العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أقوال العلماء في حد الصحبة وضبطهم

إنضم
9 أكتوبر 2010
المشاركات
79
التخصص
باحث ومحقق شرعي
المدينة
الدقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي

لاخلاف أن سائر الصحابة عدول بتعديل الله لهم قبل كلام البشر ولا يماري في ذلك إلا مريض القلب أو سقيم النظر
ولا يعارض هذه الحقيقة الثابتة كتابا وسنة أن من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين المحدثين والأصوليين هاتان المسألتان : حد الصحبة وضبط الصحابة
ولعل مرجع الخلاف في هاتين المسألتين ونظائرهما هو التردد بين أكثر من فن ولكل علم أصوله وقواعده
وفي بحثنا هذا مراد المحدثين حفظ السنة ومراد الأصوليين ضبط الاصطلاحات والمعاني وليس هذا ولا ذاك ببعيد عن غاية كل منهما
فأردت ذكر مجمل ما وقفت عليه - دون توسع في ذكر استدلالات بعيدة يمكن مناقشتها والجواب عنها وإلا فالبحث واسع لا تستوعبه هذه السطور - منتظرا آراء الاخوة الفضلاء ومناقشاتهم وردودهم ليكتمل فيهما النظر

المسألة الأولي : حد الصحبة
اختلف الفقهاء فيها علي قولين :
الأول : تطلق الصحبة على كل من لقي النبي
sallah.gif
وآمن به ومات علي الاسلام ولو تخللت ردة في الاصح وهذا تعريف بن حجر وعليه جمهور المحدثين.

الثاني :من رأى النبي
sallah.gif
واختص به اختصاص المصحوب وهذا تعريف الاصوليين ووافقهم من المحدثين سعيد بن المسيب وعاصم الاحول وأبوزرعة الرازي وأبو داود
وهؤلاء اختلفوا فيما يحصل به هذا الاختصاص فجعله بعضهم طول الملازمة وبعضهم السماع منه
sallah.gif
وبعضهم الاقامة وبعضهم النصرة والجهاد

أدلة القول الأول :
- من الكتاب
قوله تعالي "كنتم خير أمة أخرجت للناس"
وقوله تعالي "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"
وقوله " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم"
وقوله " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين "
وجه الدلالة
ثناء الله تعالي علي من اتبع النبي
sallah.gif
والخطاب عام فلا يجوز تخصيصه ببعض أفراده
ويمكن مناقشة لايتان الاولي والثانية بأن الفضل الوارد في الايات يشمل من رأي النبي
sallah.gif
وآمن به صاحابيا كان أو غير صحابي

وتناقش الاية الثالثة بأنها خاصة بمن بايع النبي
sallah.gif
تحت الشجرة
والرابعة أنها تبشر بالنصر والتأيد ولا توجب عدالة _ وإن ثبتت بغيرها من الأدلة _ للصحابة الكرام .

- ومن السنة
عموم الاحاديث الواردة في فضل الصحابة وأصرح ما يعتد به في الباب
حديث " طوبى لمن رآني و طوبى لمن رأى من رآني و لمن رأى من رأى من رآني و آمن بي " .ي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه"

ويناقش بأن الحديث فيه الفضل وحده فلا يدل علي الصحبة وبأن هذا الفضل ورد أفضل منه لمن لم يختص بالرؤية وهو قوله " طوبى لمن رآني و آمن بي و طوبى ـ سبع مرات ـ لمن لم يرني و آمن بي " .

ومن المعقول
أن منع اطلاق اسم الصحبة علي كل من رآه
sallah.gif
يلزم منه البحث عن عدالة بعضهم ويلزم من هذا ضياع بعض السنة لتعذر إثبات عدالة الجميع

ويناقش بأن نفي ما لم يثبت من السنة أولي من إثباته وهو حفظ للسنة كذلك

ومن المعقول أيضا
أن هذا القول يوجب إخراج جملة ممن اشتهروا بالسماع ولم تثبت لهم الملازمة
ويناقش بأن هذا الاستدلال التزم الملازمة للصحبة وليس بلازم عند أكثر المعارضين بل هي ضابط عند البعض وغيرهم يعد كثرة السماع نفسه من ضوابط حد الصحبة مثله مثل الملازمة والقتال
وبعضهم جعل حده العروف دون تحديد ضابط فيخل من اشتهر بالسماع فيه ضمنا

أدلة القول الثاني
- من الكتاب
قوله تعالي " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون "
وقوله " السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه"

وقوله "كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"
وجه الدلالة
أن الله خص بالفضل ممن رأي النبي
sallah.gif
من هاجر وجاهد معه ونصره

ومن السنة
حديث " أنا فرطكم على الحوض أنتظركم ليرفع لي رجال منكم حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول : رب أصحابي ! رب أصحابي ! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " . ‌
وجه الدلالة
أنه لفظ الصحبة يتردد بين معنييه العرفي واللغوي وإلا
فإن حملتم كل لفظ للصحبة علي المعني اللغوي (الأعم والأشمل) تنقصتم من عدالة جميعهم بهذا الحديث وإن حُمل علي المعني العرفي في الجميع لزم منه ملازمة جميع المؤمنين بعده وصحبتهم له وهو محال
فقد يرد وفق المعني اللغوي كما في هذا الحديث وقد يرد وفق المعني العرفي كما في غيره ولا يدرك المراد إلا بالقرائن فإن غابت قدم العرفي علي اللغوي كما هو معروف عند جمهور الأصوليين
وعليه فلا يلزم مما أوردتم من نصوص أن يكون المراد بالصحبة مجرد الرؤية.

ومن الأثر
بالأثر الذي رواه شعبة عن موسي السيلاني قال أتيت أنس بن مالك فقلت هل بقي من أصحاب رسول الله
sallah.gif
غيرك ؟ قال بقي ناس من الأعراب قد رأوه وأما من صحبه فلا "

ومن المعقول
أن في منع اطلاق الصحبة علي غير الاصطلاح العرفي صون للسنة عما ليس منها فينبغي البحث في عدالة وضبط من لم تثبت له صحبة وإن رأي النبي
sallah.gif
.

ملحوظة : الكلام في حد الصحبة لا يعني القدح في عدالتهم كما يذهب الروافض الخبثاء فكلهم عدول ثقات والخلاف كله في تعريفهم وحدهم



 
إنضم
9 أكتوبر 2010
المشاركات
79
التخصص
باحث ومحقق شرعي
المدينة
الدقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: أقوال العلماء في حد الصحبة وضبطهم

ويضاف إلي ما سبق
أن حديث واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني " .

يناقش كذلك بأن المراد تكريم الرائي لكرامة المرئي وليس فيه ما يستوجب العدالة وإن ثبتت بغيره من الأدلة

ومما يدل للقول الثاني حديث بن مسعود قال : إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالاته ، ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه"
فقد بين الحديث صفتهم وحدد نعتهم "وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه" ولا شك أن في هذا قدرا زائدا عن الرؤية.
 
إنضم
9 أكتوبر 2010
المشاركات
79
التخصص
باحث ومحقق شرعي
المدينة
الدقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: أقوال العلماء في حد الصحبة وضبطهم

للرفع
 
إنضم
14 مايو 2014
المشاركات
62
الكنية
ابو عبدالله
التخصص
شريعة اسلامية
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
لا يوجد
رد: أقوال العلماء في حد الصحبة وضبطهم

جزاك الله خير
 
أعلى