العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نابتة في هذا الزمان أحدثت من سوء الأدب ما لم يكن في الأعصار الخالية

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
[نابتة في هذا الزمان أحدثت من سوء الأدب ما لم يكن في الأعصار الخالية]
فهذا عنوان لمبحث في كتاب "فقه الخلاف" (255) لمؤلفه الدكتور/ نوّار الشّلي، آثرت أن أنقله بالحرف لأهميته، يقول:
((قدّمنا بعض الصور القاتمة من تاريخ الإسلام فيما تقدم، ولو أراد أحدنا رصد ما عليه الحال اليوم لما وجد كبير فرق بين تلك الصور، ونماذج كثيرة في هيئات وجماعات وأحزاب في بلاد المسلمين الواسعة، ولولا المبالغة لقلت: إنه قد استحدثت أشياء كثيرة مما ينافي الأدب والخلق القويم بسبب الخلاف في الرأي.
إننا نسمع ونرى عيانًا من يتطاول على العلماء ورواد الأمة في فكرها، والتعبير عن روحها وحضارتها، وينسبهم إلى الجهل، والبدعة، والضلالة، والفسق، وربما إلى الكفر أحيانًا؛ بل رأينا من يقف داعيًا متقربًا إلى الله، ومحتسبًا في التحذير من التتلمذ أو القراءة لمن يخالفه الرأي!
لقد شبّه بعضهم فقه أبي حنيفة بالإنجيل والتوراة، وقال فيه آخر: إنه لا يحفظ سوى بضعة عشر حديثًا، ويقول ثالث: مالك لا يعرف حديث الاستفتاح، ولا سنة الاستعاذة، فهو جاهل بالسنة! . انظر في ذلك: السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث، للشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- (ص 11)، ونماذج قريبة من هذا الفكر في اللامذهبية للشيخ البوطي.
لقد وصل الأمر ببعض الناس أن يكتب في خطر وضلال العالم الفلاني وما هو عليه من الباطل؛ لأنه يخالف منهجه! ، ونسي هذا وأمثاله موجة التنصير الكاسحة كالريح العاتية، ألم يكن الأولى الوقوف في وجه الخروج من الإسلام؟! ولكنهم يعلِّلون أنفسهم ويمنونها بأن السكون عن المنكر إقرار به.. وكأن الدنيا صلحت واستقر أمرها، ولم يعد من باطل فيها إلا الكتابة في تبديع العلماء، وتضليلهم، وبيان ما هم عليه من الجهالات! )).
[ومن القواعد المُسلَّمة في الفقه: أن لا إنكار فيما اختُلِفَ فيه، وإنما يُنكر المُجمع عليه، ولكن كثيرًا من الناس يغفلون عن هذا الأصل اليوم ويُريدون حمل الناس جميعًا على مذهبهم، فإن رأى منك خِلافًا لما يذهب، إليه تبرم وعبس وتولى كأن به شيئًا من المس.
روى أبو نُعيم الأصبهاني في الحلية -حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 356)- عن الإمام سُفيان الثوري -رحمه الله- وكان صاحب مذهب فقهي- قوله: "إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختُلِفَ فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه". اهـ.
وروى الخطيب البغدادي -في الفقه والمتفقّه (2/ 135)- عنه قوله: "ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدًا من إخواني أن يأخذ منه". اهـ.
ونقل ابن مفلح -في الآداب الشرعية والمنح المرعية (1/ 132)- عن الإمام أحمد قوله: "لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه، ولا يشدد عليهم". اهـ.
ويُقرّر الإمام النووي هذه الحقيقة، فيقول عند شرحه لحديث (من رأي منكم مُنكرًا فليُغيّره..): ".. ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أُجمع عليه الأئمة، وأما المُختلف فيه فلا إنكار فيه.." اهـ.]

قال الشيخ القرضاوي في (الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف) (ص 241):
"ونحن نشاهد على الساحة الإسلامية أناسًا لا همَّ لهم إلا الجدل في كل شيء، وليس لديهم أدنى استعداد لأن يعدلوا عن أي رأي من آرائهم، وإنما يريدون للآخرين أن يتبعوهم فيما يقولون، فهم على حق دائمًا، وغيرهم على باطل دائمًا:
منهم من يجادل في كلمات أعطاها اصطلاحًا خاصًّا، خالفه فيه غيره، ويريد أن يلزم الآخرين برأيه، مع أن علماءنا قالوا: "لا مشاحة في الاصطلاح".
ومنهم من يذم التعصب للمذاهب، وهو يقيم مذهبًا جديدًا، يقاتل الآخرين عليه!
ومن يحرم التقليد ويطلب من الناس أن يقلدوه! أو يمنع تقليد بعض القدامى وهو يقلد بعض المعاصرين!
ومن يقيم معركة من أجل مسائل فرعية وجزئية، اختلف السلف فيها وفي أمثالها، ولم تعكر لعلاقتهم صفوًا.
إن آفتهم هي المراء، أو اللدد في الخصومة، وهو أمر ذمه الله ورسوله...".


وقال في موضع آخر -(ص 70-72)-:
"ومن دلائل عدم الرسوخ في العلم، ومن مظاهر ضعف البصيرة بالدين: اشتغال عدد من هؤلاء بكثير من المسائل الجزئية والأمور الفرعية عن القضايا الكبرى التي تتعلق بكينونة الأمة، وهويتها، ومصيرها؛ فترى كثيرًا منهم يقيم الدنيا ويقعدها من أجل حلق اللحية، أو الأخذ منها، أو إسبال الثياب، أو تحريك الإصبع في التشهد، أو اقتناء الصور الفوتوغرافية، أو نحو ذلك من المسائل التي طال فيها الجدل، وكثير فيها القيل والقال.
وكان الأولى بهؤلاء أن يصرفوا جهودهم إلى ما يحفظ على المسلمين وناشئتهم أصل عقيدتهم، ويربطهم بأداء الفرائض، ويجنبهم اقتراف الكبائر.
ومن المؤسف حقًّا أن هؤلاء الذين يثيرون الجدل في هذه المسائل الجزئية وينفخون في جمرها باستمرار أناسًا يعرف عنهم الكثيرون ممن حولهما لتفريط في واجبات أساسية، مثل: بر الوالدين، أو تحري الحلال، أو أداء العمل بإتقان، أو رعاية حق الزوجة، أو حق الأولاد، أو حق الجوار، ولكنهم غضوا الطرف عن هذا كله، وسبحوا بل غرقوا في دوامة الجدل الذي أصبح لهم هواية ولذة، وانتهى بهم إلى اللدد في الخصومة والمماراة المذمومة".

***
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: نابتة في هذا الزمان أحدثت من سوء الأدب ما لم يكن في الأعصار الخالية

يا أخي عمرو أرجو ألا يكون الدافع لهذه الموضوعات الانتصار للنفس!
المرجو الابتعاد عن الإثارة ...
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى