العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
جاء في ترجمة الإمام إسماعيل إبن إبراهيم المزني أنه رأى شيخه الإمام الشافعي في المنام فسأله كيف فعل الله بك ؟؟
فقال الإمام الشافعي : غفر لي وأمرني أن اساق الى الجنة بعزة وإحترام وذلك كله لصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كنت أقولها ..
فسأله الإمام المزني وماهي ؟؟
فقال : كنت أقول اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون , اللهم صل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون .
قلت سبحان الله يصلي الامام الشافعي اليوم وهو ميت فينال ثواب آلاف من البشر إذا ذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم .


سؤالي:
هل صحت هذه القصة ؟
وهل يجوز نشر مثل هذه الصلاة وترديدها ابتغاء الثواب؟

 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

http://islamqa.info/ar/84853
سُئِل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة ، سواء قيل بوجوبها ، أو بندبها : هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسِّيادة ، بأن يقول مثلاً : صلِّ على سيِّدنا محمدٍ ، أو على سيّدِ الخلق ، أو سيّد ولد آدم ؟ أو يقتصر على قوله : اللهم صلِّ على محمد ؟

وأيهما أفضل : الإتيانُ بلفظ السيادة ؛ لكونها صفةً ثابتةً له صلى الله عليه وسلم ، أو عدمُ الإتيان لِعدم ورُود ذلك في الآثار ؟
فأجاب رحمه الله :
" نعم اتِّباعُ الألفاظ المأثورة أرجح ، ولا يقال : لعلَّه ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم كما لم يكن يقول عند ذكره : صلى الله عليه وسلم ، وأمّتهُ مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذُكر ؛ لأنَّا نقول : لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ، ثم عن التابعين ، ولم نقِفْ في شيءٍ من الآثار عن أحدٍ من الصحابة ولا التابعين أنه قال ذلك ، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك ، وهذا الإمامُ الشافعي أعلى الله درجته وهو من أكثر الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه : " اللهم صلِّ على محمد ، إلى آخر ما أدَّاه إليه اجتهاده وهو قوله : " كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن ذكره الغافلون " ، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه ( سبحان الله عدد خلقه ) ، وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب "الشفاء" ، ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ : " سيدنا " ، والغرض أن كل من ذكر المسألة من الفقهاء قاطبة ، لم يقع في كلام أحد منهم : " سيدنا " ، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها ، والخير كله في الاتباع ، والله أعلم " انتهى .


نقله السخاوي في "القول البديع" ، ومحمد بن محمد الغرابيلي (835هـ) وكان ملازما لابن حجر ، كما في إحدى المخطوطات التي وقف عليها الشيخ الألباني بخطه ، انظر "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (172) وقد اختصرتها لطولها ، وانظر "معجم المناهي اللفظية" بكر أبو زيد (305)
http://islamqa.info/ar/84853
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

السلام عليكم

كما يجوز الدعاء بأي صيغة وهو داخل في جملة عبادة الدعاء، فكذلك تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة فهي داخلة في جملة عبادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

علما بأن الصلاة على النبي عليه السلام أيضا داخلة في باب الدعاء.

وهناك شرطان للصلوات غير الواردة:
1. شرط يرجع إلى صيغة الصلاة وهو أن لا يكون معنى الصلاة مخالفا للشرع، كالصلاة الآتية: "اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلواتك شيء..."
2. شرط يرجع إلى نية القائل وهو أن لا يعتقد بسنية اللفظ بخصوصه، فإن اعتقد ذلك أصبحت صلاته من البدعة الإضافية.

والله أعلم
 

عصام أحمد الكردي

:: متفاعل ::
إنضم
13 فبراير 2012
المشاركات
429
الإقامة
الأردن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو يونس
التخصص
عابد لله
الدولة
الأردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
ملة إبرهيم حنيفا
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

الأساس في ما ذكر عن الإمام الشافعي رحمه الله
هو دعاء إلى الله أكثر منه تشريعًا لكيفية الصّلاة على النبي فبقوله فقال : كنت أقول اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون , اللهم صل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون . فبقوله هٰذا
دعاءٌ من الإمام الشافعي رحمه الله إلى الله عزّ وجلّ أن يحشره في زمرة أولٰئك الذين اتّبعوا رضوان الله في كتابه القرءان الكريم باتباع سنة رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم والصّلاة عليه ، أولٰئك الذاكرين هٰذا بالصّلاة على النبي ، وأن لا يحشره في زمرة أولٰئك الّذين اتّبعوا أهواءههم أولٰئك الّذين هم دون ذٰلك ،
وعلى هٰذا غفر له ؛​

هٰذا والله أعلم

 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
35
الكنية
ابوبكر
التخصص
هندسة
المدينة
رفاعة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اسال الله التوفيق
الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم (دعاء) و الدعاء ليس فيه تحديد غير ان الوارد افضل من غيره
ثم كون الصلاة المذكورة صادرة عن الامام الشافعي رضي الله عنه و الموافقة عليها حصلت من ائمة يقتدى بمثلهم
فهذا يستانس به - بل قد قال ابن المبارك كان الامام مالك لا يسأل عن دليله في الفتوى - فاليراجع المعترض نفسه فان القوم كانت الشريعه شغلهم الشاغل بل اكلهم و شربهم الدين
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

بارك الله فيك يا أبا بكر، وهل لديك المصدر لكلام عبد الله ابن المبارك عن الإمام مالك؟ جزاك الله
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

بارك الله فيكم جميعاً
هذه بعض القواعد المهمة في الباب وهي بشكل مختصر والموضوع يستحق أكثر من ذلك لكن لعل في المؤلفات في هذا الباب ما يفيد من أراد التوسع فأقول :

القاعدة الأولى :
الأصل في أقوال الصلاة وأفعالها اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيها كما في حديث مالك بن الحويرث ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري .
فكل أقوال الصلاة من قراءة وأذكار وأدعية يتبع فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويدخل في هذا كل الصيغ الواردة فيها مما هو من اختلاف التنوع كصيغ الاستفتاح ، وصيغ التسبيح في الركوع والسجود ، وصيغ التشهد ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها .
وكذلك الحال في الأفعال يدخل كل الهيئات في الأفعال في القيام والركوع والسجود والجلوس بهيئاتها الواردة .

القاعدة الثانية : الأصل في العبادات المشروعة أن تكون وفق ما شرع فيها من حيث الصفة والوقت والمكان والعدد وغير ذلك من القيود التي قيدت فيها ومن ذلك الأدعية والأذكار فالأصل فيها التوقيف .
وفي التزام الصيغة النبوية في الأذكار والأدعية تأكيد شديد من أهل العلم لما ورد من نصوص وآثار تؤكد ذلك منها :

1 – حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به ) قال فرددتها على النبي صلى الله عليه و سلم فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك قال : ( لا ونبيك الذي أرسلت ) متفق عليه .
2 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ) رواه مسلم .
3 – حديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث يقول: ( علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن ( التحيات لله والصلوات ...) متفق عليه
4 - حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك...) الحديث رواه البخاري .
5 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول : ( قولوا اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) رواه مسلم .
6 – عن نافع : أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقال : الحمد لله والسلام على رسول الله قال ابن عمر : ( وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال ) رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني .
7 - عن سعيد بن المسيب : أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه فقال : يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة ؟ قال : ( لا ولكن يعذبك على خلاف السنة ) رواه الدارمي في سننه وعبد الرزاق في المصنف والبيهقي في السنن الكبرى والخطيب في الفقيه والمتفقه .

القاعدة الثالثة :
الأصل أن ( كل ما يحدث في العبادات المشروعة من الزيادات فهي بدعة ) .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وكل ما يحدث في العبادات المشروعة من الزيادات التي لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بدعة بل كان صلى الله عليه وسلم يداوم في العبادات على تركها ففعلها والمداومة عليها بدعة وضلالة من وجهين :
من حيث اعتقاد المعتقد أن ذلك مشروع مستحب أي يكون فعله خير من تركه مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله ألبتة فيبقى حقيقة هذا القول أن ما فعلناه أكمل وأفضل مما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد سأل رجل مالك بن أنس عن الإحرام قبل الميقات فقال : " أخاف عليك الفتنة فقال له السائل : أي فتنة في ذلك ؟ وإنما زيادة أميال في طاعة الله عز وجل . قال : وأي فتنة أعظم من أن تظن في نفسك أنك خصصت بفضل لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وقد ثبت في الصحيحين أنه قال : { من رغب عن سنتي فليس مني } فأي من ظن أن سنة أفضل من سنتي فرغب عما [ سننته ] معتقداً أن ما رغب فيه أفضل مما رغب عنه فليس مني ؛ لأن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب بذلك يوم الجمعة . فمن قال : إن هدي غير محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من هدي محمد فهو مفتون ؛ بل ضال قال الله تعالى - إجلالا له وتثبيتا لحجته على الناس كافة - { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } أي : وجيع . وهو صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين باتباعه وأن يعتقدوا وجوب ما أوجبه واستحباب ما أحبه . وأنه لا أفضل من ذلك . فمن لم يعتقد هذا فقد عصى أمره وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { هلك المتنطعون - قالها ثلاثا - } أي المشددون في غير موضع التشديد ؛ وقال أبي بن كعب وابن مسعود اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة . ولا يحتج محتج بجمع التراويح ويقول : " نعمت البدعة هذه " فإنها بدعة في اللغة لكونهم فعلوا ما لم يكونوا يفعلونه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه وهي سنة من الشريعة .

والوجه الثاني : من حيث المداومة على خلاف ما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبادات ؛ فإن هذا بدعة باتفاق الأئمة وإن ظن الظان أن في زيادته خيرا كما أحدثه بعض المتقدمين من الأذان والإقامة في العيدين فنهوا عن ذلك وكرهه أئمة المسلمين كما لو صلى عقيب السعي ركعتين قياسا على ركعتي الطواف ..) مجموع الفتاوى ( 22 / 322 323 ).

القاعدة الرابعة : ينبغي أن يفرق بين الذكر المستقل وبين التصرف بالذكر المحدد بلفظه ووقته بزيادة أو نقص لأن الزيادة والنقص تغيير للذكر وتحريف له .

القاعدة الخامسة : ( الزيادة على القدر المجزئ مشروعة إذ كان الأمر مطلقا كما في قوله : ( اركعوا واسجدوا ) ونحو ذلك من الأوامر المطلقة ) اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 54 )
وعليه فما ورد مطلقا بالذكر والدعاء مما سوغه الشارع جائز ومثاله :
1 - ما رواه مسلم عن ابن عباس ( .... ألا وإنى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع
فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن أن يستجاب لكم )
فالأمر بالتعظيم يدخل فيه كل ذكر فيه تعظيم فله أن يزيد على ما ورد وهو قول ( سبحان ربي العظيم ) فيعظم الله بكل ذكر فيه تعظيم وإن كان الأفضل التعظيم بالوارد المأثور .
وكذلك الحال في الدعاء في السجود .
2 - ومثاله أيضاً ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة قلنا السلام على الله من عباده السلام على فلان وفلان فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا تقولوا السلام على الله ؛ فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله والصلوات .....
ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعوه ) متفق عليه وفي رواية للبخاري ( ثم يتخير بعد من الكلام ما شاء ) وفي رواية لمسلم ( ثم يتخير من المسألة ما شاء )

القاعدة السادسة : الأصل أن السنة تكون في الفعل وفي الترك ففعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم سنة وترك ما تركه سنة ، والمداومة على ما داوم عليه سنة ، والفعل تارة والترك تارة سنة فيما فعله تارة وتركه تارة .

القاعدة السابعة : ( التركُ سنةٌ خاصَّةٌ تُقدَّم على كلِّ عمومٍ وكلِّ قياسٍ ) اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 280 )
فما تركه النبي صلى الله عليه وسلم قصداً أقوى من الاستدلال بالعمومات أو القياس على سنن أخرى لأن الترك خاص والعموم والقياس عامان ، والخاص مقدم على العام .

القاعدة الثامنة : الشريعة قد اكتملت بانقطاع الوحي ، وما حدث من الصحابة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من القيام ببعض العبادات اجتهاداً منهم كان في مرحلة التشريع حيث يقر الشرع بعضها وينكر بعضها سواء كان ذلك الإقرار أو الإنكار في القرآن أو السنة ، ولذا لم يُحدث أحد من الصحابة شيئاً من ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلمهم باكتمال الشريعة وانقطاع الوحي .

القاعدة التاسعة : الصفة الشرعية للعبادة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً هي الأكمل والأفضل قطعاً لأمور :
أولها : أن النبي صلى الله عليه وسلم مبلِّغ عن الله فيجب عليه أن يبلغ أمته أفضل ما يقربهم إلى ربهم وهذا من كمال النصح .
ثانيها : أن الله لا يمكن أن يختار لنبيه إلا أفضل الأعمال .

ثالثها : رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته بأمته حيث تقتضي هذه الرحمة والشفقة أن يدلهم على أفضل ما ينفعهم .
رابعها : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخشى الخلق لله وأتقاهم له ولازم ذلك أن يكون عمله هو الأكمل والأفضل .

خامسها : أن النقص يعتري العمل إما من جهة الهوى أو الجهل ، وهما منتفيان في حقه صلى الله عليه وسلم فكان فعله هو الأكمل والأفضل .
سادسها : أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة وينبغي للقدوة والأسوة أن يكون فعله بأعلى المنازل وأكملها وأفضلها .
ومثل هذا الأسباب كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها لأصحابه إذا رآهم خالفوا سنته فشددوا على أنفسهم وخالفوا هديه .

نعم قد يفعل النبي صلى الله عليه وسلم المفضول لمصلحة شرعية كأن يبين الجواز لكن هذا مضبوط بما يلي :
1 – أنه يفعله مرة أو مرتين لا أن يداوم عليه .
2 – أن ينبه للأفضل .
3 – أن هذا وإن كان المفضول في حقنا ومن حيث هو لكنه الأفضل في حقه صلى الله عليه وسلم في ذلك الموضع ؛ لأنه مبلغ فمصلحة التبليغ راجحة في هذا الموضع .


القاعدة العاشرة :
أن الزيادة غير المشروعة نقص في المعنى فهي وإن كانت زيادة في القول أو الفعل إلا أنها تكون نقصاً من جهة المعنى ؛ إذ يلزم منها أمور :
أحدها : اتهام الشريعة بالقصور والنقص .
ثانيها : أن بعض الزيادة اللفظية تقيد المطلق وتخصص العام فتنقصه بذلك .

ثالثها : أن فاعلها يريد الزيادة في الأجر فيحصل له نقيض ذلك فينقص أجره بسبب المخالفة .

وتأمل كيف كانت الزيادة في الصلاة نقصاً فيها فتجبر بسجود السهو .
وكذلك ما ذكره العلماء حول الزيادة على عدد الذكر المحدد بعد الصلاة في التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ( ينظر كلام القرافي في الفروق والحافظ ابن حجر في الفتح ) .
رابعها : أن في الزيادة على المشروع مضاهاة لما شرعه الله وسنَّه لعباده فكأن الفاعل لذلك يريد أن يشرع كما يشرع الله عز وجل .

القاعدة الحادية عشرة : أن الأدعية والأذكار النبوية تجمع مصالح لا توجد في غيرها مثل :
الأول : أنها الأكمل والأفضل من حيث الأجر والثواب لما سبق من كون النبي صلى الله عليه وسلم لا يعمل إلا ما هو أكمل وأفضل ، ولأن الأجر والثواب قد يكون مخصصاً بهذا اللفظ بعينه .
الثاني : أنها الأسلم من الوقوع في الزلل مما يخالف التوحيد أو الوقوع فيما نهي عنه أو التعدي في الدعاء من حيث لا يشعر الداعي أو يجهل ذلك ، وقد عد بعض العلماء الدعاء بغير المأثور والمداومة عليه من الاعتداء في الدعاء .
الثالث : أنها الأجمع من حيث المعنى فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً كما أنه أفصح الخلق وأعلم باللغة .
وينظر مثلاً حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : ( ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ ) قالت نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) رواه مسلم .
الرابع : أن النبي أعلم الخلق بربه وبصفاته فهو أعلم بما يناسب في الدعاء والذكر وقتاً ولفظاً وحالاً .
الخامس : أن ذلك أسلم لصحة العبادة حيث يرى البعض أن العبادة لا تجزيء إلا بهذه الصيغة من الذكر أو الدعاء .

السادس : أن فتح باب الزيادة على المأثور يؤدي إلى انتشار البدع وعدم وقوفها عند حد ، فهذا يزيد كلمة ، وذاك يزيد كلمتين ، وثالث يزيد هيئة كاجتماع أو أفعال معينة ، ورابع يزيد فيجعلها اجتماعاً وعيداً وهكذا ، وهذا أمر مشاهد في تدرج البدع وتوسعها في حين لو اكتفي بالمشروع لانسد هذا الباب من أصله .


القاعدة الثانية عشرة :
( لا يصح الاستدلال بالعمومات على عبادة خاصة دون النظر في عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )
قال ابن القيم : ( وهذا موضع يغلط فيه كثير من قاصري العلم يحتجون بعموم نص على حكم ويغفلون عن عمل صاحب الشريعة وعمل أصحابه الذي يبين مراده ومن تدبر هذا علم به مراد النصوص وفهم معانيها ) الحاشية على السنن ( 7 / 36 ) .
وينظر كذلك ما ذكره الشاطبي في تفصيل الكلام على العمل بالسنة من قبل السلف حيث قسمه ثلاثة أقسام . الموافقات ( 3 / 252 ) المسألة الثانية عشرة من النظر في كليات الأدلة .


القاعدة الثالثة عشرة : ( لا تكفي النية الحسنة في مشروعية عمل لا دليل عليه ) وذلك أن قبول العمل له شرطان لا يصح العمل بفقد أحدهما وهما الإخلاص والمتابعة فوجود الإخلاص دون المتابعة لا يكفي في قبول العمل .

القاعدة الرابعة عشرة : ( لا يكفي استحسان العمل أو القياس لإثبات مشروعية العمل )
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) رواه اللالكائي وابن بطة والبيهقي في المدخل .
وروى الدارمي في سننه بسند صحيح عن عمر بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال : كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفا أمراً أنكرته ولم أرَ والحمد لله إلا خيرا قال : ( فما هو ؟ ) فقال : إن عشت فستراه قال : رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة قال : ( فماذا قلت لهم ؟ ) قال : ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك قال : ( أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم ) ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال : ( ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ ) قالوا : يا أبا عبد الرحمن حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح قال : ( فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة ) قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال : (
وكم من مريد للخير لن يصيبه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوماً يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ) ثم تولى عنهم فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج .

القاعدة الخامسة عشرة :
في الجملة إنما تنشأ البدع والمحدثات وتنتشر بسبب أمور أهمها :
1 – الاستدلال بالأحاديث الضعيفة والموضوعة .
2 – حسن القصد في الرغبة في العبادة والتقرب .
3 – الاستحسانات العقلية والمصالح المرسلة .
4 – القياس على المشروع .
5 – الاستدلال بالعمومات على التخصيص بهيئة أو زمن أو مكان أو عدد .
6 – التقليد .
7 - المنامات .
8 - التجربة والذوق .

القاعدة السادسة عشرة : أكثر الخلاف والنزاع إنما يقع في البدع الإضافية وذلك لوجود شبهة دليل من عموم نص أو حديث ضعيف أو أثر ونحوها أما البدع الحقيقية فلا يكاد يوجد من يرى العمل بها من أهل العلم وإنما يسلكها الجهال وأهل الأهواء .
وقد فصل الشاطبي رحمه الله في هذا الباب في كتابه الاعتصام وكذلك من صنف في البدع كأبي شامة وابن وضاح والطرطوشي والسيوطي وغيرهم وكذلك ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم .


القاعدة السابعة عشرة : فرق بين الأفضلية وبين الإجزاء فقد يكون الشيء مجزئاً لكنه ليس الأفضل فمن استبدل صيغة بصيغة تؤدي معناها قد يكون مجزئاً في بعض الأحوال على خلاف بين العلماء في جزئيات هذه المسائل كالتكبير للصلاة بغير لفظ ( الله أكبر ) عند أبي حنيفة ، ولو قال ( من حمد الله سمع له ) بدل ( سمع الله لمن حمده ) أجزئه عند الشافعية ، وكذا لو سبح مرة أجزأه في الركوع والسجود .

وأختم هذه القواعد بالنقول التي تؤيد ما سبق مما يجمع بين أكثر من قاعدة أو يؤيد بعضها من مختلف المذاهب :
قال ابن تيمية : ( ولكن هذا الدعاء المسئول عنه ليس بمأثور والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة ؛ فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسن كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات والذي يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره - وإن كان من أحزاب بعض المشايخ - الأحسن له أن لا يفوته الأكمل الأفضل وهي الأدعية النبوية فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك وإن قالها بعض الشيوخ فكيف [ وقد ] يكون في عين الأدعية ما هو خطأ أو إثم أو غير ذلك . ومن أشد الناس عيبا من يتخذ حزبا ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان حزبا لبعض المشايخ ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده ) مجموع الفتاوى ( 22 / 525 )
وقال أيضاً : ( الدعاء المستحب هو الدعاء المشروع فإن الاستحباب إنما يتلقى من الشارع فما لم يشرعه لا يكون مستحبا بل يكون شرع من الدين ما لم يأذن به الله فإن الدعاء من أعظم الدين لكن إذا دعا بدعاء لم يعلم أنه مستحب أو علم أنه جائز غير مستحب : لم تبطل صلاته بذلك ؛ فإن الصلاة إنما تبطل بكلام الآدميين والدعاء ليس من جنس كلام الآدميين ؛ بل هو ما لو أثنى على الله بثناء لم يشرع له ؛ وقد وجد مثل هذا من بعض الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه كونه أثنى ثناء لم يشرع له في ذلك المكان بل نفى ما له فيه من الأجر . ومن الدعاء ما يكون مكروها ولا تبطل به الصلاة ومنه ما تبطل به الصلاة فالدعاء خمسة أقسام : الذي يشرع هو الواجب والمستحب . وأما المباح فلا يستحب ولا يبطل الصلاة . والمكروه يكره ولا يبطلها كالالتفات في الصلاة وكما لو تشهد في القيام أو قرأ في القعود . والمحرم يبطلها ؛ لأنه من الكلام . وهذا تحقيق قول أحمد فإنه لم يبطل الصلاة بالدعاء غير المأثور ؛ لكنه لم يستحبه ؛ إذ لا يستحب غير المشروع وبين أن التخيير عاد إلى المشروع والمشروع يكون بلفظ النص وبمعناه إذ لم يقيد النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بلفظ واحد كالقراءة ) مجموع الفتاوى ( 22 / 475 )
وقال كذلك : ( فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء وسالكها على سبيل أمان وسلامة والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان وما سواها من الأذكار قد يكون محرما وقد يكون مكروها وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس وهي جملة يطول تفصيلها . وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به ؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ؛ لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به . وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت فهذا وأمثاله قريب . وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي : فهذا مما ينهى عنه ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد ) مجموع الفتاوى ( 22 / 511 )

وقال أبو بكر بن العربي المالكي :
( في شرح حديث :كان أبو الدّرداء يقول : " نامت العيون ،وغارت النّجوم ،وأنت الحيّ القيّوم : إن الله أذن في دعائه ،وعلّم الدّعاء في كتابه لخليقته وعلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الدّعاء لأمّته فاجتمعت فيه ثلاثة أشياء :
العلم بالتّوحيد ، والعلم باللغة ، والنّصيحة لأمّته ؛ فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه ، وقد احتال الشيطان للنّاس في هذا المقام فقيّض لهم قوم سوء يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأشدّ ما في الحال أنهم ينسبونها إلى الأنبياء صلوات الله عليهم فيقولون : دعاء آدم ، ودعاء نوح ، ودعاء يونس ، ودعاء أبي بكر الصدّيق فاتّقوا الله في أنفسكم ولا تشتغلوا من الحديث بشيء إلا بالصحيح منه ) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس ( 2 / 421 – 422 ) .

وقال أبو سعيد بن لبّ المالكي :
( ذكر الله والصلاة على رسوله عليه السلام من أفضل الأعمال ، وجميعه حسن لكن للشرع وظائف وقَّتها وأذكار عيَّنها في أوقات وقتها، فوضع وظيفة موضع أخرى بدعة ، وإقرار الوظائف في محلها سنة ...وتبديل هذه الوظائف بغيرها تشريع. ومن البدع في الدين ) نقله الونشريسي في المعيار المعرب ( 1 / 314 ) .

وقال القرطبي المالكي :
( والاعتداء في الدعاء على وجوه :
منها الجهر الكثير والصياح ...
ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة ؛ فيتخير ألفاظا مفقرة وكلمات مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها ، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء كما تقدم بيانه في البقرة ) الجامع لأحكام القرآن ( 7 / 226 ) .

وقال أبو بكر الطرطوشي المالكي :
( ومن العجب العجاب أن تُعرض عن الدعوات التي ذكرها الله في كتابه عن الأنبياء والأولياء والأصفياء مقرونة بالإجابة ثم تنتقي ألفاظ الشعراء والكتّاب كأنك قد دعوت في زعمك بجميع دعواتهم ثم استعنت بدعوات من سواهم ) نقله ابن علان في الفتوحات الربانية شرح الأربعين النووية .

وقال المعلمي :
( وما أخسر صفقة من يَدَع الأدعية الثابتة في كتاب الله ، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكاد يدعو بها ، ثم يعمد إلى غيرها فيتحرّاه ويواظب عليه ) العبادة ( ص 785 ) .

وقال بدر الدين العيني الحنفي
في ذكر فوائد حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في ذكر النوم : ( ومنها أن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب فربما كان في اللفظ زيادة تبيين ليس في الآخر أن كان يرادفه في الظاهر ) عمدة القاري ( 5 / 180 ) .

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي
في ذكر فوائد حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في ذكر النوم : ( وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه و سلم على من قال الرسول بدل النبي أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري قال فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحى إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها ) فتح الباري ( 11 / 112 ) .

وقال ابن كثير الشافعي
في تفسيره ( 4 / 401 ) : ( باب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء )

وقال السيوطي الشافعي :
( فصل ما يظنه الناس طاعة وقربة وهو بخلاف ذلك : وأما القسم الثاني مما يظنه الناس طاعة وقربة، وهو بخلاف ذلك، أو تركه أفضل من فعله، وهو ما قد أمر به الشارع في صورة من الصور من زمان مخصوص، أو مكان معين؛ كالصوم بالنهار، والطواف بالكعبة، أو أمر به شخص دون شخص، كالذي اختص به النبي ( في المباحات والتخفيفات، فبقيس الجاهل نفسه عليه، فيفعله وهو منهي عن فعله، أو يقيس الصور بعضها على بعض بسبب الحرص على الإكثار من إيقاع العبادات والقرب والطاعات، فيحملهم الحرص على فعلها في أوقات وأماكن نهاهم الشرع في اتخاذ تلك الطاعات فيها. ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو مكروه. ويورطهم الجهل وتزيين الشياطين بأن يقولوا هذه طاعات وقرب، قد ثبت في غير هذه الأوقات فعلها، نحن نفعلها أبداً، فإن الله لا يعاقبنا على فعل الطاعة إذا ما فعلناها ) الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ( ص 153 ) .

وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله :
( ليس لمن ألهم شيئاً من الخيرات أن يعمل به حتى يسمعه من الأثر، فإذا سمعه من الأثر عمل به، وحمد الله تعالى حين وافق ما في قلبه )
وقال أيضاً : ( ربما وقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياماً ولا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين من الكتاب والسنة )

وقال أبو شامة :
( ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة فان كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء والصلاة في جوف الليل والعمرة في رمضان ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر . فالحاصل أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك إلى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) الباعث على إنكار البدع والحوادث ( ص 51 ).

وقال السيوطي الشافعي
- في التعليق على أثر ابن عمر رضي الله عنهما في زيادة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند العطاس - : (العطاس ورد فيه ذكر يخصه فالعدول إلى غيره أو الزيادة فيه عدول عن المشروع وزيادة عليه وذلك بدعة ومذموم ، فلما كان الوارد في العطاس الحمد فقط كان ضم السلام إليه من الزيادة في الأذكار وذلك متفق على ذمه ، وقد نهى الفقهاء عن الصلاة عليه عند الذبح لأنه زيادة على ما ورد من التسمية ) الحاوي في الفتاوي ( 1 / 244 ) .

وقال ابن حجر الهيتمي حينما سئل عن الصلاة والسلام عقب الآذان مع رفع الصوت بهما : ( الأصل سنة والكيفية بدعة ) الفتاوى الفقهية الكبرى ( 1 / 131 )
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جائزة بأي صيغة كانت ما لم يكن فيها غلو منهي عنه وأفضلها الصلاة الإبراهيمية ولا ينافي هذا زيادة لفظ سيدنا كما اعتمده ابن الرملي لأنه من حسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأثر سيدنا ابن مسعود فيه إشارة لهذا ( إذا صليتم فأحسنوا الصلاة على سيد المرسلين )
مع ان الصحابة كانوا يصلون الصلاة الإبراهيمية وامرهم بأن يحسنوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وللأسف نجد الصحوة الإسلامية تجوب البلدان والأمصار ولكن للأسف نجد كثيرا من ابنائها يحجرون واسعا على المسلمين بسبب عدم مراعاة الخلاف في المسائل الفرعية الفقهية أو عد العلم بالخلاف فقد اقتصروا على مفهوم واحد للبدعة ولم يعلموا أن العلماء قد اختلفوا فيها وفي بعض تفاصيلها.
روى البيهقي عن الشافعي رحمه الله : (المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة ضلالة ، وما أحدث لا يخالف شيئا من ذلك فهو بدعة محمودة )
لذا استحب الشافعي رضي الله عنه ما اعتاده الناس من الزياده على تكبير العيد لأنه لا يخالف سنة ولا إجماعا.
أما القول بعدم إجزاء هذه الصلاة هو القول ببطلان الصلاة وهو مالم يقله أحد من أئمة المذاهب الأربعة .
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: هل يجوز نشر هذه الصلاة عن الإمام الشافعي؟

أحسن الله إليكم
أخي الكريم .. وفقه الله
ما أوردته عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى مبني على دليل ( الإستحسان ) ، والشافعي نفسه لا يقول به بإطلاق ، بل بقيود شرعية . ومن كلامه : " من استحسن فقد شرَّع " .
لكن الشافعية المتأخرين توسعوا في الإستحسان ، فوجب تقيِّيده ببناء الفروع على الأُصول لا سيما العبادات والطاعات ، كما بيَّن الشيخ بدر سدَّده الله في ردِّه المطول أعلاه .
وقد أشار الإمام الزركشي رحمه الله تعالى في البحر المحيط إلى هذه النكتة في مذهب الشافعي ، فلا يجب القول بالاستحباب أو الإباحة بدون النظر في أصل دليل الشرع كما تقدَّم . والله الهادي .
 
أعلى