العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ندوة مناسك الحج 1429هـ، الحلقة(7): الدِّماءُ في الَحجِّ [عرض ومناقشة أقوال أهل العلم]

إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
الدِّماءُ في الَحجِّ
للشيخ العلامة محمد إبراهيم شقره ـ حفظه الله تعالى ـ

يقول :
من يقرأُ الفقهَ على المذاهب كلِّها ، يروعه كثرةُ الدماءِ التي تُفرَضُ على كل مخالفة قد يرتكبها المسلم أثناء إحرامه ، وتأْديته مناسكه .

ونحن إذا أَمعنا النَّظر ، وتجرَّدنا من العصبية المذهبية ، وتقصَّينا الأدلة التي جاءت في القرآن ، أو صحَّت نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علمنا أنَّ هذه الكثرة من الدِّماءِ ليستْ مشروعةً ،

وأَنَّ المشروع منها خمسة فقط :

الأول : دمُ التمتع والقران ، وهو الدم الذي يجب على الحاج الذي لبَّى بعمرة متمتعاً بها إلى الحج ، أو لبَّى بحج وعمرة قارناً بينهما .

الثاني : دم الفدية ، الذي يجب على الحاج إذا حلق شعره لمرض أو شيءٍ مؤْذٍ .

الثالث : دمُ الجزاءِ ، وهو الدم الذي يجب على المحرم إذا قتل صيداً برِّياً ، أما صيد البحر فلا شيءَ منه عليه .

الرابع : دمُ الإحصار ، ويكون بسبب انحسابه عن إتمام المناسك لمرض أو عَدُوٍّ أو غير ذلك ، ولا يكون قد اشترط عند إحرامه ، أي لم يقل عند تلبية بالحج: اللهم مِحَليِّ حيث حبستني .

الخامس : دمُ الوطءِ ، وهو دم يُفرض على الحاج إذا وطىءَ أثناء حجه ، فإن كان قد وطىءَ قبل رمي جمرة العقبة صبيحة يوم النحر فعليه بدنة ، مع بطلان حجهِّ ، وإن كان وطىءَ بعد الرمي وقبل طواف الافاضه فعليه شاة .

ومثل الرجل في هذه المرأة سواءً بسواءٍ ، غير أَنها إذا كانت مكرهةً في وطئِها فلا هدي عليها ، وأيضاً فإن حجَّها صحيح بخلاف زوجها الواطىءِ ، إن كان قد وطىءَ قبل رمي جمرة العقبة .

ولا يجب على الحاج دمٌ غير هذه الدماءِ ، إذ ليس على ذلك دليل يصلح للاعتماد عليه ، وقد اعتمد الفقهاءُ قديماً وحديثاً في كثرة الدماءِ التي يوجبونها في مخالفات الحج ، على أَثر ابن عباس رضي الله عنهما المشهور وهو : " من نسي من نُسُكِهِ شيئاً أو تركه فليُهْرِقْ دماً " .

وهذا الأثر فضلاً عن كونه مُصادماً لصريح السُّنة كما سنبين ، فهو قد تفرد به ابن عباس رضي الله عنهما ، فيُصْبح رأْياً ارتآه ابن عباس وحده ، مصادماً لصريح السُّنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلكم : " أَن رجلاً جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمِّخٌ بطيب ، فقال : يارسول الله ، كيف ترى في رجل أحرم في جُبَّةٍ بعدما تضَمَّخَ بطيب ؟ . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعةً ، فجاءه الوحي ، ثم سُرِّيَ عنه فقال : أَين الذي سألني عن العمرة آنفاً ، فالْتُمِسَ الرجلُ فجيءَ به فقال : أَمَّا الطِّيبُ الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجُبَّة فانزِعها ، ثم اصنع في العمرة كلَّ ما تصنع في حجَّك " .

فهذا الحديث ، يدلُّ دلالةً صريحة ، على أَن من أتى مخالفةً أو محظوراً من محظورات الإحرام ، فليس عليه إلا أن يدعه فقط ، لأن الرسول عليه السلام لم يأمر الرجل لا بس الجبَّة المتضمخ بطيب النِّساء ـ وهو الخلوق كما جاء في رواية أخرى ـ إلا أن ينزع الجبَّة ويغسل الطيب ، ولم يأْمره بذبح هدي الجزاء ، ولوكان واجباً لأَمره به ، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجه ، والحاجة قائمة هنا ، والوحي قد نزل بالحكم الفصل .

والصحابي مهما بلغ من منزلة وعلم ، فأثره لا يُقَدَّم على سنَّةٍ صحيحة صريحة من سنن الرسول صلوات الله عليه .

إذاً فمن الحق أن يقال :إنَّ ابن عباس ـ رضي الله عنه ، على جلالة قدره في العلم ـ اجتهد رأْيه ، فلربما لم يبلغه هذا الحديث الصحيح ، واختلاف الصحابة مشهور لا يخفى ، وهو مبنيٌّ على هذا الأْصل ، ألا وهو : خفاءُ السنن ، وعلى تفاوتهم في العلم .

ولا يقال هنا :إن الصحابة لم ينكروا عليه ، فعدم معرفتنا بذلك لا يعني أن الصحابة لم ينكروا ، غاية ما يقال :إنه لم يصلنا .

ولا ننسى أنَّ كثرة الدماءلم تؤد إلى أَلتساهُلِ في المناسك فحسب ، بل إلى الأستهانة بأداءِ مناسِكِ الحج ، وإتمامها على مثل ما بينَّ الرسول عليه السلام ، وهذا أَخطر مافي التدميم .

نقلاً من كتاب " إرشاد الساري إلى عبادة الباري ـ القسم الثاني الحج " (ص 42 ـ 44) .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيراً ...
وبارك الله فيك ...
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذا الموضوع يصلح أن يكون أحد عناصر ندوة فقه المناسك
فليتك الإخوة مشكورين يدرجوه في الندوة
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع للمناقشة ، تمهيداً لإدراجه في الندوة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نحاول أن نناقش الليلة هذه المسألة إن شاء الله
وهي من المسائل التي تعقب فيها أ.د. إبراهيم الصبيحي كتاب "افعل ولا حرج"
فننقل أولاً: كلام الشيخ سلمان العودة في كتاب "افعل ولا حرج"
ثم نثني: بتلخيص كلام الشيخ الصبيحي في المسألة.
ثم نحاول أن نستتم أطراف المسألة، ونرجو أن نخرج في نهاية الموضوع بنتائج طيبة.
كما آمل من الإخوة المشاركة في إثراء الموضوع.
وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضى.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الشيخ سلمان العودة في كتابه "افعل ولا حرج":
التيســـير فـي الدمــــــاء

ومن التيسير:

عدم إرهاق الحجيج بكثرة الدماء؛ فإن الفتوى أحيانًا تُلزم الحاج بدم كلما ترك واجبًا، بناء على أثر ابن عباس ب: «من نسي من نسكه شيئا أو تركه، فليهرق دمًا»([1]).

وهو أثر صحيح؛ ولكنه فتوى واجتهاد، وقد كان كثير من السلف لا يلزمون به، ولكنهم يراعون حال السائل من الغنى والفقر وغير ذلك.
وقد أسقط الشارع بعض الواجبات كطواف الوداع عن الحائض، والمبيت بمنى عن الرعاة ومن في حكمهم إلى غير بدل، ولم يلزمهم بشيء، وهذا ثابت معروف في السنة([2]).

بينما في فعل المحظور ورد حديث كعب بن عجرة ا في الإذن بحلق الرأس مع الفدية([3]).

ولم يثبت في السنة المرفوعة خبر في إيجاب الدم لترك الواجب، ويمكن أن يراعى في هذا أحوال الناس.

([1]) أخرجه مالك في الموطأ (940)، والبيهقي (5/30، 152).

([2]) ينظر ما تقدم (ص:81، 99).

([3]) تقدم تخريجه (ص:66).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نستأذن آخانا أبا محمد المصري أن نجعل عنوان الموضوع : "الدماء في الحج"
ونجعل أول مشاركة هو نقله عن الشيخ محمد أبو شقرة.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
عرض لمناقشة أ.د. إبراهيم الصبيحي في كتابه "حتى لا يقع الحرج" [ص 88-102] لكلام الدكتور سلمان العودة ، والذي سبق نقله من كنابه "افعل ولا حرج" :

بيَّن الشيخ إبراهيم الصبيحي حفظه الله في كتابه "حتى لا يقع الحرج": أن لأثر ابن عباس رضي الله عنهما أصلاً في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لم ينفرد من بين الصحابة بهذا الرأي.
وذكر لذلك ثلاثة أدلة:
الدليل الأول:
ما جاء في كتاب الله تعالى من الأمر بإتمام الحج والعمرة ، ووجوب الهدي على من لم يتمكن من إتمامهما، قال الله تعالى:
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}
ثم نقل نقلا عن ابن جرير فيه تقرير وجوب إتمام الحج والعمرة
ثم قال د. الصبيحي:
فالآية تدل على وجوب الهدي على من لم يتمكن من إتمام حجه وعمرته بسبب الإحصار، ولم يرد فيها تحديد نوع النسك الذي يجب لتركه دم، بل هي عامة لجميع أنواع المناسك التي أوجبها الله على خلقه فعلى من لم يفعلها بسبب الإحصار دم؛ لأنه لم يتم حجه.
ولذا فإن ذكر الإحصار دون غيره يمكن حمله على أنه من باب التمثيل لا الحصر...
ثم ذكر الدكتور الصبيحي:
أن الإحصار يشمل المرض أيضاً.
ثم بين:
أن قوله عليه الصلاة والسلام للمريضة:
"احرمي واشترطي أن محلي حيث حبستني"
يدل على أن سبب وجوب الهدي ليس مجرد وجود الإحصار بل لكون الحاج والمعتمر لم يتمكنا من إتمام حجهما وعمرتهما.
ثم نقل نقلا طويل عن ابن حزم مفاده:
أن الإحصار يشمل كل ما يمنع من إتمام الحج والعمرة بأي نسك كان، إلا إن كان اشترط...[وجملة أخرى من أحكام الإحصار].
ثم قال الدكتور الصبيحي:
وهذا يشمل كل من لم يتم حجه بصرف النظر عن سببه، ولذا قال أهل العلم بوجوبه على كل من ترك نسكه أو نسيه كما قال ابن عباس لأن الله أوجب الهدي على من اضطر لترك النسك بسبب الإحصار فمن لم يكن مضطرا إلى ذلك فهو من باب أولى.
ثم نقل عن الشوكاني:
ما يفيد عموم الإحصار من الآية.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
ونظير هذا وجوب الفدية على من حلق رأسه عمدا أو نسيانا فإن الله تعالى لم يعذر المضطر إلى ذلك بسبب المرض فمن لم يكن مضطرا فهو من باب أولى.
وهذا النوع من القياس يقول به حتى منكروا القياس....
ثم نقل عن ابن قدامة ما يفيد:
أن من حصر بما ليس من أركان الحج فليس له التحلل بذلك لأن صحة الحج لا تقف على ذلك ويكون عليه دم لتركه ذلك وحجه صحيح كما لو تركه من غير حصر.
وعلق الدكتور الصبيحي على مقالة ابن قدامة، فقال:
فهذا الإمام ابن قدامة رحمه الله استدل بالآية على وجوب الدم لمن ترك واجبات الحج بالإحصار، وأن الترك بالإحصار كالترك بغير إحصار، والله أعلم.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
وبمثل هذا القول قال الحنفية والمالكية والحنابلة.
ثم نقل نقلاً عن ابن جماعة:
في تقرير ما سبق ذكره عن هؤلاء.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
فهذه النصوص عن أهل العلم تدل على أن وجوب الدم على من ترك واجبا من واجبات الحج بسبب الإحصار دليله كتاب الله تعالى، ثم إن الآية عامة تشمل كل من لم يفعل النسك وإن كان بغير إحصار لدلالة الأولى والله أعلم.
ثم بين الدكتور الصبيحي:
أوجه الاستدلال بآية الإحصار على تعدد الدماء لترك الواجبات
فبين:
أن من أحصر عن الواجبات فإنه يجب بفوات كل واحد منها دم لأن له الحج ولأنه لا ينوب بعضها عن بعض في الأداء، فاقتضى هذا ألا ينوب فداء بعضها عن بعض عن عدم فعلها
ثم قال:
يؤكد ذلك قياس العكس، وهو أن تعدد فعل المحظورات يوجب لكل محظور فداء مستقلا عن فداء المحظور الآخر ولا يصح أن يقال بأن تعدد المحظورات يكفي عنها فداء واحد، بل يوجد من المحظورات ما يجب أن يتعدد فداءه عند تعدده كالصيد، فيقاس عليها ترك الواجبات فإنه يقتضي تعدد الهدي. جبرا للحج.
الدليل الثاني:
ما رواه أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هدياً.
ثم نقل عن ابن قدامة:
أن هذه رواية عن أحمد وهو قول الشافعي وبه أفتى عطاء وذلك للأثر السابق، ولأنه أخل بواجب في الإحرام فلزمه هدي كتاركالإحرام من الميقات.
ثم نقل عن الشيرازي قوله:
"لزمه دم لحديث ابن عباس، ولأنه صار بالنذر نسكا واجبا فوجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
فهذا الحديث يدل على وجوب الدم على من ترك ما أوجبه إنسان على نفسه من صفة في المنسك كما يدل على وجوب الدم على من ترك ما أوجبه الله من المناسك من باب أولى
ثم إن دلالة الأولى تتفق مع ما دلت عليه الآية من وجوب الهدي على من لم يتم حجه أو عمرته.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
وبهذا يتضح لنا أن لقول ابن عباس رضي الله عنهما أصلا في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس مجرد اجتهاد عارٍ عن الدليل. خلافا لما يفهم من كلام المعترض ، ثم إنه قول صحابي ليس له مخالف فهو حجة عند جمهور الأصوليين والفقهاء، كما أن إطلاق هذا الحكم من البحر ابن عباس قد حمله بعض الأئمة على أنه مما لا مجال للرأي فيه فوجب قبوله، وهذا القول صحيح لأنه يتفق مع ما دل عليه القرآن ، وما دل عليه القرآن لا مجال للرأي فيه، والله أعلم.
الدليل الثالث:
موافقة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حينما أوجب الدم على من نفر قبل الزوال ، وذلك فيما رواه صالح عن أبيه الإمام أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت عبيد الله يحدث عن هشام بن حسان عن نافع عن ابن عمر قال: إذا رمى الرجل قبل الزوال أعاد الرمي، وإذا نفر قبل الزوال أهراق دما.
قال أحمد: أذهب إليه.
=================
وكذلك تعقَّب الصبيحي قول العودة:
(وقد أسقط الشارع بعض الواجبات كطواف الوداع عن الحائض والمبيت بمنى عن الرعاة ومن في حكمهم إلى غير بدل.)
فقال:
لا يصح الاحتجاج بما أسقطه الشارع من الواجبات إلى غير بدل على ما لم يسقطه لأنه لا يصح أن يعارض دليل العزيمة بدليل الرخصة بل الواجب علينا إعمال الأدلة كلها، والتفريق بين أحكام الرخص وأحكام العزائم هذا هو مسلك علماء الأمة وسادتها.
ولو أجزنا لأنفسنا تقديم أدلة الرخص على أدلة العزائم لضاع فقه الأمة ولعطلنا أدلة العزائم بلا دليل والله المستعان.
كما تعقبه في قوله:
(ولم يثبت في السنة المرفوعة خبر في إيجاب الدم لترك الواجب)
فقال:
إنه يشكل على هذا النفي المطلق ما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه من إيجاب الهدي على أخته حينما نذرت أن تحج ماشية فلما لم تستطع وجب الدم عليها لا لمجرد عدم استطاعتها الوفاء بنذرها؛ لأن كفارة ذلك كفارة اليمين بل لكونها أوجبت على نفسها واجباً للحج.
ولذلك أعطي ترك هذا الواجب كفارة ترك الواجبات في الحج وهو الهدي الذي دل على وجوبه القرآن كما سبق ثم إن وروده في القرآن يكفي للاحتجاج به ولا يصح إسقاط هذا الحكم لمجرد الاعتراض على فتوى ابن عباس رضي الله عنهما وبهذا يعلم أن نفي وجوده في القرآن أو في السنة أمرٌ يصعب الإقدام عليه ما لم ينص عليه حفاظ السنة وحملتها كالإمام أحمد وغيره من أمراء الحديث وحفاظه والله الموفق.
كما تعقب العودة في قوله:
( وقد كان كثير من السلف لا يلزمون به ولكنهم يراعون حال السائل من الغنى والفقر وغير ذلك)
فقال:
لم يذكر أحدا من أصحاب القرون المفضلة قال بعدم جوب الدماء مطلقا على من ترك أي واجب لا من الصحابة رضي الله عنهم ولا من الأئمة المتبوعين.
ثم قال:
ما المراد من قوله:
(ولكنهم يراعون حال السائل من الغنى والفقر وغير ذلك )
لأننا نجد مراعاة حال الغنى والفقر موجودة في كتاب الله تعالى.
وذلك بوجوب الصوم على من لم يستطع هدي التمتع في القرآن، وقد أخذ الأئمة بذلك. كما قاسوا ما لم ينص عليه على ما ثبت به النص. وبهذا سقط الاحتجاج بقوله هذا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح المممتع:
الدليل على وجوب الدم الأثر المشهور عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «من ترك شيئاً من نسكه، أو نسيه فليهرق دماً»
وهذا نسك واجب أمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيكون في تركه دم، وهذا الأثر مشهور عند العلماء واستدلوا به، وبنوا عليه وجوب الفدية بترك الواجب،
وقالوا في تقرير هذا الدليل:
إن هذا قول صحابي ليس للرأي فيه مجال فوجب العمل به؛ لأن قول الصحابي الذي ليس للرأي فيه مجال يكون له حكم الرفع.
وقال بعض العلماء:
يمكن أن يكون صادراً عن اجتهاد، ويكون للرأي فيه مجال، وجهه أن يقيس ترك الواجب على فعل المحرم، أي فعل محظورات الإحرام التي فيها دم؛ لأن في الأمرين معاً انتهاكاً لحرمة النسك، فترك الواجب انتهاك لحرمة النسك، وفعل المحظور انتهاك لحرمة النسك، فيكون ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بنى هذا الحكم على اجتهاد، وإذا بناه على اجتهاد، فإنه يكون قول صحابي وليس مرفوعاً.
ويبقى النظر، هل قول الصحابي حجة؟
الجواب:
فيه خلاف بين العلماء مشهور في أصول الفقه، وهو عند الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ حجة ما لم يخالف نصاً أو قول صحابي، فإن خالف نصاً فلا عبرة به، العبرة بالنص، وإن خالف قول صحابي طلب الترجيح بين القولين.
إذاً المسألة على هذا التقرير تكون من باب الاجتهاد، ونحن نفتي الناس بالدم، وإن كان في النفس شيء من ذلك، لكن من أجل انضباط الناس، وحملهم على فعل المناسك الواجبة بإلزامهم بهذا الشيء؛ لأن العامي إذا قلت له: ليس عليك إلا أن تستغفر الله وتتوب إليه، سهل الأمر عليه، مع أن التوبة النصوح أمرها صعب.

وقال في موضع آخر:
قوله: «فعليه دم» ما الدليل على أن تارك الواجب عليه دم؟
هذا ـ أيضاً ـ يحتاج إلى دليل واضح يستطيع أن يواجه الإنسان ربه به، إذا أوجب على عباد الله ما لم يوجبه الله عليهم؛ لأن إيجاب ما لم يجب كإسقاط ما وجب أو أشد؛ لأن إسقاط ما يجب تخفيف، وإيجاب ما لم يجب تشديد، والموافق للإسلام التخفيف، فإيجاب ما لم يجب أشد من إسقاط ما يجب؛ لأنه أعظم، وفيه قول على الله بلا علم، وإشقاق على العباد، وإسقاط ما وجب بمقتضى الاجتهاد ليس فيه إلا شيء واحد، وهو إسقاط ما عسى أن يكون واجباً، لكن هل فيه تكليف على العباد؟
الجواب:
لا، وكذلك نقول في التحريم والتحليل، فتحريم ما كان مباحاً أشد من إباحة ما عسى أن يكون حراماً.
والدليل على هذا:
قول صحابي جليل وهو ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ حيث قال: «من ترك شيئاً من نسكه، أو نسيه فليهرق دماً» (9) ، ومبنى هذا الاستدلال على أن مثل هذا القول لا يقال بالرأي، فيكون له حكم المرفوع؛ لأن الصحابي إذا قال قولاً أو فعل فعلاً لا يقال بالرأي ولا يفعل بالرأي حمل على أنه مرفوع حكماً، ولا يرد على هذا القول الشبهة التي أثيرت حول ما يخبر به عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن بني إسرائيل، وأنه ممن عرف بالتساهل في النقل عنهم، مع أن الأمر ليس بصحيح، بل يشدد في النقل عنهم، كما سبق، كما أن هذا حكم وليس خبراً،
فعليه نقول ما يلي:
أولاً:
هذا الحكم صدر من عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال بالرأي.
ثانياً:
على فرض أن مثله يقال بالرأي وأن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ اجتهد فأداه اجتهاده إلى وجوب الدم، فإنه قول صحابي لم يظهر له مخالف فكان أولى بالقبول من قول غيره، وهذا الاحتمال على تقدير أنه لم يثبت له حكم الرفع، وأنه قاله بالاجتهاد.
وكيف يكون بالاجتهاد؟
الجواب:
لأنه ـ رضي الله عنه ـ رأى أنَّ تركَ ما يجب كفعل ما يحرم، كلاهما انتهاك للنسك، وفعل ما يحرم ثبت بالنص القرآني أن فيه نسكاً، قال الله تعالى: {{وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}} [البقرة: 196] ، وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ اختار أكمل الثلاثة فقال: «من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فليهرق دماً» ، فيكون هذا الرأي مبنياً على اجتهاد، وهو قياس انتهاك النسك بترك الواجب على انتهاكه بفعل المحظور، فوجب الدم.
ونحن نقول:
إن ثبت هذا من جهة النظر، أي إن سُلِّمَ الدليل من جهة النظر، وأن في ترك الواجب دماً فذاك، وإن لم يسلم، وقيل: الأصل براءة الذمة، وقول الصحابي المبني على الاجتهاد كقول غيره من الناس فيقال: في إيجاب الدم بترك الواجب مصلحة، وهي حفظ الناس عن التلاعب، فلو قيل: ليس في ترك الواجب دم، وأن في تركه الاستغفار والتوبة، فأكثر الناس لا يهتمون، يقول: أملأ لك أجواء مكة كلها إلى المدينة استغفاراً وتوبة ولا مانع عندي، لكن لا تجعلني أخسر، ولو خمسين ريالاً، فكثير من الناس يهمه المال أكثر من انتهاك النسك.
فلو قيل:
إن هذا واجب، ومن تركه فهو آثم، وعليه التوبة والاستغفار، فهل يحترم الناس هذا النسك، كما لو قلنا إن فيه الدم تذبحه في مكة، وتوزعه على الفقراء؟
الجواب:
لا، لا يكون نظر الناس إلى الواجب سواء؛ لهذا نرى إلزام الناس بذلك، وإن كان ثبوته من حيث النظر والاستدلال فيه مناقشة واعتراض، فنقول: إن هذا من باب تربية المسلمين على التزامهم بالواجب، وما دمنا مستندين إلى قول صحابي جليل دعا له النبي صلّى الله عليه وسلّم «أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل» (10) ، فإننا نرجو أن نكون قد أبرأنا ذمتنا بذلك، والله يعلم المفسد من المصلح.
ولهذا نحن نفتي بأنه يجب على من ترك واجباً أن يذبح فدية يوزعها على الفقراء في مكة لهذا النظر الذي ذكرناه، لكن إذا لم يجد دماً، فالمذهب الواجب عليه أن يصوم عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فإن لم يتمكن من صيامها في الحج صامها في بلده.
لكن هذا القول لا دليل عليه لا من أقوال الصحابة ولا من القياس.
وليس هناك دليل على أن من عدم الدم في ترك الواجب يجب عليه أن يصوم عشرة أيام؛ لأن قياس ذلك على دم المتعة قياس مع الفارق؛ فدم المتعة شكران، وأما الدم لترك الواجب فدم جبران، لذلك نرى أن القياس غير صحيح، وحينئذٍ نقول لمن ترك واجباً: اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء بنفسك، أو وَكِّلْ من تثق به من الوكلاء، فإن كنت غير قادر فتوبتك تجزئ عن الصيام لقوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] ، وهذا هو الذي نراه في هذه المسألة.

وقال في موضعٍ ثالث في الشرح الممتع:
مسألة: قال في الروض: «والدم الواجب لفوات، أو ترك واجب كمتعة» ، أي: كدم المتعة.
والفوات أن يطلع فجر يوم النحر قبل أن يقف بعرفة، فيفوته الحج، ويلزمه دم لفواته إذا لم يكن اشترط، وكذا الدم الواجب لترك واجب إذا عدمه يصوم عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع.
مثاله:
لو ترك رمي الجمرات فيلزمه دم، فإن عدمه صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؛ والعلة القياس على دم المتعة، ولكن هذا فيه نظر؛ لأن هناك فرقاً بين دم المتعة، وبين ترك الواجب.
فالدم الواجب لترك الواجب دم جبران للنقص، والدم الواجب للمتعة والقران دم شكران للتمام، فكيف نقيس هذا على هذا؟
لعلنا لا نعارض في وجوب الدم على من ترك الواجب، بمعنى عسى أن نلزمه بالدم؛ لأنه لا دليل على إيجاب الدم على من ترك الواجب إلا أثر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «من نسي شيئاً من نسكه، أو تركه فليهرق دماً»، فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يرد عنه أن من ترك واجباً فعليه دم.
لكن هذا الأثر تلقاه العلماء بالقبول، وقالوا: من ترك شيئاً من نسكه فعليه دم، مع أنهم لا يقولون بإطلاقه، ولو قلنا بإطلاقه، لقلنا من ترك الاضطباع فعليه دم، ومن ترك صلاة ركعتين خلف المقام فعليه دم، ومن ترك الوقوف عند المشعر الحرام حتى يسفر فعليه دم، فيحملونه على من ترك شيئاً من نسكه الواجب أو نسيه.
قالوا:
وله، ـ أي: لأثر ابن عباس ـ حكم الرفع، ولكن قد يقال: هذا ليس له حكم الرفع؛ لأن ما يثبت له حكم الرفع ما قاله الصحابي وليس للرأي فيه مجال، وهنا ربما يكون للرأي فيه مجال، فربما يرى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، أنه إذا كان انتهاك النسك بفعل المحظور موجباً للدم، فانتهاك النسك بترك المأمور مثله، فيكون للرأي فيه مجال.
فلا يستقيم الاستدلال به على وجوب الدم بترك الواجب، أو صيام عشرة أيام على من عدمه.
والذي يظهر لي أن من ترك واجباً فعليه دم احتياطاً واستصلاحاً للناس؛ لأن كثيراً منهم قد يتساهل إذا لم يكن عليه شيء، فإن لم يجد فليس عليه شيء؛ لأن الإيجاب على العباد ليس هيناً، فإيجاب ما لم يجب كتحريم ما لم يحرم، بل قد يكون أشد؛ لأنك تشغل ذمة العبد بما أوجبت بلا دليل.
فهذه قاعدة ينبغي أن تكون على بال طالب العلم: «أن الإيجاب بلا دليل كالتحريم بلا دليل».
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بعد أن انتهى الشيخ إبراهيم الصبيحي من سياق أدلته على أثر ابن عباس في كتابه "حتى لا يقع الحرج"
التفت إلى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – لأن هذا القول في الحقيقة أكثر من أبرزه وقرره واستدل له واشتهر عنه هو الشيخ ابن عثيمين رحمه الله –
فنازعه:
في كون استدلال ابن عباس مبنياً على قياس ترك الواجب على فعل المحظور، وفعل المحظور يوجب فدية من صيام أو صدقة أو نسك، وابن عباس اختار أكمل الثلاثة.
ووجه هذا الاستدراك:
أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لم يذكر أحداً سبقه إلى أن ابن عباس قال بهذا الاستدلال وذهب إليه.
ثم قال الدكتور الصبيحي:
ولذا أرى أنه لا يصح أن يقال بأن ابن عباس اختار أكمل الثلاثة ليلزم بها من ترك نسكاً أو نسيه لمخالفته بهذا دليل أصل القياس الدال على التخيير، ثم إن هذا الاستدلال يضعف دلالة قول ابن عباس، لأنه اعتبر أنه خالف أصل دليله ، وفي هذا إشكال كما نرى، أما الأدلة التي تعضد قول عباس فهي ما سبق ذكرها. والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:

وإذا عرفت أقوال أهل العلم، في حكم من أخل بشيء من الرمي، حتى فات وقته.
فاعلم أن دليلهم في إجماعهم على أن من ترك الرمي كله. وجب عليه دم، هو ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من نسي من نسكه شيئاً، أو تركه، فليهرق دماً، وهذا صح عن ابن عباس موقوفاً عليه، وجاء عنه مرفوعاً ولم يثبت. وقد روى مالك في موطئه عن أيوب بن أبي تيمة السختياني عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من نسي من نسكه شيئاً إلى آخره باللفظ الذي ذكرنا وهذا إسناد في غاية الصحة إلى ابن عباس كما ترى. وقال البيهقي في سننه: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وغيرهما: أن أيوب بن أبي تميمة، أخبرهم عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس أنه قال: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً اهـ.
وقال النووي في شرح المهذب:
وأما حديث «من ترك نسكا فعليه دم» فرواه مالك، والبيهقي، وغيرهما بأسانيد صحيحة، عن ابن عباس موقوفاً عليه، لا مرفوعاً ولفظه، عن مالك عن أيوب، عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس قال: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً قال مالك: لا أدري قال: ترك أم نسي قال البيهقي: وكذا رواه الثوري، عن أيوب: من أو نسي شيئاً من نسكه فليهرق له دماً وما قال البيهقي، فكأنه قالهما يعني البيهقي أن أو ليست للشك كما أشار إليه مالك بل للتقسيم، والمراد به يريق دماً سواء ترك عمداً أو سهواً والله أعلم. انتهى كلام النووي.
وقال ابن حجر في تلخيص الحبير حديث ابن عباس موقوفاً عليه ومرفوعاً «من ترك نسكاً فعليه دم» أما الموقوف، فرواه مالك في الموطأ. والشافعي عنه عن أيوب عن سعيد بن جبير عنه بلفظ: «من نسي نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً» وأما المرفوع فرواه ابن حزم، من طريق علي بن الجعد، عن ابن عيينة، عن أيوب به وأعله بالراوي، عن علي بن الجعد أحمد بن علي بن سهل المروزي فقال: إنه مجهول، وكذا الراوي عنه علي بن أحمد المقدسي قال: هما مجهولان. انتهى من التلخيص.
فإذا علمت أن الأثر المذكور ثابت بإسناد صحيح، عن ابن عباس.
فاعلم أن وجه استدلال الفقهاء به على سائر الدماء التي قالوا بوجوبها غير الدماء الثابتة بالنص، أنه لا يخلو من أحد أمرين:
الأول: أن يكون له حكم الرفع، بناء على أنه تعبد، لا مجال للرأي فيه، وعلى هذا فلا إشكال.
والثاني: أنه لو فرض أنه مما للرأي فيه مجال، وأنه موقوف ليس له حكم الرفع، فهو فتوى من صحابي جليل لم يعلم لها مخالف من الصحابة، وهم رضي الله عنهم خير أسوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المصدر
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثم قال الشنقيطي:
"أما اختلاف العلماء في لزوم الدم بترك جمرة أو رمي يوم أو حصاة أو حصاتين إلى آخر ما تقدم: فهو من نوع الاختلاف في تحقيق المناط فمالك مثلاً القائل: بأن في الحصاة الواحدة دماً يقول الحصا. الواحدة داخلة في أثر ابن عباس المذكور، فمناط لزوم الدم محقق فيها، لأنها شيء من نسكه فيتناولها قوله: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه إلخ، لأن لفظة شيئاً نكرة في سياق الشرط، فهي صيغة عموم، والذين قالوا: لا يلزم في الحصاة والحصاتين دم، قالوا، الحصاة، والحصاتان، لا يصدق عليهما نسك، بل هما جزء من نسك، وكذلك الذين قالوا: لا يلزم في الجمرة الواحدة دم، قالوا: رمي اليوم الواحد نسك واحد فمن ترك جمرة في يوم لم يترك نسكاً، وإنما ترك بعض نسك، وكذلك الذين قالوا: لا يلزم إلا بترك الجميع قالوا: إن الجميع نسك واحد والعلم عند الله تعالى."
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أثيرت هذه المسألة في ملتقى أهل الحديث ونقل أحد الإخوة كلام الشيخ عبد العزيز الطريفي في عدم لزوم الدم على من ترك واجباً.
وسأنقل هنا ما ذكر هناك مشفوعاً بتعقيب الشيخ عبد الرحمن الفقيه على ما استدل به الشيخ عبد العزيز الطريفي، حفظ الله الجميع، ونفعنا بعلمهم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
النقل الأول عن الشيخ عبد العزيز الطريفي:
قال الشيخ الطريفي في شرحه للزاد :
الصواب أن الفدية لا تجب إلا ما دل عليه الدليل وذلك لأمور عديدة :
أولها :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أوجب الفدية على كعب بن عجرة وقد آذته هوام رأسه ولم يثبت عليه الصلاة والسلام أنه أوجب الفدية على غيره مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قد عاين غيره ممن كان معذورا فلم يوجب عليه الفدية منهم يعلى بن عطاء كما جاء في البخاري ومسلم حين ما جاء متضمخا بخلوق وعليه جبة فقال للنبي عليه الصلاة والسلام : ما تقول في برجل تضمخ وعليه جبة ؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن نزل عليه الوحي (أما الجبة فانزعها واغسل عنك أثر الخلوق واصنع في عمرتك ما تصنع في حجك )كذلك في إذن النبي عليه الصلاة والسلام للعباس أن يترك المبيت بمزدلفة كذلك إذنه عليه الصلاة والسلام للرعاة أن يتركوا المبيت بمزدلفة وإذنه عليه الصلاة والسلام لمن كان من العجزة من النساء والأطفال ولمن كان معهم أن ينفروا بعد منتصف الليل وهم معذورون كحال كعب ولم يوجب عليهم فدية فدل على أن الفدية مخصوصة بما دل عليه الدليل وإن قال قائل أن كعب بن عجرة عليه رضوان الله تعالى كان معذورا وذلك أنه قد آذته هوام رأسه فأوجب النبي عليه الصلاة والسلام الدم والعباس بن عبد المطلب عليه رضوان الله تعالى معذورا كذلك فالعذر موجود كذلك الجهل فيمن تضمخ بخلوق وتلبس جبة كذلك من ضيق عليه فلم يتيسر له المبيت بمزدلفة كذلك من نفر بعد منتصف الليل وهو معذور لأنه من الضعفه فيشترك في العلة مع ذلك تباين الحكم فدل على أن الإشتراك في الحكم ليس بمقصود بذاته وأن العذر والحاجة ليست موجبة للدم من جهة ارتفاع الإثم ويجب عليه الدم ومعلوم أن الإنسان قد يكتفى بالتأثيم ولا يجب عليه البدن كما يذكر بعض العلماء فيمن ترك صلاة حتى خرج وقتها يقول العلماء لا يجب أن يأتي بهذه الصلاة قضاء وأن إثمه أعظم وإذا كان معذورا حتى خرج وقتها وجب عليه القضاء كحال من ترك يوما من رمضان متعمدا قالوا : لا يجب عليه القضاء وقول بعض العلماء لا يجب عليه القضاء لأن إثمه أعظم من أن يأتي بهذا اليوم وعليه التوبة ولكن لو تركه ناسيا أو مضطر وجب عليه أن يقضي ذلك اليوم فيفرقون بين أمثال هذه المسائل كما يفعل اضطرارا ويكون الإنسان فيه معذور وبينما يكون الإنسان ليس بمعذور .
الوجه الثاني :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قد حج معه فئام كثير من الصحابة قال بعضهم أنهم أكثر من مئة ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عامر بن عبد الله أن النبي عليه الصلاة والسلام تبعه من أصحابة فئام كثير منهم من لحق به بالمدينة ومنهم من لحق به بذي الحليفة ومنهم من لحق به في أثناء الطريق منهم من لحقه بمكة كعلي بن أبي طالب وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد مع ورود المخالفة وفعل المحظور قطعا عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أوجب على أحد منهم أو نقل على أحد منهم الفدية على الإطلاق بكل محظور وترك كل واجب .
الوجه الثالث :
أن حديث عبد الله بن عباس رضوان الله عليه موقوف عنه وهو العمدة في هذا الباب والذي يعتمد عليه سائر من يقوم بهذه الفدية موقوف على عبد الله بن عباس ولم يروه عنه إلا سعيد بن جبير ولم يروه عن سعيد بن جبير إلا أبي أيوب السختياني وأمثال هذه المسائل لما تكون فردا في هذا الباب وهي من الأفراد التي يأخذ بها العامة فلما كان الناقد لها سعيد بن جبير وهو من الأئمة في نقل الأحكام وأصحاب عبد الله بن عباس كثر فلم ينقل عنه دل على أن النقل هنا ليس المراد به الإطلاق أو أن المراد به الإطلاق وليس المراد به الإلزام وإلا لنقله أصحاب عبد الله بن عباس ومعلوم أن عبد الله بن عباس رضوان الله عليه تعالى من المتأخرين وفاة وقد عاش بعد النبي عليه الصلاة والسلام أكثرمن خمسين سنة فدل على أن هذا الدليل في الإستدلال به قصور الوجه .
الرابع :
أنه قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قد جاءه من وقع في محظور من المحظورات كالرجل الذي قد تضمخ بخلوق ورخص للعباس وللضعفه وكذلك لرعاة الشاة ولم يوجب عليهم دما ولم ينقل ذلك من وجه صحيح ولا من وجه ضعيف.
الوجه الخامس :
أنه قد جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى كما رواه سعيد بن جبير بإسناد صحيح عنه في الرجل الذي فاته المبيت بعرفة فجاء قبل الفجر إلى عمر بن الخطاب وهو بمزدلفة فقال : أوفقت بعرفة ؟ قال : لا ،قال : اذهب وقف بها فصلى عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى صلاة الفجر ثم ركب راحلته وهو ينتظر ويقول أجاء الرجل أم لا ؟ فوقف حتى جاء ثم انصرف وقطعا أنه لم يبت بمزدلفة ولم يوجب عليه دم وإن كان معذورا .
الوجه السادس :
أن اثر عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى نصه أن من ترك شيئا من نسكه أو نسيه فساوى بين التارك عمدا والناسك ومعلوم أن الله عز وجل قال في كتابه العظيم (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما خبر (عفي عن أمتي الخطأ والنسيان )وإن كان بعض العلماء يقولون هنا أن العفو هنا المراد به التأثير وليس الفدية ولكن يقال أن الإيجاب الذي قد ورد عن عبد الله بن عباس من جهة الفدية واجب على التارك عمدا كذلك التارك نسيانا وخطأ وسهوا وحكاية الإجماع على وجه العموم بالأخذ بحديث عبد الله بن عباس عليه نظر فقد ذهب غير واحد من العلماء إلى أن من فعل شيئا من محظورات الإحرام أو ترك واجبا أو ناسيا لا يشمل بالخطاب وهذا قد قال به غير واحد من السلف من الأئمة وغيرهم قد قال به الإمام أحمد فيمن ترك المبيت بمزدلفة وكذلك فيمن ترك المبيت بمنى وهو ساهي وناسي ولا يعلم وجاء هذا أيضا عن غير واحد من الأئمة والذي يظهر والله أعلم أن القول بالنسيان أنه يلزمه الفدية فيه نظر وذلك للآية السابقة وقد ذهب شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم إلى استثناء الناسي والساهي في فعل محظور من محظورات الإحرام مع أن عمدتهم هو أثر عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى .
الوجه السابع :
أن الخلفاء الراشدين عليهم رضوان الله تعالى كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي مع أنهم حجوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا لم يثبت عن أحد منهم أنه أوجب على أحد دم في محظور من محظورات الإحرام مع ورود ذلك قطعا .
الوجه الثامن :
أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة بالإطلاق أنه أوجب الفدية على من فعل محظورا من محظورات الإحرام أو ترك واجبا إلا ما جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى .
الوجه التاسع :
أن الأئمة عليهم رحمة الله الذين قالوا بوجوب الفدية إعتمادا وإستنادا على أثر عبد الله ابن عباس عليه رضوان الله تعالى لم يطردوا بذلك على وجه العموم فإنه قد ثبت عن غير واحد منهم أنه نص على بعض الأعمال أنها من محظورات الإحرام ومع ذلك لم يقولوا في وجوب الفدية كما تقدم الإشارة إليه في مسألة قص الشعر وقص الأظفار وكذلك بعض العلماء كمن أوجب طواف الوداع وقال لمن تركه وهو معذور أو كان ناسيا أنه آثم ولا يجب عليه شيء وهذا مروي عن على بن المنذروهو قول الإمام مالك وكذلك في مسألة ترك المبيت بمنى ليالي التشريق علم به أحمد عليه رحمة الله وغير ذلك من المسائل .
الوجه العاشر :
أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى مع حجهم مع النبي عليه الصلاة والسلام وكثرتهم وتضافرهم والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (خذوا عني مناسككم )ولا مفتي في مثل هذا إلا النبي عليه الصلاة والسلام ولا يعتد بأحد إلا به فالنفوس تتشوف للمتابعة مثل هذا الموضع أكثر من غيره وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام ما حج والناس يقتدون به إلا هذه المرة وأمر بالإقتداء به عليه الصلاة والسلام والناس فئام كثير وقد ذكر بعض المؤرخين أنهم أكثر من مئة ألف ومع ذلك لم يثبت عن أحد منهم أنه نقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أن في ترك المحظورات دم .
والوجه الحادي عشر :
أن إيجاب الدماء قد جعله كثير من العامة بديلا لفعل الواجب أو الالتزام باجتناب المحظور حتى غيب عند كثير من العامة جانب التأثيم والتوبة خاصة عند من استهان بحدود الله وخاصة يكثر هذا عند أهل الثراء الذين يقولون أن لديهم أعمالا وحاجات أو أهل الرياسة ونحو ذلك الذين يقولون أن لديهم مشاغل فيتركون المبيت أيام منى ويتركون رمي الجمار ويتركون أيضا طواف الوداع ويدفعون عن كل واحد من الواجبات فدية ثم يخرجون وعليه يقال حينئذ أنه يقف بعرفة ثم ينصرف ولا يجب عليهم حينئذ شيء وهذا ما فيه من التساهل في حدود الله وقد تساهل بعض المفتين في هذا الباب تساهلا عريضا حتى هونت كثير من الشعائر وقللت الهيبة في حدود الله سبحانه وتعالى في المناسك عند كثير من الناس ولم يبينوا جانبا مهما متفقا عليه عند العلماء وهو جانب التأثيم والتحريم فيقال أن من فعل شيئا من المحظورات وجب عليه التوبة وأن حجه ليس بمبرور ومن ترك شيئا من الواجبات متعمدا وجب عليه التوبة .
والوجه الثاني عشر :
أن أموال الناس معصومة ولا يجوز إخراجها إلا بدليل بين فحينما يوجب على الشخص إخراج الدم أي الفدية أو التصدق فإنه يلزم من ذلك الإلزام بالأنفاق وعند المخالفة التأثيم وهذا ينبغي أن يكون بنص صحيح صريح وهذا لا ورود له لا في الكتاب ولا في السنة وإن مجراه القياس غير مكتمل الشروط .

المصدر
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
النقل الثاني عن الشيخ عبد العزيز الطريفي:

قال الشيخ الطريفي حفظه الله في كتابه صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم .. :
1- أن العباس أذن له النبي بترك المبيت بمنى للسقاية ولم يأمره بدم ، فإن قيل هذا معذور لأنه صاحب حاجة قيل فكعب بن عجرة معذور ومع ذلك أذن له النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بدم .
2- أما من احتج بظاهر أثر ابن عباس رضي الله عنه يقول من نسي .. أو ترك فذكر الناسي والمتعمد ووجوب الدم عليهما والله تعالى يقول ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) والناسي معذور
3- أن من حكى الاتفاق فجملة من العلماء يخرجون الناسي من الفدية وهو قول ابن تيمية وتلميذه مع أن قول ابن عباس ألزم الناسي والمتعمد فمن احتج به فاليحتج به على الناسي أيضا .
4- أن قول ابن عباس لم يروه ( فيما أعلم ) عنه إلا سعيد ابن جبير مع كثرة أصحابه وجلالتهم .
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من لم يجد الإزار فليلبس السروايل ) ولم يقل بالفدية وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
6- حج مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرات الآلاف ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالدم بارتكاب كل محظور وترك كل واجب مع القطع بوجود الوقوع في المحظور من جملة كثيرة منهم لأمور ( كثرتهم ، أنها الحجة الأولى ، قلة العارفين بأحكام المناسك من الصحابة في تلك الحجة فالكل متعلم والمعلم وحده محمد صلى الله عليه وسلم ،
7- عدم ورود الفدية لتارك كل واجب وفاعل كل محظور مع تتابع الحج والعمرة وكذلك غيرهم من الصحابة كبارا وصغار سوى ابن عباس .
8- هذه المسألة يحتاج إليها كل محرم فهي من أعلام المسائل ومشهورها وتقع جزما في كل حج من الحجاج فأني النص من الوحي ؟؟؟!!
9- حينما جاء رجل متضخا بخلوق ( طيب ) وعليه جبه وهو محرم أمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الطيب ولم يأمره بدم .
10- أن أموال الناس معصومة والأصل براءة الذمة .
11- أن من حكى الإجماع فلا يسلم له ذلك من وجوه :
( أن إمام المناسك عطاء جاء عنه عدم لزوم الدم فيمن ترك بعض الواجبات
أن الأئمة يرون تحريم بعض الأفعال وحضرها ولا يرون فيها دما
أن بعض الأئمة يرون وجوب أعمال ولا يرون فدية في تركها ...
"]المصدر
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تعقيب الشيخ عبد الرحمن الفقيه على ما استدل به الشيخ عبد العزيز الطريفي على عدم لزم الدم على من ترك واجباً في الحج:
بعض الأدلة التي استدل بها الشيخ تحتاج لمدارسة ، ولعلي اذكر بعض ذلك:
قال الشيخ الطريفي:
1- أن العباس أذن له النبي بترك المبيت بمنى للسقاية ولم يأمره بدم ، فإن قيل هذا معذور لأنه صاحب حاجة قيل فكعب بن عجرة معذور ومع ذلك أذن له النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بدم .
هناك فرق بين الأمرين ، فترك الواجب يختلف عن ارتكاب المحظور ، فعلى القول بوجوب المبيت بمنى فهنا ترك العباس المبيت بمنى بعد إذن النبي صلى الله عليه وسلم له ، وهذه رخصة لمن كان بهذا الحال.
أما كعب بن عجرة رضي الله عنه فقد ارتكتب محظورا وهو حلق شعر الرأس ، فنزل الوحي ببيان أمره وأن عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك.
فهذا الاستدلال لايسلم لوجود فرق بين ترك الواجب وفعل المحظور .

قال الشيخ حفظه الله:

2- أما من احتج بظاهر أثر ابن عباس رضي الله عنه يقول من نسي .. أو ترك فذكر الناسي والمتعمد ووجوب الدم عليهما والله تعالى يقول ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) والناسي معذور .
3- أن من حكى الاتفاق فجملة من العلماء يخرجون الناسي من الفدية وهو قول ابن تيمية وتلميذه مع أن قول ابن عباس ألزم الناسي والمتعمد فمن احتج به فاليحتج به على الناسي أيضا . انتهى.
اللفظ الوارد عن ابن عباس رضي الله عنه مفسر بالترك ، وهو من معاني النسيان كما قال تعالى (نسوا الله فنسيهم) فالنسيان بمعنى الترك ، وهذا ما ورد في بعض الروايات الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ (ترك) أو بالتردد بين الترك والنسيان .

قال الشيخ حفظه الله:
4- أن قول ابن عباس لم يروه ( فيما أعلم ) عنه إلا سعيد ابن جبير مع كثرة أصحابه وجلالتهم .

هذا الأمر قد ذكره الشيخ ابن وهب في المشاركات السابقة . [أن الراوي هو سعيد بن منصور لا سعيد بن جبير]

قال الشيخ حفظه الله:
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من لم يجد الإزار فليلبس السروايل ) ولم يقل بالفدية وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
هذا ليس بتأخير للبيان عن وقت الحاجة ، ولعل الأولى أن نقول (تأخير البيان عن وقت الحاجة لايقع من النبي صلى الله عليه وسلم ) بدلا من لفظ (لايجوز) وهذا اللفظ من باب الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فالقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر الفدية كما لم يذكر غيرها من المسائل المترتبة على ارتكاب المحظورات كفدية حلق الرأس ، ومع ذلك أمر كعب بن عجرة بالفدية لحلق رأسه ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر هذه الفدية قبل ذلك .

قال الشيخ حفظه الله:
6- حج مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرات الآلاف ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالدم بارتكاب كل محظور وترك كل واجب مع القطع بوجود الوقوع في المحظور من جملة كثيرة منهم لأمور ( كثرتهم ، أنها الحجة الأولى ، قلة العارفين بأحكام المناسك من الصحابة في تلك الحجة فالكل متعلم والمعلم وحده محمد صلى الله عليه وسلم ،
هذا استدلال عام قد يقابل بالقول بأن الصحابة رضي الله عنهم فهموا مناسك الحج وطبقوها ، حيث كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لهم (خذوا عني مناسككم) ، فلهذا لم ينقل عنهم ترك بعض الواجبات أو ارتكاب المحظورات.

قال الشيخ حفظه الله:
7- عدم ورود الفدية لتارك كل واجب وفاعل كل محظور مع تتابع الحج والعمرة وكذلك غيرهم من الصحابة كبارا وصغار سوى ابن عباس .
8- هذه المسألة يحتاج إليها كل محرم فهي من أعلام المسائل ومشهورها وتقع جزما في كل حج من الحجاج فأني النص من الوحي ؟؟؟!!

ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم الفدية فيمن وطأ زوجته وإن كان في بعض أسانيدها كلام، وكما ذكر بعض الإخوة في المشاركات السابقة أثر ابن عمر رضي الله عنه في الموطأ
عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : " المحصر بمرض لا يحل . حتى يطوف بالبيت ، ويسعى بين الصفا والمروة . فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها ، أو الدواء ، صنع ذلك وافتدى "

قال الشيخ حفظه الله:
9- حينما جاء رجل متضخا بخلوق ( طيب ) وعليه جبه وهو محرم أمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الطيب ولم يأمره بدم .
10- أن أموال الناس معصومة والأصل براءة الذمة .
أما الرجل الذي تضمخ بالطيب فكان في عمرة الجعرانية ، وهو لازال في الجعرانة خارج الحرم ، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ودخل الحرم ، فالمتضمخ كان في ميقات العمرة وهي الجعرانة وهو في شأنالإحرام قبل أن ينزل فيه وحي ، ثم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وأخبره
ولفظ الحديث في مسند أحمد وهو في الصحيحين :
ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره ان يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : ليتني أرى النبي صلى الله عليه و سلم حين ينزل عليه قال فلما كان بالجعرانة وعلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثوب قد أطل به معه ناس من أصحابه منهم عمر إذ جاءه رجل عليه جبة متضمخا بطيب قال فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل احرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب فنظر النبي صلى الله عليه و سلم ساعة ثم سكت فجاءه الوحي فأشار عمر إلى يعلى ان تعال فجاء يعلى فادخل رأسه فإذا النبي صلى الله عليه و سلم محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه فقال أين الذي سألني عن العمرة آنفا فالتمس الرجل فآتي به فقال النبي صلى الله عليه و سلم أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات واما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .


قال الشيخ حفظه الله:
11- أن من حكى الإجماع فلا يسلم له ذلك من وجوه :
( أن إمام المناسك عطاء جاء عنه عدم لزوم الدم فيمن ترك بعض الواجبات .انتهى.

جاء في المناسك لابن أبي عروبة سئل عن رجل دخل مكة بغير إحرام
عن قتادة قال : كتبنا إلى سعيد بن جبير في التاجر يدخل مكة بغير إحرام ؟ فكتب : إنه كان يقول : أدخلها بإحرام ، ثم حضر بغير إحرام ، ثم حضر الحج ، خرج من الحرم إلى جدة فأحرم ، فإن خشي الفوت أهل من مكة ، وعليه دم ، عن عطاء مثل قول قتادة.

وهذه المسألة من المسائل التي تحتاج لمباحثة ومناقشة بين أهل العلم لإهميتها لكثير من الحجاج والمعتمرين ، ولايثرب على من أخذ بأحد هذه الأقوال اتباعا للدليل الذي توصل إليه ، ولازال أهل العلم يختلفون في مسائل متعددة فيما يتعلق بالمناسك وغيرها ، ولكل عالم وطالب علم اجتهاده ،والله الموفق .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة للشيخ عبد العزيز بن بازرحمه الله (المكتبة الشاملة ص 17):
حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً ) له حكم الرفع ؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي ، ولم نعرف مخالفاً له من الصحابة رضي الله عنهم . فعلى من ترك واجباً عمداً أو سهواً أو جهلاً كرمي الجمار أو المبيت ليالي منى وطواف الوداع ونحو ذلك - دم يُذبح في مكة المكرمة ويُقسم على الفقراء . والمجزئ في ذلك هو المجزئ في الأضحية ، وهو رأس من الغنم أو سبع بدنة أو سُبع بقرة .
وفي فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة للشيخ عبد العزيز بن باز أيضاً (ص 181):
يستدل لإيجاب الدماء بما رواه مالك في الموطأ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال : (من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا)
هذا هو المذهب الحنبلي .
وهناك قول آخر في عدم إيجاب الدماء عليه ، ولكن الأخذ بالإيجاب فيه احتياط وخروج من الخلاف وبراءة للذمة .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول شيخنا محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه على الزاد:
حكم من ترك واجباً من واجبات الحج والعمرة
قال المصنف: [ومن ترك واجباً فعليه دم]
أي: أن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فعليه دم، والأصل في ذلك فتوى ابن عباس رضي الله عنهما، وقال بعض أهل العلم: الأصل في ذلك حديث كعب بن عجرة ،
وهذا الحديث حاصله:
أن كعب بن عجرة يوم الحديبية رضي الله عنه وأرضاه لما حُمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر من على وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ما كنت أُرى أن يبلغ بك الجهد ما أرى، أتجد شاة؟ قال: قلت: لا، ثم نزلت آية الفدية ) ،
قالوا:
فأمره بالدم أولاً، وكان هذا بمثابة الأصل، وهو أن الإخلالات أو الخروج من الواجبات أو الوقوع في المحظورات إنما يفتدى فيه بالدم، فنزلت آية الفدية استثناء من الأصل وبقي ما عداها من الواجبات اللازمة على الأصل الموجب لضمانها بالدم.
ثم إن حبر الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنه وأرضاه:
انتزع من آية التمتع وجوب الدم على من ترك الواجب، و
توجيه ذلك:
أن الله سبحانه وتعالى أوجب على من جاء بالعمرة في أشهر الحج -وبقي بمكة ثم أحرم بالحج من مكة- إن كان آفاقياً أن يريق دماً، وبالإجماع على أن المتمتع يلزمه الدم بشروط التمتع المعروفة، على ظاهر آية البقرة في التمتع، قالوا:
فوجب على الآفاقي إذا تمتع أن يريق دم التمتع، وهذا الدم إنما وجب عليه؛ لأنه كان الفرض عليه بعد انتهائه من عمرته أن يرجع ويحرم بالحج من ميقاته، فلما ترك هذا الواجب ألزمه الشرع بالدم ضماناً له،
ويدل على هذا :
أن أهل مكة حينما يتمتعون من مكة يتمتعون بالحج والعمرة، فيوقعون العمرة في أشهر الحج ويهلون بالحج بعدها ولا يجب عليهم الدم؛ لأنهم أحرموا بالنسكين من الموضع المعتد به، وأما الآفاقي فإنه يلزم بالدم، فدل تفريق الشرع بين الآفاقي وبين المكي في الإلزام بالدم، أن ذلك مبني على وجود السفر من الآفاقي؛ والسبب في هذا السفر إنما هو الواجب عليه من كونه يحرم من الميقات، قالوا: وعلى هذا كانت فتواه المشهورة، ويروى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح: ( من ترك شيئاً من نسكه فليهرق دماً ) .
ثم قالوا أيضاً:
إن الشرع أوجب على من كان به الأذى في رأسه، فهذا كعب بن عجرة يحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض معذور من الشرع، قد دلت الأدلة على أن مثله يستحق أن يخفف عنه، ومع ذلك ألزمه الشرع بالفدية، قالوا: فإذا كان هذا المعذور عند تركه لهذا المحذور وحلق رأسه، أو أخل بالمحذور الذي ينبغي أن يلتزم تركه في إحرامه، ألزمه الشرع بالفدية التي فيها الدم، فمن باب أولى من يتعمد الإخلال، إذ لا يعقل أن تقول لإنسان يترك الواجب من دون عذر: لا شيء عليك، وتقول لمن هو معذور: يجب عليك واحد من ثلاثة: أن تطعم ستة مساكين، أو تصوم ثلاثة أيام، أو تذبح شاة، مع أن الله عذره وقال: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا } [البقرة:196]
قالوا: فأصول الشرع تقوي فتوى ابن عباس .
ثم إننا وجدنا جماهير السلف رحمهم الله، ومنهم الأئمة الأربعة، وأتباع الأئمة الأربعة كلهم يفتون:
أن من ترك الواجب فعليه دم، ولا شك أن مخالفة هذا السواد الأعظم من الأمة مع فتوى ابن عباس رضي الله عنهما، وعدم وجود من خالفه من الصحابة رضوان الله عليهم أمر لا يخلو من نظر، وعلى هذا درج جماهير السلف والخلف رحمهم الله على إلزام من ترك الواجب بالدم، وعليهم انعقدت فتاوى أئمة الإسلام، فقل أن تجد من أسقط الدم عمن ترك الواجب، وهو الذي اشتهر وذاعت الفتوى به، خاصة وأن له منتزعه من دليل الكتاب وظاهر حديث كعب بن عجرة الذي ذكرنا.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إضافة أخرى عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في مجموع فتاويه:
وهكذا يقال في ترك الواجب من واجبات الحج والعمرة ، الفقهاء يرون أنه يجب عليه دم ولا فيه تخيير ، فإن لم يجد صام عشرة أيام . ونحن نقول : لا دليل على هذا ، ثم لا دليل على أنه إذا لم يجد فعليه صيام عشرة أيام . غاية ما في ذلك حديث ابن عباس : ( من نسى شيئاً من نسكه أو تركه فليهرق دماً ) .

زعم أن بعض العلماء أن مثل هذا القول عن ابن عباس لا مجال للاجتهاد فيه .
وعندي أن فيه نظراً وللاجتهاد فيه مجال وهو أن ابن عباس رضي الله عنهما رأى أن حلق الرأس الذي فيه إسقاط واجب فيه فدية لكن على التخيير ، فيكون إذاً ترك الواجب كفعل المحذور الذي يكون فيه إسقاط الواجب فيجب فيه دم . فللرأي فيه مجال ، ومع ذلك ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ( شيئاً من نسكه ) وشيئاً نكرة في سياق الشرط ، ولو أخذنا بعمومها لقلنا على الإنسان دم إذا ترك الإشارة إلى الحجر وإذا ترك الهرولة عن عمد الرمل يعني وإذا ترك الاضطباع وما أشبه ذلك ، وما علمت أحداً يقول بهذا أن عليه دم . لكن كما قلت لكم كل شيء يكون به حماية الشعائر ولم يخالف الإجماع بل وافق الأكثر فإنه ينبغي إيش ؟ الأخذ به أو على الأقل الإفتاء به . وهذه من السياسة في تربية العالم للأمة .
مر عليّ أن أحد التابعين سأله ابنه عن مسألة من المسائل نسيتها لأني بطيء العهد بها فأفتاه ، فكأن الابن تصاعب هذا ، فقال : إن لم تفعل وإلا أفتيتك بقول فلان أشد من هذا القول . شوف كيف ؟ تربية ، مع أنه لما أفتاه بالقول الأول يعتقد أنه صواب ، لكن أراد أن يلزم ابنه بالقول الثاني الذي هو أشد إذا لم يفعل .
وربما يكون لهذا شاهد من فعل أمير المؤمنين رضي الله عنه ، الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً فقال أنت طالق ثلاثاً أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر فله أن يراجع ، حق شرعي له أن يراجع لأنها لا تبين زوجته بهذا ، فلما كثر الطلاق الثلاث في عهد عمر قال : ( أرى الناس قد تسارعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ) أمضاه عليهم منع الرجل من حق ثابت له في السنة النبوية والسنة البكرية والسنة العمرية أولاً ، منعه من هذا الحق الثابت له من أجل أن لا يتجرأ الناس على الطلاق ثلاث .
فهذه مسائل ينبغي للعالم والمفتي أن ينتبه لها ، والحمد لله مدح الله عز وجل الربانيين وبين أنهم هم الأحق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال العلماء : الربانيين هم الذين يربون الأمة بالعلم . وهذا منهم ، فلذلك فيما أرى أن إيجاب شيء لم يوجبه الله ورسوله لا يجوز ، لكن إذا كان فيه مصلحة فإنه يسوغ القول به لاسيما إذا كان إيش ؟ إذا كان هو قول الجمهور جمهور العلماء .
 
أعلى