العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موانع القطع العشرة المخلة بالفهم : سبر غورها والرد عليها بمقتضى البرهان

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
قال شيخنا الجليل أبو حازم الكاتب ـ نفعنا الله به ـ في موضوع أخر متعلق باللانصية :

وقد رد عليه فيها وتعقبه الإمام القرافي - رحمه الله - في رسالته الاحتمالات المرجوحة ، وبين بطلان هذا الأصل أيضا في شرحه على المحصول المسمى بنفائس الأصول وقرر أنه يلزم على ذلك لوازم باطلة .

أفلا نتدارس مسألة موانع القطع هذه بطريقة علمية ونرد عليها بطريقة علمية ، فإنه لا منهج هنا إن نحن نقلنا نصوص من احتج بالظواهر ونصوص من بدع من تابع الرازي ونصوص من وصف الظواهر بأحسن الأوصاف...فهذا كله خطابي محله خطب الجمعة ودروس شرح الورقات ـ وأعتذرـ..

 
إنضم
26 فبراير 2010
المشاركات
596
الكنية
أبو الفضل
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
الخليل
المذهب الفقهي
فقه مقارن
السلام عليكم
أشد على يديك أخي الشيخ أبو حازم في مطالبك.
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
متابعة للحوار...وليتكم تجملوها في مشاركة واحدة جامعة مانعة عندما تنتهون..بارك الله فيكم..
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
توجيهات مهمة جدا...

توجيهات مهمة جدا...

أخي الكريم أبا حازم سدده الله
أولا : أعتذر إليك عن التأخر الناتج عن بعض الأشغال المرتبطة بالوظيفة حيث لا تسمح بالوقت الكافي للتأمل والمتابعة الرصينة وذلك رعاية لحق البحث العلمي.
ثانيا : إني أؤكد على وجوب التزام المنهج العلمي بصرامة وأمانة، فلا أقبل منك أن تطلب رأيي في هذه القضايا ونحن إنما نتناوله قضية مستقلة عن الذات، وإلا فسنسقط في خلط المواضيع بالآراء الشخصية بما لا يمكن التحكم فيه والخروج منه بنتيجة نافعة ...
ثالثا : قد اقترحنا منهجية أحسب أنها ستقود إلى خلاصات وفوائد مهمة إن شاء الله لنا ولإخواننا الباحثين في الملتقى فلا ينبغي الخروج عنها..
رابعا : القضية التي نبحثها جد دقيقة تفترض في باحثها الاطلاع الكافي على مصطلحات أهل الأصول وطرقهم في الاستدلال كما أحسبه فيكم والحمد لله.
خامسا : طبيعة البحث نقدية تحليلية وهي تفرض الالتزام بقدر مهم من القدرة على الاستقلال الفكري والعقلي، والاستعداد لعرض كل الأقوال للنقد ولكن بالمنهج الذي نقلته عن ابن تيمية أسفلَه...
سادسا : قد يحتاج منا البحث إلى شيء من الوقت غير العادي فالمطلوب الصبر والمتابعة والتثبت..
والله أعلم


 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
أخي الكريم أبا حازم سدده الله

أولا : أعتذر إليك عن التأخر الناتج عن بعض الأشغال المرتبطة بالوظيفة حيث لا تسمح بالوقت الكافي للتأمل والمتابعة الرصينة وذلك رعاية لحق البحث العلمي.
ثانيا : إني أؤكد على وجوب التزام المنهج العلمي بصرامة وأمانة، فلا أقبل منك أن تطلب رأيي في هذه القضايا ونحن إنما نتناوله قضية مستقلة عن الذات، وإلا فسنسقط في خلط المواضيع بالآراء الشخصية بما لا يمكن التحكم فيه والخروج منه بنتيجة نافعة ...
ثالثا : قد اقترحنا منهجية أحسب أنها ستقود إلى خلاصات وفوائد مهمة إن شاء الله لنا ولإخواننا الباحثين في الملتقى فلا ينبغي الخروج عنها..
رابعا : القضية التي نبحثها جد دقيقة تفترض في باحثها الاطلاع الكافي على مصطلحات أهل الأصول وطرقهم في الاستدلال كما أحسبه فيكم والحمد لله.
خامسا : طبيعة البحث نقدية تحليلية وهي تفرض الالتزام بقدر مهم من القدرة على الاستقلال الفكري والعقلي، والاستعداد لعرض كل الأقوال للنقد ولكن بالمنهج الذي نقلته عن ابن تيمية أسفلَه...
سادسا : قد يحتاج منا البحث إلى شيء من الوقت غير العادي فالمطلوب الصبر والمتابعة والتثبت..
والله أعلم
الأستاذ الكريم أبو مريم وفقه الله
لا بأس والأمر كما ترون لا حاجة إلى ذكر رأيكم الشخصي وسنسير على المنهج الذي قررتم وحباً وكرامة
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
أخي أبا حازم :
قولك :

أولاً : إن كان مرادكم بالسؤال اللفظ المجرد عن
القرائن فسأحيلكم إلى ما نقلتَموه عن الزركشي في البحر حيث ذكر في المسألة ثلاثة أقوال ، فهل هذه الأقوال التي ذكرها هي في اللفظ المجرد عن القرائن أو لا ؟
إن قلتم هي في اللفظ المجرد عن القرائن فلماذا إذاً ذكر قول الرازي أنه يفيد القطع إن اقترنت به قرائن ؛ لأن ذلك خارج عن المسألة .
ما دمت قارنت بتقسيم الزركشي فاسمح لي بالسؤال التالي : هل ما جئت به في التقسيم يدخل في أقسامه أم هو من قسائمه؟
قولك :
قصدتُ الإجابة على قولكم هل التقسيم يشمل المسائل القطعية أو الظنية أو يشمل الجميع ؟
فقلتُ : البحث في دلالات الألفاظ لا متعلقاتها!! من جهة القطع والظن أي المسائل العلمية والعملية!! فالمقصود ما تفيده الألفاظ من دلالة قطعية أو ظنية بغض النظر عن جزئيات المسائل
!!
أقول: مع أنه كلام لم يستقم لي فهمه!! ،ومع أني حرصت على تقييد النقاش في المسائل القطعية!!، فسأترك التعليق عليه إلى البحث في السؤالين الثالث والرابع إن شاء الله
يتبع


 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
جواب بقاعدة

جواب بقاعدة

أخي أبا حازم سدده الله
قولك :
رابعاً : قولك إن هذه الأقوال المنقولة عن الرازي قول واحد هذا لا يسلم ولا يحتمله كلام الرازي ؛ لأن قوله المطلق - كما سبق - نص لا يحتمل التأويل!!! وصريح في النفي المطلق لوجود القطع في الأدلة السمعية وأنت أمام خيارين لا ثالث لهما :أحدهما : أن تجعلها عدة أقوال وهو ما سبق تقريره
والثاني :أن تقول هي قول واحد ومحصلة الاطلاق والتقييد واحدة
أقول :
ههنا فائدة (1) وهي : نسبة القول إلى صاحبه إنما تكون كما يريده القائل لا كما يفهمه الناقل.
وذلك يستلزم أولا التحري التام ما أمكن ، حتى لا ينسب له ما لم يقله ، وثانيا عدم خلط النقد بالنقل بل يجب التمييز بينهما.
ولهذا كان ما اقترحتَه من الاحتمالات كلها خارجة عن المنهج العلمي وفق هذه القاعدة.
والحاصل أنه قول واحد كما نقله عنه العلماء.
أما أنه أقوال أو ينتهي إلى النفي المطلق بالمآل فهو نقد منك ليس إلا ، وهو من حقك، ولكن ليس من حقك أن تفرضه على صاحب القول .
قولك :
خامساً :قولك بموافقة القرافي للرازي في هذه المسألة لا يصح لما سبق من تحديد حقيقة القرائن ، وأنه لا يخلو لفظ منها غالبا ، وكثرتها عند القرافي بحيث لا تنحصر ، وتصريحه بأن القطع في القرآن والسنة كثير .
ويقول أيضاً : ( النصُّ له ثلاث معان في اصطلاح العلماء : ما له معنى قطعاً ولا يحتمل غيره قطعاًكأسماء الأعداد ، وما يدلُّ على معنىً قطعاً ويحتمل غيرهكصيغ الجموع في العموم .." نفائس الأصول ( 2 / 629 )

أقول:
الجواب مبني أيضا على القاعدة السابقة، ذلك أن القرافي رحمه الله بعد أن بين معاني النص الوارد في كلام الرازي ذكر التعقيب التالي: (( قولهم ''النص ما لا يحتمل'' يبطل بأمور : أحدها : أن أقوى ألفاظ النصوص لفظ العدد كالعشرة مثلا والعقل يجوز بالضرورة أن تكون العرب وضعتها لمعنى آخر من الجماد والنبات ... وأن ذلك المسمى الآخر هو مراد المتكلم هذا الاحتمال لا يبطُل تجويزه أبدا...ويرد مع احتمال الاشتراك التقديمُ والتأخير والنقل والمعارض العقلي والإضمار وهذه الاحتمالات لا يبطلها لفظ العدد.
الثاني : أن مذهب أهل الحق جواز النسخ قبل الفعل فإذا أمرنا بعدد جاز أن يكون الله تعالى علم نسخه قبل وقوعه...وإذا كان هذا في لفظ العدد فكيف غيره و لا يتصور لفظ يتعذر فيه أمثال هذه الاحتمالات إلا لفظ الجلالة وهو قولنا الله!!!...
ورابعها: أن الاستثناء يدخل في صيغ العدد...)) انظر النص كاملا في النفائس 2/-240-234

فهل هذا الكلام الصريح الواضح يدل على فهمي أو على فهمك؟؟



 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
أخي أبا حازم :

قولك :


ما دمت قارنت بتقسيم الزركشي فاسمح لي بالسؤال التالي : هل ما جئت به في التقسيم يدخل في أقسامه أم هو من قسائمه؟

الأستاذ أبو مريم وفقه الله :
إن كان جواب السؤال بسؤال فمتى يأتي الجواب ؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
أخي أبا حازم سدده الله


قولك :
أقول :
ههنا فائدة (1) وهي : نسبة القول إلى صاحبه إنما تكون كما يريده القائل لا كما يفهمه الناقل.
وذلك يستلزم أولا التحري التام ما أمكن ، حتى لا ينسب له ما لم يقله ، وثانيا عدم خلط النقد بالنقل بل يجب التمييز بينهما.
الأستاذ أبو مريم وفقه الله :
الأصل في معنى الكلام هو الاعتداد بألفاظ المتكلم وكلام الرازي عربي فصيح ظاهر وهو يعلم أن النفي المطلق والنكرة في سياق النفي تقتضي العموم
وأكرر ألفاظه العربية ولا أظن عربيا يفهم منها سوى النفي المطلق :
قوله " الأمة مجمعة على أنه ليس في مسائل الشريعة مسألة قاطعة " مسألة قاطعة نكرة في سياق النفي فتقضتي العموم .
وقوله : " التمسك بالدلائل اللفظية لا يفيد اليقين البتة " البته نفي صريح .
وقوله : " المباحث اللفظية لا يرجى فيها اليقين " أي لا مطمع في ذلك .
وقوله : " التمسك بالدلائل اللفظية أينما كان لا يفيد إلا الظن " أين من صيغ العموم .

قولك :


أقول:
الجواب مبني أيضا على القاعدة السابقة، ذلك أن القرافي رحمه الله بعد أن بين معاني النص الوارد في كلام الرازي ذكر التعقيب التالي: (( قولهم ''النص ما لا يحتمل'' يبطل بأمور : أحدها : أن أقوى ألفاظ النصوص لفظ العدد كالعشرة مثلا والعقل يجوز بالضرورة أن تكون العرب وضعتها لمعنى آخر من الجماد والنبات ... وأن ذلك المسمى الآخر هو مراد المتكلم هذا الاحتمال لا يبطُل تجويزه أبدا...ويرد مع احتمال الاشتراك التقديمُ والتأخير والنقل والمعارض العقلي والإضمار وهذه الاحتمالات لا يبطلها لفظ العدد.
الثاني : أن مذهب أهل الحق جواز النسخ قبل الفعل فإذا أمرنا بعدد جاز أن يكون الله تعالى علم نسخه قبل وقوعه...وإذا كان هذا في لفظ العدد فكيف غيره و لا يتصور لفظ يتعذر فيه أمثال هذه الاحتمالات إلا لفظ الجلالة وهو قولنا الله!!!...
ورابعها: أن الاستثناء يدخل في صيغ العدد...)) انظر النص كاملا في النفائس 2/-240-234


فهل هذا الكلام الصريح الواضح يدل على فهمي أو على فهمك؟؟

هذا النص كله - بارك الله فيكم - لا يفيدكم بشيء في الاستدلال لأن غايته جواز الاحتمال العقلي والاحتمال لا ينفي القطع فليس القطع محصوراً بما لا يحتمل غيره وبيانه :
1 - قال القاءاني : ( القطع يستعمل في معنيين :
أحدهما : أن لا يكون ثمة احتمال أصلاً .
والثاني : أن لا يكون احتمال ناشيء عن دليل ) شرح المغني ق 1 / ص 409
2 - وقال التفتازاني : ( القطع يطلق على نفي الاحتمال أصلا، وعلى نفي الاحتمال الناشئ عن دليل وهذا أعم من الأول؛ لأن الاحتمال الناشئ عن دليل أخص من مطلق الاحتمال " شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 61 )
3 - وقال الطوفي : " القاطع يطلق تارة على ما لا يحتمل النقيض كقولنا الواحد نصف الاثنين ويمتنع اجتماع الضدين وتارة يطلق على ما يجب امتثال موجبه قطعا ولا يمتنع مخالفته شرعاً ) شرح مختصر الروضة ( 3 / 29 )
4 - وقال ابن السبكي : ( القاطع ما يفيد العلم اليقيني ) الإبهاج في شرح المنهاج ( 3 / 210 )

وسبق نقل كلام القرافي في قوله : ( النصُّ له ثلاث معان في اصطلاح العلماء : ما له معنى قطعاً ولا يحتمل غيره قطعاً كأسماء الأعداد ، وما يدلُّ على معنىً قطعاً ويحتمل غيره كصيغ الجموع في العموم .." نفائس الأصول ( 2 / 629 ) حيث أثبت القطعية مع ورود الاحتمال .
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
ثم ردك وفقك الله :
وقولك : " إن هذا قول الرازي والقرافي ومن قبلهما من الأصوليين " هذا ليس بصحيح بل هذه الاحتمالات العشر التي ذكرها الرازي هو أول من تكلم عنها :
1 - يقول القرافي رحمه الله : ( اعلم أني لم أجد هذه المسائل العشرة في شيء من كتب الأصول التي رأيتها إلا في المحصول ومختصراته مع أني استحضرت لهذا الشرح نيفاً وثلاثين تصنيفاً .. " نفائس الأصول ( 2 / 998 )
جوابه مبني على فائدة (2) هي : أن الأولية المنسوبة إلى بعض الناس في التاريخ إنما هي نسبية.
أي أنها تكون بالنسبة إلى أمر مخصوص وليس مطلقا، بحيث تكون في التأليف مثلا أو الصياغة أو الجمع أو التركيب أو ...بما يثبت أنه مسبوق في ذلك الموضوع.
واعتبر لذلك بأولية الشافعي في الأصول وأولية ابن خلاد في علوم الحديث وأولية ابن خلدون في علم الاجتماع وغير ذلك من الأوليات ... ولهذا فقولهم أن الرازي أول من تكلم عن تلك الاحتمالات أو أول من جاء بذلك القانون العقلي لا ينفي أن قضية ذلك الدليل معروفة عند من قبله من المتكلمين والأصوليين .
على أن في بعض ما قاله الشيخان نظر من جهة أني وجدت أن الرازي يكثر من الاستدلال بالنصوص أو المنقول في المحصول على مسائل من الأصول، مع أن الأصوليين المتكلمين لا يقنعون بذلك.!!!

والله أعلم


 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
ثم ردك وفقك الله :
وقولك : " إن هذا قول الرازي والقرافي ومن قبلهما من الأصوليين " هذا ليس بصحيح بل هذه الاحتمالات العشر التي ذكرها الرازي هو أول من تكلم عنها :
1 - يقول القرافي رحمه الله : ( اعلم أني لم أجد هذه المسائل العشرة في شيء من كتب الأصول التي رأيتها إلا في المحصول ومختصراته مع أني استحضرت لهذا الشرح نيفاً وثلاثين تصنيفاً .. " نفائس الأصول ( 2 / 998 )
جوابه مبني على فائدة (2) هي : أن الأولية المنسوبة إلى بعض الناس في التاريخ إنما هي نسبية.
أي أنها تكون بالنسبة إلى أمر مخصوص وليس مطلقا، بحيث تكون في التأليف مثلا أو الصياغة أو الجمع أو التركيب أو ...بما يثبت أنه مسبوق في ذلك الموضوع.
واعتبر لذلك بأولية الشافعي في الأصول وأولية ابن خلاد في علوم الحديث وأولية ابن خلدون في علم الاجتماع وغير ذلك من الأوليات ... ولهذا فقولهم أن الرازي أول من تكلم عن تلك الاحتمالات أو أول من جاء بذلك القانون العقلي لا ينفي أن قضية ذلك الدليل معروفة عند من قبله من المتكلمين والأصوليين .
على أن في بعض ما قاله الشيخان نظر من جهة أني وجدت أن الرازي يكثر من الاستدلال بالنصوص أو المنقول في المحصول على مسائل من الأصول، مع أن الأصوليين المتكلمين لا يقنعون بذلك.!!!

والله أعلم


 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
هذا النص كله - بارك الله فيكم - لا يفيدكم بشيء في الاستدلال لأن غايته جواز الاحتمال العقلي والاحتمال لا ينفي القطع فليس القطع محصوراً بما لا يحتمل غيره وبيانه :
1 - قال القاءاني : ( القطع يستعمل في معنيين :
أحدهما : أن لا يكون ثمة احتمال أصلاً .
والثاني : أن لا يكون احتمال ناشيء عن دليل ) شرح المغني ق 1 / ص 409
2 - وقال التفتازاني : ( القطع يطلق على نفي الاحتمال أصلا، وعلى نفي الاحتمال الناشئ عن دليل وهذا أعم من الأول؛ لأن الاحتمال الناشئ عن دليل أخص من مطلق الاحتمال " شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 61 )
3 - وقال الطوفي : " القاطع يطلق تارة على ما لا يحتمل النقيض كقولنا الواحد نصف الاثنين ويمتنع اجتماع الضدين وتارة يطلق على ما يجب امتثال موجبه قطعا ولا يمتنع مخالفته شرعاً ) شرح مختصر الروضة ( 3 / 29 )
4 - وقال ابن السبكي : ( القاطع ما يفيد العلم اليقيني ) الإبهاج في شرح المنهاج ( 3 / 210 )

وسبق نقل كلام القرافي في قوله : ( النصُّ له ثلاث معان في اصطلاح العلماء : ما له معنى قطعاً ولا يحتمل غيره قطعاً كأسماء الأعداد ، وما يدلُّ على معنىً قطعاً ويحتمل غيره كصيغ الجموع في العموم .." نفائس الأصول ( 2 / 629 ) حيث أثبت القطعية مع ورود الاحتمال .
التعليق على ما ذكرته سيأتي في الجواب عن السؤال السادس إن شاء الله
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
أخي أبا حازم، فتح الله عليك، إن لي عند بعض ما قررته مشكورا وقفات:
الأولى: قولك: القطع يأتي بمعنيين، صحيح، لكنَّ الجمهور ، والرازي منهم، لا يسلِّمون إلا بالمعنى الأول أي "نفي الاحتمال مطلقا".
أما المعنى الثاني، وهو "نفي الاحتمال الناشئ عن دليل"، فهو مذهب الحنفية أساسا، وهو يستمد من مسألة عدم جواز تأخر البيان عن وقت الخطاب عندهم، ولزم عن هذا قولهم بأن الزيادة على النص نسخ وعليه لم يقبلو تخصيص عمومات القرآن ومطلقاته بأحاديث الآحاد. وهذا كله لم يوافقهم فيه الجمهور. نعم نحا الغزالي (أو قُل: إمام الحرمين) في "المنخول" إلى موافقتهم لدفع دعوى عزة النصوص فقال: (( أما النَّص فقيل في حده: إنه اللفظ المفيد الذي لا يتطرق إليه احتمال…ثم قال الأصوليون : لا يوجد على مذاق هذا الحد في نصوص الكتاب والسنة إلا ألفاظ معدودة ، كقوله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وقوله تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه}))، ولذا فقد أعرض عن تعريف النص بالحد المذكور قائلا: (( والمختار عندنا أن يكون النص : ما لا يتطرق إليه التأويل على ما سيأتي شرط التأويل)). ومن شروط التأويل ، كما هو معلوم ، احتمال اللفظ ووجود الدليل الداعم لهذا الاحتمال، ومن هنا كان النص (= القطعي) في التعريف المختار لإمام الحرمين شاملا لنوعين من الألفاظ: ما لا يحتمل أصلا، وما يحتمل لكن لم يرد دليل يعضد هذا الاحتمال... قال رحمه الله: (( ولو شُرط في النص انحسام الاحتمالات البعيدة كما قال بعض أصحابنا فلا يتصور لفظ صريح…فالوجه تحديده بما ذكرناه)). أي أنه لا ينبغي أن نعرِّف النص بما لا يتطرق إليه الاحتمال كما ذكر البعض بل بما لا يتطرق إليه التأويل، وحينئذ سيدخل في التعريف كل لفظ لم يتطرق إليه تأويل حتى لو كان محتملا من حيث الأصل ، وبهذا تكثر "النصوص".
وعند تعداد الغزالي للاصطلاحات التي قيلت في "النص" ذكر هذا التعريف الذي ارتضاه إمام الحرمين لكن بصيغة أكثر تفصيلا قائلا : يُطلق النص على (( ما لا يتطرق إليه احتمالٌ مقبول يعضُدُه دليل، أما الاحتمال الذي لا يعضده دليل فلا يُخرِجُ اللفظَ عن كونه نصا ، فكان شرطُ النص…[ بهذا الاصطلاح ]…أن لا يتطرق إليه احتمالٌ مخصوص، وهو المعتضِد بدليل)).
إلا أنه في مرحلة متأخرة من نموِّ فكره الأصولي يبدو أن إمام الحرمين انتبه إلى ما ينبني عليه الحل الحنفي لإشكالية القطع من القول بعدم جواز تأخر البيان عن وقت الخطاب، وهذا ما لا يرتضيه الإمام نفسُه، ولا أصحاب المدرسة الأصولية التي ينتمي إليها ؛ ولذا فقد أضرب عنه في كتابه البرهان متبنيا نظرية أخرى بديلة في مواجهة القول بـ "عزة النصوص"، هي: نظرية القرائن
الوقفة الثانية: قولك بأن الرازي هو أول من قال بورود الاحتمالات العشرة على الألفاظ، استدلالا بقول القرافي، فيه نظر لسببين:
الأول: أن عدم الوجدان ليس دليلا على عدم الوجود كما هو معلوم، فعدم وقوف القرافي على هذه المسألة مع استحضاره نيفا وثلاثين مصنفا لا يكفي في التدليل على أن الرازي هو أول قائل بهذه المسألة.
الثاني: أن الرازي في المحصول، صدَّر المسألة بقوله "المسألة الثالثة:في أن الاستدلال بالخطاب هل يفيد القطع أم لا: منهم من أنكره وقال: إن الاستدلال بالأدلة اللفظية مبني على مقدمات ظنية والمبني على المقدمات الظنية ظني" فنسب القول بـ المسألة إلى غيره، وارتضى في النهاية دفع هذه المسألة باشتراط القرائن، وإن كان تشدد في نوع هذه القرائن.
الوقفة الثالثة: أن الرازي، كأصولي، ليس ممن يلتزم القول بأن الدلالئل اللفظية لا تفيد اليقين، وذلك لعدة دلائل:
أولا: أنه ارتضى تعريف النص بأنه ما لا يحتمل قطعا. وهذا قد يعد منه إقرارا بوجوده. والعجيب أن القرافي في النفائس نازعه في هذا التعريف بما حاصله بأنه لا يوجد شيء " لا يحتمل قطعا"، كما نقله الأخ عروبي آنفا. (ولعله يقصد في المفردات لا المركبات وإلا كان القرافي متناقضا وهذا يحتاج إل تحقيق).
ثانيا: أنه صرح في مسألة فيما يعرف به كون اللفظ موضوعا لمعناه، بعد أن أورد أقوال وحجج النافين للتواتر عن معاني الألفاظ بما يلي:
"والجواب:
أن اللغة والنحو على قسمين:
أحدهما: المتداول المشهور والعلم الضروري حاصل بأنها في الأزمنة الماضية كانت موضوعة لهذه المعاني فإننا نجد أنفسنا جازمة بأن لفظ السماء والأرض كانتا مستعملتين في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذين المسميين ونجد الشكوك التي ذكروها جارية مجرى شبه السوفسطائية القادحة في المحسوسات التي لا تستحق الجواب وثانيهما الألفاظ الغريبة والطريق إلى معرفتها الآحاد إذا عرفت هذا فنقول أكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول فلا جرم قامت الحجة به.
وأما القسم الثاني: فقليل جدا وما كان كذلك فإنا لا نتمسك به في المسائل القطعية ونتمسك به في الظنيات ونثبت وجوب العمل بالظن بالاجماع ونثبت الاجماع بآية واردة بلغات معلومة لا مظنونة وبهذا الطريق يزول الإشكال والله أعلم"
ثالثا: أن منهجه في المحصول الاستدلال بالنصوص على مسائل القطع في مواطن كثيرة كما قال الأخ عروبي.
ومع هذا، فأنا لا أنفي عن الرازي التناقض أو على الأقل (تغير الاجتهاد)، لا سيما إذا خرجنا من ميدان الأصول إلى ميدان الكلام، وهذا ليس شأن الرازي وحده بل كثير من المتكلمين، لهم آراء أثناء خوضهم في علم الكلام تختلف عنها عند خوضهم في علم الأصول أو الفقه.
أعتقد أن نقاشنا في هذه المسألة حول تحقيق مذهب الرازي قد نضج واحترق، مع ضعف الثمرة العلمية المترتبة عليه، وأنه قد آن الأوان أن نخوض في المسائل نفسها لا في تحقيق أقوال من تبناها.
د. أيمن صالح
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
ثم ردك وفقك الله :

جوابه مبني على فائدة (2) هي : أن الأولية المنسوبة إلى بعض الناس في التاريخ إنما هي نسبية.
أي أنها تكون بالنسبة إلى أمر مخصوص وليس مطلقا، بحيث تكون في التأليف مثلا أو الصياغة أو الجمع أو التركيب أو ...بما يثبت أنه مسبوق في ذلك الموضوع.
واعتبر لذلك بأولية الشافعي في الأصول وأولية ابن خلاد في علوم الحديث وأولية ابن خلدون في علم الاجتماع وغير ذلك من الأوليات ... ولهذا فقولهم أن الرازي أول من تكلم عن تلك الاحتمالات أو أول من جاء بذلك القانون العقلي لا ينفي أن قضية ذلك الدليل معروفة عند من قبله من المتكلمين والأصوليين .
الأستاذ أبو مريم وفقه الله
هلاَّ أثبتم لنا أنها نسبية بذكر من سبق الرازي إلى ذلك .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
أخي أبا حازم، فتح الله عليك، إن لي عند بعض ما قررته مشكورا وقفات:


الأولى: قولك: القطع يأتي بمعنيين، صحيح، لكنَّ الجمهور ، والرازي منهم، لا يسلِّمون إلا بالمعنى الأول أي "نفي الاحتمال مطلقا".
أما المعنى الثاني، وهو "نفي الاحتمال الناشئ عن دليل"، فهو مذهب الحنفية أساسا، وهو يستمد من مسألة عدم جواز تأخر البيان عن وقت الخطاب عندهم، ولزم عن هذا قولهم بأن الزيادة على النص نسخ وعليه لم يقبلو تخصيص عمومات القرآن ومطلقاته بأحاديث الآحاد. وهذا كله لم يوافقهم فيه الجمهور. نعم نحا الغزالي (أو قُل: إمام الحرمين) في "المنخول" إلى موافقتهم لدفع دعوى عزة النصوص فقال: (( أما النَّص فقيل في حده: إنه اللفظ المفيد الذي لا يتطرق إليه احتمال…ثم قال الأصوليون : لا يوجد على مذاق هذا الحد في نصوص الكتاب والسنة إلا ألفاظ معدودة ، كقوله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وقوله تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه}))، ولذا فقد أعرض عن تعريف النص بالحد المذكور قائلا: (( والمختار عندنا أن يكون النص : ما لا يتطرق إليه التأويل على ما سيأتي شرط التأويل)). ومن شروط التأويل ، كما هو معلوم ، احتمال اللفظ ووجود الدليل الداعم لهذا الاحتمال، ومن هنا كان النص (= القطعي) في التعريف المختار لإمام الحرمين شاملا لنوعين من الألفاظ: ما لا يحتمل أصلا، وما يحتمل لكن لم يرد دليل يعضد هذا الاحتمال... قال رحمه الله: (( ولو شُرط في النص انحسام الاحتمالات البعيدة كما قال بعض أصحابنا فلا يتصور لفظ صريح…فالوجه تحديده بما ذكرناه)). أي أنه لا ينبغي أن نعرِّف النص بما لا يتطرق إليه الاحتمال كما ذكر البعض بل بما لا يتطرق إليه التأويل، وحينئذ سيدخل في التعريف كل لفظ لم يتطرق إليه تأويل حتى لو كان محتملا من حيث الأصل ، وبهذا تكثر "النصوص".
وعند تعداد الغزالي للاصطلاحات التي قيلت في "النص" ذكر هذا التعريف الذي ارتضاه إمام الحرمين لكن بصيغة أكثر تفصيلا قائلا : يُطلق النص على (( ما لا يتطرق إليه احتمالٌ مقبول يعضُدُه دليل، أما الاحتمال الذي لا يعضده دليل فلا يُخرِجُ اللفظَ عن كونه نصا ، فكان شرطُ النص…[ بهذا الاصطلاح ]…أن لا يتطرق إليه احتمالٌ مخصوص، وهو المعتضِد بدليل)).
إلا أنه في مرحلة متأخرة من نموِّ فكره الأصولي يبدو أن إمام الحرمين انتبه إلى ما ينبني عليه الحل الحنفي لإشكالية القطع من القول بعدم جواز تأخر البيان عن وقت الخطاب، وهذا ما لا يرتضيه الإمام نفسُه، ولا أصحاب المدرسة الأصولية التي ينتمي إليها ؛ ولذا فقد أضرب عنه في كتابه البرهان متبنيا نظرية أخرى بديلة في مواجهة القول بـ "عزة النصوص"، هي: نظرية القرائن .

شيخنا الكريم الدكتور ايمن :
قد وافق الحنفية كثير من الأصوليين كأبي يعلى وابن قدامة والطوفي وابن القيم من الحنابلة والتفتازاني والغزالي في المنخول من الشافعية والقرافي من المالكية وقد سبق كلامه وقال ابن جزي الغرناطي : ( أكثر فقهاء الزمان يقولون النص في المحتمل وغيره ) تقريب الوصول ( ص 161 ) وتعريف كثير من الجمهور للنص ليس فيه نفي الاحتمال بل ينص بعضهم على أنه الصريح كما صنع أبو الخطاب أو أنه ما ارتفع بيانه إلى أعلى غاياته كما ذكر الباجي بل هذا هو المنقول عن الشافعي ، والغزالي في المستصفى لم يرجع عن قوله في المنخول وإنما ذكر ثلاثة معان للنص وقال الأولى أن يقال في النص ما لا يحتمل غيره لرفع الالتباس مع الظاهر وقال إطلاقه على المعان الثلاثة جائز .
الوقفة الثانية: قولك بأن الرازي هو أول من قال بورود الاحتمالات العشرة على الألفاظ، استدلالا بقول القرافي، فيه نظر لسببين:
الأول: أن عدم الوجدان ليس دليلا على عدم الوجود كما هو معلوم، فعدم وقوف القرافي على هذه المسألة مع استحضاره نيفا وثلاثين مصنفا لا يكفي في التدليل على أن الرازي هو أول قائل بهذه المسألة.
بارك الله فيكم شيخنا الدكتور أيمن :
أعتقد ان استقراء ثلاثة من كبار العلماء المحققين وهم القرافي وابن تيمية وابن القيم يعد استقراء قوياً يغلب الظن بعدم وجود قائل ولذا فمن أثبت أن هناك من قال به قبل الرازي فعليه البينة .
الثاني: أن الرازي في المحصول، صدَّر المسألة بقوله "المسألة الثالثة:في أن الاستدلال بالخطاب هل يفيد القطع أم لا: منهم من أنكره وقال: إن الاستدلال بالأدلة اللفظية مبني على مقدمات ظنية والمبني على المقدمات الظنية ظني" فنسب القول بـ المسألة إلى غيره، وارتضى في النهاية دفع هذه المسألة باشتراط القرائن، وإن كان تشدد في نوع هذه القرائن.
هذا لا يعتبر دليلا على أنه هناك من سبقه لأن الرازي لم يذكر أن هذا القائل ممن سبقه ويصرح به وقد جرت عادة الرازي في كتابه المحصول على نسبة الأقوال لقائليها ولم يذكر كذلك القرافي في شرحه للمحصول من قال بهذا القول .

الوقفة الثالثة: أن الرازي، كأصولي، ليس ممن يلتزم القول بأن الدلالئل اللفظية لا تفيد اليقين، وذلك لعدة دلائل:
بارك الله فيكم وهذا دليل على تناقض الرازي في المسألة واضطرابه وقد سبق أن بينت ذلك .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
أخي الحبيب أبا حازم، جزاك الله خيرا، أوافقك بأن الرازي مضطرب في قطعية الأدلة السمعية، وله مسائل أخرى من هذا القبيل. أما أنه أول من قال بورود هذه الاحتمالات على الأدلة اللفظية، فهذا محتمل، لكنه لما نسب في المحصول القول بها إلى غيره، وارتضى في النهاية دفع هذا القول باشتراط توفر القرائن (المشاهدة أو المتواترة)، كان الظاهر أن القول ليس له وإنما هو ناقل، والقول بأن عادته أن ينسب أقواله إلى غيره، فهذا محتمل أيضا لكنه يحتاج إلى إثبات. والقائل بأن الرازي ناقل لهذه المسألة لا مخترع لها متمسكٌ بالظاهر، وعلى من خالف الظاهر البيِّنة.
أما استقراء من ذكرتهم من فضلاء العلماء فهو يثير الظن نعم، لكنه لا يرقى إلى الظن الغالب الذي يُطمَأن إليه، وقد يكون الرازي جامعا لهذه "الموانع العشرة" من كتب متفرقة، أي أنها قيل بها قبله لكن على نحو متفرق، كما فهمته من ردود الأخ عروبي، فهذا محتمل ولكنه يحتاج إلى تدليل. وقد يكون الرازي تلقفها عن كتب بعض المعتزلة، وقد فقد أكثرها، ولم يقف عليها من بعده، والله أعلم بحقيقة الأمر. وعلى أية حال فإن إثارة الجدل حول هذا الشأن والأخذ والرد فيه ليس ذا جدوى كما سبق أن أشرت مرارا.

أما قولك، أحسن الله إليك:
قد وافق الحنفية كثير من الأصوليين كأبي يعلى وابن قدامة والطوفي وابن القيم من الحنابلة والتفتازاني والغزالي في المنخول من الشافعية والقرافي من المالكية وقد سبق كلامه وقال ابن جزي الغرناطي : ( أكثر فقهاء الزمان يقولون النص في المحتمل وغيره ) تقريب الوصول ( ص 161 ) وتعريف كثير من الجمهور للنص ليس فيه نفي الاحتمال بل ينص بعضهم على أنه الصريح كما صنع أبو الخطاب أو أنه ما ارتفع بيانه إلى أعلى غاياته كما ذكر الباجي بل هذا هو المنقول عن الشافعي ، والغزالي في المستصفى لم يرجع عن قوله في المنخول وإنما ذكر ثلاثة معان للنص وقال الأولى أن يقال في النص ما لا يحتمل غيره لرفع الالتباس مع الظاهر وقال إطلاقه على المعان الثلاثة جائز

فإن المسألة ليست فيما هو حدُّ النص، ففي هذا أقوال كثيرة: ذكر منها الغزالي ثلاثة، والقرافي أربعة، والزركشي خمسة، ووصلت معي في بحث خاص (تجده هنا) إلى عشرة، لا يسلم منها بعد التمحيص في الاستعمال الأصولي إلا ثلاثة، هي:
1. النص بمعنى الخطاب الشرعي كتابا أو سنة .
2. النص بمعنى اللفظ واضِح الدلالة على معناه قطعيا كان أو ظنيا .
3. النص بمعنى اللفظ القاطع .

والخلاف في هذا كله، وإن كنت أرى بأنه ليس محمودا، فهو هيِّن لأنه لا يخرج عن مبدأ "لا مُشَاحَّة في الاصطلاح"، ولا تترتب عليه آثار عَمَلية.

وإنما الخلاف المعتبر والذي كانت له آثار عميقة في الخلاف بين منهج الجمهور ومنهج الحنفية، فهو في معنى القطع، أو بعبارة أخرى، في سبب القطع بدلالة خطاب ما، فبينما يقول الجمهور بأن القطع سببه عدم احتمال اللفظ لغةً للتأويل (كألفاظ الأعداد، وأكثر الأعلام)، فإن الحنفية يقولون بأنه حتى اللفظ المحتمل (كالعام والأمر والمطلق والحقيقة التي تحتمل المجاز) هو قاطع إذا لم يقترن به ما يُؤَوِّله، ونشوء القطع إنما جاء من عدم تجويزهم تأخر البيان عن وقت ورود الخطاب. فما دام الشارع أطلق اللفظ ولم يقرن به فوراً ما يصرفه عن معناه الظني (=الظاهر) فاللفظ إذن قاطع، ولا يجوز ادِّعاء تأويله بدليلٍ متأخِّر. ومن هنا قالوا بأن الزيادة على النص نسخ، ولم يقبلوا تخصيص عمومات القرآن ولا تقييد مطلقاته إلا بدليل مقارن، فإن تأخر فهو ناسخ، ويُشترط في الناسخ، كما هو معلوم، أن يكافئ المنسوخ من حيث الثبوت، وعليه لا يجوزون تخصيص القرآن أو تقييده بآحاديث الآحاد إلا أن تبلغ مبلغ الشهرة التي تفيد علم الطمأنينة عندهم، ومع هذا فهم لا يسمون هذا تخصيصا بل نسخا ، (وهذا كله أظنه معلوم لفضيلتكم، ولكني أحببت بيانه للقراء).

وأنت، أخي الحبيب، استدللت بتعدد معاني القطع عند الأصوليين، على أن تعريف الرازي للنص بأنه ما كان قاطعا في معناه، ليس بالضرورة دالا على أنه يؤمن بإمكان استفادة القطع من الأدلة اللفظية. لأن القطع يطلق على ما يحتمل وعلى ما لا يحتمل.

واعتراضي على تقريرك هذا هو أن الرازي لا يقول بالقطع إلا فيما لا يحتمل تمشيا مع مذهب الجمهور لا مع مذهب الحنفية، فكان إيرادك في غير محله. والله أعلم وأحكم.
د. أيمن صالح


 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
خلاصة الجواب عن السؤال الأول ...

خلاصة الجواب عن السؤال الأول ...

هذا النص كله - بارك الله فيكم - لا يفيدكم بشيء في الاستدلال لأن غايته جواز الاحتمال العقلي والاحتمال لا ينفي القطع فليس القطع محصوراً بما لا يحتمل غيره وبيانه :
1 - قال القاءاني : ( القطع يستعمل في معنيين :
أحدهما : أن لا يكون ثمة احتمال أصلاً .
والثاني : أن لا يكون احتمال ناشيء عن دليل ) شرح المغني ق 1 / ص 409
2 - وقال التفتازاني : ( القطع يطلق على نفي الاحتمال أصلا، وعلى نفي الاحتمال الناشئ عن دليل وهذا أعم من الأول؛ لأن الاحتمال الناشئ عن دليل أخص من مطلق الاحتمال " شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 61 )
3 - وقال الطوفي : " القاطع يطلق تارة على ما لا يحتمل النقيض كقولنا الواحد نصف الاثنين ويمتنع اجتماع الضدين وتارة يطلق على ما يجب امتثال موجبه قطعا ولا يمتنع مخالفته شرعاً ) شرح مختصر الروضة ( 3 / 29 )
4 - وقال ابن السبكي : ( القاطع ما يفيد العلم اليقيني ) الإبهاج في شرح المنهاج ( 3 / 210 )

وسبق نقل كلام القرافي في قوله : ( النصُّ له ثلاث معان في اصطلاح العلماء : ما له معنى قطعاً ولا يحتمل غيره قطعاً كأسماء الأعداد ، وما يدلُّ على معنىً قطعاً ويحتمل غيره كصيغ الجموع في العموم .." نفائس الأصول ( 2 / 629 ) حيث أثبت القطعية مع ورود الاحتمال .


أقول لأخينا أبي حازم بارك الله فيه
هذا انتقال منك عن موضوع الدعوى !! ، وفي ضمنه إقرار بقولي ، ذلك أن بحثنا كان في : هل يقول القرافي بظنية الدليل اللفظي المجرد عن القرائن؟
وقلتُ : نعم ، وأتيت بما يثبت ذلك ضمنا وصراحة، وخصوصا مع النص الأخير حيث أقر بكل الاحتمالات التي أوردها الرازي وزاد في البيان والتمثيل بما لا يدع مجالا للشك.
ولكنكَ أثبت معه الاحتمال ثم انتقلت إلى محاولة إثبات أنه لا ينفي القطع ليس عند القرافي !!ولكن عند من تظنهم قالوا بذلك !!!
مع أن في ذلك نقاش قد بين بعض فصوله د أيمن ( وبالمناسة أرحب به في فريقي :))
وأخيرا
أعتبر ذلك خلاصة البحث في السؤال الأول لننتقل إلى السؤال الثاني :
إذا كان القرافي يقر باحتمالية الدليل اللفظي فما وجه اعتراضه على الرازي؟


 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
إذا كان القرافي يقر باحتمالية الدليل اللفظي فما وجه اعتراضه على الرازي؟

يحتمل أن يقصد القرافي، أن اللفظ الذي لا يحتمل غير متصور الوجود إلا بوجود القرائن، وأن الاحتمالات العشرة ترد على الألفاظ بالنظر إليها مجردة عن القرائن السياقية والحالية، أي بالنظر إليها كمفردات معجمية. (وهذا غير مجدٍ بالنسبة لكلام الشارع، لأنه لا تُلفى صيغةٌ على حق الإطلاق كما قال إمام الحرمين، ولا وجود للفظ دون قرائن إلا في الذهن، أما في الواقع فلا). ولكن يغبِّر في وجه هذا التقرير أنه أورد أمثلة تركبية، وشكَّك في ألفاظ الأعداد حتى ضمن السياق، فلم يبق إلا القول بأنه مضطرب كالرازي في هذا، وإذا كان لديك غير هذا فهاته، مشكورا، حتى ننظر فيه
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
تقرير وجه الاعتراض على الرازي

تقرير وجه الاعتراض على الرازي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أخوي د أيمن و أبا حازم بارك الله فيهما
إن الجواب على هذا السؤال قد سبقت الإشارة إليه عند أخي أبي حازم إجمالا ، لكني أزيد هنا في البيان والتنقيح كما أراه إن شاء الله .
فأقول :
أولا: إن الرازي لما بين أصله في ظنية الدليل اللفظي لزمه أمران :
الأول : تعذر القطع في اللفظ لكونه ضيق القرائن فحصرها في التواتر والمشاهدة، وهذا ما يفسر إطلاقه في بعض الأحيان نفي القطع في الألفاظ...
الثاني : اعتباره مسائل أصول الفقه -أغلبها على الأقل- ظنية ومن ثم اعتماد الدليل اللفظي فيها وإكثاره من الاستدلال بالمنقول إلى جانب المعقول، وهذا ما يفسر اعتباره أصل الإجماع ظني بل جل مسائل الأصول تقريبا.
فهو إذا ليس مضطربا !!!
بل هو ملتزم بأصله على اعتقاده !!!
ثانيا : محل اعتراض القرافي والتبريزي إنما كان على هذين اللازمين، ولكن بناء على أصلين :
أحدهما : الفرق بين المطلوب يكون يتوقف على مقدمتين ظنية وقطعية فيكون ظنيا وبين المطلوب يدل عليه دليلان قطعي وظني فيكون قطعيا.
ولهذا ناقش الرازي لما قال أن الموقوف على ظني لا يكون إلا ظنيا فنفى إطلاقه بذلك الفرق النفائس 2/1118
أنبه هنا أن مناقشته في الدليل لا تعني نفيه لأصل الدعوى -أعني احتمالية اللفظ المجرد- وهذه فائدة أخرى 3 تبين :
أن القرافي في نقاشه مع الرازي يأتي على ثلاث نواحي :
مرة يناقشه في الدليل دون الدعوى
ومرة يناقشه في أصل الدعوى دون الدليل
ومرة فيهما معا)

الأصل الثاني : توسيع القرائن النافية للاحتمال عن اللفظ لتشمل القرائن الحالية والمقالية والسياقية بالإضافة إلى الاستقراء من أدلة وعمومات مختلفة المجتمعة على مدلول اللفظ حيث ينقله إلى القطع.
ولهذا أنكرالقرافي على الرازي ذلك اللازم القبيح وهو القول بظنية مسائل الأصول.
وسيآتي ببعض النقول المؤكدة لما تقدم إن شاء الله
والله أعلم

 

عيسى ملوك أحمد

:: متابع ::
إنضم
17 سبتمبر 2016
المشاركات
22
الكنية
أبو إسماعيل المعلم
التخصص
طالب علوم شرعيه
المدينة
سوس
المذهب الفقهي
سني مالكي
رد: موانع القطع العشرة المخلة بالفهم : سبر غورها والرد عليها بمقتضى البرهان

حيا الله شيخنا الدكتور أبا حازم الكاتب وإخوته ، ولا أكتمكم أن هذا الموضوع ، وأدب الحوار الجك هو ما أغراني بالتسجيل في المنتدى ...ولقد ظهر لي بتتبع كثير من مسائل المتكلمين هذه أنهم جنوا على الشريعة جناية عظيمة جدا ، وأزالوا حرمة الكلمات الإلهية والأقوال النبوية من صدور الناس ،وزعزعوا ثقتهم بها ، وما هذه المسألة إلا "شطحة" من شطحاتهم التي وصفها ابن القيم رحمه الله في كتاب الصواعق بالشبهات الخياليه وبالهذيانات التي لا حقيقة لها والله المستعان .


وإني لأعجب ممن يكتب ويقرر بلغة العرب أن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين ، ولا أدري كيف أقنع نفسه أن الناس إذ لم يستيقنوا من دلالة الكلمات الإلهيه ،سيجدون برد اليقين بما يسطره هو ...
وهذا إشكال كان ينبغي أن يسذره ويسطر الجواب عنه أيضا : إذ كيف تقنع قوما بقضيه وأنت موقن أن الألفاظ لا تسعفك ؟؟ !

فأنى له اليقين بأن الناس سيصلون إلى مراده يقينا ؟

وقد شفى الامام ابن القيم وكفى في الرد على هذه الوساوس في كتابه الصواعق بأكثر من سبعين وجها ، أظهر فيه بجلاء أن المتمسكين المعتصمين بوحي الله وبأحاديث رسول الله هم أولو الألأباب وأهل العقول النقية يقينا فلله دره .

ويقرأ المرء في كلام الله شهادة الله عن اليهود في النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن: (( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) وشهادته على القبلة ومعرفتهم بأمرها : (( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم )) وغيرها من الآيات التي تفيد علمهم بالحق في أمور كثيرة ، إذ القرآن مصدق لما معهم ...

وإذ سجل عليهم هذه الشهادة أنه يعرفون ويعلمون كما يعرفون أبناءهم وهذا هو اليقين ، والكتاب الذي بين أيديهم محرف بالزيادة والنقصان ، ومع هذا أفاد بعضه اليقين كمعرفة المرء أولاده ، فكيف بكلام الله وآخر رسالاته التي تولى الله تعالى حفظها لفظا ومعنى ؟!!

والأمر كما قال الشيخ الدكتور حميتو في سطر واحد :وظني ـ أنا يوسف حميتوـ أن المسألة أهون من يختلف فيها، ويكفينا من القول كله سطر من مواقف الأيجي رحمه الله حين قال" : فإنا نعلم استعمال لفظ الأرض والسماء ونحوهما زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في معانيها التي تراد منها الآن والتشكيك سفسطة"

وأقول يكفي في ذلك أن أولئك يكتبون بالعربية ويوقنون أن كلامهم يصل إلى الناس، و أنهم يفهمون لغتهم وأنهم سيردون وسيُرد عليهم ، فهذا اثبات للغة ولمعاني الألفاظ ، ولولا أنه يجد ذلك اليقين في نفسه ما كتب ما كتب ...إذ محاورةُ من لا يفهم عبث ...وهم أهل العقول كما يزعمون .

أعتذر عن بعض الأخطاء الإملائية فلوحة المفاتيح عندي إفرنجيه ، وليست فيها حروف عربيه . ( كتبته بعد التعديل).



 
إنضم
7 أكتوبر 2011
المشاركات
20
الكنية
أبو الفاروق
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
مسقط
المذهب الفقهي
إباضي
رد: موانع القطع العشرة المخلة بالفهم : سبر غورها والرد عليها بمقتضى البرهان

أجمع المسلمون أن من الأدلة السمعية ما هو قطعي الدلالة كالمحكم الذي لا يحتمل تأويلا ولا تخصيصا، ومنها ما هو ظني الدلالة كالعام وخبر الآحاد ونحو ذلك، ثم نقض الفخر الرازي هذا الإجماع، وزعم أنه ليس من الأدلة السمعية ما هو قطعي الدلالة واحتج لذلك بأن هذه الأدلة اللفظية متوقفة على معرفة اللغة والنحو والصرف، ورواية كل واحد من هذه الأشياء إنما هي رواية آحاد فلا تفيد إلا ظنا، والمتوقف على الظني أولى أن يكون ظنيا.

وهذا الزعم باطل:

أما أولا: فإن لا نسلم أن جميع ألفاظ الأدلة السمعية متوقفة على معرفة ما ذكره، وإنما المتوقف على ذلك بعض ألفاظ الأدلة، وأما البعض الآخر فإنه إنما يعرف معناه بنفس سماع خطابه، وربما يستوي في بعض خطابه الخاص والعام.

وأما ثانيا: فإنا لا نسلم أن رواية اللغة والنحو والصرف جميعها آحادية، بل نقول: إن رواية كثير منها متواتر، كالألفاظ التي لا تقبل التشكيك كالسماء والأرض والماء والنار ونحو ذلك.

وأما ثالثا: فإن نَقَلَة تلك العلوم عدد كثير لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة، فإذا اتفقت روايتهم في شيء من المواضع وجب أن يُعطى ذلك الشيء حكم المتواتر، وقد اتفقت روايتهم في كثير من ألفاظ القرآن فلا يتم للفخر مطلوبه. والله أعلم.


الإمام العلامة عبدالله بن حميد السالمي: طلعة الشمس شرح شمس الأصول.
 
أعلى