العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نشأة تفسير آيات الأحكام

إنضم
20 فبراير 2014
المشاركات
14
الكنية
ابو أحمد
التخصص
التفسير و علومه
المدينة
اربيل
المذهب الفقهي
الرأي الذي يكون دليله قويا.
نشأة تفسير آيات الأحكام

لما كان القرآن هو مصدر الهداية للعالمين، فهو يجمع الاحكام العقدية والفقهية والأخلاقية، فاهتموا به اهتماما بالغا من حيث الجمع والحفظ والتلاوة والتفسير وغير ذلك.
فالتفسير يعتبر ضمن اهتمامات العلماء لفهم مقصد الله تعالى من كلامه، وكان موجودا في زمن النبـي (صلى الله عليه وسلم) بدليل قوله تعالى:- [ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ] (النحل: ٤٤)، فـبــيــنت هذه الآية مهمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو بيان معنى القرآن بقوله أوبفعله.
وكان تفسير آيات الأحكام ضمن هذا التفسير العام على سبيل المثال تفسيره (صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى:- [ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ] (البقرة:187) عندما ذهب عدي بن حاتم (رضي الله عنه) إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلهما تحت وسادته، فجعل ينظر في الليل، فلم يستبن له، فغدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فذكر له ذلك فقال: «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار»[SUP]([1])[/SUP] يعتبر ضمن تفسير آيات الأحكام؛ لأنه متعلق بالصوم.
واهتم الصحابة بهذا العلم؛ لأنهم لم يحفظوا آية من آيات القرآن إلا عالمين معناها، بدليل ما رواه عبد الرحمن بن السلمي (رحمه الله) قال :- (حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النبـي (صلى الله عليه وسلم)، أَنَّهُمْ كَانُوا " يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) عَشْرَ آيَاتٍ "، فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ ) [SUP]([2])[/SUP].
وصنف ابن عباس (رضي الله عنهما) التفسير على اربعة أصناف فقال:- (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله ) [SUP]([3])[/SUP].
ومن تفسير الصحابة الفقهي تفسيرهم لقوله تعالى:- [ﭻ ﭼ] (البقرة:228 ) قال علي وعمر وابوموسى ابن عباس وابن مسعود (رضي الله عنهما) هو الحيض، وقال ابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة (رضي الله عنهم) هو الطهر. [SUP]([4])[/SUP]
ولم يدون في هذا الوقت التفسير إلا شفهيا، واشتهر في هذا العهد جماعة من المفسرين وهم: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأُبَىّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبوموسى الأشعرى، وعبد الله بن الزبير، رضى الله عليهم أجمعين. [SUP]([5])[/SUP]
وكان لبعض هو لاء الصحابة من طلاب العلم المعروفين بالتابعين أخذوا العلم عنهم، وكان ضمن ذلك العلم تفسير آيات الأحكام، ومن تفسير التابعين قوله تعالى :- [ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ] (البقرة:228) ذهب عكرمة والزهري وابراهيم النخعي على أن تفسير [ﮆﮇ] هو الحيض[SUP]([6])[/SUP]، وذهب قتادة على أنه الحمل[SUP]([7])[/SUP]، وقال مجاهد هو الحمل والحيض[SUP]([8])[/SUP].
وظل تفسير آيات الأحكام محتفظاً بطابع التلقى والرواية، فكان أهل كل مصر يعنون بالتلقى والرواية عن إمام مصرهم، فالمكيون عن ابن عباس، والمدنيون عن أُبَىّ، والعراقيون عن ابن مسعود، وهذا أدى إلى ظهو ر مدراس متنوعة في التفسير الفقهي ونواة الخلاف الفقهي المذهبـي، حتى ظهر المذاهب الفقهية، وكان لكل إمام منهجه في كيفية استنباط الأحكام الشرعية من القرآن، مما أدى إلى ظهو ر اختلاف فيما بينهم، فبدأ التدوين في هذا الوقت، وكان تفسير آيات الأحكام ضمن التفسير العام، ولم يستقل لكنه وجد ضمن كتب الفقه ككتاب المدونة والمبسوط للشيباني والأم للشافعي وغيرهم. [SUP]([9])[/SUP]
وقيل:- استقل هذا التفسير في هذا العهد بدليل أن الشافعي (رحمه الله) صنف كتابا باحكام القرآن، ولكن ضاع، وهذا الأمر جعل الإمام البيهقي (ت 458هـ) أن يجمع أقوال الشافعي في كتاب سماه أحكام القرآن للشافعي [SUP]([10])[/SUP].
ولم يكن هذا الأهتمام بآيات الأحكام فقط من قبل الفقهاء بل المحدثين نقلوا جميع ما ورد عن السلف في تفسير آية فيها حكم فقهي[SUP]([11])[/SUP]، وكذلك المفسرون اهتموا بهذا الجانب في تفاسيرهم حتى لا نعلم مفسرا إلا ذكر جمعاً من الأحكام في تفسيره، وعلى سبيل المثال تفسير الإمام الطبري يذكر جميع الأحكام الفقهية في تفسير آية، مع العلم يعتبر من ضمن التفسير بالمأثور الجامع بين الرواية والدراية، يذكر أولا أقوال السلف في تفسير الاية، ثم يبين رأيه بوضوح في ذلك، كتفسيره لقوله تعالى:- [ﮉﮊﮋﮌﮍ] البقرة (232) بعد ذكر قول السلف:- (وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة قول من قال:لا نكاح إلا بولي من العصبة. وذلك أن الله تعالى ذكره منع الولي من عضل المرأة إن أرادت النكاح ونهاه عن ذلك. فلوكان للمرأة إنكاح نفسها بغير إنكاح وليها إياها، أوكان لها تولية من أرادت توليته في إنكاحها -لم يكن لنهي وليها عن عضلها معنى مفهو م، إذ كان لا سبيل له إلى عضلها) [SUP]([12])[/SUP].
وظهر في القرن الثاني والثالث والرابع الهجري جماعة من العلماء صنفوا في هذا المجال لمكانة هذا العلم منهم:-

  1. مقاتل بن سليمان الأزدي (ت 150)، باسم (تفسير الخمسمئة آية في الأمر والنهي والخلاف والحرام).
  2. أبوالحسن علي بن حجر بن إياس اسعدي المروزي (ت 244هـ).
  3. أبوعبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، المصري، المالكي (ت 268هـ).
  4. ابواسحاق اسماعيل بن اسحاق القاضي المالكي (282 ت هـ).
  5. علي بن موسى بن يزداد القمي الحنفي (ت 305هـ).
  6. أبوالأسود موسى بن عبد الرحمن بن حبيب المالكي،المعروف بالقطان (ت 306هـ).
  7. قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني القرطبـي (ت 340هـ).
  8. أبوالفضل بكر بن محمد بن العلاء بن محمد ابن زِيَاد، ، القشيري، قاض من علماء المالكية من أهل البصرة (ت 344هـ).
  9. أبوالحكم منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن البلوطي القرطبـي (ت 355هـ). [SUP]([13])[/SUP]
  10. أَبُوعبد الله احْمَد بن مُحَمَّد بن عبيد الله ابْن الْحُسَيْن بن عَيَّاش بن ابراهيم بن ايوب الجوهرى الْبَغْدَادِيّ الشيعي (ت 401 هـ) [SUP]([14])[/SUP].
ولكن لم يبلغنا كثير منها لسبب ضياع هذه الكتب لأسباب سياسة واقتصادية ، وظهر في هذا العهد وما بعده تعصب مذهبـي، فجعلهم يفسرون احكام القرآن على المذهب الفقهي المعين، ولكن كانوا منصفين في ترجيح الأحكام:- كابن العربي، وابن الفرس، ونور الدين الموزعي، ستناول بيان هذه التفاسير في المبحث القادم.
وأكثر تفاسير احكام القرآن له صفة الفقه المقارن بين اقوال السلف والمذاهب الفقهية.
ولم يتوقف هذا الاتجاه حتى الآن، وأهتم علماء هذا العصر باخراج تفاسير مرموقة في هذا المجال، يحمدون عليها، منها.

  1. نيل المرام من تفسير آيات الأحكام فيها تفسير مائتا آية أوقريب من ذلك، وهو لأبي الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي ت ( 1307هـ - 1890م). [SUP]([15])[/SUP]
  2. روائع البيان تفسير آيات الأحكام لمحمد علي الصابوني ولد سنة (1928م).
  3. قام محمد علي السايس (ت 1976هـ) بتنقيح وتصحيح التفسير المسمى بـ - تفسير آيات الأحكام – لمؤلف غير معروف اسمه، وجعله الناس النسبة إليه وهذا غير صحيح بل هو قام باخراجه من الضياع جزاه الله خير الجزاء.
  4. تفسير آيات الأحكام لأبي محمد مناع خليل القطان ولد سنة (1925هـ) نال درجة الأستاذية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأشرف على أكثر من 30 رسالة.
  5. دراسات في تفسير بعض آيات الأحكام للدكتور كمال جودة أبوالمعاطي مدرس الفقه المقارن، بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر. [SUP]([16])[/SUP]


([SUB][SUB][1][/SUB][/SUB]) اخرجه البخاري في صحيحه – باب قوله تعالى:-[ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ]- (3 / 28)ر(1916)، ومسلم في صحيحه - باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر، وبيان صفة الفجر الذي تتعلق به الأحكام من الدخول في الصوم، ودخول وقت صلاة الصبح وغير ذلك- (2 / 766)ر(1090)

([SUB][SUB][2][/SUB][/SUB]) اخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6 / 117)-ر(29929)، وأحمد في مسنده (38 / 466)ر(23482). اعتبره شعيب الأرنؤوط حديث حسن عند تحقيقه لمسند الإمام أحمد.

([SUB][SUB][3][/SUB][/SUB]) اخرجه الطبري في تفسير الطبري (1 / 75)ر(71).

([SUB][SUB][4][/SUB][/SUB]) ينظر:- تفسير الطبري (4 /499 إلى 507)، وأحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (2 / 55)، ووالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1 / 304)، وزاد المسير في علم التفسير (1 / 199)، والبحر المحيط في التفسير (2 / 454)، والمغني لابن قدامة (8 / 101).

([SUB][SUB][5][/SUB][/SUB]) ينظر:- التفسير والمفسرون (1 / 49).

([6]) ينظر:- جامع البيان في تأويل القرآن (4 / 516، 517)، وتفسير ابن أبي حاتم - محققا (2 / 416) ر( 2192)، والنكت والعيون (1 / 292)، والجامع لأحكام القرآن (3 / 118).

([7]) ينظر:- تفسير عبد الرزاق (1 / 346)ر(279).

([8]) ينظر:- تفسير القرآن من الجامع لابن وهب (1 / 18)ر(36).

([9]) ينظر:- التفسير والمفسرون (1 / 97).

([10]) ينظر:- الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (1 / 113)، وإرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (6 / 2416)، والتفسير والمفسرون في ثوبه الجديد (525).

([11]) ينظر:- صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن - (6 / 16)، وصحيح مسلم - كتاب التفسير - (4 / 2312).

([12]) ينظر:- جامع البيان في تأويل القرآن (5 / 26).

([13]) ينظر:- الفهرست (1 / 222)، وفهرسة ابن خير الإشبيلي (1 / 47، 48، 49)، والأعلام للزركلي (4 / 270)، و(6 / 223)، و(1 / 310)، و(5 / 26)، و(7 / 324)، و(5 / 173)، و(2 / 69)، و(7 / 294)، وكشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1 / 1).

([14]) ينظر:- هدية العارفين (1 / 70،71).

([15]) ينظر:- أبجد العلوم (1 / 352)، والأعلام للزركلي (6 / 167).

([16]) ينظر:- اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر (2 / 436 إلى 486).
 
إنضم
16 أكتوبر 2015
المشاركات
7
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
تفسير وعلوم القرآن
المدينة
إب
المذهب الفقهي
شافعي
رد: نشأة تفسير آيات الأحكام

جزاك الله خيرا
 
أعلى