أن أحكام نظام الأسرة وحقوق أفرادها قائمة على مبدإ التعاون بين أفرادها، وتوزيع المسؤوليات وفق مصالح الجماعة التي تتوزع بالتالي على الأفراد، كل بحسب استحقاقه، وبحسب وظيفته الطبيعية. والتعاون مبدأ أخلاقي يخفف من غلواء الأنانية الشخصية.
[2] رواح أحمد بن حنبل. انظر كتاب عشرة النساء للنساء ص، 65.
[3] والشريعة تركت له الحرية لاختيار الأسلوب الأمثل لاستعمال حقه هذا،فيمكن له استعمال طرق القرعة، أو عرض نقطة الخلاف على أحد أفراد الأسرة ويختار ما اختاره..
الفكرة هي: أن يتخيل أن هذا هو الوضع التي تقتضيه الأوامر، فهو ليس مبنيا على هوى المسؤول.