رد: هل من الصواب اعتبار أن المعتمد فى المذهب هو فقط مافى كتاب الأم لقوة النسبة للامام ؟
فأكثرها مخالف لما كان عليه الأئمة الأوائل
هذا خطأ ، فإن صاحب هذه المشاركة تصور أن للمتقدمين آراء فقهية والمتأخرين يخالفونها في ترجيحاتهم ، وهذا ليس بصحيح .. فإن المتأخرين لا يتكلمون في المسائل التي تكلم فيها المتقدمون بما يخالفها ؛ لأنهم مقرون على أنفسهم بالتقليد ، وأن الذي يُثْبَتُ في المذهب هو هو قول إمامه وقول المجتهدين في المذهب من أصحاب الوجوه فقط.
وكلامهم إما ترجيح بين أقوال المتقدمين ، فهو انتقال من قول متقدم إلى قول متقدم آخر.
أو هو الكلام في حوادث ووقائع لليس للمتقدمين فيها كلام أصلاً ، وذلك بالبناء على قواعد المذهب . وسواءً أخطؤوا في ذلك أو أصابوا ، فهي مسائل لم يتكلم في المتقدم أصلاً حتى يُفْرَضَ فيها خلاف بين الفريقين.
وأحذر بشكل خاصة من ترجيحات الهيتمي والرملي (رغم شهرتهما) لأنها على ضعفها كثيرا ما تخلو من دليل (وبخاصة فتاوى الرملي). والصواب هو العودة لكتب الشافعي نفسه، فنسبتها أقوى للإمام!
قد قدمنا أن كلام المتأخرين إنما هو حيث لم يكن للمتقدم كلام ، وهو يشمل الإمام الشافعي نفسه رحمه الله.
لكن ربما خالفوا بعض المنقول عن الشافعي أو أصحاب الوجوه ، إلا أنه خلاف من نقل إلى آخر ، غايته أن النقل الآخر قد يكون أخفى بالنسبة لكثير من المتأخرين ، فيظن الناظر للوهلة الأولى أن المتأخر خالف المتقدم.
وربما كان هناك نقل عن المتقدم كالشافعي لكنه ليس بصريح ، فيختار بعض المتأخرين محملاً يحمل عليه كلام المتقدم ، ويخالفه بعضهم في ذلك الحمل.
وأستحضر هنا من أمثلة هذا الأخير كلام الشافعي رحمه الله في وليمة العرس هل هي واجبة أم لا؟
فنقل بعضهم عن الشافعي قوله في (الأم) و(المختصر) : "وَلَا أُرَخِّصُ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهَا وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَبْنِ لِي أَنَّهُ عَاصٍ فِي تَرْكِهَا كَمَا يَبِينُ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ".
فنظر بعضهم إلى قوله الأول "ولا أرخص لأحد في تركها" فجعل مذهب الشافعي الوجوب.
ونظر آخرون إلى قوله : "ولو تركها لم يبن لي أنه عاصٍ" وقال مذهبه الاستحباب.
فربما يأتي من لم يتعانَ من العلم إلى تصفح الكتب ويقول : الراجح أن مذهب الشافعي هو الوجوب. ويحتج بالحديث (أولم ولو بشاة).
وهذا خطأ ، فإن الحديث ـ على فرض دلالته على الوجوب ـ لا يعطينا اختيار الشافعي بل حكم المسألة في نفس الأمر ، أما مذهب الشافعي فيؤخذ من كلامه هو وقواعده.
لكن الإشكال عندي في مسألة المعتمد ، فإن المفهوم الذي وصل إليه المعتمد اليوم لا يظهر له مستند في ظني أصلاً ، فقصره على الإمامين ابن حجر والرملي مشكل في نظري غاية الإشكال ، وقد أشبع الكلام فيها الشيخ الفاضل محمد عمر الكاف في رسالته في (المعتمد) وبقوله في الجملة أقول.
ومع ذلك في نفسي من قصر المعتمد على مدرسة الشيخ زكريا الأنصاري .
والله أعلم