العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نقد الطالب لزغل المناصب، لابن طولون الصالحي.

أبو الحارث البقمي

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 أبريل 2009
المشاركات
102
التخصص
السياسة الشرعية والقضاء
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
تبع الدليل
نقد الطالب لزغل المناصب
تأليف: محمد بن طولون الصالحي الدمشقي(ت953هـ)
تحقيق: محمد أحمد دهمان وخالد محمد دهمان
مراجعة نزار أباظة
دار الفكر المعاصر – بيروت، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث - دبي
سنة 1992م، 211ص، 24سم.
يدخل الكتاب في باب الأحكام السلطانية والسياسات الشرعية ويختص بوظائف السلطان وأصحاب الولايات من الأمراء والوزراء والقضاة والقواد، فيذكر ما عليهم من واجبات وتبعات، ويشير إلى ما يدخل في أعمالهم من تقصير، وما يلتبسهم من أخطاء ينبههم على وجوب تداركها واجتنابها، متجاوزاً الاكتفاء بذلك إلى ذكره المهن التي شاعت في عصره فينقدها مع تسميته للكل، شريفة كانت أو وضيعة، بالمناصب، أما الزغل فهو الغش والفساد، وهو مجمل ما يدور موضوع الكتاب حوله، إذ يشير إلى ما يدخل على كل منصب من انحرافات وما يطلب من العاملين فيه من سلوكيات.
وتأتي قيمة الكتاب من عدة أمور؛ منها أنه كتاب عالم مؤرخ يصور جوانب الحياة في عصره، ويطلعك على أشياء جانبية منه والكتاب سجل للمهن والأعمال في زمنه، وقد انقرض الكثير منها اليوم، وهو كذلك يبرز الناحية الاجتماعية لعصره، ويصور حياتهم وعاداتهم وتصرفاتهم، وتبرز للكتاب مع التأمل غاية سامية، فهو دعوة صادقة للتمسك بالفضائل والأخلاق، وأخذ النفس بالورع والتقوى من خلال نصيحة كل صاحب مهنة عند عرضه لها، ولا ينسى ابن طولون إبراز مذهبه الفقهي الحنفي وصناعته الحديثية، واستعماله لبعض الكلمات غير العربية المستعملة في عصره، لنتعرف على طبيعة اللغة السائدة على الألسنة، فنرى سيطرة الفارسية والتركية، لاسيما في أسماء المهن الوافدة على العرب من جيرانهم.
ونقع عنده على قائمة طويلة من الكتب المهمة، يذكرها في أثناء الكتاب، ويسمي أصحابها، وينقل منها نصوصاً أو أفكاراً وموضوعات، وهذا ليس بمستغرب على مثله، فقد تولى الإشراف على عدد من خزائن الكتب في دمشق وصالحيتها، ولقد اقتفى في كتابه هذا أثر تاج الدين عبد الوهاب السبكي في كتابه: معيد النعم ومبيد النقم، فقد أعجب به كثيراً، يظهر ذلك من مقابلة نصوص الكتابين، فهو أحد مراجعه الأساسية، بل إنه يفتتح كتابه بقوله: الحمد لله معيد النعم، وكأنه يشير إليه، فيمكننا القول بأن العملين متكاملان أو أن الثاني تتمة للأول.
وابن طولون هو: أبو الفضل، شمس الدين، محمد بن علي بن أحمد بن علي بن خمارويه بن طولون الصالحي الدمشقي الحنفي، ولد بصالحية دمشق سنة 880هـ، في بيت تركي مستعرب، نشأ يتيماً، وبعد تعلمه مبادىء القراءة والحساب وحفظه القرآن في السابعة من عمره تابع علومه، ودرس المذهب الحنفي تأثراً بعمه جمال الدين يوسف، الذي شجعه في جميع خطواته، فاستوعب 38 علماً أساسياً وشهد له شيوخه وأجازه علماء كثيرون منهم شيخات، وعاش حياة بسيطة، وإلى جانب انغماسه في طلب العلم فإنه لم يتزوج طوال حياته، وسلك مسلك التصوف فانسحب ذلك على حياته العملية، فهو عالم عامل زاهد من خلال إنتاجه الغزير واستغراقه في التدريس، ومما يدل على عزوفه عن الدنيا رفضه تولّي مناصب تحمل له الشهرة والمال؛ كالقضاء والخطابة في الأموي مع تحمله غيرها. وتخَّرجَ الكثيرون به، وكثرت مؤلفاته فبلغت 750 مؤلفاً وبقي مثابراً على العلم حتى وفاته سنة 953هـ.
 
أعلى