العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
آيات الأحكام الخاصة بالمواريث
اعلم - رحمك الله - أن أحكام المواريث وكيفية قسمتها بين ورثة الميت أتت في أربع آيات من القرآن الكريم فقط هي:

1. الآية الأولى: قول الله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً﴾[النساء: 7], وهذه الآية قررت أن للذكور من أولاد الرجل الميت حصة من ميراثه وللإناث منهم حصة منه من قليل ما خلف بعده وكثيره, حصة مفروضة واجبة معلومة مؤقتة, وذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث, وقال ابن زيد: كان النساء لا يورثن في الجاهلية من الآباء, وكان الكبير يرث, ولا يرث الصغير وإن كان ذكراً, ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وطاعن بالرمح وضارب بالسيف وحاز الغنيمة, فقال الله تبارك وتعالى: ﴿ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾, وقيل أنها نزلت في أم كحلة وابنتها كحلة وثعلبة وأوس بن سويد, وهم من الأنصار كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها, فقالت: يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث!, فقال عم ولدها: يا رسول الله لا تركب فرساً ولا تحمل كلاً ولا تنكي عدواً يكسب عليها ولا تكتسب! فنزلت هذه الآيات. وجاء في سبب نزول هذه الآية قصص مشابهة, كلها تدور حول عدم توريث النساء والأطفال شيئاً من الميراث, وذلك على عادة الجاهلية.

2. الآية الثانية: ويقول سبحانه وتعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً
[النساء: 11] . وقد جاء في هذه الآية بعض أنصبة الوارثين, وأن القسمة لا تتم إلا بعد إخراج الديون التي للناس على الميت, وإنفاذ الوصية فيما لا يتجاوز الثلث, ومن هولاء الورثة الأولاد جميعاً, فقد أعطي الذكر ضعف ما للأخت الأنثى, ولم تغفل الآية نصيب الوالدين.

3- الآية الثالثة: ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[النساء: 12], جاء في هذه الآية بيان نصيب الزوج والزوجة, وأنه يختلف باختلاف حال الميت, وذلك بأن يكون له ولد أو لا ولد له على قيد الحياة. ثم جاء الإخبار عن الكلالة, وهو الميت الذي يموت وليس له أصل أو فرع وارث, أي ليس له والد أو والدة وإن علو على قيد الحياة, وليس له أولاد أو أولاد أولاد على قيد الحياة, ففي هذه الحالة إن كان للميت إخوة من الأم فإنهم يرثونه, وتكون القسمة بالتساوي بين الأخ لأم والأخت لأم.


4. الآية الرابعة: ويقول الله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[النساء: 176], بينت هذه الآية حالة الكلالة إن مات وكان له إخوة أشقاء, أي إخوة من أبيه وأمه, فإن الميراث يؤول إليهم, وهنا يكون نصيب الأخ الشقيق ضعف نصيب الأخت الشقيقة.

إن آيات الأحكام والسياق الذي ذكرت فيه والختام الذي ختمت به تلك الأيات فيه كثير من الفوائد
ويحسن بنا أن نقف عند هذه الآيات ونتدبرها لمعرفة عظمة هذا القرآن وعظمة تشريعاته وإعجازها
وسوف أعرض في المشاركات التالية بعض أوجه الإعجاز التشريعي في آيات الحكام استقيتها من بعض الأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع
أسأل الله السداد والقبول،،،،

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الأولى
اهتمام القرآن بعلم المواريث
من المعلوم أن الإسلام جاء يرسم للبشرية منهج حياة فيه رشدها وصلاحها, والناظر المدقق في أحكام الإسلام وتشريعاته يجدها في حالة من الدقة والتوازن, وعدم التناقض, والحكمة, وتحقيق العدالة والشمول والواقعية, مما يجعل الإنسان يقطع بأن هذه الأحكام ليست من عند أحد من البشر؛ لأن ما يضعه البشر يتطرق إليه الخلل والتناقض, فيحتاج دوماً للتعديل وإعادة النظر فيه, والتاريخ الإنساني يشهد بهذا الأمر.
إن التشريعات المتعلقة بالميراث تعالج قضية مهمة في الواقع الإنساني, حيث أنها تعالج قضية مالية, والمال تشتد المنافسة في طلبه والحرص عليه, وكثيراً ما تقع فيه الخصومة. وإن الورثة هم أقرب الناس لبعضهم البعض, والشريعة تحرص في مجمل أحكامها على دعم العلاقة الاجتماعية في حياة المجتمع المسلم لاسيما بين الأقارب, وتحرص على عدم الخصومة والعداوة والشحناء بينهم.
ولما كان الأمر كذلك من أهمية هذا العلم؛ فإن الله سبحانه وتعالى قد تولى بيانه بنفسه, فجاءت معظم أحكامه الأساسية في سورة النساء مفصلة كما سبق ذكره في الآيات السابقة, وهذا التفصيل على خلاف المعهود من المنهج القرآني الذي يتناول الأحكام كثيراً بالإجمال ويترك للسنة البيان والتفصيل, فأحكام الصلاة والزكاة والصيام لا نجدها مفصلة في كتاب الله كما فصلت أحكام المواريث, وكل ذلك مشعر بمدى اهتمام التشريع الإسلامي بأحكام المواريث، فكانت هذه الأحكام متصفة بالعدالة والدقة والواقعية والتوازن والانسجام والتكامل بين أحكامها بما يشير إلى ربانيتها.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الثانية
موافقة أحكام الميراث ومسايرتها للفطرة البشرية:
إن مما تتسم به الشريعة الإسلامية هو سعيها لتحقيق صلاح الإنسان ودفع الفساد عنه في دنياه وأخراه, وهذه هي مقاصدها وغايتها, فالشريعة جاءت للأخذ بيد الإنسان على درب الله تعالى, ورفع العنت والحرج عنه, قال تعالى: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[الحج: 78], ويقول تعالى أيضاًُ: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾[البقرة: 185], لذا فإن الشريعة الإسلامية في أحكامها تساير فطرة الإنسان التي فطره الله عليها, قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون﴾[الروم: 30], فأحكام الشريعة لا تتناقض مع هذه الفطرة ولا تحاربها أو تكبتها, بل توجهها وترعاها بما فيه الصلاح والفلاح للإنسان في دنياه وأخراه(8).
وهذه المبادئ العامة للتشريع الإسلامي نجدها جلية في أحكام المواريث؛ التي راعت حب الإنسان للمال والولد, كما أخبر الله تعالى بذلك حيث قال: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف: 46], فالإنسان يحب المال, ويحب جمعه, ويحب أن ينتقل إلى فرعه, هذا الحب هو الذي يولد الدافع لدى الإنسان للعمل, والكدح و إعمار الأرض, ولولا ضمان التشريع لانتقال ما يجمع المرء من مال عبر جهده المتواصل في الحياة إلى ورثته من بعده –وأولى الورثة وأهمهم أبناؤه- لولا ذلك لتقاعس الكثير من الناس عن المضي في إعمار الحياة والكدح فيها, بما ينذر بتراجع الحياة الإنسانية, وضعف الأمم, فاحتياجات الإنسان الشخصية للمال محدودة, فإذا جمع المرء من المال ما يكفيه في الحياة-ولو عاش ضعف عمره- فما الذي يدفعه إلى مزيد من الجهد والعطاء ومن ثم الكسب.
من هنا فقد كانت في أحكام المواريث ملاحظة ومسايرة لفطرة الإنسان, وما جبل عليه, فكانت هذه الأحكام لا تقعد الإنسان عن المضي في إعمار الحياة وبنائها, بل تفجر فيه الطاقة, وتبعث فيه الهمة, وتستثمر فيه قدرته على العطاء لنفسه ولأمته, وبناء الحياة الإنسانية بما يتقدم بها على درب سعادة الإنسان. فكانت أحكام المواريث لا ترعى حق الورثة فحسب, بل ترعى حق المورث وتنسجم مع عواطفه ومشاعره, كل ذلك بما يعود على المجتمع بأسره بالخير, وفي هذا يقول مؤلف كتاب (الإسلام ومبادؤه الخالدة): إنك لو تأملت في حكمة الإسلام في احترام الملكية الفردية، ووضع القواعد العامة للمواريث لعرفت أن هذا من أكبر الدوافع التي تحفز الممولين إلى قوة الاستثمار والنشاط والإنتاج، ويدعو إلى السهر على المصالح وبذل الجهود القوية في تكثير الأموال، وهو في الوقت نفسه يحمي هذه الأموال من أن تعبث بها يد السرف والتبذير, فالرجل الذي يعرف أن الأموال التي بذل في جمعها صحته وعقله، ستصير بعد ذلك إلى الدولة لا ينتفع بها بنوه بطريق مباشر ليس هناك ما يحفزه إلى ادخارها ويدفعه إلى المحافظة عليها(10).
وهذه التشريعات التي تلاحظ كافة الاعتبارات على جهة لا تترك تداعيات سلبية, بل كافة آثارها إيجابية, ومحققة للخير, لابد أن تكون من وضع إله حكيم خبير بعباده.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الثالثة
الميراث يمنع من تكديس المال في أيدٍ قليلة
إن الإسلام لم يهمل أثر الملكية الفردية السلبي الذي يؤدي إلى تكدس الثروة في أيدٍ قليلة, بل تنبه لهذا الأمر قبل أي أحد من الناس, ولهذا فإنه أوجد نظام التوريث للمال وبحصص محددة لكل واحد من الورثة, حتى يمنع من تكديس الأموال في أيدٍ قليلة، ويمنع من ظهور مفاسد نظام الطبقات، وتجمع الثروة, فوزعها تحت رعاية أحكام الإرث بين ورثة الميت من الذكور والإناث، ولم يجعلها ملكاً للولد الأكبر بعكس ما قضى به قانون الإرث في بعض الدول المدعية التمدن والتقدم فجعلها للولد الأكبر وجعل الثروة مكدسة في يد واحد من الورثة.
وبذلك نرى الإنسان الذي يجمع الثروة الكبيرة وتتضخم لديه الأموال, نرى ثروته وقد تقسمت بعد موته على أصوله وفروعه وحواشيه, وتحولت هذه الثروة إلى قطع أصغر من ذي قبل, وذلك عبر قسمة بسيطة تتوافق مع الفطرة البشرية, وتمنع من تكديس الأموال في أيدٍ أفراد قلائل.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الرابعة
الموازنة بين قوة القرابة والحاجة للمال
إن أحكام الشريعة أحكام متوازنة ومتكاملة, وهي أيضاً أحكام عادلة, وتظهر هذه العدالة والدقة والتوازن بصورة جلية وظاهرة في تقسيم الشريعة للميراث, فقد راعت الشريعة في ذلك القرابة, فأقرباء الميت هم أولى الناس به وبميراثه, فقد كان الميراث في بداية التشريع يعطى للذين بينهم عقد مؤاخاة, يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾[الأنفال: 72],
يقول ابن كثير: ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ أي كل منهم أحق بالآخر من كل أحد, ولهذا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار كل اثنين أخوان, فكانوا يتوارثون بذلك إرثاً مقدماً على القرابة حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث(12),
ثم نسخت الشريعة هذا الحكم الذي نزل لعلاج حالة خاصة في ذلك الوقت وهي سد حاجة المهاجرين الذين تركوا الأموال والمتاع خلفهم في مكة, ولتعميق عقد المؤاخاة فيما بينهم, وبعد نسخه صارت القرابة هي السبب الأول في الميراث, يقول الله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾[الأحزاب: 6], جاء في تفسير الجلالين: ﴿وأولو الأرحام﴾ ذوو القرابات, ﴿بعضهم أولى ببعض﴾ في الإرث, ﴿في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين﴾ أي من الإرث بالإيمان والهجرة الذي كان أول الإسلام فنسخ, ﴿إلا﴾ لكن, ﴿أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا﴾ بوصية فجائز, ﴿كان ذلك﴾ أي نسخ الإرث بالإيمان والهجرة بإرث ذوي الأرحام, ﴿في الكتاب مسطورا﴾ وأريد بالكتاب في الموضعين اللوح المحفوظ(13).

وراعت الشريعة في مسألة القرابة عدة أمور, والمتأمل في هذه الأمور يجد الإعجاز التشريعي يتلاحق ويتكرر مرة بعد مرة, وهذه الأمور التي راعتها الشريعة في القرابة هي:
أ‌- الجهة: فيقدم الوارث من الجهة الأقرب على الوارث من الجهة الأبعد, فمثلاً تقدم جهة البنوة على جهة الأخوة.
ب‌- الدرجة: إذا اتفق أكثر من وارث في الدرجة نفسها, فإن التقديم والمفاضلة بينهما تكون على أساس الدرجة, فعلى سبيل المثال الابن وابن الابن في درجة واحدة وهي البنوة, فعند ذلك نقدم الأقرب درجة وهو الابن, ومثل ذلك تقديم الأب على الجد.
ت‌- قوة القرابة: فيقدم الأقوى قرابة على غيره, فمثلاً يقدم الأخ الشقيق (من الأب والأم) على الأخ لأب, ويقدم العم الشقيق على العم لأب.

ومن هذا الإعجاز تقديم الابن على الأب, وقد يقول قائل كيف يقدم ابن الميت على أب الميت, والأب هو صاحب الفضل على ابنه وليس العكس, وصاحب الفضل أولى ممن لا فضل له, وقد جاءت النصوص المتعددة التي تحث على البر بالوالدين وتقديمهم على كل أحد في الطاعة –إلا على الله سبحانه فلا يقدم عليه أحد في الطاعة- فينبغي أن لا يقدم عليهم أحد. ورداً على هذا القول وتوضيحاً لجانب الإعجاز التشريعي في مسألة تقديم الابن على الأب نقول:
إننا إذا دققنا النظر في هذا الأمر سنلاحظ أن تقديم الابن على الأب أمر وجيه؛ فتقديم الأب على الابن في الميراث يترتب عليه أن ينتقل ما يرثه –أي الأب- ليكون ميراثاً لأبنائه, أي حواشي ابنه الميت, وهذا معناه أن ينتقل الميراث لجهة الإخوة, مع أن الأبناء أولى به, وهذا يتناقض مع مبدأ تقديم الأقرب في الميراث, وأيضاً سيتناقض مع فطرة الإنسان في حبه لجمع المال؛ لينتقل بعد موته إلى أبنائه وأحفاده. ثُم إن الأب مدبر عن الحياة والابن مقبل عليها؛ فكانت حاجته إلى المال أكبر من حاجة الأب, فالأجيال المقبلة على الحياة والمؤهّلة لتحمّل المسؤولية يكون نصيبها في الميراث أكثر من الأجيال الّتي بلغت سنّا كبيرا، وقلّ إنتاجها. وكل هذه الأمور تجعلنا ندرك من خلالها أن الشريعة لاحظت جملة من الحقائق لتقرر منهجاً متوازناً, يحفظ الحقوق, ويراعي الفطرة, ويحقق العدل في أدق معانيه).

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الخامسة
الموازنة بين حق المورث وحق الورثة

لقد قررت الشريعة حق الملكية الفردية كما سبق وأن ذكرنا ذلك, ومعنى هذا أن الإنسان يحق له التصرف المطلق في ماله, من دون أن يشاركه أحد في هذه الملكية لهذا المال.
ولكن الشريعة راعت في هذه الملكية أموراً أخرى, ومنها حق من سيؤول إليهم المال في المستقبل من الورثة, فجعلت الشريعة حقاً لهؤلاء, إلا أن هذا الحق لا يعطل تصرف صاحب المال في ماله, ولكنه يقيده بالرشد وعدم الإتلاف والإضاعة له فيما لا يعود بالنفع على الجميع. ومن هذا المنطلق جاء تشريع الحجر على السفيه, والسفيه هو الذي لا يحسن التصرف في ماله, وليس هذا البحث مجالاً لمناقشة أحكام الحجر على جهة التفصيل, وإنما الغرض هو بيان الإعجاز التشريعي في ذلك.
فإن التصرفات الطائشة في إنفاق المال تعرض هذا المال للزوال والفناء, وفي هذا تهديد للورثة, وتعريضهم للحاجة وسؤال الناس بعد موت هذا المسرف أو حتى في حياته, فجاء هذا التشريع ليوقف هذا المسرف عند حده, ويرده إلى الجادة, حتى يبقى هذا المال عماداً بيده وبيد من يأتي من بعده من الورثة.
ولا تقف العظمة في التشريع الإسلامي عند هذا الحد, بل تنطلق لتواصل مسيرة هذا الإعجاز, فنجد أن هذا الحكم يتأكد في حق الذي يوشك على الموت, حتى لو كان تصرفه في ماله تصرفاً سديداً, فجاء الإسلام بتشريع رائع في هذه المسألة, وهو تشريع يوافق بين هذين الحقين, بين حق صاحب المال وبين حق الورثة الذين يحتاجون هذا المال وتتطلع نفوسهم إليه, فصاحب المال قد يريد أن يستدرك تقصيره في بعض الحقوق التي في ذمته للآخرين, أو يريد أن يقدم معروفاً وعملاً صالحاً بين يديه؛ ليختم حياته بذلك العمل, ويلقى الله تعالى به. وفي نفس الوقت يُخشى على الورثة من فوات هذا المال عليهم بهذه التصرفات الأخيرة للميت. فوازن الإسلام بين هذه الحقوق والحاجات, وقرر أن للميت الحق في قضاء كل الديون التي في ذمته للآخرين, حتى يبرئ ذمته بإرجاع هذه الحقوق إلى أصحابها, كما أن له الحق في التصرف في ثلث ماله فقط, فيوصي به لمن يشاء ما لم يكن هذا الموصى له وارثاً, وبالتالي بإمكان الميت أن يقدم بين يديه عملاً صالحاً, أو يمتن بهذا المال على إنسان عزيز سيكون بُعد القرابة مانعاً له من أخذ شيءٍ من التركة, أو أي تصرف آخر يناط بالمصلحة والسداد. وباقي المال وهو الثلثان يمنع فيه من التصرف ليكون نصيباً للورثة, الذين راعى الشارع حقهم في هذا المال, فقد جاء هذا الحكم مقرراً في كتاب الله تعالى وفي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[النساء: 12], فقوله: ﴿غَيْرَ مُضَآرٍّ﴾ معناه: أي غير مدخلٍ الضرر على الورثة بأن يوصي بأكثر من الثلث، وجاء في الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها, قال: «يرحم الله ابن عفراء», قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟, قال: «لا», قلت: فالشطر ؟, قال: «لا», قلت: الثلث ؟, قال: «فالثلث, والثلث كثير, إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم, وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى فيّ امرأتك, وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك ناس ويضر بك آخرون», ولم يكن له يومئذ إلا ابنة.
فلم يجز الشرع في مثل هذه الحالة التصرف بأكثر من الثلث للمورث, وأبقى الثلثين حقاً للورثة, وبهذا جاء الحكم الشرعي ليوازن وبكل دقة بين حق المورث وبين حق الورثة, وفي هذا أعظم شاهد على روعة التشريع الإسلامي, ومراعاته للحقوق جميعها.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة السادسة
مراعاة العدالة بين جميع الورثة
لقد شاء الله تعالى أن تكون قسمة الميراث قسمة إلهية لا دخل للعباد فيها, فتولاها سبحانه بكل رحمة وعدالة وحكمة, فتولي العباد لهذه القسمة سيدخل فيه الظلم والتخبط, وعدم إيصال الحقوق لأصحابها على الصورة التي تحقق العدالة والتوازن بين الورثة, ولذلك صدر الله هذه القسمة بلفظ الوصية؛ لبيان كمال رحمته وعدله, قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن﴾[النساء: 11], وفي تفسير هذه الآية يقول ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن﴾ أي يأمركم بالعدل فيهم, فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث, فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث, وفاوت بين الصنفين, فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤونة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق, فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى, وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى : ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن﴾ أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة بولدها حيث أوصى الوالدين بأولادهم فعلم أنه أرحم بهم منهم.
وفي نفس الآية يقول تعالى: ﴿ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً﴾[النساء: 11], وفي تفسيرها يقول ابن جرير: لم يزل ذا حكمة في تدبيره وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض وفيما يقضي بينكم من الأحكام لا يدخل حكمه خلل ولا زلل لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة. ويقول الواحدي: ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ﴾ في الدنيا فتعطونه من الميراث ما يستحق, ولكن الله قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة, ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم فأفسدتم وضيعتم ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما﴾ بالأشياء قبل خلقها ﴿حَكِيماً﴾ فيما دبر من الفرائض.
ولذلك جاءت أحكام احترازية لمنع التلاعب في هذه الفرائض, ومنها منع الوصية بشيء لأحد من الورثة, فقد جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث»(26), وفي هذا الحكم صيانة للحقوق, والمنع من طغيان وارث على وارث آخر, فكل واحد يأخذ ما يستحقه بلا زيادة, وهذا هو العدل والإنصاف, وخصوصاً إذا تعلق هذا الأمر بالأولاد, فعن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطيةً, فقال
«أعطيت سائر ولدك مثل هذا»ت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطيةً فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله, قال: , قال: لا, قال: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم», قال: فرجع فرد عطيته, وفي جميعه مراعاة للعدالة بين جميع الورثة وخصوصاً بين الأبناء.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة السابعة
عدم توريث
قاتل المورث

في حديثنا عن مراعاة الشريعة للفطرة البشرية في قسمة التركة بين أقارب الميت, قلنا أن الإنسان يحب أن ينتقل ماله من بعده إلى أقاربه, وهذا قائم على المحبة الفطرية بين الأقارب.
لكن إذا تحولت هذه المحبة إلى عداوة تحمل الوريث على قتل قريبه والتخلص منه, فإنه يكون بذلك قد أفسد ما بينه وبين قريبه, وفي كثير من الأحيان قد يكون الدافع إلى ذلك هو استعجال الحصول على التركة بقتل مورثه الذي طال عمره, فإن هذا القاتل يستحق الحرمان من الميراث, ولذلك أجمع العلماء على منعه من الميراث, وجعلوا القتل من موانع الإرث, وفي هذا التشريع إعطاء كل ذي حق حقه, ومنع الحق عمن لا يستحقه, فالقاتل أفسد ما بينه وبين مورثه بقتله له, فاستحق الحرمان, وكذلك الذي يستعجل الإرث بقتل مورثه فإنه يعاقب بخلاف نيته, وتطبق في حقه القاعدة الفقهية التي تقول: " من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه ", وفي هذا التشريع محافظة على روابط القرابة, وفيه أيضاً مكافحة للجرائم المتوقعة, وفيه أيضاً مراعاة للفطرة البشرية.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة الثامنة
صياغة هذه الأحكام الدقيقة بأبسط عبارة وأقل كلمات

كل الأحكام التي استنبطها العلماء في المواريث مرجعها إلى أربع آيات وثلاثة أحاديث كما سبق أن ذكرنا ذلك في أول البحث, وهذا إعجاز أيضاً يضاف إلى رصيد هذه النصوص الشرعية, فهي مع قلتها دلت على كل هذه الأحكام التي أفرد لها العلماء علماً قائماً بذاته وهو علم الفرائض (أو علم المواريث), واستنبط منها العلماء هذه التشريعات العظيمة, وأقول جازماً بأنه لا يمكن لأي نص قانوني من وضع البشر أن يشتمل على كل هذه الأحكام الكثيرة- وهذا بغض النظر عن العظمة والدقة في هذه الأحكام-, وكل هذا يدل دلالة واضحة على إعجاز هذه النصوص لكل البشر حتى لو اجتمعوا لذلك, وصدق الله القائل: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾[الإسراء: 88].

المصدر
 

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

آيات الأحكام الخاصة بالمواريث
اعلم - رحمك الله - أن أحكام المواريث وكيفية قسمتها بين ورثة الميت أتت في أربع آيات من القرآن الكريم فقط هي:
أسأل الله السداد والقبول،،،،

ما شاء الله لا قوة إلا بالله- بارك الله لك فيما أعطاك من علم وجهد؛ وفقك سبحانه للقبول، وشافعة الرسول -صلى الله عليه وسلم، وأن تنالين المأمول، اللهم آمين.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

ما شاء الله لا قوة إلا بالله- بارك الله لك فيما أعطاك من علم وجهد؛ وفقك سبحانه للقبول، وشافعة الرسول -صلى الله عليه وسلم، وأن تنالين المأمول، اللهم آمين.
وبارك فيك أخيتي ، ولك بمثل ما دعوتِ وزيادة
والحقيقة هذا ليس بحثي - كما ذكرت في المقدمة - إلا أنني قمت بتجميع هذه التأملات من أبحاث أخرى منشورة على الشبكة، ثم قمت بتهذيبها واختصارها
سائلة المولى لي ولكم القبول والتوفيق
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة التاسعة
الإعجاز البياني في بعض المفردات الواردة في آيات المواريث
1- ما الفرق بين الوالد والأب؟(د.فاضل السامرائى)
التي تلد هي الأم والوالد من الولادة والولادة تقوم بها الأم وهذه إشارة أن الأم أولى بالصحبة وأولى بالبر قبل الوالد. لكن في المواريث لأن نصيب الأب أكبر من نصيب الأم استعمل الأب (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ). في الأموال يستعمل الأبوين وفي الدعاء الوالدين.


2- ما الفرق بين الأبوين والوالدين؟(د.فاضل السامرائى)
ربنا سبحانه وتعالى لم يستعمل البر والإحسان والدعاء في جميع القرآن إلا للوالدين وليس الأبوين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) الإسراء) (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ (28) نوح) استعمل البر والاحسان للفظ الوالدين وليس للفظ الأبوين. الوالدان للوالد والوالدة والأبوان للأب والأم. الوالدان هي تثنية الوالد والولادة الحقيقية للأم وليس للأب الأب ليس والداً لأنها هي التي تلد والأبوان تثينة الأب، من الأحق بحسن الصحبة الأب أو الأم؟ الأم، فقدّم الوالدين إشارة إلى الولادة ولذلك بالميراث يقول (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ (11) النساء) لأن الأب له النصيب الأعلى في الميراث.(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ (80) الكهف) ليس فيها مقام ذكر البر لذا قال أبواه ولذلك لما قال (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) فى سورة يوسف لسببين أولاً إكراماً للأم ما قال والديه إكراماً للأم يجعلها تابعة لأن الوالدين يصير الوالدة هي التي تسجد بينما هي أكرم من الأب والأمر الآخر أن الأب أحق بالعرش فقُدِّم.


* ما الفرق بين الأبناء والأولاد؟(د.فاضل السامرائى)
الأبناء جمع إبن بالتذكير مثل قوله تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ (49) البقرة) أي الذكور أما الأولاد فعامة للذكور والإناث. أبناء جمع إبن وهي للذكور أما أولاد فهي جمع ولد وهي للذكر والأنثى (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) الذكر والأنثى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ (233) البقرة) الإرضاع للذكور والإناث.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: وقفات مع آيات الأحكام الخاصة بالمواريث

الوقفة التاسعة (تابع)
4- (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) جعل الله تعالى حظ الانثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظ الذكر، فلِمَ آثر ربنا تعالى هذا التعبير؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
أمعِن التأمل في هذا اللطف الإلهي فقد جعل الله تعالى حظ الانثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظ الذكر ولم يجعل حظ الذكر هو المقياس كأن يقول للأنثى نصف حظّ الذكر. آثر ربنا تعالى هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الإيماء والإيحاء للناس بأن حظّ الأنثى هو الأهم في نظر الشرع وهو مقدّم على حق الرجل لأن المرأة كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية. أما في الاسلام فقد أصبحتِ يا أختاه ينادى بحظّك وقسمتك ونصيبك هو المقياس.

5- في آيات الميراث في سورة النساء قال تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) في الجنة قال خالدين فيها وفي النار قال خالداً فيها فما دلالة جمع خالدين في الجنة وأفردها في النار؟(د.فاضل السامرائى)

(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) والآية التي بعدها مباشرة (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) في أكثر من مناسبة قلنا في الجنة لم ترد خالداً بالإفراد في عموم القرآن لم يرد في أصحاب الجنة مرة واحدة خالداً ولهذا دلالة محددة. لما ذكر النار يذكر خالدين ويذكر خالداً لأن الوحدة هي عذاب لو أدخلته الجنة وليس معه أحد يتكلم معه فهذا عذاب، ولذلك في النار ذكر أمرين ذكر عذاب النار وعذاب الوحدة فقال (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا) أما الجنة لم يذكر خالداً لأن دائماً فيها اجتماع فيأنس من نعيم الاجتماع وما في الجنة من نعيم فقال خالدين. ثم هناك أمر آخر لما قال يدخله جنات بالجمع معناه أكثر من واحد يدخل (مَنْ) تحتمل المفرد والجمع، عموماً أكثر الكلام أنه يبدأ بالمفرد ثم يأتي فيما بعد ما يبين هذا الشيء (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) هذا هو الأكثر يبدأ بالمفرد المذكر أياً كان ثم يجمع. مع الجنة قال خالدين لأن فيها نعيمان نعيم الجنة ونعيم الصحبة وأما في النار ففيها عذاب النار وعذاب الوحدة وقد تأتي خالدين في النار ولم ترد في الجنة خالداً فيها أبداً وخالداً وخالدين تأتي مع النار. عذاب أهل النار بالإشتراك كأن يكون إهانة يقولون لبعضهم أنت كنت كذا وأنت كنت كذا يختصمون وهذا عذاب آخر.

6- ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل حضر وجاء في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
فعل حضر والحضور في اللغة أولاً يعني الوجود وليس معناه بالضرورة المجيء إلى الشيء (يقال كنت حاضراً إذ كلّمه فلان بمهنى شاهد وموجود وهو نقيض الغياب) ويقال كنت حاضراً مجلسهم، وكنت حاضراً في السوق أي كنت موجوداً فيها.
أما المجيء فهو الإنتقال من مكان إلى مكان، فالحضور إذن غير المجيء ولهذا نقول الله حاضر في كل مكان دليل وجوده في كل مكان. وفي القرآن يقول تعالى (فإذا جاء وعد ربي جعله دكّاء) سورة الكهف بمعنى لم يكن موجوداً وإنما جاء الأمر. وكذلك قوله تعالى (فإذا جاء أمرنا وفار التنور) سورة هود. إذن الحضورة معناه الشهود والحضور والمجيء معناه الإنتقال من مكان إلى مكان.
ما الفرق الآن من الناحية البيانية بين قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً. سورة النساء {18}) وفي سورة المائدة: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ {106}) وقوله تعالى في سورة البقرة (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {133}) وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99}) وفي سورة الأنعام (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ {61}).
القرآن الكريم له خصوصيات في التعبير فهم يستعمل كلمة (بررة) للملائكة وكلمة (ابرار) للمؤمنين. وفي كلمة حضر وجاء لكل منها خصوصية أيضاً. حضور الموت يُستعمل في القرآن الكريم في الأحكام والوصايا كما في سورة آية سورة البقرة وكأن الموت هو من جملة الشهود فالقرآن هنا لا يتحدث عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت فالكلام هو في الأحكام والوصايا (إن ترك خيراً الوصية) (ووصية يعقوب لأبنائه بعبادة الله الواحد).
أما مجيء الموت في القرآن فيستعمل في الكلام عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت كما في آية سورة المؤمنون يريد هذا الذي جاءه الموت أن يرجع ليعمل صالحاً في الدنيا فالكلام إذن يتعلق بالموت نفسه وأحوال الشخص الذي يموت. وكذلك في آية سورة الآنعام. ويستعمل فعل جاء مع غير كلمة الموت أيضاً كالأجل (فإذا جاء أجلهم) وسكرة الموت (وجاءت سكرة الموت) ولا يستعمل هنا حضر الموت لأن كما أسلفنا حضر الموت تستعمل للكلام عن أحكام ووصايا بوجود الموت حاضراً مع الشهود أما جاء فيستعمل مع فعل الموت إذا كان المراد الكلام عن الموت وأحوال الشخص في الموت.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
قال الله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً)

يدور في خلدي أن للتكرار فوائد قل من نبه عليها وبعضها لم أجد من قال به فلا أستطيع أن أجزم به، وذلك أنه سبحانه وتعالى لو قال : (للرجال والنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) لكان أخصر من جهة الظاهر، لكن لما كرر علمنا أن التكرار مقصود للفوائد التالية:
أولاً: قوله سبحانه بعد ذكر نصيب الذكور : (وللنساء) دال على مشاركتها له في أصل الإرث، أي أنها ترث كما أنه يرث.
ثانياً : قوله جل وعلا : (نصيب) نكرة مكررة، فدل على أن نصيبها غير نصيب الرجل، للقاعدة المعروفة في النكرة المكررة.
ثالثاً : قوله جل وعلا : (مما ترك الوالدان والأقربون) على نفس النسق السابق، دال على أن هذا الاختلاف ثابت ولو اتحدت الجهة التي منها الإرث؛ لذكرها على النسق الأول. وهذا الأخير لم أرَ من ذكره، فلا أقطع به، لكنه حكمٌ معروف، أي أن نصيب الأنثى يخالف نصيب الذكر وإن اتحدت الجهة بدليل الآيات التالية.

والله سبحانه وتعالى أعلم
 
التعديل الأخير:
أعلى