العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل يشترط إذن المرأة قبل النظر إليها للخطبة ؟

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
هل يشترط إذن المرأة قبل أن ينظر إليها للخطبة ؟ وماذا لو احتاج لتكرار النظر ؟
يستحب النظر إليها وإن لم تأذن هي ولا وليها إذا كانت مستترة ؛ اكتفاء بإذن الشارع ؛ ولأنها قد تتزين له بما يغره
[1] .
ولكن الأولى أن يكون بإذنها خروجا من خلاف الإمام مالك فإنه يقول بحرمته بغير إذنها
[2].
فإن نظر إليها على أي حال من الأمرين السابقين ولم تعجبه سكت ولا يقول لا أريدها ؛ لأنه إيذاء لها وضرر نهى عنه الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم : لَا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ "
[3].
وله تكرير نظره إن احتاج إليه ؛ ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح إذ لا يحصل الغرض غالبا بأول نظرة . الدليل على ذلك : -
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لأهَبَ لَكَ نَفْسِي‏.‏ فَنَظَرَ اِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعَّدَ النَّظَرَ اِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ، ثُمَّ طَاْطَاَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأةُ أنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ أىْ رَسُولَ اللَّهِ : إنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا‏.‏ فَقَالَ : ‏"‏ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ ‏"‏‏.‏ قَالَ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏.‏ قَالَ ‏"‏ إذْهَبْ إلَى أهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا ‏"‏‏.‏ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا‏.‏ قَالَ ‏: "‏ انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ‏"‏‏.‏ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إزَارِي فَلَهَا نِصْفُهُ ـ قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ ـ ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ‏"‏ مَا تَصْنَعُ بِإزَارِكَ إنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ ‏"‏‏.‏ فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا فأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ : ‏"‏ مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْانِ ؟ ‏"‏‏.‏ قَالَ : مَعِي سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا‏.‏ عَدَّدَهَا‏.‏ قَالَ ‏"‏ أتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ ‏"‏‏.‏ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَ : ‏"‏ اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ‏"‏‏.‏
[4] ومحل الشاهد قوله " فصعد النظرإليها وصوبه " وهو بتشديد العين من صعد والواو من صوب والمراد أنه نظر أعلاها وأسفلها ، والتشديد إما للمبالغة في التأمل وإما للتكرير ، وبالثاني جزم القرطبي في المفهم قال : أي نظر أعلاها وأسفلها مرارا [5] .
قال الزركشي : ولم يتعرضوا لضبط التكرار ويحتمل تقديره بثلاث ؛ لحصول المعرفة بها غالبا لخَبَرِ عَائِشَةَ الذي تَرْجَمَ عليه الْبُخَارِيُّ الرُّؤْيَةَ قبل الْخِطْبَةِ : " أَرَيْتُك ثَلَاثَ لَيَالٍ "
[6] . وله تكرير نظره ولو أكثر من ثلاث فيما يظهر؛ حتى يتبين له هيئتها ، وسواء النظر بإذنها وبغير إذنها ، ولو اكتفى بنظرة حرم ما زاد عليها ؛ لأنه نظر أبيح لضرورة فليتقيد بها وسواء في ذلك أخاف الفتنة أم لا كما قاله الإمام والروياني[7].
فإن لم يتيسر له النظر كأن تكون منتقبة بعث امرأة تتأملها وتصفها له
[8] ولو بما لا يحل له نظره [9] ؛ لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وقال : " اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا وَشُمِّي عَوَارِضَهَا " رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وفي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَشُمِّي مَعَاطِفَهَا [10].
ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائدا على ما ينظره فيستفيد بالبعث ما يستفيده بنظره
[11] وهذا لمزيد الحاجة إليه مستثنى من حرمة وصف امرأة امرأة لرجل [12] ،فَإِنْ لم يُعْجِبْهُ الوصف سَكَتَ وَلَا يَقُلْ لَا أُرِيدُهَا ؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ منهي عنه [13]. والله تعالى أعلى وأعلم .
[1] - نهاية المحتاج ج 6 ص 186 وهذا أولى عندى ؛ لأن البنت إذا علمت أن فلان يريد أن يتزوجها أو يفكر في ذلك تجملت ووضعت المساحيق التي غالباً ماتظهرها على غير حقيقتها ، وهذا غرر وتدليس نهى عنه الإسلام .
[2] - مغني المحتاج ج 3 ص 128
[3] - أخرجه ابن ماجه في السنن ، كتاب الأحكام ، بَاب من بَنَى في حَقِّهِ ما يَضُرُّ بِجَارِهِ برقم 2340 ، قال الحاكم حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه - المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 66 وقال ابن الصلاح حسن ، وقال أبو داود وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه - خلاصة البدر المنير ج 2 ص 438 ، الفروق مع هوامشه ج 3 ص 41.
[4] - أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب النكاح ، باب النَّظَرِ اِلَى الْمَرْاَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ برقم 4833 ، كتاب النكاح ، باب عَرْضِ الْمَرْاَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ برقم 5176 .
[5] - فتح الباري ج 9 ص 206.
[6] - مغني المحتاج ج 3 ص 128.
[7] - نهاية المحتاج ج 6 ص 186.
[8] - أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 3 ص 109 .
[9] - نهاية المحتاج ج 6 ص 186.
[10] - خلاصة البدر المنير ج 2 ص 180.
[11] - مغني المحتاج ج 3 ص 128.
[12] - نهاية المحتاج ج 6 ص 187.
[13] - أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 3 ص 109.
 
أعلى