العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

واقع الدرس الفقهي المعاصر

لبنى السموني

:: متابع ::
إنضم
24 أكتوبر 2013
المشاركات
24
الكنية
ام عمر
التخصص
دراسات اسلامية
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
المالكي
يشكل الدرس الفقهي تراث الأمة الخالد منذ بدء الإسلام، فقد حث الله سبحانه وتعالى على التفقه في الدين بقوله : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون .
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على هذا الأمر أيضا فقال : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" ودعا لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال : "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" فاستجاب الله جل جلاله لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم، حتى صار ابن عمه من أفقه الناس في عصره، ويتضح ترغيبه للأمة على التفقه في دينها من حديث معاذ بن جبل حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا، وعلى هذا المنهج سار الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم جاء بعدهم أصحاب المذاهب الفقهية المشهور لتمكنهم الواسع من فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباطهم الفقه منهما ومن القياس والإجماع، فلا غرو من أن فقههم لا زال مرجعا للعلماء والمفتين في هذا العصر، يأخذون منه ويستفيدون من استنباطهم، فهل تلك الاستبنباطات وتلك الفهوم في ذلك العصر تفي بالغرض المنشود في وقتنا الحاضر؟
1. أولويات الدرس الفقهي في العصر الراهن:
قال الإمام القرافي رحمه الله تعالى : "فمهما تجدد العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول، عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجزه على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين".
لقد بذل أئمتنا الجهد والطاقة وحاولوا جاهدين الوصول إلى الحق والمصلحة بقدر ما تيسر لهم في زمانهم حتى أن أحدهم، ليرجع عن رأيه إذا تبين له وجه الحق في غيره أو تغير العرف الذي استند إليه أو انتفت المصلحة
لقد تركوا لنا ثروة مثيرة عشنا عليها، وبنوا ضوابط شامخة في صرح الفقه الإسلامي، اكتفينا بها ولم نجدد ما يحتاج إلى تجديد، وقفنا عندها ولم نتجاوزها، رغم حاجتنا إلى البناء والتجديد، أصبحنا في حاجة إلى زمن يقول لنا :

إن الفتى من يقول ها أنذا ليس الفتى من يقول كان أبي
إن الفقه الذي تركه لنا هؤلاء العظماء، قد اشتمل على قواعد كلية وأحكام فرعية، بلغت منتهى الدقة العلمية والصياغة التطبيقية المتقنة، التي أدهشت العلماء في مشارق الدنيا ومغاربها، فإذا كان الأمر كذلك فما هو واجبنا اليوم ؟
يقول الدكتور وهبة الزحيلي حفظه الله: "لا يمكن لأي تشريع سماوي أو وضعي أن يبقى محترما، مفعولا به، نافذ المفعول إلا بالاجتهاد الذي تمليه ضرورات الواقع وتطورات الحياة، وما تقذفه من قضايا ومستجدات تتطلب حلا سريعا وفكرا حرا طليقا، وحيوية علمية، تتجاوب مع المقتضيات، وتواكب تقدم الحياة، بل وترسي دعائم المستقبل على أسس متينة في الاقتصاد والاجتماع والعلوم المختلفة، ولا تستغني أمة تحترم نفسها وتتبع إرادتها من ذاتها عن التجديد والاجتهاد في كل مرافق الحياة حتى يدوم لهذه الأمة مجدها وتحمي عظتها وكيانها، وتفرض هيبتها بين العالمين".
من المعلوم أن النصوص الشرعية محدودة متناهية، بينما قضايا الحياة ونوازل الناس غير متناهية، بل هي في ازدياد وتكاثر، ولا يمكن للمتناهي أن يحكم غير المتناهي إلا عن طريق الاجتهاد والاستنباط، لاسيما أن الشريعة الإسلامية تتسم بالسعة والمرونة والقابلية لمواجهة التطور البشري والتغير الزماني والمكاني.
فالشريعة كما تضمنت أصولا ثابتة وقواعد كلية، ونصوصا عامة قادرة على الوفاء بما ينظم سير الحياة الإنسانية، تضمنت كذلك من الخصائص ما يجعلها قابلة للتطور ومواكبة الحياة بمستجداتها وظروفها وملابساتها سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية أو فكرية إلى غير ذلك من المجالات.
لكن الإشكال المطروح في عصرنا الحالي هو أن الكتابة الإسلامية، والنتاج الإسلامي الفقهي تحدث عن مسائل شديدة الخطورة في حياتنا الثقافية والسياسية والدينية، كثيرا ما تعبر عن مجرد القدرة على نقل ما قرره الفقهاء الأقدمون من أحكام اجتهدوا فيها أو قلدوا من سبقهم في تقريرها، وكثير من هذه الأحكام مبني على واقع العصر الذي تقرر فيه أو مبني على عرف بلد أو قوم بعينهم، أو مبني على الوقوف عند سبب نزول الآية القرآنية أو سبب ورود الحديث، مع أن من بين القواعد المتفق عليها عند أهل العلم "العبرة بعموم اللفظ بخصوص السبب" وأن "الأحكام تتغير بتغير الأزمان" ولست ممن يقولون بإهمال الفقه المدون على أصول المذاهب الإسلامية كلها بثرائها وتنوعها، بل إنني ممن يرونه ثروتنا القانونية التي لا تماثلها ثروة أمة أخرى، ولكني أقول : إن كثيرا من المسائل التي تقع للناس اليوم تحتاج إلى اجتهاد جديد يؤدي دوره في تيسير تطبيق الشريعة الإسلامية على واقع الناس، وفي تقريب العباد إلى الله سبحانه وتعالى وتشجيعهم على طاعته، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ولا يكون ذلك إلا باستصحاب قواعد الاجتهاد الأصلية، ومن أهمها قاعدة ضرورة المعرفة بالواقع مع المعرفة بالنصوص، حتى يكون تنزيل الأحكام على الواقع تنزيلا يلائم بين حاجات الناس، وبين الرأي الفقهي أو التشريعي كما فعل سلف الأمة على طول التاريخ الإسلامي كله.
وقائمة المواضيع التي تبرز حاجة الأمة اليوم إلى فقه جديد يستصحب أصول شريعتنا ومناهج الاستدلال المقررة فيها ويلبي ـ من خلال إنزال هذين العنصرين الثابتين على الواقع المتجدد دائما المتغير أبدا ـ حاجات المسلم المعاصر فردا كان أو جماعة.
وما أجمل قول العلامة الشيخ عبد الجليل عيسى في مقدمة كتابه ـ صغير الحجم جليل النفع : "لا يصح لنا اليوم أن نعذر أحدا في السير وراء المتأخرين، والجمود على آراء الغير واعتبارها كأنها تنزيل من حيكم عليم، خصوصا إذا قارن ذلك هجر كتب السلف الأول .. "وقد اشتغل ذلك بعض سيء القصد في الطعن واللمز في أصل الشريعة نفسها".
لقد قصرت أمة الإسلام في عصورها اللامتأخرة في الأخذ بأسباب العلم بالكتاب والسنة، ومتابعة سلف الأمة الصالح في الغوص على ما فيها من معان وحكم وأحكام، تسعد البشرية في كل زمان ومكان، وضعف الاجتهاد بضعف المسلمين، حتى اختلط الحابل بالنابل، والتبس الحق على كثير من المسلمين وكثرت المشكلات وكثر القول في دين الله بغير علم، وتناقض العلماء الربانيون، وهذا نذير سوء في أمة الإسلام، الأمة الشهيدة على كل الأمم.
فهل يعقل أن يقف هذا الدين الصالح لكل زمان ومكان عاجزا عن مواجهة هذه الأطوار الجديدة باجتهاد العلماء الذي يبين للناس حدود الحلال والحرام، والمباح والممنوع فيما يواجهونه من تطورات وتسارع الأحداث والمستجدات ؟
وهل يعقل أن يظل المسلمون أسرى ما قاله علماء أجلاء في القرون السابقة في وصف نظم الحكم التي كانت سائدة لديهم، وهي كلها نظم فردية محورها هو الحاكم الذي تدين له بالطاعة، وتستمد منه القوة سائر السلطات والهيئات والأفراد؟...
وهل يعقل أن يظل المسلمون يحتكمون ويرجعون في علاقاتها بغير المسلمين من مواطنيهم إلى أفكار وآراء صيغت لتناسب حال الحرب التي كانت سائدة في وقت ما، بعد أن نصت على الحياة المتأنية بين الفريقين قرون ؟
ولأن ذلك غير معقول، فإننا في حاجة إلى إعادة النظر في أوراق الفقه الإسلامي، لأن بعض الدارسين وصفوا الاجتهاد في العصر الحاضر بأنه عبارة عن نظريات لا تمس الواقع، واعتبروا انكماش الحركة الاجتهادية في العصر الحديث تعود إلى عوامل منها : قلة القادرين على الاجتهاد، وما وقع من فصل بين الشريعة والواقع.
نعم إن حتمية فقه جديد يتأهب ويتطلع إلى تحقيق حاجيات الفرد والمجتمع تبدو أكثر مما مضى، لأن الأوضاع تغيرت وانقلبت انقلابا جذريا وغدت القضايا المعاصرة كما قال الدكتور علي الخفيف "بعيدة الشبه بما دون في الكتب من المسائل التي أنزلت عليها الأحكام، وتغيرت المعاملات وتعددت صورها، وحدثت فيها أنواع لم يكن لها وجود ولا شبه من قبل، واتصلت بالحياة العلمية، اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، اتصالا جعلها من عناصرها ومقوماتها".
والأمثلة على هذا الوضع في الفقه الإسلامي كثيرة، لكن حسبنا هنا عرض مثال أو مثالين للتوضيح فقط.
ذكر الدكتور محمد علي السرطاوي في كتابه "قضايا طبية معاصرة في ميزان الشريعة" نصوصا كثيرة على قضايا طبية ليس فيها من الاستدلال إلا آراء العلماء القدامى وكأن علماءنا في سبات يخشون النهوض منه، فعرض مثلا لمسألة نقل الجلدة من عضو من أعضاء المريض لزرعها في عضو آخر منه، وعرض لآراء العلماء القدماء واستخلص أن منع العلماء لهذا الأمر إنما هو "في تقدير مقدار الضرر ورجحانه في جانب على جانب آخر مع ملاحظة الفرق بين المسألة التي افترضها الفقهاء، وبين هذه المسألة، حيث أن الأمر في الأولى يقتضي استهلاك العضو المراد بتره، واحتمال الضرر الناتج عن ذلك كبير لحصوله في غير ظروف طبية، ثم إنه ليس من قبيل المعالجة، والأمر في الثانية مختلف تماما، فليس فيه استهلاك العضو المبثور واحتمال الضرر الناتج عنه في الظروف الطبية قليل من قبيل المعالجة"، ثم يتساءل أن ظروف هذه الأحكام قد تغير والغرض كذلك، فأين هم أحبار هذه الأمة في دراسة المسألة وإيجاد حلول لها، علما أن الطب تقدم وتحكم بانعدام أضرار جانبية على صحة المريض ؟ ثم أدلى برأيه كونه دكتورا متخصصا، فقال : "فإنني أرى جواز الجلدة من موضع في الجسم بزرعها في موضع آخر فيه بشروط :
1. أن لا يوجد دواء أو علاج آخر من معدن أو حيوان يقوم مقام هذه العملية.
2. أن يغلب على ظن الطبيب نجاح العملية.
3. أن يكون الضرر فيه أكبر من الضرر الناتج عن قطع الجلدة.
4. أن يؤخذ إذن المريض أو وليه"، فهذا هو واقع الفقه في كثير من المسائل، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي إذن آفاق الدرس الفقهي ؟ أو ما هي تطلعات العلماء لهذه الأمة ؟ هل يترك المجال في تقرير الشروط والضوابط لأطباء أم لمن ليس لهم في فهم الشريعة، هذا ما سنحاول بيانه في النقطة الموالية بإذن الله تعالى.
2. آفاق الدرس الفقهي :
إن سلامة الاجتهاد وصواب الفتوى يتوقفان على مدى ملاءمتهما لروح العصر وتقدير ظروف البيئة والأعراف السائدة، عملا بالقاعدة الشرعية "تتغير الأحكام بتغير الأزمان" لذلك قال علماؤنا أنه لابد في الاجتهاد من معرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله أو لحدوث ضرورة، أو لفساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أولا، لزم منه المشقة والضرر بالناس، ولخالف القواعد الشرعية المبنية على التخفيف والتيسير، ودفع الضرر والفساد، إذ الأحكام تتغير بسبب تغير أو تطور التنظيمات الإدارية المستحدثة، كنظام التسجيل في السجل العقاري الذي أضحى يغني عن التسليم الفعلي، وتحديد العقار بحدوده الأربعة عند بيعه، ولكن ينبغي الانتباه إلى أن الأحكام القابلة للتغيير هي الأحكام المصلحية أو القياسية، أما الأحكام الأساسية أو القطعية، كحرمة المحارم، ووجوب التراضي في العقود وضمان الضرر اللاحق بالغير، فلا تقبل التغير أو التبدل.
فالمعاصرة تتطلب مراعاة الظروف الاضطرارية أو الحاجية، عملا بالقواعد الشرعية مثل "الضرورات تبيح المحظورات"، و"الضرورة تقدر بقدرها"، وكما تتطلب يجب أن تراعى فيها التغيرات الاجتماعية والسياسية العالمية.
إن الحديث الذي يتكرر في كل ملتقى إسلامي، تثار فيه مسألة الاجتهاد الديني والتجديد الفقهي، قول بعض الباحثين أن علماء العصر يتحدثون حديثا نظريا عن ضرورة التجديد الفقهي وعن استمرار الاجتهاد الديني، ولكنهم لا يمارسون هذا الاجتهاد ولا ذاك التجديد، ويقال عادة أنهم فتحوا باب الاجتهاد ومارسوه فعلا بمجرد حديثهم في هذا الشأن ودعوتهم إليه.
يقول الدكتور وهبة الزحيلي : "والاجتهاد في عصرنا الحاضر ألزم من أي عصر مضى، لكثرة القضايا وتعقد شؤون الحياة وتبدلاتها الشريعة، وتطور أنظمة الحياة والمجتمعات وتحديات الأنظمة الوضعية للشريعة الإلهية".
ويضيف في موضع آخر قائلا : "وقد تجاوز فقهاء العصر مقولة "إغلاق باب الاجتهاد" لأن إغلاقه كان من قبيل السياسة الشرعية لمعالجة فوضى اجتهادية بسبب انقسام العالم الإسلامي وتمزق وحدة المسلمين وكثرة أدعياء الاجتهاد". لكن السؤال المطروح هل هذا واقع فعلا ؟
يقول الدكتور سليم العوا ردا على من يشكك في أن الاجتهاد واقع في عصرنا الحاضر "وهذه المقولات كلها ظالمة، فإن الاجتهاد يمارس فعلا على امتداد الساحة الإسلامية الواقعية والفقهية والفكرية والحركية، والصحف والمجلات ووسائل الإعلام تنقل كل يوم آراء اجتهادية في موضوعات شتى لعلماء أعلام، ممن لا يخلو منهم قطر من أقطار الإسلام، ولا شعب من شعوبه، غاية الأمر أن آلة "الرصد" والتجمع في بلادنا ـ كلها ـ قاصرة أشد القصور عن متابعة ما يجري على الصعيدين الفكري والفقهي، متابعة مستمرة تنتج علما متجددا، وخبرة متراكمة بجهود العلماء المعاصرين في الاجتهاد والتجديد".
إن ما قيل ويقال وسيقال مستقبلا كثير، لأن عملية الاجتهاد والفتوى في العصر الحاضر لا يمكن أن يقوم بها شخص بمفرده، بل لابد أن يعهد الأمر إلى مؤسسات يتعاون أعضاؤها على إبراز الحكم الشرعي في القضايا المعاصرة المطروحة وليس معنى ذلك نفي الاجتهاد والبحث الفردي، بل إن الأبحاث والاجتهادات الفردية هي التي توصل إلى الاجتهاد الجماعي الصحيح الذي يوصل إلى تحقيق الإجماع.
فنحن اليوم في حاجة ماسة إلى الإجماع في القضايا المستجدة بل وفي القضايا الخلافية التي تسبب الكثير من الحرج والاضطراب للمسلمين، إننا بحاجة إلى إجماع فقهي يتناسب وروح العصر.
بل واجب علماء الأمة وأحبارها، أن يتحركوا مع حركة الزمان، وأن يعطوا الدراسات الشرعية كل ما تستحقه من عناية وتوسع مجالها، والإنفاق عليها بسخاء كما ينفق على غيرها من الدراسات تعويضا عما فات، وأن توجد الحوافز الأدبية والمادية التي توجه إلى هذه الدراسات أطيب العناصر الإنسانية، وأقدرها على البحث والتنقيب ثم الإبداع والابتكار، وأن نعيد صياغة الأحكام وتبويبها وفهرستها وجمعها في أسلوب عصري يوفر الجهد والوقت ويظهر المخبوء في مجامع أنهار الفقه، وملتقى بحاره والجواهر النفيسة المطمورة تحت تراب الزمن، وأن نعيد النظر في بعض الأحكام الفقهية التي لا تلائم الزمن، مفرقين تفريقا واعيا رشيدا بين الشريعة الإسلامية كدين سماوي في مصادرها الخالدة، ونصوصها المحكمة، وقواعد الكلية الدائمة مما لا يقبل التغيير والتبديل، وبين الفقه الإسلامي، وهو الأحكام الشرعية العملية المستنبطة من هذه النصوص والمصادر والقواعد، باعتبارها حصيلة أفهام بشرية قابلة للنظر وصوة من التطبيقات الزمنية، وأن نخطط لذلك تخطيطا رصينا يجمع بين الحل المناسب للأمور الوقتية العاجلة والتنظيم الدقيق للمستقبل القريب والبعيد.
 

زناب

:: متابع ::
إنضم
2 مارس 2014
المشاركات
37
الكنية
أم أيمن
التخصص
أصول فقه
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: واقع الدرس الفقهي المعاصر

أحسن الله إليك و نفع بك .
 
أعلى