العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نثر أريج زهر الآس بإنصاف علماء الحيض والنفاس

إنضم
4 يوليو 2008
المشاركات
46
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفلسفة والفكر والحضارة
المدينة
تطوان
المذهب الفقهي
الحديث
نثر أريج زهر الآس
بإنصاف علماء الحيض والنفاس
الحمد لله وحده, وصلى الله على من لا نبي بعده, وأشهد أن إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فكثيرا ما يستعمل الحاقدون على الملة, وأعداء السنة, عبارة (علماء الحيض والنفاس) للسخرية من علماء الأمة, والتنقيص من قدرهم, ونبزهم واحتقارهم.يحاولون إسقاط هيبتهم من قلوب العوام, ليقطعوهم عن حملة الشريعة, حتى إذا احتاجوا لدينهم أخذوه من أعدائهم, وقد تقبل مثل هذه العبارات كثير من المغفلين والسذج ممن غربت شمس عقولهم, وخيم ظلام الجهل على قلوبهم,وتلقفوها تلقف السفيه ,وصاروا يرددونها مستهزئين محتقرين فعل أهل الجهل والهوى.
فالماء على لسان المريض مر, والشمس في عين الأعمى ظلمة, والحرير على جلد الجرب خشن.
والحق أن هذه العبارة مدح عظيم, وشرف جليل, وتنويه كبير لو تأملها منصف عاقل, وتدبرها لبيب فطن ,فباب الحيض والنفاس والاستحاضة من كتاب الطهارة من أدق الأبواب, وأجل المباحث والمسائل, وأنفس فروع الشريعة. فبمثلها يعرف قدر عقل الفقيه, وبنحوها يقاس ذكاؤه وفطنته, وتركيزه وقوة عقله.فليعلم المغرضون, وأهل الهوى المفسدون أن الله تعالى قال : (قل موتوا بغيظكم)
ما وجد هؤلاء السفلة إلا مثل هذا ليرووا ظمأهم, وما يشربون منه إلا حميما من حقد يقطع أمعاءهم.يؤذون الله في أولياءه,ويحاربون أولياءه وهو هازمهم.
ألم تر في كبار الطير سرا تسالمنا ويؤذينا البعوض
وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام أن (زعيما من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه فكان يقول: إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة هذا كلام هؤلاء الزائغين قاتلهم الله.) اهـ
ولدقة مسائل الحيض وما جاوره, صرح بعضهم بأنها قد تستعصي على الحافظ للفروع المتبحر في معرفة المسائل. فقال ابن قدامة في روضة الناظر (1/138): (والحافظ للفروع قد لا يحفظ دقائق مسائل الحيض والوصايا) وجعلها الصفدي من مسائل الفقه الغامضة في (نصرة الثائر على المثل السائر).
وهذه باقة فواحة, من كلمات أنيقة بين يديك لأئمة فقهاء من أذكياء العالم , شهدوا بما ذكرته, وقرروا ما حكيته.
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (مسائل الاستحاضة من أشكل أبواب الطهارة ) الفتاوى (21/22)
وتظهر أهمية هذا الباب في كثرة الأبواب المتعلقة به, والمتوقفة على إتقان مسائله, وتحرير مباحثه,. قال ابن العربي في أحكام القرآن (1/224و225): ( جملة ذلك خمسة... وينتهي بالتفصيل إلى ستة عشر حكما تفسيرها في كتب الفروع).
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (2/352) : ( اِعلم أن باب الحيض من عويص الأبواب, ومما غلط فيه كثيرون من الكبار لدقة مسائله, واعتنى به المحققون, وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة, وأفرد أبو الفرج الدارمي من أئمة العراقيين مسألة المتحيرة في مجلد ضخم, ليس فيه إلا مسألة المتحيرة وما يتعلق بها, وأتى فيه بنفائس لم يسبق إليها, وحقق أشياء مهمة من أحكامها, وقد اختصرت أنا مقاصده في كراريس, وسأذكر في هذا الشرح ما يليق به منها إن شاء الله تعالى. وجمع إمام الحرمين في (النهاية) في باب الحيض نحو نصف مجلد, وقال بعد مسائل الصفرة والكدرة :(لا ينبغي للناظر في أحكام الاستحاضة أن يضجر من تكرير الصور وإعادتها في الأبواب).وبسط أصحابنا رحمهم الله مسائل الحيض أبلغ بسط, وأوضحوه أكمل إيضاح, واعتنوا بتفاريعه أشد اعتناء, وبالغوا في تقريب مسائله بتكثير الأمثلة, وتكرير الأحكام, وكنت جمعت في الحيض في شرح المهذب مجلدا كبيرا مشتملا على نفائس, ثم رأيت الآن اختصاره, والإتيان بمقاصده ,ومقصودي بما نبهت عليه ألا يضجر مطالعه بإطالته, فإني أحرص إن شاء الله تعالى على ألا أطيله إلا بمهمات, وقواعد مطلوبات, وما ينشرح به قلب من به طلبٌ مليح, وقصدٌ صحيح, ولا التفات إلى كراهة ذوي المهانة والبطالة, فان مسائل الحيض يكثر الاحتياج إليها لعموم وقوعها, وقد رأيت مالا يحصى من المرات من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه, لا يهتدي إلى الجواب الصحيح فيها إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض, ومعلوم أن الحيض من الأمور العامة المتكررة, ويترتب عليه ما لا يحصى من الأحكام, كالطهارة والصلاة, والقراءة والصوم والاعتكاف, والحج والبلوغ, والوطء والطلاق, والخلع والإيلاء, وكفارة القتل وغيرها, والعدة والاستبراء, وغير ذلك من الأحكام. فيجب الاعتناء بما هذه حاله.وبالله التوفيق.)
ـ وقال زين العابدين بن نجم المصري الحنفي في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لأبي البركات النسفي(1/199/دار المعرفة) : (اعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصا من المتحيرة وتفاريعها ولهذا اعتنى به المحققون وأفرده محمد في كتاب مستقل ,ومعرفة مسائل الحيض من أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام كالطهارة والصلاة وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة والاستبراء وغير ذلك من الأحكام وكان من أعظم الواجبات ؛ لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها وإن كان الكلام فيها طويلا فإن المحصل يتشوف إلى ذلك ولا التفات إلى كراهة أهل البطالة) ثم ذكر الأبواب المتعلقة بالحيض وأوصلها إلى اثنين وعشرين بابا.
ـ وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني (1/189)بعد أن ذكر جملة من هذه الأحكام: (وأكثر هذه الأحكام مجمع عليها بين علماء الأمة , وإذا ثبت هذا, فالحاجة داعية إلى معرفة الحيض ليعلم ما يتعلق به من الأحكام )
ـ وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى في شرح زاد المستقنع في أول شرح كتاب الحيض : (الحيض باب عظيم، وتتفرع عليه مسائل عظيمة تتعلق بعبادات الناس ومعاملاتهم، ولذلك اعتنى المحدثون والفقهاء رحمة الله عليهم بهذا الباب، وما من كتاب يتكلم على أحكام الشريعة في العبادات إلا وعقد لهذا المبحث موضعاً خاصاً أورد فيه الأحاديث والأحكام الخاصة به، وهو باب عظيم، وإتقانه ليس من السهولة بمكان بل هو عسير إلا على من يسره الله عليه، ولذلك قال الإمام النووي رحمه الله: إنه من عويص المسائل ومن عويص الأبواب، يعني: من أشدها وأعظمها، ولا شك أن الذي يتقنه يسد ثغرة من ثغور الإسلام، والسبب في ذلك: أن المرأة تلتبس عليها صلاتها، وصيامها، وعمرتها، وحجها، وغير ذلك من عباداتها التي تشترط لها الطهارة، ويلتبس على الرجل حل طلاقه وكذلك إباحة إصابته لامرأته، واستمتاعه بها، وجواز تطليقه وعدم جوازه، وانقضاء العدة وعدم انقضائها، وكل هذه المسائل تتفرع على إتقان باب الحيض، ولذلك لاشك أن طالب العلم ينبغي عليه أن يعتني به، وأن يوليه من العناية والرعاية ما هو خليق به.
وقد ألف العلماء رحمة الله عليهم فيه تآليف مفيدة، وجمعها الإمام الدارمي في كتاب مستقل، وجمعها الإمام النووي رحمه الله فيما لا يقل عن مائتي صفحة، وقال: إنه لم يستوعب شتاتها مع هذا كله، وكتب فيها بعض العلماء خمسمائة ورقة، أي: قرابة ألف صفحة في هذه المسائل، وهو أمر دقيق.
وقد يقول قائل: كيف يكون عسيراً والأحاديث فيه قليلة، وربما أن الإنسان إذا تفرغ له وأتقن أصوله أَلَمَّ به؟ نقول: الواقع بخلاف ذلك، وأحب أن أنبه على مسألة: وهي أن الحيض حينما يبحث فإنه يبحث من وجهين: الوجه الأول: أصول باب الحيض.
والوجه الثاني: الفروع المتعلقة بهذه الأصول فأما الأصول فهي منحصرة ومحدودة، ويمكن للإنسان أن يضبط أحاديثها ولا إشكال فيها، ولكن الإشكال في الفروع، وقد يقول قائل: من أين جاءتنا هذه الفروع التي عُقِّد بها باب الحيض أو وُسّع فيه؟
الجواب
أنه ينبغي على طالب العلم أن يتنبه إلى أن الحوادث والنوازل والفروع لا تتقيد، ولذلك قد تكون المسائل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة منحصرة، ثم إذا جاءت من بعد ذلك القرون تعددت المسائل؛ لأن مسائل الحيض في القديم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى قرابة عصور الخلفاء الراشدين- تجدها على بيئة واحدة، وهي بيئة الجزيرة، فتجدها منحصرة، لكن لما اختلفت البيئات وفتحت الفتوح ووجدت الأجناس، أصبحت مسائل الحيض واسعة، حتى إن بعض أئمة الحديث يقول: في الحيض ما يقرب من مائة حديث، ولهذه الأحاديث ما يقرب من مائة وخمسين طريقاً، وقد جمَعتُ فيها ما لا يقل عن خمسمائة ورقة، ولذلك قال الإمام ابن العربي المالكي رحمة الله عليه: وهي مسائل تأكل الكبد، وتنهض الكتد، ولا يتقنها منكم أحد، فباب الحيض باب عظيم، يقول الإمام أحمد رحمة الله عليه عن هذا الباب: إنه جلس فيه تسع سنوات حتى فهمه. وللأسف نجد من يُثَرّب على العلماء ويقول: إنهم علماء الحيض والنفاس، ووالله الذي لا إله إلا هو، لو أمست امرأته حائضاً وهو لا يعرف أحكام الحيض والنفاس لما أحسن جوابها، ولعرف قدر علماء الحيض والنفاس، ولذلك لا يجوز لأحد أن يستخفّ بهذا الباب، والاستخفاف به يدل على هوى صاحبه.
فلو أن إنساناً استخف بالعلماء وقال: علماء الحيض والنفاس! فقد يخشى عليه الكفر؛ لأنه يستهزئ بعلماء الدين، وهذه كلمة كما قال تعالى: { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } [النور:15]، ولذلك ما جاء الأمة البلاء إلا من الغلو، فتجد العابد الصائم القائم يحتقر طلاب العلم ويحس أن الدين هو الصيام والقيام، وتجد طالب العلم يحتقر العابد ويقول: هذا جالس يصلي ويصوم ويحتقر عبادته؛ وذلك لأن طالب العلم يغلو في طلب العلم، والعابد يغلو في العبادة، وهذا لا يجوز؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) فلا يجوز الغلو في الدين.
والإنسان إذا أراد أن يمسك باباً فلا يحتقر غيره، فكلٌ على ثغرة، والله يقول: { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ } [البقرة:148] فأنبه على هذا؛ لأنها مسألة عارضة، وهي خطيرة جداً أن يستهزأ بالعلماء، ومسألة الاستهزاء بالفقهاء -أي: الاستخفاف بالفقه- وذكر مسائل الحيض والنفاس قديمة, وليست وليدة اليوم، ولكن ينبغي على طلاب العلم أن يتنبهوا لهذه الآفة من آفات اللسان، نسأل الله أن يعصمنا وإياكم من الهوى والردى، والمقصود: أن هذا الباب باب عظيم وينبغي على طالب العلم أن ينتبه له.)
فظهر بهذا أن أهمية هذا الباب لغيره, وقدره في عدد وقدر متعلقاته.فالجهل به عظيم , خصوصا من النساء.
طريفة
ما كان العلماء يعدون سؤال المرأة عن أحكام الحيض من قلة الحياء فقد ذكروا أن امرأة سألت أباها عن مسائل الحيض فقال: ( أما تستحيين) ؟ فقالت: ( أخاف من الله إن استحييت) .
فليتق الله ظالم أو جاهل, وليرعو منافق أو جاحد,وليتنبه مغفل أو متغافل. والله يهدي , لا هادي غيره, وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نثر أريج زهر الآس بإنصاف علماء الحيض والنفاس

بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم خير الجزاء
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: نثر أريج زهر الآس بإنصاف علماء الحيض والنفاس

بارك الله فيكم أخي الكريم لست ممن ينكر فضل عالم ولو كان في فقه المياه ، ولكن الذي اعرفه واذهب اليه ما قاله إمامنا امام دار الهجرة ان من لم يحسن البيوع الفرائض و الطلاق فليلحق بالبادية
وفقكم الله
 
إنضم
13 سبتمبر 2008
المشاركات
246
التخصص
تجاره
المدينة
القاهره
المذهب الفقهي
الدليل
رد: نثر أريج زهر الآس بإنصاف علماء الحيض والنفاس

عبارة علماء الحيض والنفاس يختلف معناها باختلاف قائلها قد يرددها العلمانى والليبرالى واللادينى والملحد ونحوهم فطبعا يقصدون بها السخرية وازدراء العلم واهله ولكن قد يرددها بعض من ينتسبون للعلم ومن عندهم غيرة على مصالح الامة ويقصدون بها علماء ووعاظ السلطة الذين يستفيضون فى شرح هذه المسائل باسهاب ويصمتون عن مصائب عقدية وشرعية واخلاقية يفعلها اولوا الامر وبطانتهم فتنتاب بعض الغيورين الحيرة لماذا الحديث باسهاب هنا وصمت ومداراة هناك ولاداعى لذكر امثلة تفصيلية تجنبا للمز العلماء وهذا مانرفضه حتى لو لم يوفقوا فى بعض المواقف
 
أعلى