العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

وجهك حيث يتركز وعيك، و تستثمر من عالم ذاتك

إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
17
التخصص
فلسفة
المدينة
صيدا
المذهب الفقهي
شافعي أكبري
بسم الله الرحمن الرحيم



وجهك،.. حيث يتركز وعيك و تستثمر منك



أمم متخصصات، و بيئات ثلاث

نحل الله سبحانه و تعالى جملة البشر وجودهم، و نحلهم بيئات الطبيعة و الحياة و القرآن، و كل أمه تعبر عن حالها في بيئتها الخاصة. تبدع في بيئتها و تقتبس إبداعات صواحبها، و بذلك تكتمل الحضارة الإنسانية، التي تعجز عن القيام بها أمة واحدة.

أضخم خيبة تصيب أمة من الأمم، عندما يكون الوقت موات لأمة أخرى، في هذه الحالة المتوجب على الأمة المفارقة لحقيقتها و ظروف الزمان و المكان هو الإقتباس، و أن تدري أن الوارد المقتبس هو جزء من الحضارة و ليس كامل حضارة الإنسان، و أن تدري أن انمحاقها حال عارض، و أن لها زمان مقبل ستعيش الاحساس المتنامي به و يكون عهدها و أن تمكنها من إقليمها هو تعبير عن حال الاحساس المتنامي بالمكان.
وهم الكمال في حضارة جزئية لأمة متخصصة في إحدى البيئات يضخمه تبجح الأمة السائدة في الوقت المناسب بأنه الانسانية كلها و أن حياتها هو التاريخ كله، و أن بضاعتها هي كل ما يحتاجه الانسان، أو أن الانسان يحتاج إلى أكثر و هي تنتجه. مثلا الغرب ينتج وسائل العيش و الحرب، لكنه عاجز عن الاحساس بالزمان و الابداع في المجال السياسي، لكنه يوهم نفسه أنه رائد في هذا المجال، و الشرق بسبب أنه منبهر بانجازات الغرب يرى مخدوعا به، الصين و الهند يقلدان الغرب، رغم تقدم الهند الواضح جدا على الغرب في الاختصاص الشرقي، أي الحياة الاجتماعية، أليس الهند دولة واحدة منذ سيتين سنة، بينما أوروبا أمة فاشلة في هذا المجال رغم أنها أقل تنوعا من الهند في الألسن و الثقافات، كل ما حققته توحيد العملة و اتحاد هش، يقلقه تعدد الألسن.


الفقهاء الأرذال،


صناعالموت و العذاب

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "إذا أراد الله أن يرذل عبدا حرمه من العلم"، لكن بعض العلماء هم أرذل من ذلك المحروم من العلم. فإن الوعاء الفارغ خير حالا من مزبلة لا شك.
من المواقف: "العارف يعرف و يعرف، و الواقف يعرف و لا يعرف"، إذا كان العارف و هو الأعظم و عيا من الفقيه يجهل حده، و يعجز عن إدراك ما يستحيل عليه معرفته، فإن الفقيه أخيب، و مصدر معظم الشر هو من الفقيه الناقص الذي يسيء أدبه مع الله و مع الناس، من فصيلة المشاقق الناصب أو فصيلة المارق الرافض، و بالتالي يكون أعجز عن تأديب العمال المقلدين له، و ربما زايد عليهم في جرأتهم على الله و إيذاء رسوله صلى الله عليه و سلم في أهله نساءه و صحابته، أو أهملهم، و برر لهم الكفر و الفسوق و العصيان و أوهمهم أنها أخلاق محسوبة عند الله قربة لله تعالى، و أنها في مرضاة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أهل بيته صلوات الله عليهم و سلامه، أو أنها حفظا لمقدار صحابته رضي الله عنهم أجمعين.
قال تعالى: "وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ؛ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ"


العمال،.. الفضلاء منهم و الأرذال

العامل الفاضل هو الذي يصدق عليه حديث رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم: "الحق ما تلجلج في صدرك و اطمأنت إليه نفسك و إن أفتاك الناس و أفتوك"، شرط أن يتبع الحق الذي أدركه، و شرط ألا ينصب نفسه مرجعا و استاذا على أحد حتى صاحبته أو ولده، و أن يعتقد أن إدراكه هو شرع أو حكم معتبر يخصه وحده فقط، و يلزمه وحده و لا يتعدى شخصه إلى أحد غير معه.

و الحق هو العلم أصاب الواقع المعلوم، أو الرؤية أصابت حقيقة المرئي، و الباطل هو العلم أو الرؤية المخالفة للواقع المعلوم أو المرئي.
و باعتبار أن الحق غير مضمون تحصيله، مهما بلغ حرص الإنسان عليه و اجتهاده في تحقيقه، و مهما بلغ عقله و خبرته، و باعتبار استمرار الجهل بتحصيله عند تحصيله و استمرار الجهل بتفويته عند تفويته، فإن المسؤولية أساسها عن العمل و القول أساسها العلم فقط، و ليس حقيقة الواقع.

قال تعالى: "إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ- وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ- وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ"، الكذب هو القول خلاف العلم، و في وضع الكذب القول و العلم أحدهما يكون الحق و صاحبه الباطل، في حال النفاق القول هو الحق، و العلم علم المنافق هو الباطل، و في حال التقية العلم هو الحق و القول قول المتقي هو الباطل.
لا يجوز تشويش الذهي بضعف التمييز و الخلط بين التقية و النفاق، المتقى هو المسلم يتقى بتبديره و اختياره أذى الكافر حرصا على حياته و دينه، لا تقية من مسلم، التقية تكون من كافر أو جاهلي أو علماني، الخ. لا فرق بين هذه الكلمات في المعنى، و التقية من مسلم هي في الحقيقة نفاق رافضي مارق مستصحب للجاهلية المجوسية.
و الرافضي المجوسي يذهب بعيدا جدا في التمويه على نفسه و هو يغشها و ربما أوهم نفسه أن المسلمين هم أعداء رسول الله و أهل بيته، و أنه إنما يخفي عنهم حقيقة أهل البيت و ليس غلوه فيهم، و أنه إنما يخفي عنهم حقيقة الصحابة و نساء النبي و ليس تجنيات نفسه الخبيثة عليهم.
شر العمال هم أهل حروراء الذي سنوا الخروج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه، فضيلتهم الطاعة ليس أكثر، لكنهم جهلوا حقيقتهم و أقصى ما يكون من خيرهم و شأنهم، فتطفلوا على الفقه بل و بارزوا المشهود له من الرسول أنه أفقه المسلمين في دين الله.
مثال على رذالة العامل:
· لنفترض أن رجلا و صاحبته اتفقا على قاعدة شرعية نصها: السائل المختلف المسكوب على الأرض ما غلب على مزاجه الماء أو البول، يأخذ حكمه، نجاسة أو طهارة،.. و نفترض أن ملابسهما قد أصابهما هذا السائل.
· يبقى لكل منهما سلطة شرعية تقديرية متناهية في الضيق، أي سلطة لازمه لا تتعدى شخص الحاكم الشرعي، و في هذه الحالة المطلوب تقدير هو أيهما الغالب الماء أم البول، للحكم بنجاسة السائل أو طهارته.
· على إفتراض أنهما اختلفا في التقدير، لا يجوز للرجل أن يحمل زوجته على تقليده، أي طاعة حكمه، لأن حكمه أو ظنه أو رأية هو أمارة على تعين تكليف شرعي يخص شخصه فقط، و ليس يصح أن يلزم أحد سواه به، مهما بلغ يقينه من صواب رأيه. و هو لا شك يكون آثما، باعتبار أنه بمحاولة حمل غيره على اتباعه يكون مدع فقه.



الفقيه إنسان، و الإنسان حر مبدع،...


أو مستصحب مومياء مدع فقه.

حتى يستطاع تمييز الفقيه من المتطفل على الفقه يلزم معرفة ما هو الانسان أولا، بسبب أن الفقيه هو إنسان، بمعنى أن وعي الفقيه يفترض أنه مركز معظمه في نفسه الجزئية الناطقة القدسية.
تركز وعي الإنسان في إنسانيته معناه أنه صار كائنا مطلقا غير مقيد، المقيد هو الحيوان، مثلا للطائر جناح يطير به، للسمكة زعانف تجدف بها، للثعبان بطن يمشي به، و الحيوان لا يخترع نغة، بل النغات كلها موهوبات له.
بينما الانسان رجله مطلقة، هو يقيد نفسه في المشي بما يخترعه من وسيلة نقل طائرة أو غواصة أو سفينه أو عربة، الخ. و لسانه مطلق هو يقيد نفس في الكلام باللغة التي يبتدعها، و الانسان يده مطلقه هو يقيدها بالوسائل التي يخترعها و الدربة التي يعتادها.
في الحقيقة ما تقدم كان كلاما يخص الحيوان الملحق بالانسان و ليس الانسان نفسه، فإذا حيوان الانسان تحرر بسبب التحاقه بالانسانية، فشأن من باب أولى أن يكون أعظم تحررا.
الانسان له قوى خمس خفية هي النباهة و الفهم و الذكر و العلم و العمل، و هي قوى حرة مطلقة، غير مقيدة بشكل ضيق أصلا، فيما بعد حتى يستطيع الانسان التأثير يقوم بتقييد هذه القوى بما يخترعه لها من أصول فقه مناسبة لطور حياة الأمة المعاش.
بديهي أن الفقيه الذي يحتفظ بالموريوث من أصول الفقه أو الأصح بمومياءات الفقه كما هي، إنما يحتفظ بألفاظ و خطوط، لا يبقرها و يبلغ معانيها ليقوم بيجديدها و إنعاشها، هو ليس مدع فقه فقط ، بل مدع إنسانية أيضا.

لا يجوز للفقيه إلا أن يكون مجتهدا، مستقل الرأي لا يقلد غيره من سبق أو من يعاصر. لكن هذا لا يعني أن يكون مريضا بآلية التكوين العكسي العاطفي و النظري، بمعنى أن يخالف مضطرا، بمعنى يخالف مقدما كعادة قاهرة، و ليس يفترض باختياره إمكانية المخالفة من باب صيانة الإحتمال و الحرص على الحق، و ليس عن سابق اجتهاد يوصله إلى رأي مختلف.
يستصحب الفقيه المزيف الموروث من الاجتهادات الخاصة بمذهبه، مع ما يشوبها من أصنام المضاعفات سلبية عفوية أو متعمدة صادرة عن نفس خبيثة و عقل أسود، و هو بذلك لا يكلف نفسه القيام بواجب تصفيتها لتحقيق المزيد من العافية لأمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم، و تذويب هذه الاصنام المجافية لملة سيدنا إبراهيم عليه السلام، و هو بذلك يقترف أفظغ الجنايات على جماعة مقلديه بتركها على حالها مومياءات محنطات، فيزيد بتطفله من جفافها و يبوستها، بدلا من إنعاش مشاعرها و بعث الحياة في عقلها، لكن كيف يمكنه القيام بهذا الواجب المفترض أن يقوم به و هو عاجز عن أن يجسد عصره في شخصه القاصر، فيكون عنوانا له دال على قيمه، حتى يتوفر أسباب السعادة و السيادة للجماعة التي يوجهها و تلتف حوله..
حتى لو صلحت نفسه لكن تركز وعيه في حسه أو أعضاء لسانه و يده و قدمه فهو حيوان و الإنسانية فيه مستضعفه مضمره و بالتالي يكون مدع فقه أيضا، و ليس يصدق عليه اسم الفقيه، يمكنه أن يكون مجاهدا أو أديبا ناثرا أو شاعرا ناظما، لكن ليس فقيها.

فقط إذا اتفق أن أجود الثلاثة الأشياء التي يتكون منها جسمه هو هذه النفس الخفية، و أن خبراته و مقتنياته تخدم الاستعداد الفقهي الكامن، تكون قد اكتملت له أسباب تمتعه بالانسانية، أي توفر له التمهيد المطلوب لتحصيل ملكاتها السبع و هي استشعار نفاسة العلم و احتقار المال، و التخلق بالتدبر في القراءة و التورع في الفعل من قول و عمل، و الإقتدار على ممارسات التفسير و الترتيب و التمييز و إتقان العمل و الإنتباه إلى مضامين هذه الممارسات، و لم يتبق بداهة إلا التوفيق من الله ليكسب و يفلح في الفقه.

و يصجب الفقه أو ما يتضمنه من معنى ضروري هو التحيز للمعنى من فكرة أو وصف حسي على حساب مبنى اللفظة، أي هو إلى أدب الذهن أقرب منه إلى أدب اللسان و اليد.
و يلزم له أيضا أنه قليل الاهتمام بالنساء و رفاهية العيش، ربما يكون نهما شهوانيا، لكن لا يتقدم في قلبه الهوى ليبلغ أطوار الهيام أو الوله أو التيم، فيغلبه على أمره، ربما في حال تعثره في طريق التعلم خاصم إنسانيته الهوى فعاش أطوار الحظوة و المودة و العلاقة، لكن إذا رسخ في العلم و تحصلت له الملكات السبع، و استقر معظم وعيه عند الشق الناطق من نفسه الخفية لا يتجاوز هواه أطوار العشق و الإعجاب و الإستحسان.

نصف عدالة الفقيه،.. الإقرار بعدالة الآخرين من الأمة، و خاصة السابقين.
إذا كان الفقيه مقتنعا بأنه يعيبه عيبا فاحشا أن يقلد غيره و يشينه و يفضح زعم فقاهته، حتى يسقطه من جملة الفقهاء، فكيف يسوغ لنفسه ممارسة إعراب الناس غيره و تلامذته، ممن سبق و عاصر.
ما يستقيم مع منطق تقبيح تقليد الغير، هو أن يستغرب الفقيه أو حتى يستهجن كثرة توافق اجتهادات معاصريه مع اجتهاداته، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله و جهه و رضي عنه: "كثرة الوفاق نفاق".
أما إعراب الفقيه للسلف، فهو منتهى السفاهة، خاصة إذا كان هذا السلف هو صحابة رسول الله و نساءه، لسببين إثنين، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله و جهه و رضي عنه: "الأعلى يعلم الأدنى،و الأدنى لا يعلم الأعلى"، لا أحد يستطيع وزن أصحاب رسول الله و لا نساءه.
و السبب الآخر هو أن الفقيه لا علاقة له بالتاريخ، الذي له علاقة بالترايخ هو الفيلسوف العارف صاحب الكلام الشاعر، الذي يستطيع أو هكذا يفترض إذا بلغ الغاية من الحكمة أن يعين العصر الذي عاشه فيلسوف ما من فحص عباراته.
بعض الزيدية مثلا يكفرون سيدنا عثمان رضي الله عنه، هل كان مطلوبا من الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام أن يزكي و يثني على سيدنا عثمان أيضا، كما فعل بخصوص الشيخين أبي بكر الصديق و عمر الفاروق رضي الله عنهما، حتى يعرف بعض المحسوبين عليه أنه كفر تكفير هذا الصحابي الذي بشره بالجنة رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم.


أخلاق الحكماء

خاصة الفقه أنه مظروف بعرف ناس يعيشون في إقليم، و خاصة المعرفة أنها مظروفة بعصر، أي أنها تتقادم و تفقد صلاحيتها و جدواها في عصر تال، و يتطلب أمر استمرار الحياة تجديد المعرفة و تحديثها، ميزة التعالي على الظروف أي على الزمان و المكان خاصة بالوقفة أي أثر الصوفي الولي، بسبب أن علمه هو نحلة من الله سبحانه و تعالى، و العلم الممنوح من الله هو مطلق الصلاحية، و ليس أنه يخص وقتا أو موقعا، بل يخص الانسانية، و الإنسانية مطلقة بمعنى في كل إقليم يوجد من أصناف النباتات و النباتان فقط ما يمكنها العيش فيه، و في كل عصر يوجد من أصناف النبات و الحيوان ما يمكنها العيش معه، لكن الانسان بإمكانه أن يتكيف للعيش في كل إقليم و مع كل عصر، و ليس مضطر للتغير حتى في شكل حيوانه أو نباته، بمعنى للتغير الكبير الذي يمنع إمكانية التزاوج بينهم السلالات الانسانية، لا شك أنه حتى الأقزام من البشر و العماليق أو السود و الشقر يمكنهم المصاهرة. و بمعنى أن الطفل من الناس يكتسب ثقافة العشيرة مهما كانت متخلفة أو متقدمة.
إذا كانت نصف عدالة الفقيه هو استئناف الإجتهاد و تصفية التراث من المضاعفات و تجديده المتبقي المهذب منه، و إعفاء غير نفسه و أتباعه من قياس الناس و إعرابهم وفق شروط أصوله الفقهية.
لا يجوز مثلا و بعد مرور جيلين، تغليط سيدنا العارف الشهيد سيد قطب ألحقنا الله به، في شعاراته وجوب استعلاء المؤمن بإيمانه و المفاصلة الشعورية للجاهليين المحدثين المسمين بالعلمانيين، بسبب القومية العربية التي عاصرها كانت مسعورة النفس مختلة العقل، و تصطنع الخصومة بين العروبة و بين الاسلام. و كانت بغيا لا ترد يد لامس علماني محلي أو مستورد. الآن هذه الشعارات تقادمت و فارقها الوت و صار رفعها مجافيا للحال القومي الجيد. معظم العرب اليوم مقتنعون بأن الإسلام هو الحل و لكن الخلاف على الطريقة.
لكن ليس تقادم معرفة أنه و حداثة معرفة لا علاقة له بالجودة و الصواب، مثلا فلسفات فشته و شلنج المتنعتات هي أرقى من فلسفة هيجيل السطحية و رغم ذلك تمادى في نقدها و محاولة نقضها، بسبب قصوره.

ضلال الصوفي محتمل،


تماما كما ضلال الفقيه.


ليس كل صوفي هو ولي الله حتما، كما أن ليس كل فقيه هو كريم أو حر ملتزم بالجادة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله محمد صلى الله عليه و و آله و سلم، ربما كان الفقيه متطفل أصلا على العلم أي أن استعداده لا يساعده، و أن شأنه لا يعدوا أن يكون عاملا تابعا لشيخ مستمعا للعلم، الفقيه هو من يمكنه اسعتداده من ممارسة الاجتهاد، و ذلك بعد طول درس و تدبر في النصوص الشرعية و في الوقائع الحادثة، و الأهم هو المنتمي لملة إبراهيم و أمة محمد صلى الله عليهما و آلهما و سلم، و ليس الأرعن الداهية الذي حيث يلزم أن يوجد عقل هادي في رأسه؛ يوجد بدلا منه شيطنه نكراء، فتكون النتيجة أن يستعمل الاسلام لضرب الاسلام و توكيد الخصومة المصطنعة بين جماعات أمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
ربما تركز الوعي في الاسم الإلهي بسبب قوة الاستعداد، و لكلمة الله المنقوشة حقيقتها الخطيرة و هي أنها عظيمة التأثير، كأن تشفي المرضى بإذن الله حتى لو كانت سقفا لتكوين شخص لئيم أو شقي، قالت العرب : "الناس في الخير أربعة كريم و حر و شقي و لئيم، فالكريم من يفعله إبتداء، و الحر من يفعله اقتداء، و الشقي من يتركه حرمانا، و اللئيم من يتركه استحسانا"، يمكن إدراج فئة الصوفية اليونانية المعروفة بإسم الكلبية في طبقة الشقي، باعتبار أن لا نصوص مقدسة كانت متاحة في أفقهم لتكون قشرة صائنة لهم.

كما أنه لا يوجد جسم إنسان ليس مؤسس على حيوان، و لا يوجد جسم حيوان ليس مؤسس على شجرة، و لا يوجد شجرة مستغنية عن الجماد، أيضا لا يوجد صوفي لم يكن عارفا ثم بعون الله تعالى ارتفع جنس عرضه من المعرفة إلى الوقفة، و لا يوجد عارف لم يكن فقيها ثم بعون الله تعالى ارتفع جنس عرضه من تعلم المعاني القريبة للكلام إلى التأثر العميق و الشاعرية المتنامية، و لا يوجد فقيه لم يكن عاملا أي مستوعبا حسه حافظا للمخطوط و المنطوق من الرسوم المقدسة مع الجهل شبه التام بمعانيها، ثم بعون الله اكتسب الحياة بطول البحث عنها في معاجم اللغة و في الصادر و الوارد من علوم الأمم.

المعجزات ليست خوارق للسنن،
و ليست دليل هدى و كرامة.

هل مشي الشجرة هو معجزة؟
ليس معجزة إذا كانت الشجرة التي تمشي هو شجرة غير مستقلة بل ملتحقة بجسم حيوان، جميع أشجار الحيوانات تمشي، الشجرة بطن و فرج، أو طحلب و فطر، أو خلقان نام متغذ و نبات ناسل.
هل نطق الحيوان هو معجزة؟
ك حيوان متوار أعلاه إنسان، يمشي متنصبا، و يتكلم بلسان فصيح بالنسبة إلى الحيوان المستقل، و له وجه أحسن شكلا، الخ.

مما تقدم يمكن الاستنتاج بسهولة، أن الجسم المركب من أكثر من شيء واحد، تتعدل صور أدنى أشيائه لتكون جديرة بالالتحاق بصور أعلاها، شجرة الحيوان أحسن من الشجرة المستقلة، طحلب الشجرة لا يتحرك بينما كل جزء من طحلب الحيوان يتحرك، الرئة، الفم، المريء، المعدة، المعى، القولون، الخ. و حيوان الانسان أحسن من الحيوان المستقل، منتصب و لا ذيل له و جميل الوجه، و ليس للأنثى أكثر من ثديين إثنين و شعرها محدود الانتشار ليس مهوبرا، الخ.


كيف يصير الإنسان زعيما

يستحيل أن يصير الإنسان زعيما مهما واتته الظروف، إلا إذا كان جيد الاستعداد في الأشياء الملكوتية أي روحه أو عقله أو نفسه الكلية، خاصة نفسه.
مثال: معاوية بن يزيد....
بسبب ضعف نفسه الكلية الإلهية عجز عن الامساك بالملك، عندما وصلت الخلافة إليه بعد وفاة والده يزيد بن معاوية، و بسبب هذا الخرق النفسي ضاعت فرصة عظيمة على الأمة الاسلامية، كان يمكن أن الوضع إلى ما كان عليه في عهد خلافة الشيخين عتيق و عمر رضي الله عنهما، لكن لم ينحل الله معاوية الحفيد قوة نفس معاوية الجد، الواجب هو تمسك سلطان القدرة بحقه في الملك، و معرفة شأن سلطان الحجة و كان وقتها سيدنا علي بن الحسين عليهما السلام، و الإقرار له بحقه أن يطاع أمره، و يسترشد بهديه، و يستمع إلى نصيحته، و ليس التنازل عن حق الملك، و وظيفة سياسة الدولة فهذه أمور ليس هينة سهلة يمكن أن يمارسها الولي الفقيه و قت فراغه من التعلم و الدعوة و النصح و الإرشاد، بل إنها تضره و تشغله، خاصة في وضع تأزم حال الدولة، و مرورها بظروف عصيبه، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه في تمجيد الله سبحانه و تعالى: "لا يشغله شأن عن شأن، و لا شخص عن شخص".
و يستحيل أن يصير الانسان صاحب سلطة تشريعية شيخا أو نائبا، إلا إذا كان موهوبا في عقله، و ربما صار بسبب أن الظروف لم تكن مواتية فقط، بل بسبب جهله بنفسه أيضا، فيكون مشرعا مصيبة فضيحة، لا يعرف حق الله و لا الصواب و الخطأ و هو يشارك في صياغة القوانين للدولة و الناس.

و يمكن أن يصير ملكا بالوراثة، فإذا أتفق أن كان ضعيف الروح، نام و نام معه المجتمع المنكوب به.
لكن بالنسبة لطبقة الصوفية فإن التطفل فيها و الفضولية ممتنع، لا يدخل في هذه الطبقة إلا موهوب، يمكن أن يختلط الأمر على الناس فيعجزوا عن التمييز بين الصوفي و بين الساحر، لكن الفيصل هو أن الساحر يجعل الناس يهلوسون أي يحلمون و هم عيونهم مفتحة، أي يرون فقط، لكن عمل الصوفي هو معاينة، أيو معجزته من جنس رؤية عين اليقين.
قال تعالى: " وَ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”

يستطيع الساحر أن يري الناس أنه يخلق من الطين كيهئة الطير و ينفخ فيه فيكون طيرا، لكن في الواقع لا يكون شيئا محققا. فلو قيل له إذبح هذا الطير و اشويه و أطعمنا لا يستطيع لأن ما صنعه ليس سوى شبح، لا يعدوا أن يصلح موضوعا مسليا للحس لا تأثير له في المادة.

السبب أن الصوفي أجود ما في تكوينه هو الإمضاء الإلهي، لكن مجرد هذه الحقيقة لا تعصمه و لا تصونه، بل إنها تعظم مصيبته إذا لم يبالغ في الاعتناء بنفسه و طلب العون و الاستقامة من الله سبحانه و تعالى.

الحرمان أو اللئم سر الضلال،..
من قاديانية و بهائية و نصرانية و فرعونية، الخ.

بعد أن شبعت روحها من الفرعنة حتشبسوت، عملت لذاتها ترقية من رتبة ملك إلى رتبة إله، ليس في عملها هذا سوى حسنة و احدة، و هي أنها أثبتت أن مؤسسة السلطان أو الملك أو الإمارة، الخ. ليست سقف الوجود الاجتماعي، بل تعلوها رتبة، لقد ارتفعت في ذاتها إلى أعلى مستويات التكوين، ربما هي ليست لئيمة تستحسن السوء، بل شقية محرومة من نص مقدس، و لو توفر لها ربما كانت من الأحرار أو حتى الكرام.
ما المشترك بين ديوجين و أرسطو و لاوتان و بوذا و أحمد قاديان و بهاء و حتشبسوت و رمسيس الثاني و كل من ظن في نفسه الألوهية أو حتى النبوة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم، أو الولاية بعد الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي قدس الله سره.
المشترك أنهم جميعا صوفية......

أرسطو صوفي رشيد،


ليس محروما شقيا

ما الفرق بين ديوجين الشقي المحروم من القوت العلمي و بين أرسطو؟
أرسطو أستاذ لملك عظيم فاتح، و لا يكون أستاذا لملك إلا من رتبته أعلى، أي صوفي و كونه مؤسس علم العلوم المنطق، يشير إلى أن جوهره الأعلى اسم الله المنقوش في قلبه كان محل عناية إلهية و أن المنطق ليس سوى ظل عرضه العام.
أي ليس غياب النص المقدس سبب ليكون شقيا الموهوب في جوهره الأعلى كلمة الله، ما دام الله سبحانه و تعالى موجودا، و كلماته لا تنفد، و يوصلها مباشرة إلى من يشاء وحيا أو وراء حجاب و بدون توسيط رسول و كتاب.
من المواقف: "للوقفة علم ليس هو بالوقفة و للمعرفة علم ليس هو بالمعرفة"
قال تعالى: "وَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ".

مش ذنب أرسطو أن المنبهرين به مثل إبن سينا و إبن رشد، الخ. و المتحفظون منه المتجنيون عليه مثل سيدنا حجة الاسلام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه قد عجزوا عن هضمه و تربيته حتى أوهموا الناس أن المعرفة صنف مستورد من اليونان، رغم أن أكثر شيء ملء حياة العرب هو الشعر و الشعراء، و الشاعر هو العالم صاحب المشاعر الذي علمه و قالب علمه الجميل يصفان حالته الشعورية، لكن كلمة شعر أو شاعر صارت مثل كلمة عالمة المصرية لا تعني سوى القشور، الشعر القصد أن المعنى المتبادر إلى الذهن عند سماع هذه الكلمة هو شكل البحر أي مجرد ألفاظ مركبة في صورة سمعية متوازنة مقفاة، و عالمة كلمة انحط معناها إلى راقصة خليعة فارغة الرأس من جنس العلم.



العجب حد متردد يتوسط،
منتهى الفضيلة الاسلام و منتهى الرذيلة الفرعنة
حدث رسول الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم عن ربه: "لولا أن العجب خير من الذنب، ما خليت بين عبدي المؤمن و بين الذنب"،
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه:
"سيئة تسوءك خير من حسنة تعجبك"،
"الاعجاب يمنع من الازدياد"
"إعجاب المرء بنفسه أحد حساد عقله"
قالت حبيبة حبيب الله أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "إنكم تغفلون عن خير الفضائل التواضع",
أي العجب يعطل العقل يعيقه عن القيام بواجبه في محاسبة نفسه عن التقصير و يبرر لها تهاونها في طاعة الله، و ربما تمادى في الترخيص لها حتى يدخل الحرام و المعصية من باب خداع نفسه بسبب العجز عن التمييز بين الحق و بين الباطل.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق"، الداهية ليس له عقل لكن له نكراء شيطنة تشبه العقل.

العجب يعطل التمييز،

الباطل يشبه الحق و الأخلاق إشكالية ثنائية، أي الفضيلة تشبه الرذيلة و ليست هي حد وسط بين رذيلتين، قال الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام: "إن للحزم مقدار فإذا زاد فهو جبن، و إن للشجاعة مقدار إذا زاد فهو تهور، و إن للإقتصاد مقدار فإذا زاد فهو بخل،و إن للجود مقدار فإذا زاد فهو سرف"

التلميذ....
محمد سعيد رجب عفارة
الأحد 16 05 2010
 
أعلى