العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

إنضم
26 فبراير 2010
المشاركات
596
الكنية
أبو الفضل
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
الخليل
المذهب الفقهي
فقه مقارن
نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني حول "التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"
أ.د. حسام الدَّين عفانة / جامعة القدس
يقول السائل:ما قولكم في الفتوى التي أباحت التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بهدف الزواج،أفيدونا.
الجواب:قرأت الفتوى الصادرة عن المجلس الأعلى للإفتاء الفلسطيني وتأملتها ودققت النظر فيها،ولبيان الرأي فيها لا بدّ من الوقفات التالية:
أولاً:لا بد من معرفة الضوابط الشرعية التي تضبط العلاقة بين الشاب والفتاة،وخاصة في ظل فتنة النساء في هذا الزمان،وما يظهرن به من تبرجٍ،وملابس لا تقرها الشريعة،وقد صح في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا الدنيا واتقوا النساء،فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)رواه مسلم.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما تركت بعدي فتنةً أضرُّ على الرجال من النساء)رواه البخاري ومسلم.
ومن هنا جاء التأكيد على أهم ضوابط كلام المرأة للرجل،ألا وهو عدم الخضوع بالقول،وأن يكون القول الذي تقوله المرأة قولاً معروفاً،كما قال تعالى:{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}سورة الأحزاب الآية32.
وطهارة القلوب أمرٌ مطلوبٌ شرعاً في هذه العلاقة،كما قال الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}سورة الأحزاب الآية53.
ولا بد أن يكون كلامُ الرجل مع المرأة في حدود الأدب الشرعي،وعند الحاجةِ فقط،وقد قرر الفقهاء منعَ كلام الرجلِ مع المرأة إذا خُشيت الفتنة،وبالذات إذا كانا شابين[ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز التكلم مع الشابة الأجنبية بلا حاجةٍ،لأنه مظنةُ الفتنة،وقالوا إن المرأة الأجنبية إذا سلَّمت على الرجل إن كانت عجوزاً ردَّ الرجلُ عليها لفظاً،أما إن كانت شابة يُخشى الافتتان بها أو يُخشى افتتانها هي بمن سلَّم عليها،فالسلام عليها وجواب السلام منها حكمه الكراهة عند المالكية والشافعية والحنابلة،وذكر الحنفية أن الرجل يردُّ على سلام المرأة في نفسه إن سلَّمت عليه وتردُّ هي في نفسها إن سلَّم عليها،وصرح الشافعية بحرمة ردِّها عليه]الموسوعة الفقهية الكويتية35/122.
ومن المقرر شرعاً سدٌّ الطرق المفضية إلى الفتنة،كما ورد في رواية لحديث الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وفيه(إن أبي شيخٌ كبيرٌ قد أدركته فريضة الله في الحج،أفيجزئ أن أحج عنه؟قال حجي عن أبيك.قال ولوى عُنقَ الفضل،فقال العباس يا رسول الله:لم لويت عُنَق ابن عمك؟قال:رأيت شاباً وشابةً فلم آمن الشيطان عليهما)رواه أحمد والترمذى وقال:حسن صحيح،وصححه العلامة الألباني.
ثانياً:الطريق الشرعي لتعرف الخاطب على المخطوبة هو التوجه لوليها وأهلها،فإما أن يتوجه الخاطب بنفسه أو يرسلَ أُمه أو إحدى قريباته لبحث الأمر مع المخطوبة وأهلها،لإبداء رغبته في المخطوبة،بعد أن يكون الخاطب قد سأل الثقات عن المخطوبة وأهلها،وهذا ما قرره الشرع وجرى عليه العرفُ الصحيحُ في بلادنا وغيرها من بلاد المسلمين،فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية أو أبي الجهم:(أما معاوية فصعلوكٌ لا مالَ له،وأما أبو جهمٍ فلا يضعُ عصاه عن عاتقه،انكحي أسامة بن زيد)رواه مسلم.
ومن ثمَّ تكون رؤية الخاطب للمخطوبة في بيت وليها،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلٌ فأخبره أنه تزوج امرأةً من الأنصار،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أنظرت إليها؟فقال:لا،قال:فاذهب فانظر إليها،فإن في أعين الأنصار شيئاً)رواه مسلم.ويستحب للخاطب أن يستخير بعد أن يستشير،فعن جابر رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها...)رواه البخاري،والنكاح داخل في عموم الحديث.
ثالثاً:ورد في الفتوى المشار إليها[ومع تقديرنا لمنهج التحوط الذي أخذ به هذا الفريق من العلماء،وحرصهم البالغ على إغلاق منافذ الفتنة،والسبل التي قد تفضي إلى الرذيلة والفواحش كلها،فإن مجلس الإفتاء الأعلى يرى أن العبرة في الحكم بالجواز أو عدمه في مسألة التعارف بين الجنسين،لا تتمثل في الوسيلة المستخدمة للتواصل والمراسلة،وإنما هي في مضمون الحديث نفسه وأهدافه المبتغاة،ومن حيث التزامه بالضوابط والمعايير الشرعية أو خروجه عنها
]
وهذا الكلام مردودٌ،لأن للوسائل أحكام المقاصد كما قرر العلماء،قال الإمام العز بن عبد السلام:للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل) قواعد الأحكام 1/46.
وقال القرافي:[وموارد الأحكام على قسمين:مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها،ووسائل وهي الطرق المفضية إليها،وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل غير أنَّها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها والوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل،وإلى ما يتوسط متوسطة،ومما يدل على حسن الوسائل الحسنة قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}فأثابهم الله على الظمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد،الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين،فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة] الفروق 2/33.
وبناءً على ذلك،فالوسيلةُ معتبرةٌ في مسألة التعارف بين الجنسين،فلو أن شاباً حمل مكبرَ صوتٍ ووقف في السوق ولما مرَّت إحدى الفتيات صاح بأعلى صوته:يا فلانة بنت فلان،أريد أن أخطبك،فما قولك؟لكانت هذه الوسيلة مرفوضةً شرعاً وعرفاً، وإن كان مضمون الكلام لا شيء فيه!
رابعاً:ورد في الفتوى المشار إليها أن من ضمن ضوابط الإباحة:[أن تكون هناك ضرورةٌ أو حاجةٌ ماسَّةٌ لذلك]ولا أدري كيف تتأتى الضرورة في هذا الأمر؟!وهل التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت تدخله الضرورة،قال الفقهاء:[الضرورة هي أن تطرأ على الإنسان حالةٌ من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوثَ ضررٍ أو أذىً بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها،ويتعين أو يباح عندئذٍ ارتكابُ الحرام أو تركُ الواجب أو تأخيرُه عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع]نظرية الضرورة الشرعية ص67-68.
فدعوى دخول الضرورة في التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت دعوى باطلةٌ شرعاً،ولا تنطبق معايير الضرورة في الشرع على هذا الأمر بحالٍ من الأحوال.ونفس الكلام يُقال فيما ورد في الفتوى أن[المجلس يرى أن التعارف والحديث عبر شبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي،التي تطورت في هذا العصر،وأضحت سمةً من أبرز سماته ومعالمه،وضرورةً لا يُستغنى عنها،بل يتعذر تجنبها]إن القول بأن الإنترنت ضرورة لا يُستغنى عنها،وأنه يتعذر تجنبها،كلامٌ باطلٌ يرده الواقع،فملايين الناس لا يستعملون الإنترت،وتجنبوه فعلاً؟!
وأما الحاجة الماسة الواردة في الفتوى فلا تدخل أيضاً في تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،لأن الحاجة الماسة ملحقةٌ بالضرورة،قال الشاطبي:[الحاجيات ومعناها أنها مُفْتَقَرٌ إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق،المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة لفوت المطلوب،فإذا لم تُراعَ دخل على المكلفين-على الجملة-الحرجُ والمشقةُ،ولكنه لا يبلغُ مبلغَ الفساد المتوقع في المصالح العامة]الموافقات2/10-11.
فالحاجةُ هي:أن يكون الإنسان في حالة من الجهد والمشقة التي لا تؤدي به إلى الهلاك إذا لم يتناول المحرم شرعاً،وهذه الحالةُ مرتبةٌ دون الضرورة.وهذه الحاجةُ غيرُ متحققةٍ في تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،فأين الحرج والمشقة؟لأن الحاجة يترتب عليها مشقةٌ وحرجٌ،لكنه دون الضرر المترتب على الضرورة.انظر ضوابط الضرورة في الشريعة الإسلامية islamport.com/w/amm/Web
خامساً:ما ورد في الفتوى من قيودٍ تضبط تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،مثل:[وينبغي أن يكون الحديث بقدر هذه الحاجة،وفي حدود هذا الهدف،ولا يتجاوزهما لمسائل شخصية أخرى من شأنها إثارة الغرائز،وإيقاظ الشهوات،وأن يكون التواصل بينهما في حدود الأحكام الشرعية،والآداب والأخلاق الإسلامية،وأن يجري الحديثُ بينهما بمعرفة الأهل،وتحت اطلاعهم،وليس في غرفٍ مغلقةٍ،ولا في ظل ستارٍ من السرية والكتمان]أقول إن هذه القيود ما هي إلا أمورٌ نظريةٌ،لا يمكن ضبطُها فعلياً،ويعلم ذلك من له خبرةٌ بالإنترنت،وشبكات التواصل الاجتماعي.
سادساً:لا شك لديَّ أن فتح باب تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،ما هو إلا فتحٌ لبابِ شرٍ مستطيرٍ،وفتحٌ لأبواب الفساد،ومدخلٌ من مداخل الشيطان،بل هو أول خطوات الشيطان إلى الحرام،وذريعةٌ للفتنة والفساد،ومن المعلوم أن من قواعد الشريعة سدُّ الذرائع المفضية إلى الفساد،وقاعدة سدِّ الذارئع من القواعد المقررة شرعاً،ويدل عليها قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}سورة الأنعام الآية 108.
وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}سورة البقرة الآية 104.وما ثبت في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كفَّ عن قتل المنافقين،لأن قتلهم ذريعة لأن يقال إن محمداً يقتل أصحابه.رواه البخاري ومسلم.
سادسا:من المعلوم أن إمكانية الكذب والخداع والمكر،واردةٌ بشكلٍ كبيرٍ في ما يسمَّى"الشات"،وكذلك فإن واقع الاتصال عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بين الشباب والفتيات،يترتب عليه حدوث مفاسد كثيرة،وقد سمعنا عن حوادث وقصص وجرِّ الفتيات إلى مستنقعات الفساد والرذيلة والإسقاط مما يشيب له الوالدان.
ولا شك أن ذلك من خطوات الشيطان، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)}سورة النور الآية21.
سابعاً: ذكرت الفتوى أن كثيراً من العلماء والفقهاء وكذلك بعض المجامع الفقهية،قالوا بتحريم التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت بهدف الزواج،وساقت الفتوى بعض أدلتهم[وقد حذرنا الله تعالى من مغبة الوقوع في حبائل الشيطان بقوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)}والأصل في مثل هذه الحالات-كما يقول أصحاب هذا الرأي-أن درء الفتنة والإثارة مقدَّم على مصلحة التعارف والزواج،عملاً بالقاعدة الشرعية:(درءُ المفاسد أولى من جلب المصالح)ويتضح هذا من قول رسولنا الكريم،صلى الله عليه وسلم:(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك]صحيح البخاري،وقوله صلى الله عليه وسلم:(الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس،فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه،ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)صحيح مسلم]وحبذا لو أخذت الفتوى بهذا القول الذي تؤيده نصوص الشريعة وقواعدها،والمتفق مع مقاصد الشارع الحكيم.
وخلاصة الأمر: أن أهم ضوابط كلام المرأة للرجل هو عدم الخضوع بالقول،وأن يكون القول الذي تقوله المرأة قولاً معروفاً،وأن الطريق الشرعي لتعرف الخاطب على المخطوبة هو التوجه لوليها وأهلها،وليس عن طريق "الشات"،وأن العلماء قرروا أن للوسائل أحكام المقاصد،وأن دعوى دخول الضرورة في التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت دعوى باطلةٌ شرعاً،ولا تنطبق معايير الضرورة في الشرع على هذا الأمر بحالٍ من الأحوال،وكذلك الحاجة الماسة لا تدخل أيضاً في تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،لأن الحاجة الماسة ملحقةٌ بالضرورة،وأن القيود التي ذكرتها الفتوى ما هي إلا أمورٌ نظريةٌ،لا يمكن ضبطُها فعلياً،وأن فتح باب تعارف الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت،ما هو إلا فتحٌ لبابِ شرٍ مستطيرٍ،وفتحٌ لأبواب الفساد،ومدخلٌ من مداخل الشيطان،بل هو أول خطوات الشيطان إلى الحرام،وحبذا لو أن الفتوى أخذت بالتحريم الذي قال به كثيرٌ من العلماء والفقهاء وبعض المجامع الفقهية,وأن القول بتحريم التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت بهدف الزواج،هو الذي تؤيده نصوص الشريعة وقواعدها،والمتفق مع مقاصد الشارع الحكيم.والله الهادي إلى سواء السبيل.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

بارك الله فيكم يا شيخ ضرغام على هذا النقل وجزى الله فضيلة الشيخ الدكتور حسام الدين عفانة على نصحه وغيرته .
هذا الموضوع سبق التداول فيه هنا :
http://www.feqhweb.com/vb/t17325

لكن أود التنبيه على أمور في المقال :
1 - حديث (
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ليس في البخاري وإنما هو عند الترمذي والنسائي وغيرهما .
2 - الضرورة تطلق أحياناً عند الفقهاء بمعنى الحاجة أي ما يفتقر إليه ويحتاج إليه مطلقاً سواء وصل لمرتبة الضرورة القصوى أو لا فلا ينبغي دوماً تنزيلها على الضرورة التي تعني هلاك النفس وهي المقابلة للحاجة ، وهذا الاستعمال موجود في كتب الفقهاء وظاهر كلام المجلس هو إرادة الحاجة بالضرورة لأنه يبعد أن يكون مرادهم ما يصل مرتبة الضرورة القصوى .
3 - لم يوفق الشيخ حسام - في نظري - في الكلام على قاعدة ( للوسائل أحكام المقاصد ) هنا لأمرين :
الأمر الأول : أن فتوى مجلس الإفتاء عندها مقصد شرعي معتبر وهو النكاح وعندها وسيلة تشترط خلوها من المخالفات الشرعية وهي مضبوطة بقولهم ( وإنما هي في مضمون الحديث نفسه وأهدافه المبتغاة،ومن حيث التزامه بالضوابط والمعايير الشرعية أو خروجه عنها ) فالمقصد والوسيلة عندهم لا يخالفان الشرع .
الأمر الثاني : أن القاعدة لا مجال لها هنا وإنما كان المفترض أن يتكلم عن كون الوسيلة مشروعة أو لا ؟ هل هي مباحة أو محرمة ؟ لا أن يتكلم عن كون الوسيلة لها حكم المقصد لأنه لا نزاع كما سبق أن الكلام على استخدام هذه الوسيلة لمقصد شرعي معتبر وهو الزواج ( لا أريد هنا ما يمكن أن يكون مقصداً للرجل لأن الكلام هنا عن الوسيلة للزواج الشرعي ) .
أقول هذا في مجال التدقيق في الكلام على المقال وإن كنت قلت ما يتعلق بالمسألة في الموضوع المشار إليه آنفاً ، وأنه ينبغي مراعاة الواقع والأغلب في هذه الوسيلة ، والموازنة بين المصالح والمفاسد فيها .والله أعلم

 
التعديل الأخير:
إنضم
26 فبراير 2010
المشاركات
596
الكنية
أبو الفضل
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
الخليل
المذهب الفقهي
فقه مقارن
رد: نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

بارك الله فيكم يا شيخ ضرغام على هذا النقل وجزى الله فضيلة الشيخ الدكتور حسام الدين عفانة على نصحه وغيرته .
هذا الموضوع سبق التداول فيه هنا :
http://www.feqhweb.com/vb/t17325

لكن أود التنبيه على أمور في المقال :
1 - حديث (
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ليس في البخاري وإنما هو عند الترمذي والنسائي وغيرهما .
2 - الضرورة تطلق أحياناً عند الفقهاء بمعنى الحاجة أي ما يفتقر إليه ويحتاج إليه مطلقاً سواء وصل لمرتبة الضرورة القصوى أو لا فلا ينبغي دوماً تنزيلها على الضرورة التي تعني هلاك النفس وهي المقابلة للحاجة ، وهذا الاستعمال موجود في كتب الفقهاء وظاهر كلام المجلس هو إرادة الحاجة بالضرورة لأنه يبعد أن يكون مرادهم ما يصل مرتبة الضرورة القصوى .
3 - لم يوفق الشيخ حسام - في نظري - في الكلام على قاعدة ( للوسائل أحكام المقاصد ) هنا لأمرين :
الأمر الأول : أن فتوى مجلس الإفتاء عندها مقصد شرعي معتبر وهو النكاح وعندها وسيلة تشترط خلوها من المخالفات الشرعية وهي مضبوطة بقولهم ( وإنما هي في مضمون الحديث نفسه وأهدافه المبتغاة،ومن حيث التزامه بالضوابط والمعايير الشرعية أو خروجه عنها ) فالمقصد والوسيلة عندهم لا يخالفان الشرع .
الأمر الثاني : أن القاعدة لا مجال لها هنا وإنما كان المفترض أن يتكلم عن كون الوسيلة مشروعة أو لا ؟ هل هي مباحة أو محرمة ؟ لا أن يتكلم عن كون الوسيلة لها حكم المقصد لأنه لا نزاع كما سبق أن الكلام على استخدام هذه الوسيلة لمقصد شرعي معتبر وهو الزواج ( لا أريد هنا ما يمكن أن يكون مقصداً للرجل لأن الكلام هنا عن الوسيلة للزواج الشرعي ) .
أقول هذا في مجال التدقيق في الكلام على المقال وإن كنت قلت ما يتعلق بالمسألة في الموضوع المشار إليه آنفاً ، وأنه ينبغي مراعاة الواقع والأغلب في هذه الوسيلة ، والموازنة بين المصالح والمفاسد فيها .والله أعلم

جزاكم الله خيرا فضيلة الدكتور أبي حازم ،
أولاً: هذه مقالة خصها الأستاذ الدكتور حسام لملتقانا ، وقد نقلتها بالاتفاق معه، وكذا كل المقالات التي أنقلها عنه أو عن غيره من العلماء أو الدعاة، وذلك تنشيطا للملتقى وجلباً للاقلام الرائدة إلى ملتقانا الكريم.
وفتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني ثارت حولها نقاشات مجتمعية لأنها أعلنت في وسائل الإعلام فوصلت إلى عامة الناس فكان الأمر أن أيدها جمع من الناس وعارضها جمع آخر وتوقف فيها كثير من الناس ، وكان رد الدكتور حسام -حفظه الله- بناءً على ما ثار في الشارع من تساؤلات ، فوفقه الله وبارك فيه.
ثانياً: ولأن أخبر الناس بمراده من كلامه من يكتب فقد رفعت ملاحظاتكم القيمة للدكتور ، وقد أجابني اليوم عليها وهذا نص جوابه:

(الشيخ ضرغام أكرمه الله السلام عليكم
جزاكم الله خيراً على نشر المقال وجزى الله خيراً د. بدر المهوس على ملحوظاته
وأرحب بكل نقدٍ علميٍ بناءٍ.
وأود أن أوضح ما يلي:
1- [حديث ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ليس في البخاري وإنما هو عند الترمذي
والنسائي وغيرهما .]
وأقول أنا ناقل لكلام مجلس الفتوى وقد وضعت النص بين علامات تنصيص، وقد ذكرت الحديث في سلسلة "يسألونك" عدة مرات وعزوته إلى الترمذي والنسائي كما ذكر د. بدر.

2- ملحوظة الدكتور الفاضل بدر حول الضرورة تحتاج إلى إعادة نظر لأن مجلس الفتوى قال في فتواه : [أن تكون هناك ضرورةٌ أو حاجةٌ ماسَّةٌ لذلك]
وكما هو معلوم فالعطف يقتضي المغايرة .
3- ما ذكره د. بدر حول المقصد والوسيلة فإني أخالفه الرأي فالمقصد في كلام مجلس الإفتاء هو التعارف، والوسيلة هي "الشات" .وقد ورد في الفتوى [فإن مجلس الإفتاء الأعلى يرى أن العبرة في الحكم بالجواز أو عدمه في مسألة التعارف بين الجنسين،لا تتمثل في الوسيلة المستخدمة للتواصل والمراسلة...] وأرفق لكم نص الفتوى محل الكلام.
4- وأخيراً أكرر شكري للدكتور بدر على ملحوظاته، وما كتبته قابلٌ للأخذ والرد، فإن أصبت فذلك الفضل من الله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، وأقول ما قاله القاضي البيساني رحمه الله: [إني رأيت أنه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه، إلا قال في غده لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زِيدَ كذا لكان يستحسن، ولو قُدِمَ هذا لكان أفضل، ولو تُرِكَ هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر ] ولله در الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله عندما قال:[ كلٌ يُؤخذ من قوله ويُترك، إلا صاحبُ هذا القبر، وأشار بيده إلى قبر النبي المصطفى صلى الله عليه
وسلم] سير أعلام النبلاء 8/93.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الأستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة
في السادس من ذي الحجة 1434 هـ وفق 12/ 10/2013 م
أبوديس/ القدس المحتلة)
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

بارك الله فيكم يا شيخ ضرغام
وبارك في شيخنا الكريم الحبيب إلى قلوبنا الدكتور حسام الدين عفانة وأبلغه أحرَّ السلام وجميل الثناء من أخيه أبي حازم ، فجهود الشيخ في العلم والدعوة ونشر السنة ورد البدع كثيرة فجزاه الله خيراً ،
وإني أرجو أن تدعو فضيلته للمشاركة ولو أحياناً في هذا الملتقى المبارك .

وأما ما يتعلق بالتعقيب فأقول باختصار :
أولاً : ليُعلَم أن كلامي ليس موجهاً لنقد كلام الشيخ وإلا فإني أعرف أن عزو الحديث لم يكن من الشيخ ولا أظن أن الشيخ يفوته مثل ذلك مع معرفته بعلم الحديث لكني أحببت أن أنبه للعزو حتى لا ينقله بعض القراء اعتماداً على المذكور فأحببت التنبيه فحسب .

ثانياً : بخصوص استعمال الضرورة بمعنى الحاجة وعطفها عليها أقول هذا أمر معروف عند الفقهاء ومن ذلك :
1 - قال في الشرح الكبير للرافعي ( 4 / 31 ) : ( فأما الشعر النجس فيحرم وصله لأنه لا يجوز استصحابه في الصلاة وفي غير الصلاة يكون مستعملا للشئ النجس العين في بدنه استعمال اتصال وذلك حرام في أصح القولين ومكروه في الثاني الا
عند ضرورة أو حاجة حاقة )
2 - وقال الهيتمي : ( وما كان الأصل امتناعه لا يجوز
إلا لضرورة أو حاجة حاقة ولا شك أن العمارة إذا توقفت على الإجارة الطويلة كان ذلك إما ضرورة أو حاجة فمن ثم جوزوها حينئذ ، وأما إذا لم يكن ضرورة ولا حاجة بأن كان المكان عامراً لا يخشى عليه انهدام ولا يحتاج لترميم ونحوه من العمارات فالمنع باق بحاله خشية من تلك المفاسد ) الفتاوى الكبرى ( 3 / 340 )
3 - وفي المجموع شرح المهذب ( 5 / 176 ) : ( قال الشافعي والأصحاب فإذا فرغ من غسله استحب أن ينشف بثوب تنشيفا بليغا وهذا لا خلاف فيه قال الأصحاب والفرق بينه وبين غسل الجنابة والوضوء حيث قلنا المذهب استحباب ترك التنشيف ان هنا
ضرورة أو حاجة الى التنشيف وهو أن لا يفسد الكفن )
4 - وفي مغني المحتاج ( 1 / 202 ) : ( ( و ) يكره ( وضع يده ) أي المصلي ذكرا كان أو غيره ( على خاصرته )
لغير ضرورة أو حاجة للنهي عنه )
5 - وفي الإقناع للحجاوي ( ص 15 ): ( وكذا مس فرج أبيح له مسه واستجماره واستنجاؤه بها
لغير ضرورة أو حاجة )
6 - وفي شرح منتهى الإرادات ( 3 / 50 ) في مسألة القسم بين الزوجات : ( ( و ) يحرم أن يدخل إليها ( في نهارها ) أي نهار ليلة غيرها ( إلا لحاجة كعيادة ) أو سؤال عن أمر تحتاج إليه أو دفع نفقة أو زيارة لبعد عهده بها ( فإن ) دخل إليها و ( لم يلبث ) مع
ضرورة أو حاجة أو عدمهما ( لم يقض ) )
7 - وقال النووي في شرح مسلم ( 14 / 25 ) : ( ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير
حاجة أو ضرورة )
8 - قال الشيخ محمد العثيمين : ( السفر إلى بلاد الكفر محرم إلا إذا كان هناك
حاجة أو ضرورة: فالحاجة مثل التجارة، ذهب يشتري منهم سلعاً يتجر بها، والضرورة كالمرض أو كصناعات لا توجد في بلاد المسلمين أو ما أشبه ذلك ) لقاء الباب المفتوح رقم ( 74 )
9 - وقال الشيخ محمد العثيمين أيضاً : ( يجوز للمرأة أن تأخذ ما يمنع الحيض في موسم الحج إذا كانت تريد أن تحج؛ لأن هذا
إما حاجة أو ضرورة ) لقاء الباب المفتوح ( 124 )
10 - وقال الشيخ محمد العثيمين أيضاً : ( الأفضل حملها على الأكتاف، لما في ذلك من المباشرة بحمل الجنازة، ولأنه إذا مرت الجنازة بالناس في الأسواق عرفوا أنها جنازة ودعوا لها، ولأنه أبعد عن الفخر والأبهة، إلا أن يكون هناك
حاجة أو ضرورة فلا بأس أن تحمل على السيارة، مثل: أن تكون أوقات أمطار، أو حر شديد، أو برد شديد، أو قلة المشيعين ) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين .
فهذه النقول وغيرها كثير لم يرد العلماء بالضرورة فيها الضرورة القصوى التي يترتب عليها هلاك النفس ونحوه ، وإنما أريد بها الحاجة ، وهذا الاستعمال كثير لا سيما في فتاوى المعاصرين سواء كانت هيئات علمية ومجامع فقهية أو فتاوى شخصية .

ثالثاً : العطف لا يقتضي المغايرة فقط فقد يراد به التأكيد وقد يراد به التفسير وقد يراد به عطف الخاص على العام وقد يكون عطفاً لاختلاف اللفظ فقط كقولهم :
( وألفى قولها
كذباً وميناً )
وقولهم :
( ألا حبذا هند وأرض بها هند ** وهند أتى من دونها
النَّأْيُ والبعد ).

رابعاً : ما ذكره الشيخ أن المقصد هو التعارف هذا ليس دقيقاً فالمقصد هو الزواج وهذا ما عبر عنه بالفتوى وهذا نص عنوانها ( التعارف بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت بهدف الزواج ) وهو كذلك في نص السؤال ( بهدف الزواج ) والهدف هو المقصد والتعارف هنا وسيلة إليه والنت وسيلة للتعارف فالمقصد يكون له وسائل والوسيلة قد يكون لها وسيلة فتكون الوسيلة وسيلة لما فوقها مقصداً لما تحتها فهي نسبية في مثل هذه الأمور كالعموم والخصوص لكن المقصود هنا أن المقصد من كل ما ذكر هو الزواج وما دونه وسائل إليه .

وأخيراً فأنا أؤكد على إغلاق هذا الباب سداّ للذريعة واعتباراً بالأغلب في الواقع وقد يراعى كما سبق بعض الأحوال الخاصة وفق العادات والأعراف ، والمقاصد والنيات ، والمصالح ، وموافقة الضوابط الشرعية
.
 
التعديل الأخير:

رشيد لزهاري حفوضة

:: مطـًـلع ::
إنضم
8 يناير 2012
المشاركات
103
الإقامة
الوادي/ الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
ماستر دراسات قرآنية و آداب إسلامية
الدولة
الجزائر
المدينة
الوادي
المذهب الفقهي
مالكي
رد: نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

أشكر د.
الدكتور حسام الدين عفانة
على ما يقدمه من خدمة للشريعة الاسلامية و نحن نرجع إليه في كثيبر من القضايا...
و نشكر الشيخ ضرغاماً على هذا الطرح و أشكر د. بدرا على مدارسته للموضوع...
و إن كنتُ أميل إلى فتوى د.حسام لحسم سبب الفتنة و الانحراف الذي يواجه أبناءنا اليوم و لكنني أرى أن فتوى المجلس الفلسطيني لها قدر من الوجاهة من حيث مراعاة الواقع و عموم البلوى باستخدام هاته الوسيلة في الاتصال و صعوبة التحكم فيها أو الانقطاع عنها-و لا أقول الإستحالة...
و لذا لو لم يتوجه بحثنا إلى سد الذريعة فحسب فهي مشرعة الأبواب...
بل نحرص على تنظيمها أو تقييدها حتى نضيق الباب على الاستعمال غير المشروع ...
فهل هذا الكلام ممكن التحقيق و إن كنت أستبعده...
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نظراتٌ نقديةٌ في فتوى مجلس الإفتاء الفلسطيني "التعارف عن طريق الإنترنت بهدف الزواج"

إذا كان نظر الرجل إلى المرأة ونظرها إليه يصح بقصد النكاح فمن باب أولى الكلام
ومن الغريب حصر الشيخ عفانه، حفظه الله، وسيلة الخطبة بإرسال مبعوث إلى أهل المرأة مع أن ظاهر قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} يدل على جواز خطاب الرجل المرأة مباشرة في شأن الخطبة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حق أم سلمة وغيرها. وعلى هذا تدل أقوال أهل التفسير.
فعن ابن عباس:"فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: التعريض أن يقول للمرأة في عدتها:"إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله"، و"لوددت أني وجدت امرأة صالحة"، ولا ينصب لها ما دامت في عدتها.
وعنه: يعرض لها في عدتها، يقول لها:"إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك"، ونحو هذا من الكلام، فلا حرج.
وعنه، قال: هو أن يقول لها في عدتها:"إني أريد التزويج، ووددت أن الله رزقني امرأة"، ونحو هذا، ولا ينصب للخطبة.
وعن مجاهد قال: هو قول الرجل للمرأة:"إنك لجميلة، وإنك لنافقة، وإنك إلى خير".
وعن سعيد بن جبير: قال: يقول:"لأعطينك، لأحسنن إليك، لأفعلن بك كذا وكذا
وعن عبد الرحمن بن القاسم: قال: قول الرجل للمرأة في عدتها يعرض بالخطبة:"والله إني فيك لراغب، وإني عليك لحريص"، ونحو هذا.
وعن القاسم بن محمد: هو قول الرجل للمرأة:"إنك لجميلة، وإنك لنافقة، وإنك إلى خير".
وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: كيف يقول الخاطب؟ قال: يعرض تعريضا، ولا يبوح بشيء. يقول:"إن إلي حاجة، وأبشري، وأنت بحمد الله نافقة"، ولا يبوح بشيء. قال عطاء: وتقول هي:"قد أسمع ما تقول"، ولا تعده شيئا، ولا تقول:"لعل ذاك".
عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم يقول في المرأة يتوفى عنها زوجها، والرجل يريد خطبتها ويريد كلامها، ما الذي يجمل به من القول؟ قال يقول:"إني فيك لراغب، وإني عليك لحريص، وإني بك لمعجب"، وأشباه هذا من القول.عن إبراهيم النخعي قال: لا بأس بالهدية في تعريض النكاح. وعن عبد الرحمن بن سليمان، عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبد الله بن حنظلة قالت: دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي، فقال: يا ابنة حنظلة، أنا من علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق جدي علي، وقدمي في الإسلام. فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أتخطبني في عدتي، وأنت يؤخذ عنك! فقال: أو قد فعلت! إنما أخبرك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي! قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وكانت عتد ابن عمها أبي سلمة، فتوفي عنها، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده، حتى أثر الحصير في يده من شده تحامله على يده، فما كانت تلك خطبة.
وعن ابن عباس :"لا تواعدوهن سرا"، قال: فذلك السر: الريبة. كان الرجل يدخل من أجل الريبة وهو يعرض بالنكاح، فنهى الله عن ذلك إلا من قال معروفا.
وعن قتادة:"ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: هذا في الرجل يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تتزوج غيره، فنهى الله عن ذلك وقدم فيه، وأحل الخطبة والقول بالمعروف، ونهى عن الفاحشة والخضع من القول
وعن الضحاك::"إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال: المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها، فيأتيها الرجل فيقول:"احبسي علي نفسك، فإن لي بك رغبة، فتقول:"وأنا مثل ذلك"، فتتوق نفسه لها. فذلك القول المعروف.
وعن السدي:"ولا جناح عليكم فيما عرضتم به خطبة النساء" إلى"حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: هو الرجل يدخل على المرأة وهي في عدتها فيقول:"والله إنكم لأكفاء كرام، وإنكم لرغبة، وإنك لتعجبيني، وإن يقدر شيء يكن". فهذا القول المعروف.
وقال أبو جعفر الطبري: ثم قال تعالى ذكره:"إلا أن تقولوا قولا معروفا"، فاستثنى القول المعروف مما نهي عنه، من مواعدة الرجل المرأة السر، وهو من غير جنسه، ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل: أن يأتي بمعنى خلاف الذي قبله في الصفة خاصة، وتكون"إلا" فيه بمعنى"لكن"، فقوله:"إلا أن تقولوا قولا معروفا" منه- ومعناه: ولكن قولوا قولا معروفا. فأباح الله تعالى ذكره أن يقول لها المعروف من القول في عدتها، وذلك هو ما أذن له بقوله:"ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء".
 
التعديل الأخير:
أعلى