العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من بحوث ندوة البركة الحادية والثلاثون للاقتصاد الإسلامي للدكتور : يوسف الشبيلي

إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
9
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بحوث ندوة البركة
الحادية والثلاثون للاقتصاد الإسلامي

قضايا معاصرة في الزكاة ، زكاة الديون التجارية والأسهم المملوكة للشركات القابضة.
الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي

- شددت دراسة بحثية على أهمية النظر بعين البحث والاعتبار لزكاة الديون والأسهم في الشركات إزاء ضخامة الأموال المستثمرة في هذين النوعين مقارنة بغيرهما من الأموال الزكوية، سواء على مستوى الأفراد أم الشركات، آية ذلك ما دشنته الإحصاءات والتقارير الرسمية عن مجالات استثمار الأموال.
- وأماطت الدراسة اللثام عن فحوى الديون التجارية؛ إذ يقصد بها: الديون التي بسبب نشاط تجاري، سواء أكانت للمكلف أم عليه، ونوهت الدراسة إلى ثمة أمور أساسية في هذا الصدد، على النحو التالي:
- الأول: أن زكاة الدين ليس فيها نص صريح في الكتاب أو في السنة الصحيحة، وإنما هي اجتهادات فقهية مبنية على نصوص عامة وقواعد كلية. فالموجبون استدلوا بعموم النصوص الموجبة للزكاة على المال، ويدخل في ذلك الدين؛ فإنه مال. والمانعون يرون أن ملك الدائن لدينه ملك ناقص؛ فيمنع وجوب الزكاة.
- وأما الآثار المروية عن الصحابة فقد اختلفوا فيما بينهم، ومن المعلوم أن قول الصحابي إنما يكون حجة إذا لم يخالفه صحابي آخر، أما وقد اختلفوا فيما بينهم فليس قول بعضهم حجة على بعض؛ ولذا فينبغي أن يراعى عند ترجيح قولٍ النظر إلى مآلاته وآثاره ومدى تحقيقه للعدل الذي بنيت فريضة الزكاة عليه.
- الثاني: لم تقف الدراسة على قول لأحد من أهل العلم بوجوب إخراج الزكاة عن الدين المؤجل قبل قبضه ولو كان مرجواً، فالذين أوجبوا فيه الزكاة إنما أوجبوها بعد القبض، وفرق كبير بين الأمرين من الناحية المالية .
- الثالث: أن أكثر مسائل الدين تعقيداً وإلحاحاً في العصر الحاضر هي مسألة الدين المؤجل الذي للمكلف أو الذي عليه، وهذه المسألة لم يتوسع فيها الفقهاء المتقدمون؛ لأن معظم الديون كانت حالة، وما كان منها مؤجلاً فإنما هو لأجل قصير كسنة وسنتين ونحو ذلك، ولذا لم يكن مستغرباً عدم التفرقة بين الدين الحال والمؤجل في بعض الأقوال الفقهية، أما الآن فالديون طويلة الأجل –أي التي تزيد على خمس سنوات وقد تمتد لعشرين سنة أو أكثر- تمثل الغالبية العظمى من الديون التجارية، فكان لزاماً النظر بعين الاعتبار إلى أثر هذا التأجيل على زكاة المكلف، فدين للمكلف يستحقه الآن، ليس كدين يستحق له بعد عشرين سنة، وكذا الدين الذي يطالب به الآن، ليس كالدين الذي لا يحل إلا بعد عشرين سنة.
- و تعرضت الدراسة لذكر أقوال الفقهاء في زكاة الدين، كما يلي:
أولاً: زكاة الدين الذي للمكلف:
أولاً- الدين الحال المرجو:
اختلف فيه العلماء على خمسة أقوال:
القول الأول: تجب زكاته كل سنة ولو لم يقبضه. وهو مروي عن عثمان وابن عمر وجابر – رضي الله عنهم . وهذا مذهب الشافعية.
القول الثاني: تجب زكاته بعد قبضه لما مضى من السنين. وهو مروي عن علي وعائشة -رضي الله عنهم. وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
القول الثالث: تجب الزكاة بعد قبضه لسنة واحدة سواء أكان دين تجارة أم غيره. وهو رواية عند الحنابلة.
القول الرابع: التفصيل: فإن كان دين تجارة مرجواً فيزكى الدين الحال ولو لم يقبض، ويزكى الدين المؤجل بقيمته لو كان حالاً، وأما إن كان قرضاً نقدياً أو كان ثمن بيع بضاعة تاجر محتكر (متربص) فتجب الزكاة فيه بعد قبضه لسنة واحدة. وهذا مذهب المالكية.
القول الخامس: لا زكاة في الدين مطلقاً ولو بعد قبضه، حالاً كان أم مؤجلاً، مرجواً أم مظنوناً. وهذا مذهب الظاهرية.
ثانياً- الدين المظنون والمؤجل:
اختلف الفقهاء فيهما على ثلاثة أقوال:
القول الأول: تجب الزكاة فيهما بعد قبضهما لما مضى من السنين. وهو قول الشافعية، والحنابلة، أي أن الحنابلة لا فرق عندهم في المعتمد من المذهب بين الدين المرجو والمظنون والمؤجل.
القول الثاني: تجب زكاة الدين المظنون بعد قبضه لسنة واحدة. وهو مذهب المالكية، وأما دين التجارة المؤجل فيقوم كما سبق.
والقول الثالث: لا زكاة في الدين المظنون ولا المؤجل ولو كان مرجواً. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومذهب الظاهرية بناء على أصل قولهم في زكاة الدين.
-ورجحت الدراسة أن يضاف إلى الموجودات الزكوية كل عام الديون المرجوة للمزكي سواءأكانت حالة أم مؤجلة وذلك بعد استبعاد الأرباح المؤجلة، والمقصود بالأرباح المؤجلة:الأرباح المحتسبة للمزكي –الدائن- التي تخص الأعوام التالية للعام الزكوي فيالمعاملات المؤجلة،أما الديون غير المرجوة فلا تجب فيها الزكاة.
ثانيًا: الدين الذي على المكلف:
اختلف العلماء في أثر الدين الذي على المكلف على زكاة ماله على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يخصم قدر الدين الذي عليه من أمواله الزكوية. سواء أكان الدين حالاً أم مؤجلاً، من جنس المال الذي تجب فيه الزكاة أو لا. وهو القول القديم للشافعي والمذهب عند الحنابلة.وقد اشترط بعض الشافعية والحنابلة أن يكون الدين حالاً.
القول الثاني: لا يخصم شيء من الدين الذي عليه من أمواله الزكوية. وهو الأظهر عند الشافعية ورواية عند الحنابلة.
القول الثالث: يخصم من أمواله الباطنة دون الظاهرة. وهو مذهب المالكية ورواية عند الحنابلة.
- وانتهت الدراسة- وهو ما توصل إليه الباحث مع أعضاء اللجنة المكلفة من بيت الزكاة الكويتي بدراسة موضوع زكاة الديون التجارية، وبه صدر قرار الندوة التاسعة عشرة من ندوات قضايا الزكاة المعاصرة- إلى ترجيح أن يحسم من الموجودات الزكوية كل عام الديون التيعلى المزكي سواء أكانت حالة أم مؤجلة وذلك بعد استبعاد الأرباح المؤجلة، والأرباح المؤجلة هي الأرباح المحتسبة على المزكي –المدين- التي تخص الأعوام التاليةللعام الزكوي في المعاملات المؤجلة، ولا يحسم من الموجودات الزكوية الديون التياستخدمت في تمويل أصول غير زكوية.
- ولا يتعارض هذا الرأي مع الأثر المروي عن عثمان –رضي الله عنه- أنه كان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تحصل أموالكم فتؤدوا منها الزكاة، وقد كان ذلك بمحضر من الصحابة وقد يفيد اتفاقهم على ذلك؛ فإن هذا الأثر في الدين الحال لا في المؤجل بدليل قوله: " فمن كان عليه دين فليؤده".
- وأفصحت الدراسة أن هذا الترجيح قد تضمن مسألتين جوهريتين:
الأولى: استبعاد الأرباح المؤجلة من الديون التي للمكلف أو التي عليه:
أي أنه لا يضاف إلى الموجودات الزكوية إلا أصل الدين أو ما تبقى منه مع الربح المستحق على الدين للعام الزكوي فقط، ومثل ذلك الدين الذي على المكلف لا يخصم منه إلا أصل الدين أو ما تبقى منه مع الربح المستحق على الدين للعام الزكوي فقط، كما أوضحت الدراسة أن الفصل بين رأس المال والربح ليس فيه محظور شرعي؛ إذ إن هذا الفصل محاسبي ولا يترتب عليه التزام بالخصم أو أي أثر شرعي، بل إن مقتضى عقد التمويل بالمرابحة أن يبين البائع –الدائن- للمشتري –المدين- مقدار رأسماله وربحه؛ إذ المرابحة كما هو معلوم: بيع السلعة برأسمالها وربح معلوم، بل إن القوائم المالية لعدد من البنوك الإسلامية في الخليج العربي تفصل محاسبياً الربح المؤجل عن أصل الدين، وهذه القوائم مجازة من الهيئات الشرعية لتلك البنوك.
- وبيّنت الدراسة أنه توجد ثمة عدة طرق يمكن من خلالها معرفة القدر الواجب زكاته من الدين والقدر الذي يخصم منه بناء على هذا الرأي، ومن ذلك:
1-الشركات التي لها قوائم مالية محاسبية: ما يضاف أو يخصم من الديون على هذا الرأي هو ما يظهر عادة في المركز المالي في القوائم المالية؛ إذ تنص المعايير المحاسبية الدولية على أن تظهر الديون المشتملة على أرباح مقابل التأجيل بدون أرباحها المؤجلة سواء في جانب الأصول أو الخصوم.
2-إذا كان الدين بتمويل مرابحة: فالربح المؤجل هو ما زاد عن رأس المال من الربح الذي يخص الفترات التالية للعام الزكوي في المعاملات الآجلة.
3-إذا كان التمويل في بيع مساومة: فالربح المؤجل هو الفرق بين ثمن بيع السلعة نقداً وثمن بيعها بالأجل.
-وتبيانًا لاعتبارات استبعاد الأرباح المؤجلة من الديون التي للمزكي والديون التي عليه- عللت الدراسة ذلك بأنه يحقق التوازن والعدل في احتساب الزكاة؛ وذلك بمراعاة ما للمزكي من ديون وما عليه منها، ومراعاة ما كان منها حالاً وما كان مؤجلاً، وبذا تتناسب الزكاة مع غنى المزكي وفقره، ويسره وعسره، وهذا أحد أبرز مقاصد الشريعة في الزكاة، سيما وأنه من المسلم به أن الدين المؤجل لا يستوي مع الدين الحال، وليس من العدل والإنصاف التسوية بين هذين الدينين، ومن الجدير بالذكر أن هذا القول يتوافق مع ما ذهب إليه المالكية من تقويم دين التجارة المؤجل بقيمته الحالة، مع توسيط العروض في التقويم لتجنب توهم جواز بيع الدين بنقد، وإلا فإن المقصود من عمليات التقويم هذه هو الوصول إلى القيمة الحالة العادلة للدين المؤجل، فإذا أمكن الوصول إلى هذه القيمة بدون تقويم الدين بالعروض ثم بالنقود فقد حصل المقصود، وهذا ممكن كما سبق ففي التمويل بالمرابحة يستبعد ما زاد عن رأس المال من الربح الذي يخص الفترات التالية للعام الزكوي، وفي التمويل بالمساومة يستبعد الفرق بين ثمن بيع السلعة نقداً وثمن بيعها بالأجل، ثم إن هذه الديون بالنسبة للتاجر أو للشركة كالبضاعة التي عندها، فتقومها كما تقوم البضاعة، ومن المتفق عليه أن البضاعة تقوم على التاجر بقيمة بيعه لها نقداً حتى ولو كان لا يبيع إلا بالتقسيط أو بالأجل، فكذلك الديون المؤجلة تقوم بقيمتها النقدية، أي باستبعاد الأرباح المؤجلة، فضلاً عن أن هذه الديون أصلها عروض تجارة وستؤول إلى النقد، وحيث إنه لم يرد نص بمقدار الزكاة الواجبة فيها، فإما أن تزكى زكاة النقود أو زكاة العروض، ولا ثالث لهما، وعلى كلا الحالين فالزكاة الواجبة لا تختلف فهي إما أن تقوم بالنقد أو تقوم بالعروض، أما من يقول بوجوب الزكاة في جميع الديون التجارية المؤجلة بدون خصم أرباحها المؤجلة يلزمه أن يوجب الزكاة على الدائن مؤجلة لئلا تزيد الزكاة الواجبة عليه عن القدر الواجب، فربع عشر مئة ألف ريال تحل بعد عشر سنوات هي ألفان وخمسمائة ريال تحل بعد عشر سنوات أيضاً، وهذا ما أخذ به الفقهاء القائلون بوجوب الزكاة في الدين المؤجل، فوقت إخراجها عندهم بعد قبض الدين، ولا أعلم أحداً أوجب على الدائن إخراجها قبل القبض، وعلى هذا فالواجب أن يخرج الدائن زكاته بعد عشر سنوات، وإلا فقد ألزمناه بأكثر من الزكاة الواجبة عليه، وهذا متعذر، فلم يبق إلا أن يقوم الدين عليه بالنقد لكونه سيخرج الزكاة نقداً لا ديناً، وأخيرًا فإن هذا القول يتوافق مع المعايير المحاسبية الدولية؛ إذ تنص هذه المعايير المحاسبية على أن تظهر الديون المشتملة على أرباح مقابل التأجيل في المركز المالي للشركة بدون أرباحها المؤجلة سواء في جانب الأصول أو الخصوم.
الثانية: عدم حسم الديون التي مولت أصولاً غير زكوية:
فبناء على الرأي الذي تم ترجيحه ينظر إلى استخدام المدين للدين، فإن استخدمه في شراء عروض قنية فلا يخصم ذلك الدين؛ لأنه لم يزدد وعاؤه الزكوي به، فخصمه والحال كذلك يؤدي إلى تنقيص الوعاء الزكوي للمكلف مرتين، وأما إذا استخدم الدين في تمويل عروض تجارة أو في مرابحات أو بقي نقداً فيخصم ما يقابل ذلك الدين من تلك الموجودات الزكوية؛ لأنها مولت من مورد خارجي.
فعلى هذا:
1- لو كان لشخص مئة نقداً وحصل على تمويل لشراء سيارة بمائة، فتجعل المائة التي عليه في مقابل السيارة ويجب عليه أن يزكي عن المائة (النقد).
2- لو كان لشخص مئة نقداً وحصل على تمويل لشراء بضاعة بمائة، فيجعل الدين في مقابلة البضاعة ويجب عليه أن يزكي عن مئة.
3- لو كان لشخص مئة نقداً وعروض قنية قيمتها مئة، وحصل على تمويل لشراء بضاعة بمائة فيجعل الدين في مقابلة البضاعة لأنها مولت منه لا في مقابلة عروض القنية، ويزكي عن المائة النقدية.
4 -في الشركات التي تحتفظ بقوائم مالية يمكن معرفة الغرض من التمويل من الإيضاحات المرفقة بتلك القوائم، وفي العادة فإن التمويل قصير الأجل –أي لأقل من سنة- يوجه لتمويل رأس المال العامل أي لشراء بضاعة أو لمصروفات جارية، بينما الغالب في التمويل طويل الأجل –أي لسنة فأكثر- أن يكون تمويلاً رأسمالياً أي لتمويل الأصول الثابتة.
- وبررت الدراسة عدم خصم الديون التي مولت أصولاً غير زكوية بأنعدم خصم الديون الممولة لأصول غير زكوية يمنع من الخصم المزدوج؛ إذ إن خصم هذه الديون مع أنها استخدمت فيما لا تجب فيه الزكاة من أصول ثابتة ونحو ذلك يؤدي إلى خصمها مرتين، ثم إن لهذا الرأي مستند من أقوال الفقهاء المتقدمين بأن يقابل الدين الذي على المزكي أولاً بعروض القنية التي يملكها الزائدة عن حاجته الأصلية ثم يخصم ما زاد منه عن تلك العروض.
- وذكرت الدراسة جملة من التطبيقات بخصوص زكاة الدين على بعض القوائم المالية لشركات متنوعة في قطاعات متعددة ، وعلى زكاة الأفراد، والتي انتهت فيها إلى ما يلي:
أولاً- إضافة الدين كاملاً بدون خصم ما على الشركة من ديون:
وقد ظهر في تطبيق هذا القول عدد من الإشكالات، من أهمها:
1)لا يمكن الوصول إلى الوعاء الزكوي بناء على القوائم المالية للشركات، إذ لا يفصح الكثير منها عن الأرباح المؤجلة.
2)تظهر الزكاة على هذا القول ضخمة جداً وتصل في بعض الشركات –لاسيما البنوك وشركات التقسيط- إلى ضعف ما تحققه الشركة من أرباح.
ثانياً-إضافة الدين الذي للشركة كاملاً أي بالأرباح المؤجلة مع خصم الدين الذي عليها كاملاً أي بالأرباح المؤجلة:
ومن الإشكالات في تطبيق هذا القول:
1)لا يمكن الوصول إلى الوعاء الزكوي بناء على القوائم المالية للشركات، إذ لا يفصح الكثير منها عن الأرباح المؤجلة سواء في جانب الأصول (الدائن) أو المطلوبات (المدين) .
2)في البنوك وشركات التقسيط تكون الزكاة مضاعفة؛ إذ إن هذه الشركات تعتمد في نشاطها على التمويل طويل الأجل، مما يجعل الأرباح المؤجلة التي تضم إلى وعائها الزكوي كبيرة جداً، في الوقت الذي يكون الأغلب في الديون التي عليها قصيرة الأجل أي أن ما يخصم من الوعاء من الأرباح المؤجلة في جانب الخصوم لا يكاد يذكر مقارنة بما يضاف إلى الوعاء من الأرباح المؤجلة في جانب الأصول .
3)معظم الشركات الأخرى –غير البنوك وشركات التقسيط- لا زكاة عليها، مع ضخامة مركزها المالي وأرباحها العالية؛ لكونها تعتمد في نشاطها على التمول (الاقتراض) طويل الأجل مما يجعل الأرباح المؤجلة التي تخصم من وعائها الزكوي كبيرة جداً في الوقت الذي يكون الأغلب في مبيعاتها البيع الحال أي أن ما يضاف إلى الوعاء من الأرباح المؤجلة في جانب الأصول لا يكاد يذكر مقارنة بما يخصم منه من الأرباح المؤجلة في جانب الخصوم.
ثالثاً- إضافة الديون المستحقة والديون واجبة التحصيل للشركة خلال العام التالي مع خصم المستحق وواجب التحصيل على الشركة خلال العام التالي:
وبتطبيق هذا القول تبين أن كثيراً من البنوك وشركات التقسيط لا زكاة عليها؛ لأنها تعتمد في نشاطها على التمويل طويل الأجل بينما الأغلب في الديون التي عليها أنها قصيرة الأجل مما يجعل الديون قصيرة الأجل في جانب الخصوم أعلى بكثير من الديون قصيرة الأجل في جانب الأصول.
رابعاً-إضافة الديون التي للشركة الحالة والمؤجلة بعد استبعاد الأرباح المؤجلة، وخصم الديون التي عليها الحالة والمؤجلة بعد استبعاد الأرباح المؤجلة باستثناء ما مولت أصولاً غير زكوية فلا تخصم.
وهذا هو الرأي الذي انتهت إليه اللجنة؛ للمؤيدات السابقة، ولعدد من الإيجابيات التي تبينت عند التطبيق، منها:
1)أنه يحقق التوازن والعدل في احتساب الزكاة، فالزكاة الواجبة على الشركات التي طبق عليها هذا القول تتناسب مع مركزها المالي.
2) أنه متوافق مع المعايير المحاسبية، مع سهولة تطبيقه؛ إذ إن الأرقام التي تظهر في القوائم المالية تتماشى مع هذا الرأي، بخلاف الأقوال الأخرى إذ يصعب الوصول بناء عليها إلى حسبة دقيقة للزكاة.
3) أنه مطرد مع جميع الشركات بشتى أنواعها ( مالية، صناعية، تجارية، زراعية، استثمارية، خدمية) وعلى شركات رابحة وشركات خاسرة.
4)مناسبة تطبيقه على الأفراد كذلك.
- وفي خصوص زكاة الأسهم المملوكة للشركات القابضة ذكرت الدراسة أنه إذا كانت تلك الأسهم لغرض الاقتناء والاستفادة من ريعها، فيجب على الشركة القابضة أن تزكي عما يقابل أسهمها من الموجودات الزكوية في الشركة المستثمر فيها، فإن كانت الشركة المستثمر فيها تؤدي الزكاة عن موجوداتها فلا زكاة على الشركة القابضة، أما إذا كانت الأسهم لغرض المتاجرة، فتزكى هذه الأسهم زكاة عروض التجارة، بأن تخرج الشركة القابضة ربع عشر القيمة السوقية لتلك الأسهم في يوم وجوب الزكاة، فإن كانت الشركة المستثمر فيها تؤدي الزكاة عن موجوداتها، فللشركة القابضة أن تخصم من زكاة أسهمها ما يعادل الزكاة المدفوعة عما يقابل أسهمها من موجودات زكوية في الشركة المستثمر فيها مع مراعاة مدة تملك الشركة القابضة لتلك الأسهم، فلو كانت تملك تلك الأسهم لنصف السنة فتخصم نصف الزكاة المدفوعة، وهكذا. وإذا كان ما دفعته الشركة المستثمر فيها أكثر من الزكاة الواجبة بالقيمة السوقية لتلك الأسهم فللشركة القابضة أن تحتسب الزيادة في زكاة أموالها الأخرى أو تجعلها تعجيلاً لزكاة قادمة، وأفصحت الدراسة عن أن المعيار في التمييز بين أسهم القنية وأسهم التجارة هو نية الشركة، ويتبين ذلك من تصنيفها في القوائم المالية للشركة القابضة، فإن أدرجت ضمن الأصول المتداولة أو الاستثمارات قصيرة الأجل، وهي الأصول أو الاستثمارات القابلة للتسييل في خلال سنة فتعد أسهم تجارة، وإن أدرجت ضمن الأصول غير المتداولة أو الاستثمارات طويلة الأجل وهي الأصول أو الاستثمارات غير القابلة للتسييل في خلال سنة فتعد أسهم قنية، ولو كان من نية الشركة بيعها على المدى الطويل عند الحاجة، أما إذا كانت الأسهم لشركات مختلطة، فيجب التخلص من الإيراد المحرم المتحقق من ذلك الاستثمار، ولا يجوز أن يحتسب مبلغ التخلص من الزكاة الواجبة عن تلك الأسهم، فإذا كانت الأسهم لشركات محرمة النشاط فيجب بيعها فوراً والتخلص من جزء من الثمن يعادل نسبة قيمة الموجودات المحرمة في تلك الأسهم إلى إجمالي قيمتها، وإخراج الزكاة عن الموجودات المباحة فيها.


منقول من موقع الفقه الإسلامي
 
أعلى