العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موانع القطع العشرة المخلة بالفهم : سبر غورها والرد عليها بمقتضى البرهان

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
قال شيخنا الجليل أبو حازم الكاتب ـ نفعنا الله به ـ في موضوع أخر متعلق باللانصية :

وقد رد عليه فيها وتعقبه الإمام القرافي - رحمه الله - في رسالته الاحتمالات المرجوحة ، وبين بطلان هذا الأصل أيضا في شرحه على المحصول المسمى بنفائس الأصول وقرر أنه يلزم على ذلك لوازم باطلة .

أفلا نتدارس مسألة موانع القطع هذه بطريقة علمية ونرد عليها بطريقة علمية ، فإنه لا منهج هنا إن نحن نقلنا نصوص من احتج بالظواهر ونصوص من بدع من تابع الرازي ونصوص من وصف الظواهر بأحسن الأوصاف...فهذا كله خطابي محله خطب الجمعة ودروس شرح الورقات ـ وأعتذرـ..

 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
قال شيخنا الجليل أبو حازم الكاتب ـ نفعنا الله به ـ في موضوع أخر متعلق باللانصية :




أفلا نتدارس مسألة موانع القطع هذه بطريقة علمية ونرد عليها بطريقة علمية ، فإنه لا منهج هنا إن نحن نقلنا نصوص من احتج بالظواهر ونصوص من بدع من تابع الرازي ونصوص من وصف الظواهر بأحسن الأوصاف...فهذا كله خطابي محله خطب الجمعة ودروس شرح الورقات ـ وأعتذرـ..






الشيخ الكريم عبد الرحمن وفقه الله
اوافقك الرأي على طرح المسألة علمياً وتدارسها بعيداً عن الكلام الخطابي - فيما ترون - فحبذا لو أفدتمونا برأيكم في الموضوع .
ابتداء أقول إن اعتراض القرافي على الرازي في هذه المسألة ليس بالأمر السهل لا سيما في ذلك العصر الذي يعتبر فيه الرازي إمام الدنيا ولا شغل للمتكلمين والأصوليين إلا مدارسة كتبه وشرحها واختصارها والتعليق عليها كيف إذا انضم لذلك مخالفة القرافي له في المذهب الفقهي ، ولذا وجد من أقرانه في ذلك العصر من ينازعه دوما في تعقباته على الرازي وهو الأصفهاني صاحب الكاشف على المحصول .
المقصود أنه مع وجود هذه العقبات ومع توافقه مع الرازي في أصول الاعتقاد إلا انه لم يرتض هذا المسلك وألف رسالته الاحتمالات المرجوحة وهي مطبوعة ومتداولة وهي موجودها إلكترونيا كمخطوط لكنه بخط واضح .
يقول القرافي في شرحه على المحصول أيضا : " الألفاظ اللغوية قد تفيد القطع وإنكار ذلك قدح في قواطع الكتاب والسنة وهو بين كفر وبدعة ، ثم يلزم منه عجز الأنبياء - عليهم السلام - عن تبليغ الرسائل على القطع ، وفيه عجز مرسلهم عن تفهيم العباد الأحكام على القطع من طريق الوحي وهو محال ... " إلى آخر كلامه في النفائس ( 6 / 2709 )
ينبغي أن يعلم أنه لا نزاع أن في النصوص ما دلالته ظنية لكن القول بان جميع الدلالات في الكتاب والسنة دلالات ظنية هذا هو القول المردود ، ولذلك اضطرب قول الرازي نفسه في هذه المسألة فقال في الأربعين في أصول الدين ( ص 426 ) : " واعلم أن هذا الكلام على إطلاقه ليس بصحيح لأنه ربما اقترن بالدلائل النقلية أمور عرف وجودها بالأخبار المتواترة وتلك الأمور تنفي هذه الاحتمالات وعلى هذا التقدير تكون الدلائل السمعية المقرونة بتلك القرائن الثابتة بالأخبار المتواترة مفيدة لليقين "
ولتقرير كلام الرازي بقية من الكلام بعد النظر فيما تذكرونه - والشيوخ الكرام - حول المسألة .
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
تنبيه وتحرير

تنبيه وتحرير

إلى أخي أبي حازم
هذه بعض التنبيهات على كلامك :
أحدها : قولكم :
ابتداء أقول إن اعتراض القرافي على الرازي في هذه المسألة ليس بالأمر السهل
قلت : لو راجعت النقل لوجدت أن القرافي إنما ينقل عن التبريزي وهو نقل طويل يبدأ من قوله : قال التبريزي (( الشيعة وإن ... ويتابع النقل عنه بقوله ''ثم قال'' ولا ينتهي النقل إلا عند كلام الرازي عن المسلك الثاني يعني من الصفحة 2708 إلى ص 2710

الثاني : قولكم
المقصود أنه مع وجود هذه العقبات ومع توافقه مع الرازي في أصول الاعتقاد إلا انه لم يرتض هذا المسلك
قلت : إنما لم يرتض مسلكه في الرد على من استدل بظنية الألفاظ لمنع دلالتها على المسئل القطعية وبين أن ذلك راجع إلى الاسقراء التام من عمومات الألفاظ
أما عن ظنية الدلالة اللفظية المجردة فيبدو أنه لا ينازعه فيها بدليل تسليمها له عند شرح كتاب اللغات من المحصول وعدم اعتراضه على تلك الاحتمالات الخمسة التي أوردها الرازي على منع قطعية الدلالة اللفظية
الثالث : قولكم
نبغي أن يعلم أنه لا نزاع أن في النصوص ما دلالته ظنية لكن القول بان جميع الدلالات في الكتاب والسنة دلالات ظنية هذا هو القول المردود ،

قلت : ههنا نحتاج إلى تدقيق في الكلام في مبحثين :
المبحث الأول : محل النزاع ليس في هل جميع النصوص ظنية أم لا ؟ لأن ذلك لا نزاع فيه .
كما لانزاع عندهم في الاستدلال بها في المسائل الظنية كفروع الأحكام
وإنما النزاع هو في الاستدلال بالألفاظ من حيث هي على أصل وضعها اللغوي على المسائل القطعية كأصول الفقه
المبحث الثاني : أن محل اعتبار ظنية الدلالة اللفظية إنما هو من حيث تجردها عن القرائن الحالية أو المقالية أو غيرها مما ينفي الاحتمال عنها وإلا فهي قد تفيد القطع مع تلك القرائن .
وبذلك لم يضطرب قول الرازي كما زعمتم
والله أعلم

 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
مناقشة بعض تحريرات الأخ الفاضل

مناقشة بعض تحريرات الأخ الفاضل

أكرمكم الله !

قلت : لو راجعت النقل لوجدت أن القرافي إنما ينقل عن التبريزي
هل تقصدُ سيدي أنه ينقل عنه في النفائس (النظر الخامس) فإنني لا أذكر ذلك ، بل رد عليه ردا محَرَّرا نسبيا مما جادت به قريحته، وإن كان يكثر النقل كعادته في كل الكتاب....

المبحث الأول : محل النزاع ليس في هل جميع النصوص ظنية أم لا ؟ لأن ذلك لا نزاع فيه .
بل النزاع حاصل ، ولو نظرت -بلا أمر عليك ـ إلى ما قاله الإيجي في شرح المواقف لجعلته ينسب القول بظنية أدلة السمعية كلها لجمهور الأشاعرة
!
وإنما النزاع هو في الاستدلال بالألفاظ من حيث هي على أصل وضعها اللغوي على المسائل القطعية
فما باله يطعن في الأسانيد؟
وللعلم فإن من نفى إمكان الاحتجاج بالسمع في أصول الدين إنما احتج بموانمع القطع هذه...
ثم على فرض صحة ما قلتم :
فإننا لو شككنا في إفادة الألفاظ كلها من حيث هي مفردة القطع : فهل ستحصل بمجموعها معنى مقطوعا به؟
!


أما عن ظنية الدلالة اللفظية المجردة فيبدو أنه لا ينازعه فيها بدليل تسليمها له عند شرح كتاب اللغات من المحصول وعدم اعتراضه على تلك الاحتمالات الخمسة التي أوردها الرازي على منع قطعية الدلالة اللفظية
هذا هو مذهب الشاطبي أيضا كما يظهر أثناء رده على موانع القطع في الموافقات ، وإن كان يستدل على قطعية المعاني الكلية بالاستقراء ، ويومئ إلى أن آحتاد الأدلة لا تفيد قطعا ، بل أشار إلى أن آية وجوب الصلاة قد لا تفيد القطع في إفادة المعنى
!
 
التعديل الأخير:
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
حاصل مذهب الرازي ـ كما أتصوره ـ وربما فاتني شئ لبعدي عن مكتبتي الآن :
أن الطريق إلى فهم الخطاب متوقف على العلم بلغة العرب ، وطريق ذلك: 1)بالنقل 2)وبما هو مركب من العقل والنقل ،
* أما ما يعلم بالنقل : فالتواتر والآحاد
ـ أما التواتر : فنحن نرى الناس قد اختلفوا في أكثر الألفاظ شيوعا كالصلاة والزكاة واشتقاقها ومدلولاتها، ثم خلافهم في الصيغ كلها = وعليها فدعوى التواتر في اللغة والنحو متعذرة. كما أننا لا نجزم بأن ما يدعى فيه النقل بالتواتر قد استوى فيه الطرفان والواسطة .
ـ أما الآحاد : فإن الرواة مجرحون كالخليل وابن دريد والأصمعي، ثم إن سلموا فإنه لا يفيد إلا الظن ، ومعرفة القرآن مبنية على معرفة النحو والإشتقاق والعلم بها مظنون كما سبق ، وما بني على مظنون فهو مظنون.
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
مطالب لا أوامر إلى الأخ عبد الرحمن

مطالب لا أوامر إلى الأخ عبد الرحمن

أخي الكريم
كلامك فيه اضطراب !!
أدعوك لرفعه بمعاودة النظر في مداخلتي جيدا
وبالعودة إلى مطالعة كلام الرازي وكلام القرافي
بدقة وتمعن !!
وستجد أولا: أن الرازي لا يطعن في أصل الوضع اللغوي وأن ما حصلته ليس بحاصل:)
وستجد ثانيا : أن القرافي يؤيده في احتمالية الدلالة الوضعية
وهما وعدان غير مكذوبين إن شاء الله
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
من باب المدارسة والتعلم لا أكثر ...

أرجو أن تدلني أستاذي الكريم على موضع الاضطراب
وشاكر لك ما تقصده من توضيح المسائل العلمية.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ عبد الرحمن بارك الله فيكم
الأستاذ الكريم أحمد - بارك الله فيكم - نحن نستفيد منكم في مثل ذلك لا سيما ما يتعلق بالقرافي لمعرفتي باهتمامكم وبحثكم حول القرافي رحمه الله .
واسمح لي أن أذكر بعض التعليق على ما ذكرته من تحرير وتنبيه فأقول :
أولاً : ظاهر ما ذكره القرافي يدل على أنه من كلامه لا من كلام التبريزي وأن كلام القرافي يبدأ من قوله : ( والجواب السديد أن يقال إن المسألة قطعية ولا سبيل إلى إثبات أصول الشريعة بالظن ...) ويؤيد هذا ما يلي :
أن هذا هو الذي يتوافق مع كلام القرافي في أكثر من موضع وأذكر منه ما نص عليه في النفائس ( 3 / 1129 ) حيث يقول القرافي - وأرجو أن لا تقول هو كلام التبريزي لأنه نص لا مجال أن ينسب لغير القرافي - يقول في التعليق على قول الرازي " لا تفيد الألفاظ اليقين إلا بالقرائن " : ( تقريره أن الوضع بما هو وضع تتطرق إليه هذه الاحتمالات ، ومع القرائن يقطع بأن المراد ظاهر اللفظ ثم القرائن تكون بتكرر تلك الألفاظ إلى حد يقبل القطع ، أو سياق الكلام ، أو بحال المخبر الذي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقرائن لا تفي بها العبارات ولا تنحصر تحت ضابط ، ولذلك قطعنا بقواعد الشرع ، وقواعد الوعد والوعيد وغيرها بقرائن الأحوال والمقال ، وهو كثير في الكتاب والسنة ...) وقارن هذا النص بالنص السابق الذي ذكرتم أنه من كلام التبريزي ، وسيأتي بيان الفرق بين القرائن عند القرافي الكثيرة وبين القرائن المقيدة عند الرازي .
ويقول في موضع آخر في التعليق على قول الرازي : " في أن الاستدلال بالأدلة اللفظية مبني على مقدمات ظنية والمبني على المقدمات الظنية لا يفيد إلا الظن " : ( قلنا : على هذه العبارة مناقشة فإن الموقوف على المقدمات الظنية قد يكون قطعياً بل الموقوف على الشك قد يكون قطعياً فضلاً عن الظن يدل لذلك صور : ...) ثم ذكر أربع صور وينظر تتمة كلامه في النفائس ( 3 / 1117 - 1118 )
وقطعاً للنزاع في نسبة القول السابق ينبغي الرجوع لكتاب التنقيح للتبريزي وهو محقق في رسالة دكتوراه في جامعة أم القرى وينظر هل هذا النص موجود فيه أو لا .

ثانياً : سلمنا أنه من كلام التبريزي فالقرافي ذكره مقراً له ولم يتعقبه وقد علم أن القرافي لا يذكر شيئا في كتابه النفائس لا يقر به إلا ويتعقبه حتى في جزئيات المسائل ويؤيد الموافقة بشكل أصرح النص السابق فإنه موافق له في المعنى والعبارة .

ثالثاً : سلمنا أنه من كلام التبريزي وأنه لا يظهر إقرار القرافي له فالتبريزي عالم أصولي فقيه نظار وكان من أجل مشايخ العلم كما قال السبكي .

رابعاً : قولكم بأنه " لا نزاع أنه يوجد القطعي ومحل النزاع ليس في هل جميع النصوص ظنية أم لا ؟ لأن ذلك لا نزاع فيه كما لانزاع عندهم في الاستدلال بها في المسائل الظنية كفروع الأحكام "
هذا الكلام ليس بصحيح أخي الكريم ويدل على ذلك كلام الرازي الذي سأذكره في المشاركة الآتية ثم إن لم يكن ثمة نزاع في ذلك فلم إذاً خالفه العلماء كالتبريزي - على قولكم - والقرافي وشيخ الإسلام ابن تيمية بل حتى التفتازاني يقول بعد ذكر الاحتمالات اللفظية التي ذكرها الرازي : " وتقرير الجواب أنه إن أريد أن بعض الدلائل اللفظية غير قطعية فلا نزاع ، وإن أريد أنه لا شيء منها بقطعي فالدليل المذكور لا يفيده ؛ لأنا لا نسلم أن الأمور المذكورة ظنية في كل دليل لفظي " شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 240 )
وسيأتي نقل كلام الرازي في المشاركة التالية إن شاء الله تعالى مع تعقيب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

يتبع إن شاء الله تعالى
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
ابتداءً أقول :
إن الرازي ذهب إلى أن الإجماع دليل ظني وخبر الآحاد دليل ظني ثم زاد به الأمر فانتقل إلى المتواتر من القرآن والسنة وحيث ثبتا بطرق قطعية مال إلى القول بظنيتها من جهة الدلالة ونتيجة ذلك كله أن هذه الأدلة - ( القرآن والسنة والإجماع ) - ظنية فلا يمكن الاستناد إليها في مسائل القطع كمسائل العقيدة .
واكتفى بالاعتماد على العقل في ذلك او الأدلة المتواترة التي يسندها قرائن يقينية من المشاهدة ونحوها .
ثم إنه كرَّ في بعض المواطن على العقل وقال إنه ليس في العقل ما ينفي النقائص عن الله تبارك وتعالى .
وعليه فليس ثمة دليل يدل على نفي النقائص عن الله والذي هو أصل عقدي يحتاج إلى دليل قطعي عند الرازي والنتيجة أنه لا يقطع بتنزيه الله عز وجل من النقائص لعدم وجود الدليل القطعي وسيأتي أنه رجع ليثبت ذلك بدليل الإجماع مع جزمه بأنه دليل ظني .

النصوص التي تبين رأي الرازي في المسألة :
1 - يقول الفخر الرازي : " الدليل اللفظي لا يفيد اليقين إلا عند تيقن أمور عشرة : عصمة رواة تلك الألفاظ ، وإعرابها ، وتصريفها ، وعدم الاشتراك والمجاز والنقل والتخصيص بالأشخاص والأزمنة ، وعدم الإضمار والتقديم والتأخير والنسخ ، وعدم المعارض العقلي الذي لو كان لرجح عليه إذ ترجيح النقل على العقل يقتضي القدح في العقل المستلزم للقدح في النقل لافتقاره إليه فإذا كان المنتج ظنيا فما ظنك بالنتيجة " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ( ص 71 )
2 – ويقول بعد أن سرد الاحتمالات العشرة : " فثبت أن الدلائل النقلية موقوفة على هذه المقدرات العشرة وكلها ظنية والموقوف على الظني أولى بأن يكون ظنياً فالدلائل النقلية ظنية " الأربعين ( ص 426 )
3 – ويقول : " الاستدلال بالخطاب هل يفيد القطع أم لا ؟
منهم من أنكره وقال إن الاستدلال بالأدلة اللفظية مبني على مقدمات ظنية والمبني على المقدمات الظنية ظني فالاستدلال بالخطاب لا يفيد إلا الظن ... " ثم ذكر الظنون التسعة إلى أن قال :
" الظن التاسع نفي المعارض العقلي فإنه لو قام دليل قاطع عقلي على نفي ما أشعر به ظاهر النقل فالقول بهما محال لاستحالة وقوع النفي والاثبات ، والقول بارتفاعهما محال لاستحالة عدم النفي والإثبات ، والقول بترجيح النقل على العقل محال ؛ لأن العقل أصل النقل فلو كذبنا العقل لكنا كذبنا أصل النقل ، ومتى كذبنا أصل النقل فقد كذبنا النقل ، فتصحيح النقل بتكذيب العقل يستلزم تكذيب النقل فعلمنا أنه لا بد من ترجيح دليل العقل .
فإذا رأينا دليلاً نقلياً فإنما يبقى دليلاً عند السلامة عن هذه الوجوه التسعة ولا يمكن العلم بحصول السلامة عنها إلا إذا قيل بحثنا واجتهدنا فلم نجدها لكنا نعلم أن الاستدلال بعدم الوجدان على عدم الوجود لا يفيد إلا الظن .
فثبت أن التمسك بالأدلة النقلية مبني على مقدمات ظنية والمبني على الظني ظني وذلك لا شك فيه فالتمسك بالدلائل النقلية لا يفيد إلا الظن .. واعلم أن الإنصاف أنه لا سبيل إلى استفاد ة اليقين من هذه الدلائل اللفظية إلا إذا اقترنت بها قرائن تفيد اليقين سواء كانت
تلك القرائن مشاهدة أو كانت منقولة إلينا بالتواتر " المحصول ( 1 / 390 – 410 )

التعليق على كلام الرازي :
أولاً : تبع الرازي على هذا التقرير الآمدي .
يقول الآمدي : " لعل الخصم قد يتمسك هاهنا بظواهر من الكتاب والسنة وأقوال بعض الأئمة وهى بأسرها ظنية ولا يسوغ استعمالها في المسائل القطعية فلهذا آثرنا الإعراض عنها ولم نشغل الزمان بإيرادها " غاية المرام ( ص 200 )
كما تبعه على ذلك الإيجي في المواقف والأسنوي في الزوائد ( ص 235 – 236 ) والأصفهاني في بيان المختصر ( 1 / 12 ) والشاطبي في الموافقات ونسبه الجرجاني في شرح المواقف ( 2 / 51 – 52 ) إلى المعتزلة وجمهور الأشاعرة .

ثانياً : قد رد هذا التقرير كثير من العلماء من أهل السنة وغيرهم
فمن أهل السنة شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه ومن أشهرها درء تعارض العقل والنقل ونقض التأسيس ، وابن القيم في الصواعق المرسلة .
كما رده القرافي في النفائس والتفتازاني في شرح التلويح والكوثري في كتابه نظرة عابرة على من ينكر نزول عيسى عليه السلام قبل الآخرة ( ص 51 ضمن مجموع ) حيث يقول : " أما الدليل اللفظي فيفيد اليقين عند توارد الأدلة على معنى واحد بطرق متعددة وقرائن منضمة عند الماتريدية كما في إشارات المرام للبياضي وغيره وإلى هذا ذهب الآمدي في الأبكار والسعد في شرح المقاصد والتلويح والسيد في شرح المواقف وعليه جرى المتقدمون من أئمة هذه الأمة وجماهير أهل العلم من كل مذهب بل الاشعري يقول إن معرفة الله لا تكون إلا بالدليل السمعي ومن يقول هذا يكون بعيدا عن القول بأن الدليل السمعي لا يفيد إلا الظن فيكون من عزا المسألة إلى الأشعرية مطلقاً متساهلا بل غالطا غلطا غير مستساغ والواقع أن القول بأن الدليل اللفظي لا يفيد اليقين إلا عند تيقن أمور عشرة ودون ذلك خرط القتاد تقعر من بعض المبتدعة وقد تابعه بعض المتفلسفين من أهل الأصول وجرى وراءه بعض المقلدة من المتأخرين وليس لهذا القول أي صلة لأي إمام من أئمة أهل الحق وحاشاهم أن يضعوا أصلا يهدم به الدين ويتخذ معولا بأيدي المشككين والدليل اللفظي القطعي الثبوت يكون قطعي الدلالة في مواضع مشروحة من أصول الفقه " .

ثالثاً: قد تناقض الرازي واضطرب في تقرير هذا الأصل وذلك من وجوه :
1 – تارة يطلق القول بأنها لا تفيد القطع مطلقا وتارة يجعل ذلك مقيداً بقرائن .
2 – تارة يجعل الاحتمالات عشرة وتارة تسعة ، وتارة يعد اللغة والنحو والصرف أمراً واحداً ، وتارة يضيف شرط القطع بعدم النقل من المعنى اللغوي إلى الشرعي ، وتارة يذكر شرط المعارض العقلي ، وتارة يجعل اللغة والنحو أمرين .
3 – في مسألة صفة السمع والبصر ضعف الرازي دليل الأشاعرة العقلي في إثباتهما ورجح أن الأولى الاستدلال لهما بنصوص الكتاب والسنة ثم قال : " لئن سلمنا إمكان حملها على حقائقها لكنكم قلتم في أول الكتاب إن التمسك في المسائل القطعية لظواهر الآيات غير جائز ؟؟ فأجاب عن هذا وقال : " نحن ما ذكرنا هذا السؤال هناك لاعتقادنا أنه لا يمكن الجواب عنه بل الجواب عنه إجماع الأمة على جواز التمسك بنصوص الكتاب والسنة في المسائل القطعية وفي هذا الموضوع كلام طويل " نهاية العقول ( 160 أ ، ب )
4 - قرر الرازي في هذا الأصل أن القطع لا يبنى على مقدمات ظنية بينما ناقض ذلك في مواضع منها :
أ – ذكر في كتابه نهاية العقول أنه ليس في العقل ما يوجب تنزيه الرب سبحانه وتعالى عن النقائص ولم يقم على ذلك دليل عقلي أصلاً ثم قال : إنما نفينا النقائص عنه بالإجماع على جواز التمسك بنصوص الكتاب والسنة علماً أنه قرر أن الإجماع دليل ظني لأنه مبني على أدلة ظنية .
ب – ذكر الرازي – كما في أساس التقديس ( ص 168 – 171 ) - أن خبر الواحد يفيد الظن قطعاً وتوصل للقطع بذلك بأدلة ظنية كقوله : إن الصحابة ما كتبوا أخبار الآحاد بل حفظوها ورووها بعد عشرين سنة أو أكثر وهذا الاستنتاج منه ظني لا قطعي ، وقوله : الإجماع على عدم عصمة الرواة فيحتمل عليهم الكذب والخطأ ، والإجماع عنده ظني .

يتبع إن شاء الله تعالى
 
التعديل الأخير:
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لن أتدخل ولكن هل أنقل ما في المطالب العالية للرازي؟ أو ما في الاحتمالات العشر المخلة بالفهم، حتى يمكننا الإحاطة بالموضوع وتكون النصوص أمامنا ويمكن الرجوع إليها بيسر؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لن أتدخل ولكن هل أنقل ما في المطالب العالية للرازي؟ أو ما في الاحتمالات العشر المخلة بالفهم، حتى يمكننا الإحاطة بالموضوع وتكون النصوص أمامنا ويمكن الرجوع إليها بيسر؟

شيخنا الكريم الدكتور أبا حاتم مرحباً بكم اصنعوا ما شئتم فمنكم نستفيد .
 
التعديل الأخير:
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
قال الرازي في المطالب العالية :
" إن التمسك بالدلائل اللفظية موقوف على أمور عشرة، وكل واحد منها ظني، والموقوف على الظني ظني، ينتج أن التمسك بالدلائل الظنية لا يفيد إلا الظن، ولتبين الأمور العشرة :
فالأول : إن التمسك بالدلائل اللفظية يتوقف على نقل مفردات اللغة ونقل النحو والتصريف، لكن رواية هذه الأشياء تنتهي إلى اشخاص قليلين لا يمتنع في العرف إقدامهم على الكذب، ومثل هذه الرواية لا تفيد إلا الظن .
الثاني : إن التمسك بالدلائل اللفظية يتوقف على عدم الاشتراك، يحتمل أن يكون المراد من كل واحد من تلك الأفلاظ المفردة أمرا آخر غير ما تصورناه، وعلى ذلك التقدير يكون المراد من المركب أمرا آخر غير ما فهمناه، لكن عدم الاشتراك مظنون.
الثالث : ويتوقف أيضا على ان الأصل في الكلام الحقيقة، لأنه كما يستعمل اللفظ في حقيقته فقد يستعمل في مجازه، فلو لم نقل: الأصل في الكلام الحقيقة، فربما كان المراد بعض مجازاته ، وحينئذ يتغير المعنى، لكن عدم المجاز مظنون.
الرابع: ويتوقف على الإضمار وعدم الحذف، بدليل أن الإضمار والحذف واردان في كتاب الله تعالى، أما الحذف فكثير منه قوله تعالى : " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا " الأنعام /51، وكلمة : " لا " محذوفة ، لأنه تعالى لم يحرم علينا أن لا نشرك به، وإنما حرم علينا أن نشرك به، ومنها قوله تعالى: " لا أقسم بيوم القيمة"القيامة /1، وكلمة : " لا " محذوفة والتقدير : اقسم بيوم القيامة، ومنها قوله تعالى : " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون" الأنبياء/ 95، وكلمة : " لا " هنا محذوفة، وإلا لكان يجب رجوهم إلى الدنيا، وهذا باطل بالإجماع، فكان التقدير وحرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون، وأما الإضمار فكثير، منها " إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه" الكهف/57، والتقدير: لئلا يفقهوه، لأن تأثير الأكنة في أن لا ييفقه لا في أن يفقهه، ومنها قوله تعالى:" يبين الله لكم أن تضلوا" النساء/176، قال بعضهم: التقدير: يبين الله لكم لئلا تضلوا، وبالجملة فالقرآن مملوء من الحذف والإضمار، بحيث ينقلب النفي إثباتا والإثبات نفيا كما أوردناه في الأمثلة، وإذا كان الأمر كذلك كان عدم الحذف وعدم الإضمار مظنونا لا معلوما.
الخامس: ويتوقف أيضا على عدم التقدير والتأخير، لأن بسببهما يتغير المعنى، لكن عدمها مظنون.
السادس: ويتوقف على عدم المخصص، فإن أكثر عمومات القرآن والسنة مخصوص، فعدم كون العام مخصوصا مظنون لا معلوم، ومثاله قوله تعالى : " هو خالق كل شيء" الأنعام/ 102، فهذا إنما يديل على أنه تعالى خالق لأعمال العباد، ولو علمنا أن هذا العموم غير مخصوص في أفعال العباد، لأن بتقدير أن يكون قد وجد ما يدل على كونه مخصوصا لم يكن التمسك به إلا أن عدم المخصص مظنون لا معلوم .
السابع: ويتوقف على عدم المعارض النقلي، لأن الدلائل اللفظية قد يقع فيها التعارض، ويصار فيها إلى الترجيحات التي لا تفيد إلا الظن .
الثامن: ويتوقف على سلامتها المعارض العقلي، وإن آيات التشبيه كثيرة، لكنها لما كانت معارضة بالدلائل العقلية القطعية لا جرم أوجبنا صرفها عن ظواهرها فكذا ههنا، وأيضا فعند حصول التعارض بين ظواهر النقل وقواطع العقل، لا يمكن تصديقهما معا، وإلا لزم تصديق النقيضين، ولا تكذبهما، وإلا لزم رفع النقيضين، ولا ترجيح النقل على القواطع العقلية، لأن النقل لا التصديق به إلا بالدلائل العقلية، فترجيح النقل على العقل يقتضي الطعن في العقل، ولما كان العقل أصلا للنقل كان الطعن في العقل موجبا للطعن في العقل والنقل معا، وإنه محال، فلم يبق إلا القسم الرابع وهو القطع بمقتضيات الدلائل العقلية القطعية، وحمل الظواهر النقلية على التأويل فثبت بهذا أن الدلائل النقلية يتوقف الحكم بمقتضياتها على عدم المعارض العقلي، إلا أن ذلك مظنون لا معلوم.
التاسع: وهو أن الدليل النقلي إما أن يكون قاطعا في متنه ودلالته أو لا يكون كذلك، أما القاطع في المتن فهو الذي علم بالتواتر اليقيني صحته، وأما القاطع في دلالته فهو الذي حصل اليقين بأنه لا يحتمل معنى آخر سوى هذا الواحد، فنقول: لو حصل دليل لفظي بهذه الشرائط، لوجب أن يعلن كل العقلاء صحة القول بذلك المذهب، مثاله: إذا استدللنا بآية أو بخبر على أن الله تعالى خالق لأعمال العباد، فهذا إما يتم لو كانت الآية وذلك الخبر مرويا بطريق التواتر القاطع ، وأن تكون دلالة تلك الآية وذلك الخبر على هذا المظنون غير محتمل البتة لوجه آخر احتمالا راجحا أو مرجوحا وإلا لصارت تلك الدلائل ظنية، ولو حصل دليل سمعي لهذا الشرط لوجب أن يعرف كل المسلمين صحة ذلك المطلوب بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان الأمر كذلك لما اختلف أهل الإسلام في هذه المسألة مع إطباقهم أن القرآن حجة، ولما لم يكن الأمر كذلك علمنا أن شيئا من هذه الآيات لا يدل على هذا المطلوب دلالة قطعية يقينية، بل كل آية يتمسك بها أحد الخصمين فإنه لا بد وأن يكون محتملا لسائر التأويلات، ولا يمكننا دفع تلك التأويلان إلا بالترجيحات الظنية والمدافعات الإقناعية، ومعلوم أن كل ذلك يفيد الظن .
العاشر: أن دلالة ألفاظ القرآن الكريم على هذا المطلوب إما أن تكون دلالة مانعة من النقيض، أو غير مانعة منه، والأول باطل، أما الأول: فلأن الدلائل اللفظية وضعية، والوضعيات لا تكون مانعة من النقيض، وأما الثاني: فلأان هذه الدلائل لو كانت مانعة من النقيض لكان الصحابة والتابعون أولى الناس بالوقوف عليها والإحاطة بمعانيها، لأنهم كانوا أرباب تلك اللغة، ولو كان الأمر كذلك لما وقع الاختلاف في هذه المسألة قديما وحديثا بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فثبت أن دلالة هذه الألفاظ على هذه المطالب ليست دلائل قاطعة مانعة من النقيض، بل هي محتملة للنقيض، ومتى كان الأمر كذلك كانت دلالة الدلائل اللفظية ليست إلا ظنية.
فثبت بهذه الوجوه العشر أن الدلائل اللفظية لا تفيد إلا الظن، وظاهر أن هذه المسألة يقينية والتمسك بالدليل الظني في المطلوب اليقيني باطل قطعا .
المطالب العالية من العلم الإلهي ، 113/9 ـ 115 .
 
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
شيخنا الكريم الدكتور أبو حاتم مرحباً بكم اصنعوا ما شئتم فمنكم نستفيد .
إنما أنا بعض حسناتك أبا حازم وأسأل الله أن يجعلني شاهدا لك على الخير .
الآن وقد نقلت قول الرازي في المطالب العالية ، فلنقارنه بالذي في النفائس ثم ننظر وجه الاضطراب في قوله.
مع العلم أني على قول القرافي في الموضوع، والمسألة عندي أن الأمر لما تردد بين اعتبار القطع واعتبار الظن كان اعتبار القطع أولى صيانة للشريعة من التأويلات والاحتمالات التي قد تذهب ببعض الأدلة نقلا ومعنى، فظنية المقدمات لا تعني بالضرورة ظنية النتائج، وما الإشهاد على الجنايات و الأقضية والدماء والأعراض إلا مقدمات ظنية وجدت معها قرائن فأثبت حكما شرعيا فيها، وما دامت الأدلة تواردت على معنى واحد وإن اختلفت طرقها ، فإنها تفيد القطع .
وظني ـ أنا يوسف حميتوـ أن المسألة أهون من يختلف فيها، ويكفينا من القول كله سطر من مواقف الأيجي رحمه الله حين قال" : فإنا نعلم استعمال لفظ الأرض والسماء ونحوهما زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في معانيها التي تراد منها الآن والتشكيك سفسطة" ص: 40 . فمتى استعمل اللفظ في سياقه الشرعي دل على المقصود منه قطعا، والذي يجب أن يستدل عليه هو ثبوت الظن وورود الاحتمال على اللفظ .
والله تعالى أعلى وأعلم .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم شيخنا الكريم ونفعنا الله بكم
يقول التفتازاني في رد كلام الرازي :
" الأمور التي يتوقف الدليل على عدمها كلها خلاف الأصل ، والعاقل لا يستعمل الكلام في خلاف الأصل إلا عند قرينة تدل عليه، فاللفظ عند عدم قرينة خلاف الأصل يدل على معناه قطعا، ولو سلم عدم قطعية دلالته عليه عند عدم قرينة خلاف الأصل فيجوز أن ينضم إليه قرينة قطعية الدلالة على أن الأصل هو المراد به، وحينئذ يعلم قطعا أن الأصل هو المراد، وإلا لزم بطلان فائدة التخاطب ؛ إذ لا فائدة إلا العلم بمعاني الخطابات ولوازمها .." شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 241 )

وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية الأجوبة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
اعتذار ...

اعتذار ...

الإخوة عبد الرحمن وأبا حازم وأبا حاتم
أعتذر عن التأخر لأني منشغل هذه الأيام ...
وسأعود لإتمام المدارسة مع أخوتكم فإني في شوق لذلك :)
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الإخوة عبد الرحمن وأبا حازم وأبا حاتم

أعتذر عن التأخر لأني منشغل هذه الأيام ...
وسأعود لإتمام المدارسة مع أخوتكم فإني في شوق لذلك :)
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

أخي الكريم لا عليك أنت بين إخوتك فحيث فرغت من شغلك مرحباً بك والأمر من باب المدارسة والمباحثة وتبادل الفوائد لا أكثر .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
مما تعقب به التفتازاني الفخر الرازي بقوله : إن النقل في اللغة والنحو والصرف لم ينقل بالتواتر فلا يفيد القطع :
قال التفتازاني في الجواب عن ذلك : " لا نسلم عدم التواتر في الكل فإن منها ما هو متواتر لغة كمعنى السماء، والأرض، ونحواً كقاعدة رفع الفاعل، وصرفاً كقاعدة أن مثل ضرب : فعل ماض فيجوز أن يؤلف منها دليل لفظي " شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 240 )
والعجيب أن هذا هو ما يقر به الرازي حيث يقول في المحصول في الكلام على ما به يعرف كون اللفظ موضوعاً لمعناه ( 1 / 216 - 217 ) : " اللغة والنحو على قسمين :
أحدهما المتداول المشهور والعلم الضروري حاصل بأنها في الأزمنة الماضية كانت موضوعة لهذه المعاني فإننا نجد أنفسنا جازمة بأن لفظ السماء والأرض كانتا مستعملتين في زمان الرسول صلى الله عليه و سلم في هذين المسميين ونجد
الشكوك التي ذكروها جارية مجرى شبه السوفسطائية القادحة في المحسوسات التي لا تستحق الجواب .
وثانيهما الألفاظ الغريبة والطريق إلى معرفتها الآحاد إذا عرفت هذا فنقول أكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول فلا جرم قامت الحجة به .
وأما القسم الثاني فقليل جدا وما كان كذلك فإنا لا نتمسك به في المسائل القطعية ونتمسك به في الظنيات ونثبت وجوب العمل بالظن بالاجماع ونثبت الاجماع بآية واردة بلغات معلومة لا مظنونة وبهذا الطريق يزول الإشكال "

وكنت بالأمس أفكر في كلام الرازي في أن الدلائل اللفظية لا تفيد القطع لوجود المعارض العقلي فالمعارض العقلي عند الرازي يقدح في قطعية الدلائل اللفظية وبنى على ذلك القانون المشهور في تقديم العقل على النقل الذي جعل فيه أربع احتمالات ثم انتهى إلى ترجيح العقل على النقل .
أقول :
كيف قال الرازي هذا مع أنه يرى أن التحسين والتقبيح شرعيان فهو ينكر التحسين والتقبيح العقليين حيث لا معارض ويقدم العقل عند وجود المعارض الشرعي ؟؟

أحب أن أنبه إلى أمر مهم :
نحن هنا نتكلم عن رأي الرازي في هذه المسألة ، وأما الرازي نفسه فقد أفضى إلى ما قدم وأسأل الله أن يعفو عنه ، والذي لا أشك فيه أن الرازي كان قوي العقل حاد الذكاء كما يظهر أن الرجل كان مريداً للحق بعيداً عن التقليد حتى لمن سبقه من الأشاعره ، وكثرة اضطرابه أمارة على أنه يبحث عن الحق لكنه لم يصبه ، ويؤيد هذا كلامه في آخر عمره وما كتبه في وصيته قبل موته لكن ما كتبه في مؤلفاته وما قعده من قواعد كلامية أخطأ الطريق فيها وكم من مريد للحق لا يصيبه .
 
التعديل الأخير:
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
أحب أن أنبه إلى أمر مهم :
نحن هنا نتكلم عن رأي الرازي في هذه المسألة ، وأما الرازي نفسه فقد أفضى إلى ما قدم وأسأل الله أن يعفو عنه ، والذي لا أشك فيه أن الرازي كان قوي العقل حاد الذكاء كما يظهر أن الرجل كان مريداً للحق بعيداً عن التقليد حتى لمن سبقه من الأشاعره ، وكثرة اضطرابه أمارة على أنه يبحث عن الحق لكنه لم يصبه ، ويؤيد هذا كلامه في آخر عمره وما كتبه في وصيته قبل موته لكن ما كتبه في مؤلفاته وما قعده من قواعد كلامية أخطأ الطريق فيها وكمن مريد للحق لا يصيبه .
يرحمك الله أبا حازم .
قد قطعت بهذه قالة كل لجوج .
إنما القصد كله بيان الحق والركون إليه .
ولا يغضبن أخ فاضل من وصف قوله بالاضطراب أو التناقض فهي استعمالات درج عليها أعلامنا يرحمهم الله ، فليس القصد الكاتب وإنما القصد المكتوب .
ونكمل إن شاء الله .
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
عودة للمتابعة ...

عودة للمتابعة ...

الآن وقد تيسر الوقت أعود إن شاء الله لمتابعة المدارسة مع الإخوة الفضلاء،
ولا أخفيكم ما يجيش في قلبي من مشاعر الحب والإكرام والتقدير لإخوتي لما استشعرته فيهم من صدق في البحث وحرص على العلم مع الإنصاف،
وهي أوصاف لايشك أهل العلم في جلالتها وفي ضرورتها لطالب العلم، جعلنا الله جميعا من أهله المتحققين به ...
ثم إني الآن أمام طريقين في المناقشة :
هل أبدأ بالتعليق على ما تقدم من الكلام ثم أترك تلخيص الموضوع فيما بعد أم العكس ؟
لكني أرجح الطريق الأول لما ظننت فيه من المنفعة إن شاء الله

 
أعلى