العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موجبات وفرائض الغُسّل

محمد متولي داود

:: متابع ::
إنضم
1 أغسطس 2018
المشاركات
23
الكنية
د/محمدداود
التخصص
القانون العام
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
موجبات وفرائض الغُسّل
الموجبات هي الأسباب التي توجب الغسل ، بحث لا يجب علي المكلفين فعله الا اذا تحقق واحد منها ـ وهي ستة أمور :
الأمر الأول من موجبات الغُسّل :إيلاج رأس عضو التناسل في قُبُل أو دُبر فبمجرد هذا الإيلاج وجب الغسل سواء نزل منّى ونحوه أو لم ينزل ويشترط في وجوب الغُسّل بالإيلاج شروط مفصلة في المذاهب:
مذهب الحنفية: قالوا إذا توارت رأس الإحليل ،أو قدرها في قُبُل أو دُبر من يجامع مثله بدون حائل سميك يمنع حرارة المحل وجب الغُسّل علي الفاعل والمفعول به سواء أنزل أو لم ينزل ويشترط في وجوب الغُسّل عليهما أن يكونا بالغين ـ فلو كان أحدهما بالغاً والآخر غير بالغ وجب الغُسّل علي البالغ منهما ، فإذا أولج غلام ابن عشر سنين في امرأة بالغة وجب الغسل عليها دونه ، أما هو فيؤمر بالغسل ليعتاده ، كما يؤمر بالصلاة ، ومثل هذا الغلام في ذلك الصبية ، ولا يجب الغُسّل بتواري رأس احليل البالغ في فرج بهيمة أو ميتة كما لا يجب في فرج الخنثى المشكل لا علي الفاعل ولا علي المفعول كما لو أولج الخنثى في قُبُل أو دُبر غيره فإنه لا يجب عليهما الغُسّل اما اذا أولج غير الخنثى في دبر الخنثى وجب الغُسّل علي البلغ منهما .
مذهب الشافعية: قالوا اذا غابت رأس الإحليل أو قدرها من مقطوعها في قُبُل أو دُبر وجب الغُسّل علي الفاعل والمفعول سواء كان بالغين أو لا فيجب علي ولي الصبي أن يأمر به ولو فعله يجزئه وإلا وجب علي الصبي بعد البلوغ سواء كان المفعول به مطيقاً للوطء أو لا وسواء كان علي رأس الإحليل حائل يمنع حرارة المحل أو لا سواء كان المفعول آدمياً أو بهيمة ، حياً أو ميتاً ، أو خنثى مشكلاً إذا كان الوطء في دبره ، أما اذا كان الوطء من قبل الخنثى فلا يجب الغسل عليهما ، كما لا يجب عليهما بالإيلاج من الخنثى في قُبُل أو دُبر غيره ويشترط أن يكون الإيلاج في القُبُل في محل الوطء فلو غيب بين شفريها لم يجب الغُسّل عليهما الا بإنزال .
مذهب المالكية: قالوا تحصل الجنابة ويجب الغُسّل منها بإيلاج رأس الإحليل في قُبُل أو دُبر ذكر أو انثي أو خنثى أو بهيمة سواء كان الموطئ حياً أو ميتاً فإذا كان مطيقا للوطء يجب الغسل علي الواطئ إن كان مكلفاً وكان الموطئ مطيقاً وعلي الموطئ المكلف إن كان الواطئ مكلفاً فمن وطئها صبي لا يجب عليها الغُسّل إلا إذا أنزلت ويشترط في حصول الجنابة للبالغ أن لا يكون علي رأس الإحليل حائل يمنع اللذة وإن تجاوز ختان المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا التقي الختانان وجب الغُسّل }.
مذهب الحنابلة: قالوا إن توارت رأس الإحليل في قُبُل أو دُبر من يطيق الوطء بدون حائل ولو رقيقا ، وجب الغُسّل علي الفاعل والمفعول ، إذا كان الذكر لا ينقص عن عشر سنين وسن الأنثى لا تنقص عن تسع سنين ويجب الغُسّل لتواري الحشفة ولو كان المفعول به بهيمة أو ميتة وإذا أولج الخنثى ذكره في قُبُل أو دُبر غيره لم يجب الغُسّل عليهما وكذا لو أولج غيره في قُبُله لم يجب عليهما أما لو أولج غير الخنثى في دُبر الخنثى وجب الغُسّل عليهما لكونه محقق الأصالة.
الأمر الثاني من موجبات الغُسّل
نزول المني من الرجل أو المرأة فإن للمرأة منياً إلا أنه لا ينفصل خارج القُبُل ، ومن ينكر هذا فقد أنكر المحس ولنزول المني حالتان:
الحالة الأولي: أن ينزل في اليقظة.
الحالة الثانية: أن ينزل أثناء النوم فأما الذي ينزل في اليقظة بغير الجماع فإنه تارة يخرج بلذة وتارة يخرج لمرض أو ألم ، فالذي يخرج بلذة من ملاعبة أو مباشرة أو تقبيل أو عناق أو نظر أو تذكر أو نحو ذلك فإنه يجب الغُسّل سواء نزل مصاحب للذة أو تذكر أو نحو ذلك أو أنزل بعد سكون اللذة ومثل ذلك في الحكم ما إذا داعب زوجته أو قبلها أو نحو ذلك فلم يشعر بلذة ولكنه أمني عقب ذلك ، فإن عليه الغُسّل وأما الذي يخرج لسبب المرض أو بسبب ضربة شديدة علي صلبه أو نحو ذلك فإنه لا يوجب الغُسّل علي أن في كل هذه الأحكام تفصيل المذاهب:
مذهب الشافعية : قالوا خروج المني من طريقه المعتاد يوجب الغُسّل بشرط واحد ، وهو التحقق من كونه منياً بعد خروجه سواء كان بلذة أو غير لذة وسواء كانت اللذة بسب معتاد أو غير معتاد بأن ضربه أحد علي صلبه فأمني ، أو مرض مرضاً يسبب خروج المني ولذا قالوا : إذا جامع الرجل زوجه فلم ينزل ثم أغتسل ونزل منه مني بعد الغسل بدون لذة فإنه يجب عليه الغُسّل ، لأن المعمول علي خروج المني ، علي أن لهم في المرأة تفصيلاً وهو أنها إذا اغتسلت ثم نزل منها منى بعد الاغتسال ، فإن كانت قد أنزلت قبل الغُسّل فإنها لا تجب عليها إعادة الغُسّل لأن هذا الماء الذي رأته هو ماء الرجل وحده ونزل منها بعد الغُسّل فلا شيء عليها.
مذهب الحنابلة : قالوا لا يشترط وجوب الغُسّل خروج المني بالفعل ، بل الشرط أن يحس الرجل بانفصال المني من صلبه وتحس المرأة بانفصال المني عن ترائبها {والترائب هي عظام الصدر التي تلبس عليها المرأة القلادة من حلي ونحوه} فالغُسّل عند الحنابلة يجب بهذا الانفصال وإن لم يصل المني الي ظاهر القُبُل فإذا جامع الرجل زوجته ، ولم ينزل منه ماء ثم أغتسل ونزل منه المني بعد الغُسّل فإن نزل بلذة فإنه يجب عليه غُسّل جديد وإن نزل بدون لذة فأنه ينقض الوضوء فقط ولا يوجب الغُسّل ومثل ذلك ما إذا خرج المني بسبب ضربة أو مرض.
وبذلك تعلم:
أن الحنابلة يشترطون اللذة في خروج المني بدون جماع ، ولا يشترطون خروج المني الي ظاهر القُبُل بل الشرط انفصاله من مقره ، وهي حالة معروفة .
اما الشافعية: فهم علي عكس من ذلك إذ لا يشترطون اللذة أصلاً ، ويشترطون انفصال المني علي ظاهر القُبُل في الرجل ، وإلي داخل قُبُل المرأة والتحقق من كونه منياً.
مذهب الحنفية : قالوا خروج المني بسبب من السباب الموجبة للذة بغير الجماع له حالتان:
الحالة الأولي: أن يخرج الي ظاهر الفرج على وجه الدفق والشهوة ن فإذا عانق الرجل زوجته فأمني بهذه الكيفية من غير إيلاج فإن عليه الغُسّل وستعلم أن الإيلاج يوجب الغُسّل ولو لم ينزل ويعتبر المني خارجا بشهوة متي التلذ عند انفصال المني في مقره، فإذا انفصل المني بلذة ثم أمسكه ولكنه نزل بعد ذلك بدون لذة فأنه يوجب الغُسّل ، ويشترط في وجوب الغُسّل أن ينفصل المني من مقره ويخرج خارج الذكر فإذا انفصل ولم يخرج فأنه لا يوجب الغُسّل.
الحالة الثانية: أن يخرج بعض المني بسبب الجماع أو غيره ، ثم يغتسل من الجنابة قبل أن يبول أو يمضي عليه زمن يتحقق فيه انقطاع المني ثم بعد الاغتسال في هذه الحالة ينزل منيّ ما بقي من المني بلذة أو غيرها ، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يعيد الغُسّل عند أبي حنيفة ومحمد بشرط أن لا يبول قبل الاغتسال أو يمشي، أو ينتظر زمناً بعد الخروج فإن فعل شيئاً من هذه الأشياء ثم اغتسل ونزل منه المنيّ بعد ذلك فأنه لا غُسّل عليه بالإجماع وإذا اغتسلت المرأة بعد أن اتاها زوجها ثم نزل منها المنيّ بعد ذلك فأنها لا غُسّل عليها ، أما المني الخارج لا بسبب لذة فإنه لا غُسّل عليه .
وبذلك تعلم:
أن الحنفية مختلفون في ذلك الحكم مع الشافعية والحنابلة لأنهم يشترطون في وجوب الغُسّل خروج المنىّ الي ظاهر الفرج ، والحنابلة يكتفون بانفصاله عن صلب الرجل وترائب المرأة ويشترطون انفصاله عن مقره بلذة ، وإن لم تستمر اللذة حتي يخرج .
الشافعية يشترطون خروجه وإن لم يكن بلذة فالحنفية يوافقون الشافعية في ضرورة خروج المنيّ الي ظاهر القبل ، ويخالفون الحنابلة في الاكتفاء بانفصاله عن مقره وإن لم يخرج بالفعل ويوافقون الحنابلة في أنه لا يوجب الغُسّل ،الا اذا كان بلذة ويخالفون الشافعية في ذلك.
مذهب المالكية: قالوا إذا خرج المنيّ بعد ذهاب لذة معتادة بلا جماع وجب الغُسّل سواء اغتسل قبل خروجه أو لا أما اذا كانت اللذة ناشئة عن جماع كأن أولج ولم ينزل أم نزل بعد ذهاب اللذة فإن كان أغتسل قبل الإنزال فلا يجب عليه الغُسّل .
الأمر الثالث من موجبات الغُسّل
نزول المنيّ حالة النوم ويعبر عنه بالاحتلام فمن احتلم ثم استيقظ من نومه فوجد بللاً في ثيابه أو علي بدنه أو علي ظاهر قُبُله فأنه يجب عليه أن يغتسل إلا إذا تحقق أن هذا البلل ليس منياً أما اذا شك في كونه منياً أو مذياً أو غيرهما فأنه يجب عليه الغُسّل سواء تذكر أنه تلذذ في نومه بشيء من اسباب اللذة أو لم يتذكر.
رأي المذاهب:
الشافعية قالوا: اذا شك بعد الانتباه من النوم في كون البلل منياً أو مذياً لم يتحتم عليه الغُسّل ، بل له أن يحمله على المنيّ فيغتسل ، وإن يحمله علي المذي فيغسله ويتوضأ وإذا تغير اجتهاده عمل بما يقتضيه اجتهاده الثاني ولا يعيد ما عمله باجتهاده الأول من صلاة ونحوها.
الحنابلة قالوا: إذا شك بعد النوم في كون البلل منياً أو مذياً فإن كان قد سبق نومه سبب يوجب لذة كفكر أو نظر فلا جب عليه الغُسّل ويحمل ما رآه علي المذي وإن لم يسبق نومه سبب يوجب لذة فيجب عليه الغُسّل.
الأمر الرابع من موجبات الغُسّل
دم الحيض ، أو النفاس وهذا القدر متفق عليه في المذاهب ، فمن رأت دم الحيض أو دم النفاس فأنها تجب عليها أن تغتسل عند انقطاعه ومن النفاس الموجب للغُسّل الولادة بلا دم فلو فرض وكانت المرأة زهراء لا تري دما ثم ولدت فإن الغُسّل يجب عليها بمجرد الولادة.
رأي المذاهب:
الحنابلة قالوا: الولادة بلا دم لا توجب الغُسّل
الأمر الخامس من موجبات الغُسّل
موت المسلم إلا إذا كان شهيداً فأنه لا يجب تغسيله ويكفن في ملابسه ويدفن بأرض المعركة
الحنفية قالوا: يشترط في تغسيل الميت المسلم أن لا يكون باغيا والبغاة عند الحنفية هم الخارجون عن طاعة الإمام العادل ، وجماعة المسلمين ليقلبوا النظم الاجتماعية طبقا لشهواتهم فكل جماعة لهم قوة يتغلبون بها ، ويقاتلون أهل العدل هم البغاة عند الحنفية فإذا تغلب قوم من اللصوص علي قرية ، فإنهم لا يكونون بغاة بهذا المعني ومن مات منهم يغُسّل
الأمر السادس من موجبات الغُسّل
إسلام الكافر وهو جنب أما إذا أسلم غير جنب فيندب له الغُسّل فقط
رأي المذاهب:
الحنابلة قالوا: إذا أسلم الكافر ، فأنه يجب عليه أن يغتسل سواء كان جنبا أو لا.
شروط الغُسّل
تنقسم شروط الغُسّل الي ثلاثة أقسام : شروط وجوب فقط ،فيجب الغُسّل من الجنابة علي من يجب عليه الوضوء ، وشروط صحة فقط ، فيصح الغسل ممن يصح منه ا لوضوء ، وشروط وجوب وصحة معاً وقد تختلف بعض شروط الغُسّل عن شروط الوضوء ، فمن ذلك الإسلام ، فأنه ليس بشرط في صحة غُسّل الكتابية ، مثلا إذا تزوج مسلم كتابية ، وأنقطع دم حيضها ، أو نفاسها ، فأنه لا يحل له أن يأتيها قبل أن تغتسل فالغُسّل في حقها مشروع ، ولو لم تكن مسلمة وقد ذكر بعض المذاهب شروطا أخري مغايرة لشروط الوضوء.
رأي المذاهب:
الحنفية قالوا: أكثر مدة الحيض عشرة أيام، وأكثر مدة النفاس أربعون يوما .فإذا انقطع دم الحيض بعد انقضاء عشرة أيام ، وانقطع دم النفاس بعد انقضاء أربعين يوما من وقت الولادة فأنه يحل للزوج أن يأتي زوجته ، وإن لم تغتسل ، مسلمة كانت أو كتابية ، أما إذا أنقطع الدم لأقل من ذلك كأن ارتفع حيضتها بعد سبعة أيام مثلا ، وأرتفع دم نفاسها بعد ثلاثين يوما ، أو أقل فإنه لا يحل لزوجها أن يأتيها الا اذا اغتسلت ، أو مضي علي انقطاع دمها وقت صلاة كامل ، مثلا انقطع الدم بعد دخول وقت صلاة الظهر فلا يحل له إتيانها الا إذا انقضي ذلك الوقت بتمامه ، وصارت صلاة الظهر دينا في ذمتها ، أما إذا أنقطع الدم في آخر وقت الظهر ، فإن كان باقياً منه زمن يسع الغُسّل وتكبيرة الإحرام ، فإنه يحل له اتيانها بانقضائه ، أما اذا لم يبق من وقت الظهر الا زمن يسير لا يسع لذلك ، ثم انقطع حيضتها فإنه لا يحل له اتيانها الا اذا اغتسلت أو مضي على وقت صلاة العصر كله بدون أن تجد دماً ، لا فرق في ذلك كله بين أن تكون الزوجة مسلمة أو كتابية.
الحنابلة قالوا: لا يشترط تقدم الاستنجاء أو الاستجمار علي الغُسّل ، بخلاف الوضوء فأنه يشترط فيه ذلك.
الشافعية قالوا: أن من شرائط صحة الوضوء أن يكون المتوضئ مميزا، فإذا توضأت المجنونة التي لا تمييز عندها ، فإن وضوئها لا يصح ، وهذا ليس شرطاً في الغُسّل ، فلو حاضت واغتسلت ، وهي غير مميزة فإنه يحل لزوجها أن يأتيها.
فرائض الغُسّل
وفيها حكم الشعر ، وزينة العروس ، ولبس الحلي ونحو ذلك:
رأي المذاهب:
الحنفية قالوا : فرائض الغُسّل الحنفية قالوا : فرائض الغُسّل ثلاثة أحدها: المضمضة ، ثانيها: الاستنشاق، ثالثها: غسل جميع البدن بالماء ،فهذه هي الفرائض مجمعة عند الحنفية، ويتعلق بكل واحد منها أحكام فأما المضمضة فأنها عبارة عن وضع الماء الطهور في الفم ، ولو لم يحرك فمه ، أو يطرح الماء الذي وضعه في فمه ، فمن وضع ماء في فمه ثم ابتلعه فقد أتي بفرض المضمضة في الغُسّل بشرط أن يصيب الماء جميع فمه وإذا كانت اسنان الذي يريد الغُسّل مجوفة ـ ذات فلل ـ فبقي فيها طعام فأنه لا يبطل الغُسّل ولكن الأحوط أن يخرج الطعام والأوساخ من بين أسنانه ، ومن فوق لثته حتي يصيبها الماء فإذا كان في أنفه مخاط يابس ، أو وسخ جاف فأن غُسّله لا يصح الا إذا أخرجه ولعل في ذلك ما يحمل المسلمين علي النظافة دائما ـ فإن وجوب إخراج هذه الأقذار من الداخل وغسل ما تحتها دليل تام علي عناية الشارع بالنظافة المفيدة للأبدان داخلاً وخارجاً وأما غسل جميع البدن بالماء فأنه فرض لازم في الغُسّل من الجنابة باتفاق ـ بحث لو بقي منه جزء يسير يبطل الغُسّل، ويجب علي من يريد الغُسّل أن يزيل من علي بدنه كل شيء يحول بينه وبين الي الوصول الى الماء اليه ـ فإذا كان بين أظافره أقذار تمنع وصول الماء الي ما تحتها من جلد الأظافر بطل الغُسّل وقد اختلف في الآثار التي تقتضيها ضرورة أصحاب المهن كالخباز الذي يعجن دائماً والصباغ الذي يلصق بين أظافره صباغ ذو جرم يتعسر زواله ونحوهما فقال بعضهم أنه يبطل الغُسّل وقال بعضهم لا يبطل لأن هذه الحالة ضرورة والشريعة قد استثنت أحوال الضرورة فلا حرج علي مثل هؤلاء وهذا القول هو الموافق لقواعد الشرع الحنيف ولا يجب علي المرأة أن تنقض ضفائر شعرها في الغُسّل بل الذي يجب عليها أن توصل الماء الي أصول شعرها ـجذورهـ وإذا كان لها ذوائبه ـ قطعة من شعرها نازلة علي صدغيها ـ فأنه لا يجب عليها غسلها فإذا كان شعرها منقوضاً غير مضفور فإنه يجب إيصال الماء الي داخله وإن لم يصل الماء الي جلدها ، وإذا وضعت المرأة علي طيباً ثخيناً له جسم يمنع من وصول الماء الي أصول الشعر فإنه يجب عليها ازالته حتي يصل الماء الي أصول الشعر وإذا كانت لابسة اسورة ضيقة أو قرطاً ـ حلق ـ أو خاتم فإنه يجب تحريكه حتي يصل الماء الي ما تحته فإذا لم يصل الماء الي ما تحته فإنه يجب نزعه وإذا كان بالأذن ثقب ليس فيه قرطـ حلق ـ أو خاتم فأنه يجب أن يدخل الماء الي هذا الثقب فإن دخل وحده فذاك وإلا فأنه يجب إدخاله بأي شيء ممكن ولا يجب أن تدخل المرأة أصبعها في فرجها عند الغُسّل ، ويجب علي الرجل أن يوصل الماء الي شعر لحيته وأن يوصله الي أصول اللحية سواء كان شعره مضفوراً أو غير مضفور ويجب إدخال الماء الي الأجزاء الغائرة في البدن كالسرة ونحوها وينبغي إدخال اصبعه فيها ولا يجب علي الأقلف ـ وهو الذي لم يختن ـ أن يدخل الماء الي داخل الجلدة ولكنه يستحب أن يفعل ذلك.
المالكية قالوا: فرائض الغُسّل خمس وهي: النية ،تعميم الجسد بالماء ، دلك جميع الجسد مع صب الماء، أو بعده قبل جفاف العضو، المولاة غسل الأعضاء مع الذكر والقدرة تخليل شعر جسده جميعه بالماء ، فهذه فرائض الغُسّل عند المالكية فأما النية فقد عرفت احكامها في الوضوء وهي هنا كذلك فرض عند المالكية يصح أن يتأخر عن الشروع في الغُسّل بزمن يسير عرفاً الغُسّل غسل أول جزء من أجزاء البدن ، وقد عرفت مما تقدم في فرائض الوضوء أن النية سنة مؤكدة عند الحنفية ،أما الحنابلة فقالوا :أنها شرط لصحة الغُسّل وسيأتي مذهبهم ، فلا يصح الا بها ولكنها ليست داخلة في حقيقته . والشافعية اتفقوا مع المالكية علي أن النية فرض الا أنهم قالوا لا يجوز تأخيرها عن غسل أول جزء من أجزاء البدن بحال.
الثاني من فرائض الغُسّل تعميم الجسد بالماء، وليس من الجسد الفم ، والأنف ،وصماخ الأذنين ، والعين ، فالواجب عندهم غسل ظاهر البدن كله أما غسل باطن الأشياء التي لها باطن ، كالمضمضة والاستنشاق فليس بفرض بل هو سنة وإذا كان فب البدن تكامش فإن عليه أن يحركها ليصل الماء الي داخلها .
الفرض الثالث : الموالاة ، ويعبر عنه بالفور وهو أن ينتقل من غسل العضو الي غسل العضو الثاني قبل جفاف الأول بشرط أن يكون ذاكراً قادراً .
الفرض الرابع: دلك جميع الجسد بالماء ولا يشترط أن يكون الدلك حال صب الماء علي البدن بل يكفي الدلك بعد صب الماء ونزوله علي البدن بشرط الا يجف الماء من علي العضو قيل دلكه ولا يشرط في الدلك عندهم أن يكون بخصوص اليد ، فلو دلك جزءاً من جسمه بذراعه أو وضع أحدى رجليه على الأخرى ودلكها بها فإنه يجزئه ذلك وكذا يكفي الدلك بمنديل أو فوطة أو نحو ذلك على المعتمد فمن أخذ طرفة الفوطة بيده اليمني والطرف الآخر بيده اليسرى ودلك بها ظهره وبدنه فإنه يجزئه ذلك قبل أن يجف الجسم ولو كان قادراً علي الدلك بيده علي المعتمد ومثل ذلك ما وضع في كفه كيساً ودلك به فأنه يصح بلا خلاف لأنه دلك باليد ومن عجز عن دلك بدنه كله أو بعضه بيده، أو بخرقة ، فأنه يسقط عنه فرض الدلك علي المعتمد ، ولا يلزمه أن ينيب غيره بالدلك .
الفرض الخامس من فرائض الغسل: تخليل الشعر فأما شعر اللحية فإن كان غزيراً ففي تخليله خلاف فبعضهم يقول : أنه واجب وبعضهم يقول إنه مندوب ، وأما شعر البدن فإنه يجب تخليله في الغسل باتفاق سواء كان خفيفاً أو غزيراً ويدخل في ذلك هدب العينين والحواجب وشعر الإبط والعانة وغير ذلك لا فرق بين كل هذا بين الرجل والمرأة وإذا كان الشعر مضفوراً فلا يخلو إما أن بخيوط خارجة أو مضفوراً بغير خيوط فإن كان مضفوراً بخيوط فإنه يجب نقضه ـ حله ـ إن كانت هذه الخيوط ثلاثة فأكثر أما اذا كانت هذه الخيوط أقل من ثلاثة فأنه لا يجب نقضه إلا إذا أشتد ضفره وتعذر بسبب ذلك وصول الماء الي البشرة وكذا إذا كان ضفره شديداً يتعذر معه إيصال الماء الي البشرة وجب نقض الشعر وإلا فلا.
 
أعلى