العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد
أولا: تنبيه:
للإمام ابن دقيق العيد إملاء في أصول الفقه على كتاب المطرزي: «عنوان الوصول إلى علم الأصول»، وهو مشهور باسم شرح العنوان، وينقل عنه جماعة من العلماء([1])، والكتاب إلى الساعة لا يزال مفقودا، وقد صدر حديثا كتاب عنوانه: (عنوان الأصول في أصول الفقه لابن دقيق العيد ) تحقيق مصطفى محمود سليخ والدكتور عبد القادر دهمان، من إصدار دار الضياء الكويت، وهذا خطأ بلا شك، وهو في الحقيقة كتاب المطرزي
وسبب الوهم ما في المخطوط من نسبته خطأ إليه علما أن المفهرس قد احتاط لذلك فقال: لعله تأليف ابن دقيق العيد
وقد استشهد المحقق بما في كشف الظنون من ذكر مقدمة الكتاب ونسبة الكتاب إلى ابن دقيق العيد، وهذا خطأ آخر، فحاجي خليفة إنما كان يتحدث عن كتاب المطرزي: عنوان الوصول، ثم ذكر شرح ابن دقيق العيد، ثم أورد مقدمة العنوان، وهذا واضح لمن راجع سياق الكلام وترتيبه.
وسأفترض تنزلا أن هذا الكتاب هو الشرح فأين المتن؟ وهل يقع الشرح على صورة المتن؟!
ثم أين النقولات والتحقيقات عن ابن دقيق العيد التي ينقلها عنه كثيرا الزركشي في البحر المحيط؟
إننا لم نجدها فيه لأنه المتن للمطرزي وليس هو شرح ابن دقيق العيد.

ثانيا: النقولات من شرح العنوان:
ملاحظة: نقل جماعة من أهل العلم عن كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد، لكن عامة ذلك قد استوفاه الزركشي في البحر المحيط، وجميع المنقول هاهنا قد نص الناقل أنه من كتاب شرح العنوان.
ومجموع هذه النقولات ثمانية وعشرون نقلا:
نقل:
في إنكار النظام لحجية الإجماع.
ونقلان: في التكليف بالمحال، وهل يحتاج الإجزاء إلى دليل؟
ونقل: في تفاوت القياس والعام في غلبة الظن.
ونقل: اشتراط القطع في الأصل المقيس عليه إذا كنا متعبدين في ذلك الحكم بالقطع.
ونقل: في تخص العموم بالعادة القولية أو الفعلية.
ونقلان في الاجتهاد: هل يخلو العصر عن مجتهد؟ وهل كل مجتهد في الفروع مصيب؟
ونقلٌ: في عموم الفعل المثبت إذا كان له جهات.
وستة نقولات في دلالات الألفاظ:
- إذا ورد الخبر بمعنى الأمر فهل يترتب عليه ما يترتب على الأمر من الوجوب؟
- هل الأصل في الألف واللام: العهد أو الجنس أو الاستغراق؟
- هل يشمل خطاب المشافهة غير المخاطبين؟
- العام الذي أريد به الخصوص؛ هل هو مجاز؟
- القاعدة المعتبرة في التأويلات.
- إذا كان للمفهوم فائدة غير نفي الحكم فيما عدا المنطوق.
أربعة نقولات في الاصطلاح:
- التحرز في الاصطلاح إذا كان يوقع غلطا معنويا:
- متى يكون الاصطلاح حسنا؟
- الاصطلاحات في النص.
- تسمية الالتماس.
تسعة نقولات في علوم الحديث:
- التمثيل بسنن أبي داود كأصل يجمع أحاديث الأحكام:
- مراسيل سعيد بن المسيب.
- إبهام اسم الصحابي.
- اتفاق مذهب الشخص مع مذهب المعدِّل في الشرائط المعتبرة في التزكية.
- إذا نصب الشيخ نفسه للقراءة، وانتصب لها مختارا، وهو مستيقظ؛ فهل يشترط نطقه أو إشارته بالسماع لما يقرأ عليه؟
- صيغ التحديث والإخبار في الرواية.
- الرواية بالكتابة.
- الرواية بالإجازة.
- إذا لم يتذكر السماع ووجده بخطه أو بخط موثوق به.

المسألة (1): إنكار النظام لحجية الإجماع:
قال ابن دقيق العيد: نُقِل عن النظام إنكار حجية الإجماع، ورأيت أبا الحسين الخياط أنكر ذلك في نقضه لكتاب الراوندي، ونسبه إلى الكذب، إلا أن النقل مشهور عن النظام بذلك([2]).
المسألة (2) التكليف بالمحال:
قال ابن دقيق العيد: المختار امتناع التكليف بالمحال، والذي يمنعه المحال بنفسه، وإيمان أبي لهب ممكن في نفسه، مستحيل لتعلق العلم بعدمه، فلا يكون داخلا في ما منعناه([3]).
قال الزركشي: هذا كلامه، وغَلَّط مَنْ نُقِل عنه المنع مطلقا([4]).
المسألة (3): لا يحتاج الإجزاء إلى دليل:
قال الزركشي: إتيان المكلف بالمأمور به على المشروع موجب للإجزاء عند الجمهور خلافا لأبي هاشم والقاضي وعبد الجبار حيث قالا: الإجزاء يحتاج إلى دليل.
قال الأستاذ أبو منصور: وهو خلاف مردود بإجماع السلف على خلافه([5]).
من اعتنى به أيضا الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في «شرح العنوان»، فقال:
وتحرير الخلاف فيه: أن الاكتفاء بفعل المأمور به هل هو من مدلول الأمر ومقتضاه أو هو من مجموع فعل المأمور به وأن الأصل عدم وجوب الغير؟
وأما كونه إذا فعل المأمور به يبقى مطلوبا فما زاد: فلا يصار إليه أصلا؛ لأن الأمر انقطع تعلقه عما عدا المأمور به فلو بقي عليه شيء آخر من جهة الأمر لزم أن لا يكون منقطعا في تعلقه، وفيه جمع بين النقيضين، وهو محال([6]).
المسألة (4): إذا تفاوت القياس والعام في غلبة الظن رجح الأقوى([7]).
قال ابن دقيق العيد: إنه مذهب جيد؛ فإن العموم قد تضعف دلالته لبعد قرينته، فيكون الظن المستفاد من القياس الجلي راجحا على الظن المستفاد من العموم الذي وصفناه، وقد يكون الأمر بالعكس بأن يكون العموم قوي الرتبة، ويكون القياس قياس شبه.
والقاعدة الشرعية: أن العمل بأرجح الظنين واجب([8]).
المسألة (5): اشتراط القطع في الأصل المقيس عليه إذا كنا متعبدين في ذلك الحكم بالقطع:
اعتبر بعضهم أن من شروط الأصل المقيس عليه: أن لا نكون متعبدين في ذلك الحكم بالقطع، فإن تعبدنا بالقطع لم يجز القياس لأنه لا يفيد غير الظن فلا يحصل به العلم، لأن الفرع لا يكون أقوى من الأصل وحينئذ يتعذر القياس.
قال ابن دقيق العيد: لعل هذا الشرط مبني على أن دليل القياس ظني، وإلا إذا علمنا أنه قطعي وعلمنا العلة قطعا ووجودها في الفرع قطعا فقد علمنا الحكم قطعا.
ومن نظر لأن دليل الأصل وإن كان قطعيا، وعلمنا العلة ووجودها في الفرع قطعا فنفس الإلحاق، وإثبات مثل حكم الأصل للفرع ليس بقطعي([9]).
المسألة (6): هل العادة القولية أو الفعلية تخص العموم وتقيد المطلق؟([10]).
قال ابن دقيق العيد: هذه المسألة تحتاج إلى تحرير، لأنه قد أطلق القول بالخلاف فيها، وترجيح القول بالعموم فيها. والصواب أن يفصل بين عادة ترجع إلى الفعل، وعادة ترجع إلى القول؛ فما يرجع إلى الفعل يمكن أن يرجح فيه العموم على العادة، مثل أن يحرم بيع الطعام بالطعام، ويكون العادة بيع البر منه، فلا يخصص عموم اللفظ بهذه العادة الفعلية.
وأما ما يرجع إلى القول مثل أن يكون أهل العرف اعتادوا تخصيص اللفظ ببعض موارده اعتبارا بما سبق الذهن بسببه إلى ذلك الخاص، فإذا أطلق اللفظ العام فيقوى تنزيله على الخاص المعتاد، لأن الظاهر أنه إنما يدل باللفظ على ما شاع استعماله فيه، لأنه المتبادر إلى الذهن([11]).
والخلاصة: [أن] الصواب التفصيل بين العادة الراجعة إلى الفعل، والراجعة إلى القول، فيخصص بالثانية العموم لسبق الذهن عند الإطلاق إليه دون الأول([12]).
المسألة (7): هل يخلو العصر عن مجتهد؟
قال ابن دقيق العيد: المختار عدم خلو العصر عن مجتهد، لكن إلى الحد الذي تنتقض به القواعد بسبب زوال الدنيا في آخر الزمان([13]).
قال العرقي: يوافقه قوله في «شرح خطبة الإلمام»: والأرض لا تخلو من قائم لله بالحجة، والأمة الشريفة لا بد لها من سالك إلى الحق إلى أن يأتي أمر الله في أشراط الساعة الكبرى، وتتابع بعده ما لا يبقى معه إلا قدوم الأخرى([14]).
قال الزركشي: وله وجه حسن، وهو أن الخلو من مجتهد يلزم منه إجماع الأمة على الخطأ، وهو ترك الاجتهاد الذي هو فرض كفاية.
وقال والده العلامة مجد الدين في كتابه «تلقيح الأفهام»: عز المجتهد في هذه الأعصار، وليس ذلك لتعذر حصول آلة الاجتهاد، بل لإعراض الناس في اشتغالهم عن الطريق المفضية إلى ذلك...
وقال جده الإمام تقي الدين أبو العز المقترح: معترضا على قول إمام الحرمين: «لا يجوز انحطاط العلماء»: إن أراد المجتهدين فلا يصح، لأنه يجوز ذلك في العادة، وزماننا هذا قد يشغر منهم، وإن أراد به النقلة فهذا يتجه، فإن العادة لم تقض بانحطاطهم، والدواعي تتوفر على نقل الأحاديث ولفظ المذاهب ونقل القرآن، نعم، إن فترت الدواعي وقلت الهمم فيجوز شغور الزمان عنهم، ولم يوجد ذلك([15]).
المسألة (8): هل كل مجتهد في الفروع مصيب؟
قال ابن دقيق العيد: اختلفوا في كل مجتهد في الفروع مصيب أم لا، وهو بناء على أنه هل لله تعالى في الواقعة حكم معين أم لا؟
ولنقدم عليه مقدمة وهي أن لله تعالى حكمين:
أحدهما: مطلوب بالاجتهاد ونصب عليه الدلائل والأمارات، فإذا أصيب حصل أمران: أحدهما: أجر الإصابة، والآخر: أجر الاجتهاد.
والثاني: وجوب العمل بما أدى إليه الاجتهاد وهذا متفق عليه.
فمن ينظر إلى هذا الحكم الثاني ولم ينظر في الأول قال: إن حكم الله على كل أحد ما أدى إليه اجتهاده.
ومن نظر إلى الأول قال: المصيب واحد.
وكلا القولين: حق من وجه دون وجه.
أما أحدهما: فبالنظر إلى وجوب المصير إلى ما أدى إليه الاجتهاد.
وأما الآخر: فبالنظر إلى الحكم الذي في نفس الأمر المطلوب بالنظر.
واحتج القائلون بأن المصيب واحد:
- بقوله - عليه السلام -: «إذا اجتهد الحاكم وأصاب» لأنه صرح بالإصابة والخطأ، وهو يستلزم أمرا معينا.
- وقوله تعالى: {ففهمناها سليمان} [الأنبياء: 79].
وهذا القول: منسوب إلى الأئمة الأربعة خلا أحمد بن حنبل.
وقال المتكلمون: كل مجتهد مصيب.
قال: ونحن قد بينا غور المسألة، وهو أنه إن أريد الإصابة بالنسبة إلى الحكم على كل إنسان بما أدى إليه اجتهاده فهو حق.
وقد وافق الغزالي المتكلمين وقال: إن كان ثم تقصير فالخطأ واقع لتقصيره، لا لخطئه إصابة أمر معين، وإن لم يكن ثم تقصير فلا حكم في حقه ما لم يبلغه النص.
واستدل بمسألة تحويل القبلة: فإن أهل قباء بلغهم النص فأسرعوا في الصلاة ولم يثبت الحكم في حقهم إلا بعد العلم بدليل عدم بطلان الصلاة.
وكذلك المخابرة: فإن ابن عمر كان يخابر ولا يرى بذلك بأسا حتى بلغه خبر رافع بن خديج بالنهي عنها([16]).
المسألة (9): عموم الفعل المثبت إذا كان له جهات:
قال الزركشي: الفعل المثبت إذا كان له جهات ليس بعام في أقسامه، لأنه يقع على صفة واحدة، فإن عرف تعين إلا إذا كان مجملا يتوقف فيه حتى يعرف، نحو قول الراوي: «صلى بعد غيبوبة الشفق»، فلا يحمل على الأحمر والأبيض، وكذلك: «صلى في الكعبة»، لا يعم الفرض والنفل، وكذلك «قضى بالشفعة للجار» ونحوه لجواز قضائه لجار كان بصفة يختص بها، هكذا قاله القاضي أبو بكر، والقفال الشاشي، والأستاذ أبو منصور، والشيخ أبو إسحاق في " اللمع" وسليم الرازي في " التقريب "، وابن السمعاني في " القواطع " وإمام الحرمين، وابن القشيري، والإمام فخر الدين.
أطلق ابن الحاجب: أن الفعل المثبت ليس بعام في أقسامه، ثم اختار في نحو قوله: «نهى عن بيع الغرر» ، «وقضى بالشفعة للجار» أنه يعم الغرر والجار مطلقا([17]).
قال ابن دقيق العيد: اختار بعض الفضلاء ([18]) عموم نحو «قضى بالشفعة للجار» بناء على عدالة الصحابي، ومعرفته باللغة، ومواقع اللفظ، مع وجوب أن تكون الرواية على وفق السماع من غير زيادة ولا نقصان، ومنهم من قال: لا يعم، لأن الحجة في المحكي، ولا عموم في المحكي([19]).
وهذا لا بد فيه من تفصيل: وهو أن المحكي فعلا لو شوهد لم يجز حمله على العموم، فلذلك وجه، وإن كان فعلا لو حكي لكان دالا على العموم، فعبارة الصحابي عنه يجب أن تكون مطابقة للمقول لما تقدم من معرفته وعدالته، ووجوب مطابقة الرواية المعنى المسموع([20]).
· دلالات الألفاظ:
المسألة (10): إذا ورد الخبر بمعنى الأمر فهل يترتب عليه ما يترتب على الأمر من الوجوب؟
قال الزركشي: هاهنا بحث دقيق أشار إليه ابن دقيق العيد في شرح العنوان، وهو أنه إذا ورد الخبر بمعنى الأمر؛ فهل يترتب عليه ما يترتب على الأمر من الوجوب إذا قلنا الأمر للوجوب أو يكون ذلك مخصوصا بالصيغة المعنية وهي صيغة افعل ولم يرجح شيئا؟
وهذا البحث قد دار بين الشيخين ابن تيمية وابن الزملكاني في مسألة الزيارة:
فادعى ابن تيمية: أنه لا فرق وجعل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث» في معنى النهي، والنهي للتحريم كما أن الأمر للوجوب.
ونازعه ابن الزملكاني وقال: هذا محمول على الأمر بصيغة افعل، وعلى النهي بصيغة لا تفعل إذ هو الذي يصح دعوى الحقيقة فيه.
وأما ما كان موضوعا حقيقة لغير الأمر والنهي ويفيد معنى أحدهما: كالخبر بمعنى الأمر والنفي بمعنى النهي فلا يدعى فيه أنه حقيقة في وجوب ولا تحريم لأنه يستعمل في غير موضعه إذا أريد به الأمر أو النهي فدعوى كونه حقيقة في إيجاب أو تحريم وهو موضوع لغيرهما مكابرة.
قال: وهذا موضع يغلط كثير من الفقهاء ويغترون بإطلاق الأصوليين، ويدخلون فيه كل ما أفاد نهيا أو أمرا، والمحقق الفاهم يعرف المراد ويضع كل شيء في موضعه([21]).
المسألة (11): هل الأصل في الألف واللام: العهد أو الجنس أو الاستغراق؟
قال ابن دقيق العيد: عندنا أن هذا مختلف باختلاف السياق ومقصود الكلام، ويعرف ذلك بقرائن ودلائل منه([22]).
قال الزركشي: أصل الخلاف:
- أن الألف واللام للعموم عند عدم العهد.
- وليست للعموم عند قرينة العهد.
لكن هل الأصل فيها: العموم حتى يقوم دليل على خلافه؟
أو الأصل: أنها موضوعة للعهد حتى يقوم دليل على عدم إرادته فيه؟
وكلام الأصوليين فيه مضطرب: ومن أخذ بظواهر عباراتهم حكى في ذلك قولين...
ويظهر أثر هذا الخلاف: فيما إذا لم تقم قرينة على إرادة عهد، في أن العهد مراد أم لا، هل يحمل على العموم أم لا؟([23]).
المسألة (12): هل يشمل خطاب المشافهة غير المخاطبين؟
قال ابن دقيق العيد: الخلاف في أن خطاب المشافهة هل يشمل غير المخاطبين قليل الفائدة، ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق؛ لأنه إما أن ينظر إلى مدلول اللفظ لغة، ولا شك أنه لا يتناول غير المخاطب، وإما أن يقال إن الحكم يقتصر على غير المخاطب إلا أن يدل دليل على العموم في تلك المسألة بعينها، وهذا باطل لما علم قطعا من الشريعة أن الأحكام عامة إلا حيث يرد التخصيص([24]).
المسألة (13): العام الذي أريد به الخصوص؛ هل هو مجاز؟
قال ابن دقيق العيد في «شرح العنوان»: القول بأنه مجاز صحيح في العموم الذي أريد به بعض ما تناوله عند الإطلاق، أما ما وقع التخصيص فيه بعد إرادة العموم به إن صح أنه تخصيص لا نسخ يقوى هذا فيه([25]).
وقال «شرح الإلمام» في الفرق بينهما: يجب أن يتنبه للفرق بين قولنا: هذا عام أريد به الخصوص، وبين قولنا: هذا عام مخصوص، فإن الثاني أعم من الأول.
ألا ترى: أن المتكلم إذا أراد باللفظ أولا ما دل عليه ظاهر العموم، ثم أخرج بعد ذلك بعض ما دل عليه اللفظ كان عاما مخصوصا، ولم يكن عاما أريد به الخصوص، ثم يقال: إنه منسوخ بالنسبة إلى البعض الذي أخرج، وهذا متوجه إذا قصد العموم، وفرق بينه وبين أن لا يقصد الخصوص بخلاف ما إذا نطق باللفظ العام مريدا به بعض ما يتناوله في هذا.
وفرق الحنابلة من المتأخرين بينهما بوجهين آخرين:
أحدهما: أن المتكلم إذا أطلق اللفظ العام، فإن أراد به بعضا معينا فهو العام الذي أريد به الخصوص، وإن أراد سلب الحكم عن بعض منه فهو العام المخصوص، مثاله قوله: قام الناس، فإذا أردت إثبات القيام لزيد مثلا لا غير فهو عام أريد به الخصوص، وإن أردت سلب القيام عن زيد فهو عام مخصوص.
والثاني: أن العام الذي أريد به الخصوص إنما يحتاج لدليل معنوي يمنع إرادة الجميع، فيتعين له البعض، والعام المخصوص يحتاج إلى تخصيص اللفظ غالبا كالشرط والاستثناء، والغاية والمتصل، نحو: قام القوم، ثم يقول: ما قام زيد.
وفرق بعض المتأخرين: بأن العام الذي أريد به الخصوص هو أن يطلق العام ويراد به بعض ما يتناوله: هو مجاز قطعا، لأنه استعمال اللفظ في بعض مدلوله، وبعض الشيء غيره. قال: وشرط الإرادة في هذا أن تكون مقارنة لأول اللفظ، ولا يكفي طروؤها في أثنائه، لأن المقصود منها نقل اللفظ عن معناه إلى غيره، واستعمله في غير موضوعه، وليست الإرادة فيه إخراجا لبعض المدلول، بل إرادة استعمال اللفظ في شيء آخر غير موضوعه، كما يراد باللفظ مجازه.
وأما العام المخصوص: فهو العام الذي أريد به معناه مخرجا منه بعض أفراده بالإرادة، إرادة للإخراج لا إرادة للاستعمال. فهي تشبه الاستثناء، فلا يشترط مقارنتها لأول اللفظ، ولا تأخيرها عنه، بل يكفي كونها في أثنائه، كالمشيئة في الطلاق.
وهذا هو موضوع خلافهم: في أن العام المخصوص مجاز أو حقيقة.
ومنشأ التردد: أن إرادة إخراج بعض المدلول هل تصير اللفظ مرادا به الباقي أو لا؟ وهو يقوي كونه حقيقة لكن الجمهور على المجاز، والنية فيه مؤثرة في نقل اللفظ عن معناه إلى غيره. ومن هنا يعرف: أن عد ابن الحاجب البدل في المخصصات ليس بجيد، لأن الأولى في قولنا: (أكلت الرغيف ثلثه) أنه من العام المراد به الخصوص، لا العام المخصوص.
قال علي بن عيسى النحوي في كتاب «العرض والآلة»: إذا أتى بصورة العموم والمراد به الخصوص، فهو مجاز إلا في بعض المواضع إذا صار الأظهر الخصوص، كقولهم: غسلت ثيابي، وصرمت نخلي، وجاءت بنو تميم، وجاءت الأزد([26]).
المسألة (14): القاعدة المعتبرة في التأويلات:
قال ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام»:
اعلم أن التأويل: صرف اللفظ عن ظاهره، وكان الأصل حمله على ظاهره، فالواجب أن يعضد التأويل بدليل من خارج، لئلا يكون تركا للظاهر من غير معارض.
وقد جعلوا الضابط فيه: مقابلة الظاهر بالتأويل وعاضده، وتقديم الأرجح في الظن، فإن استويا فقد قيل بالوقف.
وإن كان ما يدعي تأويلا: لا ينقدح احتماله فهو باطل.
واعلم: أن تقديم أرجح الظنين عند التقابل هو الصواب، غير أنا نراهم إذا انصرفوا إلى النظر في الجزئيات يخرج بعضهم عن هذا القانون.
ومن أسباب ذلك: اشتباه الميل الحاصل بسبب الأدلة الشرعية بالميل الحاصل من الإلف والعادة والعصبية، فإن هذه الأمور تحدث للنفس هيئة وملكة تقتضي الرجحان في النفس بجانبها، بحيث لا يشعر الناظر بذلك، ويتوهم أنه رجحان الدليل، وهذا محل خوف شديد وخطر عظيم يجب على المتقي الله أن يصرف نظره إليه ويقف فكره عليه، والله أعلم([27]).
وقال في «شرح العنوان»: يجب إجراء اللفظ على ظاهره دون مآله إلا بدليل يدل على الخلاف الظاهر.
وشرطه: أن يكون الظن المستفاد من ذلك الدليل على التأويل المرجوح أقوى من الظاهر، وهو تصرف حسن لو مشى عليه في آحاد المسائل حيث يقع المتصرف فيها، لأن القاعدة أن العمل بأقوى الظنين واجب، وكلما كان أبعد احتاج إلى دليل أقوى لما ذكرنا.
واستثنى منه: الظواهر المقتضية لخلاف ما دل القواطع العقلية عليه.
وقيل: لا فرق بين البعيد من التأويل والقريب وهو راجع إلى ترجيح الأقوى، لأن القاطع لا يمكن صرفه عن مدلوله، بخلاف الظاهر.
وكلام صاحب «المقترح» من الجدليين: مصرح بأن دليل التأويل يصح أن يكون مساويا، وهو مخالف لكلام الجمهور، وحمله بعض شارحيه على أن دليل التأويل إن كان راجحا، تعين المصير إليه، وإن كان مساويا كان ذلك معارضة. وكلاهما يزيف كلام المستدل، ويمنعه من العمل بدليله. قال: وعلى هذا فيوافق كلام الأصوليين، ورجع الخلاف إلى اللفظ([28]).
المسألة (15): إذا كان للمفهوم فائدة غير نفي الحكم فيما عدا المنطوق:
قال الشافعي: تعارض الفوائد في المفهوم، كتعارض الاحتمالات في المنطوق يكسبه نعت الإجمال، فكذلك تعارض الاحتمالات في المنطوق يكسبه نعت الإجمال، ولا يمكن أن يقال: إنه قصد بهذا التخصيص المغايرة دون اعتبار الفائدة الأخرى.
وقال الزركشي: إذا لاح للتخصيص فائدة غير نفي الحكم فيما عدا المنطوق تطرق الاحتمال إلى المنطوق، فصار مجملا كاللفظ المجمل.
قال ابن دقيق العيد في «شرح العنوان»: السبب فيه أن القول بالمفهوم منشؤه طلب الفائدة في التخصيص، وكونه لا فائدة إلا المخالفة في الحكم، أو تكون تلك الفائدة أرجح الفوائد المحتملة، فإذا وجد سبب يحتمل أن يكون سبب التخصيص بالذكر غير المخالفة في الحكم وكان ذلك الاحتمال ظاهرا، ضعف الاستدلال بتخصيص الحكم بالذكر على المخالفة، لوجود المزاحم الراجح بالعادة، فبقي على الأصل.
قال: وهذا أحسن، إلا أنه يشكل على مذهب الشافعي في قوله: «في سائمة الغنم الزكاة»، فإنه قال فيه بالمفهوم، وأسقط الزكاة عن المعلوفة، مع أن الغالب والعادة السوم، فمقتضى هذه القاعدة أن لا يكون لهذا التخصيص مفهوم.
قال الزركشي: قد ذكر القفال الشاشي في كتابه هذا السؤال، وأجاب عنه بما حاصله: أن اشتراط السوم لم يقل به الشافعي من جهة المفهوم، بل من جهة أن قاعدة الشرع العفو عن الزكاة فيما أعد للقنية، ولم يتصرف فيه للتنمية، وإنما أوجب في الأموال النامية، هذا أصل ما تجب فيه الزكاة، فعلم بذلك أن السوم شرط، لكن القفال قصد بذلك نفي القول بالمفهوم مطلقا، وقد سبق رده، على أن كلام الشافعي في " الأم " يخالف ذلك. فإنه قال في كتاب الزكاة: وإذا قيل: في سائمة الغنم كذا، فيشبه - والله أعلم - أن لا يكون في الغنم غير السائمة شيء، لأنه كلما قيل في شيء بصفة، والشيء يجمع صفتين، يؤخذ حقه كذا، ففيه دليل على أنه لا يؤخذ من غير تلك الصفة من صفتيه.
قال الشافعي: فلهذا قلنا: لا نأخذ من الغنم غير السائمة صدقة الغنم، وإذا كان هذا في الغنم، فهكذا في الإبل والبقر، لأنها الماشية التي تجب فيها الصدقة دون ما سواها
قال الزركشي: فلم يجعل الشافعي الغلبة إلا لذكر الغنم حتى ألحق بها الإبل والبقر، ولم يجعل السوم غالبا([29]).
· أربعة نقولات في الاصطلاح:
المسألة (16): التحرز في الاصطلاح إذا كان يوقع غلطا معنويا:
قال ابن دقيق العيد: إن كان ما قاله([30]) راجعا إلى مجرد الاصطلاح فالأمر فيه قريب إلا أنه يجب في مثله التحرز عن استعمال اللفظ بالنسبة إلى المعنى عن اختلاط الاصطلاحين فإنه يوقع غلطا معنويا([31]).
المسألة (17): متى يكون الاصطلاح حسنا؟
المصطلح على شيء يحتاج إلى أمرين إذا أراد أن يكون اصطلاحه حسنا:
أحدهما: أن لا يخالف الوضع العام لغة أو عرفا.
الثاني: أنه إذا فرق بين متقارنين يبدي مناسبة للفظ كل واحد منهما بالنسبة إلى معناه، وإلا كان تخصيصه لأحد المعنيين بعينه بذلك اللفظ بعينه ليس أولى من العكس.
وهذا الموضع الذي فعلته الحنفية من هذا القبيل: لأنهم خصوا الفرض بالمعلوم قطعا من حيث إن الواجب هو الساقط، وهذا ليس فيه مناسبة ظاهرة بالنسبة إلى كل لفظة مع معناها الذي ذكروه، ولو عكسوا الأمر لما امتنع فالاصطلاح عليه ليس بذلك الحسن([32]).
المسألة (18): الاصطلاحات في النص:
قال تقي الدين السبكي: جمع الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رضي الله عنه في شرح العنوان الاصطلاحات في النص فقال هي ثلاث:
أحدها: ألا يحتمل اللفظ إلا معنى واحدا.
الثاني: اصطلاح الفقهاء وهو اللفظ الذي دلالته قوية الظهور.
قال السبكي: وهو الذي مشى عليه الإمام والمصنف في كتاب القياس كما سينتهي الشرح إليه إن شاء الله تعالى.
الثالث: اصطلاح الجدليين فإن كثيرا من متأخريهم يريدون بالنص مجرد لفظ الكتاب والسنة، وقد احترز في الكتاب بقوله المتحدة المعنى عن العين والقرء فإنها متباينة مع أنها ليست بنصوص لأن كل لفظ منها مشترك بين معان وكذلك المترادفة الألفاظ قد تكون مشتركة كلفظة العين والناظر([33]).
المسألة (19): تسمية الالتماس:
قال ابن دقيق العيد: تسمية التساوي بالالتماس اصطلاح خاص([34]).


· تسعة نقولات في علوم الحديث:
المسألة (20): التمثيل بسنن أبي داود كأصل يجمع أحاديث الأحكام:
قال الغزالي وجماعة من الأصوليين: يكفيه أن يكون عنده أصل يجمع أحاديث الأحكام، كسنن أبي داود، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي، أو أصل وقعت العناية فيه بجمع أحاديث الأحكام ويكتفي فيه بمواقع كل باب فيراجعه وقت الحاجة، وتبعه على ذلك الرافعي.
ونازعه النووي وقال: لا يصح التمثيل بسنن أبي داود فإنه لم يستوعب الصحيح من أحاديث الأحكام ولا معظمها، وكم في صحيح البخاري ومسلم من حديث حكمي ليس في سنن أبي داود؟
قال الزركشي: وكذا قال ابن دقيق العيد في «شرح العنوان»: التمثيل بسنن أبي داود ليس بجيد عندنا لوجهين:
أحدهما: أنه لا يحوي السنن المحتاج إليها.
والثاني: أن في بعضه ما لا يحتج به في الأحكام([35]).
المسألة (21): مراسيل سعيد بن المسيب:
قال ابن حزم: ادعى بعضهم أن الحسن البصري كان إذا حدثه بالحديث أربعة من الصحابة أرسله قال: فهو أقوى من المسند، ومنها دعواه أن من مراسيل سعيد ما لم يوجد مسندا بحال.
وقال ابن دقيق العيد في «شرح العنوان»: هذا التتبع لم تظهر صحته لوجدان غير حديث مرسل من رواية سعيد لم يوجد من جهة غيره كما تتبعه الحفاظ وإن وجد فمن وجه لا يصح.
وقال أيضا: ذلك الوجه الآخر إما أن يكون معتمدا أولا فإن كان معتمدا فهو الحجة وإلا فلا أثر له([36]).
المسألة (22): إبهام اسم الصحابي:
قال ابن دقيق العيد: من هذا القبيل أن يقول التابعي: حدثني رجل من الصحابة، أو قوم من الصحابة، فهذا من وجه إبهام اسمه كالمرسل إذ لا فرق بين ذكره وعدم ذكره.
قال: ومن دقيق هذا أن يقول الراوي: حدثني من سمع فلانا؛ فهل يكون ذلك تعديلا لجزمه بأنه سمع ؛ إذ لا يجزم بذلك حتى يكون عدلا عنده أو يكون منقطعا لإبهامه ؟ فيه نظر([37]).
المسألة (23): إذا لم يتذكر السماع ووجده بخطه أو بخط موثوق به:
قال ابن دقيق العيد: إذا لم يتذكر سماعه، بل وجده بخطه أو بخط شيخه، أو خط موثوق به، فهل تجوز الرواية به؟
ثم نقل عن جماعة من أئمة الحديث المنع، ثم قال: والذي استقر عليه عمل المحدثين جواز ذلك إذا لم يظهر قرينة التغيير، لكن الضرورة دعت إلى ذلك بسبب انتشار الأحاديث والرواية انتشارا يتعذر معه الحفظ لكله عادة، واللازم أحد أمرين:
- إما أن يعتمد على الظن كما ذكرناه.
- وإما أن يبطل حمله من السنة، أو أكثرها.
والثاني: باطل؛ لأنه أعظم مفسدة من البناء على الظن، فوجب دفعه درءا لأعظم المفسدتين.
ثم منهم: من يتحرى بزيادة شرط آخر، وهو أن لا يخرج الكتاب عن يده بعارية أو غيرها، وهو احتياط حسن، وكان المتقدمون إذا كتبوا أحاديث الإجازة إلى غائب عنهم يختمونه بالخاتم، إما كلهم أو بعضهم([38]).

المسألة (24): إذا نصب الشيخ نفسه للقراءة، وانتصب لها مختارا، وهو مستيقظ؛ فهل يشترط نطقه أو إشارته بالسماع لما يقرأ عليه؟
قال ابن دقيق العيد في اشتراط النطق: قطع به جماعات من أصحاب الشافعي، وهو اللائق بمذهبه لتردد السكوت بين الإخبار وعدمه، وقد قال الشافعي: لا ينسب إلى الساكت قول. قال: وهذا هو الصواب.
وقد يجوز ذلك: اعتمادا على القرائن، وظاهر الحال. قال: وهذا أليق بمذهب مالك، ونقل أنه نص عليه أو على ما يقتضيه([39]).
المسألة (25): صيغ التحديث والإخبار في الرواية:
قال الشافعي: إذا قرأت على العالم، فقل: أخبرنا، وإذا قرأ عليك، فقل: حدثنا.
قال الزركشي: ولهذا قال الشيخ أبو إسحاق: إنه المذهب فيما إذا قرأ الشيخ نطقا؛ لأن الإخبار يستعمل في كل ما يتضمن الإعلام، والتحديث لا يستعمل إلا فيما سمع من فيه.
قال: ابن دقيق العيد: وهو اصطلاح المحدثين في الآخر والاحتجاج له ليس بأمر لغوي، وإنما هو اصطلاح منهم أرادوا به التمييز بين النوعين([40]).
المسألة (26): الرواية بالكتابة:
جوز الإمام فخر الدين الرازي قوله: أخبرني مجردا عن قوله كتابة لصدق ذلك لغة.
وجرى عليه ابن دقيق العيد في «شرح العنوان»، قال: وأما تقييده بكتابة فينبغي أن يكون هذا أدبا؛ لأن القول إذا كان مطابقا جاز إطلاقه، ولكن العمل مستمر على ذلك عند الأكثرين فهي بين كونه كتابة وإجازة([41]).
المسألة (27): الرواية بالإجازة:
قال ابن دقيق العيد: الحق في ذلك أن يعتبر لفظ الرواية بالإجازة، وينظر مطابقته لنفس الأمر بحسب مقتضى الوضع، فإن كان الوضع لا يمنعه جاز، وإلا فلا، فقوله: حدثنا بعيد جدا، ويليه قوله: أخبرنا، وأجود العبارات في الإجازة أن يقال: أجاز لنا فلان، أو كتب إلينا، إن كان كتابة؛ لأنه إخبار صحيح([42]).
المسألة (28): اتفاق مذهب الشخص مع مذهب المعدِّل في الشرائط المعتبرة في التزكية:
قال ابن دقيق العيد: ينبغي أن يشترط في هذا عند التعديل بين يدي الحاكم شرط آخر، وهو اتفاق مذهبه مع مذهب المعدل في الشرائط المعتبرة في التزكية، وإلا فمن يعتقد أن المسلم على العدالة، ويكتفي بظاهر الحال، فقد يزكي من لا يقبله من يخالفه في هذا المذهب، وكذا إذا ظهر في مزكي الرواة أن هذا مذهب لذلك المزكي، فلا ينبغي أن يكتفي به من يخالفه في هذا المذهب([43]).


([1])«طبقات الشافعية الكبرى» (9/212)، «طبقات الشافعية» لابن قاضى شهبة (2/231)، وقد نقل عنه الزركشي في البحر المحيط في مواضع متعددة.

([2]) البحر المحيط في أصول الفقه (6/ 385).

([3]) البحر المحيط في أصول الفقه (2/ 112)، الإبهاج في شرح المنهاج (1/ 171)، التحبير شرح التحرير (3/ 1136).

([4]) المنع مطلقا، هو المنقول عن المعتزلة لأصلهم، فهم من نفاة القدر، والجواز مطلقا هو قول الأشعري، لأصلهم في الجبر، والقول الثالث هو التفصيل بين أن يكون ممتنعا لذاته فلا يجوز، أو لغيره فيجوز، ونقل عن معتزلة بغداد واختاره الآمدي وابن دقيق العيد. البحر المحيط في أصول الفقه (2/ 112).

([5]) البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 338).

([6]) البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 338)، الإبهاج في شرح المنهاج (1/ 188).

([7]) قال الزركشي: (إن تفاوت القياس والعام في غلبة الظن رجح الأقوى، فيرجع العام بظهور قصد التعميم فيه، ويكون القياس العارض له قياس شبه ويرجح القياس بالعكس من ذلك، فإن تعادلا فالوقف.
وهو مذهب: الغزالي، واختاره المطرزي في العنوان، واعترف الإمام الرازي في أثناء المسألة بأنه حق، وكذا قال الأصفهاني شارح المحصول وابن الأنباري وابن التلمساني، واستحسنه القرافي والقرطبي، وقال: لقد أحسن في هذا الاختيار أبو حامد فكم له عليه من شاكر وحامد) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 493).
وفي المسألة رأيان آخران:
ففريق قالوا: إن الأرجح العموم فلا يخص بالقياس.
وقوم قالوا: الأرجح القياس فيخص العموم. البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 493).

([8]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 494).

([9]) البحر المحيط (7/ 118)، إرشاد الفحول (2/ 108).

([10]) ينظر الخلاف في المسألة: التحبير شرح التحرير (6/ 2694).

([11]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 524، 525).

([12]) التحبير شرح التحرير (6/ 2699).

([13]) التحبير شرح التحرير (8/ 4064)، البحر المحيط في أصول الفقه (8/ 241).

([14]) التحبير شرح التحرير (8/ 4064).

([15]) البحر المحيط في أصول الفقه (8/ 241)، جلاء العينين في محاكمة الأحمدين (ص: 194).

([16]) البحر المحيط في أصول الفقه (8/304، 305).

([17]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 230).

([18]) قال الزركشي: (كأنه يريد ابن الحاجب) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 230).

([19]) قال الزركشي: نقله الآمدي عن الأكثرين، وسبق ما يؤيده، وصححه في " المحصول ". البحر المحيط (4/ 230).

([20]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 230).

([21]) البحر المحيط (3/ 294).

([22]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 120).

([23]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 120).

([24]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 252).

([25]) البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 355).

([26]) البحر المحيط (4/ 337، 338).

([27]) شرح الإلمام (2/403، 420، 421).

([28]) البحر المحيط في أصول الفقه (5/ 38).

([29]) البحر المحيط في أصول الفقه (5/ 142).

([30]) يعني قول أبي حامد الشافعي في جوابه عن تفريق الحنفية بين الفرض والواجب: لو عكسوا القول لكان أولى؛ لأن لفظ الوجوب لا يحتمل غيره بخلاف الفرض، فإنه يحتمل معنى التقدير، والتقدير قد يكون في المندوب.، فإن أرادوا إلزام غيرهم بهذا الاصطلاح لموافقة الأوضاع اللغوية فممنوع لما بينا، وإن قصدوا اصطلاحهم عليه فلا مشاحة في الاصطلاح، ولا ينكر انقسام الواجب إلى مقطوع به ومظنون فيه. البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 241).

([31]) البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 242).

([32]) البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 242).

([33]) الإبهاج في شرح المنهاج (1/ 215).

([34]) الإبهاج في شرح المنهاج (1/ 218).

([35]) البحر المحيط في أصول الفقه (8/ 232)، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2/207).

([36]) النكت على مقدمة ابن الصلاح (1/487).

([37]) النكت على مقدمة ابن الصلاح (1 / 509).

([38]) البحر المحيط (6/ 317)، النكت على مقدمة ابن الصلاح (3 / 605، 606).

([39]) البحر المحيط (6/ 318)، المنثور في القواعد الفقهية (2/ 208).

([40]) البحر المحيط في أصول الفقه (6/ 320).

([41]) البحر المحيط في أصول الفقه (6/ 322).

([42]) البحر المحيط في أصول الفقه (6/ 332).

([43]) البحر المحيط (6/ 182).


002.JPG
عنوان الأصول في أصول الفقه.jpg

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
24 مارس 2010
المشاركات
24
التخصص
فقه مقارن واقتصاد إسلامي
المدينة
العاصمة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد

نعم . جزاك الله خيرًا يا دكتور فؤاد ..
كلامٌ صحيح في محله ..
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد

أحسن الله إليكم على هذا التنبيه
والعتب كل العتب على المحققين، والكارثة أن يكونا يعلمان ذلك ولكنهما أوهما أنه شرح ابن دقيق العيد لغرض الكسب.
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة...... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
 
إنضم
13 مايو 2012
المشاركات
65
الإقامة
egypt (aswan) nearly
الجنس
ذكر
الكنية
أبو العباس
التخصص
أصول الفقه - المذهب المالكي
الدولة
مصر
المدينة
أسوان - مصر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد

سمعت أن دار الضياء أعادت طبع الكتاب بالاسم الصحيح منسوبا الى المطرزي، فهل اعتمد المحققان نسخا تامة كاملة للكتاب؟
 
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
18
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نقولات من كتاب شرح العنوان لابن دقيق العيد

سمعت أن دار الضياء أعادت طبع الكتاب بالاسم الصحيح منسوبا الى المطرزي، فهل اعتمد المحققان نسخا تامة كاملة للكتاب؟
جزاكم الله خيراً على ما تفضلتم به
وشكر لكم حرصكم على العلم والحق


أنا مصطفى محمود سليخ أحد محققي الكتاب


بداية أقول الكتاب يعاد طبعه منسوباً لمؤلفه المطرزي


وفي الواقع كلام أخينا عبد الرحمن الفقيه كلام طيب وصحيح ، ونحن في البداية لم نعثر إلا على النسخة الأولى ذات العشر ورقات وهي ناقصة ، ونسبنا الكتاب إلى ابن دقيق العيد بناء على كلام حاجي خليفة وبعض الأصوليين ممن نقل عن الكتاب ، ثم اطلعنا على النسخة الأخرى وهي كاملة ومنسوبة للمطرزي وأعدنا البحث فيما كتبنا وتوثقنا جيداً من نسبة الكتاب إلى المطرزي، ولكن كان قد سبق السيف العذل ، وطبع الكتاب . فقررنا إيقاف النشر بالاتفاق مع دار الضياء وإعادة طباعته منسوباً لمؤلفه ، وأودعنا ذلك في مقدمة الطبعة الجديدة مع الاعتذار عن الطبعة الموجودة في الأسواق.


شكر الله لكم حرصكم
ونحن إذ نعتذر عن خطئنا البشري غير المتعمد نرجو الله أن يوفقنا ويوفقكم لما فيه الحق بإذنه.


أخوكم مصطفى محمود سليخ
وجزى الله أخانا عبد الرحمن خيرا
 
أعلى